![]() |
12-11-2010 02:10 PM | |
أبو ذر الفاضلي |
![]() |
12-06-2010 04:40 AM | |
عارف النهدي |
( أحاديث الآحاد في العقيدة ) للشيخ : ( محمد ناصر الدين الألباني ) ![]() أحاديث الآحاد في العقيدة نزل القرآن باللغة العربية، واشتمل على نصوص واضحة الدلالة، ثم تأثرت عقول بعض المسلمين بعلم الكلام والفلسفة؛ فصعب على تلك العقول فهم الشرع على ظاهره، فجعلوا قواعد ومصطلحات تهدم الدين. وفي هذه المادة يتحدث الشيخ رحمه الله عن بعض هذه الانحرافات، ذاكراً منها در أحاديث الآحاد في العقيدة واشتراط التواتر في أخبارها، وتصدى لمناقشة هذه الفكرة والرد عليها وتزييفها وبيان بطلانها. حكم بيع التقسيط وارتباطه ببيع العينة ![]() ![]() السؤال: ............................................... الجواب: لا يجوز في الإسلام، ولو أنكم تنبهتم لتعريفي لبيع العينة لعرفتم أن جواب هذا في نفس هذا التعريف؛ لأنه (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، و(ما لا تكون المعصية إلا به فهو معصية). بيع العينة الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام مصيبة من مصائب الأمة، إذا أصابتهم ذلوا، وهو قائم على بيع التقسيط، ويحتاج إلى مزيد شرح وبيان. بيع التقسيط هو المقدمة الأولى والأخيرة لبيع العينة؛ لأن هذا الذي يريد ذاك القرض بالربا، لا أحد يقرضه قرضاً حسناً مع الأسف الشديد، وهذا من تفكك عرى الأمة الإسلامية؛ وذلك بسبب ابتعادها عن الشريعة المحمدية، ولأنه يحتاج المال ولا أحد يقرضه، وهو لا يريده عن طريق الحرام في حد زعمه، فالشيطان يسول له أن هذه طريقة تحصل فيها على القرض ولو بطريق الربا، ويزعمون أنهم يخلصونه من الربا بصورة بيع وشراء، فهذا المستقرض عندما يأتي إلى التاجر ويقول له: هذه السيارة بكم؟ فيقول له التاجر: تريدها نقداً أو بالتقسيط؟ والمشتري جاء وجيبه أفرغ من فؤاد أم موسى! ليس معه ريال، ولهذا يجيبه قائلاً: بل بالتقسيط، فيقول له: بالتقسيط بمائة دينار، بألف دينار، بألفي دينار، فيقول له: سأشتري إذاً! البائع لما سأله: بالنقد أو بالتقسيط؟ وضع سعر التقسيط زائداً (2%) أو (5%) طمعهم وجشعهم، فهذا لما وافق على التقسيط أعطاه السعر زيادة على النقد، ومن هنا جاء بيع العينة؛ لأنه سوف يرجع المشتري ويقول للبائع: هذا الذي اشتريته أنا منك بألف دينار، من الممكن أن تشتريه مني بأقل من السعر، ولأنه يعرف مدى حاجته للمال، فيقول صاحب السلعة الأولى: نعم، فكانت هذه صورة لبيع العينة. مثلما ذكرنا آنفاً، فبيع العينة المحذر عنه في هذا الحديث قائم على بيع التقسيط. فإذاً: لا يمكن إقامة هذا الربا المحرم الذي هو بيع العينة إلا في مقدمة بيع التقسيط، ومع ذلك فهناك أحاديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، تنهى نهياً صريحاً عن بيع التقسيط الذي ابتلي به المسلمون لسببين، وهما نفس السببين المذكورين في الحديث: أحدهما: التكالب على الدنيا، فتراه حريصاً على جمع المال، ولا يسأل أمن حلال أو حرام؟ وإنما يريد مصاريف .. يريد أن يشتري .. يريد أن يربح.. يريد .. يريد .. إلخ. السبب الثاني: يحتالون على الشرع، يقول لك أحدهم: هذا بيع يا أخي! بيع التقسيط. لكن الرسول يقول: (من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)، وفي حديث آخر: (نهى عن بيعتين في بيعة)، وفي لفظ: (.. عن صفقتين في صفقة)، قيل لراوي الحديث وهو سماك بن حرب من التابعين: [ما معنى نهى عن بيعتين في بيعة؟ قال: أن أبيعك هذا نقداً بكذا ونسيئةً بكذا وكذا]، هذا هو بيع التقسيط اليوم تماماً. والرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الأول، بين أن الزيادة التي يأخذها التاجر مقابل الشرط على أخيه المسلم في الوفاء، بسبب بيع التقسيط بيع ربا؛ لأنه قال: (من باع بيعتين في بيعة) أي: من عرض بيعتين، وفي النهاية لو قلب البيعتين إلى بيعة إما تقسيطاً وإما نقداً .. (من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما -أي: أنقصهما سعراً وثمناً- أو الربا) إن أخذ الزيادة، أي أنه قال: هذا نقداً بمائة وتقسيطاً بمائة وعشرة، فإذا أخذ مائة وعشرة مقابل التقسيط فالعشرة ربا، هذا في نص حديث الرسول عليه الصلاة والسلام. فيا أخي! إن مصيبتنا اليوم نحن المسلمين مصيبة لا يحلها أو لا يقدر عليها إلا الله عز وجل!! لكن: ![]() ![]() توجيه حديث الجارية (... أين الله؟) ![]() ![]() السؤال: حديث الجارية: (... أين الله؟ قالت: في السماء). هل هو جواب عن فرضية مكان أو فرضية مكانة؟ الجواب: ليس هذا ولا هذا، أي: إن الجواب ليس عن سؤال مكانة ولا عن مكان. أما أنه ليس سؤالاً عن المكانة؛ فلأن مكانة الله المعنوية معروفة لدى كل المسلمين بل حتى الكافرين. وأما أنه ليس سؤالاً عن المكان فذلك؛ لأن الله عز وجل ليس له مكان. وفي الواقع أنا أشعر أن هذا السؤال من أخ مسلم يعتبر محاضرة، والسبب أنكم لا تسمعون هذه المحاضرات، وإنما تسمعون محاضرات في السياسة والاقتصاد، لدرجة أن كثيراً منكم ملَّ من تكرارها، أما محاضرات في صميم التوحيد، كالمحاضرة التي ستسمعونها الآن، مع أني مضطر إلى أن أختصر في الكلام؛ لأنه حان وقت الانصراف، لكن لابد مما لابد منه، فهذا السؤال يحتاج إلى محاضرة، لكن نقول: إن الله منزه عن المكان باتفاق جميع علماء الإسلام، لماذا؟ لأن الله كان ولا شيء معه، وهذا معروف في الحديث الذي في صحيح البخاري عن عمران بن حصين : (كان الله ولا شيء معه)، ولا شك أن المكان هو شيء، أي: هو شيء وجد بعد أن لم يكن، وإذا قال الرسول: (كان الله ولا شيء معه) معناه: كان ولا مكان له؛ لأنه هو الغني عن العالمين، هذه الحقيقة متفق عليها. ...... ![]() إثبات علو الباري سبحانه وتعالى ![]() لكن مع الأسف الشديد، من جملة الانحرافات التي أصابت المسلمين، بسبب بُعدهم عن هدي الكتاب والسنة في العقيدة في ذات الله عز وجل، لو سألت اليوم جماهير المسلمين في كل بلاد الإسلام، علماءً وطلاب علم وعامة، إذا سألتهم هذا السؤال النبوي: أين الله؟ ستجد أن المسلمين مختلفون أشد الاختلاف في الجواب عن هذا السؤال، منهم من يكاد يتفتق غيظاً وغضباً بمجرد أن طرق سمعه هذا السؤال، ويقول: أعوذ بالله ما هذا السؤال؟! نقول له: رويداً يا أخي! هذا السؤال هل تعلم أول من قاله؟ يقول: لا ما سمعنا به إلا الآن، فنفتح له صحيح مسلم ونقول له: هذا صحيح مسلم، الكتاب الثاني بعد صحيح البخاري، والثالث بعد القرآن؛ لأن أصح كتاب هو القرآن، ثم صحيح البخاري، ثم صحيح مسلم، وهو الذي روى هذا الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال للجارية يمتحنها: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال لها: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال لسيدها: أعتقها فإنها مؤمنة)، يسمع الحديث وكأنه ليس عايشاً في بلاد الإسلام، بل ليس عايشاً في بلاد العلم، أو يمكن لم يمسك صحيح مسلم في زمانه مطلقاً، هذا قسم من الناس، بل من أهل العلم من لم يسمع هذا السؤال قط! أي: ما طرق سمعه هذا الحديث، ولسان حاله يقول: أيعقل أن هناك أناساً يقولون: أين الله؟! ما هذا السؤال؟! هل يجوز لأحد أن يسأل أين الله؟! لا أعرف!! ما رأيك؟! ويأخذ البحث مجراه فتقول له: أنت تؤمن بوجود الله؟ سوف يقول: نعم، نقول له: أكيد أن الله موجود؟! فيجيب: نعم, إذاً أين هو؟ فيفكر ولا يستطيع الجواب!!! إن أقدس المقدسات هو الله، فإذا سألته: أين هو؟ فلا يعرف، وهو مسلم، ما معنى مسلم إذاً؟ نعم هو مسلم، وهذا أمر جميل، لكن هل هو حقيقة أم لا؟ ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة ![]() سبب الانحراف في العقيدة ![]() إن المشكلة هي دخول علم الكلام في الموضوع فأفسد العقول، كل من قرأ: ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة ![]() معنى (في السماء) ![]() إذاً: ما المعنى الصحيح للفظة (في السماء)؟ السماء لها معانٍ في اللغة لا نتفلسف كثيراً بذكرها، لكن من هذه المعاني: السماء الدنيا الأولى، والثانية، و... إلخ، ومن هذه المعاني: العلو المطلق، كل ما علاك فهو سماء، فالسماء الأولى والثانية هذه أجرام مخلوقة، فإذا قلنا: الله في السماء، معناه حصرناه في مكان، وقد قلنا: إنه منزه عن المكان، إذاً: كيف نفهم؟ الجواب من الناحية العلمية: (في) في اللغة ظرفية، فإذا أبقيناها على بابها وقلنا: الله في السماء، وجب تفسير السماء بالعلو المطلق، أي: الله فوق المخلوقات كلها حيث لا مكان، بهذه الطريقة آمنا بما وصف الله عز وجل به نفسه بدون تشبيه وبدون تعطيل. فإن التشبيه أن أقول: كما أنا في هذا المكان، وحاشاه! والتعطيل أن نقول كما تقول المعطلة : الله ليس في السماء، وإذا كان ربك يقول: ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة مفهوم العقيدة ودلالة أحاديث الآحاد ![]() ![]() إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() حكم الاصطلاح في العلوم الشرعية ![]() والذي أريد أن أدير إليه الكلام الآن، هو أن نذكر بأن الاصطلاح في العلوم الشرعية لا بأس منه؛ لأن الغرض تيسير والفهم على الناس، ولكن ينبغي أن يراعى فيه ألا يؤدي إلى مخالفة شرعية .. أُوْرِدُ مثالاً من الأمثلة العصرية: لا بأس أن نسمي معاني بأسماء جديدة، لكن بشرط ألا تغير حقائق شرعية، فإذا لم يتوفر هذا الشرط فلا يصح ذاك الاصطلاح أو تلك التسمية. مثلاً: لا يصح أن نسمي ما حرم الله عز وجل من الملاهي وآلات الطرب بفنون جميلة؛ وذلك لما في هذه التسمية من تلطيف لمثل هذه المعاصي، وإيهام الناس بأنه لا شيء فيها لأنها من الفنون الجميلة، لكن لو أطلقنا هذا الاسم على رسوم ونقوش زاهية براقة جميلة، ليس فيها صور حيوانات محرمة في الإسلام، فلا بأس من هذه التسمية، هذا مثال من واقعنا في العصر الحاضر، والأمثلة في ذلك كثيرة؛ كتسمية الربا المحرم بالفائدة .. أي فائدة يجنيها الإنسان من وراء التعامل بالربا؟ فنحن لا يجوز أن نتجاوب مع هذه التسمية ومع هذا الاصطلاح، لا لكونه حادثاً، فلكل قوم أن يصطلحوا على ما يشاءون، وإنما لأن الاصطلاح يؤدي إلى مخالفة الشرع، فإن الشرع يطلق على من يتعاطى الربا بأنه يحارب الله ورسوله، ونحن نسمي هذا فائدة! هذا كله من وساوس الشيطان على بني الإنسان، لصرفه عن أوامر الله وإيقاعه فيما حرم الله. أعلى الصفحة ![]() مفهوم العقيدة اصطلاحاً وحكم هذا الاصطلاح ![]() أعود فأقول: لا بأس من ذلك التفريق الاصطلاحي، أن نسمي الخبر إذا كان فيه خبر غيبي وليس فيه حكم شرعي بأنه عقيدة، وأن نسمي خبراً آخر الذي يتضمن حكماً شرعياً عملياً بأنه حكم شرعي وليس بعقيدة، هذا الاصطلاح لا بأس به، ولكن بشرط ألا يؤدي إلى مخالفة الشرع، وقد تحققت المخالفة، وإليكم البيان: كل حكم شرعي لا يقترن معه عقيدة فلا قيمة له؛ لأن أي حكم سواء كان يتضمن -مثلاً- الفرض أو الوجوب والمعنى واحد، إذا لم تقم بهذا الواجب بنية واعتقاد أنه فرض لم يفدك هذا الحكم شيئاً، وهكذا قُرِّر في كل الأحكام أو بقية الأحكام الخمسة، فأنت إذا أتيت بعبادة غير الفريضة كسنة مؤكدة أو مستحبة، إذا جئت بها باعتقاد أنها فرض أثمت ولم تؤجر؛ ذلك لأنك خالفت العقيدة الإسلامية في هذا الحكم الشرعي، يكفي الآن على سبيل التمثيل والتوضيح هذان المثالان اللذان يبينان لك بوضوح أن كل حكم شرعي مقرون معه عقيدة، لكن نعكس؛ فليس كل عقيدة مقرون معها حكم وعمل شرعي، مثلاً: نعتقد بخروج الدجال الأكبر في آخر الزمان .. نعتقد بنـزول النبي عيسى عليه الصلاة والسلام وقتله للدجال الأكبر .. نعتقد بخروج المهدي محمد بن عبد الله في آخر الزمان .. نعتقد بعذاب القبر ... إلى آخر ما هنالك من عقائد ثابتة في الكتاب والسنة، هذه كلها مجرد عقيدة لا يقترن معها عمل، فاقترح العلماء للتفريق بين هذا النوع من العقيدة وذاك النوع من العقيدة، بأن هذه عقيدة وهذه أحكام. ولكن إذا ألزمني هذا التفريق فلسفة عارضة طارئة دخيلة على الإسلام؛ حينذاك لا يجوز أن نصطلح هذا الاصطلاح، وإنما نقول: كل ذلك أحكام شرعية، وإنما الواقع أن هذا حكم ليس معه عمل، وذاك حكم معه عمل، مهما كانت نيته أنه عمل .. هذا حكم من الله تعتقد بكذا وكذا، وهذا حكم من الله تعتقد بكذا وكذا، لكن هذا النوع الثاني اقترن به القيام بعمل من نوع معين. التفريق هذا هو كما قلت: اصطلاح، ولا بأس باستعمال هذا الاصطلاح باشتراط الشرط السابق، أقول: اصطلاح؛ لأن السلف الصالح لا يعرفون هذا إطلاقاً، لا يعرفون التفريق بين خبر غيبـي مجرد وخبر فيه حكم عملي ولابد من اعتقاد حكمه، فإذا ما وقفنا عند هذا الاصطلاح ولم نتعدَ إلى مخالفة أحكام شرعية أخرى، فلا بأس به. أعلى الصفحة ![]() حكم اشتراط التواتر في أحاديث العقيدة ![]() لكن الواقع أننا قد تورطنا من هذا الاصطلاح فجئنا بعقيدة باطلة مخالفة للشريعة الإسلامية، وهذه العقيدة بالتالي لا يعرفها السلف الصالح، ولا يعرفها الأئمة الأربعة الذين نحن ننتمي إليهم في اتباعهم في مذاهبهم، سواء ما كان منها مذهباً اعتقادياً بهذا الاصطلاح، أو كان مذهباً حكمياً شرعياً. أريد من هذا التذكير بما ابتلي به المسلمون اليوم من رأي اعتزاليّ قديم، قام بعض الناس بتبنيه وإشاعته بين الناس، فكان مثار فتنة ومثار بلاء أصيب به كثير من الناس؛ بسبب جهلهم بالسنة أولاً، وبالأولى بسبب جهلهم بما كان عليه سلفنا الصالح من تقبلهم الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على إطلاقها دون فلسفة .. عقيدة، وحكم، هكذا كان موقف السلف الصالح بالنسبة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقبلوها على إطلاقها، سواءً كانت بالاصطلاح السابق الذكر (عقيدة)، أو كان (حكماً شرعياً)، لا يفرقون بين هذا وبين هذا، وإنما يكون موقفهم تجاه كل حديث يبلغهم عمن يثقون بخبره أن يسلموا تسليماً؛ لأن الله تبارك وتعالى حينما قال في مطلع هذه الآية: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة ![]() أمثلة على حجية خبر الآحاد ![]() مثلاً: شيء من هذه الأخبار العامة، الآية المشهورة: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة ![]() منشأ القول برد الآحاد في العقيدة ![]() فمن أين جاء هذا التفريق؟ جاء من الفلسفة.. جاء من علم الكلام الذي نتج منه ذلك الاصطلاح، أنه أحاديث تؤخذ منها الأحكام ولو كانت آحاداً، لكن لا تؤخذ منها العقيدة، جاءت من فلسفة أن العقيدة يجب أن تكون يقيناً، ويقابل هذا فلسفة أخرى: أن أحاديث الآحاد لا تفيد يقيناً، هذا ليس كلام علماء المسلمين الأولين، هذا كلام بعض فلاسفة المسلمين، حتى قال بعضهم شراً من ذلك، فقالوا: إن نصوص الشريعة كتاباً وسنة ظنية لا تعطي يقيناً مطلقاً، هذا قول الفخر الرازي وغيره، وإنما الذي يعطي اليقين إنما هو علم الكلام، أي: العلم الذي جاء به الناس من اجتهاداتهم وآرائهم منه نخرج بيقين، أما القرآن الذي هو ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة ![]() الرد على من رد حديث الآحاد في العقيدة ![]() نقول لهم: أولاً: قولكم: إن حديث الآحاد لا يعطي يقيناً؛ هذا لا دليل عليه إلا ظنهم، ليس عندهم دليل من الكتاب والسنة إطلاقاً بأن حديث الآحاد لا يعطي اليقين، وإنما يفيد الظن، فإن من أحاديث الآحاد في اصطلاح علماء الحديث الذي يرويه الرجلان والثلاثة، تتسلسل الرواية هكذا، بمعنى: إذا فرضنا حديثاً رواه ثلاثة من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ..أبو بكر و عمر و عثمان، أو غيرهم من الصحابة، ثم روى هذا الحديث عن هؤلاء الثلاثة ثلاثة من ثقات التابعين، كـسعيد بن المسيب و علقمة و الأسود بن يزيد وغيرهم، ثم عن هؤلاء الثلاثة ثلاثة من ثقات أتباع التابعين، من الذي يقول: إن هذا الحديث لا يفيد اليقين، وما الدليل على ذلك؟ وهو حديث آحاد، ثلاثة من الصحابة حفاظ لاشك عندنا في صدقهم أولاً، ولاشك عندنا في ضبطهم وحفظهم ثانياً، ثم ننتقل إلى الطبقة التي تلي هؤلاء من التابعين، ثم إلى الذين يلونهم، كلهم موصوفون بأنهم ثقات وحفاظ، من الذي يقول: إن هؤلاء إذا اتفقوا على رواية حديث بدون تمالؤٍ بينهم -أي: بدون تواطؤ- إنما مجرد تلاق، أي: أن فلاناً من الصحابة يقول: سمعت الرسول، وصحابي آخر يقول: وأنا سمعت الرسول، وصحابي آخر يقول: سمعت الرسول، ثم تابعي عن هذا وتابعي عن هذا .. وهكذا، فهذا الحديث عند علماء الاختصاص في الحديث يقولون: هذا الحديث يفيد اليقين؛ لأنه يستحيل عادةً مثل هؤلاء الثلاثة -وليس عددهم عدد التواتر- تواطؤهم عن الكذب، بل هناك حديث آحاد بالمعنى اللغوي، أي: ما رواه إلا فرد واحد، أما المثال السابق فهو حديث آحاد في الاصطلاح، وأما لغةً فقد رواه ثلاثة. الآن نأتي إلى حديث رواه فرد واحد من الصحابة وإسناده صحيح، لكنه اقترن به قرينة، وهي أن الأمة كلها تلقت هذا الحديث بالقبول، فلم يوجد فيهم -أولاً- من طعن فيه، ولم يوجد فيهم -ثانياً- من أعرض عنه ولو برد العمل به بعلة قادحة فيه، وإنما كلهم سلموا به، والذين لم يأخذوا به قالوا: عندنا ما هو أقوى منه، ولم يقولوا: حديث ضعيف، وإنما قالوا: عندنا ما هو أقوى منه دلالة من الناحية الأصولية، فمع أن هذا الحديث لم تجمع الأمة على الأخذ به، لكن الأمة مع ذلك تلقته بالقبول، حتى الذين لم يأخذوا به قدموا عذرهم في عدم الأخذ به. مثلاً: الأحناف لا يأخذون بحديث: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، لكن لا يرفضونه بل يقولون: هذا حديث آحاد، وحديث الآحاد إذا عارض ظاهر القرآن لا يؤخذ به عندهم، ما قالوا: هذا حديث غير صحيح، فإذاً: هذا حديث يقال: تلقته الأمة بالقبول، وأنكر السلف بالعمل به، هذا النوع من الحديث وهو فرد غريب يقول علماء الحديث بأنه يفيد اليقين. إذاً: ليس هناك أدلة في الكتاب والسنة على أن الإنسان في حل من ألا يأخذ بالحديث الصحيح؛ لا لشيء إلا لأنه آحاد، وهذا بالإضافة إلى ما سبق من الأدلة العامة، فإنه يخالف أيضاً هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وسلف الأمة، أما هديه عليه الصلاة والسلام فنعرف يقيناً أنه كان يرسل أفراداً إلى أشخاص من الملوك والرؤساء، أو إلى قبائل، كما فعل بالنسبة إلى علي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل حينما أرسلهم إلى اليمن، وأرسل أفراداً آخرين كـدحية -مثلاً- بكتابه إلى ملك الروم، ونحو ذلك، فكل هذه أدلة عملية من الرسول عليه الصلاة والسلام يصدق هذا المفهوم الصحيح، أنه لا فرق أبداً بين حديث عقيدة أو حديث أحكام؛ لأن الراوي فرد، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أرسل أولئك الرسل، نعلم بالضرورة أنه أرسلهم إلى أقوام ليفقهوهم في الدين، ويبلغوهم أيضاً ما تعلموه من الرسول عليه الصلاة والسلام، فنحن نعلم يقيناً أن معاذ بن جبل بلغهم العقائد، بلغهم بمعنى: أوضح الأحاديث التي سمعها من الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي على القسمين السابقين: قسم منها فيها عقائد محضة، وقسم منها فيها أحكام مع عقائد. فهل قامت الحجة بإرسال الرسول عليه الصلاة والسلام لهؤلاء الأفراد ليعلموا أولئك الأقوام دينهم؟ نحن نقول جازمين: إن الحجة قد قامت عليهم، وأنه لا يمكن أن يرسل الرسول صلى الله عليه وسلم فرداً لا يصلح لإقامة الحجة على أولئك الأقوام، الذين هم بحاجة إلى أن يقتنعوا بكلام الوسيط بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فـمعاذ وأبو موسى وغيرهم من الصحابة قد بلغوا أولئك الناس الإسلام الذي فهموه من الرسول عليه الصلاة والسلام وتلقوه عنه، وقامت الحجة بذلك؛ لأنه يستحيل أن يرسل الرسول عليه الصلاة والسلام من لا تقوم الحجة به، كما لو قيل: إن دحية لما ذهب إلى هرقل لا تقوم الحجة به؛ لأنه فرد، وخبر الفرد لا تقوم به الحجة إلا في الأحكام الشرعية، مع العلم بأن معاذاً وأمثاله إنما بلّغوا الشريعة بكاملها؛ عقيدة وأحكاماً شرعية. لذلك بالإضافة لتلك النصوص العامة لا يجوز للمسلم أن يفرق يبن حديث وحديث، وأن يجيز لنفسه رد حديث بمجرد أن فيه أمراً غريباً غيبياً. مثلاً: حديث عذاب القبر الوارد عن ابن عباس رضي الله عنه، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: (أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنـزه من البول ...) إلى آخر الحديث، الشاهد فيه: قال: (أما إنهما ليعذبان) وهم من هذه الأمة المكلفين وليسوا من الكفار، لكن ذنبهم أن أحدهما كان يسعى بالنميمة، والآخر كان لا يتحفظ من مساس البول، فكان يصيب بدنه وثوبه هذه النجاسة، فعذب على ذلك كل منهما في القبر .. هذا أمر غيبي هل يصدق بعذاب القبر أم لا؟ فلسفة سابقة تقول: لا؛ لأن هذا حديث آحاد، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لما حدث بهذا الحديث سمعه ابن عباس، ماذا كان موقفه؟ آمن به بلا شك ولا ريب، فـابن عباس حينما حدث التابعي به ماذا كان موقف التابعي تجاهه؟ هو نفس موقف ابن عباس تجاه نبيه، وهكذا تسلسل العمل بالحديث بين الرواة بدون فلسفة التفريق بين العقيدة وبين الأحكام، ولذلك نحن ندعو دائماً وأبداً إلى أن نتفهم شريعتنا على طريقة السلف الصالح، فـالسلف الصالح من جملة طريقتهم وهديهم أن يتلقوا أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يؤمنوا بها وأن يصدقوا بها؛ سواءً كانت في الأحكام أو في العقائد. ومن شاء أن يوجه سؤالاً حول هذا البحث، سواء كان سؤالاً توضيحياً أو سؤالاً استشكالياً؛ لأنه عندي لا فرق بين عقيدة وأخرى، سواءً كانت مفهومة عند البعض أو مجهولة عند الآخرين، فالآخرون يجب أن يتعلموا، والذين قد علموا يجب عليهم أن يبلغوا، ونحن نعتقد أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين كانوا يحضرون مجالسه العلمية، لم يكونوا كلهم في نسبة واحدة في الثقافة الشرعية، ونعلم أن أبا بكر وأمثاله من كبار الصحابة كانوا يسمعون أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام مراراً وتكراراً؛ لأنهم كانوا يحدثون أقواماً بما لم يسمعوا من قبل، فيكون حديث الرسول عليه الصلاة والسلام بالنسبة لبعض الناس تكراراً، وبالنسبة للآخرين ابتداءً، فيجب على الأولين أن يتحملوا هذا التكرار ثم لا يذهب ذلك عليهم سدى؛ لأن التكرار يركز بالمفاهيم في الأذهان، وأنا على يقين بأن الذين سمعوا هذا البحث مرة أو مرتين، لا يستطيعون أن يعلنوه إذا ابتلوا بأناس من علماء الكلام، من الذين تأثروا بهذه الفلسفة التي ليست من الإسلام في شيء، فإذاً: عليهم أن يصبروا إذا ما سمعوا التكرار في مثل هذا الموضوع، وأن هذا له علاقة بالعقيدة، والعقيدة يجب التثبت فيها ومعرفة أدلتها وطريقة مجادلة المخالفين فيها أكثر من الأحكام عند أولئك الناس الذين يفرقون بينها، أما نحن فالشريعة عندنا كلها عقيدة، وإذا لم تحمل ولم تقبل على العقيدة فلا فائدة من هذه الأحكام التي خلت من العقيدة، وهذا ما لا يقوله مسلم، لهذا أقول: من كان له سؤال فليتفضل. أعلى الصفحة حكم النية في تمييز العمل ![]() ![]() السؤال: إذا أراد الإنسان أن يعمل عملاً فهل يستحضر حكم هذا العمل، كالسلام من صلاة الصبح أو من سنة الصبح، أم أنه يعتبر سنة لأنه من شعائر الإسلام؟ الجواب: يجب أن تعرف أنه كما لا يجوز أن تحط من الحكم، مثلاً: هو فرض فتنزل به إلى مرتبة السنة، وتعمل به على أنه سنة، كذلك لا يجوز أن ترفع من شأن الحكم، فإذا كان سنة وأنت ترفعه وتجعله في مقام الفريضة، فلا يجوز لا هذا ولا هذا أبداً، فالسلام عندما تسلم كالصلاة التي تصليها، عندما تصليها فأنت تستحضر في نفسك أن هذه الصلاة ليست فريضة، وإنما هي سنة الفجر كما قلت. وهذا يكفي. كذلك لما تقول لأخيك المسلم: السلام عليكم، أنت تؤسس في نفسك أن هذا السلام واجب، أو -لا سمح الله- إذا كنت تعتقد أنه سنة كما يظن البعض فتكون مخطئاً، فيكفي أن تقول: السلام عليكم، وأنت على علم بأن هذا من الواجب، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر به. السؤال: ألا يعد فعله هذا من شعائر الإسلام؟ الجواب: لا، لا يجوز، أليست الصلوات الخمس من شعائر الإسلام؟ أليس الأذان من شعائر الإسلام؟ ...... |
![]() |
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code is متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|