عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي فِي تَفْضِيل بَعْض الصَّحَابَة عَلَى بَعْض

كُتب : [ 09-29-2014 - 01:58 AM ]

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيّ : اِخْتَلَفَ النَّاس فِي تَفْضِيل بَعْض الصَّحَابَة عَلَى بَعْض ، فَقَالَتْ طَائِفَة : لَا تَفَاضُلَ ، بَلْ نُمْسِكُ عَنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ الْجُمْهُور بِالتَّفْضِيلِ ، ثُمَّ اِخْتَلَفُوا ، فَقَالَ أَهْل السُّنَّة : أَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق ، وَقَالَ الْخَطَّابِيَّة : أَفْضَلهمْ عُمَر بْن الْخَطَّاب ، وَقَالَتْ الرَّاوَنْدِيّة : أَفْضَلهمْ الْعَبَّاس ، وَقَالَتْ الشِّيعَة : عَلِيّ وَاتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة عَلَى أَنَّ أَفْضَلهمْ أَبُو بَكْر ، ثُمَّ عُمَر . قَالَ جُمْهُورهمْ : ثُمَّ عُثْمَان ، ثُمَّ عَلِيّ . وَقَالَ بَعْض أَهْل السُّنَّة مِنْ أَهْل الْكُوفَة بِتَقْدِيمِ عَلِيّ عَلَى عُثْمَان ، وَالصَّحِيح الْمَشْهُور تَقْدِيم عُثْمَان . قَالَ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ : أَصْحَابنَا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلهمْ الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة عَلَى التَّرْتِيب الْمَذْكُورَة ثُمَّ تَمَام الْعَشَرَة ، ثُمَّ أَهْل بَدْر ، ثُمَّ أُحُد ، ثُمَّ بَيْعَة الرِّضْوَان ، وَمِمَّنْ لَهُ مَزِيَّة أَهْل الْعَقَبَتَيْنِ مِنْ الْأَنْصَار ، وَكَذَلِكَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ، وَهُمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ فِي قَوْل اِبْن الْمُسَيِّب وَطَائِفَة ، وَفِي قَوْل الشَّعْبِيّ أَهْل بَيْعَة الرِّضْوَان ، وَفِي قَوْل عَطَاء وَمُحَمَّد بْن كَعْب أَهْل بَدْر . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَذَهَبَتْ طَائِفَة ، مِنْهُمْ اِبْن عَبْد الْبَرّ ، إِلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الصَّحَابَة فِي حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَل مِمَّنْ بَقِيَ بَعْده ، وَهَذَا الْإِطْلَاق غَيْر مَرَضِيّ وَلَا مَقْبُول . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي أَنَّ التَّفْضِيل الْمَذْكُور قَطْعِيّ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ هُوَ فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن أَمْ فِي الظَّاهِر خَاصَّة ؟ وَمِمَّنْ قَالَ بِالْقَطْعِ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ . قَالَ : وَهُمْ فِي الْفَضْل عَلَى تَرْتِيبهمْ فِي الْإِمَامَة . وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّهُ اِجْتِهَادِيّ ظَنِّيّ أَبُو بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ . وَذَكَرَ اِبْن الْبَاقِلَّانِيّ اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء فِي أَنَّ التَّفْضِيل هَلْ هُوَ فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن جَمِيعًا ؟ وَكَذَلِكَ اِخْتَلَفُوا فِي عَائِشَة وَخَدِيجَة أَيَّتهمَا أَفْضَل ؟ وَفِي عَائِشَة وَفَاطِمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ . وَأَمَّا عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَخِلَافَته صَحِيحَة بِالْإِجْمَاعِ ، وَقُتِلَ مَظْلُومًا ، وَقَتَلَتْهُ فَسَقَة ؛ لِأَنَّ مُوجِبَات الْقَتْل مَضْبُوطَة ، وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَا يَقْتَضِيه ، وَلَمْ يُشَارِكْ فِي قَتْله أَحَد مِنْ الصَّحَابَة ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ هَمَج وَرُعَاع مِنْ غَوْغَاء الْقَبَائِل وَسَفَلَة الْأَطْرَاف وَالْأَرْذَال ، تَحَزَّبُوا وَقَصَدُوهُ مِنْ مِصْر ، فَعَجَزَتْ الصَّحَابَة الْحَاضِرُونَ عَنْ دَفْعهمْ ، فَحَصَرُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . وَأَمَّا عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَخِلَافَته صَحِيحَة بِالْإِجْمَاعِ ، وَكَانَ هُوَ الْخَلِيفَة فِي وَقْته لَا خِلَافَة لِغَيْرِهِ ، وَأَمَّا مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَهُوَ مِنْ الْعُدُول الْفُضَلَاء ، وَالصَّحَابَة النُّجَبَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَمَّا الْحُرُوب الَّتِي جَرَتْ فَكَانَتْ لِكُلِّ طَائِقَة شُبْهَة اِعْتَقَدَتْ تَصْوِيب أَنْفُسهَا بِسَبَبِهَا ، وَكُلّهمْ عُدُول رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ، وَمُتَأَوِّلُونَ فِي حُرُوبهمْ وَغَيْرهَا ، وَلَمْ يُخْرِجْ شَيْء مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا مِنْهُمْ عَنْ الْعَدَالَة ؛ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ اِخْتَلَفُوا فِي مَسَائِل مِنْ مَحَلّ الِاجْتِهَاد كَمَا يَخْتَلِف الْمُجْتَهِدُونَ بَعْدهمْ فِي مَسَائِل مِنْ الدِّمَاء وَغَيْرهَا ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ نَقْص أَحَد مِنْهُمْ . وَاعْلَمْ أَنَّ سَبَب تِلْكَ الْحُرُوب أَنَّ الْقَضَايَا كَانَتْ مُشْتَبِهَة ، فَلِشِدَّةِ اِشْتِبَاههَا اِخْتَلَفَ اِجْتِهَادهمْ ، وَصَارُوا ثَلَاثَة أَقْسَام : قِسْم ظَهَرَ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي هَذَا الطَّرَف ، وَأَنَّ مُخَالِفه بَاغٍ ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ نُصْرَته ، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ فِيمَا اِعْتَقَدُوهُ ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ التَّأَخُّرُ عَنْ مُسَاعَدَة إِمَام الْعَدْل فِي قِتَال الْبُغَاة فِي اِعْتِقَادٍ . وَقِسْم عَكْس هَؤُلَاءِ ، ظَهَرَ لَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي الطَّرَف الْآخَر ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَته ، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ . وَقِسْم ثَالِث اِشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمْ الْقَضِيَّة ، وَتَحَيَّرُوا فِيهَا ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ تَرْجِيح أَحَد الطَّرَفَيْنِ ، فَاعْتَزَلُوا الْفَرِيقَيْنِ ، وَكَانَ هَذَا الِاعْتِزَال هُوَ الْوَاجِب فِي حَقِّهِمْ ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِقْدَام عَلَى قِتَال مُسْلِم حَتَّى يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ ، وَلَوْ ظَهَرَ لِهَؤُلَاءِ رُجْحَان أَحَد الطَّرَفَيْنِ ، وَأَنَّ الْحَقّ مَعَهُ ، لَمَا جَازَ لَهُمْ التَّأَخُّر عَنْ نُصْرَته فِي قِتَال الْبُغَاة عَلَيْهِ . فَكُلّهمْ مَعْذُورُونَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ، وَلِهَذَا اِتَّفَقَ أَهْل الْحَقّ وَمَنْ يَعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاع عَلَى قَبُول شَهَادَاتهمْ وَرِوَايَاتهمْ ، وَكَمَال عَدَالَتهمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .


الكتاب : المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج
المؤلف : أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى : 676هـ)
باب : فضائل الصحابة


 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس