قال فضيلة الشيخ العلاّمة عبدالمحسن العبّاد حفظه الله تعالى :
وقد اشتهر عند بعض الناس مقولةٌ أنَّ الأشاعرة في هذا العصر يُمثِّلون 95 % من المسلمين ، وهذه المقولة غير صحيحة من وجوه :
* الأول : أنَّ إثبات مثل هذه النسبة إنِّما يكون بإحصاء دقيق يؤدِّي إلى ذلك، وهو غير حاصل، وهي مجرَّد دعوى .
*الثاني : أنَّه لو سُلِّم أنَّهم بهذه النِّسبة ؛ فإنَّ الكثرةَ لا تدلُّ على السلامة وصحَّة العقيدة ، بل السَّلامةُ وصحَّةُ المعتقد إنَّما تحصل باتِّباع ما كان عليه سلف هذه الأمَّة من الصحابة ومَن سار على نهجهم ، وليست باتِّباع معتقد توفي صاحبُه في القرن الرابع ، وقد رجع عنه ، وليس من المعقول أنَّ يُحجب حقٌّ عن الصحابة والتابعين وأتباعهم ، ثم يكون في اتِّباع اعتقاد حصلت ولادتُه بعد أزمانهم .
* الثالث : أنَّ مذهب الأشاعرة إنَّما يعتقده الذين تعلَّموه في مؤسَّسات علمية ، أو تعلَّموه من مشايخ كانوا على مذهب الأشاعرة ، وأمَّا العوام - وهم الأكثرية - فلا يعرفون شيئاً عن مذهب الأشعرية ، وإنَّما هم على الفطرة التي دلَّ عليها اعتقاد الجارية في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، وقد تقدَّم .
والعقيدة المطابقة للفطرة هي عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، وقد مرَّ إيضاحُ ذلك قريباً في الفائدة الثالثة . اهـ
( قطف الجنى الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني ) ص 35-36