الموضوع: أسباب السعادة
عرض مشاركة واحدة
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,252 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 09-04-2021 - 11:25 PM ]

وهنا تتحقق السعادة.
إذا أصابته النعمة لايدخله كِبْر ولابَطَر ولاعُجْب ولاغرور ولاشيء من الأمور المنافية للإيمان الواجب.
بل إيمانه يهديه أن هذه نعمة الله عليه ومنته وفضله سبحانه وتعالى،
فتجده معترفًا بالنعمة للمنعم، شاكراً مستعملاً للنعمة في طاعة الله فيوفَّق لكل خير.
ويفزع إلى إيمانه في ضرّائه وفي شدّته وبلائه فيأتيه الإيمان بالهدايات المباركة؛ يرشده إلى الصبر، يدعوه إلى الرضا والتوكل على الله سبحنه وتعالى وحسن اللجوء إليه، يرشده إلى الدعاء والمناجاة ولذة الإقبال على الله سبحانه وتعالى.
وإذا وُفق للطاعة من علم نافع أو قول سديد أو عمل صالح أو بذل أو إحسان أو غير ذلك يفزع إلى الإيمان فيهديه الإيمان إلى أن هذه منة الله عليه *{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}*[النور: 21]،
*{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم (8)}*[الحجرات].
فيحمد الله الذي هداه لهذه الطاعة ووفقه لهذه العبادة ولايدخل في عجب.
💥والعجب من أكبر مايكون ضرراً على الإنسان.
*والعُجْبَ فاحْذَرْهُ إنَّ العُجْبَ مُجْتَرِفٌ*
*أعْمالَ صاحِبِهِ في سَيْلِهِ العَرِمِ*.
العجب دمار على الإنسان وهلاك، ومجترف لأعماله،
فإذا وُفق للطاعات والعبادات وأبواب من الخير يقول: هذا فضل الله عليّ، هذا نعمة الله، هذا توفيق الله، أسأل الله أن يزيدني من فضله، يعرف نعمة الله عليه فيسعد.
وإذا وقع في معصية فزع إلى الإيمان فهداه إيمانُه إلى التوبة والإنابة والحياء من الله والرجوع إلى الله فيجد لذة الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى.
ولهذا إذا لم يحسن الإنسان في هذا الباب باب الطاعة والمعصية ولم يُحسن الفزع إلى الله يتضرّر وربما يكون فيه هلاكه.
كما قال ابن القيم رحمه الله: *(وهذا معنى قول بعض السلف: إنّ العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة، ويعمل الحسنة يدخل بها النار.*
*قالوا: كيف؟*
*قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه منه مشفقاً وجلاً باكياً نادماً مستحياً من ربِّه تعالى ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة.*
*ويفعل الحسنة فلا يزال يمنّ بها على ربِّه ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها ويستطيل بها ويقول: فعلت وفعلت فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة مايكون سبب هلاكه فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيراً ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده وإن أراد به غير ذلك خلاه وعجبه وكبره وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه)* اهـ.

💡وهذا الموضوع العظيم النافع تكلَّم عنه بكلام مفيد للغاية [العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي في آخر كتابه "التوضيح والبيان لشجرة الإيمان"]،
وأنصح كثيرًا بقراءة هذا الكتاب كاملاً.
وله أيضاً منظومة جميلة جداً "في السير إلى الله والدار الآخرة" صدّرها بقوله:
*سَعِدَ الَّذِينَ تَجَنَّبُوا سُبُلَ الرَّدَى*
*وَتَيَمَّمُوا لِمَنَازِلِ الرِّضْوَانِ*
...ثم ذكر أوصاف هؤلاء.
والمنظومة يصلح أن توصف بأوصاف السُّعداء، ذكر فيها أوصافاً عظيمة للسائرين إلى الله.
فمن أراد أن يقرأ أوصاف السعداء فليقرأ تلك المنظومة مع شرحه لها رحمه الله تعالى.

والعلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "زاد المعاد" عقد فصلاً عظيماً جداً أيضاً جديراً بأن يُطلع عليه وأن يُقرأ في أسباب شرح الصدر.
- وشرح الصدر هو السعادة وهو اللذة والطمأنينة.
فذكر رحمه الله أموراً عديدةً يُنال بها شرحُ الصدر.

*والمقصــــــــود:* أنّ الإيمان مفزع للمؤمن في المسار والمكاره، في الطاعات والمعاصي، في المصائب والنعم،
وأن المؤمن في أحواله كلّها يفزع إلى الإيمان فيجد في ذلك السعادة في الدنيا والآخرة.

والله جلّ وعلا يقول *{إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}*[الانفطار: 13]،
أي : نعيم - كما قال أهل العلم - في دورهم الثلاثة: في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة.
*{وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}*[الانفطار: 14]،
أي: في دورهم الثلاثة: في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة.

أسال الله الكريم ربّ العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكتب لنا جميعاً بحياة السعداء، وأن يصلح لنا جميعاً ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، وأن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
~ৡ﹏﹏﹏﹏﹏﹏ ﹏﹏﹏﹏﹏﹏ৡ~




توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس