أهمية الدفاع عن عقيدة السلف
لاشك أن أي ملة من الملل وأي أمة من الأمم لابد وأن تدافع عن مبادئها وعقائدها بكل ما أوتيت من قوة حسية أو قوة معنوية وتبذل في سبيل نشر هذه المبادئ والذود عنها الغالي والنفيس.
وأهل السنة هم أولى الناس بهذا الأمر لاسيما وهم أهل الحق وأسعد الناس بكتاب الله وسنة رسوله الكريم علماً وعملاً تعليماً.
ولعلنا نذكر بعض الأمور التي يظهر من خلالها أهمية الدفاع عن هذه العقيدة التي هي أساس الملة وبها يكون الفوز الفلاح يوم القيامة وبها عز المسلمين ورفعتهم في الدنيا وأهم هذه الأمور التي يظهر من خلالها أهمية الدفاع عن عقيدة السلف والرد على المخالفين لها ما يلي:
1. تحقيق ما وعد الله به من حفظ هذا الدين:
قال الله - جل وعلا -: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فقد تكفل الله بحفظ هذا الدين عقائده وأحكامه على مر العصور إلى قيام الساعة، وكان الشرف لهذه الأمة أن جعلها هي القائمة بأمر الله إلى قيام الساعة تحمل هذا الدين يبلغه السلف إلى الخلف ويرثه الآخر عن الأول جيلا بعد جيل.
ومن سنن الله في هذا الكون أن جعل لكل شيءٍ سبباً وحفظ الدين لابد له من أسباب من أهم هذه الأسباب أن يقوم أهل العلم بالكتاب والسنة بالدفاع عنه وبيان بطلان المبطلين وتحريفات المحرفين كل عالم يأخذ حظه ونصيبه من هذا الحفظ.
يقول الرازي: " فإن قيل: فلم اشتغلت الصحابة بجمع القرآن في المصحف وقد وعد الله - تعالى -بحفظه وما - حفظه الله - فلا خوف عليه؟
الجواب: أن جمعهم للقرآن كان من أسباب حفظ الله - تعالى -إياه فإنه - تعالى -لمّا أن حفظه قيضهم لذلك.."أ.هـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -: " وإنا له لحافظون ": أي في حال إنزاله وبعد إنزاله.
ففي حال إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه في قلوب أمته، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها، والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل.
فلا يحرف محرف معنى من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين "أ. هـ.
ولهذا لما تكفل الله بحفظه حفظ ولم يكله إلى مخلوق ولما وكل حفظ التوراة إلى اليهود ضيعوه كما قال - تعالى -: (بما استحفظوا من كتاب الله) أي: فجعل حفظه إليهم فضاع.
وعليه فإن الدفاع عن عقيدة سلف الأمة واجب على أهل العلم لكي ينالوا هذا الشرف بأن يكونوا أحد الأسباب في حفظ هذا الدين وهذا القرآن المنزل على رسوله.
وقد تحقق وعد الله بحفظ هذا فقد دون السلف عقيدتهم وما يدينون الله به وكذلك دونوا ردودهم على تحريفات المحرفين وشبهات المشبهين وحققوا وعد الله حقاً وصدقاً ويقيناً وشهد على ذلك المسلم والكافر والبر والفاجر.
2. صد هجمات الطاعنين في هذا الدين:
لاشك أن أي تقصير في رد طعن الطاعنين وتلبيس الملبسين سوف يظهر أثره على الأمة في عقيدتها ودينها بل وحياتها كلها.
والواقع يشهد بهذا؛ فقد مرت بالأمة فترات انتشرت فيها البدع وظهر فيها الشر والفساد وضعف الداعي للخير والسنة مع وجود بعض علماء أهل السنة وكان من أسباب ظهور البدع وانتشارها تقصير هؤلاء العلماء في الرد على هذه البدع وبيان شرها.
ولعل من الأمثلة على ذلك:
الإمام أحمد في زمنه فقد وقف مع بعض أهل العلم في فتنة خلق القرآن وقصر بعضهم وسكتوا إما رغبةً أو رهبة فحفظ الله الدين بهؤلاء العلماء كما حفظ الله الدين بأبي بكر زمن الردة.
ويقول الإمام أحمد في مقدمة كتابه الرد على الجهمية: "الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم.
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدع وأطلقوا عقال الفتنة..... "أ. هـ.
ومن خلال هذا النص الذي قاله هذا الإمام يمكن أن نستنبط ما يلي:
أ- أن الله لم يخل أي فترة من أهل العلم الذين يقومون بأمر الدين كما جاء في الحديث:
" لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك. "
ب- أن هؤلاء العلماء كان من أهم وظائفهم: ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وهو الذي أشرنا إليه في هذه الفقره.
ج- أن هذا يستلزم منهم الصبر على ما سوف يلقون في سبيل الدفاع عن هذه العقيدة وهذا الدين.
د- أن أثرهم عظيم على هذه الأمة بسبب ردهم شبهات الطاعنين وتحريفات المحرفين.
3. أن هذا نوع من الجهاد المأمور به شرعاً:
الجهاد في سبيل الله يكون بالسيف وهو أعلى المراتب وهناك نوع آخر هو الجهاد بالحجة والبيان وهو الرد على الكفار والمنافقين والمحرفين لدين الله.
بل إنه في بعض المواضع قد يفوق جهاد النفس كما قرر ذلك أهل العلم:
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "وأمره الله - تعالى -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجهاد من حين بعثه وقال: (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً)
فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة والبيان وتبليغ القرآن، وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال - تعالى -: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير).
فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار وهو جهاد خواص الأمة وورثة الرسل والقائمون به أفراد في العالم والمشاركون فيه والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلين عدداً، فهم الأعظمون عند الله قدراً.
ولما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المعارض مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه، كان للرسل صلوات الله عليهم وسلامه من ذلك الحظ الأوفر، وكان لنبينا صلوات الله وسلامه عليه من ذلك أكمل الجهاد وأتمه. "أ. هـ).
فبين الإمام ابن القيم أن الدفاع عن الدين وفضح خطط الأعداء الذين يريدون أن يحرفوه نوع من أنواع الجهاد بل هو في بعض المواضع يكون أفضل من الجهاد بالسيف والسنان.
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخدم هذا النوع من الجهاد وهو الجهاد باللسان لما يعلم من أثره البالغ على أعداء الدين.
يقول ابن القيم - رحمه الله -: "فكشف عورات هؤلاء يعني أهل البدع وبيان فضائحهم وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت - رضي الله عنه -: "إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن رسوله وقال: أهجهم أو هاجهم وجبريل معك وقال: "اللهم أيده بروح القدس مادام ينافح عن رسولك، وقال عن هجائه لهم: " والذي نفسي بيده لهو أشد فيهم من النبل "، وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله؟... فالمدافعة عن كلام الله ورسوله والذب عنه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله وأنفعها للعبد "أ. هـ.
فتبين من خلال ما سبق أن الدفاع عن عقيدة سلف الأمة هو نوع من الجهاد في سبيل الله بل من أعظم أنواعه والله المستعان.
4. إزالة الشبهة والغشاوة عمن قد يكون افتتن ببعض البدع:
وغالبهم من عوام الناس ودهمائهم وضعافهم ولهذا إذا لم يبين أهل العلم ويردوا على المخالفين وقعت الشبهة في قلوب هؤلاء وتشربتها قلوبهم وانحرفوا في أعظم أمور دينهم وهو أمر العقيدة.
ولهذا كان الدفاع عن عقيدة السلف من الأهمية بمكان وقد نص الأئمة أنهم ما صنفوا الكتب في الرد على المخالفين إلا خوفاً على ضعفة المسلمين من الافتتان بشبهات أهل البدع.
يقول الإمام الدارمي - رحمه الله - في مقدمة كتابه (الرد على بشر المريسي):
"ولولا ما بدأكم هذا المعارض بإذاعة ضلالات المريسي وبثها فيكم ما اشتغلنا بذكر كلامه، مخافة أن يعلق بعض كلامه بقلوب بعض الجهال، فيلقيهم في شك من خالقهم.... "أ. هـ ويقول في موضع آخر:
"فخشينا ألا يسعنا إلا الإنكار على من بثها يعني الشبهات ودعا الناس إليها منافحة عن الله وتثبيتاً لصفاته العلى ولأسمائه الحسنى ودعاءً إلى الطريقة المثلى ومحاماة عن ضعفاء الناس وأهل الغفلة من النساء والصبيان أن يضلوا بها ويفتتنوا ‘ذ بثها فيهم.. "أ. هـ
فتبين مما سبق خطورة السكوت وعدم البيان وأهمية الدفاع عن عقيدة الأمة والرد على أهل الزيغ والضلال وفضح باطلهم لعامة الناس حتى يبقوا في مأمن من فتنتهم وتلبيسهم والمسؤلية كلها ملقاة على عاتق هؤلاء العلماء حتى يبينوا لهم الحق والصواب.
5. إظهار الحق وبيانه للناس:
إن هذا الدين لم يشرع لكي يحصر في فئة المتعلمين والعلماء وطلاب العلماء بل شرع ليكون منهج حياة يعيشون به.
ولا خير في علم عالم إذا لم يبلغه ويبينه للناس وأهم وأوجب ما يجب على أهل العلم نشره بين الناس ما يخص عقائدهم تجاه ربهم ونبيه الكريم.
وقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم أن يبينوه ولا يكتمونه فقال - جل وعلا -: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون).
وقال - جل وعلا - متهدداً ومتوعداً أهل العلم الذين يكتمون ما أنزل الله من الحق ولا يبينوه ويظهروه للناس حتى لا يضلوا ومن البيان الرد على من لبس على الأمة في أمر عقيدتها ودينها.
قال - جل وعلا -: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس من الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم)
قال الحافظ ابن كثير: " وفي هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم، ويسلك بهم مسلكهم، فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا منه شيئاً... "أ. هـ.
يقول الشيخ السعدي: " هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب وما كتموا من شأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصفاته فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله (من البينات) الدالات على الحق المظهرات له. "أ. هـ.
فتبين من خلال هذه النصوص وأقوال أهل العلم خطورة كتمان العلم وعدم بيان الحق والرد على المبطلين المحرفين للنصوص الشرع والخطاب متوجه بالدرجة الأولى إلى العلماء الذين يستطيعون البيان وإزالة الشبهة واللبس عن الناس.
6. وضع منهج واضح المعالم في الرد والمناقشة للمخالفين:
إن مما يظهر أهمية الرد على المخالفين والدفاع عن عقيدة الأمة: وضع منهج واضح للعلماء، ولطلبة العلم إذا أرادو إبطال أي شبهة أو الرد على أي انحراف؛بحيث تؤتي هذه الجهود المباركة ثمارها المرجوة منها من تصحيح لما فسد في المعتقد، وإبطال لتلبيس الملبسين، وغيرها من الثمار، والمصالح التي تنتج عن الالتزام بالمنهج الصحيح في الرد والمناقشة.
وإن مشكلة الأمة في الأزمان المتأخرة هي: مشكلة المنهج أي المنهج الصحيح في الرد والمناقشة وبسبب هذه المشكلة لم تكن ردود المتأخرين في القوة والرصانة كما هي الحال في ردود المتقدمين.
ومن هذا نؤكد على أهمية الدفاع عن العقيدة، والرد على المبطلين ليس لأجل الرد على أهل الباطل فحسب؛بل لأجل وضع منهج واضح المعالم لمن يأتي من أجيال الأمة.
ولهذا من كان على طريقة السلف في الرد والمناقشة من المتأخرين كان في القوة والرصانة مثل المتقدمين.
ومن العلماء - الذين احتذوا حذو السلف في الرد والمناقشة، وكان لمصنفاته القبول والانتشار على مدى سبعة قرون تقريباً-: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلامذته الذين احتذوا حذوه في الأخذ بمنهج السلف؛ ولهذا كان شيخ الإسلام على مدى هذه القرون السبعة ممن أحيا وأظهر منهج السلف في طريقتهم في الرد والمناقشة وأصبحت معلماً من المعالم العلمية التي يرجع إليها لمعرفة منهج السلف.
وإن الناظر في واقعنا المعاصر ليدرك حاجة طلاب العلم لمعرفة منهج السلف في الرد والمناقشة، فقد انتشرت ردود كثيرة وإن الحق مع أصحابها وهم على منهج أهل السنة في المعتقد لكنهم لم يوفقوا لنهج طريقة السلف في الرد والمناقشة.
فكم رأينا من يعتدي ويظلم في رده، وكم رأينا من يرد الحق الذي مع المخالف بحجة أن القائل به رجل ليس من أهل السنة.
وكم رأينا من جاء ليرد على البدعة فرد عليها ببدعة مثلها، وبعضهم أخذته الغيرة ليرد على مبطل فكان رده ضعيفاً هزيلاً وأصبح ضحكة ولا حول ولا قوة إلا بالله لأهل البدع؛بل بعضها جاء ليرد على المبطل فإذا به يقرر الشبهة نقداً ويجعل الرد نسيئة وهذا كله من عواقب عدم العناية بمنهج السلف علماً وعملاً وتعليماً.
ومما يجعلنا نؤكد على أهمية معرفة منهج السلف في الرد والمناقشة ومعرفة منهجهم في ذلك عدة أمور:
أ- الحذر من أذية المؤمنين وخاصة العلماء وتتبع زلاتهم والوقيعة فيهم بغير حق:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " وليس لأحدٍ أن يتبع زلاّت العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم أهل له فإن الله - تعالى -عفا للمؤمنين عمّا أخطؤوا، كما قال - تعالى -: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله: "قد فعلت ".
وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقاً في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، فنقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان).
وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور، ونعظم أمره - تعالى -بالطاعة لله ورسوله، ونرعى حقوق المسلمين، لاسيما أهل العلم منهم، كما أمر الله ورسوله، ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد، وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، فهو من الظالمين، ومن عظم حرمات الله، وأحسن إلى عباد الله كان من أولياء الله المتقين"أ. هـ
ب- الحذر من إصدار الأحكام على من لا يستحقها:
من تبديع وتكفير ونحوها، والذي يزل في هذا الباب إنما أوتي من قبل جهله بالمنهج في الرد والمناقشة مع المخالف، ولا نغفل هذا الباب بل هو من منهجنا أن من قامت على الحجة والبينة فإنه يبدع ويفسق ويكفر كل على حسب حالته والمسألة غلط فيها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه: " إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم، فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له، فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول؛ فلهذا يبدع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك أ. هـ
ويقول أيضاً: " وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً، فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئاً يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة "أ. هـ.
ت- الحذر من الغلط في فهم كلام الأئمة في هذا الباب:
وذلك أن الأئمة قد يكفرون طائفة بعينها أو شخصاً بعينه لما قام عندهم من الأدلة على قيام الحجة على هذا المخالف ووضوحها لديهم فلا تؤخذ أقوالهم لتعمم على كل من قال بهذا القول من غير نظر إلى قيام الحجة وفقه كلام السلف في مثل هذه الوقائع.
يقول شيخ الإسلام: "فإذا رأيت إماماً قد غلّظ على قائل مقالته أو كفره، فلا يعتبر هذا حكماً عاماً في كل من قالها، إلا إذا حصل فيه الشرط الذي يستحق به التغليظ عليه والتكفير له "أ. هـ
7. بالدفاع عن الدين والعقيدة يظهر الحق ويزداد الإيمان ويقوى به اليقين:
إن من عظيم النعمة على المؤمنين المنافحين عن دين الله أنهم يزدادون به يقيناً وإيماناً ويعظم في قلوبهم ويظهر لهم فساد من خالفهم.
يقول شيخ الإسلام: "... فالحق كالذهب الخالص، كلما امتحن ازداد جودة، والباطل المغشوش المعشى، إذا امتحن ظهر فساده فالدين الحق كلما نظر فيه الناظر، وناظر عنه المناظر ظهرت له البراهين وقوى به اليقين وازداد به إيمان المؤمنين وأشرق نوره في صدور العالمين"أ. هـ.
8. بالدفاع عن الدين والعقيدة يظهر فساد المفسدين وباطلهم لكل الناس:
بالدفاع عن العقيدة والرد على المخالفين يظهر ويفضح فساد المفسدين وتلبيس الملبسين لكل الناس حتى لأهل السنة أنفسهم قد لا يظهر لهم بذلك الوضوح إلا بعد الرد والمناقشة لهذا الباطل.
يقول شيخ الإسلام: ".. والدين الباطل إذا جادل عنه المجادل، ورام أن يقيم عوده المائل، أقام الله- تبارك وتعالى -من يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ويبين أن صاحبه الأحمق كاذب مائق، وظهر فيه من القبح والفساد والحلول والاتحاد والتناقض والإلحاد والكفر والضلال والجهل والمحال ما يظهر به لعموم الرجال أن أهله من أضل الضلال حتى يظهر فيه من الفساد مالم يكن يعرفه أكثر العباد، ويتنبه بذلك من كان غافلاً من سنة الرقاد من كان لا يميز الغي من الرشاد... "أ. هـ.
9. بالدفاع عن الدين يُستبان سبيل المجرمين:
إن من أهم ما يمكن أن تظهر ثمرته لأهل الحق -من خلال ردهم على الباطل- معرفة طريقة المبتدعة والطاعنين في الدين في التدليس والتلبيس وتحريف النصوص عن معانيها الحقة ومعرفة كيفية تلاعبهم بالنصوص بحيث يستطيع كل أحد الرد عليهم وبيان باطلهم حتى من عامة الناس وصغار الطلبة.
اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم