الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :
فلقد وقع في يدي كتاب اسمه فقه العصر المجموعة الأولى وكتب على طرته مايلي:
سماحة العلامة : محمد الحسن الددلو الشنقيطي وأخرجوا له كتابا آخر كتب على طرته سماحة الإمام العلامة ... وكلاهما عبارة عن لقاءات معه , وتصفحت كتاب فقه العصر فقرأت في الليلة الماضية بتأريخ : 16/9/1429 هـ إلى صفحة 117 من أصل 140 صفحة قرأت فيه مبحثين الأول حول مفهوم |أهل السنة والجماعة والثاني حول البدعة وأحكامها ووقفت على آخر باب وهو الثالث واسمه :
صناعة الفقيه في المحاضر الموريتانية .وكان المحاور معه الدكتور عادل باناعمة
والكتاب حوى مخالفات واضحة للمنهج السلفي وسأبين بعضا منها
مع الرد عليها واحدة واحدة والله الموفق
1-ربطه لفظة الجماعة بالخلافة :
1-بعد تعريفه للسنة والجماعة لغة وشرعا قال : وهذا الإطلاق الآن لمصطلح الجماعة لم يعد ورادا وكثير من الناس تعودوا على إطلاق السنة مع الجماعة !! وظنوا أن السنة والجماعة مصطلح واحد يطلق على الناجين فنسمع بعض العوام في الحرم يسألون الله أن يموتوا على السنة والجماعة ! والموت على الجماعة معناه الموت على رؤوس الناس وليس لدعائهم هذا وجه والإنسان يسأل الله أن يموت على الشهادة أو على الإسلام أو على الملة والسنة أما لفظ الجماعة بمعناه الإصطلاحي فبعيد جدا عن زماننا وواقعنا .
(وبين السبب فكان مما قال : أن الجماعة تطلق على السواد الأعظم من المسلمين الملتزمين بالسنة النبوية المنضوين تحت راية الخليفة وقد عدم الخليفة الجامع اليوم ...الخ
وقد ذكر أن هذا مصطلح الجماعة وظفه الأمويون حيث قال : (وقد حاول بني أمية توظيف هذا اللقب وأرادوا به من كان معهم فهو مع الجماعة ومن خالفهم فقد خرج على الجماعة فصار من كان مع علي رضي الله عنه فقد خرج عن الجماعة !!)
ويظهر أن المحاور لم تعجبه تلك الفتيا فكان يعيد عليه كثيرا مصطلح الجماعة وفي أحد الأسئلة حين أطلق المحاور لفظة الجماعة فقال له تقصد : تقصد لأهل السنة فقط لأنه لاجماعة الآن فابتسم المحاور متابعا له ..
وقال في صفحة : 36 -37
ذكرت أن مصطلح أهل السنة والجماعة إنما شاع في أيام بني أمية وارتبط بالذين هم مع الخليفة الأموي وقد كان الإفتراق حينها على أشده فكان الحجاز الزبيريون !! وكان في العراق المختار بن أبي عبيد ومن معه من الشيعة ...- إلى أن قال -:
واشتهر من حينها ذلك المصطلح وارتبط بالخليفة . أما وجود جماعة للمسلمين فهذا باق إلى يوم القيامة وقد ورد من حديث معاوية -يقصد حديث -((لاتزال طائفة ..))وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان وخمسون حديثا كلها عن جماعة المسلمين !! منها قوله : يد مع الجماعة ومن شذ شذ في النار .. يد الله مع الجماعة .. من فارق الجماعة ...لايحل دم امريء مسلم ... من أراد منكم بحبوحة الجنة ...حديث حذيفة الطويل ... وجماعة المسلمين ليست بالضرورة هي أكثر المسلمين فقد تكون الجماعة متمثلة في عدد يسير من أهل العلم وهو ماسيحصل في آخر الزمان -وذكر حديث غربة الإسلام - ..وقد كانت الكثرة في أيام بني أمية مع الخليفة وكذلك في أيام بني العباس أما اليوم فليس للمسلمين خليفة يجتمع حوله كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وإنما لهم قادة في كل بلد من البلدان هم أمراء البلد وقادته فمن كان من غير أهل ذلك البلد لايلزم بالضرورة أن يكون تحت لوائهم وجماعتهم ..
التعليق
جمع الددو هنا كلاما حقا وباطلا ونحن نقول: فلم أبطلت لفظة الجماعة أن تقال اليوم ؟
وجعلت لها حدا لايزاد عليها بالمعنى الذي ذكرته لها ؟ وقد قال الإمام أحمد للميموني : ياأبا الحسن ليكن لك إمام فمن إمامك في هذا ؟!
فأهل العلم قاطبة يقولون أهل السنة والجماعة وهو باق والحمد لله ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حديث الإفتراق وذكر أن واحدة منها تنجو من النار فلما سئل عنها قال : الجماعة ‘وحديث الحارث الأشعري وفيه قوله عليه الصلاة والسلام : ((إن الله أمرني بالجماعة وأنه من خرج من الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ))أحرجه الترمذي واللالكائي وقال محققه : سنده صحيح . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا : ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية )) و من حديث أبي هريرة عند اللالكائي مرفوعا : ((ترك السنة الخروج من الجماعة ))قال محققه : اسناده صجيج . ومن حديث النعمان بن بشير مرفوعا (الجماعة رحمة والفرقة عذاب ))أخرجه أحمد واللالكائي وقال محققه : سنده حسن . ومن حديث معاذ مرفوعا : ((وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد ))رواه اللالكائي وقال محققه: سنده صحيح ،مع ماسرده الددو من الأحاديث في الباب وصح عن ابن مسعود قوله : (ياأيها الناس عليكم بالجماعة ...وإن ماتكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة ..)رواه اللالكائي فهل هذه الأدلة كلها وما في الباب يدل على أنه لاوجود لها اليوم بالمعنى الإصطلاحي الذي ذكره الددو ؟ اللهم غفرا اللهم غفرا
فهذه الأدلة كلها فيها بيان على بقاء لفظ الجماعة وقد جاء في أثر لأبي مسعود البدري وفيه قوله : (..فاتقوا الله وعليكم بالجماعة فإن الله لن يجمع أمة محمد على ضلالة ..)رواه اللالكائي وقال محققه : بسند صحيح . وعنه أيضا عند ابن عساكر في تأريخ دمشق قال : (الجماعة ماوفق الحق وإن كنت وحدك ) قال الألباني: وسنده حسن .ونقل الترمذي في سننه فقال عند عبد الله بن المبارك : أبو حمزة السكري الجماعة .
وقد ذكر العلماء من معاني الجماعة : السواد الأعظم ومنها: الصحابة ومنها: العلماء المجتهدون ومنها :الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره وهي على الأقل بهذا المعنى الأخير موجودة اليوم فلا سبيل لإنكارلفظها أو تحديدها بالخلافة والله الموفق (الآثار الواردة في أبواب الإعتقاد من السير : 1/106-107)
ثم لايقال ل أنه مصطلح وظفه الأمويون إلخ فقد جاء ذكرها في النصوص النبوية ثم كيف يقال الزبيريون ؟! أينسب كحزب للصحابي الجليل ابن الزبير ؟! ولايعرف والحمد لله التحزب لأحد من الصحابة فلا يقال : الصديقية ولا الخطابية ولا غيرها .
بعض آرائه على وجه الإجمال في هذا الكتاب -|لأنها كثيرة جدا -والرد عليها مختصرا :
1-الجماعة وتقدم التفصيل : 16
2-تضعيف زيادة كلها في النار إلا واحدة مع آراء غريبة في التصحيح : 18
قلنا : صححها جهابذة أهل الحديث وغيرهم ممن لم يعرفوا بهذا العلم فلا اعتبار لأقوالهم في التصحيح والتضعيف .
3-وصف أهل السنة والجماعة ليس تشريفا ولاتمييزا ولااصطفاء وإنما هو تمييز عن المذاهب الأخرى ففي الإسلام كثير من المذاهب وهي ليس محكوما عليها جميعا بالنار بل حتى المعتزلة والخوارج والشيعة وغيرهم فيهم من هو ناج معذور لذلك فإطلاق لقب أهل السنة على طائفة بعينها ليس احتكارا للحق ولاحصرا للجنة فقولنا فلان من اهل السنة ليس معناه أنه من اهل الجنة وإذا قلنا فلان ليس من أهل السنة فليس معناه أنه من اهل النار ولابد من فهم هذا :18 قلت : حكاية قوله هذا كاف في إبطاله فالحق أنه تمييز لهم وتشريفا وأدلة الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة ترد على هذا وإلا فما ميزة أهل السنة عن أهل البدع والله المستعان .
4-الإفتراق ليس عيبا هنا -في حديث الإفتراق -وحديث الإفتراق قال عنه : الذي أفهمه أنا من الحديث : أنه يدل على الكثرة فاليهود والنصارى أكثر الأمم السابقة ونحن أكثر منهم ولاشيء أكثر من هذا : 19-20 وذكر ان البغدادي وابن الجوزي لم يكونا موفقين في عد الفرق : 20 قلت: الإفتراق هنا مذموم فكيف لايكون عيبا ؟ والنبي صح عنه في الحديث نفسه أنه حكم عليها بالنار (هذه من احاديث الوعيد عند اهل السنة ).
4-قال المقدم : وهل من الصواب أن يحرص إنسان على أن ينسب طائفة بعينها إلى الفرق الثنتين والسبعين ؟ قال : لا، لا ينبغي أن يجزم بهذا لأن هذا من التقول والقول على الله بغير علم ..: 20 قلت : نعم الحق أقول أن الصواب مع من اهتم بنسبة طائفة بعينها لتلك الفرق وهذا فعل أهل العلم من قبل ومن بعد وعليه جرى عملهم وانظر قول شيخنا ابن باز حيث قال : الإخوان والتبليغ من الثنتين وسبعين فرقة وكل من خالف السنة ..الخ كلامه رحمه الله وبسند صحيح إلى الشيخ ابن عثيمين أنه قال : الأخوان والتبليغ مبتدعة
وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي : التبليغ مبتدعة . وقال الشيخ التويجري : التبليغ مبتدعة
وهكذا جاء عن الألباني والفوزان وغيرهم .
5-وذكر المعلق أن هناك الآن من يعنى بنشر هذا الحديث -حديث التفرق - والتعليق عليه والتشنيع على التفرق وما إلى ذلك حتى أصبح في حس الناس أن هذه الفرق إنما هي في النار قال الددو : هذا خطأ لاينبغي ولكن الخطأ في فعل الناس لافي الحديث : 21
قلت : علماء السنة على هذا من قديم الزمان يبينون الحديث ويشرحونه ويدينون الله بالحق الذي جاء به الحديث .
5-فينبغي أن نعود طلبة العلم على عدم احتكار الحق ..20 قلت : الحق واحد لايتعدد وهذا الكلام من الددو فيه تلين فأنا أقول الحق أرى أنه حق وأدافع عنه ولو ثبت خطؤه رجعت عنه والمسائل كما هو معلوم نوعان اجتهادية فهذه تحتمل قولين وأكثر ولكن أنا أقول قولي وأعتقد أنه الحق ولكن لاأضلل الآخر وأما المسائل غير الإجتهادية فلاتحتمل الوجهان والله الموفق والمخالفون لأهل السنة لايربون طلابهم على الترجيح ويقول بعضهم من باب الورع البارد : من أنا حتى أرجخ وأقول ومن أنت حتى تعلم أصلا؟ وإلا ياهذا فورعك بارد فأنت ملزم بالعمل فكيف تعمل ؟ هل ستعمل بالرأيين أم بأحدهما إن قلت بالرأيين فهذا دليل على عدم اهتمامك بالعلم وإن قلت بأحدهما فقد خصمت وبطل ماقالوا والحمد لله رب العالمين ..
6-ألقاب مثل أهل السنة والجماعة وأهل الحديث والأثريين وماأشبهها هل يمكن تعليقها بالنجاة ؟ (هذا من كلام المقدم وأيده الددو بقوله : لايمكن ذلك لأن هذه الإصطلاحات راجعة إلى الصنعة والعمل ): 22 قلت : نص الحديث على أن طائفة واحدة هي الناجية وهي المنصورة وليس كما فرق هو كما سيأتي عنه وفسرها أئمة الحديث بأنهم أهل الحديث
7-رأيه في قول الإمام أحمد رحمه الله بأن الطائفة المنصورة هم أهل الحديث يقول : الإمام أحمد رحمه الله يقصد بذلك أهل زمانه فقط ويقصد به أهل صنعة الحديث الذين كانوا إذ ذاك السواد الأعظم من المسلمين والمشتغلون بالحديث في زمان الإمام أحمد رحمه الله هم جمهور أهل السنة : 23 قلت : وذكر علماء كثيرون جدا من أهل السنة بقول الإمام أحمد ممن عاصره ومن جاء من بعده فلم ينفرد به الإمام أحمد رحمه الله فهل يقال حينئذ كل يقصد أهل زمانه ؟!!
8-قال بعض السلف : من قال القرأن مخلوق فهو كافر وتكفير القدرية (هذا مفهوم كلام المقدم ) فقال الددو من ضمن ماقال : التكفير هنا يقصد به الإنكار الشديد على من يقول بهذا الفعل وذكر ميل شيخ الإسلام إلى هذا ونقل عن ابن نصر الخزاعي والخطابي بنحو هذا القول . قلت : وهنا يفرق بين التكمفير بالنوع وبالعين وقد كفر السلف القائلين بأن القرآن مخلوق ولكن لم يكفروا أعيانهم إلا بعض السلف لما علموه حقا من حقيقة حال من كفروه ولتكفير العين يحتاج لإقامة الحجة بوجود الشروط وانتفاء الموانع وبعض المسائل قد تكون الحجة قائمة أصلا والله أعلم .