

قال الإمام الذهبي:
"وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَائِذٍ قِصَّةَ ابْنِ حُذَافَةَ، فَقَالَ:حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ: أَنَّ ابْنَ حُذَافَةَ أُسِرَ...، فَذَكَرَ القِصَّةَ مُطَوَّلَةً، وَفِيْهَا أَطْلَقَ لَهُ ثَلاَثَ مائَةِ أَسِيْرٍ، وَأَجَازَهُ بِثَلاَثِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَثَلاَثِيْنَ وَصِيْفَةً، وَثَلاَثِيْنَ وَصِيْفاً.
وَلَعَلَّ هَذَا المَلِكَ قَدْ أَسْلَمَ سِرّاً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مُبَالَغَتُهُ فِي إِكْرَامِ ابْنِ حُذَافَةَ.
وَكَذَا القَوْلُ فِي هِرَقْلَ إِذْ عَرَضَ عَلَى قَوْمِهِ الدُّخُوْلَ فِي الدِّيْنِ، فَلَمَّا خَافَهُمْ قَالَ:إِنَّمَا كُنْتُ أَخْتَبِرُ شِدَّتَكُم فِي دِيْنِكُم.فَمَنْ أَسْلَمَ فِي بَاطِنِهِ هَكَذَا، فَيُرْجَى لَهُ الخَلاَصُ مِنْ خُلُوْدِ النَّارِ؛ إِذْ قَدْ حَصَّلَ فِي بَاطِنِهِ إِيْمَاناً مَا ، وَإِنَّمَا يُخَافُ أَنْ يَكُوْنَ قَدْ خَضَعَ لِلإِسْلاَمِ وَلِلرَّسُوْلِ، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُمَا حَقٌّ، مَعَ كَوْنِ أَنَّهُ عَلَى دِيْنٍ صَحِيْحٍ، فَتُرَاهُ يُعَظِّمُ لِلدِّيْنَيْنِ، كَمَا قَدْ فَعَلَهُ كَثِيْرٌ مِنَ المُسْلِمَانِيَّةِ الدَّوَاوِيْنِ ، فَهَذَا لاَ يَنْفَعُهُ الإِسْلاَمُ حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنَ الشِّرْكِ."
[سير أعلام النبلاء (2/15و16)]