منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى القران الكريم وتفسيره


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي أ/أحمد مخالفة
أ/أحمد غير متواجد حالياً
 
أ/أحمد
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : Apr 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,285 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي موسوعة التعاريف بتفاسير المبتدعة ( الحلقة الثانية ) تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازي

كُتب : [ 09-24-2011 - 04:17 AM ]



محاور العرض

1- ترجمة فخر الدين الرازي
ا-اسمه ولقبه
ب-مولده ونشأته
ج-وفاته
ه-عصره
و-أهم مؤلفاته
2-أصول المذهب الأشعري
ا-تقديم العقل على النقل
ب-إثبات وجود الله
ج-التوحيد
د-القرآن
ه-القدرة
و-التأويل
ز-رؤية الله
ح-الإمامة أو الخلافة



3-مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير
‌أ- دواعي تأليفه
‌ب- خصائصه
4-منهجه في التفسير
‌أ- المنحى الموسوعي
‌ب- المنحى العقلي
‌ج- المنحى العلمي
‌د- المنحى الكلامي
‌ه- اعتماد الشاهد الشعري
‌و- المنحى اللغوي
‌ز- المنحى البلاغي
‌ح- أوجه القراءات
‌ط- المنحى الأصولي
‌ي- المنحى الفقهي
‌ك- المنحى الصوفي



تمهيد
تنوعت مناهج التفسير واختلفت بتنوع واختلاف مرجعية كل مفسر, فألفينا الزمخشري قد نهج في تفسيره منهجا اعتزاليا ونحى الألوسي في تفيسره الاشاري منحى صوفيا و طبع الطبرسي تفسيره بعقيدته الشيعية, بينما سيسلك علم آخر من أعلام التفسير منهجا أشعريا في تفسير القرآن الكريم , يتعلق الأمر بالإمام فخر الدين الرازي ,الذي كان فريد عصره، ونابغة دهره؛ إذ جمع كثيراً من العلوم وبرع فيها، فكان إماماً في التفسير، وعلم الكلام، وعلوم اللغة، والعلوم العقلية، وغيرها. وكان لما تمتع به من منـزلة علمية مقصد العلماء، ومحط الأنظار.ويُعَدُّ تفسيره المشار إليه آنفاً والموسوم بمفاتيح الغيب أو التفسير الكبير من أشهر مصنفاته، وهو تفسير مطبوع، ومتداول بين أهل العلم؛ وقد حظي هذا التفسير بشهرة واسعة بين أهل العلم؛ لما امتاز به من سعة في الأبحاث في نواحي شتى.


1- التعريف بفخر الدين الرازي
‌أ- اسمه ولقبه
هو أبو عبد الله محمد بن عمربن الحسين بن الحسن بن علي التيمي البكري الطبرستاني الأصل الرازي المولد. وفيات الأعيان 4/248-249 قال عنه السيوطي أنه من ذرية أبي بكر الصديق .طبقات المفسرين , ص 39
يكنّى بأبي المعالي و أبي الفضل وابن خطيب الري , كما يلقب بالإمام وفخر الدين والرازي .أنظر أخبار العلماء للقفطي ووفيات الأعيان وتاريخ ابن خلدون
‌ب- مولده ونشأته
ولد الإمام فخر الدين الرازي في مدينة الري سنة 544 ه وهي قريبة من خراسان والنسبة اليها رازي.
كان ربع القامة عبل الجسم كبير اللحية جهوري الصوت صاحب وقار وحشمة . شذرات الذهب 5/21
كان والده ضياء الدين عمر من كبار علماء الري.تلقى على يديه علوم الفقه والأصول والكلام, وكان من تلامذة أبي محمد البغوي وقرأ علم الكلام والحكمة على مجد الدين الجيلي –أحد تلامذة الإمام الغزالي-وكان يحفظ (الشامل)لإمام الحرمين في علم الكلام و(المستصفى) للغزالي في علم الأصول وأورد صاحب وفيات الأعيان 4 /252 أنه كان على شيخ السنة أبي الحسن علي بن أبي اسماعيل الأشعري , واشتغاله في المذهب كان على الإمام الشافعي.
‌ج- وفاته
توفي يوم الاثنين أول شوال من سنة 606 ه بمدينة هراة ويقال أنه مات مسموما لأنه كان كثير الإزراء بالكرامية ( إنهم وضعوا عليه من سقاه سمّا فمات ) طبقات الشافعية5/39


‌د- عصره
عاش الفخر الرازي في النصف الثاني من القرن السادس الهجري, وكانت هذه الفترة حرجة في حياة المسلمين السياسية والاجتماعية والعلمية والعقدية. فالوهن قد بلغ مداه بالدولة العباسية وكانت أخبار الحروب الصليبية في الشام وأخبار التتر في المشرق تقض مضاجع المسلمين,وكانت الخلافات المذهبية والعقائدية شديدة ,حيث تناوبت على حكم المنطقة كل من الدولة الغزنوية والسلجوقية والخوارزمية والغورية , كانت الدولة السلجوقية سنية وأيد نظام الملك أحد وزرائها وأعظم شخصية في تاريخها مذهب الإمام الأشعري وقضى على غيره, وفي ظل مدرسته تصدر الإمام الغزالي للتدريس,في هذه الفترة ظهرت فرقة الحشاشين وهي فرقة شيعية اعتصمت بحصن (ألموت) وتمكن فدائيوها من اغتيال كثير من القادة والأمراء بما فيهم نظام الملك.

وقد اهتم السلاجقة بالغ الاهتمام بالعلوم الطبيعية والرياضية وفي عهدهم ظهر الرياضي الشاعر الشهير عمر الخيام. أما الدولة الخوارزمية فقد كانت اعتزالية وفي عهدها تفشى أمر الكرامية المشبهة ,وفي الري وحده كانت ثلاث طوائف( الشافعية والأحناف والشيعة) وكثرت الفرق الكلامية وطال الجدل بينها, وأشهرها: الأشاعرة والمعتزلة والمرجئة والباطنية والكرامية. أما العلوم فقال فيها ابن خلدون ( ويبلغنا عن أهل المشرق أن بضائع هذه العلوم-العلم الطبيعي والعلم الإلهي والهندسة والموسيقى ..- لم تزل عندهم موفورة وخصوصا في عراق العجم وما بعده فيما وراء النهر ... لتوفر عمرانهم واستحكام الحضارة فيهم) المقدمة 381
وفي هذه الاضطرابات السياسية والدينية نشأ الرازي وعاش وأخذ نصيبه في كل ذلك,وانعكس ذلك على شخصيته العلمية وطبعتها بالطابع الموسوعي .




عبر الى خوارزم وسواها بعدما مهر في العلوم فجرى بينه وبين المعتزلة مناظرات أدت الى خروجه منها.(كان له في الوعظ اليد البيضاء ويعظ باللسانين العربي والعجمي ... وكان يحضر مجلسه بمدينة هراة أرباب المذاهب والمقالات ... ورجع بسببه خلق كثير من الطائفة الكرامية وغيرهم إلى مذهب أهل السنة). وفيات الأعيان1/249
قال عنه السبكي في طبقات الشافعية 5/34 ( هو إمام المتكلمين ذو الباع في تعليق العلوم والاجتماع بالشاسع من حقائق المنطوق والمفهوم ... انتظمت بقدره العظيم عقد الملة الاسلامية , تنوع في المباحث وفنونها )
اتصل بالسلطان خوارزم شاه محمود بن تكش وحظي عنده بمكانة رفيعة وسار إلى غياث الدين الغوري سلطان غزنة بهراة فاحتفى بمقدمه احتفاء وبنى له مدرسة داخل قصره تصدر فيها للتدريس والمناظرة والوعظ . ”وقربه إليه نور الدين محمد صاحب حصن (ألموت) وهو من الحشاشين واستطاع أن يكفيه من ذكر الإسماعيلية بسوء“ شذرات الذهب5/22

‌ه- أهم مؤلفاته
عدد ابن خلكان في وفيات الأعيان 4/249 أكثر من28 مصنفا للإمام فخر الدين الرازي,كما أشار الدكتور علي سامي النشار في مقدمة ”اعتقادات فرق المسلمين والكافرين“ الى أن عدد كتبه بلغ 97 كتابا منها ما هو مخطوط ومنها ما هو مطبوع نذكر منها على سبيل التمثيل على على سبيل الحصر :
 المحصل في الفقه
 المعالم في أصول الفقه
 المحصل من نهاية العقول في علم الأصول
 البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان
 الأربعين في أصول الدين
 المباحث المشرقية




 الملخص في الفلسفة
 المطالب العالية في الحكمة
 مباحث الجدل
 مسائل في الطب
 الجامع الكبير في الطب
 التشريح من الرأس الى الحلق
 شرح نهج البلاغة
 مصادرات اقليدس
 نهاية الايجاز في دراية الاعجاز


2. أصول العقيدة الأشعرية
‌أ- تقديم العقل على النقل
مصدر التلقي عند الأشاعرة هو العقل، وقد صرح سائر أئمتهم بتقديم العقل على النقل عند التعارض، وضع الرازي في ”أساس التقديس“ القانون الكلي للمذهب في ذلك فقال:
(الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية فكيف يكون الحال فيها؟ اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور:



الأول :إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال.
الثاني :وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال.
الثالث : وإما أن تصدق الظواهر النقلية وتكذب الظواهر العقلية وذلك باطل.
و لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة. أو يقال: إنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها.ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل ,وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى.


‌ب- إثبات وجود الله
يتبنى الأشاعرة دليل: الحدوث والقدم. استدلالا على وجود الله ,فالكون عندهم حادث، وكل حادث لا بد له من محدث قديم، وأخص صفات هذا القديم مخالفته للحوادث وعدم حلولها فيه ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس جوهراً ولا عرضاً ولا جسماً ولا في جهة ولا مكان.
‌ج- التوحيد
فالتوحيد عند الأشاعرة هو نفي التثنية أو التعدد، ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة ومن هذا المعنى فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع وأنكروا بعض الصفات كالوجه واليد والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم..أما أول واجب عند الأشاعرة فهو النظر أو القصد إلى النظر أو أول جزء من النظر، وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان، واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه، أيحكم له بالإسلام أم بالكفر , وينكر الأشاعرة المعرفة الفطرية ويقولون: إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلِّد، ورجح بعضهم كفره واكتفى بعضهم بتعصيته.



‌د- القرآن
مذهب الأشاعرة في القرآن هو التفريق بين المعنى واللفظ. فالكلام الذي يثبتونه لله تعالى هو معنى أزلي أبدي قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت ولا يوصف بالخبر ولا الإنشاء.أما الكتب المنزلة ذات الترتيب والنظم والحروف - ومنها القرآن - فليست هي كلامه تعالى على الحقيقة بل هي “عبارة” عن كلام الله النفسي. والكلام النفسي شيء واحد في ذاته لكن إذا جاء التعبير عنه بالعبرانية فهو توراة، وإن جاء بالسريانية فهو إنجيل، وإن جاء بالعربية فهو قرآن، فهذه الكتب كلها مخلوقة ووصفها بأنها كلام الله مجازٌ لأنها تعبير عنه.واختلفوا في القرآن خاصة فقال بعضهم : إن الله خلقه أولاً في اللوح المحفوظ ثم أنزله في صحائف إلى سماء الدنيا، فكان جبريل يقرأ هذا الكلام المخلوق ويبلغه لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال آخرون: إن الله أفهم جبريل كلامه النفسي، وأفهمه جبريل لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالنزول نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال ثم اختلفوا في الذي عبر عن الكلام النفسي بهذا اللفظ والنظم العربي من هو؟ فقال بعضهم: هو جبريل، وقال بعضهم: بل هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


‌ه- القدرة
يرى الأشاعرة أن القدرة الإلهية هي قدرة مطلقة، فالله فعال لما يريد، يتمتع بقدرة وإرادة مطلقتين، وبسلطة لا حد لها يفعل في ملكه ما يشاء ,أما الإنسان فله قدرة حادثة لا ترقى إلى مستوى الخلق والإبداع كالقدرة الإلهية ولا تأثير لها غير أن الله تعالى أجرى سنته بأن يخلق عقب القدرة الحادثة، أو تحتها، أو معها الفعل الحاصل إذا أراده العبد وتجرد له. ويسمى هذا الفعل كسبا. فيكون خلقا من الله تعالى إبداعا وإحداثا، وكسبا من العبد حصولا تحت قدرته. وهذه النظرية هي التي عرفت في قاموس الفكر الأشعري بنظرية الكسب. تماشيا مع موقف الأشاعرة هذا فإنهم لم يلزموا الله بتحقيق وعده ووعيده، كما قال المعتزلة، فهو جائز عليه أن يدخل الجميع الجنة، وجائز أن يفعل العكس. وجائز أن يعاقب من يشاء ويثيب من يشاء من عباده فكل فعل من الله عدل وفضل ، لا معقب لحكمه.


‌و- التأويل
وهو صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى احتمال مرجوح لقرينة، وهو أصل منهجي من أصول الأشاعرة ،.وضرورته لمنهج عقيدتهم أصلها أنه لما تعارضت عندهم الأصول العقلية مع النصوص الشرعية؛ وقعوا في مأزق رد الكل أو أخذ الكل فوجدوا في التأويل مخرجا عقلياً من التعارض الذي قد يحدث في نظرهم ولهذا قالوا: إننا مضطرون للتأويل وإلا أوقعنا القرآن في التناقض.
‌ز- رؤية الله
يجعل الأشاعرة رؤية الله ممكنة يوم القيامة لأن شرط الرؤية عندهم هو الوجود. والله موجود، فهو إذن ممكن الرؤية.

‌ح- الإمامة أو الخلافة
يرى الأشاعرة أن الإمامة واجبة سمعا، قال أبو الحسن الأشعري بأن الإمامة شريعة من الشرائع يعلم وجوبها بالسمع.. ويقرر الأشاعرة موقفهم من الإمامة تبعا لإمامهم أبي الحسن الأشعري فيقولون: الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار عن طريق الشورى، دون النص والتعيين.. وقد أجمع الأشاعرة جميعا على شرط القرشية في الإمامة باعتباره شرطا يأخذ الصدارة والأولوية ضمن سائر الشروط. أما عن كيفية انعقاد الإمامة للإمام فإنهم يجعلون ذلك موكولا للجماعة، وأهل الحل والعقد، إلا أنهم لم يعقدوا ذلك تعقيدا كبيرا، بل اعتبروا أن الواحد من أهل الحل والعقد ممكن أن يعقد للإمام وحده. لكن ما أن تنعقد الإمامة لأحد من الذين توافرت فيهم شروط الإمامة إلا ويصبح عقدا في أعناق الأمة لا يجوز فسخه من طرفها من غير حدث يوجب خلع الإمام.


أما الأمور التي توجب خلع الإمام عندهم فمنها كفر بعد الإيمان، ومنها تركه إقامة الصلاة، والدعاء إلى ذلك، ومنها عند كثير من الناس: فسقه وظلمه بغصب الأموال،وتناول النفوس المحرمة، وتضييع الحقوق، وتعطيل الحدود… وأيضا تطابق الجنون عليه، وذهاب تمييزه، وبلوغه في ذلك إلى مدة يضر المسلمين زوال عقله فيها، أو يؤذن بالبأس من صحبته. وكذلك القول فيه إذا صم أو خرس.
وللأشاعرة في الخلفاء الراشدين رأي واحد يجمعون فيه على صحة خلافتهم، وأهليتهم، فهم الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون..


3. مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير
‌أ- دواعي تأليفه
لعل الحافز الذي دعاه الى تحبير هذا الكتاب الضخم هو ما نلمسه من نبرة التحدي من خلال أول ما يطالعنا في خطبته ابان تفسير سورة الفاتحة وما نصه (اعلم أنه مر على لساني في بعض الأوقات أن هذه السورة الكريمة يمكن أن يستنبط من فوائدها ونفائسها عشرة الآف مسألة , فاستبعد هذا بعض الحساد ,وقوم من أهل الجهل والغي والعناد ... فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب , قدمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على أن ما ذكرناه أمر ممكن الحصول قريب الوصول) مفاتيح الغيب 1/11 بينما يرى عبد العزيز المجذوب صاحب كتاب ”الرازي من خلال تفسيره“ أنه وهو ينتقل في بلاد خوارزم ,قد لمس تفشي مذهب الكرامية الى حد بعيد,ولاحظ خصوصا إقبال الكثير من الناس على تلقف أثر فكري أخذ ينتشر ويذيع أمره بين الناس,وأدرك ما فيه من خطر على عقولهم,ذلك هوتفسير الكشاف






فتصدى لمجابهة أنصار الكرامية وناظر بعض المتحمسين لها , ثم لما استقر به المطاف في هراة عزم على اصدار كتاب في التفسير ينافس به الكشاف عساه يواريه فألف (مفاتيح الغيب) على الطريقة الأشعرية حاول فيه تفنيد ما ورد في الكشاف من أصناف تأويل وإبراز الوجه الحقيقي للإعجاز القرآني المتمثل في إشاراته الكونية وآياته العلمية التي يراها الرازي سر خلود القرآن , وسر إعجازه للإنسانية كافة.
ويذكر ابن خلكان 3/381 في وفيات الاعيان( أن الإمام الفخر الرازي لم يكمل تفسيره) وتبعه في ذلك حاجي خليفة محددا أنه ( إنما بلغ فيه سورة الإنسان) كشف الظنون 2/756 والدليل على ذلك تكرار ورود مثل قوله (قال الإمام) و ( قال المصنف) وأيضا ما نجده مثلا في قوله في تفسيره لسورة الواقعة ( المسألة الأولى أصولية ذكرها الإمام فخرالدين-رحمه الله- في مواضع كثيرة ونحن نذكر بعضها ) 24-29 ص 155-158 ومن أهل العلم من قرر بأن التفسير كله له كما أفرد في ذلك المعلمي رسالة في ذلك


2) خصائصه
ما يلفت نظر القارئ في هذا التفسير دقة صاحبه في بحثه وشدة تحريه, يتعرض بالنقد والتمحيص لكثير من آراء النحاة واللغويين وعلماء البلاغة وكثير من أوجه القراءات وكثير من الأثار المروية عن الصحابة أو الرسول صلى الله عليه وسلم, وأقوال المتكلمين وخصوصا الأشاعرة وآراء مختلف المذاهب . ويورد هذا كله عن طريق الإستطراد وتصريف الأقوال وتفريع المسائل وتنويع المباحث , والإبعاد في الجدل والنقاش.قال الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات (أتى الرازي في كتبه بما لم يسبق إليه لأنه يذكر المسألة ويفتح باب تقسيمها أو قسمة فروع ذلك التقسيم , ويستدل بأدلة السبر والتقسيم يشذ فيه عن تلك المسألة بفرع له بها علاقة , فانضبطت له القواعد وانحصرت المسائل ) 4/248


4. منهجه في التفسير
‌أ- العمل الموسوعي
يبين الرازي في مقدمة تفسيره أن من الألفاظ القليلة يمكن استنباط المسائل الكثيرة يقول ( إعلم أنه مر على لساني في بعض الأوقات ان هذه السورة الكريمة (الفاتحة) يمكن أن يستنبط من فوائدها ونفائسها عشرة آلاف مسألة) 1/11
إن قولنا (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) لاشك ان المراد منه الاستعاذة بالله من جميع المنهيات والمحظورات ولاشك أن المنهيات إما ان تكون من باب الاعتقادات أو من باب أعمال الجوارح ,أما الاعتقادات فقد جاء في الخبر المشهور قوله صلى الله عليه وسلم ( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا فرقة واحدة) وهذا يدل على ان الاثنين والسبعين موصوفون بالعقائد الفاسدة والمذاهب الباطلة ثم إن ضلال كل واحدة من اولئك الفرق غير مختص بمسألة واحدة , بل هو حاصل في مسائل كثيرة ...

فإذا وزعنا عدد الفرق الضالة هو الاثنان والسبعون على هذه المسائل الكثيرة بلغ العدد الحاصل مبلغا عظيما ... وأيضا فمن المشهور ان فرق الضلالات من الخارجين عن هذه الامة يقربون من سبعمائة, فإذا ضمت أنواع ضلالاتهم الى انواع الضلالات الموجودة في فرق الأمة في جميع المسائل العقلية المتعلقة بالإلهيات , والمتعلقة بأحكام الذوات والصفات بلغ المجموع مبلغا عظيما في العدد ...) 1/12
هكذا يأخذ في تفسير ألفاظ السور لفظا لفظا مفصلا مفرعا متوسعا الى أبعد مدى.

‌ب- المنحى العقلي
يلتزم الرازي في تفسيره منحى عقليا وهذا هو التفسير بالرأي المذموم , فهو يحرص على الاستدلال العقلي بقوله ( دلت هذه الاية ” إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار“ البقرة 164 انه لابد من الاستدلال على وجود الصانع بالدلائل العقلية وان التقليد ليس طريقا البتة الى تحصيل هذا الغرض) 4/203
وغالبا ما يعتمد الاستدلال العقلي في تفسيره لبعض الايات الكريمة لتفنيد ونقض بعض المسائل يقول في تفسيره للآية الكريمة ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) الاعراف 172 إنا نقول لو كانت أرواحنا قد حصلت قبل هذه الاجساد في أجساد اخرى لوجب ان نتذكر الآن انا كنا قبل هذه الأجساد في أجساد أخرى وحيث لم نتذكر ذلك كان القول بالتناسخ باطلا ...


وذلك ان اخذ الميثاق لايمكن إلا من العقل , فلو أخذ الله الميثاق من اولئك الذر لكانوا عقلاء , ولو كانوا عقلاء واعطو ذلك الميثاق حال عقلهم لوجب أن يتذكروا في هذا الوقت انهم اعطوا الميثاق قبل دخولهم في هذا العالم , لأن الانسان إذا وقعت له واقعة عظيمة مهيبة فإنه لا يجوز مع كونه عاقلا ان ينساها نسيانا كليا لا يتذكر منها شيئا لا بالقليل ولا بالكثير , وبهذا الدليل يبطل القول بالتناسخ ) 15/47-48
إلا أنه مع اعتماده الاستدلال العقلي , فهو يجعل للعقل حدودا يقف عندها , ولا يجوز اعتماده على اطلاقه بل يقننه قائلا : ( واعلم ان المصير في التاويل إنما يحسن إذا ثبت بالدليل العقلي امتناع حمل هذا اللفظ على ظاهره , وإنما ثبت بالدليل أنه لا حق إلا مايدل عليه ظاهر اللفظ كان المصير الى التاويل في مثل هذا المقام عبثا ) 15/62

‌ج- المنحى العلمي
إن تضلع الرازي في مجموعة من العلوم كعلم الفلك والطب والعلوم الطبيعية والفلسفة جعله يقف كثيرا عند بعض الايات الكونية , ويتناولها بالتفسير العلمي والتحليل المفصل.
يقول عند تفسيره للآية ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا) الاعراف 54 : ( واعلم أنه سبحانه وصف هذه الحركة بالسرعة والشدة , وذلك هو الحق , لأن تعاقب الليل والنهار إنما يحصل بحركة الفلك الأعظم وتلك الحركة اشد الحركات سرعة وأكملها شدة ) 14/114-122
أما في تفسيره لقوله تعالى (وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين) النحل 66 فهو لا يتردد في نقض رأي ابن عباس وتفسيره الذي يقول : ( إذا استقر العلف في الكرش صار أسفله فرثا , وأعلاه دما , واوسطه لبنا , فيجري الدم في العروق , واللبن في الضرع ,ويبقى الفرث كما هو.)


قال الرازي : ( الدليل الحسي لا يثبت ذلك , فإن هذه الحيوانات تذبح وما رأى أحد في كرشها دما ولا لبنا ... بل الحق أن الحيوان إذا تناول الغذاء وصل ذلك العلف الى كرشه ... فإذا طبخ وحصل الهضم الاول فيه , فما كان صافيا انجذب الى الكبد , وما كان كثيفا نزل الى الأمعاء , ثم ذلك الذي يحصل منه في الكبد ينطبخ فيها ويصير دما , وذلك هو الهضم الثاني ... واما ذلك الدم فإنه يدخل الى الاوردة , وهي العروق النابتة من الكبد , وهنا يحصل الهضم الثالث وبين الكبد والضروع عروق كثيرة , فينصب الدم في تلك العروق الى الضرع ... فيقلب الله تعالى الدم عند انصبابه الى ذلك اللحم الغددي الرخو الابيض من صورة الدم الى صورة اللبن...) 20/64


• ومثالا على تحليله الفلسفي تفسيره للآية الكريمة ( اولم يتفكروا مابصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين) الأعراف 184, يقول : ( التفكر طلب المعنى بالقلب , وذلك لأن فكرة القلب هوالمسمى بالنظر , والتعقل في الشيء والتأمل فيه , والتدبر له , وكما أن الرِؤية بالبصر حالة مخصوصة من الانكشاف والجلاء , ولها مقدمة وهي تقليب الحذقة الى جهة المرئي طلبا لتحصيل تلك الرؤية بالبصر فكذلك الرؤية بالبصيرة , وهي المسماة بالعلم واليقين , حالة مخصوصة في الانكشاف والجلاء , ولها مقدمة وهي تقليب حذقة العقل الى الجوانب طلبا لذلك الانكشاف والتجلي , وذلك ما يسمى بنظر العقل وفكرته .) 15/75 ومعلوم أن هذه العلوم كلها خاضعة للشرع فما وافق الشرع فهو حق وإلا ألقيت ، لأن هذه العلوم من المتغيرات لا الثوابت



‌د- المنحى الكلامي
الناظر في تفسير الإمام الفخر الرازي يدرك من أول وهلة ان النزعة الكلامية هي الغالبة على تفسيره , فهو كثيرا ما يخص المباحث الكلامية بمسألة أو أكثر من المسائل المتعلقة بشرح الآية ومن هذه المباحث :
§ أفعال العباد بين التسيير والتخيير
ينظر الفخر الرازي في مسألة العمل والجزاء والكسب على ضوء ما أورده الفلاسفة والمعتزلة والجبرية , فيعرضها مقتضبة واضحة , وهو يفسر الآية ( ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا ما كنتم تكسبون) يونس 52 فيقول : ( ظاهر الآية يدل على أن الجزاء يوجب العمل , أما عند الفلاسفة فهو أثر العمل لأن العمل الصالح يوجب تنوير القلب وإشراقه إيجاب العلة معلولها, وأما عند المعتزلة ,فلأن العمل الصالح يوجب استحقاق الثواب على الله تعالى , وأما عند اهل السنة فلأن ذلك الجزاء واجب بحكم الوعد المحض ,


والآية تدل على أن كون العبد مكتسبا خلافا للجبرية,وعندنا أن كونه مكتسبا أن مجموع القدرة مع الداعية الخالصة يوجب العقل...)17/110 ، وقوله أهل السنة هنا أي الأشاعرة على حد زعمه
ويشرح الشهرستاني في الملل والنحل الكسب عند الأشاعرة قائلا وهذا مايعرف عند الاشاعرة بنظرية الكسب, أي أن الله أجرى سنته بأن يخلق عقب القدرة الحادثة أو تحتها أو معها الفعل الحاصل إذا اراده العبد وتجرد له , ويسمى هذا الفعل كسبا فيكون خلقا من الله تعالى ابداعا وإحداثا وكسبا من العبد حصولا تحت قدرته ) 1/150
وهذا مناقضا لعقيدة أهل السنة والجماعة ، لأنهم أرادوا أن يتوسطوا بين الجبرية الذين قالوا : إن الإنسان مجبور على العمل فهو كالريشة في مهب الريح وبين القدرية الذين نفى غلاتهم كل مراتب القدر ونفى بقيتهم المشيئة لله والخلق ،والأشاعرة شعروا أو لم يشعروا ينفون عن الله العلم لأنه ما يخلق الفعل إلا بعد ما ينويه الإنسان فلم يعلم به إلا حينه أو أنهم جعلوا مشيئة الله تابعة لمشيئة الإنسان فلما شاء الإنسان شاء الله تعالى الله عما يقولون ، وأيضا هم نفاة للخلق أحيانا في الأفعال التي لا ينويها الإنسان بل يفعلها لا إراديا كالقشعريرة فيقال لهم من خلقها إذا؟، وليس هذا موطن بسط
§ رؤية الله
في تفسير الرازي لقوله تعالى ( إلى يوم يلقونه) التوبة 77 بسط رأي الجبائي في هذه المسألة , وأضاف الى ذلك رأي القاضي عبد الجبار..اللذين ينفيان رؤية الله تعالى يوم القيامة , ثم يقول ( أنا شديد التعجب من امثال هؤلاء الأفاضل قنعت نفوسهم بأمثال هذه الوجوه الضعيفة , وذلك لأنا تركنا حمل لفظ اللقاء على الرؤية في هذه الآية) 16 / 143
§ التشبيه والتجسيم
عند تفسيره للآية (بل يداه مبسوطتان ) الأعراف 64 أورد الرازي قول المجسمة الذين يرون أنها عضو جسماني كما في حق كل أحد , وبعد أن أبطل هذا الرأي أورد رأي المفوضة في لفظ اليد , الذين يرون أن ماهيتها وحقيقتها أمر معرفتها مفوض الى الله تعالى , وأما طريق السلف فإنها كما قال جمع منهم على الإستواء نقول على صفة اليد فاليد معلومة ( أي في لغة العرب ) والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ,أما المتكلمون فقالوا اليد تذكر في اللغة على وجوه : احدها الجارحة وهو معلوم , وثانيها : النعمة ...وثالثها : القوة...

ورابعها : الملك ... وخامسها : شدة العناية والاختصاص ...
يقول الرازي ( وإذا عرفت هذا فنقول : اليد في حق الله يمتنع أن تكون الجارحة , وأما سائر المعاني فكلها حاصلة ) ثم يورد قولا لأبي الحسن الأشعري الذي يرى أن اليد صفة قائمة بذات الله تعالى) 12/45-46
§ القول في القرآن هل هو قديم أم حادث
دافع الرازي في تفسيره عن رأي مذهبه الأشعري القائل بقدم القرآن من حيث معانيه لا من حيث ألفاظه يقول في معرض تفسيره لسورة الفاتحة ( وإذا قلنا كلام الله قديم لم نعن به إلا تلك الصفة القديمة التي هي مدلول هذه الألفاظ والعبارات , وإذا قلنا : كلام الله معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلم عنينا به هذه الحروف وهذه الأصوات التي هي حادثة ...) 1/39 إذا فهو يرى القرآن مخلوق


‌ه- اعتماد الشاهد الشعري
كثيرا ما يستشهد الرازي بالشعر للاستدلال على وجه من الأوجه اللغوية أوالبلاغية , يقول ( ذكر أهل اللغة في تفسير ” وكان له ثمر“ أنه بالضم أنواع الأموال من الذهب والفضة وغيرهما , وبالفتح حمل الشجر قال قطرب : كان أبو عمرو بن العلاء يقول الثمر المال والولد. وأنشد الحارث بن كلدة :
ولقد رأيت معاشرا قد أثمروا مالا وولدا
وقال النابغة:
مهلا فداء لك الأقوام كلهم ما أثمروه أمن مال ومن ولد
21/126


‌و- المنحى اللغوي
يعتمد الرازي في تفسيره للقرآن الكريم الجانب اللغوي لكلماته وآياته ففي تفسيره للبسملة , يورد قول اللغويين في وجوهها الإعرابية, يقول المسألة الحادية عشرة : أجمعوا على أن اعراب الرحمان الرحيم هو الجر , لكونهما صفتين للمجرور الأول , إلا أن الرفع والنصب جائزان فيهما بحسب النحو , أما الرفع فعلى تقدير بسم الله هو الرحمان الرحيم , وأما النصب فعلى تقدير بسم الله أعني الرحمان الرحيم ...) 1 /112


‌ز- المنحى البلاغي
يتعرض الرازي لكثير من الآيات القرآنية بالتحليل البلاغي حيث يستشف منها بعض وجوه المعاني والبيان , وإن كان لا يوغل في ذلك ايغال الزمخشري ومن ذلك قوله في الالتفات وهو بصدد تفسير قوله تعالى ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة ) يونس 22
( السؤال الثالث: ما الفائدة في صرف الكلام من الخطاب الى الغيبة
الجواب فيه وجوه ... قال صاحب الكشاف ”المقصود به المبالغة كأنه تعالى يذكر حالهم لغيرهم لتعجيبهم منها ,ويستدعي منهم مزيد الانكار والتقبيح“... والذي خطر بالبال في الحال , ان الانتقال في الكلام من لفظ الغيبة الى لفظ الحضور فإنه يدل على مزيد التقرب والإكرام . وأما ضده وهو الانتقال من لفظ الحضور الى لفظ الغيبة يدل على المقت والتبعيد ) 17/69-70

‌ح- أوجه القراءات
غالبا ما يورد الرازي أوجه القراءات, فعند تفسيره للآية (لإن أخرتني الى يوم القيامة) الاسراء62 يقول وفيه مباحث: قرأ ابن كثير لإن أخرتنيَ الى يوم القيامة بإثبات الياء في الوصل والوقف , وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بالحذف لإن أخرتن ونافع وأبو عمرو بإثباته في الوصل دون الوقف)21/3
وفي تفسيره لقوله تعالى(يوم ندعو كل اناس بإمامهم ) الاسراء71 قرئ يدعو بالياء والنون, ويدعى كل أناس على البناء للمفعول , وقرأ الحسن يدعو كل أناس , قال الفراء: وأهل العربية لا يعرفون وجها لهذه القراءة المنقولة عن الحسن .ولعله قرأ يدعى بفتحة ممزوجة بالضم فظن الراوي انه قرأ يدعو)21 /18

‌ط- المنحى الأصولي
ما من آية اتخذت دليلا من أدلة الاحكام وكانت مصدر استنباط إلا وتعرض الى ما فيها إما بصورة مستفيضة او بمجرد اشارة موجزة. يقول عند تفسيره للآية ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) التوبة 122 ” هذه الآية حجة لمن يرى أن خبر الواحد حجة ... والذي نقوله هنا : إن كل ثلاثة فرقة , وقد أوجب الله تعالى أن يخرج من كل فرقة طائفة , والخارج من الثلاثة يكون اثنين أو واحدا فوجب أن يكون الطائفة إما اثنين وإما واحدا ... وذلك يقتضي أن يكون خبر الواحد أو الاثنين حجة في الشرع“ 16/227-228 مع أنه من المعلوم أنه من متأخري الشافية المتكلمين الذين حشوا أصولهم بعلم الكلام

‌ي- المنحى الفقهي
لايقتصر الإمام فخر الدين الرازي على تبني مذهبه الشافعي في تفسيره للمسائل الفقهية المستنبطة من الآيات , بل يأتي بأقوال الحنفية والمالكية وسواهما , وقد يعقب عليها احيانا برأيه في المسألة . ومثال ذلك ما أورده من مسائل عند تفسيره لسورة الفاتحة , ونظرا لكثرة المسائل التي أوردها في هذا الموضع نكتفي بمسألة واحدة وبعض أوجه الحجج التي قدمها , يقول : ”قال الشافعي رحمه الله : قراءة الفاتحة واجبة في الصلاة فإن ترك منها حرفا واحدا وهو يحسنها لم تصح صلاته“ , وبه قال الأكثرون. وقال أبو حنيفة: ”لا تجب قراءة الفاتحة“ ثم يستطرد في عرض الحجج الداعمة لرأي مذهبه الشافعي , والتي أوصلها الى ثمان عشرة حجة نذكر منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر :


• الحجة الأولى : أنه عليه الصلاة والسلام واظب طول عمره على قراءة الفاتحة في الصلاة فوجب أن يجب علينا ذلك لقوله تعالى (فاتبعوه) ...
• الحجة الثانية : قوله تعالى (أقيموا الصلاة ) جاريا مجرى قوله أقيموا الصلاة التي كان يأتي بها الرسول صلى الله عليه وسلم , والتي اتى بها الرسول عليه الصلاة والسلام هي الصلاة المشتملة على الفاتحة
• الحجة الثالثة : إن الخلفاء الراشدين واظبوا على قراءتها طول عمرهم وإذا ثبت هذا وجب ان يجب علينا ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام ( عليكم بسنتي وسنتي الخلفاء الراشدين من بعدي ...)
• الحجة الرابعة : أن الأمة وإن اختلفت في انه هل تجب قراءة الفاتحة , ولكنهم اتفقوا عليه في العمل فإنك لاترى أحدا من المسلمين في المشرق والمغرب إلا ويقرأ الفاتحة في الصلاة...) 1/196-197


‌ك- المنحى الصوفي
اشتهر الإمام الرازي بالتصوف في حياته( فكان من التصوف وله فيه يد,وتفسيره ينبئ عن ذلك ) وفيات الأعيان 3/382 وانعكس هذا على تفسيره فهو يستحضر المعاني الصوفية عند تفسيره لعديد من آي القرآن ومن ذلك قوله عند تفسيره للطائف المستنبطة من قولنا ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ” النكتة الأولى : في قوله (أعوذ بالله) عروج من الخلق إلى الخالق ومن الممكن الى الواجب... لأن في أول الأمر لا طريق الى معرفته إلا بأن يستدل باحتياج الخلق على وجود الحق ... فعند مشاهدة هذه الحالة يفر العبد من نفسه ومن كل شيء سوى الحق فيشاهد في هذا الفرار قوله (ففروا الى الله) وهذه الحالة تحصل عند قوله (أعوذ ) ثم إذا وصل إلى غيبة الحق ,وصار غريقا في نور جلال الحق شاهد قوله ( قل الله ثم ذرهم ) الانعام91 فعند ذلك يقول ( أعوذ بالله)“ 1/97 وهذا كلام فيه ايهام مع أني أشم منه عقيدة الحلول عافانا الله ، وأقل أحواله أن يحمل على قول بهض الصوفية الذين يدعون الصفاء بحيث أنهم وقت عبادتهم لا يشعرون إلا بالله ولا يحسون بأن أحدا بجانبهم ، وهذا من بدعهم في الأعمال القلبية بل هذا ما أوصلهم في النهاية إلى عقيدة الحلول ووحدة الوجود ، ولم تحصل مثل هذه الأمور للرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته

خاتمة
على ضوء ما تقدم يمكن القول بأن الإمام فخر الدين الرازي- رحمه الله - كان مولعاً بكثرة الاستنباطات والاستطرادات في تفسيره، إضافة إلى توسّعه في ذكر مسائل الكون والطبيعة، ولأجل هذا، فقد قلَّل البعض من قيمة هذا الكتاب، كتفسير للقرآن الكريم، بل وصل الأمر ببعضهم بأن وصف هذا التفسير بقوله: " فيه كل شيء إلا التفسير" وهذا القول - فيه شيء من المبالغة، فلا يسعنا أن نسلِّم به على إطلاقه . ولكن...ومهما قيل في هذا الكتاب من مدح أو ذم، فإن ما لا نستطيع تجاهله - وهو ما نختم به عرضنا : أن الكتاب - بما له وما عليه - يبقى فيه غير يسير من المادة التفسيرية، التي تفيد طالب العلم المتخصص، وأن فيه ما هو صواب ومقبول. والأخطاء فيه كثيرة .


لائحة المصادر والمراجع
 التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين الرازي, ط 1 ,1981 , دار الفكر ,بيروت
 الرازي من خلال تفسيره ,عبد العزيز المجذوب , ط2 , 1980,الدار العربية للكتاب
 وفيات الأعيان , ابن خلكان , تحقيق احسان عباس ,دار صادر ,بيروت
 طبقات الشافعية , السبكي تاج الدين, 1324ه ,المطبعة الحسينية
 المقدمة , ابن خلدون
 طبقات المفسرين,السيوطي جلال الدين ط الأسدي
 شذرات الذهب في أخبار من ذهب,ابن العماد
 أساس التقديس , الامام فخر الدين الرازي,تحقيق أحمد حجازي السقا,مكتبة الكليات الأزهرية,القاهرة ,ط1986

[/SIZE]

 

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:43 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML