إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد ألا إله إلا الله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله أما بعد :
فالإحرام بالحج له أنواع ، و له محظورات ، و المقصود بالإحرام هو : نية الحج أو العمرة ، و التجرد من المحظورات التي تتنافى مع الإحرام.
أنواع الإحرام :
الإحرام له أنواع ثلاثة :
التمتع ، و القران ، و الإفراد.
التمتع و هو :
أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج ، قائلا عند نية الدخول في الإحرام : "لبيك عمرة" ، ثم يأتي بمناسك العمرة ، ثم يتحلل من عمرته التحلل الكامل ، ثم يحرم في يوم التروية الذي هو يوم الثامن من ذي الحجة بالحج.
القِران و هو :
أن يحرم بالعمرة و الحج جميعا في أشهر الحج من الميقات ، قائلا عند نية الدخول في النسك : " لبيك عمرة و حجا" ، أي : يحرم بالعمرة و الحج بنفس الإحرام.
و الإفراد هو :
هو أن يحرم بالحج وحده من الميقات في أشهر الحج ، قائلا عند نية الدخول في الإحرام :
" لبيك حجا " ؛ و لا يدخل فيه عمرة.
و أفضل هذه الأنساك هو التمتع ، بل إن القول بأن التمتع هو الواجب المتعين الإحرام به لمن لم يسق الهدي ليس متوجه ، و ليس ببعيد عن الصواب ، و ذلك لأن النبي –صلى الله عليه و سلم – أمر أصحابه الكرام ، و أزواجه الطاهرات ممن كان مفردا بالحج ، أو قارنا و لم يسق الهدي ، أمرهم أن يجعلوها عمرة ؛
ففي صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها – أن النبي –صلى الله عليه و سلم – حينما أمر الصحب الكرام بذلك ، و ترددوا في جعله كذلك ، دخل النبي –صلى الله عليه و سلم – على أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها – و هو غضبان! ، فقالت له –رضي الله عنها- :
من أغضبك –يا رسول الله – أدخله الله النار ! قال : أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر ، فإذا هم يترددون ، و لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ، ما سقت الهدي معي حتى أشتريه ، ثم أحل كما حلوا .
و لما تردد الصحب الكرام حينما أمرهم النبي –صلى الله عليه و سلم – بذلك أي : بالفسخ ، و جعلها عمرة قائلين :
" خرجنا حجاجا لا نريد إلا الحج ، حتى إذا لم يكن بيننا و بين عرفة إلا أربع ليال ، أمرنا النبي –صلى الله عليه و سلم – أن نفضي إلى نسائنا .."
و بلغ ذلك النبيَّ –صلى الله عليه و سلم - ، فخطب الناس و قال :
( أبالله تعلموني أيها الناس ؟!! قد علمتم أني أتقاكم لله ، و أصدقكم ، و أبركم ، افعلوا ما آمركم به ، فإني لولا هديي لحللت كما تحلون ).
فهذه بعض الأدلة لمن قال بوجوب الإحرام بالعمرة ، أي : أن يحرم المسلم متمتعا ، إلا من ساق الهديَ كما فعل رسول الله –صلى الله عليه و سلم - ، فإنه يحرم قارنا ، أي : يهل بالعمرة و الحج .
و قد ذكر العلامة ابن القيم-رحمه الله تعالى- في زاد المعاد أربعة عشر حديثاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تدل على أمره بالتمتع لأصحابه في حجة الوداع .
و لكنّ شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى- اختار "أن ما كان للأبد هو مشروعية التمتع يعني كونه قد أهل بحج فيفسخ إلى عمرة هذا إلى يوم القيامة - إلى الأبد - وأما وجوب الفسخ الذي هو وجوب التمتع فإنه خاص بأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- .
يدل عليه ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال : ( كانت المتعة لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة ) ، ونحوه عن عثمان -رضي الله عنه- بإسناد صحيح عند أبي عوانة .
والمعني يدل على ذلك فإن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون كما تقدم في حديث ابن عباس المتفق عليه } أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور { ، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ( أصحابه أن يعتمروا ) فكان الفسخ إلى عمرة واستحباب التمتع ، إلى الأبد ، وأما وجوب ذلك فهو خاص بأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولذا كان على هذا أبو بكر وعمر و عثمان كانوا ينهون الناس عن المتعة .
وهذا القول الذي عليه الجماهير هو الأولى وأفضل الأنساك هو التمتع من غير إيجاب " اهـ .من شرح أخصر المختصرات لشيخنا حمد الحمد-حفظه الله تعالى-.
يتبع