بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّدٍ وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فأحبُّ أنْ أذكَّر الإخوة بأمرٍ ألاَ وهو أنَّه قَدْ يَنْخَدِعُ بعض أهل السُّنَّة فيقع في حبائل الشِّيطانِ ومكَايدهِ، وَيُخَالِف الْجَادَّة الْمَسْلُوكة عند أئمَّة أهل السُّنَّة في البابِ، ومما يجبُ أن يعلم أنَّ أصلَ كلِّ شرٍّ يعودُ إلى البدعِ، كمَا قَال الإمام ابن القيم في (إعلام الموقعين) (1/ 136).
لذَا وجبَ الفِرَار مِنَ البدعةِ وأهلها، لِمَا تَجرُّه ويَجرهُ أهلها مِنْ مضارّ على الدِّين، والعياذ بالله، وَ: "أَصْحَابُ البِدعِ مِثل العَقَارب، يدفنونَ رؤوسهم وأيديهم فِي التُّرابِ، ويُخْرِجُون أذنابهم، فإذَا تَمَكَّنوا لدَغُوا، وكذلكَ أهَل البِدع مُختفونَ بين النَّاسِ، فإذا تَمَكَّنوا بَلغوا مَا أَرادوا" (المنهج الأحمد) (2/ 37) للعُليمي.
وقد نبَّه عليه أحد أئمَّة الإسلام الأعلام وطبيب من أطباء القلوب وعللها؛ ألا وهو الإمام الهمام ابن القيم رحمه الله وغفر له عن الوقوع في شراك أهل الهوى والبدع حيث قال ناصحاً مُداوياً في كتابه العظيم (إغاثة اللفهان من مصائد الشيطان) (1/ 231- ط الحلبي!!):
"ومِنْ أنواعِ مَكايدهِ وَمَكْرهِ: أنْ يَدْعو العبدَ بِحُسن خُلقهِ وَطَلاقتهِ وبِشرهِ إلى أنواع مِنَ الآثام والفُجور، فيلقاهُ مَنْ لا يُخلِّصهُ مِنْ شَرِّه إلاَّ تَجهُّمهُ والتَّعبيسُ في وجَهْهِ والإعراض عنهُ، فيُحسِّنُ لَهُ العدوُّ أنْ يَلْقَاهُ بِبشرهِ وطلاقةِ وَجههِ وحُسن كلامهِ، فيتعلَّق به، فيرومُ التَّخلُّصَ منْه فيعجزُ، فلا يَزالُ العدوُّ يَسْعى بيْنَهُما حَتَّى يُصيبَ حاجتهُ، فَيَدْخُلَ عَلى العبدِ بكيدهِ مِنْ بابِ: حُسن الْخُلُقِ وَطلاقة الوجْهِ!
ومِنْ هَا هُنا وصَّى أطباء القُلُوب بالإعراضِ عَنْ أهلِ البِدَعِ، وأنْ لاَ يُسلِّم عليهم، ولا يُريهم طَلاقة وجههِ، ولا يَلْقاهم إلاَّ بالعَبوسِ وَالإعراضِ".
فانتبه أيها السُّني إلى هَذا المدخل، وكُنْ منْه عَلى حذرٍ، فَقَدْ نَصحكَ الإمام ابنُ القيِّم، وأبانَ لك السَّبيل ووصيَّة أطباء القُلوب، والمرء عَلى نفسه بصير.
و للمسألة تتمة بحول الله، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم.
وكتب
عبد الله بن عبد الرَّحيم البخاري
ضحى عيد النحر/ 1429ه
[تنبيه: أصل هذا المقال تعليق للشيخ على موضوع نشر في شبكة سحاب السلفية بعنوان: (منهج السلف الصالح كله مصالح في هجر المبتدع)]