آداب الشرب
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
أحببت الكلام في آداب الشرب لما فيه من مسائل مهمة ، وارشاد من النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة العمل بسنته، والحذر من مخالفته، والحرص على متابعته في هذا الباب وغيره ، فالكثير يتهاون في هذه الآداب الا ما حرم ربي من يعمل بهذه الآداب، فأردت أن اذكر نفسي وإخوتي في الله .
- النهي عن النفخ في الشرب .
جواز الشرب بنفس واحد لا ينافي أن السنة أن يشرب بثلاثة
أنفاس، فكلاهما جائز لكن الثاني أفضل.
و الدليل :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" كان إذا شرب تنفس ثلاثا ، و قال : هو أهنأ و أمرأ و أبرأ " قاله الالباني في الصحيحة ( 1/ 385 ) .
[ نهى عن النفخ في الشراب فقال له رجل : يا رسول الله ! إني لا أروى من نفس واحد ! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فابن القدح عن فيك ثم تنفس . قال : فغني أرى القذاة فيه . قال : فأهرقها ] . قال الشيخ الالباني في السلسة الصحيحة، ( حسن) برقم ( 385)
- النهي عن الشرب قائما
و الدليل:
أخرج الامام أحمد (2/301) قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي زِيَادٍ الطَّحَّانِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَشْرَبُ قَائِمًا ، فَقَالَ لَهُ : (( قِه )) ، قَالَ : لِمَهْ ؟ ، قَالَ : (( أَيَسُرُّكَ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ )) ، قَالَ : لا ، قَالَ : (( فَإِنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ : الشَّيْطَانُ )) . و عنه (( لا يشربن أحد منكم قائما " )) و عنه ((لو يعلم الذي يشرب و هو قائم ما في بطنه لاستقاء " )) ((" نهى " و في لفظ : زجر " عن الشرب قائما "
قال الالباني في السلسلة الصحيحة { ج 1 / 176 }: و ظاهر النهي في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشرب قائما بلا عذر ، و قد جاءت
أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما ، فاختلف العلماء في التوفيق بينها ، و الجمهور على أن النهي للتنزيه ، و الأمر بالاستقاء للاستحباب و خالفهم ابن حزم فذهب إلى التحريم ، و لعل هذا هو الأقرب للصواب ، فإن القول بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ " زجر " ، و لا الأمر بالاستقاء ، لأنه أعني الاستقاء فيه مشقة شديدة على الإنسان ، و ما أعلم أن في الشريعة مثل هذا التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب ! و كذلك قوله " قد شرب معك الشيطان " فيه تنفير شديد عن الشرب قائما ، و ما إخال ذلك يقال في ترك مستحب .
و أحاديث الشرب قائما يمكن أن تحمل على العذر كضيق المكان ، أو كون القربة معلقة و في بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك . و الله أعلم .
- النهي عن التنفس في الإناء
و الدليل :
" إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء ثم ليعد إن كان يريد " قال الالباني اسناده حسن.
و قال الحافظ في " الفتح " : " و استدل به لمالك على جواز الشرب بنفس واحد ، و أخرج ابن أبي شيبة الجواز عن سعيد بن المسيب و طائفة ، و قال عمر بن عبد العزيز :
" إنما نهي عن التنفس داخل الإناء ، فأما من لم يتنفس ، فإن شاء فليشرب بنفس واحد " .
قلت ( الالباني ) : و هو تفصيل حسن ، و قد ورد الأمر بالشرب بنفس واحد من حديث أبي قتادة مرفوعا . أخرجه الحاكم ، و هو محمول على التفصيل المذكور " . أنظر ( السلسلة الصحيحة، ج 1 /385 ) .
النهي عن الشرب من كسر القدح "
و الدليل :
نهي أن يشرب من كسر القدح "
قال الالباني في الصحيحة ( 6 / 188 ) : قال ابن الأثير : " أي موضع الكسر منه ،
و إنما نهى عنه لأنه لا يتماسك فم الشارب عليها ، و ربما انصب الماء على ثوبه و
يديه . و قيل : لأن موضعها لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء ، و قد جاء
في لفظ الحديث أنه مقعد الشيطان ، و لعله أراد به عدم النظافة " . قلت : و لعل
هذا المعنى الأخير أولى ، لأن المعنى الأول إنما يظهر إذا كانت الثلمة كبيرة ،
و حينئذ ففيه تحديد لمعنى ( الثلمة ) فيه ، و هو غير مناسب لإطلاقها بخلاف
المعنى الآخر ، فإن الإطلاق المذكور يناسبه ، فقد ثبت الآن مجهريا أن الثلمة -
صغيرة كانت أم كبيرة - مجمع الجراثيم و المكروبات الضارة ، و أن غسل الإناء
الغسل المعتاد لا يطهرها ، بل إنه قد يزيد فيها ، فنهى الشارع الحكيم عن الشرب
منها خشية أن يتسرب معه بعضها إلى جوف الشارب فيتأذى بها . فالنهي طبي دقيق . و الله أعلم .
النهي نهَى عن الأَكلِ و الشُّرْبِ في آنيةِ الذَّهبِ و الفضَّةِ
و الدليل :
نهى عن الشرب في آنية الذهب و الفضة و نهى عن لبس الذهب و الحرير و نهى عن جلود النمور أن يركب عليها .
تحقيق الألباني ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6886 في صحيح الجامع .
عن الحكم قال سمعت ابن أبى ليلى يحدث أن حذيفة استسقى فأتاه إنسان بإناء من فضة فرماه به وقال إني كنت قد نهيته فأبى أن ينتهي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب في آنية الفضة والذهب ولبس الحرير والديباج وقال هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة.
تحقيق الألباني : صحيح ، ابن ماجة ( 3414 )
- أن يحمد الله بعد الأكل أو الشرب
والدليل :
[ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا ] . أخرجه أبو داود ( 3851 )، قال عنه الالباني صحيح في الصحيحة برقم ( 705 )
النهي عن الشرب بالشمال
و الدليل :
أخرج أحمد ( 5 / 311 و 4 / 383 ) من طريق عبد الله بن أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أكل أحدكم فلا يأكل بشماله و إذا شرب فلا يشرب بشماله و إذا أخذ فلا يأخذ بشماله و إذا أعطى فلا يعطي بشماله " . صححه الالباني في الصحيحة برقم ( 1237 ).
ساقي القوم آخرهم شربا
و الدليل :
عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ساقي القوم آخرهم شربا. رواه ابو داود وابن ماجه و صحح الالباني
- السنة في الشرب تقديم الأيمن
الدليل:
الأيمن فالأيمن ـ و في طريق : الأيمنون الأيمنون ـ ألا فيمنوا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 272 :
ورد من حديث أنس بن مالك و سهل بن سعد .
و في رواية للشيخين و أحمد من طريق أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن قال : سمعت أنسا يقول : " أتانا رسول الله صلى الله عليه
وسلم في دارنا هذه فاستسقى ، فحلبنا شاة لنا ، ثم شبته من ماء بئرنا هذه ، فأعطيته ، و أبو بكر عن يساره و عمر تجاهه و أعرابي عن يمينه ، فلما فرغ قال عمر : هذا أبو بكر ، فأعطى الأعرابي فضله ، ثم قال : " فذكره باللفظ الآخر ،
و السياق للبخاري : قال أنس : فهي سنة ، فهي سنة ، فهي سنة .
قال الالباني في الصحيحة ( ج 4 / 270 ، برقم ( 1771) }|: و في الحديث أن
بدء الساقي بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لأنه صلى الله عليه وسلم كان طلب السقيا ، فلا يصح الاستدلال به على أن السنة البدء بكبير القوم مطلقا كما هو الشائع اليوم ، كيف و هو صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك بل أعطى الأعرابي الذي كان عن يمينه دون أبي بكر الذي كان عن يساره ، ثم بين ذلك بقوله : " الأيمن فالأيمن " .
_______________
و كتب : نورس الهاشمي
سحاب السلفية