السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تنبيه هام حول كيفية صلاة التراويح بخصوص أربعاً جميعاً بسلام واحد ثم أربعاً جميعاً بسلام واحد
الإجابة: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد بلغني أن بعض أئمة المساجد وفقهم الله في هذه الليالي يصلون في التراويح أربعاً جميعاً بسلام واحد ثم أربعاً جميعاً بسلام واحد، وبلغني أن بعضهم يصلي الثمان جميعاً بسلام واحد، ويعتقدون أن ذلك هو مراد عائشة رضي الله عنها حين قالت في الحديث الصحيح: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً..." الحديث
وهذا الفهم خلاف الصواب وخلاف السنة، والصواب أن مرادها أنه يصلي أربعاً يسلم من كل ثنتين، وإنما أرادت بذلك وصفهن بالحسن والطول لا أنهن بسلام واحد، والدليل على ذلك ما ثبت عنها في الصحيحين رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل عشر ركعات، يسلم من كل ركعتين، ثم يوتر بواحدة" وأحاديثها يفسر بعضها بعضاً.
ولا يجوز أن يُفسَّر ما أجمل من حديثها بغير ما فسر منه، ويدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى"، فهذا الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم معناه الأمر، والمعنى صلوا بالليل اثنتين اثنتين.
فالمشروع للمؤمن والمؤمنة في صلاة الليل التقيد بما أوضحته السنة والحذر مما يخالف ذلك، ولا يخفى ما في السلام من كل اثنتين من التيسير والتسهيل على الجماعة وعدم المشقة عليهم مع موافقة السنة.
لكن لو أراد الرجل أو المرأة الإتيان بثلاث جميعاً بسلام واحد وجلوس واحد أو خمس جميعاً بسلام واحد فلا بأس بذلك، لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك في بعض الأحيان، وهكذا لو أوتر بسبع جميعاً بسلام واحد فلا بأس، وإن أوتر بسبع وجلس في السادسة وأتى بالتشهد الأول ثم قام إلى السابعة فلا بأس، لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل هذا وهذا.
وهكذا لو أوتر بتسع جميعا وجلس في الثامنة وأتى بالتشهد الأول ثم قام إلى التاسعة فلا بأس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
ولكن الأفضل والأكمل أن يسلم من كل ثنتين كما تقدم، ولا يجوز أن يوتر بثلاث كالمغرب حيث يجلس في الثانية وإن تشهد التشهد الأول ثم يقوم إلى الثالثة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يُشبه الوتر بالمغرب، ولوجوب النصيحة وبيان السنة والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى جرى تحريره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله - المجلد الحادي عشر.
=
وقال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله .في مجموع فتاوى
... وهنا مسألة وهي: أن بعض الناس فهم من حديث عائشة رضي الله عنها حين سُئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت: "ما كان يزيد في رمضان[ ] ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً"، حيث ظنَّ أن الأربع الأولى بسلام واحد، والأربع الثانية بسلام واحد، والثلاث الباقية بسلام واحد.
ولكن هذا الحديث يحتمل ما ذكر، ويحتمل أن مرادها أنه يصلي أربعاً ثم يجلس للاستراحة واستعادة النشاط، ثم يصلي أربعاً وهذا الاحتمال أقرب أي أنه يصلي ركعتين ركعتين، لكن الأربع الأولى يجلس بعدها ليستريح ويستعيد نشاطه، وكذلك الأربع الثانية يصلي ركعتين ركعتين ثم يجلس ليستريح ويستعيد نشاطه، ويؤيد هذا قوله عليه الصلاة والسلام: "صلاة الليل مثنى مثنى"، فيكون في هذا جمع بين فعله وقوله صلى الله عليه وسلم، واحتمال أن تكون أربعاً بسلام واحد وارد لكنه مرجوح لما ذكرنا من أن النبي[ ] صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى".
وأما الوتر فإذا أوتر بثلاث فلها صفتان:
- الصفة الأولى: أن يسلم بركعتين ثم يأتي بالثالثة.
- الصفة الثانية: أن يسرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
مجموع فتاوى[ ] ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الرابع عشر - باب صلاة التطوع.
والله أعلم