منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الدفاع عن الإسلام والسنة


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي مختصر شفاء العليل في حكم امتحان أهل السنة للواقفة والمجاهيل

كُتب : [ 08-26-2014 - 02:49 AM ]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد وعلى صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد
فقد تكلم بعض المشايخ في مسألة الامتحان بالأشخاص ، وخلط فيها خلطا عجيبا ، ثم أنكر مشروعية الامتحان ورده دون تروي ، أو تأمل ، فضلا عن تثبت وتحري ؟!
وعلى كل أنقل ما تيسر لي اختصاره من كتاب : " شفاء العليل في حكم امتحان أهل السنة للواقفة والمجاهيل "
والله أسأل الهداية لي ولجميع إخواننا من أهل السنة والحمد لله رب العالمين .
من أنواع الامتحان البدعي
ه- امتحان الناس بالبدعة ، وحمل الناس عليها من قبل الحكام ، أو من له سلطة .
قال الشعبي – رحمه الله – : " المحنة بدعة "(1).
وعن عامر ، والحكم – رحمهما الله - قالا : " المحنة بدعة "(2).
وعنه – أيضا- وسعيد بن جبير – رحمهما الله - قالا : " المحنة بدعة "(3).
وقد فسر الإمام الكبير سفيان الثوري – رحمه الله – المحنة في هذه الآثار بامتحان السلطان للناس .
قال الخطابي – رحمه الله - : " في حديث الشعبي أنه قال: "المحنة بدعة".
قال سفيان الثوري: " المحنة : أن يأخذ السلطان الرجل فيمتحنه , فيقول: فعلت كذا، وقلت كذا ، فلا يزال به حتى يسقطه"(4).
ومثله قال ابن الأثير – رحمه الله - : " وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبيّ « المِحْنَة بِدْعة » هِيَ أَنْ يأخُذَ السُّلْطَانُ الرَّجُلَ فيَمْتَحِنَه ، وَيَقُولُ : فَعَلْتَ كَذَا وَفَعَلْتَ كَذَا ، فَلَا يَزال بِهِ حَتَّى يَسْقطَ وَيَقُولَ مَا لَمْ يَفْعَله ، أَوْ مَا لَا يَجُوزُ قَوْلُهُ ، يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ بِدْعة."(5) .
وعلى هذا يحمل كلام البربهاري – رحمه الله – حيث قال : " والمحنة في الإسلام بدعة . وأما اليوم فيمتحن بالسنة "(6) .
تنبيه :
استدل بكلام الإمامين البربهاري ، وشيخ الإسلام المتقدم الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه " رفقا أهل السنة بأهل السنة " (7) على منع امتحان الناس بالناس؟
وأقول : كلام شيخ الإسلام تقدم الجواب عنه في النوع الرابع من أنواع الامتحان الممنوع ، وأما كلام الإمام البربهاري فليس فيه منع أهل السنة من امتحان المجاهيل والواقفة ، بمحبة أئمة السنة المشتهرين بالرد على أهل البدع ؛ ذلك لأن قوله : " والمحنة في الإسلام بدعة " جاء على نسق كلام أئمة السنة كما تقدم ، وهو جاري على منع الامتحان المبتدع الذي هو حمل السلطان الناس على القول بالبدعة ، أو الإقرار بالباطل .
وبهذا البيان – والحمد لله - فلا عزاء ، ولا قرة عين لأولئك المتشبثين بخيوط العنكبوت ، المتلمسين سقطات الشيوخ وهفواتهم ؟!
القسم الثاني : الامتحان المشروع ، وهو امتحان أهل السنة للواقفة والمجاهيل ؛ لمعرفة عقائدهم ومذاهبهم ، وتحذير الناس منهم :
فهذا النوع ثابت في السنة – كما سيأتي – ، وعليه عمل السلف الصالح وأئمة السنة ، وهو أصل عظيم القدر في حفظ كرامة نقلة الشريعة ، وتعظيم جناب أئمة السنة ، فمن أحب أئمة السنة - خاصة من عرف منهم بنقد المخالفين للسنة - سلم ، ومن أبغضهم عطب .
ويعرف بهذا الأصل أتباع السنة المقتدين بعلماء السلف بحق ، ويتحقق به المفاصلة والتمايز بين صفوف أهل السنة ، وأهل البدع والأهواء ، ويقطع طريق التغرير بالعامة ، والاغترار بأهل الأهواء والبدع ، حتى يضمحل ذكرهم ، وتندثر بدعهم.
ويشرع هذا الامتحان عند الحاجة ؛ لتحقيق مصلحة شرعية ، خاصة في معرفة مذاهب وعقائد المجهولين والواقفة ؛ لحماية السنة ، وتحذير الناس منهم .
وهذا الامتحان على نوعين :
الأول : امتحان الناس بمحبة أئمة أهل السنة المتصدين للبدع وأهلها :
وهو ثابت ومشروع بدلالة النصوص الشرعية – كما سيأتي - ، وتكاثرت النقول في سنيته ومشروعيته عن أئمة السنة وعلماء السلف ، وأصل ذلك من السنة :
1- حديث معاوية بن الحكم السلمي ، وفيه أنه قال : وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية ، فاطلعتُ ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها . وأنا رجل من بني آدم ، آسف كما يأسفون ، لكني صككتها صكة ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعظم ذلك علي ، قلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال : " ائتني بها " فأتيته بها ، فقال لها : " أين الله ؟ " قالت : في السماء ، قال : " من أنا ؟ " قالت : أنت رسول الله ، قال: " أعتقها ، فإنها مؤمنة "(8) .
قلت : في هذا الحديث الإشارة إلى نوعي الامتحان : الامتحان بالأشخاص وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من أنا ؟ " .
والامتحان بالمقالة وذلك في قوله – صلى الله عليه وسلم - : " أين الله ؟ " .
قال الشافعي – رحمه الله - : " فلو آمن عبد به ولم يؤمن برسوله : لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبدا ، حتى يؤمن برسوله معه . وهكذا سن رسول الله في كل من امتحنه للإيمان ..."(9). ثم استدل – رحمه الله - بحديث الجارية .
وقَالَ الدارمي – رحمه الله - : " ومما يحقق قول ابن المبارك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية : " أين الله ؟ " ، يمتحن بذلك إيمانها ، فلما قالت : في السماء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعتقها ، فإنها مؤمنة "(10).
وقال الذهبي - رحمه الله - : " ففي الخبر مسألتان إحداهما شرعية قول المسلم أين الله وثانيهما قول المسؤول في السماء فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم "(11).
وأشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقال : " قال ابن خزيمة : لست أنكر أن يكون خبر معمر ثابتا صحيحا ليس بمستنكر لمثل عبيد الله بن عبد الله أن يروي خبرا عن أبي هريرة عن رجل من الأنصار لو كان متن الخبر متنا واحدا ، فكيف وهما متنان ، وهما على(1) حديثان لا حديث واحدا : حديث عون بن عبد الله في الامتحان إنما أجابت السوداء بالإشارة لا بالنطق ، وفي خبر الزهري أجابت السوداء بنطق نعم بعد الاستفهام لما قال لها : " أتشهدين أن لا اله إلا الله ؟ " – وفي الخبر أنها - قالت : " نعم " وكذا عند الاستفهام قال لها : " أتشهدين أني رسول الله ؟ قالت : نعم " ، نطقا بالكلام ، والإشارة باليد ليس النطق بالكلام . وفي خبر الزهري زيادة الامتحان بالبعث بعد الموت ، لما استفهمها " أتؤمنين بالبعث بعد الموت "(12).
2- عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط قبل بن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان ... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد أتشهد أنى رسول الله ؟ "(13) .
قال الخطابي – رحمه الله - : " فامتحنه بذلك ليزور به أمره ويخبر شأنه فلما كلمه علم أنه مبطل "(14) .
قال النووي – رحمه الله - : " قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَأَمَّا اِمْتِحَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا خَبَّأَهُ لَهُ مِنْ آيَة الدُّخَان فَلِأَنَّهُ كَانَ يَبْلُغهُ مَا يَدَّعِيه مِنْ الْكِهَانَة ، وَيَتَعَاطَاهُ مِنْ الْكَلَام فِي الْغَيْب ، فَامْتَحَنَهُ لِيُعْلِم حَقِيقَة حَاله ويظهر ابطال حاله للصحابة وأنه كاهن ساحر يأتيه الشيطان "(15) .
وقال القاضي عياض – رحمه الله - : " " قوله أتشهد أني رسول الله " إنما كشفه لأنه كان يبلغه عنه أنه كان يدعي الكهانة والكلام في الغيب فكشف ليتبين ما يبلغه عنه "(16) .
3- وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : " حب الأنصار آية الإيمان وبغضهم آية النفاق "(17) .
4- وعن البراء قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الأنصار : " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله "(18) .
قال النووي – رحمه الله - : " قد تقدم أن الآية هي العلامة ومعنى هذه الأحاديث أن من عرف مرتبة الأنصار وما كان منهم في نصرة دين الإسلام ... ومن أبغضهم كان بضد ذلك واستدل به على نفاقه وفساد سريرته "(19).
وقال القرطبي – رحمه الله - : " الآيةُ : العَلاَمَةُ والدَّلاَلة ، وقد تكون ظَنِّيَّة ، وقد تكون قطعيَّة ، وحُبُّ الأَْنْصَارِ من حيث كانوا أنصارَ الدِّينِ ومُظهِريهِ ، وباذلين أموالَهُمْ وأَنْفُسَهُمْ في إعزازِهِ ، وإعزازِ نبيِّه ، وإعلاءِ كلمته ، دلالةٌ قاطعةٌ على صِحَّةِ إيمانِ مَنْ كان كذلك ، وصحَّةِ محبَّته للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، وبُغْضُهم كذلك دلالةٌ قاطعةٌ على النفاق ، وكذلك القولُ في حُبِّ عليٍّ وبغضه
فمَنْ أحبَّه لسابقته في الإسلام وقِدَمِهِ في الإيمان وغَنَائِهِ فيه ، وذبِّه عنه وعن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، ولمكانته من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرابتِهِ ، ومصاهرته ، وعلمِهِ ، وفضائله . كان ذلك منه دليلاً قاطعًا على صِحَّةِ إيمانه ، ويقينِهِ ، ومحبتِهِ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - . ومَنْ أبغضَهُ لشيء من ذلك ، كان على العكس. "(20).
وقال العلامة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي – رحمه الله - : ( فهذا الحديث يقتضي أن من أحب الأنصار الذين نصروا الدين ونشروه في ربوع الأرض بسيوفهم ، وتعليمهم بالقول والفعل ؛ من أحبهم فذلك دليل على إيمانه ، ومن أبغضهم فذلك دليل على نفاقه ) (21) .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى أن من طرق معرفة الناس الامتحان والاختبار فقال : " ومعرفة أحوال الناس تارة تكون بشهادات الناس ، وتارة تكون بالجرح والتعديل وتارة تكون بالاختبار والامتحان "(22).
وقد ورد عن السلف الصالح وأئمة السنة العمل بهذا الأصل وتطبيقه ، وامتحنوا به من أرادوا معرفة مذهبه وعقيدته ، من الواقفة والمجاهيل ، دون نكير أو اعتراض ، ومن غير شغب أو امتعاض ، إنما هو التسليم واتباع سبيل المؤمنين " فهذا الطريق السليم الذي لا خطر على سالكه ، ولا وحشة على صاحبه ، ولا مخافة على مقتفيه ، ولا ضرر على السائر فيه ، من سلكه سلم ، ومن فارقه عطب وندم ، وهو سبيل المؤمنين الذي دلت عليه السنة وسلكه صالح الأمة "(23){ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }
والآثار في ذلك عن السلف وعلماء السنة كثيرة منها :
1- قال بقية – رحمه الله - : " إنا لنمتحن(24) الناس بالأوزاعي فمن ذكره بخير عرفنا أنه صاحب سنة ، ومن طعن عليه عرفنا أنه صاحب بدعة."(25) .
2- قال أحمد بن عبد الله بن يونس – رحمه الله - : " امتحن أهل الموصل بمعافى بن عمران فإن أحبوه فهم أهل السنة وإن أبغضوه فهم أهل بدعة كما يمتحن أهل الكوفة بيحيى " (26) .
وعنه قال : " كان سفيان إذا جاءه قوم من أهل الموصل امتحنهم بحب المعافى، فإن رآهم كما يظن قربهم وأدناهم ، وإلا فلا." (27) .
3- وعَن ابْن عمار قال : " كنت عند عيسى بْن يونس بالحديث ، فقال لي : ممن أنت ؟ فقلت : من أهل الموصل . قال : رأيت المعافى بن عمران ؟ قلت : نعم . قال : وسمعت منه ؟ قلت : نعم . قال : ما أحسب أحدا رأى المعافى وسمع من غيره يريد الله بعلمه. "(28).
4- وقال الإمام سفيان الثوري – رحمه الله :" امتحنوا أهل الموصل بالمعافى "(29).
5- وقال رجل لأحمد بن حنبل من السني ؟ قال : من أين أنت ؟ قال : من أهل البصرة ، قال : أتحب أيوب السختياني ؟ قال نعم ، قال : سني "(30) .
6- " قَالَ سَمِعت سُفْيَان بن وَكِيع يَقُول : أحْمَد عندنَا محنة من عَابَ أَحْمد عندنَا فَهُوَ فَاسق ... أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن بدينَا الْموصِلِي قَالَ أَنْشدني ابْن أعين فِي أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه اللَّه ...
أضحى ابْن حَنْبَل محنة مَأْمُونَة ... وبحب أَحْمد يعرف المتنسكُ
وَإِذا رَأَيْت لِأَحْمَد متنقصا ... فَاعْلَم بِأَن ستوره ستهتك ..." (31) .
7- وأنشد إسماعيل بن فلان الترمذي - رحمه الله - في الإمام أحمد :
" إذا ميز الأشياخ يوما وحصلوا ... فأحمد من بين المشائخ جوهر
رقيق أديم الوجه حلو مهذب ... إلى كل ذي تقوى وقور موقر
أبي إذا ما حاف ضيم مؤمر ... ومر إذا ما خاشنوه مذكر
لعمرك ما يهوى لأحمد نكبة ... من الناس إلا ناقص العقل مغور
هو المحنة اليوم الذي يبتلى به ... فيعتبر السُُني فينا ويسبر
شجى في حلوق الملحدين وقرة ... لأعين أهل النسك عف مشمر
فقا أعين المراق فعل ابن حنبل ... وأخرس من يبغي العيوب ويحقر"(32) .
8- وقال شيخ الإسلام - رحمه الله - : " فإذا أراد الإنسان أن يصاحب المؤمن أو أراد المؤمن أن يصاحب أحدا وقد ذكر عنه الفجور وقيل إنه تاب منه أو كان ذلك مقولا عنه سواء كان ذلك القول صدقا أو كذبا ، فإنه يمتحنه بما يظهر به بره أو فجوره وصدقه أو كذبه وكذلك إذا أراد أن يولي أحدا ولاية امتحنه ؛ كما أمر عمر بن عبد العزيز غلامه أن يمتحن ابن أبي موسى لما أعجبه سمته "(33).
وقال أيضا : " فلما امتحن الناس بذلك ، واشتهرت هذه المحنة، وثبت الله من ثبته من أئمة السنة، وكان الإمام ـ الذي ثبته الله وجعله إمامًا للسنة حتى صار أهل العلم بعد ظهور المحنة يمتحنون الناس به ، فمن وافقه كان سنيًا ، وإلا كان بدعيًا هو الإمام أحمد بن حنبل "(34).
مَـن يُمتحـن بمحبته مِـن علمـاء أهل السنـة
ليس كل علماء أهل السنة يمتحن بمحبته ! ، بل يمتحن بمحبة مَن اشتهر عنه الرد على أهل البدع ، والتحذير منهم ، والشدة عليهم .
1ـ قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري - رحمه الله -: " فأما فتنة القدر ؛ فأول من تكلم بها معبد الجهني ، رجل من أهل البصرة ، كان عنده حظ من العلم ، ... وأما عمرو بن عبيد ... فإنه هو أول من بسط أساسه ، فأصبح رأسه ونظم له كلاما ونصبه إماما ، ودعى إليه ودل عليه ؛ فصار مذهبا يسلك ، وهو إمام الكلام وداعية الزندقة الأولى ورأس المعتزلة ، سموا به لاعتزاله حلقة الحسن البصري ، وهو الذي لعنه إمام أهل الأثر مالك بن أنس الأصبحي وإمام أهل الرأي النعمان بن ثابت القفلي أبو حنيفة ، وحذر منه إمام أهل المشرق عبد الله بن المبارك الحنظلي ، وقد قدمنا أسانيد تلك الأقوال ؛ فسلط الله عز وجل عليهوعلى من استتبع واخترع سيفا من سيوف الإسلام ، وهو أبو بكر أيوب بن أبي تميمة السختياني ، واسم أبيه كيسان ، من أهل البصرة ، فهتك أستاره ، وأظهر عواره ووسمه باللعنة وألحق به بلاء تلك الفتنة ، وهو الذي يقول قتيبة بن سعيد : " إذا رأيت الرجل من أهل البصرة يحب أيوب ؛ فاعلم أنه على الطريق وقال رجل لأحمد بن حنبل رحمه الله " من السني ؟ قال : من أين أنت قال : من أهل البصرة . قال : أتحب أيوب السختياني ؟ قال : نعم . قال : فأنت سني " .
هذه قصة أهل البصرة .

وأما قصة غيلان ؛ فظهرت بليته بالشام ، وافتتن بها ثور بن يزيد ومكحول الفقيه وجماعة من أهل العلم بتلك الناحية ، فسلط الله عز وجل عليهم ريحانة أهل الشام : أبا عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحمد الأوزاعي فلحظهم بالصغار ، ووضعهم في المقدار ، وبسط عليهم لسانا أعطي بيانا ، وضن عليهم ببشارة الوجه وطلاقة اللقي ؛ حتى ذل الله به الأعزة في سبيل الضلالة ، وعز به الأذلة في سبيل السنة بحمد الله رب العالمين ومنِّه "(35).
وقال أيضا - رحمه الله -: " فهذه قصة فتنة أهل المشرق ، بها بسطت ومهدت ثم سارت في البلاد ، فقام لها ابن أبي دؤادوبشر بن غياث ، فملآ الدنيا محنة والقلوب فتنة دهرا طويلا ؛ فسلط الله عليهم علما من أعلام الدين أوتي صبرا في قوة اليقين ، أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني ، فشد المئزر وأبى التقية وجاد بالدنيا وضن بالدين ، وأعرض عن الغضاضة على طيب العيش ، ولم يبال في الله خفة الأقران ، ونسي قلة الأعوان حتى هدَّ ماشدوا ، وقدَّ ما مدوا " (36).
4- وقال الإمام عبد الرحمن بن مهدي– رحمه الله -: " إذا رأيت حجازيا يحب مالك بن أنس فهو صاحب سنه وفي حديث محمد بن مسلم إذا رأيت المديني يحب مالكا " (38).
5ـ وقال أبو محمد ابن أبي حاتم الرازي - رحمه الله -: " باب استحقاق السنة محبى حماد بن زيد حدثنا عبد الرحمن نا أبى ومحمد بن مسلم قالا سمعنا حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول إذا رأيت بصريا يحب حماد بن زيد فهو صاحب سنة " (39).
ـ وقال أيضا- رحمه الله -: " باب استحقاق الرجل السنة بمحبة احمد بن حنبل : حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن القاسم بن عطية قال سمعت عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي يقول سمعت أبا رجاء - يعنى قتيبة بن سعيد - يقول : إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة وجماعة ...
حدثنا عبد الرحمن قال : سمعت أبا جعفر محمد بن هارون المخرمي المعروف بالفلاس يقول : إذا رأيت الرجل يقع في أحمد بن حنبل فاعلم أنه مبتدع ضال "(40).
ـ وقال أيضا – رحمه الله -: " باب ما يرجى من الخير لمحبي الأوزاعي : حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا على - يعنى ابن المديني - قال سمعت عبد الرحمن - يعنى بن مهدى - يقول : إذا رأيت الشامي يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فارج خيره . حدثنا عبد الرحمن نا أبى نا ابو زياد حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول : إذا رأيت الشامي يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فهو صاحب سنة "(41).
ـ وقال أيضا – رحمه الله -: " باب استحقاق السنة محبي أبى إسحاق الفزاري: حدثنا عبد الرحمن حدثني أبى قال سمعت حماد بن زاذان قال سمعت عبدالرحمن بن مهدى قال : إذا رأيت شاميا يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فهو صاحب سنة .
حدثنا عبد الرحمن ثنا أحمد بن سلمة النيسابوري نا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول : إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي والفزارى - يعنى بخير - فاطمئن إليه " (42).
6ـ وقال أبو أحمد الحاكم - رحمه الله -: " وإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس وأيوب السختياني وعبد الله بن عون ويونس بن عبيد وسليمان التيمي وشريكا وأبا الأحوص والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة والليث بن سعد وابن المبارك ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فاعلم أنه على الطريق ، وإذا رأيت الرجل يقول هؤلاء الشكاك فاحذروه فإنه على غير الطريق " (43).
7ـ وقال أبو عبد الله بن بطة– رحمه الله -: " إذا رأيت العكبري يحب أبا حفص بن رجاء فاعلم أنه صاحب سنة " (44).
ـ وقال أيضا : " إذا رأيت البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار وأبا محمد البربهاري فاعلم انه صاحب سنة "(45).
8 ـ وقال محمد بن عبد الرحمن بن مهدي – رحمه الله -: " كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي والفزاري فاطمئن إليه كان هؤلاء أئمة في السنة " (46).
9- وقال محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي الطبري - رحمه الله -: " إذا رأيت رازيا وخراسانيا يحب أبا حاتم وأبا زرعة فاعلم أنه صاحب سنة " (47).
10- وقال ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله -: " حكى بعض من لقيته من الشيوخ العلماء ، أنه حضر مرة مع قاضي القضاة أبي البقاء شيخ الشافعية درسا ألقاه بالمدرسة الرواحية ، وهي داخل باب الفراديس من دمشق فجاءه جماعة من طائفة القلندرية يسألونه فأمر لهم بشيء ، وكان إذ ذاك حاكما بدمشق على القضاء بها ، ثم جاءه طائفة أخرى من الحيدرية ، وهو يتوضأ على بركة المدرسة المذكورة ، فسألوه ، فأمر لهم بشيء ، ثم جاء فصلى ركعتين ثم قال :
رحم الله ابن تيمية ، كان يكره هؤلاء الطوائف على بدعهم .
قال : فلما قال ذلك ، ذكرت له كلام الناس في ابن تيمية .
فقال لي : وكان ثم جماعة حاضرون قد تخلفوا بعد الدرس يشتغلون عليه :
والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى ، فالجاهل لا يدري ما يقول ، وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به .
قال فاعجبني ذلك منه ، وقبلت يده ، وقلت له : جزاك الله خيرا " (48).
فإذا نظرنا في عصرنا الحاضر لا نجد ممن ينطبق عليه مثل هذا الوصف إلا قلة قليلة ، منهم العلامة الشيخ الألباني - رحمه الله - ، والعلامة الشيخ أحمد النجمي – رحمه الله - والعلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله وثبتنا وإياه على الإسلام والسنة - ، فإن جهودهم في الرد على أهل البدع والأهواء معلومة مشهورة ، فجزاهم الله خيرا وثبتنا ومن بقي منهم على قيد الحياة على الإسلام والسنة .
9- قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله – في مقالة له بعنوان ما حكم الإسلام في امتحان أهل البدع بعد ذكره لبعض آثار السلف في امتحان الناس قال : " فهذا منهج شائع وحق معروف ومنتشر بين أهل السنة وسيف مسلول على أهل البدع ومن علامات أهل البدع إنكاره وعيبهم أهل السنة وطعنهم به، فإذا سمعت رجلاً يعيب به أهل السنة فاعلم أنه من أهل الأهواء والبدع إلا أن يكون جاهلاً فعلمه وبين له أن هذا الامتحان لأهل الأهواء أمر مشروع دل عليه الكتاب والسنة وعمل به السلف، ولا يقلق منه ويُعيِّر به إلا أهل البدع ؛ لأنه يفضحهم ويكشف ما ينطوون عليه من البدع ."
ــــــــ
1) رواه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (10/193) .
2) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/488) .
3) العلل لأحمد (2/580) .
4) غريب الحديث (3/120) .
5) النهاية في غريب الحديث والأثر (4/304) .
6) شرح السنة 126.
7) حذر من هذا الكتاب كبار علماء السنة ، كالشيخ العلامة أحمد النجمي – رحمه الله - ، والشيخ العلامة ربيع المدخلي – حفظه الله – وغيرهم من علماء السنة ، ولازال الحزبيون والمخالفون للسنة وأهلها يستقون من هذا الكتيب تشغيبهم على أهل السنة ، ويتترسون بمؤلفه هداه الله .
8) رواه مسلم (1/382) .
9) الرسالة ص75 .
10) الرد على الجهمية ص48 ، وانظر تعظيم قدر الصلاة للمروزي (2/540) .
11) مختصر العلو للعلي الغفار ص81 .
12) وقع في المطبوع : " علمي " وهو خطأ انظر " تلبيس الجهمية " (2/440) .
13)كتاب التوحيد لابن خزيمة (1/288) .
14) متفق عليه .
15) معالم السنن (4/323) .
16) شرح مسلم (18/48) .
17) شرح مسلم لأبي عبد الله الأبي (7/259) .
18) أخرجه الشيخان .
19) متفق عليه .
20) شرح مسلم (2/64) .
21) المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم (1/264) .
22) إرشاد الساري في شرح السنة للبربهاري ص221.
23) مجموع الفتاوى (15/330) .
24) تحريم النظر في كتب الكلام لابن قدامة ص 54.
26) المعرفة والتاريخ للفسوي (2/408) ، وتاريخ دمشق لابن عساكر (35/176) .
27) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لهبة الله اللالكائي (1/74) .
28) تهذيب الكمال للمزي ( 2/1342 ) .
29) المصدر السابق ( 2/1342 ) .
30) تاريخ الإسلام 12/404 .
31) بيان تلبيس الجهمية لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/275) .
32) تبيين كذب المفتري لابن عساكر ص388 .
33) محنة الإمام أحمد بن محمد بن حنبل للحافظ عبد الغني المقدسي ص 206 .
34) مجموع الفتاوى (15/329) .
35) المصدر السابق ( 5/553) .
36) ذم الكلام وأهله ( 5/111-114).
37) المصدر السابق ( 5/122-123).
38) تاريخ بغداد ( 13/177).
39) الجرح والتعديل (1/25).
40) المصدر السابق (1/183).
41) المصدر السابق (1/308).
42) المصدر السابق (1/217).
43) المصدر السابق (1/284).
44) شعار أصحاب الحديث ص40-41.
45) تاريخ بغداد ( 11/239).
46) المصدر السابق ( 12/66).
47) حلية الأولياء ( 8/254).
48) تهذيب الكمال (24/389).

منقول من شبكة سحاب السلفية
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML