الجزء السابع (2)
بـاب
الإجماع وأحكامه
[ في حجية الإجماع ]
• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 275] عند ذِكر حُجِّية الإجماع والقطع بصحَّته:
«وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قولُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115]، فَتَوَعَّدَ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبيلِ المُؤْمِنِينَ فَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا باتِّبَاعِ سَبيلِهِمْ».
[م] لا خلافَ بين أهل العلم في تصوُّر الإجماع وإمكانه عقلاً في ضروريات الأحكام، أمَّا غيرها من الأحكام غير المعلومة بالضرورة بأن حَصَل الإجماع فيها عن مستند ظنٍّي فهذه وقع فيها الاختلاف في إمكانه أو استحالته. وما عليه جماهيرُ العلماء أنه ممكن عادة؛ لأنَّ الأصلَ الإمكان، فيُستصحَبُ هذا الأصل حتى يَرِدَ ما يمنعُهُ؛ ولأنه وقع فعلاً كإجماعهم على بعض مسائل الميراث كحَجْبِ ابنِ الابن بالابن، وتقديم الدَّيْنِ على الوصية، وفي باب الأطعمة والنجاسات الإجماع على حرمة شحم الخنزير كلحمه، وغيرها من المسائل التي حصل فيها الإجماع عن طريق النقل فيما إذا كان الإجماع سابقًا، أو عن طريق المشافهة والمشاهدة إذا وقع في عصر المجتهدين، وهو المذهب الراجح؛ لأنَّه إذا تحقَّق الاتفاق من الأُمَّة في المسائل المعلومة من الدِّين بالضرورة بما فيهم العوامُّ وهم أكثر عددًا وأقلّ نظرًا، فلأَنْ يتحقق العلم بالإجماع من المجتهدين أولى لأنهم دونهم في العدد وأكثرهم في النظر، ومن جهة أخرى يلاحظ تحقّق الإجماع مع أرباب العلوم الدنيوية؛ فلأن كان كذلك فالأولى به أهل الاجتهاد والنظر في العلوم الشرعية لوجود الدوافع الدِّينية لذلك الإجماع، ومن هنا يتَّضح التفريقُ بين حصولِ الإجماع وإمكانِ وقوعِه، وبين حُجِّيته في كلِّ عصر، وليس بين الأمرين تلازم(1)، فعلى مذهب جماهير العلماء أنَّ الإجماعَ حُجَّةٌ شرعيةٌ يجب اتباعُها والمصيرُ إليها، وهي حُجَّةٌ ماضيةٌ في جميع العصور، سواء في عصر الصحابة أو عصر مَن بعدَهم(2)، وقد استدلّ المصنِّفُ من جهة الشرع بالآية على أنه لا يصحُّ الاستدلال بها في خصوص مُشاقَّةِ الرسول فقط أو لاتباع غير سبيل المؤمنين فقط، ولا يصحُّ الاستدلال بها على أن يلحق الذَّمّ للأمرين عند اجتماعهما؛ ذلك لأنَّ مُشاقَّة الرسول منفردة موجبة للوعيد قطعًا بنصوص عديدةٍ، منها قوله تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 13]، فتبيَّن أنَّ الذَّمَّ يلحق لكلٍّ من الأمرين ولو على وجه الانفراد، وأنه يلحقهما لكونه مستلزمًا للآخر ومقتضيًا له، ومن الأدلَّة الأخرى على حُجِّية الإجماع قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]، فقد وصف اللهُ الأُمَّةَ بالوسط وهو العدل الخيار فعدلهم الله بقَبول شهادتهم، ولو كانوا يشهدون بباطل أو خطإ لم يكونوا شهداء الله في الأرض، وأقام شهادتهم مقام شهادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم(3).
ومن ذلك ‑أيضًا‑ قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [آل عمران: 110]، فوصفهم اللهُ تعالى بالخيرية الموجبة حقيقة ما اجتمعوا عليه؛ لأنه لو لم يكن حقًّا لكان ضلالاً، فثبت أنَّ إجماع الأُمَّة حقٌّ، وأنها لا تجتمع على ضلالة كما ثبت ذلك في الحديث(4) الذي يستفاد منه وجوب اتباع الجماعة وتحريم مفارقتها من جهة، وعصمة هذه الأُمَّة عن الخطأ والضلالة من جهة أخرى، والجهتان متلازمتان، فقول الأُمَّة لا يكون إلاَّ حقًّا إن كانت مجتمعةً وذلك مكمن العصمة؛ لأنَّ الشرع علَّق العصمة على الاجتماع والاتفاق من غير أن يبلغ المجمعون عدد التواتر.
هذا، وقد ذكر الجمهور أدلَّةً أخرى من الشرع والعقل تفيد في مجملها عدم حصر حُجِّية الإجماع في عصرٍ دون عصر؛ لأنها أدلَّةٌ عامَّة مُطلقة وتقييدها بعصر أو تخصيصها به يحتاج إلى دليل شرعيٍّ معتبر ‑كما سيأتي‑ وأمَّا إجماع الصحابة رضي الله عنهم فمتفق على وقوعه وهو الذي سَلَّمَ به الجميع، وإجماعُهم قطعيٌّ خاصَّةً إذا نقل بالتواتر، فهو كالذي عُلِمَ من الدِّين بالضرورة، أمَّا ما غلب على الظنِّ فيه اتفاق الكُلِّ فهو إجماع ظنِّيٌّ، والحكم بقطعية الإجماع من ظنِّيَّته أمر إضافي نسبي متفاوت من حيث الأشخاصُ، لكن المجزوم به أنّ الإجماع ‑وإن اختلف في بعض أنواعه وبعض شروطه‑ إلاَّ أنه في الجملة أصلٌ مقطوع به وحُجَّةٌ ثابتة، وما تقدَّم من إجماعات قطعيةٍ فلا نزاع فيها، وأمَّا سائر الإجماعات الأخرى فقابلة للنِّزاع.
فـصل
[ في اعتبار الإجماع العملي]
• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 276]:
«يَجِبُ اعْتِبَارُ أَقْوَالِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ فِيمَا كُلِّفَتِ الخَاصَّةُ وَالعَامَّةُ مَعْرِفَةَ الحُكْمِ فِيهِ».
[م] ومرادُه بهذا الضرب الإجماع العملي: أي ما نقلته الأُمَّة كُلُّها كالصلاة، والصوم، والحَجّ، وتحريم القتل، والزنا، والخمر، وغيرها، وهو إجماعُ عامَّة المسلمين ‑عوامهم وخواصهم‑ على ما عُلِمَ من الدِّين بالضرورة، وهو قطعيٌّ لا يجوز التنازع فيه(5).
[ في الاختلاف في دخول العامة في الإجماع النظري ]
• قال الباجي -رحمه الله- في الصفحة ذاتها مُبيِّنًا ما ينفرد الحُكَّام والفقهاء بمعرفته من أحكام أنه:
«لاَ اعْتِبَارَ فِيهَا بخِلاَفِ العَامَّةِ وَبذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ. وَقَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ: "يُعْتَبَرُ بأَقْوَالِ العَامَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ"»
[م] ومرادُه بهذا الضرب الإجماع النظري المبني على النظر والاجتهاد عن أدلَّة قطعية أو ظنّيّة، والعامَّة أو العوام هم من عدا العلماء المجتهدين، ولا اعتبار لموافقتهم أو مخالفتهم في انعقاد الإجماع عند جمهور أهل العلم، خلافًا لبعض المتكلِّمين كالقاضي الباقلاني الذي يرى اعتبار قول العامَّة ولا حُجَّة في إجماعٍ بدونهم(6)، وهو اختيار الآمدي ورجَّحه؛ لأنَّ قول الأُمَّة إنما كان حُجَّة لعصمتها عن الخطإ، ولا يمتنع أن تكون العصمة من الهيئة الاجتماعية من الخاصّة والعامة(7) لشمول لفظ «المؤمنين» ولفظ «الأُمَّة» للمجتهد والعامِّي، ولا تخصيص إلاَّ بدليل.
ومذهب الجمهور أقوى؛ لأنَّ إثبات الأحكام من غير دليل محال، والعامِّي ليس أهلاً للاستدلال والنظر فشأنه كالصبي والمجنون فلا يكون قوله معتبرًا؛ ولأنه يلزمه المصير إلى أقوال العلماء بالإجماع، فلا يتصوّر من ليس أهلاً للاستدلال ثبوت عصمة الاستدلال في حقِّه، لذلك وجب تخصيص النصوص العامَّة الدالَّة على عصمة الأُمَّة بأهل الحلّ والعقد منهم دون غيرهم، ومع ذلك يمكن الجمع بين القولين: أنَّ من أراد إدخال العامِّي في انعقاد الإجماع إنما يدخل حكمًا باعتبار أنّ العامي تبع للمجتهد ومقلَّد له ولا يخرج عنه(8).
[ في الدليل على عدم دخول العامة في الإجماع ]
• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 277] في معرض الاحتجاج للجمهور:
«وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ العَامَّةَ يَلْزَمُهُمْ اتِّبَاعُ العُلَمَاءِ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُمْ مُخَالَفَتُهُمْ..».
[م] والمصنِّف استدلَّ بالمعقول على مذهب الجمهور، وبيَّن أنَّ العامِيَّ تابعٌ للمجتهد في اجتهاده يلزمه تقليده، وليس له أن يرجِّح أو يُصوِّب أو يخطِّئَ إذ لا قدرة له على ذلك، وبالتالي لا يجوز له مخالفته.
هذا، أمَّا دليله من الشرع فبقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلاَ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا إِنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالُ»(9)، ففي حكم الدليلين وجوب رجوع العامِّي لأهل العلم، وعليه فلا تكون مخالفته مُعتبرةً فيما يجب اتباع غيره فيه أو تقليده له، أمَّا من القياس فاستدلُّوا بقياس العامِّيِّ على الصبيِّ والمجنونِ في عدم اعتبار خِلافهما ووفاقهما في الإجماع، ولا يفترق أمرُ العامِّيِّ عنهما بجامع نقصان أهلية الجميع، وعليه، فلا يستوي العامي مع كامل الأهلية وهو المجتهد(10)، ويخصَّص عموم لفظ «المؤمنين» و«الأُمَّة» بالعامِّي كما خصِّص المجنون والصَّبي.
والخلاف في هذه المسألة معنويٌّ من حيث تأثيرُه في الناحية الأصولية على بعض المسائل منها:
‑ في تعريف الإجماع اصطلاحًا، فمن لم يعتبر العامِّيَّ في الإجماع عرَّفه بأنه: «اتفاقُ المجتهدِين مِنْ أُمَّةِ مُحمَّد صلى الله عليه وآله وسلم في عصرٍ من العصور بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم على حُكْمِ وَاقِعَةٍ مِنَ الوَقَائِعِ»، أمَّا مَن اعتبر مخالفةَ العامِّيِّ فعرَّف الإجماعَ بأنه: «اتفاقُ المكلَّفين مِن أُمَّة محمِّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم في عصرٍ من الأعصار على حُكْمِ واقعةٍ من الوقائع»(11).
‑ في مسألة خلو العصر من أهل الاجتهاد إلاَّ من مجتهدٍ واحدٍ فهل يكون إجماعًا ؟ فمن رأى اعتبار العوامّ قال يكون إجماعًا؛ لأنهم معدودون معه في الإجماع، وهذا لا يصدق إلاَّ على الاثنين فصاعدًا، ومن لم يعتبر العوامَّ قال لا يكون إجماعًا لخلوّ العصر من مجتهدٍ غيرِه، لكنه يعتبر قوله حُجَّة يجب على العوامّ اتباعه فيه لعدم خلو العصر من حكم الحوادث والنوازل.
قال الآمدي: «فمن قال بإدخال العوامّ في الإجماع قال بإدخال الفقيه الحافظ لأحكام الفروع فيه ‑وإن لم يكن أصوليًا‑، وإدخال الأصولي الذي ليس بفقيه بطريق الأولى لما بينهما وبين العامّة من التفاوت في الأهلية وصحّة النظر، هذا في الأحكام، وهذا في الأصول، ومن قال بأنه لا مدخل للعوام في الإجماع اختلفوا في الفقيه والأصولي، نفيًا وإثباتًا، فمن أثبت نظر إلى ما اشتملاَ عليه من الأهلية التي لا وجود لها في العامّي، ودخولهما في عموم لفظ «الأُمّة» في الأحاديث السابق ذِكرها، ومن نفى، نظر إلى عدم الأهلية المعتبرة في أئمّة أهل الحلّ والعقد من المجتهدين»(12).
وهذه المسألة الأخيرةُ تتعلَّق بأهلية الاجتهاد فهل فقدانها إخلال بأهلية الإجماع ؟ فمَن يعتبر قولَ العوامِّ فلا يؤثّر في أهلية الإجماع مَن فَقَدَ أهليةَ الاجتهادِ كالحافظ للفروع أو المحدِّث أو النحويِّ وغيرِهم، ومَن لا يعتبر قولَهم فإنه يؤثَّر في صحّة الإجماع وأهليتِه إخلالاً وإبطالاً.
والمختارُ أنّ كلَّ مَن كان متمكِّنًا من النظر في الواقعة إمَّا بمتقدم حفظه لأدلَّتها، وإمَّا باطلاعه على مأخذها، وتصحيح الصحيح منها، وإبطال الباطل، فيُعتدُّ بقوله ولا ينعقد الإجماع دونه، وخاصّة العالم بأصول الفقه لتوفّر آلة الاستنباط فيه لمعرفة الحكم الشرعي لأيِّ حادثة جديدة، وهو متمكِّن من درك الأحكام إذا أراد وإن لم يحفظ الفروع(13).
فـصل
[ في اشتراط اتفاق جميع المجتهدين لصحة الإجماع ]
• قال الباجي في [ص 277]:
«لاَ يَنْعِقِدُ الإِجْمَاعُ إِلاَّ باتِّفَاقِ جَمِيعِ العُلَمَاءِ، فَإِنْ شَذَّ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لَمْ يَنْعِقِدْ إِجْمَاعٌ، وَذَهَبَ ابنُ خُوَيْزَ مِنْدَادٍ إِلَى أَنَّ الوَاحِدَ وَالاثْنَيْنِ لاَ يُعْتَدُّ بهِمْ».
[م] وما عليه مذهبُ جمهور الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة عدم انعقاد الإجماع مع مخالفة مجتهدٍ يُعتدُّ بقولِهِ، وهو أصحُّ الروايتين عن الإمام أحمدَ، وإليه مال الشيرازيُّ والغزاليُّ والفخرُ الرازي والآمديُّ، خلافًا لمن يرى أنَّ الواحد والاثنين لا اعتداد بهما في المخالفة، وإلى هذا الرأي ذهب ابن جرير الطبريُّ وأبو بكر الرازي الحنفي(14) وابنُ خُوَيْزَ مِنْدَادٍ المالكيُّ وابنُ حمدان(15) الحنبلي وأبو الحسين الخياط(16) المعتزلي(17)، وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد، وفي هذه المسألة اجتهادات أخرى(18).
والصحيحُ من الأقوال مذهبُ الجمهور؛ لأنَّ لفظ «المؤمنين» في قوله تعالى: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: 115]، ولفظ «الأُمّة» في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلاَلَةٍ»(19) عامَّان في الجميع؛ ولأنَّ العِصْمَةَ عن الخطإ إنما تكون بجميع الأُمَّة لا بأكثرها، ويدلُّ على عدم صِحَّة الإجماع في اتفاق الأكثر ما وقع في زمن الصحابة رضي الله عنهم مثل مخالفة ابن عباس رضي الله عنهما لمعظم الصحابة في مسألة الجدِّ والإخوة، ومسألة العول، ومخالفة ابن مسعود رضي الله عنه لأكثر الصحابة في بعض مسائل المواريث، ومخالفة ابن عمر رضي الله عنهما في بعض مسائل الوضوء، والصلاة في الأماكن التي صَلَّى فيها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم موافقة، ومخالفة زيد بن أرقم لأكثر الصحابة في مسألة بيع العينة(20) وغيرِها، فلو كان اتفاق الأكثر يُعَدُّ إجماعًا لَلَزِمَ الأقلَّ أو الواحدَ أن يعمل بذلك الإجماع ويتركَ اجتهادَه له، ولأنكروا مخالفتَه له.
هذا، ومن آثار هذه المسألة عدم جواز مخالفة الرأي الذي اتفق عليه الأكثر، وإلزام المكلَّف المقلِّد به، لعدم الاعتداد بمخالفة الواحد والاثنين في صِحَّة الإجماع، وهو مذهب ابنِ خويز منداد وغيرِه، أمَّا على مذهب الجمهور فلا يُسمَّى هذا الاتفاق إجماعًا وبالتالي تجوز مخالفته.
فـصلٌ
[ في اعتبار انقراض العصر في صحة الإجماع ]
• بعد تقرير مذهب الأكثرين في عدم اعتبار انقراض العصر في صحة الإجماع، قال الباجي -رحمه الله- في [ص 279]:
«وَقَالَ أَبُو تَمَامٍ البَصْرِيُّ مِنْ أَصْحَابنَا وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشّافِعِيِّ لاَ يَنْعَقِدُ الإِجْمَاعُ إِلاَّ بانْقِرَاضِ العَصْرِ».
[م] المرادُ بانقراض العصر موت جميع المجمعين بعد اتفاقهم على الحكم على الحادثة التي نشأت في عصرهم، ومذهب جمهور الفقهاء والمتكلِّمين عدم اعتبار انقراض العصر مُطلقًا لصِحَّة الإجماع، بل يصير حُجَّة عقب انعقاده، وبه قال الأئمَّة الثلاثة، وهو رواية عن أحمد، وإليه ذهب بعضُ المعتزلة واختاره الشيرازيُّ والغزالي والفخرُ الرازي وغيرُهم، خلافًا لمن اشترطه وهي الرواية المشهورة عن أحمد، وعليه أكثر أصحابه، واختاره أبو بكر بن فورك(21)، وسليم الرازي(22)، وأبو تمام(23)، والجبائي(24)، وفي المسألة أقوال أخرى(25).
وقد استدلَّ المصنِّف لمذهب الجمهور بدليل المعقول، ويؤيِّده أنَّ مناط العصمة هو حصول الاتفاق ولو بعد لحظة فاشتراط انقراض العصر يفتقر إلى دليلٍ يستند إليه، وما كان كذلك لا يُعتدُّ به، ومن جهة أخرى فإنَّ الحكم الثابت بالإجماع لا يختلف عن الحكم الثابت بالنصّ، ولا يشترط في الحكم الثابت بالنصّ اختصاصه بوقت دون غيره، ومن أدلة المنقول المقوِّية لهذا المذهب احتجاج التابعين بإجماع الصحابة رضي الله عنهم وهم بين أظهرهم، مثل احتجاج أنس بن مالك رضي الله عنه بالإجماع وكان حيًّا، واحتجاج الحسن البصري به مع وجود الصحابة رضي الله عنهم، فدلَّ ذلك على أنَّ انقراض العصر ليس شرطًا للإجماع.
وغاية ما يَستدِلُّ به المخالفون المشترطون لانقراض العصر هو الإجماع على وجوب رجوع المجتهد عند ظهور الدليل الموجب للرجوع إذا بان له خطؤه فلو كان اتفاق المجتهدين حُجَّة قبل انقراض العصر لامتنع رجوع المجتهد عن اجتهاده، فاللازم باطل والملزوم مثله، كما أَتْبَعُوا استدلالهم بقياس الإجماع على السُّنَّة في أنَّ شرط استقرارها إنما يكون بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم فكذلك يكون بعد انقراض العصر في الإجماع بوفاة المُجمعين.
وقد أُجيبَ عن ذلك بأنَّ محلَّ الإجماع في وجوب رجوع المجتهد عند ظهور موجبه إنما هو في الاجتهاد الانفرادي، أمَّا في الاجتهاد الجماعي ‑وبعد استقرار الإجماع‑ فلا يجوز الرجوع عنه لقطعيَّته.
أمَّا قياس الإجماع على السُّنَّة فظاهرُ البطلان لعدم التسليم بصِحَّة المقيس عليه المتمثِّل في أنَّ وفاة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم شرطٌ في حُجِّيَّة السُّنَّة واستقرارِها؛ ذلك لأنَّ السُّنَّة حُجَّةٌ شرعيةٌ بمجرَّد ظهورها ما لم يَرِدْ دليلُ النسخ ويجب اعتقاد ذلك، وهي من طاعته، وطاعته في الحال وهي حاصلة بالإجماع.
هذا، ومن آثار هذه المسألة ما لو بلغ الناشئ درجة الاجتهاد بعد تحقّق الإجماع وحصوله على تلك المسألة فهل يعتبر خلافه مع كون بعض المجمعين على قيد الحياة ؟
فعلى مذهب الجمهور عدم الاعتداد بخلافه؛ لأنّ انقراض العصر ليس شرطاً لصحَّة الإجماع بخلاف المشترطين له.
ومن فروع هذه المسألة –أيضًا‑ رجوع بعض المجمعين عن المسألة محلّ الإجماع فهل تبقى حُجِّيته بعد استقرار الإجماع ورجوع بعض المجمعين عنه ؟ فمن لم يشترط انقراض العصر لصِحَّة الإجماع فيبقى حُجَّة ولو بعد رجوع بعض المجمعين أو كُلِّهم، ومَنِ اشترط فالإجماع يفقد حُجِّيَّته بعد الخلاف.
فـصل
[ في صحة إجماع عصر الصحابة دون سائر الأعصار ]
• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 280]:
«إِجْمَاعُ أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ حُجَّةٌ، هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةِ الفُقَهَاءِ غَيْرَ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: "إِجْمَاعُ عَصْرِ الصَّحَابَةِ دُونَ إِجْمَاعِ المُؤْمِنِينَ فِي سَائِرِ الأَعْصَارِ"».
[م] القول بإجماع التابعين ومَن بعدَهم ليس بحُجَّة هو مذهب داود وابنه أبي بكر، ومَن تبعه من أهل الظاهر كابن حزم(26)، ولا يخفى أنَّ إجماع الصحابة متَّفقٌ على وقوعِهِ، وهو الذي سَلَّمَ به جميعُ أهلِ السُّنَّة، وإجماعُهم قطعيٌّ خاصَّةً إذا ما نقل بالتواتر، أمَّا إجماعُ غيرِهم فقد ثبت بدليل الكتاب والسُّنَّة والمعقول والعادة(27) كون الإجماع حُجَّة قاضية ببطلان دعوى قصر الإجماع على الصحابة دونما سواهم.
هذا، وغاية ما يَستدِلُّ به الظاهريةُ أنَّ الإجماعَ إنما يكون عن توقيف والصحابة هم الذين شهدوا التوقيفَ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وقد أثنى اللهُ تعالى عليهم، والثناءُ يدلُّ على اعتبار أقوالهم لصِدقها يقينًا، وأنَّ الله تعالى حفظ القرآن بحفظ الصحابة له وإجماعِهم عليه، وقد أجابوا عن الجمهور بأنَّ الآيات والأحاديث في مثل قوله تعالى: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: 115]، و﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمرن: 110]، إنما هو خطابٌ يتناول الموجودين في زمن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فالعصمة المخبر عنها إنما هي خاصَّة بالصحابة في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم دون غيرهم.
وأُجيبَ على هذا الاستدلال بأنَّ التوقيف وإن كان الصحابة هم الذين شاهدوه، فإنه ينتقل إلى من بعدهم فيكونون في حكم من شاهدوه، أمَّا الثناء فليس قاصرًا على الصحابة رضي الله عنهم بل شامل لجميع المتَّبعين بإحسان بعد الصحابة إلى آخر المسلمين كما قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ [التوبة: 100]، فيقتضي ذلك حُجِّية إجماعهم لاشتراكهم جميعًا في الثناء والمدح، بل أثنى اللهُ تعالى على أُمَّة الإسلام واختارَهم لدِينه ونُصرته لعَدْلِهم وإنصافهم قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143]، وقال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 110]، والأُمَّة شاملة للصحابة وتابعيهم الذين حفظوا القرآن وكتبوه وعملوا به.
ثمَّ يلزم القائلين به ‑من ناحية أخرى‑ أنه لا ينعقد إجماع الصحابة رضي الله عنهم بعد موت مَن كان موجودًا عند نزول الآيات الدالَّة على الإجماع، و أن لا يُعتدَّ بخلاف من أسلم بعد نزول هذه الآيات لكونه خارجًا عن المخاطبين مع دخول من مات من الصحابة أو استشهد في مُسمَّى «المؤمنين» و«الأُمَّة»، ومع ذلك يتحقّق الإجماع بمَنْ بقي من الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكون حُجَّة باتفاق، وإذا كان لا يمنع من مات واستشهد من هؤلاء من تحقّقه، فلا مانعَ من إجماع من جاء بعدهم؛ لأن وَصْفَ الأُمَّة ووصفَهم بالإيمان حاصلٌ لأفرادهم ولكلّ الموجودين في كلّ وقت، فالتابعون إن أجمعوا فهو إجماع من جميع الأُمَّة، ومن خالفهم فهو سالك غيرَ سبيل المؤمنين(28).
1- «الفتح المأمول» للمؤلّف (81).
2- قول الإمام أحمد المشهور: «مَنِ ادَّعَى الإجماعَ فهو كاذبٌ» محمولٌ في حقِّ مَن ليس له معرفة بخلاف السلف، ويدلّ عليه تتمّة كلامه السابق: «مَنِ ادَّعَى الإجماعَ فهو كاذبٌ، لعلَّ الناسَ اختلفوا، هذه دعوى بِشْر المريسي والأصمِّ، لكن يقول: «لا نعلم الناسَ اختلفوا» إذا لم يبلغه»، ونقل عنه أنه قال: «ولكن يقول: «لا أعلم فيه اختلافًا» فهو أحسن من قوله: «إجماع الناس»»، وهو منقول ‑أيضًا‑ عن الإمام الشافعي، فَيُفْهَمُ من المقالة السابقة وجوبُ الحيطة في نقل الإجماع، والتثبّت وعدم التسرّع في ادعائه، والتورّع في نقله لجواز وجود خلاف لم يبلغه، لذلك ينبغي نقله بصيغة عدم العلم، لا بصيغة العلم بالعدم إلاَّ إذا علم واشتهر ضرورة الاتفاق عليه.
وقد أفصح ابنُ القيم -رحمه الله- في «مختصر الصواعق» (605) عن معنى كلام الإمام أحمد بما نصُّه: «ليس مرادُه بهذا استبعاد الإجماع، لكن أحمد وأئمَّة الحديث بُلُوا بمن كان يَرُدُّ عليهم السُّنَّة الصحيحة بإجماع الناس على خلافها، فبيَّن الشافعيُّ وأحمدُ أنَّ هذه الدعوى كذب، وأنه لا يجوز ردّ السنن بمثلها».
3- «الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (1/160).
4- حديث «لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلاَلَةٍ» أخرجه ابن ماجه (2/ 1303)، والحاكم في المستدرك (1/116)، والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (1/161)، من حديث أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، كما أخرجه الترمذي (4/466)، وابن أبي عاصم في «السُّنَّة» (39)، وابن حزم في «الإحكام» (4/129)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وله طُرُقٌ أخرى، قال الزركشي: «اعلم أنّ طُرق الحديث كثيرة لا تخلو من عِلة، وإنما أوردت منها ذلك ليتقوى بعضُها ببعض»، وقال السخاوي: «وبالجملة فهو حديثٌ مشهور المتن، ذو أسانيد كثيرة، وله شواهد متعدّدة في المرفوع وغيره»، والحديث حسَّنه الألباني.
انظر: «تحفة الطالب» لابن كثير (145)، «المعتبر» للزركشي (57)، «التلخيص الحبير» لابن حجر (3/141)، «المقاصد الحسنة» للسخاوي (716)، «التمييز» للشيباني (209)، «كشف الخفاء» للعجلوني (2/350)، «تخريج أحاديث اللمع» للغماري (246)، «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (3/319).
5- انظر «أحكام الفصول» للباجي (459)، «إرشاد الفحول» للشوكاني (87)، «نشر البنود» للعلوي (2/82)، «الفتح المأمول» للمؤلف (79).
6- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (277).
7- «الإحكام» للآمدي (1/167).
8- «الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (1/168).
9- وفيه قصّة وهي أنَّ الصحابة رضي الله عنهم أفتوا بالاغتسال للرجل الذي أصابَتْهُ جنابةٌ فاغتسل فمات، فلمَّا بلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال:«قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ…» والحديث أخرجه أبو داود (1/93) برقم: (336)، وابن ماجه (1/189) برقم: (572)، من حديث جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله عنهم. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «صحيح سنن أبي داود» برقم(336) (337)، وفي «صحيح سنن ابن ماجه» برقم(470).
10- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (277).
11- «الإحكام» للآمدي (1/148).
12- «الإحكام» للآمدي (1/169).
13- «المستصفى» للغزالي (1/182).
14- هو أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي البغدادي الإمام المعروف بالجصاص، كان إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، له مصنفات كثيرة، منها: «أحكام القرآن»، «شرح الأسماء الحسنى»، وشرح «الجامع» لمحمّد بن الحسن، و«شرح مختصر الكرخي»، وغيرها، توفي ببغداد سنة (370ه).
انظر ترجمته في: «الجواهر المضيئة للقرشي» (1/84)، «طبقات المفسرين» للداودي (1/56)، «طبقات المفسرين» للسيوطي (5)، «الفوائد البهية» للكنوي (27)، «شذرات الذهب» لابن العماد (3/71).
15- هو أبو عبد الله نجم الدين أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الحنبلي الفقيه الأصولي الأديب، صاحب التصانيف النافعة، منها: «نهاية المبتدئين» في أصول الفقه، و«المقنع» في أصول الفقه، و«الرعاية الكبرى»، و«الرعاية الصغرى» في الفقه، و«صفة المفتي والمستفتي». توفي سنة (695ه).
انظر ترجمته في: «ذيل طبقات الحنابلة» لابن رجب (2/231)، «دول الإسلام» للذهبي (2/198)، «المنهل الصافي» للأتابكي (1/272)، «شذرات الذهب» لابن العماد (5/428).
16- هو أبو الحسين عبد الرحيم بن محمّد بن عثمان الخياط، شيخ المعتزلة البغداديين وهو من نظراء الجُبَّائي، صنف كتاب «الاستدلال»، ونقض كتاب ابن الراوندي في فضائح المعتزلة وغيرها، توفي في القرن الرابع الهجري.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (11/87)، «طبقات المعتزلة» لابن المرتضى (85)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (14/220)، «لسان الميزان» لابن حجر (4/8).
17- نقل عنه هذا الرأي أبو الحسين البصري المعتزلي في «المعتمد» (2/486)، والآمدي في «الأحكام» (1/174).
18- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (278).
19- أخرجه ابن ماجه (2/ 1303)، والحاكم في المستدرك (1/ 116)، والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (1/ 161)، من حديث أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، كما أخرجه الترمذي (4/ 466)، وابن أبي عاصم في «السُّنَّة» (39)، وابن حزم في «الإحكام» (4/129)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وله طُرُقٌ أخرى، قال الزركشي: «اعلم أنّ طُرق الحديث كثيرة لا تخلو من عِلة، وإنما أوردت منها ذلك ليتقوى بعضُها ببعض»، وقال السخاوي: «وبالجملة فهو حديثٌ مشهور المتن، ذو أسانيد كثيرة، وله شواهد متعدّدة في المرفوع وغيره»، والحديث حسَّنه الألباني.
انظر: «تحفة الطالب» لابن كثير (145)، «المعتبر» للزركشي (57)، «التلخيص الحبير» لابن حجر (3/ 141)، «المقاصد الحسنة» للسخاوي (716)، «التمييز» للشيباني (209)، «كشف الخفاء» للعجلوني (2/ 350)، «تخريج أحاديث اللمع» للغماري (246)، «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (3/ 319).
20- صورة بيع العِينة: أن يبيعَ رجلٌ سلعةً بثمنٍ (كمائة دينار) إلى أجلٍ معلوم كشهر، ثمَّ يبيع المشتري نفسَ السلعةِ إلى بائعها الأوَّل في الحالِ بأقلَّ من الثمن الذي باعها به (خمسون دينارًا مثلاً) وفي نهاية الأجل المحدَّد لدفع الثمن في العقد الأوَّل يدفع المشتري كاملَ الثمن، ويكون الفرق بين الثمنين لصاحب المتاع الذي باع بيعًا صُوريًّا، وللعلماء في تحريم هذه المعاملة وتجويزها قولان. [انظر هذه المسألة مفصَّلة في «مختارات من نصوص حديثية في فقه المعاملات المالية» للمؤلف (241)].
21- هو أبو بكر محمَّد بن الحسن بن فُورَك الأنصاري الأصبهاني الشافعي، الأصولي النحوي، له تصانيف عديدة في الأصلين، ومعاني القرآن، توفي سنة (406ه).
انظر ترجمته في: «طبقات الشافعية» للسبكي (4/127)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (4/272)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (17/214)، «مرآة الجنان» لليافعي (2/17)، «طبقات المفسرين» للداودي (2/132)، «شذرات الذهب» لابن العماد (3/181).
22- هو أبو الفتح سُلَيم بن أيوب بن سليم الرازي الشافعي، الفقيه الأصولي الأديب اللغوي المفسر، من مصنفاته «ضياء القلوب» في التفسير، و«الإشارة» و«الكافي» في الفقه توفي سنة (447ه).
انظر ترجمته في: «طبقات الفقهاء» للشيرازي (111)، «طبقات الشافعية» للسبكي (4/388)، «وفيات الأعيان» (2/397)، «دول الإسلام» (1/263)، «سير أعلام النبلاء» كلاهما للذهبي (17/645)، «مرآة الجنان» لليافعي (3/64)، «طبقات المفسرين» للداودي (1196)، «شذرات الذهب» لابن العماد (3/275).
23- انظر ترجمته على هامش «الإشارة» (279).
24- هو أبو عليٍّ محمَّد بن عبد الوهاب بن سلام الجُبَّائي البصري، رأس المعتزلة وشيخهم، قال الذهبي: «وكان أبو علي ‑على بدعته‑ متوسعًا في العلم، سيال الذهن، وهو الذي ذلَّل الكلام وسهّله، ويسَّر ما صعب منه»، له تصانيف من أشهرها «تفسير القرآن»، و«متشابه القرآن»، و«الأصول»، و«الاجتهاد»، و«الأسماء والصفات»، مات بالبصرة سنة (303ه).
انظر ترجمته في: «وفيات الأعيان» لابن خلكان (4/267)، «سير أعلام النبلاء» (14/183)، «دول الإسلام» كلاهما للذهبي (1/184)، «البداية والنهاية» لابن كثير (11/125)، «طبقات المفسرين» للسيوطي (33)، «شذرات الذهب» لابن العماد (2/241).
25- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (279).
26- «الإحكام» (4/147)، و«النبذ» كلاهما لابن حزم (18).
27- وقد تقدَّم إمكانية وقوع الإجماع في العادة.
28- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (281).