عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : « كان رجل نصراني أسلم ، فقرأ البقرة ، وآل عمران ، وكان يكتب الوحي للنبي -صلى الله عليه وسلم- فعاد نصرانيا ، فكان يقول : ما يدري محمد إِلا بما كتبت له ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : اللهم اجعله آية. فأماته الله ، فدفنوه ، فأصبح ، وقد لفظته الأرض ، فقالوا : هذا فعل محمد وأصحابه ، لما هَرَب منهم نبشوا عن صاحبنا، فألقوه ، فحفروا له وأعمقوا ما استطاعوا، فأصبحوا ، وقد لفظته الأرض. فقالوا مثل الأول. فحفروا له وأعمقوا فلفظته الثالثة فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه بين حجرين ، ورضموا عليه الحجارة ». أخرجه البخاري، ومسلم إِلى قوله : « فألقوه».
وفي رواية قال : « كان منا من بني النجار رجل قد قرأ البقرة ، وآل عمران. وكان يكتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب، فأُعجبوا به، فرفعوه، فما لبث أن قَصَم الله عُنُقه فيهم ، فحفروا له ، فَوَارَوْهُ ، فأصبَحَتِ الأرض قد نَبَذته على وجهها ، ثم عادوا ، فعادت - ثلاث مرات - فتركوه منبوذا ».
قال الحافظ ابن حجر :
حَدِيث أَنَس فِي الَّذِي أَسْلَمَ ثُمَّ اِرْتَدَّ فَدُفِنَ فَلَفَظَتْهُ الْأَرْض .
قَوْله : ( كَانَ رَجُل نَصْرَانِيًّا )
لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه ، لَكِنْ فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق ثَابِت عَنْ أَنَس " كَانَ مِنَّا رَجُل مِنْ بَنِي النَّجَّار " .
قَوْله : ( فَعَادَ نَصْرَانِيًّا )
فِي رِوَايَة ثَابِت : " فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَاب فَرَفَعُوهُ .
قَوْله : ( مَا يَدْرِي مُحَمَّد إِلَّا مَا كَتَبْت لَهُ )
فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " كَانَ يَقُول مَا أَرَى يُحْسِن مُحَمَّد إِلَّا مَا كُنْت أَكْتُب لَهُ " وَرَوَى اِبْن حِبَّانَ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة نَحْوه .
قَوْله : ( فَأَمَاتَهُ اللَّه )
فِي رِوَايَة ثَابِت " فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّه عُنُقه فِيهِمْ " .
قَوْله : ( لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ )
فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " لَمَّا لَمْ يَرْضَ دِينهمْ " .
قَوْله : ( لَفِظَتْهُ الْأَرْض )
بِكَسْرِ الْفَاء أَيْ طَرَحَتْهُ وَرَمَتْهُ ، وَحُكِيَ فَتْح الْفَاء .
قَوْله : فِي آخِره ( فَأَلْقَوْهُ )
فِي رِوَايَة ثَابِت " فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا " .
رواه البخاري ومسلم