26- لكون المولى في لغة العرب يطلق على كل مَنْ بَيْنَكَ وبينه سبب موالاة يُوَالِيكَ بِهَا وتوالِيهِ بها، وكثرت معانيه فأُطلق على بني العم، وعلى العصبة، وعلى المعتَقِين، والمُعْتِقِين بالفتح والكسر، وعلى الناصر، وعلى الصاحب. لأن كلاًّ ينعقد بينك وبينه سبب، فلما انعقد بين الكفار وبين النار سبب تجعلهم يدخلونها، ويخلدون فيها، وهي تؤذيهم بِحَرِّهَا قال تعالى: {هِيَ مَوْلاَكُمْ} [الحديد: الآية 15] فجعل النار مولاهم لانعقاد السبب بَيْنَهُمْ وبينها بكفرهم، وكونها دار الله التي يُعذب بها أعداءه، فهذا معنى قوله: {أَنَّ اللَّهَ مَوْلاَكُمْ} [الأنفال: الآية 40] وهذه ولاية نصر.
27- قال بعض العلماء: بين (المولى) و (النصير) عموم وخصوص من وجه، يجتمع (المولى) و (النصير) في بني عمك وعصبتك إذا كانت لهم قدرة على نصرك، وإعانتك على عدوك، فإذا جاء دونك بنو عمك وعصبتك ومنعوك من أعدائك، اجتمع فيهم أن كل واحد منهم مولى، وأنه نصير، وينفرد (المولى) عن (النصير) في قرابتك وعصبتك إذا كانوا ضعفاء، لا يقدرون على نصرتك، فالواحد منهم مولى وليس بنصير؛ إذ لا طاقة له على النصر، وينفرد (النصير) عن (المولى) بالأجنبي الذي ليس بينك وبينه سبب ولاية إذا نصرك وأعانك ومنعك من عدوك، فهو نصير وليس بمولى. وهذا واضح.