.
📌*حكم صيام النافلة و عاشوراء وعرفة يوم السبت*
*حديث الصماء بنت بسر رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها ،رواه الخمسة ،*
*والخلاف مشهور في هذا الحديث فمن أثبته أخذ به وجمع بينه وبين الأدلة الأخرى ، ومن لم يقبله قال بجواز صيام السبت مطلقا* ،
*والرّاجح ثبوت الحديث ، لكن المسألة ؛ كيف نجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى ، لأنه جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجاز صيام السبت ، ومنها حديث الصحيحين : (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو يوما بعده)…واليوم بعده هو السبت ، وحديث جويرية أيضا ( كانت صائمة يوم الجمعة قال لها رسول الله : أصمت أمس، قالت لا ، قال : تصومين غدا ( يعني يوم السبت ) ، قالت : لا ، قال لها أفطري )، لو قالت نعم لتركها تصوم وتكمل صيام الجمعة لأنها ستصوم معه السبت* ،
*فهذه الأحاديث وغيرها كيف نجمع بينها وبين حديث النهي (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ) ، أهل العلم اختلفوا* :
*والقول الأول: يجوز مطلقا صيام السبت لعدم صحة الحديث ، ومنهم المالكية و الإمام أحمد و ابن تيمية و ابن القيم ، لأن هذا الحديث ضعيف عندهم لا يصح* .
*والقول الثاني ؛ من قال بعدم الجواز مطلقا صيام السبت نافلة ، قالوا لا يجوز صيامه ولو صام يوما قبله أو بعده ولو كان يوم عرفة أو يوم عاشوراء* ،
*القول الثالث: وهو قول جمهور أهل العلم، قالوا هذه الأحاديث كلها صحيحة، والجمع بينها بأن النهي هنا يراد به إفراده بالصيام ؛ لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ؛ يعني ؛ لا تفردوه بالصيام ، مثل صيام يوم الجمعة ، وأحاديث الجواز يراد بها إذا كان يوما قبله أو يوما بعده ، كما في حديث جويرية وحديث النهي عن الصيام يوم الجمعة (إلا أن تصوم يوما قبله أو بعده)، هذه تبيح صيام السبت، قالوا: والنهي عن صيامه مفردا المراد لذاته أي لأنّه يوم سبت ، أمّا إذا صامه لأنه يوم عرفة أو عاشوراء فيجوز إفراده بصوم ، وفي هذا القول جمع بين الأحاديث، ولا شك أن الجمع بين الأحاديث هو الأولى من ردّ بعضها ، وقول الجمهور أقرب إلى الصواب لأن فيه العمل بجميع الأحاديث ، فالنهي يحمل على صيام السبت ، أمّا إذا صام يوما قبله أو يوما بعده فيجوز لحديث جويرية وحديث النهي عن الصيام يوم الجمعة، فإذا كان أيضا يوم عرفة صامه لأنه يوم عرفة فيجوز له إفراده وإذا كان يوم عاشوراء وهكذا، ومن الأدلة التي ترجّح هذا القول أحاديث صيام داود عليه السلام ، صيام يوم و إفطار يوم ، ولابد أن يأتي يوم السبت ، فكيف يصوم المسلم صيام داود إذا ما صام يوم السبت وأفرده بالصيام! ، لا يمكن له ذلك ؛ لا يمكن له ذلك إلا إذا صام السبت ، لابد أن يفرده حتى يصدق عليه أنه صام صيام داود ، وهكذا في صيام الأيّام البيض من كل شهر لابد أن يأتي يوم السبت أحدها ، هذا القول هو الراجح جمعا بين الأحاديث وهو قول جمهور أهل العلم*،
*و أكثر علماء الحديث بوَّبوا على ذلك في كتبهم ،فقال الترمذي :* *معنى الكراهة عن صيام يوم السبت أن يخص الرجل يوم السبت بصيام ، وأيضا أبو داود في سننه بوب على حديث الصماء هذا الذي معنا قال : (باب النهي أن يخص يوم السبت بصيام أن يفرد بصيام) كذلك ابن خزيمة في صحيحه قال(باب النهي عن صوم يوم السبت تطوعا إذا أفرد بالصوم) كذلك قال ابن حبان : (باب ذكر الزجر عن صوم يوم السبت مفردا )، وقال البغوي أيضا في شرح السنة (باب كراهية صوم السبت وحده) ، كذلك المنذري في الترغيب و الترهيب ، والبيهقي في سنن البيهقي ، كل هؤلاء بوبوا وفهموا من الأحاديث ذلك وجمعوا بينها بأن النهي عن صيام السبت إذا كان مفردا*
*هذه المسألة خلاصتها وهذا الذي ترجح عندنا بعد البحث والاجتهاد والله أعلم*
*إبراهيم عبد الله المزروعي*