إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما..
أما بعد
فلقد سر الناس في هذه الأزمنة الأخيرة سر الناس كثرة الزواج لأن ذلك تنفيز لأمر الله عز وجل وإتباع لسنة رسله الكرام صلى الله عليهم وسلم يتمتع بما أباح الله تعالى لعباده من نيل الشهوة ومنظار لما تقتضيه العقيدة والفطرة وتحكيم للمصالح العظيمة التي تترتب على النكاح في الفرد والمجتمع وحجاب دون المفاسد التي تحصل بفقده فالنكاح نعمة يسر بها كل مؤمن والنكاح فضل كبير من الله إمتنّ به على عباده في قوله تعالى)وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)ولكن هذه النعمة الكبيرة مع ما تتضمنه من المصالح العظيمة أحاطها بعض سفهاء الناس بأمور ربما تحولها إلى نغم وكوارث وكوراث أحيطت هذه النعمة بالمغالاة الزائدة في المهور وإحيطت بالسراف البالغ فى الولائم وأحيطت بالأعمال المنحرفة في ليلة الزفاف وأحيطت بالمغالاة الزائدة في المهور حتى بلغ المهر حداً لا يطيغه إلا القليل من الناس وكثير من الناس لا يحصل على مهر زواجه إلا بأمور تثقل كاهله وتشعل ذمته وتأكل عزته لداينه فإن المغالاة في المهور من أكبر العوائق عن النكاح وهي خلاف السنة فإن السنة تخفيف المهر وتقليله وتخفيضه من أسباب بركة النكاح والوئام بين الزوجين وقد تزوج رجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إمرأة على نعلين فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه وقال لرجل يريد أن يتزوج إمرأة إلتمس ولو خاتم من حديد فلم يجد شيئا فزوجه النبي صلى الله عليه وسلم بما معه من القرآن فيا من منّ الله عليه بالمال فأنظر إلى ما هو دونك إذا كان يسيرا عليك أن تبذل الكثير ففي الميدان من لا تيسر له ذلك إن النكاح ليست عقدا خاصا بك حتى تتيح لنفسك الحرية فيما تبذل فيه إن النكاح حاجة الناس كلهم فإذا أردت أن تتصرف فيه بشيء فأنظر ماذا يترتب على هذا التصرف بالنسبة لغيرك لتكون مؤمنا حقا تهتم بأمور أخوانك المؤمنين وتحب لهم ما تحب لنفسك إن المغالاة في الأمهور لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولى الناس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم إمرأة من نسائه أكثر من أثني عشرة أوقية ونصف وهي تساوي مائة وأربعين ريالا فقط يا من منّ الله عليه بالغنى قلل ما تبذله من المهر وإذا دخلت على زوجتك وأعجتك فأبذل لها ما شئت إنك ربما تبذل الكثير وإذا دخلت عليها لم تعجبك ندمت على ما بذلت فأتقي الله في نفسك وفي مالك وفي أخوانك ولقد أحيطت نعمة الزواج بالإسراف البالغ في الولائم من أهل الزوجة والزوج مشتركين أو منفردين يدعون جمعا كبيرا يحضر منهم من يحضر ويتخلف من يتخلف وأكثر من يحضر لا يحضر إلا على إقناط إما مجاملة أو قرانا بما أوجب الله عليه من إجابة دعوة الزوج وإن هذا الإسراف وقوع فيما نهى الله عنه وتعرض لإمتثال محبة الله للعبد وإن الله يقول ) وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(الأنعام: من الآية141) إن هذا الإسراف عدول عن الطريق الوسط الذي هو طريق عباد الرحمن )َالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)(الفرقان: من الآية67) إن هذا الإسراف خروج عن آداب القرآن التي وجه الله عباده الله إليها حيث يقول )وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (الاسراء:29)إنني أخاطبكم أريد أن يصل خطابي إلى قلوبكم هل ترضى أيها المؤمن أن تقع فيما نهاك الله عنه من الإسراف؟ هل ترضى أن تؤذر نفسك بإنتفاء محبة الله لك؟ هل ترضى أن تعزل بنفسك عن طريق عباد الرحمن إلى طريق المبذرين وأنت تعلم أن الله يقول ) وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)(الاسراء: من الآية26) )إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)(الاسراء: من الآية27) هل ترضى أن تخرج عن آداب القرآن التي هي أعلى الآداب وأكملها إن هذه التساولا ت يجب أن تعرضها على نفسك بأن تتريس حتى تعرف الجواب من نفسك وحتى تقوم بما تقتضيه هذه الأسئلة إن كنت حازما عاقلا فلتحذر ولا تكن إمعة تصنع ما يصنع الناس سواء كان حقا أم باطلا وسواء كان إسرافا أم إعتدالاً إن هذا الإسراف كما أنه محظوراً شرعا فهو منقوض عادة فإن الناس يلومون من يسرف هذا الإسراف وينظرون إليه نظرة اثاقب الذي يعتبر نفسه ناقص يحاول أن يكمّل نفسه بمثل هذه الولائم المسرفة إن هذا الإسراف كما أنه محظور شرعا ومنقوض عادة فهو سفه عقلا بما فيه من إتلاف المال وإضاعة الوقت وشغل البال وإضعاف الأبدان وإمتهان االنعمة لأننا نرى الكثير من هذه الأطعمة واللحوم تبقى لا يأكلها أحد وقد سمعت من بعض الناس أنها تلقى على الزبالات وجوانب الطرق والمتورع من الناس من يحملها إلى البر فيرمي بها هناك فهل هذا من الرشد؟ هل هذا من شكر النعمة؟ أفلا يذكر هولاء أن الناس هنا في بلادنا كانوا منذ عهد قريب كان يتمنى الواحد لقمة أو تمرة يسد بها جوعته أفلا يذكر هولاء أن على ظهر هذه الأرض اليوم من يموت جوعا لا يجد ما يسد رمقه أفلا يخشى هولاء الذين تلاعبوا بنعمة الله وبذلوا فيها الإسراف أن ترفع هذه النعمة لأن الله يقول )وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7)وإن من العجب أن كل إنسان يرى أن هذا الطريق ليس طريق سليما حتى الذي يفعله يرى أنه ليس طريقا سليما ولكن ما حجته؟ حجته أن يقول إن النساء غلبننا على ذلك أين الرجولة؟ إن الرجل هو القوّام على المرأة وليست المرأة القوّامة على الرجل إذا كنت رجلا حقا فلتفرض رجولتك على إمرأتك وعلى أهل بيتك على ما تقتضيه الحدود الشرعية أما أن تجاري الناس وأن تجاري أهواء النساء بدون عقل ولا تروى ولا وزن بما تفعل فإن هذا سلب لرجولتك ولقد أعجبي بعض الناس الذين إختصروا فى وليمة العرس أن دعوا بعض الأقارب من الجانبين وبعض الصحاب وأخنصروا على أن تكون الوليمة في بيوتهم وحصل بذلك خير كثير وراحة كبيرة وأنطلق الناس وهم يشكرون الله على هذا التوحيد ويحمدون هولاء القوم على عدم البزخ والإسراف وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير والصلاح وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فأستغفروه إنه إنه هو الغفور الرحيم..
الحمد لله على إحسانه وأشكره على توفيقه وإمتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وسلطانه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المؤيد ببرهانه الداعي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وأعيانه وسلم تسليما كثيرا ..
أما بعد
أيها المسلمون فإننا تكلمنا على أمرين قد تتحول بهما نعمة النكاح إلى نغمة وكارثة أما الأمر الثالث فإنه ما أحيطت به نعمة ... من أعمال منحرفة في البلاد فلقد سمعت أن بعض الناس أضاعوا ليلة العرس حياء من الله والحياء من عبرة الله أضاعوا دينهم بإضاعة الحياء فإن الحياء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم شعبة من الإيمان سمعت أنه يحصل في بعض الزواجات دخول بعض السفهاء مع النساء لألتقاط صورة اللقاء بين الزوجين وسمعت أن بعض النساء أيضا يحملن آلات التصوير لتصوير الحفل واللقاء بين الزوج وزوجته وسمعت أن الزوج وزوجته يجلسان على منصة يكشف وجهها أمام النساء ويلبسها خاتما وربما يلقمها حلاوة أو تفاحة أو ما أشبه ذلك من الأفعال المنكرة المحرمة فيا سبحان الله ما أدري كيف بلغ الأمر بهولاء إلى هذا التدهور؟ كيف أنخدعوا إلى هذه الهاوية بهذه السرعة؟ كيف خرجوا عن الحدود الشرعية والمروءات المرعية إلى عادات أخذوها من الكفار أو من يقلد الكفار؟ كيف يدع هولاء ما يأمرهم به دينهم وما عليهم أجتمعوا من الحياء والحشمة والبعد عن أسباب الفتنة إلى ما كانت عليه المجتمعات الفاسدة التي عسى بها الشر والفساد؟ فيلقدونهم ذلك التقليد الأعمى فمثلهم ) كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(البقرة: من الآية171) عباد الله تصوروا عظم الفتنة وفداحتها في هذا التصوير في غمرة الفرح بالعرس وتحت سيطرة نشوة النكاح وفى وسط التبرج وونفحة الطيب تصوروا عظم الفتنة وفداحتها حينما تلتقط هذه الصور في تلك الحال لتكون بأيدي الناس يعرضونها على من شاءوا ويتمتعون بالنظر إلى الجميل منها متى شاءوا ويشمتون بالقبيح منها متى شاءوا أيها الرجال أيها المؤمنون أيها العقلاء هل يرضى منكم أحد أن تكون صورة أبنته أو أخته أو زوجته فى أيدى الناس؟ ينظرون إليها كيف شاءوا؟ هل يرضى عاقل أن تكون صورته في أول لقاء بينه وبين زوجته معروضة يتبادلها الناس بينهم إن هذا مما تنكره الفطر وتكفره العقول هل يرضى أحد أن يكون الزوج وزوجته أمام النساء وفي نشوة العرس وفي وقت تحرك الشهوات هل يرضى أحد أن يقوم الزوج يكشف زوجته أمام النساء؟ أفلا تخشى المرأة نفسها وأهلها أن يلحظ الزوج أن في النساء من هي أجمل من زوجته وحينئذ يجحد في زوجته لأنه في رأى في مجتمع النساء اللاتي أمامه من هي أجمل زوجته فأنحط قدرها في عينه وصارت عنده لا تساوي شيئا وحينئذ يزوج الشيطان في نفسه من راها من هولاء النساء المشاهدات ويعرض عن زوجته التي أباحها الله له وهذه علة يجب على أهل الزوجة أن يعرفوا ضررها على أبنتهم إذا كان الزوج يشاهد النساء وهن كاشفات الوجوه ينظرن إليه وإلى زوجته في أول لقاء بينهما وبذلك أدعو جميع أصحاب قصور الأفراح إذا أرادوا أن يضعوا منصة فليضعوا منصة لا تتتسع إلا لشخص واحد فقط وهي الزوجة دونما تأتي إليها للنساء فقط. أما أن يجعل منصة واسعة أو منصتان بعضهما إلى جنب بعض ليجلس عليهما الزوج والزوجة فإنهم آثمون بذلك فما أكستبوه في هذه القصور في هذه الأمور المحرمة فإنه كسب خبيث حرام إن أكلوه بل إن أنفقوه لم يبارك لهم فيه وإن تصدقوا به لم يقبله الله منهم وإن خلفوه بعد موتهم كان زادا لهم إلى النار فلا يكن أصحاب هذه القصور عونا لأهل المعاصي على معاصيهم فيشاركوهم في معاصيهم بالفكر والعدوان وإن لم يعملوها لأن من أعان على ذنب كان مشاركا لفعله نسأل الله لنا ولهم السلامة وقلنا مما يؤسف له أن الناس تربعوا في الغنى واللهو في ليلة العرس ولا ريب أن اللهو والغناء في ليلة العرس جائز لكنه في نطاق محدود فإنه يجوز للنساء أن يضربن بالدفوف وأن يغنين الغناء النزيه السالم مما فيه سفه وخلاعة بشرط أن لا يتضمن ذلك فتنة وليعلم أن بين الدف والطبل فرقا لأن الدف له وجه واحد فقط والطبل له وجهان فالطبل محرم لا يجوز ولا في أيام العرس وأما الدف فهو الذي جاء الشرع بإبحاته في ليلة العرس لأن في ذلك إعلانا للنكاح ولكن على وجه محدود لا فتنة فيه أما أولئك الذين يرددون الأغاني الخليعة المشتملة على الموسيقى المحرمة ثم ينقولها بواسطة مكبر الصوت وقد خربوا عن حدود الله وتعدوها ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فليتقوا الله عز وجل ولا يكون ممن تشتهي نعمة الله كفراً او قصراً فتحل به العقوبة اللهم إن نسألك أن تجعلنا من عبادك المؤمنين اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك المؤمنين الذين يقولون سمعنا وأطعنا والذين يتقون ما حرم الله عليهم فكروا أيها المؤمنون إلى فتن ثم عقوقكم وتفكروا هل بهذه الأمور المنكرة هل بهذه الأمور المنكرة ما يبررها إن العمل المنكر لا يجد الزوجين إلفة فى القلوب ولا صحة في الأبدان ولا تعبا في الرزق ولا حمداً بين الناس فهو شر وفتنة لا خير فيه فأتقوا الله عباد الله وتعاونوا على البر والتقوى ... على أيدى السفهاء ... على الحق... )وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25)ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا أغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.