لا يسقط الهجر لعدم انتفاع المهجور به
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم، وبعد:
فمسألة: أن الهجر مرتبط بانتفاع المهجور بالهجر من عدمه، فمتى انتفع شُرع وإلا فلا، فهذه فيها كلامٌ، وليس الأمر على إطلاقه هكذا، نعم انتفاع المخالف بالهجر مَطلبٌ إنْ تحقق مع الهجر -إن كان ممن يستحق الهجر- فبها ونعمت، وإلاَّ فلا يَسْقط هذا الواجب لعدم انتفاعه، فهذا الإمام أحمد وغيره من أئمة أهل السنة أمروا بهجر الحارث المحاسبي، وبقي مختبئاً في بيته إلى أن مات، ولم يرجع عن بلاياه، بمعنى: لم ينتفع بالهجر، ومع هذا استمر الأئمة في هجره وأمروا بذلك.
في (سير أعلام النبلاء) للذهبي (11/ 327) في ترجمة (الإمام أحمد بن حنبل) أنَّ السلمي قال: سمعتُ أبا القاسم النصر آباذي يقول:" بلغني أنَّ الحارث المحاسبي تكلَّم في شيءٍ من الكلام، فهجره أحمد، فاختفى في دارٍ مات فيها، ولم يصل عليه إلا أربعة أنفس".
وأخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) (8/ 215-216)، وفيه أنَّ الدار كانت ببغداد.
وعلى كلِّ حالٍ، المسألة لها متعلِّقات، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلامٌ كثير، وبالتأمل فيه يظهرُ أنَّه موافق لكلام أئمة أهل السنة، ولي كتابة في الموضوع موسَّعة، لعلها ترى النور قريباً بحول الله تعالى.
أسأل العظيم رب العرش الكريم أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتِّباعه،و أن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتب
عبد الله بن عبد الرحيم البخاري