منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الفقه وأصوله


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي أ/أحمد مخالفة
أ/أحمد غير متواجد حالياً
 
أ/أحمد
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : Apr 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,285 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي الربا وتفاصيل مسائله المعاصرة (2)

كُتب : [ 10-24-2011 - 10:21 AM ]

الفصل الرابع: بيع العينة

أ - تعريف العينة:

العينة: هي أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر [انظر عون المعبود 9/336].

قلت: ومثال ذلك: أن يبيع شخص سلعة على شخص آخر بمبلغ مائة ريال مؤجلة لمدة سنة، ثم في نفس الوقت يشتري البائع سلعته من المشتري بمبلغ خمسين ريالاً نقداً وتبقى المائة في ذمة المشتري الأول!



ب - بعض ما ورد في ذلك من النصوص:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم“

[أبو داود 3/275 برقم 3462، وانظر: عون المعبود 9/335، وقال الشيخ ناصر الدين الألباني إنه صحيح لمجموع طرقه، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/15 برقم 11] وللحديث روايات أخرى [انظر مسند الإمام أحمد 2/84].

وقد ذهب إلى عدم جواز بيع العينة، جمع من العلماء منهم: الإمام مالك بن أنس، والإمام أبو حنيفة، والإمام أحمد، والهادوية، وبعض الشافعية.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: ”ومن المعلوم أن العينة عند من يستعملها إنما يسميها بيعاً، وقد اتفقا – أي البائع والمشتري – على حقيقة الربا الصريح قبل العقد، ثم غيّر اسمها إلى المعاملة وصورتها إلى التبايع الذي لا قصد لهما فيه البتة إنما هو حيلة ومكر، وخديعة لله. فمن أسهل الحيل على من أراد فعله، أن يعطيه مثلاً: ألفاً إلا درهماً باسم القرض، ويبيعه خرقة تساوي درهماً بخمسمائة درهم.


وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”إنما الأعمال بالنيات“ [البخاري 1/2 برقم 1، ومسلم 3/1515 برقم 1907]. أصل في إبطال الحيل.


فإن من أراد أن يعامله معاملة يعطيه فيها ألفاً بألف وخمسمائة، إنما نوى بالإقراض تحصيل الربح الزائد الذي أظهر أنه ثمن الثوب،


فهو في الحقيقة أعطاه ألفاً حالة بألف وخمسمائة مؤجلة، وجعل صورة القرض وصورة البيع محللاً لهذا المحرم، ومعلوم أن هذا لا يرفع التحريم، ولا يرفع المفسدة التي حرم الربا لأجلها بل يزيدها قوة، وتأكيداً من وجوه، منها: أنه يقدم على مطالبة الغريم المحتاج من جهة السلطان والحكام إقداماً لا يفعله المربي، لأنه واثق بصورة العقد الذي تحيّل به“ [نيل الأوطار 6/363].

لباب الثالث

ما يجوز فيه التفاضل، والنسيئة

الفصل الأول: ما يجوز فيه التفاضل والنساء.

الفصل الثاني: الصرف وأحكامه.

الفصل الثالث: الحثّ على الابتعاد عن الشبهات.



الفصل الأول: ما يجوز فيه التفاضل والنساء

أ - جواز التفاضل إذا انتفت العلة:

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ”أجمع العلماء على جواز بيع ربوي بربوي لا يشاركه في العلة متفاضلاً، ومؤجلاً، وذلك كبيع الذهب بالحنطة، وبيع الفضلة بالشعير، وغيره من المكيل.

وأجمعوا كذلك على أنه يجوز التفاضل عند اختلاف الجنس إذا كان يداً بيد، كصاع حنطة بصاعي شعير، ولا خلاف بين العلماء في شيء من هذا“ [شرح النووي ببعض التصرف 11/9].


ب - جواز التفاضل في غير المكيلات، والموزونات:

قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: (باب بيع العبد، والحيوان بالحيوان نسيئة) [البخاري 3/41، وانظر: الفتح 4/419].

قلت: اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، فذهب الجمهور من علماء الأمة إلى الجواز واحتجوا بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، فعنه رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أبعث جيشاً على إبل كانت عندي، قال: فحملت الناس عليها حتى نفدت الإبل، وبقيت بقية من الناس لا ظهر لهم قال: فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”ابتع علينا بقلائص من إبل الصدقة إلى محلها حتى نفذ هذا البعث“ قال: فكنت أبتاع البعير بالقلوصين والثلاث من إبل الصدقة إلى محلها. حتى نفذ ذلك البعث قال: فلما حلت الصدقة أداها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [مسند الإمام أحمد 2/216، وانظر سنن أبي داود 3/250 برقم 3357].

وعن جابر رضي الله عنه قال: جاء عبد فبايع النبي صلّى الله عليه وسلّم على الهجرة، ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”بعنيه“ فاشتراه بعبدين أسودين، ثم لم يبايع أحداً بعد، حتى يسأله (أعبد هو)؟ [مسلم 3/1225 برقم 1602، وانظر: شرح النووي 11/39].

وهذا فيه جواز بيع عبد بعبدين سواء كانت القيمة متفقة أو مختلفة، وهذا مجمع عليه إذا بيع نقداً، وكذا حكم سائر الحيوانات [انظر: شرح النووي 11/39].

فإن باع عبداً بعبدين، أو بعيراً ببعيرين إلى أجل فالراجح الجواز كما سبق. وهذا هو مذهب الشافعي والجمهور [انظر: شرح النووي 11/39].

فظهر مما تقدم أن الراجح في بيع الحيوان بالحيوان متفاضلاً، ونسيئة هو الجواز. والآثار عن بعض الصحابة والتابعين تدلّ على جواز ذلك. قال البخاري – رحمه الله – في صحيحه:

1ـ ”اشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه، يوفيها صاحبها بالربذة“ [مكان بين مكة والمدينة معروف بالربذة].

2ـ واشترى رافع بن خديج بعيراً ببعيرين، أعطاه أحدهما وقال: آتيك بالآخر غداً رهواً إن شاء الله.

3ـ وقال ابن عباس: ”قد يكون البعير خير من البعيرين“.

4ـ وقال ابن المسيب: ”لا ربا في البعير بالبعيرين، والشاة بالشاتين إلى أجل“ [انظر صحيح البخاري 3/41، والفتح 4/419 فكل هذه الآثار هناك].




الفصل الثاني: الصرف وأحكامه

أ - المراطلة:

المراطلة: مفاعلة من الرطل.

وهي عرفاً: بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضلة وزناً [انظر شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك 3/284].

قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: ”الأمر عندنا في بيع الذهب بالذهب، والورق بالورق مراطلة.

إنه لا بأس بذلك، أن يأخذ أحد عشر ديناراً بعشرة دنانير، يداً بيد، إذا كان وزن الذهبين سواء عيناً بعين، وإن تفاضل العدد، والدراهم أيضاً في ذلك بمنزلة الدنانير“ [موطأ الإمام مالك 2/638].

فعلى هذا فالمعتبر في بيع الذهب بالذهب، وبيع الورق بالورق هو الوزن لا العدد. فلو كان عند رجل عشر قطع من الذهب ثم باعها بخمس قطع من الذهب، والوزن لعشر القطع يساوي وزن خمس القطع، فهذا جائز وهذا ما قصده الإمام مالك بالمراطلة.



ب ـ الصرف:

لا شك أن الصرف مما يحتاج إليه الناس، لتحويل العملات من عملة إلى عملة أخرى، فلما كان الأمر كذلك لم يغفله الإسلام، بل أوضحه للناس، الجائز منه وغير الجائز.

عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه قال: أقبلت أقول: من يصطرف الدراهم. قال طلحة بن عبيد الله – وهو عند عمر بن الخطاب – أرنا ذهبك، ثم ائتنا إذا جاء خادمنا نعطيك ورقك، فقال عمر بن الخطاب: كلا والله لتعطينه ورقه أو لتردن إليه ذهبه، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”الورق بالذهب ربا إلا هاء، وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء [أصله هاك فأبدلت المدة من الكاف ومعناه خذ هذا]، والشعير بالشعير ربا إلا هاء، وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء، وهاء“ [البخاري 3/30 برقم 2174، والموطأ 3/636، ومسلم 3/1210 برقم 1586].

قال الإمام النووي رحمه الله: ”قال العلماء: ومعناه التقابض ففيه اشتراط التقابض في بيع الربوي بالربوي إذا اتفقا في علة الربا. سواء اتفق جنسهما كذهب بذهب، أم اختلف كذهب بفضة، ونبّه صلّى الله عليه وسلّم بمختلف الجنس على متفقه... وأما طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه عندما أراد أن يصارف صاحب الذهب، فيأخذ الذهب ويؤخّر دفع الدراهم إلى مجيء الخادم، فإنما قاله، لأنه ظن جوازه كسائر المبيعات وما كان بلغه حكم المسألة، فأبلغه إياه عمر رضي الله عنه فترك المصارفة“ [شرح النووي 11/13].

وعن سفيان بن عيينة عن عمرو عن أبي المنهال قال: باع شريك لي ورقاً بنسيئة إلى الموسم، أو إلى الحج، فجاء إلي فأخبرني فقلت: هذا أمر لا يصلح قال: قد بعته في السوق فلم ينكر ذلك عليّ أحد. فأتيت البراء بن عازب فسألته. فقال: قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة، ونحن نبيع هذا البيع، فقال: ”ما كان يداً بيد فلا بأس به، وما كان نسيئة فهو ربا“ وائت زيد بن أرقم فإنه كان أعظم تجارة مني، فأتيته، فسألته، فقال مثل ذلك [البخاري 3/31 برقم 2180، 2181، ومسلم 3/1212 برقم 1589].

قال البخاري رحمه الله (باب بيع الذهب بالورق يداً بيد) ثم ذكر حديث أبي بكرة رضي الله عنه ”نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء. وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا، والفضة بالذهب كيف شئنا“ [البخاري 3/31 برقم 2182].

وروى البخاري رحمه الله تعالى عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”نهى عن بيع الذهب بالورق ديناً“ [البخاري 3/31 برقم 2180، 2181، وانظر شرح الموطأ للزرقاني 3/282].

ومن الأحاديث السابقة اتضح لنا ما يأتي:

1ـ أن صرف الفضة بالفضة، والذهب بالذهب جائز. على أن يكون الصرف مثلاً بمثل، وسواءً بسواء، ويكون ذلك يداً بيد أثناء وقت المصارفة.

2ـ أن صرف الذهب بالفضة، والفضة بالذهب جائز، على أن يكون الصرف يداً بيد في وقت المصارفة، أما المفاضلة بين الذهب والفضة بحيث يكون الذهب أكثر من الفضة وزناً، أو الفضة أكثر من الذهب وزناً فلا مانع من ذلك، لكن بشرط أن يكون يداً بيد في لحظة المصارفة.

3ـ أن شراء وبيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو الذهب بالفضة، أو الفضة بالذهب، لا يجوز الدين في ذلك مطلقاً، فلو أراد شخص أن يصرف من المصرف عملة من الذهب بعملة من الذهب، وسلّم أحدهما عملته والآخر أجل تسليم عملته إلى أجل فهذا لا يجوز، لأنه فقد شرط المقابضة يداً بيد. وكذلك الفضة بالفضة والذهب بالفضة والعكس كل ذلك لا يجوز فيه الدين مطلقاً.



الفصل الثالث: الحث عن الابتعاد عن الشبهات

لا شك أن المسلم دائماً ينبغي أن يكون حريصاً على التزام أمور الشرع كلها، فيعمل الواجبات، ويترك المحرمات، والمكروهات، ويأخذ بالمستحبات، ويأخذ ويترك من المباحات على حسب حاله، وحاجته، ويبتعد عن الشبهات، لعلمه بأن الشبهات تؤدي إلى المحرمات.

عن النعمان بن بشير قال: (سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول – وأهوى النعمان بإصبعه إلى أذنيه -: ”إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيها، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب“ [البخاري 1/19 برقم 52، ومسلم 3/1219 برقم 1599].

قال الإمام النووي رحمه الله: ”أجمع العلماء على عظم وقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام. قال جماعة: هو ثلث الإسلام، وإن الإسلام يدور عليه، وعلى حديث: ”الأعمال بالنية“ [البخاري 1/2 برقم 1، ومسلم 3/1515 برقم 1907] وحديث ”من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه“ [موطأ الإمام مالك 3/903].


وقال أبو داود: الإسلام يدور على أربعة أحاديث: هذه الثلاثة، وحديث: ”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه“ [البخاري 1/9 برقم 13، ومسلم 1/67 برقم 45].

وقيل حديث: ”ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس“ [سنن ابن ماجه 2/1374 برقم 4102، قال النووي: رواه ابن ماجه بأسانيد حسنة، انظر شرح النووي 11/28].


قال العلماء: وسبب عظم موقعه أنه صلّى الله عليه وسلّم نبه فيه على إصلاح المطعم، والمشرب، والملبس، وغيرها، وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإنه سبب لحماية دينه، وعرضه، وحذر من مواقعة الشبهات، وأوضح ذلك بضرب المثل: بالحمى. ثم بيّن أهمّ الأمور وهو مراعاة القلب... فبيّن صلّى الله عليه وسلّم أن بصلاح القلب يصلح باقي الجسد، وبفساده يفسد باقيه.

وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”الحلال بيّن والحرام بيّن“ فمعناه أن الأشياء ثلاثة أقسام:

حلال بيّن واضح. لا يخفى حله كالخبز، والعسل...

وأما الحرام البيّن فكالخمر، والخنزير، والكذب...

وأما المشتبهات: فمعناه أنها ليست بواضحة الحل، ولا الحرمة فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، ولا يعلمون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها، بنصّ أو قياس، أو استصحاب، أو غير ذلك...) [شرح النووي ببعض التصرف 11/28].

وقد نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله قول بعضهم:

مسندات من قول خير البرية



عمدة الدين عندنا كلمات



ما ليس يعنيك، واعملن بنية*



اترك الشبهات، وازهد، ودع




* [فتح الباري بشرح صحيح البخاري 1/129]



الباب الرابع

فتاوى في مسائل من الربا المعاصر

المسألة الأولى: العملة الورقية وأحكامها من الناحية الشرعية.

المسألة الثانية: مسألة الحيلة الثلاثية.

المسألة الثالثة: بيع المداينات بطريقة بيع وشراء البضائع وهي مكانها.

المسألة الرابعة: صرف العملة إلى عملة أخرى.

المسألة الخامسة: بيع الذهب المستعمل بذهب جديد مع دفع الفرق.

المسألة السادسة: بيع الذهب أو الفضة ديناً.

المسألة السابعة: المساهمة في شركات التأمين.

المسألة الثامنة: التعامل مع المصارف الربوية.

المسألة التاسعة: التعامل مع البنوك الربوية والعمل فيها.

المسألة العاشرة: التأمين في البنوك الربوية.

المسألة الحادية عشرة: شراء أسهم البنوك.

المسألة الثانية عشرة: العمل في المؤسسات الربوية.

المسألة الثالثة عشرة: فوائد البنوك الربوية.

المسألة الرابعة عشرة: قرض البنك بفوائد سنوية.

المسألة الخامسة عشرة: القرض بعملة والتسديد بأخرى.

المسألة السادسة عشرة: القرض الذي يجرّ منفعة.

المسألة السابعة عشرة: التأمين التجاري والضمان البنكي.



المسألة الأولى: العملة الورقية وأحكامها من الناحية الشرعية:

صدر في هذه المسألة قرار المجمع الفقهي الذي نصه على النحو الآتي:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على البحث المقدّم إليه في موضوع العملة الورقية، وأحكامها من الناحية الشرعية، وبعد المناقشة والمداولة بين أعضائه، قرّر ما يلي:

أولاً: إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة وبناء على أن علة جريان الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة.

وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل.

وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمناً، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تقوم الأشياء في هذا العصر، لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها ويحصل الوفاء والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمر خارج عنها، وهو حصول الثقة بها، كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سرّ مناطها بالثمنية.

وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية، لذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، يقرّر أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة، فتجب الزكاة فيها، ويجري الربا عليها بنوعيه، فضلاً ونسياً، كما يجري ذلك في النقدين من الذهب والفضة تماماً، باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياساً عليهما، وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.

ثانياً: يعتبر الورق النقدي نقداً قائماً بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، كما يعتبر الورق النقدي أجناساً مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلاً ونسياً كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرها من الأثمان.

وهذا كله يقتضي ما يلي:

( أ ) لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بغيره من الجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما، نسيئة مطلقاً، فلا يجوز مثلاً بيع ريال سعودي بعملة أخرى متفاضلاً نسيئة بدون تقابض.

(ب) لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلاً، سواء كان ذلك نسيئة أو يداً بيد، فلا يجوز مثلاً بيع عشرة ريالات سعودية ورقاً، بأحد عشر ريالاً سعودية ورقاً، نسيئة أو يداً بيد.

(جـ) يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقاً، إذا كان ذلك يداً بيد، فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية، بريال سعودي ورقاً كان أو فضة، أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاث ريالات سعودية أو أقل من ذلك أو أكثر إذا كان ذلك يداً بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة، بثلاثة ريالات سعودية ورق، أو أقل من ذلك أو أكثر، يداً بيد، لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة.

ثالثاً: وجوب زكاة الأوراق النقدية إذا بلغت قيمتها أدنى النصاربين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة.

رابعاً: جواز جعل الأوراق النقدية رأس مال في بيع السلم، والشركات.

والله أعلم: وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

[فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء، جمع محمد المسند، 2/379-380. وانظر: أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية 1/30-58].









مسألة الثانية: مسألة الحيلة الثلاثية:

س: عندي كمية من أكياس الأرز وهو بمستودع لنا ويأتي إليّ أناس يشترونه مني بقيمته في السوق ويدينونه على أناس آخرين فإذا صار على حظ المدين أخذته منه بنازل ريال واحد من مشتراه مني ثم يأتي أناس مثلهم بعدما يصير على حظي ويشترونه مني وهكذا وهو في مكان واحد إلا أنهم يستلمونه عداً في محله فهل في هذه الطريقة إثم أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

جـ: نعم هذه الطريقة حيلة على الربا.

الربا المغلظ الجامع بين التأخير والفضل، أي بين ربا الفضل وربا النسيئة، وذلك لأن الدائن يتوصل بها إلى حصول اثني عشر مثلاً بعشرة. وأحياناً يتفق الدائن والمدين على هذا قبل أن يأتيا إلى صاحب الدكان على أنه يدينه كذا وكذا من الدراهم، العشرة اثني عشر أو أكثر أو أقل، ثم يأتيان على هذا ليجريا معه هذه الحيلة وقد سماها شيخ الإسلام ابن تيمية: الحيلة الثلاثية،


وهي بلا شك حيلة على الربا، ربا النسيئة وربا الفضل، فهي حرام ومن كبائر الذنوب، وذلك لأن المحرم لا ينقلب مباحاً بالتحايل عليه، بل إن التحايل عليه يزيده خبثاً ويزيده إثماً،

ولهذا ذُكِرَ عن أيوب السختياني رحمه الله أنه قال في هؤلاء المتحايلين قال: إنهم يخادعون الله كما يخادعون الصبيان فلو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون،

وصدق رحمه الله، فإن المتحيل بمنزلة المنافق يظهر أنه مؤمن وهو كافر وهذا متحيل على الربا ويظهر أن بيعه بيع صحيح وحلال


[فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء، 2/382].

فضيلة العلامة ابن عثيمين

المسألة الثالثة: بيع المداينات بطريقة بيع وشراء البضائع وهي مكانها
س: ما حكم بيع المداينات بطريقة بيع وشراء البضائع وهي في مكانها وهذه الطريقة هي المتبعة عند البعض في مدايناتهم في الوقت الحاضر؟

جـ: لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة بنقد أو نسيئة إلا إذا كان مالكاً لها وقد قبضها لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم، لحكيم بن حزام: ”لا تبع ما ليس عندك“ [أبو داود 3/283، برقم 3503، والترمذي 3/525 برقم 1232، والنسائي 7/289، برقم 4613، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/9]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ”لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك“ رواه الخمسة بإسناد صحيح [أبو داود برقم 3504، والترمذي برقم 1234، والنسائي برقم 4611، وابن ماجه برقم 2188، وأحمد 2/174، 179، 205، والحاكم 2/17]، وهكذا الذي يشتريها، ليس له بيعها حتى يقبضها أيضاً للحديثين المذكورين.

ولِمَا رواه الإمام أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم [أبو داود 3/282، برقم 3499، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/668].

وكما روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ”لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبتاعون جزافاً – يعني الطعام – يُضْرَبون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم“ [البخاري 3/30، برقم 2131]، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة [فتاوى إسلامية 2/383-384].

سماحة العلامة عبد العزيز ابن باز

المسألة الرابعة: صرف العملة إلى عملة أخرى:


س: أريد أن أشتري عشرة آلاف دولار أمريكي من شخص معين بسعر 40 ألف ريال سعودي، وسيكون التسديد على أقساط شهرية، كل قسط ألف ريال، وأريد أن أبيع هذه الدولارات في السوق بسعر 37.500 ألف ريال، فما الحكم في ذلك علماً بأنني محتاج لهذه النقود؟

جـ: الحكم في هذا هو التحريم، فيحرم على الإنسان إذا صرف عملة أن يتفرق هو والبائع من مجلس العقد إلا بعد قبض العوضين، وهذا السؤال ليس فيه قبض العوض الثاني الذي هو قيمة الدولارات، وعلى هذا فيكون فاسداً وباطلاً، فإذا كان قد نفذ الآن فإن الواجب على هذا الذي أخذ الدولارات أن يسددها دولارات، ولا يجوز أن يبني على العقد الأول، لأنه فاسد، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق“ [فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء 2/386، والحديث أخرجه البخاري برقم 456].

فضيلة العلامة ابن عثيمين



المسألة الخامسة: بيع الذهب المستعمل بذهب جديد مع دفع الفرق

س: رجل يعمل ببيع وشراء المجوهرات، فيأتي إليه شخص معه ذهب مستعمل فيشتريه منه وتعرف قيمته بالريالات، وقبل دفع القيمة في المكان والزمان، يشتري منه الذي باع له الذهب المستعمل ذهباً جديداً، وتعرف قيمته، ويدفع المشتري الباقي عليه، فهل هذا جائز أم أنه لا بد من تسليم قيمة الأول كاملة إلى البائع ثم يسلم البائع قيمة ما اشتراه من ذهب جديد من تلك النقود أو من غيرها؟

جـ: في مثل هذه الحالة يجب دفع قيمة الذهب المستعمل، ثم البائع بعد قبض القيمة بالخيار إن شاء يشتري ممن باع عليه ذهباً جديداً أو من غيره، وإن اشترى منه أعاد عليه نقوده أو غيرها قيمة للجديد حتى لا يقع المسلم في الربا المحرم من بيع رديء الجنس الربوي بجيده متفاضلاً، لما روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب (جيد) فقال: أكلُّ تمر خيبر هكذا؟ قال: لا، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال: ”لا تفعل بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً“ [البخاري برقم 2201، ومسلم برقم 1594]، ولأن المقاصة في مثل هذا البيع ولو كانت في زمان ومكان البيع، قد تؤدي إلى بيع الذهب بالذهب متفاضلاً، وذلك محرم، لما روى مسلم رحمه الله تعالى عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد“. وفي رواية عن ابن سعيد: ”فمن زاد أو استزاد فقد أربا، الآخذ والمعطي سواء“ [فتاوى إسلامية 2/389، والحديث تقدم تخريجه ص34].

اللجنة الدائمة



س: ذهبت إلى بائع الذهب بمجموعة من الحلي القديمة ثم وَزَنَها وقال إن ثمنها 1500 ريال واشتريت منه حلي جديد بمبلغ 1800 ريال هل يجوز أن أدفعله 300 ريال فقط (الفرق) أم آخذ 1500 ريال ثم أعطيه 1800 ريال مجتمعة؟



جـ: لا يجوز بيع الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل سواء بسواء وزناً بوزن يداً بيد بنص النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة ولو اختلف نوع الذهب بالجدة والقدم أو غير ذلك من أنواع الاختلاف وهكذا الفضة بالفضة.

والطريقة الجائزة أن يبيع الراغب في شراء ذهب بذهب، ما لديه من الذهب بفضة أو بغيرها من العمل الورقية ويقبض الثمن ثم يشتري حاجته من الذهب بسعره من الفضة أو العملة الورقية يداً بيد، لأن العملة الورقية منزَّلة منزلة الذهب والفضة في جريان الربا في بيع بعضها ببعض وفي بيع الذهب والفضة بها.

أما إن باع الذهب أو الفضة بغير النقود كالسيارات والأمتعة والسكر ونحو ذلك فلا حرج في التفرق قبل القبض لعدم جريان الربا بين العملة الذهبية والفضية والورقية وبين هذه الأشياء المذكورة وأشباهها.

ولا بد من إيضاح الأجل إذا كان البيع إلى أجل لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} [سورة البقرة، الآية: 282].[ فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء 2/352]

سماحة العلامة عبد العزيز ابن باز




المسألة السادسة: بيع الذهب أو الفضة ديناً:


س: إنسان أخذ مني مصاغ ذهب، وثمن المصاغ ألف ريال، وقلت له لا يجوز إلا نقداً، وقال سلفني ألف ريال، وسلفته الألف وأعطاني إياه هل هذا يجوز؟


جـ: لا يجوز لأنه احتيال على الربا؛ وجمع بين عقدين، عقد سلف وعقد بيع، وهو ممنوع أيضاً(3).

اللجنة الدائمة

س: إذا حضر شخص يريد أن يشتري بعض المجوهرات من الذهب ولَمّا وزنت له ما يريد وجد أن المبلغ الذي معه لا يكفي قيمة للذهب فمعلوم في هذه الحالة أنه لا يجوز لي بيعه الذهب وتسليمه له وهو لم يسلمني إلا جزء من القيمة لكن إذا كنا في وقت الصباح مثلاً وقال لي أترك الذهب عندك حتى وقت العصر كي أحضر لك كامل الدراهم وأستلم الذهب الذي اشتريته منك ففي هذه الحالة هل يجوز لي أن أترك الذهب على كيسه وحسابه حتى يحضر لاستلامه أم يلزمني أن ألغني العقد وهو إن حضر فهو كسائر المشترين وإلا فلا شيء بيننا؟



جـ: لا يجوز أن يبقى الذهب الذي اشتراه منك على حسابه حتى يأتي بالدراهم، بل لم يتم العقد تخلصاً من ربا النسيئة ويبقى الذهب لديك في ملكك فإذا حضر ببقية الدراهم ابتدأتما عقداً جديداً يتم في مجلسه التقابض بينكما(1).

اللجنة الدائمة

__________
(1) سورة البقرة، الآية: 282.


(2) فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء 2/352.


(3) فتاوى إسلامية 2/390.




المسألة السابعة: المساهمة في شركات التأمين:


س: أنا من سكان الكويت، وعندنا شركات مساهمة خاصة بالأعمال التجارية والزراعية والبنوك وشركات التأمين والبترول، ويحق للمواطن المساهمة هو وأفراد عائلته، فنرجو إفادتنا عن حكم الشرع في مثل هذه الشركات.



جـ: يجوز للإنسان أن يساهم في هذه الشركات إذا كانت لا تتعامل بالربا، فإن كان تعاملها بالربا فلا يجوز، وذلك لثبوت تحريم التعامل بالربا في الكتاب والسنة والإجماع،


وكذلك لا يجوز للإنسان أن يساهم في شركات التأمين التجاري؛ لأن عقود التأمين مشتملة على الغرر والجهالة والربا، والعقود المشتملة على الغرر والجهالة والربا محرمة في الشريعة الإسلامية

(2).


اللجنة الدائمة


المسألة الثامنة: التعامل مع المصارف الربوية:

صدر في ذلك قرار المجمع الفقهي الإسلامي الآتي نصه:


إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12 رجب عام 1406هـ إلى يوم السبت 29 رجب 1406هـ قد نظر في موضوع تفشي المصارف الربوية وتعامل الناس معها وعدم توافر البدائل عنها، وهو الذي أحاله إلى المجلس معالي الدكتور الأمين العام نائب رئيسي المجلس.



وقد استمع المجلس إلى كلام السادة الأعضاء حول هذه القضية الخطيرة التي يقترف فيها محرم بين ثبت تحريمه بالكتاب والسنة والإجماع.


وقد أثبتت البحوث الاقتصادية الحديثة أن الربا خطر على اقتصاد العالم وسياسته وأخلاقياته وسلامته، وأنه وراء كثير من الأزمات التي يعانيها العالم، وأنه لا نجاة من ذلك إلا باستئصال هذا الداء الخبيث الذي نهى الإسلام عنه منذ أربعة عشر قرناً.


ثم كانت الخطوة العملية المباركة وهي إقامة مصارف إسلامية خالية من الربا والمعاملات المحظورة شرعاً.


وبهذا كذبت دعوة العلمانيين وضحايا الغزو الثقافي الذين زعموا يوماً أن تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي مستحيل؛ لأنه لا اقتصاد بغير بنوك، ولا بنوك بغير فوائد، ومما جاء في القرار كذلك أنه:


أولاً: يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله عنه من التعامل بالربا أخذاً وعطاء، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور.


ثانياً: ينظر المجلس بعين الارتياح إلى قيام المصارف الإسلامية بديلاً شرعياً للمصارف الربوية. ويرى المجلس ضرورة التوسع في إنشاء هذه المصارف في كل الأقطار الإسلامية وحيثما وجد للمسلمين تجمع خارج أقطاره، حتى تتكون من هذه المصارف شبكة قوية تهيئ لاقتصاد إسلامي متكامل.


ثالثًا: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل والخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام.


رابعاً: يدعو المجلس المسؤولين في البلاد الإسلامية والقائمين على المصارف الربوية فيها إلى المبادرة الجادة لتطهيرها من رجس الربا.


خامساً: كل مال جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعاً، لا يجوز أن ينتفع به المسلم (مودع المال) لنفسه أو لأحد مما يعوله في أي شأن من شؤونه، ويجب أن يصرف في المصالح العامة للمسلمين من مدارس ومستشفيات وغيرها، وليس هذا من باب الصدقة وإنما من باب التطهر من الحرام.ولا يجوز بحال ترك هذه الفوائد للبنوك الربوية لتتقوى بها، ويزداد الإثم في ذلك بالنسبة للبنوك في الخارج، فإنها في العادة تصرفها إلى المؤسسات التنصيرية واليهودية، وبهذا تغدو أموال المسلمين أسلحة لحرب المسلمين وإضلال أبنائهم عن عقيدتهم، علماً بأنه لا يجوز الاستمرار في التعامل مع هذه البنوك الربوية بفائدة أو بغير فائدة.


كما يطالب المجلس القائمين على المصارف الإسلامية أن ينتقوا لها العناصر المسلمة الصالحة، وأن يوالوها بالتوعية والتفقيه بأحكام الإسلام وآدابه حتى تكون معاملاتهم وتصرفاتهم موافقة لها.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل(1).


مجلة الدعوة، 1037


-----------------------

(1) فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء 2/393.









المسألة التاسعة: التعامل مع البنوك الربوية والعمل فيها


س: ما الحكم الشرعي في كل من:


1ـ الذي يضع ماله في البنك فإذا حال عليه الحول أخذ الفائدة.


2ـ المستقرض من البنك بفائدة إلى أجل؟


3ـ الذي يودع ماله في تلك البنوك ولا يأخذ فائدة؟


4ـ الموظف العامل في تلك البنوك سواء كان مديراً أو غيره؟


5ـ صاحب العقار الذي يؤجر محلاته إلى تلك البنوك؟


جـ: لا يجوز الإيداع في البنوك للفائدة، ولا القرض بالفائدة؛ لأن كل ذلك من الربا الصريح.
ولا يجوز أيضاً الإيداع في غير البنوك بالفائدة، وهكذا لا يجوز القرض من أي أحد بالفائدة بل ذلك محرم عند جميع أهل العلم، لأن الله سبحانه يقول: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا}( ). ويقول سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَات}( ).


ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}( ). ثم يقول سبحانه بعد هذا كله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}( ).


ينبه عباده بذلك على أنه لا يجوز مطالبة المعسر بما عليه من الدين ولا تحميله مزيداً من المال من أجل الإنظار بل يجب إنظاره إلى الميسرة بدون أي زيادة لعجزه عن التسديد، وذلك من رحمة الله سبحانه لعباده، ولطفه بهم، وحمايته لهم من الظلم والجشع الذي يضرهم ولا ينفعهم.



أما الإيداع في البنوك بدون فائدة فلا حرج منه إذا اضطر المسلم إليه،


وأما العمل في البنوك الربوية فلا يجوز سواء كان مديراً أو كاتباً أو محاسباً أو غير ذلك


لقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُواْ عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}( ).


ولِمَا ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه ”لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه“.

وقال: ”هم سواء“. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.


والآيات والأحاديث الدالة على تحريم التعاون على المعاصي كثيرة، وهكذا تأجير العقارات لأصحاب البنوك الربوية لا يجوز للأدلة المذكورة، ولما في ذلك من إعانتهم على أعمالهم الربوية.


نسأل الله أن يمنّ على الجميع بالهداية وأن يوفق المسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين لمحاربة الربا والحذر منه والاكتفاء بما أباح الله ورسوله من المعاملات الشرعية إنه ولي ذلك والقادر عليه.


سماحة العلامة عبد العزيز ابن باز

فتاوى إسلامية، 2/397.



المسألة العاشرة: التأمين في البنوك الربوية
س: الذي عنده مبلغ من النقود ووضعها في أحد البنوك لقصد حفظها أمانة ويزكيها إذا حال عليها الحول فهل يجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

جـ: لا يجوز التأمين في البنوك الربوية ولو لم يأخذ فائدة؛ لِمَا في ذلك من إعانتها على الإثم والعدوان، والله سبحانه قد نهى عن ذلك، لكن إن اضطر إلى ذلك ولم يجد ما يحفظ ماله فيه سوى البنوك الربوية، فلا حرج إن شاء الله للضرورة، والله سبحانه يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}، ومتى وجد بنكاً إسلاميّاً أو محلاًّ أميناً ليس فيه تعاون على الإثم والعدوان يودع ماله فيه لم يجز له الإيداع في البنك الربوي.
سماحة العلامة عبد العزيز ابن باز

فتاوى إسلامية، 2/397.

المسألة الحادية عشرة: شراء أسهم البنوك:


س: ما حكم شراء أسهم البنوك وبيعها بعد مدة بحيث يصبح الألف بثلاثة آلاف مثلاً؟ وهل يعتبر ذلك من الربا؟

جـ: لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها لكونها بيع نقود بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض؛ ولأنها مؤسسات ربوية لا يجوز التعاون معها لا ببيع ولا شراء لقول الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)


ولِمَا ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه ”لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه“، وقال: ”هم سواء“ رواه الإمام مسلم في صحيحه، وليس لك إلا رأس مالك.


ووصيتي لك ولغيرك من المسلمين هي الحذر من جميع المعاملات الربوية، والتحذير منها، والتوبة إلى الله سبحانه مما سلف من ذلك، لأن المعاملات الربوية محاربة لله سبحانه ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم، ومن أسباب غضب الله وعقابه كما قال الله عز وجل: {


الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}. وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}. ولِمَا تقدّم من الحديث الشريف.
سماحة العلامة عبد العزيز ابن باز
فتاوى إسلامية، 2/399-400

 

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:33 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML