منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى التوحيد والعقيدة > شرح ( الأصول الثلاثة ) للعلامة السلفي محمد أمان الجامي رحمه الله

الموضوع: شرح ( الأصول الثلاثة ) للعلامة السلفي محمد أمان الجامي رحمه الله الرد على الموضوع
اسم العضو الخاص بك: اضغط هنا للدخول
سؤال عشوائي
العنوان:
  
الرسالة:
يمكنك إختيار أيقونة من القائمة التالية:
 

الخيارات الإضافية
الخيارات المتنوعة
تقييم الموضوع
إذا أردت, تستطيع إضافة تقييم لهذا الموضوع.

عرض العنوان (الأحدث أولاً)
01-24-2014 10:12 PM
الواثقة بالله
قوله : ((والدليل قوله تعالى : ) لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ( [ البقرة : 256 ] ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ( معنى الإكراه في الدين : ليس معنا ذلك أنك لا تدعو إلى الدين ، لا إكراه في الدين ، لا تدخل الدين على الناس بالإكراه ، أنت عليك البيان ، وعليك الهداية ، وعليك الإرشاد ، وأما القلوب فلا يملكها إلا الله لا تدخل الإيمان في قلوب الناس بالإكراه لك الظاهر ، تدعو وتبين الحق من الباطل وهذه وظيفة الدعاة .
) فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها( هذه الآية العظيمة حتى في وضعها موضوعة على الترتيب لا إله إلا الله تماماً ، لأن قوله تعالى : ) فمن يكفر بالطاغوت ( يقابل لا إله ، وقوله تعالى : ) ويؤمن بالله ( يقابل إلا الله ، من أدق الآيات في تفسير لا إله إلا الله ، هذه الآية وهذا معنى قول لا إله إلا الله .
قوله : ((وهذا معنى لاإله إلا الله ، وفي الحديث { رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ))
الشرح : رأس الأمر الإسلام الذي هو الاستسلام والانقياد كما تقدم ، وعموده الصلاة ، لا يقوم الإسلام إلا بالصلاة وإلا فهو بناءٌ غير قائم وغير ثابت ، وفي هذا المعنى يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من ترك الصلاة فلا حظ له في الإسلام ) وهو يفسر قوله عليه الصلاة والسلام : { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر } يتهاون كثيرٌ وكثيرٌ من العوام بالصلاة بدعوى أن الإيمان بالقلب إذا دعوتهم إلى الصلاة يقولون ( ما عليش ) الإيمان بالقلب ، لو صح إيمان القلب لصح إيمان الجوارح ، وإيمان اللسان ، هذا هو الإرجاء المنتشر بين المسلمين ، الإرجاء معناه تأخير الأعمال عن مسمى الإيمان ، وأن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط أو التصديق والنطق معاً هذا هو الإرجاء المنتشر بين المسلمين كثيراًوهم لا يشعرون ، الإيمان تصديق بالقلب وذلك التصديق يحتاج إلى تصديق، الذي يصدق ذلك التصديق النطق باللسان والعمل بالجوارح يتكون الإيمان من كل ذلك .
قوله : ((وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ))
الشرح : {وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله } ، ذروة سنامه أعلى مكاناً في الإسلام الجهاد في سبيل الله لماذا ؟ لأن في الجهاد في سبيل الله يقوي الإسلام ويظهر الإسلام ويكتسب المؤمنون قوة ومنعة وفي ترك الجهاد ضياع للإسلام وضياع وضعف للمسلمين ، وذله ومهانة وهذا ما وقع فيه المسلمون بعد أن تركوا الجهاد ، وربما جهل كثيرٌ من الناس معنى الجهاد أخيراً فظنوا أن كل قتال جهاد ، الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام هو الجهاد لإعلاء كلمة الله ، لإظهار دين الله ، وللمحافظة على دين الله ، والدفاع عن دين الله ، وعن عقيدة الإسلام ، وشريعة الإسلام ، هذا هو الجهاد في سبيل الله ، وفي الآونة الأخيرة كثر القتال ، تصديقاً لخبر رسول الله r عندما أخبر عن أمارات الساعة ( كثرة الهرج ) قيل وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : { كثرة القتال } إذا وضع فيهم السيف لن يرفع ‘إلى يوم القيامة ، تسمعون وتقرءون اندلاع الحروب من مكان إلى مكان كالنار تتنقل هنا إلى هنا بين المسلمين على أتفه الأمور يختلفون على شريط صغير في الحدود فيشتبكون سنوات تراق الدماء ، وأخيراً إن كثير من المنتسبين إلى الإسلام كفروا بالإسلام وأعلنوا أنهم علمانيون ولعل لا يعلمون معتى العلمانية صغار طلبة العلم .
العلمانية عدم الإيمان بأي دين ، التجرد عن الدين ، كثرت العلمانية وكثيراً ماينادون مغلطة أنهم يجاهدون للإسلام وهم يقاتلون المسلمين ويقتلون ويحاولون القضاء على الإسلام لو استطاعوا لكنهم يعملون أسلوب المغالطة الجهاد في سبيل الله والدفاع عن المسلمين والدفاع عن الحرمين مغالطة ما أفضعها وما أكذبها استغلوا السذج من الشباب فصاروا يصفقون ويؤيدون العلمانيين ضد المؤمنين ، العلمانيون الذين أعلنوا عن علمانيتهم ويعتزون بعلمانيتهم ، هؤلاء أشد كفراً من اليهود والنصارى ، فإذا كان الله جعل موالاة اليهود والنصارى ومن يواليهم ويحبهم ويناصرهم أنه منهم فما بال الذين يوالون العلمانيين والماركسيين والوثنيين ، أشد لأن الله جعل لأهل الكتاب اعتبارات احتراما لكتابهم الأول وإن نسخ ، يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ) ، ويجوز أن يتزوج نساءهم المحصنات من نسائهم وإن كان الأفضل عدم العدول إلى نسائهم مع وجود المؤمنات ، لكنه جائز أما المرتد وأما المجوسي وأما الوثني والهندوكي والبوذي هؤلاء جميعاً والعلمانيون من المرتدين ، العلماني مرتد لأنه كان مسلماً ثم أعتنق العلمانية ، هذه الملة الخبيثة أخبث من اليهودية والنصرانية ، مناصرة هؤلاء أشد كفراً من مناصرة اليهود والنصارى يقول الله تعالى : ) يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ( الموالاة المحبة المناصرة ، من أحب اليهود والنصارى وناصرهم وأضمر له الحب والود كأولياء الله يكفر ، لأنه لا تجتمع محبة الله ومحبة أعداء الله ، ولكن قال في الأخرين في الكفار عام : ) يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ( جميع الكفار كما قلت هؤلاء العلمانيين أشد كفراً من اليهود والنصارى ، وموالاة الجميع غير جائزة ، قد تصل إلى حد الكفر ، والموالاة المناصرة ، من يناصر العلمانيين ويظاهرهم ويؤيدهم ضد المسلمين وضد المؤمنين قد والاهم ، فصار منهم ، كل من يناصر العلمانيين ويؤازرهم ويظاهرهم ضد المسلمين يخرب بيوت المسلمين وأوطانهم وليعتدوا على النسلمين قد والى هؤلاءالكفار ، فلينتبه لنفسه فكثير من المنتسبين إلى الإسلام وللأسف يسمون أنفسهم بالإسلاميين أصبحوا في هذا الوقت في تناقض شديد يتعاونون مع القوميين والشيوعيين لمناصرة العلمانيين ضد المؤمنين كما تسمعون في كثير من الأقطار مظاهرات من الذين يسّمون أنفسهم بالإسلاميين متعاونين مع القوميين والشيوعيين لمناصرة العلمانيين ضد المؤمنين هؤلاء يقعون في ورطة في إيمانهم من حيث لا يشعرون لأن محبتهم أي العلمانيين ومناصرتهم ومؤازرتهم ومعاونتهم على المؤمنين وعلى الاعتداء على المؤمنين على أرضهم وأعراضهم كفرٌ بالله . ننصح كثيراً من شبابنا في كل مكان الذين ينخدعون بالخطب الرنانة وبتلك المظاهرات وبأولئك الذين سموا أنفسهم بالإسلاميين وهم يناصرون العلمانيين ، ننصحهم بأن يتوبوا إلى الله ويرجعوا من قريب ، وإلا الموقف خطير لستم بقادرين على الجهاد كما زعمتم ، ولكن تريدون أن تجعلوا الجهاد شعاراً ترفعونه ولستم بعاملين بشيء ، ولكن تضرون إيمانكم من حيث لا تشعرون ، لذلك نصيحتنا لهؤلاء فليفهموا معنى الجهاد في سبيل الله ، الجهاد في سبيل الله أن تخرج بنفسك ومالك إن استطعت لنصرة الله ولنصرة دين الله بعد أن تفهم معنى الدين ومعنى الإسلام ، وأما على جهل وأنت غير فاهم تعلم أولاً العلم قبل القول والعمل ، حتى تعلم من المجاهد ، وأين الحق وأين الباطل وكونك تصرخ مع كل من يصرخ وأنت لا تدري أين الحق وأين الباطل وما هو ؟ وما هو الحق ؟ تشرق وتغرب وراء الناس تجري ناسياً دينك وإيمانك وموقفك بين يدي الله يوم القيامة لا تهلك أية الشاب ، ارجع وتعلم واعرف الحق من الباطل ثم جاهد في سبيل الله وبالله التوفيق .

01-24-2014 10:11 PM
الواثقة بالله
قوله : ((وأولهم نوح عليه السلام ))
الشرح : وأولهم نوح عليه السلام ،أول الرسل وهي مسألة خلافية أولهم نوح أو آدم الذي عليه أكثر أهل العلم أولهم نوح لأنه إنما وقع الشرك في قومه ، ولم يقع الشرك قبل ذلك ولكن نؤكد على ذلك بعض الأثار التي تشير إلى آدم نبيٌ رسول ، وعلى كلٍ الآثار التي جاءت في هذه المسألة تحتاج إلى مراجعة وإلى تحقيق .
قوله : (( وأخرهم محمد r ))
الشرح : وأولهم نوح عليه السلام وآخرها محمد عليه الصلاة والسلام ، وهو خاتم النبيين من أنكر كونه خاتم النبيين وادعى النبوة بعده سواءٌ لنفيه أو لغيره فهو مرتد ، والدليل على أن أولهم نوح عليه السلام قوله تعالى : ) إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ( هذه الآية التي استدل بها المؤلف وقبله غير واحدٍ من أهل العلم يعترض بعضهم على دلا لتها على المراد وأنها ليست نصاً في أن أول الرسل نوح ولكنها ظاهر وفرق بين النص وبين الظاهر ، الظاهر ما يحتمل معنيين ، والنص مالا يحتمل إلا معنى واحداً والآية ظاهرة ليست بنص في المسألة . والله أعلم
قوله : (( والدليل على أن أولهم نوح عليه السلام ، قوله تعالى : ) إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ( [ النساء : 163 ] ، وكل أمةٍ بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد عليهما الصلاة والسلام ، بأمرهم بعبادة الله وحده ، وينهاهم عن عبادة الطاغوت ، والدليل قوله تعالى : ) ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ( [ النحل : 36 ] ))
الشرح : وكل أمةٍ بعث الله إليهم رسولاً من نوح إلى محمد عليهما الصلاة والسلام ، يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت أي يفتتح دعوته بالدعوة إلى عبادة الله ما من نبيٍ أرسل إلا وجعل مفتاح دعوته : أعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، هذا مفتاح دعوة الرسل جميعاً ، والدليل قوله تعالى : ) ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت ( والآية تفسير معنى لا إله إلا الله ، لأن كما تقدم لا إله إلا الله تفسيرها في القرآن ذكر هناك عدة آيات منها هذه الآية ، وإن كان بالنسبة لنظم كلمة التوحيد ليست على ترتيبها ولكن أعبدوا الله يساوي إلا الله ، واجتنبوا الطاغوت يساوي لا إله إلاالله تأتي الآية بعد هذه على ترتيب لا إله إلا الله .
قوله : ((وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ))
الشرح : وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله وحده مالم يكفر الإنسان بالطواغيت لاينفعه ولا يجديه أي لا بد من الجمع بين الكفر و الإيمان كما جمعت كلمة التوحيد بينهما ، كلمت التوحيد جمعت بين الكفر والإيمان ، وأن شئت بين النفي والإثبات ، لا إله نفيٌ وكفرٌ بما يعبد وبمن يعبد من دون الله إلا الله إثبات العبادة لله وحده .
قوله : (( قال أبن القيم رحمه الله : ( الطاغوت : ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوعٍ أو مطاع ) ))
الشرح : الطاغوت ، معنى الطاغوت : مأخوذ من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد ،طغى الماء، طغى فلان أي تجاوز حده ، الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبودٍ أو متبوعٍ أو مطاع ، حد العبد ما هو ؟ عبادة الله وحده لكونه عبداً يعبد ربه الذي خلقه فإذا تجاوز هذا الحد، وصرف نوعاً من أنواع العبادة لغير الله تجاوز الحد وصار ذلك طغيان من تجاوز به هذا الحد متبوعٍ اتبعه في المعصية في التحليل والتحريم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله ، معبودٍ عَبَده تذلل له وخضع له وأحبه كما يحب الله هذا المعبود لأن العبادة غاية الذل مع غاية الحب ، من أحب غير الله مع الله وخضع له وتذلل له عبد ذلك الغير وتجاوز به حده من هنا [ تعلم ] ليست العبادة مجرد الصلاة والصيام والزكاة والحج أي أركان الإسلام ، العبادات أنواع وحقيقتها غاية الذل مع غاية الحب بما في ذلك الدعاء لذلك صار الدعاء مخ العبادة لأن فيه تذلل ورجاء وطمع هذا المعنى هو العبادة . المتبوع من يقلده ويتبعه ويحلل له ويحرم له كالذين يتبعون الأحبار والرهبان وكذلك المطاع هما إما مترادفان أو متقاربان ، شخصٌ أطاعك في غير شريعة الله أو مخالفاً بذلك شريعة الله في التحليل والتحريم يقال له مطاع ، ويقال له متبوع هذا هو الطاغوت طبق هذا على واقع الناس تجد كثيراً وكثيراً جداً من الذين يطاعون في نفي صفات الله تعالى من الذين يطاعون في عبادة غير الله ، من الذين يطاعون في التحليل والتحريم ، وفي الأحكام الدستورية ما أكثر ذلك الذين يطيعون ويتبعون رجال التشريع الذين يُسمون رجال التشريع ، والتسمية نفسها جريمة تسمية بني آدم أنهم رجال التشريع جريمة التشريع والمشرع هو الله وحده والذي يبلغ شريعة الله محمد r ومن قبله من الرسل ، وأتباعه منفذون ومطبقون الملوك والرؤساء والأمراء والعلماء منفذون ومطبقون وليسوا بمشرعين ، التشريع لله ، ويطلق على الرسول r بأنه مشرع ، ولكن المشرع الحقيقي هو الله إنما يطلق على الرسول r لأنه له الطاعة المطلقة ، وقد يأتي بأحكام غير موجودة في القرآن ، كتحريم الحمر الأهلية يوم خيبر وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها ، وبين المرأة وخالتها زيادة على ما في القرآن ، له الطاعة المطلقة بهذا الإعتبار يطلق عليه بأنه مشرع عليه الصلاة والسلام ، وباعتبار أنه مبلغ عن الله تشريع الله ، وإلا المشرع الحقيقي هو الله ، وإطلاق رجال التشريع على أولئك الدكاترة الذين يتخرجون من كليات الحقوق المستشار فلان من رجال التشريع ، يا ليت شعري ما يخجل هذا الإنسان عندما يقال له أنت من رجال التشريع ، أنت تشرع من أين لك التشريع ؟ معنى ذلك تجعل نفسك كأنك الله رب العالمين أو رسول الله r ليس لك حق في التشريع ، والتسمية نفسها غلط ومن الجاهليات الذين ألفها كثيرٌ من الناس ، فأصبحت من السهولة بمكان أن يطلقوا رجال التشريع على كثير من المتعلمين الذين يتخرجون من كليات الحقوق .
قوله : (( والطواغيت كثيرة ، ورؤسهم خمسة : إبليس لعنه الله ، ومن عبد وهو راضٍ ، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ))
الشرح : والطواغيت كثيرة ـ وربما اليوم أكثر ـ ورؤسهم خمسة : إبليس لعنه الله ، ومن عبد وهو راضٍ ، ومن عبد وإن لم يدعو الناس إلى عبادة نفسه ، لكن رأى الناس يعبدونه فرضى واستراح إلى تلك العبادة ، منصب كبير ، الناس تسجد له ، وتركع له ، وتذبح له ، ورضى بذلك هذا من الطواغيت ، أو من دعى الناس إلى عبادة نفسه يزين للناس عبادة نفسه فيقول : أنا من آل فلان ، من آل البيت ، أنا كذا وكذا ، ونحن لنا الحق بأن يستغاث بنا ، وتجعل لنا النذور ، هكذا يزينون للناس عباده أنفسهم ، والناس عاطفيون في الغالب الكثير ، الرجل الذي من آل البيت وينتسب إلى بيت النبوة خصوصاً في البلدان الأعجمية ، بأدنى إشارة يُعبد ، وإذا أشار إليهم أدنى إشارة إلى عبادة نفسه والتذلل له عبدوه وبالغوا فيه ، ولو حاول أن يتخلص بعد ذلك فقال : لا ، يقولون إنما يقول لا من باب التواضع لأنه من المتواضعين ويزدادون في عبادته هذا هو واقع كثير من الناس للأسف .
قوله : (( ومن ادعى شيئاً من علم الغيب ))
الشرح : ومن ادعى شيئاً من علم الغيب كالكاهن والعراف والساحر والمنجم وصاحب الكف وصاحب الفنجان وصاحب الرمل والتراب الذين يكتبون ويخططون في الرمل والتراب ويخبر الناس علم الغيب من تلك الخطوط ويقرا في الفنجان ، وأنت لاترى في الفنجان شيئاً وهو يزعم أنه يقرأ في هذا الفنجان الذي تشرب به القهوه فيخبر منها الغيب وينظر في الكف فيقرأ في الكف فيخبر بالغيب ويدعي أنه يعرف مكان الضالة ، الناقة التي ضلت في المكان الفلاني والسيارة التي سُرقت في الشعب الفلاني في الجراش الفلاني ، وهكذا ، هؤلاء كلهم كفرة ، ومن الطواغيت ، ومن رؤساء الطواغيت ، لأنهم كلهم زعموا أنهم يعلمون الغيب لذلك قال النبي r : { من أتى كاهناً فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل علي محمد } ، لأن الذي أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام هو القرآن ، والقرآن يقول : ) قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ( ، ومن ادعى علم الغيب بأي وسيلة من الوسائل خصوصاً هذه الوسائل الوهمية التي لا حقيقة لها كافر مرتد ورئيس من رؤساء الطواغيت ، ولكثرة انتشار هذه الأمور الجاهلية في صفوف المسلمين في كثير من الأقطار ، يجب على طلاب العلم مكافحة ذلك ودعوة الناس إلى الكفر بهم ، مكافحة هؤلاء لا تقل درجةٌ عن مكافحة المخدرات بل مكافحة هؤلاء أشد وجوباً من مكافحة المخدرات التي تخدر الأعصاب والأعضاء هؤلاء يخدرون الإيمان ويفسدون الإيمان ويقعون الناس في الكفر بالله تعالى .
قوله : ((ومن حكم بغير ما أنزل الله ))
الشرح : من حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن ذلك الذي حكم به مثل الذي أنزل الله أو أحسن وأليق ، وهذا يشمل أولئك الذين يستوردون القوانين الوضعية من الخارج ويحكمون بها ويشمل أولئك البدو الذين يحكمون بالسواليف والتقاليد في التحريم والتحليل كل ذلك داخل من حكم بغير ما أنزل الله سواءً كان قانوناً مقنناً أو سواليف وعادات وتقاليد موروثة كل حكم في التحليل والتحريم بغير ما أنزل الله معتقداً أن ذلك مثل الذي أنزل الله أو أحسن وأليق وأنسب للناس فهو كافرٌ مرتد من رؤساء الطواغيت .
وأما من حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن ما أنزل الله أحسن وأحق وأنه مخظئٌ عندما يحكم بغير ما أنزل الله ، هذا كفره كفرٌ دون كفر ، لا يخرج من الملة مثل الذي يعصي الله بمعاصي بارتكاب المحرمات والكبائر وهو غير مستحل ، كالذي يسرق والذي يشرب [ الخمر ] ويعتقد أنه عاصٍ ومخالف لم يستحل السرقة والخمر ، كفر هؤلاء كفرٌ دون كفر ، ويذكرون قسماً ثالثاً وهو من اجتهد ليحكم بما أنزل الله ، ولكنه وقع في إصدار الحكم بغير ما أنزل الله مجتهداً مخطأ هذا له أجر الاجتهاد ويعفى له عن خطأه والله أعلم .
وهذا الذي ذكر أهل العلم عند هذه الآية ) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ( وأقرب مرجع ترجعون إليه لتحقيق هذه المسألة شرح الطحاوية عند هذه الآية .
01-24-2014 10:10 PM
الواثقة بالله
قوله : ((وقوله تعالى : ) والله أنبتكم من الأرض نباتاً % ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً ( [ نوح : 17 ـ 18 ] ))
الشرح : وقوله تعالى : ) والله أنبتكم من الأرض نباتاً (أي إنباتاً، نباتاً اسم مصدر ، والمصدر انبات والله أنبتكم من الأرض إنباتاً هذا هو المصدر ، ونباتاً اسم مصدر كتوضأ وضوءاً أي توضأ ) ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً ( ، ومحل الشاهد من الآية قوله : ) ويخرجكم إخراجاً ( .
قوله : ((وبعد البعث محاسبون ، ومجزيون بأعمالهم ))
الشرح : وبعد البعث الناس محاسبون ومجزيون بأعمالهم ، بعد البعث هناك ورود الحوض ، وهناك الميزان ، وهناك الحساب ، وعرض الأعمال ، اختلف أهل العلم في الترتيب بين هذه الأشياء ، ولكن بعضهم يميل على أن أول شيء ورود الحوض لأن المقام يقتضي ذلك لأن الناس يبعثون من قبورهم وهم عطاش بحاجةٍ إلى الماء لذلك منّ الله على أمة محمد r بالحوض المورود ، الحوض العظيم الذي يشرب منه أهل الجنة ، يرد المؤمنون هذا الحوض العظيم ورسول الله r ينتظرهم هناك وهم فرط أمته إلى الحوض ومنبره على حوضه وهذا الحوض العظيم الذي الناس بحاجةٍ ماسةٍ ‘إلى الشرب منه وهم بعثوا من قبورهم من شدة العطش ، ولكن بعض الناس يردون ويطردون من الحوض ورسول الله r لا يدري عن سبب طردهم 1لذلك طردهم لذلك يقول يا رب أمتي أمتي أو أصحابي أصحابي ، فيقال لهم : لا تدري ما أحدثوا بعدك أن هؤلاء غيروا بدلوا بعدك فيقول النبي r سحقاً لمن بدل وغي) ، استدل أهل العلم بهذا الحديث بأن رسول الله r لا يدري ما يحدث بعده من التغيير والتبديل والردة والإبتداع في هذا الدين ، لا يدري عن ذلك لأن علم الغيب العام لله وحده ، والأنبياء لا يعلمون في حياتهم إلا بإعلام الله إياهم بعض الأمور ، يتعارض هذا الحديث مع حديث ورد أن الأعمال تعرض على رسول الله r أعمال أمته ورد في ذلك الحديث إن رأى خيراً حمد الله ، وإن راى غير ذلك استغفر الله لأمته ، قال أهل العلم في التوفيق بين الحديثين : أن حديث عرض الأعمال غير صحيح ، وعلى فرض صحته ، يعلم بالجملة لا بالتفصيل ، أما بالتفصيل أن فلان هو الذي غير وهو الذي بدل وهو الذي ارتد لا يعلم ذلك للتوفيق بين هذا الحديث وبين حديث العرض على الحوض ، وطرد بعض الناس من الحوض ، وعلى كلٍ ، يقال أن أول ما يحصل بعد البعث ورود الحوض ثم الميزان ثم الحساب والعرض ، والمراد بالحساب المناقشة { من نوقش الحساب عذب } ، والعرض عرض الأعمال وعرض الكتب وبعد ذلك الناس مجزيون بأعمالهم ، وعند الجزاء من الناس من يكون جزاءهم لكثرة أعمالهم الحسنة والشدة وإخلاصهم وتحقيقهم التوحيد من يثابون بعدم دخول النار بل ليس عليهم حساب ولا عقاب ويدخلون الجنة من أول وهلة ، أولئك الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون) ، بعد ذلك من الناس من تتساوى سيئاتهم وحسناتهم فيشفع فيهم رسول الله r أو غيره لأن هذه من الشفاعة العامة فيدخلون الجنة قبل أن يدخلوا النار ومن الناس من يؤمرون بدخول النار لكثرة أعمالهم السيئة وقلة أعمالهم الحسنة وبعد الأمر بهم إلى النار يشفع فيهم رسول الله r بإذن ربه فيحولون إلى الجنة ومن الناس من لا تسعفهم الشفاعات قبل دخول النار فيدخلون النار فيشفع فيهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وغيره من الشافعين وقد يكونون من أصحاب الكبائر فيخرجون من النار بشفاعة الشافعين إلى هذا يشير رسول الله r بقوله : { شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي })وفي النهاية ينظر من في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرةٍ من إيمان يخرجون من النار ويطرحون في نهر الحياة) وينبتون كما ينبت البقل أي بعد التطهير والنظافة يدخلون الجنة ، لأن الجنة دار الطيبين لا يدخلها إلا الطيبون ، الخلاصة من عقيدة أهل السنة والجماعة : اعتقاد أنه لا يخلد في النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ، وفي لفظ من خير المراد الإيمان سواءً كان ذلك بشفاعة الشافعين أو برحمة رب العالمين سبحانه وتعالى هكذا الناس مجزيون بأعمالهم وقد يسعفهم الله سبحانه وتعالى كما [ سبق ] بشفاعة الشافعين من غيرعمل أي بعد أن عجزت أعمالهم .
قوله : ((والدليل قوله تعالى ) ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ( [ النجم : 31 ] والدليل قوله تعالى ) ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ( [ النجم : 31 ] )) والدليل قوله تعالى : ) ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ]دون زيادة وهذا من فضل الله وكرمه ) ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ( بل كثرٌ منهم يجزون بالحسنى وزيادة ، الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى بالنسبة إلى المؤمنين الذين يؤمنون بصفة الوجه ، أما الذين ينكرون وجه الله الكريم فهؤلاء جديرون وقمنون بأن يحرموا النظر إلى وجه الله تعالى لأنهم لم يؤمنوا به .
قوله : ((ومن كذب بالبعث فقد كفر ، والدليل قوله تعالى : ) زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وذلك على الله يسير ( [ التغابن : 7 ] ))
الشرح : ومن كذب بالبعث كفر ، التكذيب بالبعث كفرٌ بالله لأنه تكذيب بخبر الله وخبر رسول الله r، ومن كذب خبر الله سواء كان في البعث ، أو في بعض صفاته أو في الأحكام والعبادات أو أي خبر ، ومن كذب خبر الله وخبر رسوله عليه الصلاة والسلام يرتد وذلك من نواقض الإسلام والدليل قوله تعالى : ) زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا (وصفهم بأنهم كفروا ) زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئون بما عملتم وذلك على الله يسير ( الذين أوجدكم من لاشيء لا يعجز من أن يبعثكم بعد الموت لأن من الناحية النظرية العقلية الإبتداء أصعب من الإعادة ليس على الله شيء صعب .
قوله : (( وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين والدليل قوله تعالى : ) رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ( [ النساء : 165 ] ))
الشرح : وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين ، هذا فيه بيان لوظائف الرسل ، وظيفتهم التبشير للمؤمنين والإنذار للعصاة والدليل قوله تعالى : ) رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الناس حجة بعد الرسل ( لايقولوا ما بعثت إلينا رسلاً ولا أنزلت إلينا كتباً ، أما بعد إرسال الرسل وإنزال الكتب والبيان من الرسل ومن اتباع الرسل لا حجة للناس على الله ، هنا لنا وقفة ، وهل إرسال الرسل وإنزال الكتب إن لم يكن هناك بيان أو حال بين بعض الناس وبين هذه الحجة ، حجة الله في الأرض كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام إن وجدت شبه حالت بينهم وبين فهم كتاب الله أو بعبارة أخرى بينهم وبين فهم ما جاء به رسول الله r هل يعذرون أم لا ؟ ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم () لتبين لابد من البيان إذا بين الرسول r وقد بين بالفعل بياناً شافياً لكن حصل أحياناً شبه وضلالات حالت بين الناس وبين فهم ذلك البيان كالذي حصل بعد أن نشأ علم الكلام بين المسلمين من عهد العباسيين إلى عهدنا هذا ، التبس الأمر عند كثير من الناس في باب الأسماء والصفات ، ثم دخلت التصوف ووحدة الوجود بين المسلمين ، وألتبس الأمر على كثير من الناس في باب العبادة ، حصل خلطٌ وعدم التفريق بين حق الله تعالى وحق رسوله عليه الصلاة والسلام وحقوق الصالحين ، وأنحرف كثيرٌ من الناس في باب العقيدة ، وفي باب العبادة ، وفي باب الأحكام ، عن الجادة بسبب كثرة الشبهات حتى جهلوا ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام هل هؤلاء يعذرون حتى يتبين لهم الحق ؟ أم أنه يكفي مجرد إرسال الرسل وإنزال الكتب وإن حصل ما حصل من الشبه التي حالت بين كثير من الناس وبين فهم ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يليق بعدل الله تعالى والذي فهمه أهل التحقيق من علماء المسلمين ، أن من حصل له شيء من ذلك يعذر ، أما من تبين له الحق ، وتبين له الهدى ، وأبى إلا أن يتبع غير سبيل المؤمنين بعد تبين الحق عناداً أو تعصباً لمألوفاته وتقاليده هؤلاء لا يعذرون ، وأما قبل أن يتبين لهم الهدى ، ويحسبون أن ما هم عليه هو الهدى من الشرك والضلال ونفي الصفات ، فهولاء يعذرون لمعرفة هذه النقطة المهمة عليكم أن ترجعوا إلى كتب شيخ الإسلام أو كتاب الشيخ أبن عثيمين ( القواعد المثلى ) ، بعد هذه المسألة ، وذكر المراجع من كتب شيخ الإسلام لتتأكدوا من صحة هذا المذهب وأنه المذهب الحق إن شاء الله ، وإن الناس يعذرون في أصول الدين وفروع الدين على حدٍ سواء مالم يتبين لهم الهدى ويتبعوا بعد ذلك غير سبيل المؤمنين والله أعلم ، ولقد لخصت كذلك هذا المعنى في كتاب الصفات الألهية في الباب الخامس لتنقلوا منه إلى المراجع المذكورة هناك .
01-24-2014 10:09 PM
الواثقة بالله
قوله : (( وقوله تعالى : ) ياعبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فأيى فا عبدون ( [ العنكبوت : 65 ] ))
الشرح : ومن أدلة الهجرة أي وجوب الهجرة قوله تعالى : ) قل يا عبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فإيي فاعبدون ( لستم مضطرين لأن تبقوا تحت الاضطرار والإضتهاد ، أخرجوا من أرض الكفر إلى دار الإسلام فاعبدوا الله هناك ، أو من دار الخوف والقلق إلى دار الأمن والاستقرار فاعبدوا الله تعالى هناك ، الهجرة هكذا تكون واجبةٌ بهذه الآيات إلا أن فتحت مكة ، ولكن بقي وجوب الهجرة من محل الشرك والإضتهاد والإساءة إلى المسلمين وإلى الإسلام إلى محل لاتسمع فيه كل ذلك .
قوله : (( قال البغوي رحمه الله : ( سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين بمكة لم يهاجروا ، ناداهم الله باسم الإيمان ) ))
الشرح : قال البغوي رحمه الله : ( سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين بمكة لم يهاجورا نا داهم الله باسم الإيمان ) يعني المؤلف بهذه الآية من سورة العنكبوت لا آية النساء ، أما آية النساء تقدم سبب نزولها وإنقسام الناس فيها إلى قسمين : إلى قسم عذر وقسم لم يعذر فالآية التي يشير إليها المؤلف الآية الأخيرة آية سورة العنكبوت .
قوله : (( والدليل على الهجرة من السنة قوله r : { لا تنقطع الهجرة حتى ينقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } ))
الشرح : والدليل على الهجرة من السنة قوله r : { لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ـ أي يغلق باب التوبة ـ ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } وهذه الهجرة التي لا تنقطع ليست تلك الهجرة التي كانت واجبة من مكة إلى المدينة ، تلك إنقطعت بفتحمكة ، ولكن الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام كما تقدم الشرح .
قوله : (( فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام مثل الزكاة ، والصوم ، والحج ،والأذان ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وغير ذلك من شرائع الإسلام ))
الشرح : فلما استقر النبي rبالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام ، وكان التركيز في مكة على العقيدة ،على تصحيح العقيدة وبناء العقيدة وتصحيحها ، ولما استقر هاجر إلى المدينة واستقر في المدينة أقر بشرائع الإسلام مثل الزكاة والصوم والحج والجهاد والأذان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإسلام التي إستهان بها كثيرٌ من الناس ، جهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير موجود في أكثر أرض الله اليوم باسم الحرية قضي على الجهاد فنسأل الله تعالى أن يقويه وغير ذلك من شرائع الإسلام ، وأما الجهاد فعند كثير من الناس شعارٌ أجوف يرفعون الشعار فإذا جد الجد لاجهاد اعتذروا أو جهاد مقلوب بمعنى معكوس غير الجهاد الإسلامي ، أما الجهاد الإسلامي لإعلاء كلمة الله قليل جداً من يجاهدون هذا الجهاد دون جعجعة ، ولكن في صمت وإخلاص لله تعالى ، وقد كشف الجهاد الأفغاني كثيراً من الجهات التي كانت تنادي وتتخذ الجهاد شعاراً أجوف كشفهم ففضحهم ، ولما قام الجهاد اعتذروا ، وأما الذين ينادون الآن بالجهاد الجهاد وهم ممن يجاهدُ فيهم ليسوا ممن يجاهدون في سبيل الله والقضية معكوسة فليفهم شباب الإسلام وطلاب العلم معنى قوله r : { أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً } وقد استشكل الصحابة قوله : { أنصر أخاك ظالماً } كون تنصره مظلوماً واضح ولكن كيف تنصر أخاك ظالماً ؟ لهذا الحديث مفهومان ، مفهومٌ إسلامي ، ومفهومٌ جاهلي ، المفهوم الإسلامي هو الذي بينه النبي عليه الصلاة والسلام وهو أن تكلف أخاك الظالم من الظلم وتمنعه من الظلم وتحول بينه وبين الظلم تكون بذلك قد نصرته ، أما المفهوم الجاهلي أن تنظم إليه في ظلمه فتظلم معه وتؤيده وتصفق له حتى يتمادى في الظلم بسبب تشجيعك وتصفيقك وهذا ما يجري الآن للأسف بين الغوغائيين المنتسبين إلى الإسلام الذين لا يفهمون من الإسلام إلا هذه الكلمة الجوفاء والله المستعان .
قوله : ((أخذ على هذا عشر سنين ))
الشرح : أخذ على هذا رسول الله r يدعو إلى هذا التشريع السماوي في المدينة عشر سنين .
قوله : (( وبعدها توفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باقٍ ، لا خير إلا دل الأمة عليه ، ولا شر إلا حذرها منه ، والخير الذي دل عليه : التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه ، والشر الذي حذر عنه : الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه ))
الشرح : توفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باقٍ ، لم يمت دينه معه ، بل بقي لأن الدين دين الله الذي أنزله هو رب العالمين الحي الذي لا يموت فرسول الله r بلغ دين الله ونشر العقيدة والتوحيد والشرائع بعد أن ثبت الله الإسلام والمسلمين وفهموا ما جاء به النبي r قبضه إليه ، ولكن لم يقبضه إليه إلا بعد أن بلغ البلاغ النهائي فأكمل الله له دينه إشارة إلى قرب أجله عليه الصلاة والسلام كأن الله أعلمه في حجة الوداع في خطبة يوم عرفة وفي خطبة يوم النحر خاطب الصحابة فقال لهم أنتم مسؤولون عني ماذا أنتم قائلون بعد أن خطب فيهم وبين لهم كل شيء قالوا نشهد بأنك بلغت ونصحت ونحن نشهد معه أنه عليه الصلاة والسلام بلغ ونصح فرفع الرسول rإصبعه كان يرفعها وينفثها عليهم ويقول:{ اللهم أشهد اللهم أشهد }وسميت تلك الحجة حجه الوداع التي جرى فيها هذا الكلام لأنه بعد أن رجع من الحج لم يمكث في هذه الدنيا وفي هذه المدينة إلا ثمانين يوماً وألتحق بالرفيق الأعلى r بعد أن بلغ ونصح لأمته عليه الصلاة والسلام وقال عليه الصلاة والسلام للصحابة : { ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم } كل هذا دليل على أنه بلغ البلاغ المبين فبقي دينه إلى هذا يشير الشيخ بقوله رحمه الله لا خير إلادل الأمة عليه ولا شر إلا وحذرها عنه ، فأكمل الله له الدين وفي مقدمة ذلك التوحيد ، أي إفراد الله تعالى بالعبادة فإذا أطلقالتوحيد المراد به توحيد العبادة وجميع ما يحبه الله ويرضاه ، لأن الطاعات بريد التوحيد وتثبت التوحيد وتصدق التوحيد ، والشر الذي حذرها عنه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه المعاصي بريد الشرك وتدعوا إلى الشرك وتزين الشرك للناس .
قوله : (( بعثه الله إلى الناس كافة وأفترض الله طاعته على جميع الثقلين الجن والأنس ))
الشرح : بعثه الله إلى الناس كافة لا إلى العرب فقط ولا إلى الأنس فقط بل إلى الثقلين وافترض الله طاعته على جميع الثقلين الجن والأنس الطاعة المطلقة فقد فرض الله طاعته الطاعة المطلقة التي لا مراجعة فيها التي لاتتةقف على وجود مثلها على ودود مثل المأمور به والمنهي عنه بالكتاب ، هذا معنى الطاعة المطلقة لرسول الله عليه الصلاة والسلام الطاعة المطلقة ولا يوجد في المخلوق أحد من له الطاعة المطلقة ألا رسول الله r .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ([ الأعراف : 158 ] ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ( هذا بالنسبة للإنس والجن داخلون أيضاً .
قوله : ((وأكمل الله به الدين ، والدليل قوله تعالى : ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ( [ المائدة : 2 ] ))
الشرح : وكمل الله به الدين الشيء الكامل لا يقبل الزيادة ، الدين كامل حيث قال الله تعالى : ) اليوم أكملت لكم دينكم ( أي في هذا اليوم الحاضر في حجة الوداع ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ( هكذا كمل الله لنا ديننا سبحانه وتعالى ، والدين الكامل والشيء الكامل لا يقبل الزيادة لذلك كل من أحدث في هذا الدين فمحدثة يعتبر بدعة مردودة { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} { من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } لأن الدين تم وكمل وعلى المرء الإتباع فقط .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) ليجزي الذين أساءوا والدليل على موته r قوله تعالى : ) إنك ميتٌ وإنهم ميتون % ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ( [ الزمر : 30 ـ 31 ] ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله : والدليل على موته r قوله تعالى : ) إنك ميتٌ وإنهم ميتون % ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ( كثيرٌ من الغلاة الذين يدّعون تعظيم رسول الله r وتبجيله إذا قلت إن النبي r ميت يغضب انظروا إلى الجهل يصل المرء إلى أي درجة ، يغضب من قولك أن النبي r مات أو ميت ، كيف تقول ميت ؟ الله هو الذي قال ، لا يدري ماذا قال الله ، ولكن يحتكم إلى العاطفة ، لا يجوز عنده أن تطلق لفظة ميت أو مات على رسول الله r ، بينما أثبت الله ذلك وأقره بدون تردد أحب الناس إليه آبو بكر الصديق عندما قال له عند وفاته: ( طبت حياً وميتاً يا رسول الله r ) ولا ينبغي للمسلم أن يكون عاطفياً إلى هذه الدرجة حتى توقعه العاطفة في تكذيب خبر الله وخبر رسول الله r .
قوله : ((والناس إذا ماتوا يُبعثون والدليل قوله تعالى : ) منها خلقناقم وفها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى ( [ طـه : 55 ] ))
الشرح :والناس إذا ماتوا يبعثون ، أي من الأصول التي يجب الإيمان بها البعث بعد الموت ، والدليل قوله تعالى : )منها خلقنا قم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى [ أي من الأرض ، والشاهد ) ومنها نخرجكم تارةً أخرى ( هذا هو دليل البعث .
01-24-2014 10:08 PM
الواثقة بالله
قوله : (( والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ))
الشرح : والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وهي باقية حتى تقوم الساعة في هذا الوقت توجد أنواع من الهجرة
أ ـ هجرة غريبة ، يهاجر بعض المسلمون بعد أن يتضايقوا في أرض ولم يتمكنوا من إظهار دينهم وتعبوا من المتابعة والاستفهامات ، يهاجرون إلى بعض دول أوروبا هجرة ويتمكنون من إقامة شعائر الدين هناك يبنون المساجد والمدارس وفي فرنسا بلغني تحولت مدينة كأنها مدينة عربية إسلامية من كثرة المساجد والمدارس قام بذلك بعض المهاجرين من العرب الذين يحملون المعلومات من الحرمين بواسطة التسجيل وينشرون الدعوة هناك من الأشرطة فانتشرت الدعوة على المنهج السلفي بحمد الله تعالى ، نحن نعمل في بلد إسلامي آمنين على أنفسنا وأموالنا وكل شيء ، أولئك يعملون في دار الكفر حولوا بجهودهم بتوفيق الله تعالى مدناً أصبحت دار إسلام أفتى لهم بعض المشايخ أن تلك المدينة أصبحت دار إسلام لهم أن يعيشوا فيها ولا يتضايقوا ولا يقولون نحن هاجرنا من دار الإسلام إلى دار الكفر لأنهم تمكنوا من تحويل مدينتهم إلى دار إسلام ولله الحمدوالمنة ، وهكذا توجد بعض أنواع الهجرة في هذا الوقت ، مسلمون ومن العرب في الكثير يتضايقون في أرضهم فيصبحون غرباء فيهاجرون فيفتح الله عليهم هناك ويعيشون مرفوعي الرأس يدعون إلى دين الله تعالى بالحرية ، ومثل هذا جائز استدلالا بهجرة الصحابة إلى الحبشة وأنهم عاشوا هناك يعبدون الله تعالى بحريتهم بعد أن تضايقوا في مكة .
ب ـ وأما هجرة أفرادٍ من المسلمين إلى أوربا إلى أمريكا إلى الدول الشرقية ليعيش وحيداً بين الكفار لا يستطيع أن يظهر شعائر دينه وربما كُلف كما بلغنا أن يترك صلاة الظهر والعصر ويجمع كل يوم صلاة النهار إلى الليل ، يصلي في الليل وفي النهار لا يمكن ويتطور الأمر إلى أنه يترك الجمعة مطلقاً لأن الإجازة عندهم يوم الأحد ويوم الجمعة يوم عمل يضطر إلى أن يطيع جورج مدير الشركة ، عبد الرحمن يطيع جورج ، وجورج يقول له عندنا إجازة يوم الأحد ، الجمعة لا ، إن شئت عملت عندنا وإن شئت تركت ، يعيش هناك حياة الحيوان للأكل والشرب والنكاح ليس عنده غير هذا ، يترك دينه ، مثل هذه الحياة غير جائزة ، من أبتلي بمثل هذه الهجرة أي كي أن يهاجر وحده ليعيش هناك بين الكفار ذليلاً ناسياً عز الإسلام ، ) ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ( ناسياً هذا المعنى يعيش تحت إدارة جورج متذللاً مطأطأ رأسه ، أمامه يا سيدي يا سيدي يطلب الإجازة ، وجورج لا يجيز ، ومثل هذه الحياة حرام ، وحرام أن يعيش مسلم كهذه الحيلة في بلاد غير بلاد الإسلام .
جـ ـ إذا أذي مسلم في بلده وهناك بلدٌ إسلامي يستطيع أن يعيش فيه ويعبد الله بحريته يأمن على نفسه وماله ودينه وجب عليه أن يهاجر اللهم إلا إذا كان بقاءه هناك تحت الإيذاء فيه مصلحة للدعوة الإسلامية ، قد يؤذى في نفسه وفي ماله لكنه يؤثر ببقائه هناك كأن كان طالب علمٍ ومن العلماء ينشر العلم والدعوة سراً في بيته وفي كل مناسبة صابراً على الأذى مثل هذا لا ينبغي أن يهاجر ، ينبغي أن يبقى هناك صابراً على الأذى ما لم يؤمر بكفر بواح ومالم يُنهى عن الصلوات أما إذا كان مجرد الإذاء في نفسه وماله عليه أن يصبر فيبلغ دعوة الله هناك . وسبق أن قلنا الهجرة في اللغة : الانتقال من كان إلى مكان.
وفي الاصطلاح : الانتقال من دار الشرك إلى دار الإيمان ، أو الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن ، وهذا التعريف الثاني زاده الإمام النووي وبه يصح إطلاق الهجرة على هجرة أصحاب رسول الله r إلى الحبشة ، وإلا على التعريف الأول لم يكن انتقالهم من دار الكفر إلى دار الإسلام ، ولكن كان انتقالهم من دار الخوف والقلق والخوف على الدين وعلى النفس إلى دار الأمن والأمان ، من مكانٍ كانوا يخافون فيه على أنفسهم ودينهم ويخافون على عبادة الله تعالى بحريتهم انتقلوا إلى مكان يأمنون فيه على أنفسهم ودينهم وعبادتهم بهذا المعنى يصح اصطلاحا إطلاق الهجرة على سفر أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى الحبشة ، وإلا فتكون هجرتهم هجرة لغوية ويكون الهدف كما قلنا نشر الدعوة وتبليغ الناس في إفريقيا الدين الجديد وما جاء به خاتم النبيين محمد r .
قوله : ((وهي باقية إلى أن تقوم الساعة والدليل قوله تعالى : ) إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً % إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً % فأولئك عسى الله أن يعفوا عنهم وكان الله عفواً غفوراً % ([النساء : 97 ـ 99] ))
الشرح : والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وهي باقية حتى تقوم الساعة ، حتى قال بعض الأئمة كالإمام مالك : ( إذا كان الإنسان يوجد في بلد يُسب فيه السلف الصالح ولا يستطيع منعهم وجب عليه الهجرة من ذلك المكان ، أي لو أبتلي فردٌ مسلم يعيش بين أعداء أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام والتابعين ويسبونهم علناً وهو لا يستطيع معارضتهم ومنعهم لا يجوز البقاء بينهم بل يجب عليه أن يغادر ويهاجر من ذلك المكان إلى مكان آخر نص على هذا الإمام مالك رحمه الله ، والدليل على وجوب الهجرة قوله تعالى : ) إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض ……. الآية ( هذه الآية كما قال الإمام البغوي وغيره من أهل العلم نزلت في قوم نطقوا بالإسلام ولم يهاجروا ، نطقوا بكلمة الإسلام أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ولكنهم لم يهاجروا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى رسول الله بل بقوا بين المشركين بمكة وكانت الهجرة في ذلك الوقت شرطٌ لقبول الإسلام ، من اعتنق الإسلام يجب عليه أن يلحق برسول الله عليه الصلاة والسلام ولا يجوز له البقاء بمكة ، هؤلاء لم يخرجوا ولما خرج المشركون إلى بدر خرجوا معهم ليقاتلوا المسلمين معهم فقتلوا وفيهم نزلت هذه الآية ) إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض …..الآية ( ، وظالمي أنفسهم حال أي حال كونهم ظالمين أنفسهم وظالمي أنفسهم في البقاء بين المشركين بعد أن نطقوا بكلمة الإسلام أو ظالمي أنفسهم بالشرك حيث لم يقبل منهم إسلامهم ونطقهم بكلمة الإسلام واعتبروا من المشركين فالملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ويقولون لهم فيما كنتم في أي فريق كنتم هل كنتم مع المسلمين أو كنتم مع المشركين فيما كنتم في أي شيء كنتم في الإسلام أو في الشرك ؟ استفهام تقريعي وتوبيخ وتعيير ، قالوا وهم يعتذرون : ) كنا مستضعفين في الأرض ( علم الله بأن هذا العذر باطل لم يقبل منهم هذا العذر ) قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ( يدخل في أرض الله دخولاً أولياً المدينة أرض الله الواسعة وفي مقدمتها المدينة النبوية لماذا لم تهاجروا إليها ؟ ) فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ( وهذا دليل أن الله لم يقبل عذرهم وأن عذرهم باطل وتعليلٌ غير مقبول ولذلك عذر الله من علم صحة عذرهم فقال الرب سبحانه : ) إلا المستضعفين من الرجال والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ( هؤلاء عذرهم الله من كان من الرجال والنساء والأطفال العاجزين عن الهجرة وهم باقون بين المشركين عذرهم الله سبحانه وتعالى فقال : ) فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً ( يقول عبد الله بن عباس هو وأمه من هؤلاء المعذورين من المستضعفين الذين قبل الله عذرهم هكذا إذا كان الإنسان صادقاً مع الله وعلم الله عذره وعجزه وأنه لاحيلة له ، يقبل الله عذره ويعفو عنه ، هذه قاعدة في كل شيء ، الله سبحانه وتعالى لا تنطلي عليه الأمور لاكما يفعله بعض الناس الآن يلوذون باسم الإسلام وينادون باسم الإسلام ويتشدقون باسم الإسلام إذا اشتدت بهم الأمور وهم دعاة ضد الإسلام ومعادون للإسلام وعلمانيون لا إسلام لهم ، ولكن إثارة للنفوس قد يعتذرون بالإسلام فالله سبحانه وتعالى لا تنطلي عليه الأمور ، يجب أن يصدق العبد مع الله من كان صادقاً في عذره وفي إسلامه وفي تمسكه بدين الله قبل الله عذره ومن لا فلا ، هؤلاء الأولون منهم اعتذروا ) قالوا كنا مستضعفين في الأرض ( لم يقبل الله عذرهم لأنهم غير صادقين ولكن عذر العاجزين فقال في حقهم ) فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ( وعسى من الله واجب ليس للرجاء ) وكان الله عفواً غفوراً ( .
كذلك مما يذكر هنا إذا أوجب الله شيئاً أو حرم شيئاً لابد حكمة منه ورحمة للعباد أن يستثني ، أوجب الله الهجرة على كل من آمن بحيث لا يقبل عذره ولا يقبل إسلامه حتى يهاجر ذلك قبل فتح مكة ، وانقطعت هذه الهجرة وهذا الوجوب بفتح مكة ، وقبل ذلك لا يقبل من أحدٍ إسلام حتى يهاجر هذه كانت كقاعدة ومع ذلك استثنى الله المستضعفين والمضطرين إلى البقاء الذين لا يجدون حيلة في السفر ، لما حرم الله الميتة والدم ولحم الخنزير استثنى المضطرين إلى أكل الميتة وأكل لحم الخنزير وأكل الدم رحمة منه سبحانه وتعالى ، لاتجد لو تتبعت واستقرأت الكتاب والسنة قاعدة كهذه إلا وتجد الاستثناء وذلك الاستثناء قاعدة قعد منها الأصوليون ، قالوا الضرورات تبيح المحظورات ، بهذه المناسبة كان يوم بدر تبع رسول الله r رجلٌ مشرك فقال : يا رسول الله أريد أن أتبعك فأصيب معك ما تصيب فقال له : { هل تؤمن بالله ورسوله ؟ } فقال : لا قال ارجع لن نستعين بالمشركين أنا لا أستعين بمشرك أرجع فرده فتبعه مرة ثانية قال له أريد أن أتبعك لأنال مما تنال قال له : { هل تؤمن بالله ورسوله } قال : لا قال : { ارجع لن أستعين بمشرك } ولحقه مرة ثالثة فقال : ما قال في المرة الأولى والثانية فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : { هل تؤمن بالله ورسوله ؟ } قال : نعم قال : { أنطلق }فجاهد معه ، هذا الحديث اختلف أهل العلم في توجيهه ، فمنهم من قال : إنما فعل رسول الله r ذلك لأنه علم بأن هذا الرجل سوف يسلم إذا رده مرة أو مرتين يدخل في الإسلام علم ذلك بالوحي لذلك رده في المرة الأولى والثانية حتى أسلم وأكرمه الله بالإسلام نتبع رسول الله r وجاهد معه ، ومن يذهب هذا المذهب منهم الإمام أبو حنيفة وأصحابه وكثيرٌ من أهل العلم يرون جواز الاستعانة بالمشرك على المشرك لأن هذا الحديث لم يكن الغرض منه التحريم ، ولكن الغرض منه ترغيب الرجل بالإسلام بدليل أن رسول الله r استعان بصفوان بن أمية في غزوة حنين وهو مشرك وأقر الرجل الذي علم بوحي من الله بأنه كافر ومن أهل النار في بعض الوقائع ( في واقعة أحد ) كان يقاتل قتالاً مريراً وقتل كثيراً فأعجب به الصحابة فكان رسول الله r يقول إنه من أهل النار اندهش الصحابة من هذا الخبر رجلٌ يبلي بلاً حسناً كهذا بين يدي رسول الله r فيقول فيه الرسول عليه الصلاة والسلام إنه من أهل النار اتبعه أحد الصحابة ليعرف مصيره وفي النهاية جرح الرجل جرحاً شديداً فلم يصبر اتكأ على سيفه فقتل نفسه ، فأُخبر النبي عليه الصلاة والسلام بما جرى فقال : { أشهد أني رسول الله } ،ثم قال : { إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر } ومع ذلك لم يمنعه الرسول r من المشاركة في الجهاد في القتال من ذهب هذا المذهب يرون جواز الاستعانة بالكافر على الكافر ، ومن ذهبون مذهباً آخر يأخذون ظاهر حديث عائشة عند مسلم في قصة بدر التي ذكرنا الآن ، الذي يتابع الرسول عليه الصلاة والسلام مرتين من يأخذونه على ظاهره بدون نظر إلى هذا الفقه الدقيق يقولون لا يجوز الاستعانة بالكافر إلا عند الحاجة ، نص الإمام الشافعي رحمه الله كراهة الاستعانة بهم إلا عند الحاجة ، وبعد هل [ يفرق ] بين الحاجة والاضطرار ؟ ما الفرق بين الحاجة وبين الضرورة ؟ الضرورة التي هي الاضطرار وبينهما فرق كبير إذا كان يكره الاستعانة بهم عند بعضهم عند الحاجة ، وأما عند الضرورة والاضطرار يكون الاستعانة بهم إما جائز أو واجباً كأكل الميتة ، فأكل الميتة قد يكون جائزاً وقد يكون واجباً ، إذا كنت محتاجاً إلى أكل الميتة فجائز وإذا كنت مضطراً فواجب ، الفرق بين الحاجة وبين الضرورة إذا كنت ظمأن ترغب في شرب الماء ولكن لو لم تشرب لا يلحقك ضرر هذه تسمى حاجة ، وأما إذا كنت مضطراً إلى شرب الماء بحيث لو لم تشرب يلحقك الضرر والهلاك يجب إن تشرب وكذلك في أكل الميتة وفي مسألة الاستعانة بالكفار كذلك ، إن كانت المسألة مسالة اضطرار كأن خفت على نفسك ودينك ومقدساتك وبلدك وامتك مالم تستعن بعد الله بالكافر وتطلب منه المساعدة في مثل هذا الاضطرار ، الاستعانة بهم واجبة وفي دون الاضطرار عند الحاجة العادية الاستعانة بهم جائزة ، هذا على رأي الطائفة التي ترى عدم الجواز في الأصل ، أما الذين ذهبوا المذهب الأول يرون أن ذلك جائز مطلقاً وانما منع النبي r الرجل أن يتبعه لما ذكرنا مما كان لعلمه انه سوف يسلم ، ويذهب الحافظ ابن حجر مذهباً آخر وهو أن الاستعانة كانت ممنوعة بدليل ذلك الحديث ثم أبيحت بدليل قصة صفوان وعلى كلٍ القاعدة الفقهية التي ينبغي أن يفقهها طلاب العلم ( إذا حرم الله شيئاً وأكد في تحريمه نجد أنه يستثني حالات الاضطرار ) منها ما نحن بصدده الآن
01-24-2014 10:08 PM
الواثقة بالله
و) وثيابك فطهر ( أي طهر أعمالك عن الشرك ، تفسير الثياب بالأعمال ليس بتأويل بل تفسير لغوي فيقال إذا أرادوا أن يصفوا إنسان بالنزاهة يقال فلان ثيابه طاهرة ، وإذا أرادوا أن يعيبوه في خلقه يقال ثيابه دنسه أي ليست بطاهرة ، إذاً تخصيص الثياب بالأعمال تفسير لغوي وليس بتأويل وهذا التنبيه لأن كثيراً من الناس لا يفرقون بين التفسير وبين التأويل فإذا راءوك تفسر مثل هذا التفسير يقولون أنتم تقولون لا نأول ولكن تؤولون ، التأويل المذموم التحريف ، تحريف الكلمة وأن تحمل الكلمة ملا تتحمل لا لغة ولا شرعاً ، أما التفسير اللغوي تفسير المفردات باللغة ليس بتأويل ولكنه تفسير وبيان والتأويل في لغة المفسرين كما نعلم بمعنى التفسير والبيان إنما التأويل عند المتأخرين بمعنى التحريف .
قوله : (() والرجز فاهجر ( الرجز : الأصنام وهجرها تركها والبراءة منها ))
الشرح : ) الرجز فاهجر ( يقول الشيخ الرجز الأصنام والأوثان وكل ما عبد من دون الله تعالى وهجرها تركها وترك أهلها والبراءة منها ومن أهلها أي والكفر بها والإيمان بتوحيد الله تعالى .
قوله : (( أخذ على هذه عشر سنين يدعو إلى التوحيد ))
الشرح : أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد وإلى إفراد الله تعالى ، لأن القوم تمكنت منهم الوثنية والشرك وبعد العشر عرج به السماء حكمة منه سبحانه وتعالى قبل الهجرة إلى المدينة .
قوله : (( وبعد العشر عُرج به إلى السماء ، وفرضت عليه الصلوات الخمس ))
الشرح :عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس هذا العروج وإيجاب الصلوات عليه وهو فوق السماوات السبع بعد سدرة المنتهى إلى أن وصل إلى حيث يسمع صر يف الأقلام ، أقلام الملائكة وهم يكتبون المقادير وصل إلى هناك وحده بعد أن تأخر جبرائيل عند سدرة المنتهى لم يتجاوزها وأنفرد وحده عليه الصلاة والسلام بهذا المقام فخاطبه ربه مباشرة دون واسطة جبرائيل فكلمه وأسمعه كلامه ، رسولنا عليه الصلاة والسلام سمع كلام الله مباشرة في تلك الليلة في تلك اللحظة عندما أوجب عليه الصلوات وهذا مما يستدل به على أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بكلام يسمع له صوت ( صوت يسمع ) فرسول الله r سمع كلام الله بصوت الله في ليلة الإسراء والمعراج بدون واسطة مباشرة ، وكل من خاطبهم ربهم من الأنبياء إنما سمعوا كلام الله بصوت ، واكرر هذا في كل مناسبة راداً على الأشاعرة الزاعمين بأن كلام الله الحقيقي ليس بحرف ولا صوت وإنما هو معنىً واحد قائمٌ بذات الله هو الذي يترجم إلى العربية فيقال له قرآن ، وإلى السريانية والعبرية فيقال لها توراة يا ليت شعري من الذي ترجم كلام الله الذي
في نفس الله ؟ من الذي ترجمه إلى هذه اللغات ؟ من هو جبرائيل أم محمد ، وهل علم أحدٌ بما في نفس الله حتى يترجم هذه الترجمة إن القوم لم يفكروا أدنى تفكير عندما قالوا هذا الكلام ولكن عقيدة تقليدية ، التلميذ يقلد الشيخ والشيخ يقلد الشيخ الأول وهكذا تقليدٌ مسلسل وليس هناك دليلٌ أو مستند الذي ينفي أن يكون كلام الله بحرفٍ وصوت بل القرآن يصرح بأن هذا القرآن نفسه بحروفه كلام الله )وإن أحد من المشركين أستجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ( كلام الله الذي قراءه رسول الله r على المشركين فسمعوه هو هذا القرآن بألفاظه أما الصوت الذي سمعوه [ فهو ] صوت رسول الله r والأصوات الذين نسمعها الآن أصوات القراء مثل صوت الحصري وصوت فلان … الخ ولكن الكلام المقروء المسموع كلام الله المتلو كلام الباري والمسموع صوت القارئ وإذا قلنا كلام الله بحرف وصوت لا نعني الأصوات التي نسمعها الآن من القراء والأئمة عندما يقرءون القرآن أنها صوت الله لا هذه الأصوات أصوات القراء ولكن الكلام المتلو كلام الباري سبحانه ) يا أيها المدثر ( هذا كلام الله ، والصوت الذي تسمع عندما يقرأ القارئ صوت ذلك القارئ لذلك جعل بعض أهل العلم من السلف هذا الكلام كقاعدة ( الصوت صوت القارئ والكلام كلام الباري ) وفي هذا الحديث أيضاً بيان مكانة الصلاة ، جميع الفرائض الإسلامية والواجبات إنما أوجبها الله ورسول الله r في الأرض بين أصحابه إما في مكة وأما في المدينة ولكن الصلاة ما أراد الله أن يفرض الصلوات رفع نبيه عليه الصلاة والسلام إليه وقربه إليه فخاطبه فأوجب عليه خمسين صلاة فجعل النبي r بإشارة من أخيه موسى عليه السلام يشفع لنا فشفع لنا عند الله فتردد بين موسى وبين المكان الذي سمع فيه كلام الله عدة مرات لطلب التخفيف فخفف الله عنا الصلوات بعد أن كانت خمسين صلاة إلى خمس صلوات من حيث العدد والأجر باقي إن شاء الله وهذا دليل على مكانة الصلاة في الإسلام .
قوله : (( وصلى في مكة ثلاث سنسن وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة ))
الشرح : وصلى رسول الله r بعد أن فرضت عليه الصلوات صلى في مكة ثلاث سنين ، وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة بعد أن مهد للهجرة إلى المدينة لأصحابه المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة كما سيأتي .
قوله : (( والهجرة : الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ))
الشرح : والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ، الهجرة في الاصطلاح : الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام .
س / وكيف سميت هجرة الصحابة من مكة إلى الحبشة هجرة إذ والحبشة ليست دار إسلام ، دار كفرٍ وإن كان الكفر يتفاوت كانوا نصارى من أهل الكتاب ؟
جـ / هاجر الصحابة من أذى المشركين إلى الحبشة بإشارة من رسول الله عليه الصلاة والسلام وأرض الحبشة ليست دار إسلام .
س / إذاً كيف تطلق الرحلة على تلك الرحلة وذلك السفر هجرة الصحابة إلى الحبشة ؟
جـ / يطلق عليها من الناحية اللغوية الهجرة في اللغة الانتقال من مكان إلى مكان ودائماً تلاحظون المعنى اللغوي أوسع من المعنى الشرعي الاصطلاحي ، مجرد الانتقال من بلد إلى بلد يسمى هجرة لغةً ، وشرعاً لا يسمى هجرة إلا إذا كان الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام ثم هجرة الصحابة عند التحقيق ليست الهجرة المعروفة ولكنها رحلة دعوى وتبليغ ونشر الدعوة وليشرحوا الدعوة الجديدة في القارة الإفريقية هذا الذي أزعج أهل مكة قالوا دعوة الرجل خرجت إلى أفريقيا إلى النجاشي وكان معروفا لديهم لذلك تضايقوا إلى أن اختاروا وفدا يرأسه أدهى رجالات العرب عمرو بن العاص وزوده بكل المعلومات والهدايا المحبوبة إلى ملوك الحبشة فتقدم واتصل بالملك وبرجال البلاط ورش الأرض كما يقولون بالهدايا ليقبل طلبه ما هو الطلب ؟ أن يسلم لهم هؤلاء الوفد وصفهم بأنهم سفهاء هكذا دائماً أهل الباطل يصفون أهل الحق بالسفاهة والجنون وقلة الفهم . سفهاء خرجوا من دين آبائهم ولم يدخلوا في دينك كأنه يريد لا يوجد هنا غير ديننا ودينك أيها النجاشي وهؤلاء لاهم في دينك ولا في دين
آبائك بدليل أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدوا لك تحية ملوك الحبشة لأنهم سفهاء هكذا دعاهم وجاءوا يتقدمهم جعفر بن أبي طالب فوقف بالباب ورفع صوته يستأذن عليك حزب الله بأعلى صوته ، صوت غريب من رجل غريب قال فليعد فأعاد يستأذن عليك حزب الله وقع في نفس النجاشي بأن القوم ليسوا بعاديين قال فليدخلوا فدخل جعفرٌ يتقدمهم ، دخل عليه أنفاً غير منحني واقف فعند ذلك سأله النجاشي لماذا لم تسجد لي ؟ أي لم تحيني بتحية قومي ، قال إنما نسجد للذي ملكك ، لا نسجد لك نسجد للذي ملكك أي للذي جعلك ملكاً ، الله هو الذي يأتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء الذي ملكك هو الذي يستحق العبادة والسجود ، تأثر الرجل فجعل يسألهم عن الدين الجديد ، وعن الرسول الجديد وما جاء به وما نزل عليه ، باختصار عرف الحقيقة ورد الهدايا لوفد قريش فطردهم فرجعوا خاسرين لم ينجحوا ، ولما أكرم أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وفيهم آل البيت بل بعض بنات النبي عليه الصلاة والسلام أكرمه الله بالإسلام فصار أول ملك من الملوك المعاصرين آمن بالرسول r وأعلن إيمانه ، هكذا معنى هجرة الصحابة إلى الحبشة ليست الهجرة المعروفة المعهودة وإنما هي دعوة إلى الله وتبليغ لرسالة الله وشرح لدين الله الجديد ليعرف القدم هناك وتنتشر الدعوة وتخرج من الجزيرة وهذا هو هدف الهجرة .
01-24-2014 10:07 PM
الواثقة بالله
قوله : ((نبئ بأقرأ ، وأرسل بالمدثر ))
الشرح : نبئ بإقرأ إذ أرسل الله إليه جبرائيل ففاجأه جبرائيل بقوله إقرا ، فالنبي عليه الصلاة والسلام ليس بقارئ ولهذا كان الجواب لست بقارئ وضمه حتى خاف على نفسه وكرر عليه ذلك وبعد ذلك وبعد أن روعه وخافه جاء إلى خديجة رضي الله عنها فأخبرها الخبر قالت : والله لا يخزيك الله أبداً لأنك تصل الرحم وتكسب المعدوم وغير ذلك من صفات وأخلاق جُبل عليها r من صلة الرحم والإحسان والأمانة وغير ذلك من مكارم الأخلاق لا يخزيه الله ، هذه سنة الله في خلقه بعد أن طمأنته ذهبت به إلى ورقة بن نوفل ، فورقة بين له إنما جاءه كان يأتي الأنبياء من قبله ، رسول الله من الملائكة الذي اصطفاه الله ليرسله إلى الأنبياء من بني آدم وإنه جبرائيل وأن ما جاءه من عند الله ليس من الشيطان ثم تمنى ورقة لو أحياه الله عندما يخرجه قومه ، فقال النبي r : أو مخرجي هم ؟! أي سوف يخرجوني ، قال له : ما أتى أحدٌ مثل ما أتيت به إلا أوذي هذه سنة الله في الأنبياء وفي أتباع الرسل من المصلحين لابد من الإيذاء { أشد الناس بلاً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل } الله قادر حين أرسل محمد r أن يجعل أهل مكة جميعاً أبي لهب وأبي جهل وغيرهما أن يجهلهم جميعاً كمثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كلهم يطيعون ويمثلون ولكن لله حكمة في أن يبتلي نبيه هذا الابتلاء إلى حد الضرب والحصار والإخراج ثم ينتهي الأمر إلى الهجرة إلى المدينة كل ذلك ليرفع الله شأنه ويكثر ثوابه ولحكم لا نعلمها لأن الله سبحانه وتعالى لا يفعل فعلاً إلا لحكمة والعباد قد يدركون أحياناً بعض الحكم في بعض أفعال الله سبحانه وتعالى وقد لا يدركون أن أدركنا الحكمة في فعل الرب سبحانه وتعالى في قضائه وقدره وافعاله أن أدركنا أما نصاً أو استنتاجا نزداد بذلك إيمانا على إيمان وان لم ندرك الحكمة علينا الامتثال والتصديق هذا ما جرى للرسول عليه الصلاة والسلام .
قوله : (( وبلده مكة ، وهاجر إلى المدينة ، بعثه الله بالندارة عن الشرك ))
الشرح : أمر بان ينذر بهذا أرسل فاصبح نبياً رسولاً عليه الصلاة والسلام ولذلك يقول الشيخ رحمه الله نبئ باقرا وأرسل بالمدثر وأما بلده الذي ولد فيه مكة وبعثه الله بالنذارة عن الشرك وليدعو إلى التوحيد ، الإنذار هو الإعلام مع التخويف الإعلام إن لم يكن معه تخويف لا يسمى إنذاراً بل هو مجرد إعلام ، فرسول الله r وصفه ربه بهذه الصفات ) إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً % وداعياً إلى الله بأذنه وسراجاً منيراً ( وهذه الآية تبين وظيفة النبي r وأعماله التي أرسل من أجلها وبها أمر اتباعه ليكونوا مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الله على بصيرة .
قوله : (( ويدعو إلى التوحيد ))
الشرح : ويدعو إلى التوحيد ، يعني يبدأ بالدعوة إلى التوحيد وليست دعوة نبينا محمدr ودعوة اتباعه ليست قاصرة على التوحيد ولكنه بدأبالتوحيدوركز على التوحيد لأنه الأساس ، والمراد بالتوحيد هنا توحيد العبادة ومحل المعركة ، أما توحيد الربوبية فالناس معترفون من قبل ، فتوحيد الربوبية يستوي فيه الكافر والمؤمن لذلك أخبر الله عن المشركين ) ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ( لا يوجد في المشركين من يدعي بأن أحداً شارك الله في خلق السماوات والأرض وفي تدبير الأمر من السماء إلى الأرض وفي التصرف في هذا الكون ، والعجب كل العجب أن يحصل في الآونة الأخيرة في المتصوفة من يشرك بالله سبحانه وتعالى في ربوبيته بعد أن كان المشركين يوحدون الله تعالى في ربوبيته ، وفي مشايخ الطرف وكثير من الطرق الصوفية اعتقادهم أن الشيخ شيخ الطريقة إذا كان حياً مشغولٌ بالخدمة ، وهذه عبارتهم المقصود بالخدمة العبادة ، فإذا مات تفرغ ليتصرف في هذا الكون لأتباعه وهو المسؤول عن أرزاقهم وآجالهم وتدبير شؤونهم ناسين رب العالمين سبحانه وتعالى وهذا الكلام الذي نقوله مروٍ في كتب المتصوفة كتب أبن عربي مثل فصوص الحكم وغير ذلك من الكتب لأبن الفارض وأبن سبعين وأبن عجيبه وهؤلاء الأبناء غير البررة تجد في كتبهم الكفر البواح والكفر الذي لم يرتكبه كفار قريش ، لذلك يقول الإمام أبن تيميه ( أتت فرقة وحدة الوجود بكفر لم يعرفه كفار قريش ) لأن في كفار قريش لم يقع ولم يحصل من يقول ليس في الجبة إلا الله ، وهذه مقالة أبن عربي وعلى طلاب العلم أن يفرقوا بين أبن عربي وأبن العربي ، أبن العربي عالمٌ سنيٌ إمام من أهل الحديث مالكي المذهب وهذا معروف ومشهور ، أما أبن عربي المنكر هذا هو النكرة ، المنكرة هو الذي أنشأ فكرة وحدة الوجود أي نفى الإثنينية على حد تعبيرهم نفى الإثنينية في الكون ، الكون شيء واحد قال أبن عربي :
الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبدٌ فذاك حقٌ وإن قلت ربٌ فأنى يكلف
الشاهد التوحيد الذي دعت إليه الرسل وتعبوا في الدعوة إليه ، وقامت الخصومة بينهم وبين أتباعهم هو توحيد العبادة وإلا جميع الكفار في جميع الملل كلهم يعترفون بربوبية الله تعالى أي يوحدون الله تعالى بأفعاله ولايعتقدون بأن أحداً شارك الله في خلقه وفي رزق العباد وفي تدبير أمور العباد لذلك يؤمنون بالله بربوبيتة ، ولكن يتخذون آلهة من دون الله تعالى لا لأنها تخلق أو ترزق ولكن لتقربهم إلى الله زلفى وسائط وشفعاء وهذا هو شرك المشركين الأولين ، ولكن كما قلنا زين الشيطان لكثيرٍ من اتباع المتصوفة فوقعوا في الشركين معاً شرك في توحيد الألوهية وشرك في توحيد الربوبية ويحسب كثيرٌ من الناس الذين لا يعرفون ترجمة وحياة الإمام محمد بن عبد الوهاب أنه إنما دعا إلى توحيد العبادة وإنما جدد الدين في توحيد العبادة فقط وهذا خطأ وإذا درست حياته تجد أن أول ما نفذ من [ عمل ] الحكم أن رجم امرأة اعترفت بفاحشة الزنا أمامه وأصرت على ذلك أي إن دعوته بدأت بالتوحيد وفي إقامة الحدود والإصلاح العام والحكم بما انزل الله وفي إصلاح العقيدة وفي إصلاح العبادة أي دعوة عامة ، ولكن نظراً لأن الوضع الذي جاء فيه وما يجري في أرض نجد في تلك الأيام هو الشرك في العبادة لأن القوم كانوا يعبدون النخل كان النخل عندهم كثير ، يعبدون أشجار النخل ويعبدون الجن ويعبدون القبور لذلك ركز على توحيد العبادة ولما استقر به المقام بعث وهو بالدرعية رسائل كثيرة إلى الأقطار بين تلك الرسائل دعوته وبين موقفه من الأئمة الأربعة وبين موقفه من الصحابة ، وبين موقفه من السنة ، وبين موقفه من جميع الأحكام وأوضح أن دعوته ليست مجردة ، القول بأن هذا شرك وهذا توحيد كما يُذيع خصومه ولكنها دعوة عامة تجديد عام إلى كل ما دعي إليه محمد r وعلق غبار الجاهلية بتلك الأحكام ، بداً من العقيدة والعبادة إلى الأحكام ، أما تجديده جميع هذه النواحي فليفهم إن هذا التجديد تجديد عام لذلك ينبغي أن تقرءوا ما كتب أخيراً في ترجمته لشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز ترجمة خاصة ولبعض الشيوخ المعاصرين ينبغي أن تطلعوا على ذلك وتعرفوا حقيقة هذا التجديد ولذلك معنى قولنا يدعو إلى التوحيد كما قلنا إلى توحيد العبادة لذلك ركز هو أيضاً على توحيد العبادة لأن الوضع متشابه ، الوضع في نجد متشابه مع الوضع في مكة عند أن بعث الرسول عليه الصلاة والسلام ثم أن الرجل تجول في كثير من الأمصار فعرف أن الوضع متشابه في العالم كله ، إن العالم كله بحاجة إلى التجديد العام .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) يا أيها المدثر % قم فأنذر % وربك فكبر % وثيابك فطهر % والرجز فاهجر % ولا تمنن تستكثر % ولربك فاصبر % ( [ المدثر : 1 ـ 7 ] ، ومعنى ) قم فأنذر ( يُنذر عن الشرك ، ويدعو إلى التوحيد )وربك فكبر ( أي عظمه بالتوحيد ، ) وثيابك فطهر ( أي طهر أعمالك عن الشرك ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) يا أيها المدثر % قم فأنذر % وربك فكبر % وثيابك فطهر % والرجز فاهجر % ولا تمنن تستكثر % ولربك فاصبر ( قال الشيخ رحمه الله : في شرح هذه الآية فقال : ) قم فأنذر ( ينذر أي أنذر عن الشرك أي بنوعيه الشرك الأكبر والشرك الأصغر ، ويدعو إلى التوحيد لأن الدعوة إلى التوحيد تشتمل على الإيمان والكفر معاً ، الإيمان بالله سبحانه وتعالى رباً معبوداً ، والكفر بمن سواه من المعبودات هذا هو معنى الدعوة إلى التوحيد أي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
وقوله تعالى : ) وربك كبر ( أي عظمة بالتوحيد ومن وحد الله فقد عظمه ومن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى فقد شبه ذلك المعبود بالله وفي تشبيه المخلوق بالخالق عدم تعظيم الله تعالى ، ومن دعا غير الله واستغاث بغير الله وذبح لغير الله جعل ذلك الذي يعبده أي شبه ذلك الذي يعبده شبهه بالله حيث فخمه سمعاً كسمع الله وعلماً كعلم الله وقدرة كقدرة الله هذا من أقبح أنواع التشبيه ، التشبيه الثاني : تشبيه الخالق بالمخلوق ، والتشبيه الأول تشبيه المخلوق بالخالق ، والتشبيه الثاني هو تشبيه الخالق بالمخلوق هذا الذي أبتلى به علماء الكلام ، ولكن هذا النوع وهو المنتشر كما قال العلامة أبن القيم بل ما كان يعرف سابقاً إلا هذا النوع قبل نشأة علم الكلام ، التشيبه المذموم الذي ندد به القرآن هو تشبيه المخلوق بالخالق .
01-24-2014 10:06 PM
الواثقة بالله
قوله : ((وقوله تعالى : ) وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه ( [ يونس : 61 ] ))
الشرح : قوله تعالى : ) وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه ( أي نحن معكم فالله سبحانه وتعالى يعبر عن نفسه وأحياناً يضمر العظمة وأحياناً بضمير الإفراد وضمير العظمة لا يدل على التعدد يدل على العظمة إنا ، إنا نحن مثل هذه الضمائر يقال لها ضمير العظمة لا للكثرة ، ومثلها ( كذلك كنا ) ولا ينبغي أن يتبادر إلى الذهن الكثرة والتعدد لأن هذا أسلوب عربي ، والمخلوق نفسه يعبر عن نفسه أحياناً فيقول نحن فعلنا أو نحن مشينا وهكذا وهذا أسلوب عربي معلوم .
قوله : (( والدليل من السنة حديث جبريل المشهور عن عمر رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند النبي r إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد ، فجلس إلى النبي r فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله r : { الإسلام أن تشهد أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً } ، قال : صدقت ، فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : { أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره } قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : { الإحسان أ، تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } ))
الشرح : حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينا وفي رواية بينما ، وهما لغتان صحيحتان بينما نحن جلوسٌ عند رسول اللهr إذ طلع علينا أي حين طلع علينا إذ بمعنى حين ، حين طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، وفي بعض الألفاظ شديد سواد اللحية جاء جبرائيل ملتحي بصفة رجل من البشر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد ، من أين عرف عمر حتى يقول لا يعرفه منا أحد أي تسألوا فيما بينهم تعرفون هذا الرجل الغريب شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر مع العلم أنه أتى يمشي على قدميه مع ذلك نظيف أقدامه ونظيف شعره وثيابه ولم يكن جالساً معهم عند الرسول r والمفروض مثل هذا الرجل الغريب أن يرى عليه أثر السفر لم يحدث شيء من ذلك فجلس إلى النبي r فأسند ركبتيه إلى ركبتيه وفي بعض الألفاظ وتخطئ الرقاب إلى أن وصل إلى النبي r ، قال بعض أهل العلم : إنما فعل ذلك للتعمية على الناس كأنه يريد أن يُري الناس بأنه إنسان جاهل غشيم فجلس إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فأسند ركبتيه إلى ركبة النبي r ، هذا مما لفت أنظار الصحابة ، فالصحابة مع شدة محبتهم للرسول عليه الصلاة والسلام يهابونه ومن الهيبة لا يسندون ركبهم إلى ركبتيه يجلسون بعيدين عنه نوعاً ما ولكن [ هذا الرجل ] جلس هذه الجلسة ووضع كفيه عل فخذيه ، على فخذ من ؟ فخذي نفسه هذا ما فهمه كثيراً من [ الشراح ] ، أي على فخذ الرسول r وجاء في بعض الروايات ما يشير إلى أنه وضع كفيه على فخذي رسول الله r كل ذلك تلطفاً برسول الله r لأنه في واقع الأمر هو المعلم وإن جلس جلسة المتعلم ولكنه في واقع الأمر هو المعلم لذلك وضع يديه على فخذي رسول الله r وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال النبي الله r : { أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إلى ذلك سبيلاً ، قال صدقت ، عجباً تسأل فتصدق يقول الصحابة عجبنا له يسأله ويصدقه ، كان المفروض أن الذي يسأل إذا أجابه الأستاذ يقول له : جزاك الله خيراً أحسن الله إليك ، فإذا هو يصدقه يقول له : صدقت ! عجب الصحابة من هذا التصرف ، قال : اخبرني عن الإيمان ؟ قال : { الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره } ، وقد سبق شرح ذلك ، قال : أخبرني عن الإحسان ؟ قال : { أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } فلتعلم ذلك .
قوله : (( قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : { ما المسؤول عنا بأعلم من السائل } ))
الشرح : قوله :قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : { ما المسؤول عنها بأعلم من السائل } علم جبرائيل ، وعلم الرسول r هنا على حدٍ سواء ، لا يعلم النبي r متى تقوم الساعة ، ولا جبرائيل يعلم ذلك ، قال : أخبرني عن آمراتها ، أمارة وإمارة ، الأمارة العلامة ، والإمارة الولاية ، هنا في الحديث الأمارة أي العلامة ، وعلامات الساعة كثيرة وكثيرة جداً ومتفاوتة ومن أوائل علاماتها مبعث الرسول r والتي يقول فيهاالمصطفى عليه الصلاة والسلام :{ بعثت أنا والساعة كهاتين } ـ رفع الوسطى مع السبابة ، فسر أهل العلم { بعثت أنا والساعة كهاتين } على تفسيرين : التفسير الأول : إني سبقت الساعة كما تسبق الوسطى السبابة بهذا المقدار أي مبعثي وقيام الساعة متقارب إنما ما سبقت بمثل هذا السبق ، المعنى الثاني : أن قيام الساعة لاسقٌ بمبعثي وبرسالتي حيث لا يوجد نبيٌ بعده لأنه خاتم النبيين ولا ينافي في المعنى الأول المعنى الثاني كلاهما واحد والمؤدى واحد ، قرب الساعة .
قوله : (( قال : فأخبرني عن أماراتها ، قال أن تلد الأمة ربتها ))
الشرح : ثم ذكر عليه الصلاة والسلام بعض الإمارات [ في هذا الحديث ] ، والتي ظهرت الآن تماماً ونعيشها قال : { أن تلد الأمة ربتها } ، اختلف أهل العـلـم في تفسير هــذه الجملة عـلـى سبعة أقوال لخصها الحافظ في ( الفتح ) في أربعة وأرتضى منها معنىً واحداً ، الذي يتبادر إلى أذهان الناس والمفسرين كناية عن كثرة الفتوحات الإسلامية حتى يكثر التسري بالجواري فتلد الجارية إبناً أو بنتاً فيكون هذا الأبن بمثابة السيد لها لأنه أبن سيدها إذا تسرى بها فأنجب منها ولداً هذا الولد الذي أنجبه السيد من جاريته حر فأصبح كأنه سيدها فأصبح المراد بالرب هنا السيد ، لفظة الرب تستعمل إذا كانت مضافة في غير الله تعالى ، ولكن لا تستعمل بدون إضافة إلا في حق الله ، الشاهد هذا المعنى لم يرتضيه صاحب ( الفتح ) قال : العلامات التي يريد أن يذكرها النبي عليه الصلاة والسلام الأشياء الغريبة التي لا عهد للأولين بها ووجود التسمي بالجواري والإنجاب منها شيء معلوم حتى في صدر الإسلام إذاً ما هو المعنى الغريب الذي يكون علامة وإمارة لقيام الساعة من سوء الأحوال قال صاحب ( الفتح ) معنى ذلك أن يصاب الأولاد بالعقوق فيستعمل الولد والدته فيستخدمها فيهينها فيضربها ويسبها فيجعلها كالجارية والأمة والخادمة التي تعمل عنده ومن سوء التصرف يصل الحال بالولد في آخر الوقت من علامات الساعة أن يكثر العقوق وأن يكون الولد عاقاً لوالدته فيهينها فيضربها ويسبها كأنها أمة جارية عنده هذا المعنى ارتضاه صاحب ( الفتح ) ، واستحسنه كثيراً وأعرض عن جميع المعاني التي ذكرها أهل العلم عند هذا الحديث .
قولله : ((وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان } )) وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ، يأتي وقت على الناس وقد أتى أهل البادية المعروفين بالفقر وسوء الحال الذين يمشون حفاة عراة أو شبة عراة وفقراء ليس فيهم شيء من الحضارة وآثار الغنى يأتي على الناس يومٌ على أولئك يتركون خيامهم ويبنون الفلل والقصور في محلات الخيم فيتفاخرون ويتطاولون بفللهم بقصورهم وهذا هو واقعنا الآن ومشاهدة .
قوله : (( قال : فمضى فلبثنا ملياً ))
الشرح : قال : فمضى فلبثنا ملياً أي فترة من الزمن فقال : يا عمر أتدري من السائل ، قلت الله ورسوله أعلم ، لفظت ( الله ورسوله أعلم ) يتشدد بعض صغار طلبة العلم في استعمالها اليوم إذا سؤ لت عن أمر ديني لاتعرفه كشروط الصلاة وأركان الحج وواجبات الحج مثلاً ، لك أن تقول الله ورسوله أعلم حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام لا كما يظن بعض الناس أن القول الله ورسوله أعلم خاص بحياة النبي عليه الصلاة والسلام لأنك لم تعلم شيء من الدين إلا بعد أن علمه النبي عليه الصلاة والسلام وعلم الناس ، لذلك لك أن تقول الله ورسوله اعلم لكن في الشؤون الدنيوية هل وقع اليوم كذا ؟ ما أخبار اليوم ؟ وهل نزل المطر في الجهة الشرقية أو الوسطى ؟ وأنت لاتعلم تقول الله اعلم ليس لك أن تقول الله ورسوله اعلم ، هذا علم خاص بالله يجب أن نفرق بين الأمور الدينية وشؤون الدنيا بعد وفاة الرسول r .
قوله : (( فقال : { يا عمر أتدري من السائل ؟ } ، قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : { هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم } ))
الشرح : قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ، ما أعظم هذا الدين ، الدين الذي بعث به خاتم النبيين ثم يرسل جبرائيل الذي اصطفاه من الملائكة رسولاً ليعلم أمة محمد r ويكرمهم هذا الإكرام يعلمهم بهذه الطريقة أتاكم يعلمكم أمر دينكم .
قوله : (( الأصل الثالث : معرفة نبيكم محمد r وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله : الأصل الثالث معرفة نبيكم محمد r وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم إلى هنا ذكر المؤلف نسب الرسول عليه الصلاة والسلام ، وعلى الشباب أن يحفظوا النسب إلى عدنان ، وهذا محل إتفاق ، وما بعد ذلك فمحل خلاف .
قوله : (( وهاشم من قريش ، وقريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعى نبينا أفضل الصلاة والسلام ))
الشرح : وهاشم من قريش ، وقريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه من ربه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام أي أن نبينا محمداً r هو النبي الأمي العربي من حيث النسب ، ولكنه عام الرسالة إلى الثقلين إلى الجن والإنس .
قوله : (( وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة ، وثلاث وعشرون نبياً ورسولاً ))
الشرح : وله من العمر حين توفي ثلاث وستون سنة كذلك هذا محل إجماع منها أربعون قبل النبوة لأنه لم يبعث إلا بعد الأربعين ، وهذه سنة الله في من يبعثهم ، وثلاث وعشرون نبياً ورسولاً ، النبوة قبل الرسالة ويختلفون في التفريق بين النبي والرسول ، منهم من يعرف فيقول النبي من كلف برسالة أو بعث برسالة ليعمل بها ، ولم يكلف بالتبليغ ، وهناك تعريف ثاني النبي من بعث ليعمل برسالة من قبله وليست له رسالة مستقلة ككثير من أنبياء بني إسرائيل يعملون بشريعة التوراة والإنجيل وهم كثر . والتعريف الثاني أنسب والتعريف الأول أشهر ، ولكن التعريف الأول [ يأخذ ] عليه القول بأنه لم يأمر بالتبليغ ، التبليغ والدعوة والإصلاح واجب الرسل واجب الأنبياء وواجب أتباعهم فإن أتباعهم مكلفون بالإصلاح والنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، والدعوة إلى الله إذا كان العلماء وهم ورثة الأنبياء يكلفون هذا التكليف فالأنبياء من باب أولى لذلك التعريف الأول على الرغم أنه هو المشهور عند كثير من أهل العلم ولكن التعريف الثاني أنسب من حيث المعنى لأن الأنبياء من بني إسرائيل الذين لم يكونوا رسلاً مكلفون بالتبليغ والدعوة على ضوء كتاب الله التوراة والإنجيل .
01-24-2014 10:04 PM
الواثقة بالله
قوله : ((وتؤمن بالقدر خيره وشره ))
الشرح : ( الإيمان بالقدر خيره وشره ) بمعنى أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن { ما أصابك في علم الله لايخطؤك وما أخطأك لم يكن ليصيبك } وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن هذا المقدار يكفي في باب الإيمان بالقدر دون الخوض لأن هذا الباب بابٌ خطير والبحث عن أسرار القضاء والقدر يعتبر سراً من أسرار الله لذلك يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : { القدر سر الله فلا نكشفه } أي ليس لك أن تسأل لم فعل الرب سبحانه وتعالى هكذا ؟ لم خلق ؟ ولم أحيى ؟ ولم أمات ؟ ولم جاعلٌ زيداً غنياً وعمراً فقيراً ؟ ولم أمرض فلاناً ؟ ولم ولم ؟ هذا خوض في سر من أسرار الله سرٌ لا يدرك لا يسأل عما يفعل كما أنه لا يجوز في باب الأسماء والصفات أن تسأل بكيف هو ؟ وكيف سمعه ؟ وكيف بصره ؟ وكيف استواؤه ؟ وكيف مجيئه ؟ وغير ها ، لا يجوز في باب القضاء والقدر لا يجوز السؤال بلم ، انتبه لهذا لأن هذا مز له الأقدام يكفي للعامة والخاصة أن يؤمنوا لأنه لا يقع في ملكه إلا ما شاء وان الله على علم كل شيء فكتبه ، كل المقادير معلومة ومكتوبة ثم قضى الله سبحانه وتعالى قضاءه على ما علم وكتب وفي هذا المعنى يقول الإمام الشافعي رحمه الله لما سئل عن القدر :
ما شئت كان وإن لم أشأ ما وشئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقي ومنهم سعيد [ ومنهم ] قبيح ومنهم حسن
ويأتي هنا سؤال الجبري هل يعني ذلك أن العبد مجبور ؟ لا . خلق العباد وخلق لهم القدرة وخلق لهم الإرادة وخلق له الاختيار وأرسل إليهم رسولاً وهداهم النجدين وبين لهم طريق الهدى وطريق الضلال وأمرهم بالفعل بفعل العبد كل ما يفعل بقدرته وإرادته واختياره ولا يدري ما الذي يجري في قضاء الله وقدره وليس هذا شغله ولا له أن يبحث في هذا عليه أن يتقيد بالأوامر والنواهي أمرك بإقامة الصلاة عليك أن تقيم الصلاة لكن قول الذين يقولون بأن العبد مجبور ليس له قدرة أو قدرته لا تعمل وليس له إرادة تسمى العقيدة الجبرية ضلال في ضلال وهي منتشرة الآن لأن الأشعرية مرجئة وجبرية وجهمية اجتمعت فيها جميع هذه الأمراض وهم منتشرون بين المسلمين وكثيرٌ من شبابنا لا يدرون عنهم يصدق على شبابنا قول عمر رضي الله عنه : ( إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية ) لأن الجاهلية بدأت في هذه الأيام تضحك على شبابنا ، جاهلية التصوف ، جاهلية علم الكلام ، جاهلية القانون ، جميع هذه الجاهليات تعمل ، وشبابنا نشاؤا في الخير نشاؤا في الإسلام على الفطرة في التوحيد لا يعلمون من هذه الجاهليات يأتي صاحب الجاهلية فيضحك عليهم ، يقول تعمل كذا وكذا من الأعمال الإسلامية فيصدقون فيخرجون عن الجادة إلى بنيات الطريق فيقفون حيارى ، لا علاج إلا العلم ، والعلم وحده هو العلاج لذلك عليكم بالعلم لا ينال الإنسان درجة الإيمان إلا بالصبر واليقين ، الصبر على طاعة الله وطلب العلم الشرعي من أعظم طاعة الله وعبادته اصبروا على العلم لكي تخرجوا من الجهل ، لا تضحك عليكم جاهلية الإرجاء وجاهلية الجبرية وجاهلية الجهمية وجاهلية التصوف وغير ذلك من الجاهليات التي دخلت مع هذا الإنفتاح العام عندما انفتحنا على العالم واتصل العالم كله بعضه على بعض تداخل الخير والشر لا يستطيع أن يفرق بين الخير والشر إلا من رزقه الله البصيرة في دينه .
قوله : ((المرتبة الثالثة : الإحسان ركن واحد وهو : ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله تعالى : المرتبة الثالثة الإحسان وهو ركن واحد وهو : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ، وهذا المعنى الذي يعبر عنه بالمراقبة ، المراقبة الخاصة الصادقة بأن يراقب العبد ربه سبحانه وتعالى ويتذكر دائماً وأبداً بأن الله يراه ويرى مكانه ويسمع كلامه ما في نفسه هذه المراقبة تحول بين المرء وبين ارتكاب المعاصي وبين الغفلة والالتفات عن الله إلى غير الله تشده إلى الله المراقبة الصادقة تشد العبد إلى الله سبحانه وتعالى إيماناً منه أن الله لا تخفى عليه خافية وان كان هو لا يراه لأن الله سبحانه وتعالى لا يُرى في هذه الدنيا فالله سبحانه وتعالى فوق جميع المخلوقات فوق السماوات السبع ومستوٍ على عرشه بائنٌ من خلقه حجابه النور لم يره موسى الذي طلب منه الرؤيا ، ولم يره على الصحيح رسولنا محمد r ليلة الإسراء والمعراج وإنما رأى نوراً لأنه عليه الصلاة والسلام سئل هل رأيت ربك ؟ قال : { نورٌ أنى أراه } حجابه النور لأن الله سبحانه احتجب في هذه الدنيا بنور وقوى البشر لاتقوى على أن تثبت أمام هذا التجلي وأوضح دليل على هذا قوله r في آخر قصة الدجال : { فأعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا } ، وهذا دليل واضح بأن الله سبحانه وتعالى لا يرى في الدنيا ولكن الله يعطي العباد قوة ليثبتوا أمام التجلي يوم القيامة في الجنة ويتجلى لهم ويرونه بغير إحاطة كما انهم يعلمون الآن بدون إحاطة به بعلمهم كذلك سوف يرونه بدون إحاطة به برؤيته لأن المخلوق لا يحيط بالخالق ، فالخالق هو المحيط بجميع المخلوقات هو الذي يعلم منهم كل شيء هذا هو الإحسان .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ( [ النحل : 128 ] ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون( أي أن الله تعالى مع الذين اتقوه أي جعلوا بينهم وبين غضبه وسخطه وقاية ، هذه الوقاية بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات ، وذلك من صدق المراقبة ، والذين هم محسنون ، احسنوا في عبادة الله تعالى بالإخلاص وصدق المراقبة ، وأحسنوا إلى عباد الله بما يستطيعون الإحسان فيه والإحسان من حيث المعنى أعم من حيث أهله أخص ، لأن الإحسان يشمل أي عمل صالح سواء كان العمل بينك وبين ربك أو الإحسان إلى عباده هذا معنى أنه أعم من حيث المعنى ، ولكن من حيث أهله أخص أي المحسنون الذين يصلون إلى هذه الدرجة هم نخبة من المؤمنين ليس جميع المؤمنين أي ليس جميع المؤمنين يصلون إلى درجة الإحسان ، [ ولكنهم ] نخبة مختارة وفقهم الله وسدد خطاهم فهم يحضون بالمعية الخاصة ، المعية الخاصة تزداد على المعية العامة بالنصر والتأييد والحفظ والكلئ ، المعية العامة بمعنى العلم والرؤيا والتدبير العام وبهذا المعنى الله سبحانه وتعالى مع جميع مخلوقاته لا يخلو مكان من علمه وهو فوق عرشه مستوٍ على عرشه بائن من خلقه ، لكن لا يخلو مكان من علمه وهذه هي المعية العامة ، فإذا قيل الله معنا لا ينبغي أن يتبادر إلى ذهنك بأن الله معنا بذاته هنا في الأرض ، فالله سبحانه وتعالى منزه عن المعية الذاتية مع خلقه لامع أهل أرضه ولا مع أهل سماواته أي ليس الله بالأرض بذاته ولا في السماوات السبع بذاته ولكن بذاته فوق جميع مخلوقاته ليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في مخلوقاته شيء من ذاته ، ولكن هو بعلمه مع كل مخلوق ، أي لا تخف عليه خافية من أمرهم ، وهذه تسمى المعية العامة وتزداد المعية الخاصة مع المحسنين مع المتقين كتلك المعية التي حظي بها الرسول r وصاحبه في الغار ) لا تحزن إن الله معنا ( معية خاصة حفظهما الله ورعاهم وسترهم من أعين أعدائهم تلك هي المعية الخاصة فلتفهم وهذه هي منها معية مع المحسنين .
قوله : (( وقوله تعالى : ) وتوكل على العزيز الرحيم % الذي يراك حين تقوم % وتقلبك في الساجدين % إنه هو السميع العليم ( [ الشعراء : 217 ـ 220 ] ))
الشرح : وقوله تعالى : ) وتوكل على العزيز الرحيم % الذي يراك حين تقوم % وتقلبك في الساجدين % إنه هو السميع العليم ( ، أنت تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، هذا هو محل الشاهد من الآية .
01-24-2014 10:03 PM
الواثقة بالله
قوله : (( وهو بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لاإله إلا الله ))
الشرح : واسمع قول رسول الله r :{ الإيمان بضع وستون شعبة ـ رواية البخاري ـ أعلاها قول لا إله إلا الله } جعل النطق باللسان من الإيمان واعلى درجات الإيمان هذا مما يذكر في فضل لا إله إلا الله هذه الكلمة ركن في الإيمان وركن في الإسلام وأفضل الذكر كلمة عظيمة إذا جئت تعدد الإسلام فهي الطليعة وإذا جئت تعدد شعب الإيمان فهي في المقدمة إذا جئت تعرف أفضل الذكر بعد القران فهي لا إله إلا الله كلمة عظيمة إذا فهم معناها وطبقت هكذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام : { الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لاإله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق } ، وهنا يرد سؤال قال عليه الصلاة والسلام أعلاها لاإله إلا الله ولم يقل محمدٌ رسول الله فهل يكفي أن نقول أشهد أن لاإله إلا الله وكفى ؟
جـ / لا ، ولو لم يذكر الجزء الثاني كأنه مذكور لأن لا إله إلا الله محمد رسول الله كالجسم والروح لا يفترقان ، لا ينفع قول لا إله إلا الله بدون محمدٌ رسول الله أي الشهادة بالوحدانية لاتجزء ولا تنفع حتى تشهد بالرسالة ولو شهدت بالرسالة ما نفعت الشهادة حتى قبل ذلك بالوحدانية ، هما شيئان بالظاهر ولكنها شيء واحدٌ في الحقيقة إذ بينهما تلازم لا يفترقان لذلك إذا جاء في بعض الأحاديث ذكر لا إله إلا الله ولم يذكر شهادة أن محمد رسول الله كما في مثل هذا الحديث فليعلم أن ذلك اكتفاء بالمعلوم لأنه من المعلوم أن لا إله إلا الله وحدها لاتغني إلا بالإضافة محمد رسول الله ، وهي تسمى بجملتها كلمة التوحيد ، وكلمة الإسلام وكلمة الإيمان ومفتاح الجنة .
قوله : (( وأدناها إما طة الأذى عن الطريق ، والحياة شعبة من الإيمان ))
الشرح : وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، إماطة الأذى عن الطريق عملٌ من أعمال الجوارح ، جعل النبي عليه الصلاة والسلام ذلك من الإيمان ومن تمام إيمانك أن تحب لأخيك المسلم ما تحبه لنفسك وأن تكره لأخيك المسلم ما تكره لنفسك . { أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياة شعبة من الإيمان } ، وبين أعلاها وأدناها شعب تتفاوت ، الصلاة شعبة من الإيمان ، الجهاد شعبة من الإيمان ، الزكاة شعبة من الإيمان ، وطلب العلم شعبة من الإيمان ، إذاً الإيمان يتألف من شعب كثيرة ، وليس مجرد التصديق وليس مجرد الإقرار لذلك فلنسمع هذا التعريف الشارح الذي شرح الإيمان من كلام أبن القيم قال رحمه الله : < الإيمان هو حقيقةٌ مركبةٌ من معرفة ما جاء به الرسول r علماً وتصديقاً عقداً والإقرار به نطقاً والانقياد له محبتاً وخضوعاً ، والعمل به ظاهراً وباطناً وتمثيله والدعوة إليه بحسب الإمكان وكماله في الحب في الله وفي البغض في الله ، والعطاء لله والمنع لله وأن يكون الله وحده إلهه ومعبودة والطريق إليه تجريد المتابعة للرسول r ظاهراً وباطناً وتغميض عين القلب عن الالتفات [ بما ] سوى الله ورسوله >، وهذا هو الإيمان ، الإيمان مركب ومما ينتقد على علماء الكلام أهل السنة يقولون كيف يكون الإيمان مركباً ؟ لأن المركب إذا أزيل بعض أجزائه زال كله ، وهذا غير صحيح ما الذي يُرد على هذا ؟ يرد عليه الحديث السابق الذكر { الإيمان بضع وستون شعبة } لأن النبي r جعل الشُعب متفاوتة الشعبة الأولى هي التي يزول الإيمان بزوالها إذا زالت الشعبة الأولى شعبة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله زال الإيمان كله لا يبقى شيء ، وهل إذا ترك الشعبة الأخيرة مر الإنسان في الطريق على الأذى فلم يزله ، هل يزول إيمانه ؟ لا ، ينقص الشُعب الأخرى غير الشعب الأولى بزوالها ينقص الإيمان بقدر ما يترك الإنسان شعبة من الشُعب وبقدر ما يرتكب من المحرمات والمعاصي ينقص إيمانه ولا يزول ، وإنما يزول بزوال كلمة التوحيد والكفر بها والإتيان بما يناقضها ليس معنى زوالها أنك تقول أنا لا أعترف أنه لا إله إلا الله ، لا ، قد تقول بلسانك لا إله إلا الله وتأتي بما يناقضها لأن للإسلام نوا قض كنوا قض الوضوء، فلو قال رجل مائة مرة يعد هذه السبحة لا إله إلا الله ثم إذا اشتدت به الأمور قال : أغثني يا فلان ما لي سواك يا فلان انتقض توحيده تماماً لا يبقى عنده شيء كافر ، نفى الله الذي كان يقره بلسانه عنا يزول الإيمان لكن إذا ترك شعبة من الشعب كأن قلّ حياءه فارتكب معصية ينقض إيمانه لا يزول كلياً ، فليفهم هذا جيداً .وقد يستدل عليك من يرى بأن الأعمال ليست من الإيمان يستدل بالعطف الذي جاء في القرآن: ) الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ( فيقول وعملوا الصالحات العطف يقتضي المغايرة إذاً الأعمال الصالحة غير الإيمان لأن الله عطف الأعمال الصالحة على الإيمان ، الأعمال الصالحة هي الإسلام فالعطف تقتضي المغايرة كأن تقول جاء زيدٌ وعمروٌ فبينهما مغايرة ، أو تقول جاء زيدٌ وذهب عمروٌ فجاء غير ذهب وزيدٌ غير عمروٌ فصح العطف هنا فاقتضى المغايرة فإذا قال لك ) الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ( يدل على الأعمال الصالحة غير الإيمان تقول المغايرة درجات صحيح العطف يدل على المغايرة ولكن المغايرة درجات )حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ( أليست الصلاة الوسطى من الصلوات ؟ فكيف صح هنا ؟ ما معنى المغايرة ؟ الجواب : من باب عطف الخاص على العام كذلك العطف هنا أي في قوله ) وعملوا الصالحات ( من باب عطف الخاص على العام ، لأن الأعمال الصالحة جزء من الإيمان كما أن الصلاة الوسطى جزء من الصلوات التي أمرنا بالمحافظة عليها والأمثلة كثيرة في القرآن .
قوله : ((وأركانه ستة : أن تؤمن بالله وملائكته ))
الشرح : أن تؤمن وتصدق وتسلم لله تؤمن لله بوجوده بربو بيته وألوهيته وبأسمائه وصفاته وتؤمن بالملائكة انهم موجودون جندٌ من جنود الله تعالى من سمعت وعلمت أسماءهم أمنت منهم بالتفصيل ومن لا فبالجملة .
قوله : (( وكتبه ))
الشرح : والكتب المنزلة بما في ذلك القرآن ، وتؤمن أن الكتب المنزلة كلها كلام الله وليست مخلوقة كما يقول علماء الكلام بما فيهم الأشاعرة ، القرآن والتوراة والإنجيل والزبور هذه الكتب من كلام الله لأن كلام الله لا نفاد له : ) قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن ينفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً ( كلام الله لانهاية له ، الله خاطب نوحاً وكلم موسى وكلم محمداً في أماكن وفي أزمنة مختلفة ويتكلم آخر كل ليلة يقول عند نزوله إلى السماء الدنيا : { هل من مستغفرٍ فأغفر له } هذا كلام الله ويتكلم الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة عندما يأتي لفصل القضاء ويسلم على أهل الجنة ويخاطبهم من فوقهم كل ذلك من كلام الله ،
وكلام الله لا نفاد له ، لذلك اعتقاد أن كلام الله معنىً واحداً قائم بذات الله ليس بحرف ولا صوت كما تقول الأشاعرة ضلال مبين لأن ذلك إنكار أن هذا القرآن كلام الله وقد وافقت الأشاعرة المعتزلة في القول بأن القرآن كلام الله تناقضوا في ذلك مع دعوى أنهم خصوم للمعتزلة بالنسبة للكتب السماوية نؤمن بأنها من عند الله تعالى ، وأما هذا القرآن نؤمن بأنه من عند الله ونتبعه دستوراً نحكم به ونتحاكم إليه ونسير إلى الله في ضوئه هو الحكم وهو كتاب العقيدة كتاب التوحيد كتاب العبادة كتاب الأحكام كتاب الأخلاق كتاب السياسة كتاب الإقتصاد كتاب كل شيء إذا فهم وعمل به هذا هو الفرق بين الكتب السماوية وبين إيماننا بالقرآن الكتب السماوية لا يجب علينا العمل بها لأنها نسخت انتهت بنزول القرآن ، الكتاب الذي يجب الإيمان به والعمل به هو هذا القرآن العظيم وهو كلام الله حقيقة لأن الله سماه كلاماً ) وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ( ذلك الكلام الذي تلاه الرسول r على المشركين فسموه هو هذا القرآن الذي بين دافتي المصحف ، تقول عائشة رضي الله عنها : { ما بين دفتي المصحف كلام الله }، ولكن الأثر لم يسلم من تأويل الأشاعرة قالوا أي خلقٌ من خلق الله مخلوق لله ، الأشاعرة الذين يقولون نحن من أهل السنة والجماعة هم الذين أولوا هذا التأويل فانتبهوا للأشاعرة عفى الله عنا وعنهم .
قوله : (( ورسله ))
الشرح : الإيمان بالرسل يقال ما قيل في الإيمان بالكتب بالنسبة للرسل الذين قبل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، المراد بالإيمان بهم أن تصدقهم أنهم رسل الله معصومون بلغوا رسالة الله ولكن الرسول الذي يجب إتباعه ولا يعبد الله إلا بما جاء به هو محمدٌ r لأنه جاء بالرسالة الخاتمة العامة لا يسع جنياً ولا إنسياً ولا يهودياً ولا نصرانياً إلا الإيمان بهذا النبي الكريم بعد أن بعث لأنه خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام .
قوله : (( واليوم الآخر ))
الشرح : الإيمان باليوم الآخر ، اليوم الآخر يبدأ من عند الموت { من مات فقد قامت قيامته } من حين أن ينقل هذا الإنسان من وجه هذه الأرض إلى باطنها فهو في اليوم الآخر يعني الحياة البرزخية الفاصلة بين هذه الحياة التي نحن فيها الآن وبين الحياة التي بعد البعث تابعة ليوم الآخر على المؤمنين من النعيم لأن { القبر إما حفرة من حفر النار ، أو روضة من رياض الجنة } يجب الإيمان بكل ذلك تصديقاً بالرسول r .
هذا الموضوع لدية أكثر من 10 ردود. اضغط هنا لعرض الموضوع بأكمله.

تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:10 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML