قال الله تعالى (( انّ الله و ملائكته يصلون على النبي ، يا ايّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ))الاحزاب 56
الشرح/
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين ، باب الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلّم ، الأمر يعني من الله عز و جل الذي أرسله ، و الله سبحانه و تعالى يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس ، و الله عز و جل يخلق ما يشاء و يختار، و الله عز وجل أعلم حيث يجعل رسالته ، فجعل خيرالرسالات في محمد صلى الله عليه و سلّم، و ختم به النبوة، فلا نبي بعدها، فمن أدعى أنه نبي بعد رسول الله، فانه كافر و من صدقه فانه كافرأيضا، لقول الله تعالى ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبّيين )) الأحزاب 40
و قد أمر الله بالصلاة على نبيه و السّلام عليه، فقال تعالى (( انّ الله و ملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما )) . فبدأ الله بالاخبار عن نفسه و عن ملائكته أنّهم يصلّون على النبي، و هذه الآية كما تعرفون في سورة الأحزاب التي أمرالله تعالى فيها نبيه بتقوى الله عز و جل و أنزل عليه أعظم آية فيما يتعلق بفعل الرسول صلى الله عليه و سلم فقال (( يا ايّها النّبيّ اتّق الله و لاتطع الكافرين و المنافقين انّ الله كان عليما حكيما )) الأحزاب 1، و قال تبارك و تعالى له((و اذ تقول للّذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك زوجك و اتّق الله و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى النّاس و الله أحق ان أن تخشاه )) الأحزاب37 فلمّا نزلت هذه القوارع العظيمة على رسول الله صلى الله عليه و سلّم جبرالله ذلك بقوله (( انّ الله و ملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين ءامنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما )) و بقوله (( انّ الذّين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الذنيا و الآخرة و أعد لهم عذابا مهينا )) الأحزاب 57 فأنجبرت هذه القوارع التي نزلت من الله تعالى في حق رسول لله صلى الله عليه و سلم .
و قوله ((و ملائكته)) يشمل كل ملك في السماوات و الأرض، فانه يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم، و معنى الصلاة من الله على رسوله الثناء عليه في الملأ الأعلى، يعني يمدحه الله و يثني عليه و يبين فضله في الملأ الأعلى في الملائكة . و أمامعنى الصلاة عليه من الملائكة و البشر فهو الدعاء له بأن يصلي الله عليه . ثم أمرلما ذكر أنه و ملائكته يصلون عليه أمرنا بأن نصلي و نسلم، نصلي عليه و نسلم.
و هذا الأمرمطلق لم يبين متى، لكنه جاء في السنة أنه يصلي عليه الصلاة و السلام في مواطن منها في التشهد في الصلاة، فان الصحابة قالوا يا رسول الله علمناكيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك اذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ؟ قال ((قولوا اللهم صل على محمد، الى آخره)) رواه البخاري كتاب احاديث الانبياء باب قوله تعالى (( و اتخذ الله ابراهيم خليلا )) حديث 3369، و مسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم، حديث (405)، و الترمّّذي، حديث 3220، و النسائي، حديث(1285) .
و منها اّذا ذكر اسمه فانّك تصل عليه، اما وجوبا أو استحبابا، لأن النبي صلى الله عليه و سلّم قال ((رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي)) و قال جبريل يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم ((رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك )) قل(( آمين، فقال آمين))، فالصلاة عليه اذا ذكر واجبة عند كثير من العلماء و مستحبة عند أكثرالعلماء، و قوله(( صلّوا عليه )) أي اسألوا الله الصلاة عليه، قولوا اللهم صلي على محمد، ((و سلموا عليه)) يعني اسألوا الله له السلامة من كل آفة، من كل آفة في حياته و من كل بلاء في حشره عليه الصلاة و السلام، لأن الأنبياء في الحشر، كل يدعوا اللّهم سلم، اللهم سلم، اللهم سلم، و كذلك يتضمن الدعاء بالسلامة لدينه و شريعته أن يسلمها الله تعالى من الأعداء فلا يسطو عليها بتحريف أو تغير الا سلط الله عليه من يبين ذلك.و هذا هو الواقع و لله الحمد.
من كتاب شرح رياض الصالحين
من كلام سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم
للامام الحافظ الفقيه ابي يحيى بن شرف النووي رحمه الله
شرحه و املاه فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله.