الشيخ محمد صالح العثيمين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله الله تعالى بشيراً ونذيرا فبلغ رسالة ربه ونصح لأمته وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الدين والدنيا فلقد أرسل الله إليكم رسولاً يتلوا عليكم آياته ويزكيكم ويعلمكم الكتابة والحكمة فبقي فيكم دينه متلو في كتاب الله غير مبدل ولا مغير ومأثوراً فيما صح من سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد أنعم الله عليكم بما خولكم من نعمة المال وبين لكم كيف تكتسبونه وكيف تتصرفون فيه وجعل أهم شيء تصرفونه إليه طاعة الله ورسوله وتتمتعون به في حدود ما أباح الله لكم ففي المال قيام دينكم ودنياكم فاعرفوا حقه وابذلوه في مستحقه وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجرا أيها المسلمون ولأن سألتم ما هو مالكم في الحقيقة لقلنا إن مالكم في الحقيقة ما قدمتموه لأنفسكم في حياتكم أما ما جمعتموه ثم خلفتموه وراء ظهوركم فإنه ليس لكم ولكنه لمن يرثه بعدكم فانتهزوا فرصة العمر واصرفوا أموالكم في طاعة الله عز وجل قبل أن تنتقلوا عن الدنيا كما قال الله عز وجل : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ) إنكم ستنتقلون عن الدنيا أغنياء عما خلفتم فقراء إلى ما قدمتم وفي الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال آيكم مال وارثه أحب إليه من ماله قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه قال فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما آخر وصدق رسول الله صلى الله عليه انظروا إلى أغنى الناس في الدنيا بماذا ينتقلوا إذا انتقل إلى الآخرة إنه لا ينتقل إلا بخرق يستوي فيها مع أفقر الناس وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة وتصدقوا بها سواء كتفيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم بقي كلها غير كتفيها أيها المسلمون إن إنفاق المال له طرق كثيرة فمنها أن يتصدق به المرء صدقة منجزة على الفقراء والأقارب يملكونها ويتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه وذلك من أفضل الأعمال وأربح التجارة لما نزل قول الله عز وجل : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) جاء أبو طلحه رضي الله عنه وكان له حديقة وكان قبلتها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تسمى بيرحاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فقال يا رسول الله إن الله أنزل هذه الآية : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) وإن أحب مالي إلي بيرحاء وإنه صدقة لله أرجو برها ودخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم بخن بخن ذاك مال رابح ذاك مال رابح وقد سمعت وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين فقسمها أبو طلحة في أقربائه وبني عمه ومن أفضل طرق إنفاق المال أن ينفقه الإنسان في بناء المساجد والمشاركة فيه فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من بني لله مسجداً يبتغي به وجه الله بني الله له بيتاً في الجنة فالمساجد يصلي فيه المسلمون ويأوي إليه المحتاجون ويذكر فيها اسم الله بتلاوة كتابه وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم والفقه في دينيه وفي كل ذلك أجر لبانيها والمشارك فيها يستمر له ليلاً ونهارا في حياته وبعد مماته ويسلم من تخاصم الورثة فيما بعد ومن إنفاق المال في طرق الخير أن ينفقه الإنسان في طبع الكتب النافعة والنشرات الهادفة والأشرطة المفيدة فإن ذلك كله نافعاً للإنسان لأنه من نشر العلم المفيد للأمة ومن طرق إنفاق المال في الخير أن ينفقه الإنسان في المصالح العامة كإصلاح الطرق وتأمين المياه فإن الصحابة رضي الله عنهم حين قدموا المدينة كان فيه بئر تسمى بئر روما لا يحصلون الماء منها إلا بثمن فاشترها عثمان رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حفر رومه فله الجنة فحفرها عثمان رضي الله عنه ومن إنفاق المال في طرق الخير أن ينفقه في تعليم القرآن وتعلمه وذلك بصرفه إلى حلقات تعليم القرآن في المساجد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه والمعين على تعلم القرآن وتعليمه مشارك لهم في الأجر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من جهز غازياً فقد غزا ومن إنفاق المال في طرق الخير أن يحبسه الإنسان وينفق غلته فيما يقرب إلى الله عز وجل وهو الوقف والسبيل ففي الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضاً بخيبر لم يصب مالاً أنفس عنده منه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستشيره فيها ويستامره فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها وفي صحيح البخاري في لفظ له تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره وللنسائي أحبس أصلها وسبل ثمرتها فتصدق به عمر في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين والضيف وابن السبيل وذي القربى وعلى هذا فإذا سبل الإنسان ملكه صار وقفاً محبوسا لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولا يرهن وإنما يصرف فيما جعل فيما جعله الواقف فيه ما لم يكن إثما أيها المسلمون إن من الناس من يظن أن المقصود بالوقف أن يحبسه على طائفة معينة من ورثته ويمنع غيره ولكن هذا خطأ عظيم إنما المقصود بالوقف أمران عظيمان أولهما التقرب إلى الله عز وجل وابتغاء الأجر والثواب منه ببذل غلة الوقف فيما يرضيه والثاني نفع الموقوف عليهم والإحسان إليهم وإذا كان المقصود الأعظم به التقرب إلى الله فإنه لا يجوز الوقف إذا كان فيه معصية لله ورسوله إذا لا يتقرب إلى الله إلا بطاعته فلا يجوز الوقف على بعض الأولاد دون بعض لأن الله أمر بالعدل فقال عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم حتى لو كان المعين الذي وقف عليه فقيرا فإنه لا يجوز تخصيصه لأن العدل بين الأولاد واجب اللهم إلا أن يوقفه على الفقراء دون تعين للشخص فإنه يختص بالفقراء والوقف على بعض الأولاد دون بعض منافي للعدل إلا ما ذكرنا بأن يجعل بأن يجعل الاستحقاق موقوف على صفة معينة لا على شخص معين كأن يوقفه على طالب العلم منهم أو على الفقير منهم أو ما أشبه ذلك من الصفات التي تعتبر شرعا فإذا وقفه على الفقير منهم فلا حظ فيه للغنى حال غناه وإذا وقف على طالب العلم منهم فلا حظ فيه لغير طالب العلم إذا تخلى عن الطلب ولا يجوز للإنسان أن يوقف شيئاً من ماله وعليه دين لا وفاء له من غير ما وقفه حتى يوفي دينه لأن ذلك إضراراً بغريمه ولأن وفاء الدين أهم لأنه واجب والوقف تطوع ولا يجوز أن يوصي بوقف شيء بعد موته على بعض ورثته دون بعض لأن الله قسم المال بين الورثة وقال : ( فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ) وفي الآية الثانية : ( وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ) وبين أن ذلك من حدوده وتوعد من تعدها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث فإذا قال الإنسان أوصيت بداري وقفاً على ذريتي وله ورثة غير الذرية كان ذلك خروجاً عن فريضة الله وإخلال بوصية الله وتعدي لحدود الله ومعصية لله ورسوله فلا يجوز أن يوصي الإنسان بوقف على ذريته وله ورثة غير الذرية حتى ولو كان الورثة من الزوجات لأن الورثة لا يجوز أن يوصى لهم بشيء يتجاوز ما طلب الله لهم أيها المسلمون وإذا كان المقصود بالوقف هو التقرب إلى الله عز وجل ونفع الموقوف عليهم فالذي ينبغي للإنسان إذا أراد أن يوقف شيء أن ينظر ما هو أقرب إلى الله وأنفع لعباده ولينظر في النتائج المترتبة على وقفه وليتجنب ما يكون سبب للعداوة والقطيعة وليعلم أن إنفاق المال في حياته وصحته خير وأفضل وأعظم أجرا لاسيما إذا كان في صالح مستمر كبناء المساجد وإصلاح الطرق وتأمين المياه وطبع الكتب النافعة وشرائها وتوزيعها على من ينتفع بها وإعانة في زواج فقير يحصنه ويحصن زوجته وربما يولد بينهما ولداً صالح ينفع المسلمين فهو مصلحة وأجر لمن أعانه على الزواج ولو قدر أنه ولد بينهما فاسد لم يضر المعين شيئا لأنه لم يعنه من أجل طلب مثل هذا الولد وفي صحيح مسلم أن رجل قال يا رسول الله أي الصدقة أفضل وفي لفظ أي الصدقة أعظم أجرا قال أن تصدق وأنت صحيحاً شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة في حال الصحة أفضل لأنها صدقة من شخص يخاف الفقر ويأمل طول البقاء فهو شحيح بالمال لذلك بخلاف من جعل تنفيذ المال بعد يأسه من الحياة بعد يأسه من الحياة وانتقال المال للوارث وقد تصدق الله على عباده بثلث أموالهم يوصون بها بعد موتهم لأقاربهم غير الوارثين أو للفقراء أو لبناء المساجد أو غيرها من طرق الخير والبر ولكن لو سئلنا أي أفضل أن يوصي الإنسان بالثلث أو بما دون الثلث لقلنا الأفضل أن يوصي بما دون الثلث لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وقد ذكر عن أبي بكر رضي الله عنه أنه أوصى بالخمس وقال أرضى بما رضي الله به وقال ابن عباس رضي الله عنهما لو أن الناس قضوا من الثلث إلى الربع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال الثلث كثير وإذا أوصى الإنسان بشيء من ماله فله الرجوع في وصيته وله إبطالها وله أن يغيرها فيزيد فيها وينقص في حدود ثلث المال أما الوقف فإن الإنسان إذا وقف فليس له الرجوع في وقفه لأن الوقف يكون لازماً من حين أن يقفه فاتقوا الله أيها المسلمون واعرفوا كيف تتصرفون في أموالكم واصرفوها حيث أمركم الله فإن الله يقول : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) اللهم بارك لنا في ما رزقتنا وأجعل صرفه فيما يرضيك عنا إنك أنت على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور والحمد لله الذي يقدر على عباده ما فيه الحزن والسرور فبيده ملكوت السماوات والأرض وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثير
أما بعد
أيها المسلمون فإنه لا إنكار أن الله خلق السماوات والأرض حتى عند المشركين الكافرين بالله ورسوله (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) إن الكفار وهم على كفرهم وشركهم يقرون بأن الله تعالى خالق السماوات والأرض وإذا كان الله خالق السماوات والأرض فهو المتصرف فيهما كما يشاء بيده ملكوت السماوات والأرض ومن رحمته بعباده ومن نعمته عليهم أن جعل لهم الأرض قراراً يقرون فيها وجعل لها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها وجعلها ذلولاً لعباده يسيرون فيه حيث يشاءون يكتسبون الرزق من فضله من فضله عز وجل فإذا أراد أن يريهم آية من آياته تبين قدرته عز وجل وتبين أنه غير غافل عن عباده وعن أعمالهم أخلف هذه العادة وجعلها تهتز أو تنخسف قال الله عز وجل : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) فلا أحد يقدر على تغير هذا الأمر أن يأتي الأمر من تحت أرجلنا بالخسف أو بالزلزال ولا أدل على ذلك من ضعف بني آدم وعجزهم أن أن يحدث الزلزال بدون أن يشعر به الناس : ( َيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ولكن الخطأ كل الخطأ أن ينسب ذلك إلى الطبيعة دون أن ينسب إلى الخالق عز وجل ولا ينسبه إلى الطبيعة إلا من كان جاهلاً بالله عز وجل جاهلاً بآيته ولا شك أن هذا الزلزال الذي يصيب بعض مناطق الأرض لاشك أنه ناشئ بقدر الله عز وجل وبقدرته وتدبيره وإن كان الله تعالى قد يجعل له أسباب طبيعية تثيره وتهيجه لكن من خلق هذه الأسباب أليس هو الله وحده إن هذا هو الجواب الصحيح وعلى هذا فالواجب على المسلمين أن يتخذوا من هذه الزلازل عبره يتعظون بها ويرجعون بها إلى الله ولا شك إن ما يصيب الناس من المصائب فإنه بذنوبهم كما قال الله عز وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) وقال الله تعالى يخاطب الصحابة رضي الله عنهم حين أصابهم ما أصابهم في غزوة احد قال لهم : ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) أيها المسلمون إن الواجب علينا أن نتخذ من ذلك عبرة وأن نتوب إلى الله ونرجع إليه وأن نخشى أن يصيبنا إذا نحن ظلمنا أنفسنا ما أصاب غيرنا من هذه الزلازل المدمرة وإن كثيراً من الناس يجادل فيقول إن المصائب قد تكون من غير الذنوب ثم يضرب لذلك مثلاً بما أصاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولكن هذا ما هو إلا جدل كما قال الله عز وجل في الذين يجادلون في عيسى بن مريم ما ضربوه لك إلا جدلا إننا نعلم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حالهم مستقيمة حالهم صالحة معصومون على الإقرار عن الإثم والعدوان وأنهم أشرف الخلق عند الله عز وجل ولكن الله يصيبهم بعض المصائب لينالوا أكمل درجات الصبر فإن الصبر منزلة عالية أراد الله عز وجل أن تتحقق لبعض الرسول عليهم الصلاة والسلام فيصيبهم بالمصائب حتى يكملوا درجات الصبر الثلاثة وهي الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله والصبر على أقدار الله المؤلمة أما أمم ظالمة معتدية أمم فيها من يحارب دعاة الحق أمم فيها من يحكم غير كتاب الله وسنه رسوله فإنه إذا أصابتهم مثل هذه الأمور فإننا نعلم علم اليقين أن هذا بسبب الذنوب وعليهم أن يرجعوا إلى الله عز وجل وأن يستعتبوا من ذنوبهم كما علينا نحن جميعاً أن نحذر ونخاف أن يصيبنا ما أصاب غيرنا من هذه الزلازل أيها المسلمون وإن زلزلت هذه الزلازل بعض قلوب الناس فيا أسفاه أن لا تحرك من القلوب ساكناً زلزلت الدين والأخلاق التي يبثها أعداءنا لنا في كل وقت وحين وإن زلزلت الإيمان من القلوب وزلزلت اليقين من القلوب وزلزلت الأخلاق من القلوب بما يبث في وسائل الأعلام وغيرها إنه عندنا أكبر من هذه الزلازل لأن هذه الزلازل إن أصابت فإنما تصيب الناس وغاية ما يكون الموت الذي هو مآل كل حي ولكن زلازل القلوب والإيمان والأخلاق زلازل تبقي الأمة أمة هالكة أمة كالبهائم يتمتعون كما تتمتع الأنعام فاتقوا الله أيها المسلمون واحفظوا دينكم احفظوا دينكم وأخلاقكم عن محارم الله عز وجل احذوا أعداءكم من النصارى واليهود والوثنين والشيوعيين والمنافقين وغيرهم كونوا أمة صالحة كونوا أمة يقظة كونوا أمة لا ترعى ولا تراعى إلا مستقبلها المحتوم وهو يوم القيامة الذي هو مآل كل حي إن الدنيا مهم طالت بكم ومهما نعمة لكم فإنما هي زائلة إما أن تزول من بين أيديكم بالخسارات والنفقات والنكبات وإما أن تزولوا عنه هذا هو الحقيقة فاتقوا الله عباد الله أقبلوا إلى الله أعينوا من أطاع الله كونوا مع دعاة الحق كونوا مع الأمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر وكونوا عباد الله إخوانا لا تتفرقوا لا تختلفوا لا تتحاسدوا إذا أنعم الله على أحدكم بنعمة فأسالوا الله من فضله فإن ذلك هو الطريق الصحيح لا تكرهوا نعم الله على غيركم فإن ذلك هو الحسد الذي يأكل الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أيها المسلمون أمة محمد إنكم بقية في الأرض فاتقوا الله عز وجل في هذه البقية اتقوا الله في أنفسكم أرجعوا إلى دينكم رجوعاً جميلا أحسنوا معاملتكم مع الله يحسن الله ما بينكم وبين الله فإن الإنسان متى ما أصلح ما بينه وبين الله فإن الله يصلح ما بينه وبين الناس وإن الإنسان إذا أفسد ما بينه وبين الله فإنه لن يصلح ما بينه وبين الناس مهما بلغ من القوة ومهم أوتي من السلطة إنه لا إصلاح بين الإنسان وبين الخلق إلا إذا أصلح ما بينه وبين ربه اللهم إن نسألك في مقامنا هذا أن تصلح قلوبنا اللهم أصلح قلوبنا اللهم أصلح قلوبنا اللهم اصلح ما بيننا وبينك حتى يصلح ما بيننا وبين عبادك يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم أبرم أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك اللهم أعز أهل طاعتك اللهم أعز أهل طاعتك اللهم أعز أهل طاعتك اللهم أذل أهل معصيتك اللهم أذل أهل معصيتك اللهم أذل أهل معصيتك اللهم من أراد بالمسلمين سوء فاجعل كيده في نحره وشتت شمله وفرق جمعه وأكشف سره وأفضح أمره يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم إن نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا يا ذا الجلال والإكرام يا جبار يا قوي يا عزيز نسألك اللهم أن تنزل بأسك بالقوم المجرمين اللهم أنزل بأسك بالقوم المجرمين اللهم أنزل بأسك بالملحدين اللهم أنزل بأسك بالمنافقين اللهم أنزل بأسك بمن أراد بنا سوءاً يا رب العالمين اللهم أنصر المسلمين في كل مكان اللهم أنصر المسلمين في كل مكان اللهم أنصر المسلمين في كل مكان اللهم لا تسلط عليهم أعداءهم اللهم أهزم أعداءهم يا ذا الجلال والإكرام اللهم أنصر المسلمين في البوسنة والهرسك اللهم دمر أعداءهم اللهم أردد أعداءهم على أعقابهم يا ذا الجلال والإكرام بمنك وقوتك اللهم منا وأعداء إخواننا المسلمين من اليهود والنصارى فأفسد عليه أمره وشتت شمله واجعل بأسهم بينهم وأفسد عليهم أمورهم يا رب العالمين اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ومن شر كل ذي شر يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وآيتا ذو القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وافوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزيدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون