قال الدكتور : وديع أحمد
بسم الله و الحمد لله على نعمة الاسلام و كفى بها نعمة
هاتان قصتان حدثتا معي و أنا مسيحي :
الأولى و أنا طفل عمري تسع سنوات , حين وضعت أمي ولدين توأم , و خشيت عليهما من الحسد , فلم تخرج بهما من المنزل لتعميدهما في الكنيسة في عمر 40 يوم كما تقول طقوس و قوانين الكنيسة الأرثوذكسية , المأخوذة عن اليهودية . لأن إنجيل لوقا كتب أن المسيح قدمه أبواه للهيكل في عمر أربعين يوماً بعد ختانه في عمر ثمانية أيام بحسب شريعة موسى , لأن الأم التي تلد ولداً تتنجس أربعين يوماً و التي تلد بنتاً تتنجس ثمانين يوماً , وبعد طهورها من نجاسة ولادتها تذهب إلى الهيكل لتقدم ذبيحة خطية للكاهن ليطهرها .
و لما بلغ أخواي من العمر ستة أشهر , مرض أحدهما بشدة , و كان اسمه (صموئيل) , و الآخر ( جورج ) و أشرف على الموت .
فأسرعت أمي بهما إلى كاهن كنيسة العذراء مريم في شارع محرم بك بالإسكندرية , ليقوم بتعميدهما ( تنصيرهما ) و كان اسمه ( مرقص باسيليوس ) وهو الآن مدفون هناك في حجرة تقع في شرق الكنيسة .
فلما راّهما الكاهن , صرخ في وجه أمي قائلاً : هل كنتي تريدين أن يموتا مسلمين ؟ .
و عجبت جداً لقوله , و لكني لم أجرؤ على سؤاله عن معنى كلامه .
و القصة الثانية حدثت لي و أنا في السنة النهائية لكلية الطب , حيث تم اختيار زميلي في الشمامسة , المهندس( عزت دوس ) ليكون كاهناً على كنيسة منطقة (القباري )بشارع المكس بالاسكندرية , و هي تدعى على اسم الراهب ( شنودة )
و لذلك اختاروا للقسيس الجديد إسم ( شنودة دوس). و ابتدأ يفتقد أهالي المنطقة التي كانت في ذلك الوقت ( سنة 1975 م ) منطقة فقيرة . و كنت معه أؤسس له فريق شمامسة بالكنيسة .
ووجد أن الكثيرين بين المسيحيين لم يقوموا بتنصير أبنائهم و بناتهم . فقال لهم نفس القول أمامي : هل تريدون أن يموت أولادكم مسلمين ؟
و هنا تشجعت و سألت صديقي و زميلي السابق القس شنودة دوس :
لماذا قلت لهم أن المولود الذي لم يتم تعميده يكون مسلماً؟
لماذا لا يكون مسيحياً مثل أبويه ؟ فقال لي : لا يجوز لأنه لم يتنصر بعد .
فسألته :لماذا لا يكون يهودياً , بما أن اليهودية هي أصل المسيحية ؟ فقال لي : لا يجوز لأن اليهود يلعنون المسيح و أمه ,
فسألته : إذاً لماذا لا نقول أنه كافر ؟ . فقال لي : لا يجوز لأن المسيح قال عن الأطفال : لمثل هؤلاء ملكوت السموات , فهم أطهار و أبرار كالملائكة .
فقلت : فلماذا نعمدهم إذاً ما داموا كالملائكة و لهم ملكوت السموات ؟ . فقال : ليكونوا مع المسيح في الآخرة .
فقلت : فلماذا نقول عنهم أنهم مسلمين , وهم أطهار ومن أهل الملكوت , بينما نقول أن المسلمين كفار و من أهل النار ؟ .
فرفض أن يعطيني إجابة , قائلاً لي : لما تصبح قسيس مثلي و تذهب إلى الدير أربعين يوماً لتتعلم أصول الكهنوت سيخبروك هناك .
و لم أتنازل عن ضرورة معرفة سبب تسمية المولود مسلم قبل التنصير .
و ذهبت إلى أب إعترافي , القمص ( متياس روفائيل ) راعي كنيسة ( جرجس ) في حي ( غيط العنب ) بالاسكندرية , وكان دائماً صريحاً معي , فأخبرني بالسبب: قال : لأن المسلم يؤمن بالله و يحترم المسيح قائلاً إنه نبي , وهذا حق , بينما اليهود يقولون أن المسيح ضال و مضلل , أي أنه كافر و المسيحيين كفار , لذلك يكون المولود مسلماً و ليس مسيحياً لأنه لم يتنصر بعد ولم يعرف أن المسيح إلهه
الذي يجب أن يعبده .
و فهمت يومئذ أن المسلم هو المؤمن الحقيقي الوحيد على وجه الأرض , فخجلت من نفسي , حتى أسلمت بفضل الله وحده , فله الحمد و المنة ما بقي من عمري .
و احمدوا الله أنكم مسلمين كالفطرة التي فطركم الله عليها .
و نقول : صدق رسول الله , محمد بن عبد الله , صلى الله عليه و سلم , حين قال : كل مولود يولد على الفطرة ( الاسلام ) فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .
أو كما قال صلى الله عليه و سلم . و هذا الحديث من دلائل نبوة سيدنا محمد , صلى الله عليه و سلم , لأن القساوسة مازالوا يقولون بقوله في كنائسهم منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنا , و سيظلون .
سبحانك اللهم و بحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك و أتوب إليك .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .