قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تعلمون من الأحاديث في زيارة المسلم لأخيه ما لا يخفى عليكم ومن ذلك قصة الرجل الذي في الصحيح زار أخا له في قرية فأرصد الله له على مدرجته ملكا فسأله أين تريد قال : قرية كذا , ما تريد قال: زيارة أخي فلان قال فهل له من نعمة عليك تردها إليه قال :لا غير أني أحببته في الله , قال : فإني رسول الله إليك أن الله قد احبك كما أحببته فيه . فنسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء .
معشر الإخوان إن التلاقي والتزاور بين الإخوة عموما وبين طلبة العلم أتباع المنهج الصحيح له فوائد شتى إضافة إلى ما ذكرنا قبل قليل من الأجر الخاص الذي يعود على الإنسان في دينه , من هذه الفوائد :
حصول الألفة والترابط والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه عليه الصلاة والسلام , فكثرة الإلتقاء بالإخوة تعرف منه ويعرف منك فتعرف منهم أحوالهم ويعرفوا أحوالك فما احتجت إليهم فيه أعانوك وما احتاجوا إليك فيه أنت أعنتهم كل واحد بما يستطيع من إعانته لأخيه وتلمس حاجته .
– معرفة حال المريض
– معرفة حال الضعيف
– معرفة حال ذا الحاجة
– معرفة حال من نزلت به النوائب
– معرفة حال من ضعف في دينه
– معرفة حال من ضعف في استقامة أخلاقه
– معرفة حال من ضعف في علمه وهكذا …
فيتقوى الإخوة بعضهم ببعض بسبب هذه الزيارات , فالقوي يحث الضعيف , والمتقدم يستلحق المتأخر والمتأخر ربما نشط هو بنفسه حينما يرى إخوانه يكادون أن يسبقوا فإنه ينشط فهذا من ميزاتها .
و من ميزاتها التراحم أيضا كما هو معلوم لدينا جميعا ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى : فيحزن لحزن أخيه , ويتعب لتعب أخيه ويمرض لمرض أخيه , ويهتم لحاجة أخيه , فيرحمه من هذه الناحية ويقف معه حتى يرفع الله سبحانه وتعالى .
وبدون ذلك لا يعلم الإنسان أحوال إخوانه , فالتواصل له ثمرات كثيرة عظيمة وهذا من أهمها .
ومن ذلك حفظ الإخوة لبعضهم فيما بينهم لأن طلبة العلم والدعاة إلى الله على منهج الحق هم حماة ودعاة :
– حماة لرأس المال
– ودعاة إلى إدخال ربح على رأس المال
فحماة لرأس مالهم الذي قد حصّلوه وهم أبناء هذه الدعوة الذين نشأوا فيها وتربوا عليها هؤلاء هم الذين ينتظر منهم غدا أن يكونوا هم الدعاة وهم المعلمون فهؤلاء حينما يتعاهد بعضهم بعضا يحمي بعضهم بعضا . والميزان لذلك قد ضربه لنا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في أضعف الحيوانات أمام أشد العوادي عليها وأشد أعدائها , تلكم الحيوانات هي الضأن فهي من أضعف الحيوانات أمام الذئب فالذئب لا يأتي إلى الضأن وقد إجتمعت وإنما يأتي إلى القاصية منها والشاذة عنها أو المتأخرة التي كادت تكون في حكم المنفردة الشاذة فيفترسها سهلة عليه , لأنه لو دخل بين الجم الكثير منها لربما وطئته بأظلافها وكما قيل الكثرة تغلب الشجاعة , وإن كانت ضعيفة فبمجموعها تقوى عليه . فهكذا المسلم ضعيف بنفسه قوي بإخوانه , ولا يدعي العبد الكمال أو أنه معصوم ولا يدعي بأنه يأمن على نفسه .
– لا الكمال, من ادعاه فهو كاذب
– ولا العصمة, من ادعاها فهو كافر
– ولا أنه لا يفتن لا تأتيه الفتنة , ومن كان الأمر كذلك فهو محتاج لإخوانه وحاجته لإخوانه في دينه أهم من حاجته إليهم في الدينار والدرهم .
وذلك لأن إخوانكم الذين يسددوا لك ويعينوك ويثبتوك ويكملونك أيضا إن رأوا منك نقصا حثوك على الكمال وإستكمال ذلك النقص وإن رأوا منك خطأ صوبوك وسددوك وقوموك وإن رأوا منك ضعفا أعانوك , وإن رأوا فيك عيبا ستروك وأعادوك إلى الحق والجادة .
هؤلاء هم الإخوان . والأخ الناصح هو الذي منك بمحل الروح كما ساق الخطيب في ” المهروانيات ” وابن عبد ربه في “العقد” :
هموم أناس في أمور كثيرة وهمي في الدنيا صديق مساعد
نعيش كروح بين جسمين قسمت فجسماهما جسمان والروح واحد
من شريط بعنوان : تحذير السلفيين من ألاعيب المتلونين لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله . رجب 1427
منقول