منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الأدآب الشرعية

الإسلام دين الرحمة والأمان

منتدى الأدآب الشرعية


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي الإسلام دين الرحمة والأمان

كُتب : [ 05-06-2015 - 03:26 PM ]

لم تعرف البشرية كلُّها دينا كالإسلام في صفاء عقيدته، وسماحة شريعته، وقوَّة حجته، حتى دخل النّاس فيه أفواجًا، وصار للبشريّة سراجًا وهّاجًا، فتح الله بنور كتابه أعينًا عميًا وقلوبًا غُلْفًا وآذانًا صمًّا، فهو كما قال سبحانه: {نورٌ وكتابٌ مبينٌ، يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (المائدة :15- 16 ).

وإنّ من محاسن هذا الدّين – ومحاسنه جمّة – ومن أصوله التي دعا إليها ورسّخها: أنّه ديننقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الرَّحمة بكلّ صورها، ودين الوسطيّة ومجانبةِ الغلوّ، ودينُ الإصلاح ومحاربة الإفساد في الأرض.
وإنّ أضرَّ شيء على الإسلام قلبُ مفاهيمه، ومحاولةُ تشويه أصوله وأسسه وقيمه الراسخة الثابتة، فمتى كان الفساد والإفساد جهادًا؟ ومتى كان الغلوّديننقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةًا؟ ومتى كان القتل والترويع والحرق والهدم في إسلامنا شرعةً ومنهاجًا؟
إنّ أهل البدع، من التنظيمات الدّينية السّرّيَّة الباطنية الإخوانيّة المفلسة من الدّين والعلم على اختلاف أشكالهم وتنوُّع صورهم، وتعدد أسمائهم ومناهجهم، أسهموا قديمًا وحديثًا في تشويهصورةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الإسلام النقيّة الصَّافية، فكانوا معول هدم في الإسلام، طعنوه من الداخل، وهدّدوا حصونه، وكانوا في كلّ زمان جسرًا يعبر عليه أعداء الأمّة الإسلاميّة الطامعين، إنَّ العدوّ الباطن المختفي في الصفوف والذي يلبس لباس الإسلام، ويتسربل بسربال التقوى، ويتزيّـى بزيّ الإصلاح تمويهًا وتلبيسًا لهو أشدُّ خطرًا على الإسلام من العدوّ الظاهر المحتلّ.
إنَّهم كما وصفهم النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلم بقوله: “دعاة على أبواب جهنَّم، من أجابهم إليها قذفوه فيها”. قالوا صفهم لنا. قال: “هم من جلدتنا ويتكلَّمون بألسنتنا” رواه البخاريّ.

أيها المسلمون:

وإنَّ قصَّة التشويه المقصود، والإساءة المتعمّدة لهذا الدين ذاتُ فصول مستمرة، وما زالت تحث الخطا نحو تحقيق أهدافها الدنيئة، قصة يكتب فصولَها كفرة حاقدون، ويُستعمل لتحقيقها – قديمًا وحديثًا – مبتدعة آثمون، وأشياخ سوء مفسدون مأجورون، ولكن يأبى الله والمؤمنون أن يستمرَّ هذا المخطط الدنيء، فإنّ الأمة الإسلامية على وهنها مازالت حيّة، وستقف لهذه الفئة المارقة وأعوانها وأنصارها وقفة الأمة المجاهدة بالحجة والبيان، والسيف والسّنان.

وإننا اليوم لنشهد فصلًا جديدًا من فصول قصّة التشويه للإسلام الحنيف، لكنّه فصل دامٍ لم تشهد الأمّة الإسلاميَّة في بحر عثراتها له مثيلًا، إنه فصل أبطاله جماعة إرهابيّة غالية مارقة من الدّين، خرجت من رحم تنظيم الإخوان الإرهابي، وتطورت لتشكل نسخة معدلة من تنظيم القاعدة الإرهابي، إنها داعش وما أدراك ما داعش؟ خوارج العصر، الغلاة المستبيحون للدّماء والأموال والأعراض، قوم بُهتٍ وسوءٍ، وغدرٍ وغيلةٍ ومكيدة، كفّروا الأخيار، واستعبدوا الأحرار، وتحالفوا مع الأشرار، وقتلوا النساء والأطفال والأبرار، وتماهوْا كثيرًا في وسائل التعذيب المرعبة، وأساليب القتل المروّعة، شذوا عن المسلمين قولًا وعملًا واعتقادًا، فيا لله! كم من أسرة يتَّموها؟ وكم من امرأة أثكلوها؟ وكم من مخدّرة عفيفة اغتصبوها! وكلّ ذلك باسم الإسلام والجهاد! ووالله إنهم كذّابون أفّاكون متخرّصون، وللإسلام مدّعون، وعن الصراط لناكبون، ولنصوص الوحيين محرّفون.

إنهم غلاة قساة القلوب جُفاة الطباع، لا يرعون لذي حرمة حرمة، ولا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمّة، لا تعرف الرحمة لقلوبهم طريقًا، ولا تجد الرَّأفة لنفوسهم مسلكًا، قلوبهم على سواد البدع موصدة، وعيونهم عن إبصار الهدى مغلقة، وعقولهم عن وعي الحقيقة مقيّدة. إنّ بين هؤلاء وبين الشريعة السَّمحة مفاوزَ وقفارًا، وإنّ من مباني شريعة الإسلام التي تنكبها هؤلاء الأفاكون الأغرار الرحمة والتراحم، وقد سمّى الله نفسه في القرآن الكريم بــ(الرحمن) في خمسة وأربعين موضعًا، وسمى نفسه الرحيمَ في أربعة وثلاثين موضعًا، وقال في كتابه الكريم: {وَرَحْمَتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} الأعراف: 156. وفي الصحيحين، يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لمَّا قضى الله الخلق كتب كتابًا فهو عنده فوق عرشه: إنَّ رحمتي سبقت غضبي). وفي رواية (غلبت غضبي).

والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلم أرسله الله رحمة للعالمين، فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء : 107 ).

وقال: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (التوبة : 128 ).

وقال صلَّى الله عليه وسلم: “يا أيها النَّاس إنَّما أنا رحمة مُهْداة” [الصحيحة 490].

وقال أيضًا: “من لا يَرحمْ، لا يُرحمْ، ومن لا يَغفرْ لا يُغفرْ له، ومن لا يَتب لا يُتبْ عليه” أخرجه الطبراني عن جرير وصححه الألباني.

ويقول أيضا: “إنَّ الله لم يبعثني معنِّتاً و لا متعنِّتاً ولكن بعثني معلِّماً ميسِّراً” [رواه مسلم].

وقال لرجل لا يُقبِّل صبيانه: “أوَ أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟!”. متفق عليه.

وكان يوصي أمراء سراياه وبعوثِه بقوله: ” اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدُروا، ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً …”. أخرجه أحمد ومسلم عن بريدة رضي الله عنه.

وفي رواية قال: “لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلّوا … وأصلحوا وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين” . رواه أبو داود.

لقد قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، حتى قتلوا ذلك الطيار المجاهد حرقا بالنار، التي لا يعذب بها إلا ربها، طريقة بشعة شنيعة تنم عما في قلوب هؤلاء القوم من الحقد على الإسلام وأهله، والتعطش للقتل والدماء، والجرأة على حدود الشرع.

والله تعالى يقول: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء : 93 ).

بلذهبنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الإسلام إلى أبعد من ذلك، فلم يتوقف عند تحريم قتل النفس المؤمنة، بل حرّم الإفساد في الأرض بقتل أي نفس بغير وجه حق، فقال سبحانه: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة : 32 )
وحرّم الإسلام الاعتداء على من أمّنه المسلمون من أهل الذّمّة والعهود والمواثيق، فقال صلى الله عليه وسلم: ” من قتل معاهَدًا لم يرَحْ رائحةَ الجنَّة، وإنَّ ريحَها ليوجد من مسيرةِ أربعين عامًا”. (رواه البخاري).

فأيّ ورطة تورط بها هؤلاء القتلة، وأي حفرة تردى بها أولئك السَّفِلة، بعد أن أصبح القتل لهم شرعة ومنهاجًا، يقول ابن عمر رضي الله عنهما: “إنَّ مِن وَرَطاتِ الأمورِ التي لا مخرجَ لمن أوقع نفسَه فيها: سفكَ الدّم الحرام بغير حلّه” (رواه البخاري).

وما ذنب معاذ الكساسبة – رحمه الله وكتبه في الشهداء – عند هؤلاء الخوارج إلا أنه لبى نداء الشرع للذَّود عن عقيدته ودينه، ووطنه وأمّته، ضدَّ هذه الفئة المارقة من الدّين، التي أمر الشرع بقتالها، وأجمع علماء الإسلام على ضرورة قتالها؛ امتثالًا لأمر النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم الَّذي بيَّن أوصاف الخوارج وخطَرهم في أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: ” سيخرج قوم في آخر الزمان، حِداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البريَّة، لا يجاوز إيمانُهم حناجرَهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السَّهم من الرميَّة، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإنَّ في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة “. متفق عليه.

وفي رواية قال: (لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتل عاد). ومنها قوله صلى الله عليه وسلم إنهم: (قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيَهم، يمرقون من الدّين مروق السَّهم من الرميَّة، لا يرجعون حتى يرتدَّ على فوقه، هم شرار الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم). رواه أبو داود وغيره وهو في صحيح الجامع.

لقد عُرف عن عصابة الخوارج داعش أنَّهم قوم موغلون في الجهل، وتتبع الشاذ من الأقوال والآراء، والخروج عن أحكام الشريعة الغرَّاء، التي منها حرمة التعذيب والقتل بالنار، حتى للحيوانات التي لا تعقل، فكيف بالإنسان المكرّم معصوم الدم، ففي سنن أبي داود بسند صحيح أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلم رأى قرية نمل قد حرّقها بعض أصحابه فقال: “من حرّق هذه؟” فقالوا: نحن. قال: “إنه لا ينبغي أن يعذّب بالنَّار إلا ربّ النار”.

وحتى من استحق القتل شرعًا فإنّه لا يجوز أن يحرق، لما في ذلك من الأذى والتعذيب، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: ” إن وجدتم فلانًا وفلانًا فأحرقوهما بالنار”. ثم قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: “إني أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإنَّ النَّار لا يعذّب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما”.


وإنّ عصابة داعش الخارجية أهل بهت وتحريف للكلم عن مواضعه، فهاهم يزجُّون باسم شيخ الإسلام ابن تيمية زورًا وكذبًا في فعلهم الآثم ذاك، وما ذلك إلا لأحد أمرين:

الأول: إما لتشويهصورةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة هذا العلم الهمام المتوفى سنة سبع مئة وثمان وعشرين هجرية؛ لأنه كان من أشد الناس حربًا ونقدًا وتشنيعًا على الخوارج.
الثاني: وإما تجميلًا لصورتهم القبيحة، وإضفاء لهالة من الشرعية على منكرهم وضلالهم.

والحق أنهم اجتزأوا واقتصوا كلامًا لابن تيمية لا علاقة له بالموضوع، ووظفوه توظيفًا غاية في السوء والتلبيس على الناس. وقد رجعت للنص في كتاب الاختيارات الفقهية من الفتاوى الكبرى (5/540)، فكان كلام ابن تيمية متعلقًا بالتمثيل بجثث قتلى الكفار في الحرب، وأنَّه لا يجوز ذلك إلا من باب المعاملة بالمثل، إذا مثّل الكفار بجثث المسلمين، وقد نبّه رحمه الله إلى أنّ ترك ذلك والصبرَ أولى؛ فإن المشركين في غزوة أحد مثلوا بجثث المسلمين، ولم يعاملهم النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك.

أيها المسلمون:

تأمّلوا ماذا يفعل الجهل والضلال والهوى بأهله، لقد لبّسوا على الناس أنّ حرقهم للطيار معاملة له بالمثل، لأنه ألقى عليهم القنابل الحارقة، وقد بات أذناب الخوارج وأنصار هؤلاء الدواعش يرددون مثل هذا الكلام المتهافت، وقد سمعته من أحد الجهلة المدافعين عنهم في هذا المسجد.

وأقول: إن هذا الكلام – لو كانوا يعقلون – يلزم منه أن يحرق الدواعش أيضا بالنار عند أَسْرهم؛ معاملة لهم بالمثل؛ لأنهم يقتلون الناس بالمفخخات الحارقة، ويقتحمون التجمعات بالعمليات الانتحارية، ويفجرون غيرهم بصنوف المتفجرات المدمرة والحارقة.

لكننا لا نقول ذلك؛ لأن أهل السنة المحضة أهل عدل وإنصاف، والتزام بالشرع، وتمسك بأحكامه العادلة.

أيها المسلمون:

قد اجتمع في الطيار المجاهد معاذ خصال تدل على حسن الخاتمة – نحسِبه كذلك ولا نزكيه على الله – منها:

– أنَّه قتيل الخوارج المارقة، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: “طوبى لمن قتلهم وقتلوه”.

– ومنها أَنَّه مات مدافعًا عن دينه وعقيدته ووطنه وأمته في قتال الخوارج الذين أمر الشرع بقتالهم. والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: “من قتلهم كان أولى بالله منهم”، ويقول: ” فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة “. وفي رواية قال: ” لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتل عاد “.

– ومنها: أنه قُتل بالحَرق صبرًا، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: ” والحَرِيق شهيد” (رواه أبو داود وابن حبّان وهو صحيح).

أفيجوز بعد هذه الدلائل البيّنات والحجج الواضحات أن يدافع أحدٌ عن هؤلاء الإرهابيين الخوارج؟ أيجوز أن يقول قائل – كما سمعت من أحدهم في هذا المسجد -: إنّ ذاك الطيار ليس خيرًا ولا أفضل من قاتليه.

إنّ هذه الفتن والابتلاءات تمايز بين المؤمنين الصادقين الحريصين على أمتهم وأوطانهم، وبين الدواعش المتسترين والمتخفين بيننا، ذلك وأنَّ أهل البدع تتشابه قلوبهم، وتتوحد مناهجهم، عندما يتعلق الأمر بالدماء، والخروج على الولاة، وإحداث القلاقل في بلاد المسلمين.

فها هو النائب عن حماس في المجلس التشريعي وأحد كبار المفتين والشيوخ فيها سالم أحمد سلامة وعلى أثير إذاعة (راية) التي تبث من رام الله، بدلًا من الانحياز لأمته ضد هذه الفئة المارقة الإرهابية وبيان خطرها وشرها والتحذير منها وتحميلها المسؤوليَّة الكاملة عن مقتل الطيار، بدلًا من ذلك يحمّل الحكومة الأردنيّة المسؤوليَّة عن مقتله، ثم يقول: “إنَّ الحكومة الأردنية هي التي اتخذت قرارًا بإرسال جيشها لسوريّا لمساعدة النظام ضدَّ الثائرين عليه، في حرب ما كان لها أن تدخل فيها، وكان الأوْلى أن تتخذ موقفًا كموقف تركيّا”.

وقال: “داعش يعتبرون بصورة أو بأخرى مسلمين، ولا يجوز أن نقف مع أعداء الله ضد أهل الله”.

فانظروا أيها المسلمون كيف اعتبر عصابة داعش أهل الله، ومن يحاربهم اعداءً لله.

وقريبًا من ذلك ما قاله النائب عن حماس يحيى موسى العبادسة محمّلًا المسؤوليّة للحكومة الأردنية والنظام العربي الفاسد على حد وصفه.

فوا عجباه! كيف يفعل التعصب الذميم بأهله، وكيف تجتمع قلوب أهل البدع ومواقفهم، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج : 46). وقد صح عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم قوله: “وإنَّه سيخرج في أمَّتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلَّا دخله”. رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح. نسأل الله السلامة والعافية!

وإننا في هذا المـُقام لنقدم باسم كلّ مخلص من أبناء هذا الشعب، وباسم قيادتنا وعلى رأسها فخامة الرئيس، عزاءنا الحارّ ومواساتَنا الصادقة للمملكة الأردنية الهاشمية ملكًا وشعبًا وجيشًا، ونقول لهم: إن مصابَكم هو مصابُنا، وألـَمَكم هو ألمنا، وهمَّكم هو همُّنا، فامضوا بإذن الله مظفرين، لا يضركم خذلان المخذّلين، ولا يصدّنّكم مكر المفسدين، ولا شماتة الحاقدين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة : 33 ).

… أيها المسلمون:

قد علمتم من خلال خطب كثيرة سابقة التسلسل الزمانيَّ للإرهاب في العصر الحاضر، الَّذي تولى كِبره هذه الجماعات السّياسية الإخوانية القطبية، فعلمتم مكمن الداء وسبب الأدواء، وأن ظاهرة الغلوّ في الدين، وما نتج عنها من تكفير وقتل وتدمير ليست وليدة اللحظة، وإنما هي نبتة سوء ضاربة ٌجذورها في أعماق الزمن، ولها في كل زمانشكلنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة ولون، وكتب ومدارس، وشيوخ ومنظرون ودعاة.
وإنّ الحلّ لهذه المعضلة الكبرى، يحتاج إلى صدق مع الله تعالى، وإخلاصِالعملنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة له وحده، وتجريدِ المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
ويحتاج أيضا إلى أن تتظافر الجهود، وتتَّحد الصفوف على السُّنَّة ، من أجل تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة والتي سعى هل البدع إلى نشرها في المجتمعات الإسلاميّة، كتكفير الحكّام، والتحريض عليهم، وتكفير أصحاب المعاصي، والتحريف الممنهج لمعاني عشرات الآيات والأحاديث التعلّقة في ذلك.

ومن الضَّروريّ أن يقوم المسئولون في وزارات الأوقاف والمؤسسات الدينية والأمنية في الدول العربية والإسلامية عمومًا، وفي فلسطين خصوصًا – فنحن لسنا بمنأىً عن هذا الخطر المحدق- من الضَّروريّ أن يقوموا بالحجر على المضلِّين دعاة الفتنة، والمحرضين على الإرهاب، فكيف يسمح لهؤلاء بالتدريس في المساجد والمعاهد وكلّيات الشريعة؟!

يجب القضاء على الحاضنة الفاسدة التي تفرّخ الغلاة، وتنتج الإرهاب والضلال.

وفي مقابل هذه الموجة العالية من الفتن، لابد وأن يعلوَ صوت السُّنَّة والاعتدال والوسطيَّة والفهم الصّحيح للدّين، في المساجد، والبرامج التلفزيونيّة، والصُّحف والمجلّات والمنتديات.

وإنه إن رافق الحلَّ الأمنيَّ تأصيل صحيح، ولسان بالسُّنَّة فصيح، وحُجَّة دامغة، ونيّة خالصة، فلن نعدم خيرًا إن شاء الله، والعاقبة للمتقين.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كلّ خير، واجعل الآخرة راحة لنا من كلّ شر، وأجرنا من عذاب الدنيا والآخرة، واجعلنا هداة مهتدين.

اللهم جنّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

اللهم أصلح ولاتنا وولاة أمور المسلمين، اللهم وفق ولي أمرنا محمود عباس لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم اهده واهد به، اللهم أصلح له بطانته، اللهم أعنه على ما فيه خيرٌ لفلسطين والمسجد الأقصى.

اللهم يا حي يا قيوم اصرف عنا وعن أهلنا وشعبنا وعمومِ المسلمين أذى اليهود وشرَّهم وضررهم، واصرف عنا وعن شعبنا وأمتنا أذى الخوارج المارقين وشرهم وضررهم وعدوانهم.

[ المصدر: خطبة جمعة بعنوان: داعش وجريمة حرقها للطيار الأردني، ألقاها الشيخ رائد بن عبد الجبار المهداوي حفظه الله بمسجد التقوى في رام الله، بتاريخ 18/ ربيع ثاني/ 1436هـ ]

منقول من شبكة سحاب السلفية
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:12 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML