منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الفقه وأصوله

حكم تعلم التجويد

منتدى الفقه وأصوله


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
الصورة الرمزية الواثقة بالله
 
الواثقة بالله
المراقب العام

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,533 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي حكم تعلم التجويد

كُتب : [ 01-07-2012 - 03:25 PM ]

حكم تعلم التجويد


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن التجويد من جهة العموم يراد به تحسين القراءة، وأن لا يُـخرج به عن حدِّ اللفظ العربي في النطق. ويمكن أن يقال: إنَّ التجويد إنما هو وصف للقراءة النبوية التي ورد ضبطها وحفظها من طريق أئمة القراءة كنافع وعاصم والكسائي وغيرهم.
وهؤلاء الكرام قد نقلوا حروف القرآن وكيفية نطق هذه الحروف (أي: التجويد)، وهما أمران متلازمان لا يمكن أن ينفكَّ أحدهما عن الآخر، فمن قَبِلَ عنهم نقل الحروف لزمه أن يقبل عنهم نقل الأداء (أي: التجويد). وإذا صحَّت هذه المقدمة، فإن قراءة القرآن وأداءه بما نُقِلَ عن هؤلاء الأئمة سنة يلزم الأخذ بها، ولا تصحُّ مخالفتها أو تركها إلا بدليل قويِّ يعترض به المعترض على علم التجويد، وبما أنه قد كَثُرَ الكلام عن هذا العلمِ بما لا طائل تحته، فإني سأذكر جُمَلاً أراها نافعةً -إن شاء الله- في تأصيل هذا العلم الذي جفاه بعض طلبة العلم، وضعُفَ في بحثه وتحرير أصوله المتخصصون إلا القليل منهم، فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: نزل القرآن بلغة العرب، ولها طريقة في أداء حروفها، ولم يرد أن القرآن خالف هذا الأداء من جهة الحروف، فمن قرأ: {الحمد لله}: الهمد لله قيل: إنه قد لحن لحنًا جليًا لأنه لم ينطق بالمنَزَّل على وجهه الذي نزل به، ومن قرأ: {صراط الذين أنعمت عليهم} بضم التاء من أنعمت، فإنه قد لحن لحنًا جليًا يخلُّ بالمعنى، ولا يكون قد قرأ المنَزَّل على وجهه الذي نزل به، ومن ثَمَّ فإنه يلزم قارئ القرآن أن يعرف نطق الحروف عربيةً حتى لا يُـخـلَّ بشيء من أداء القرآن.
ويحصل ضبط الحروف من هذه الجهة بمعرفة مخارج الحروف وصفاتها، وأخص ما يُدرسُ في صفات الحروف ما له أثر في النطق، كالهمس والجهر، والشدة والرخاوة والتوسط والاستفال والاستعلاء، والقلقلة. أما غيرها مما لا أثر له في النطق، خصوصًا صفة الذلاقة والإصمات، فإنها مما لا يدخل في النطق، وليس لها أي أثر فيه.
وليُعلم أن دراسة مخارج الحروف وصفاتها ليس مما يختص به علم التجويد، بل هو مما يُدرس في علم النحو واللغة؛ لأن كلَّ كلام عربي (من كلام العرب أو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو كلام الله سبحانه) لا يخرج عن هذين الموضوعين، ولهذا تجد أن أعظم كتابٍ في النحو، وهو كتاب سيبويه قد فصَّل هذه المسألة، ومن تكلم في المخارج والصفات وما يترتب عليهما من الإدغام، فهم عالة عليه. والذي يتخلَّصُ من هذا: أن دراسة المخارج والصفات لازمة لكل كلام عربيٍّ، لكي يُنطق به على وجه العربية.
ثانياً: أن هذا العلم ككل العلوم الإسلامية من جهة ظهور التأليف فيه، إذ ليس كل العلوم الإسلامية مما قد تشكَّل وظهرت مسائله في جيل الصحابة -رضي الله عنهم- أو التابعين وأتباعهم، بل إن بعضها مما تأخر ظهوره، ولم يُكتب فيه إلا متأخرًا، وإن كانت أصوله مما هو معروف محفوظ عند السلف، سواءً أكان ذلك مما هو مركوز في فطرهم ومن طبائع لغتهم كعلم البلاغة، أم كان مما تكلموا في جملة من مسائله، ثم دون العلم فيما بعد، كعلم الأحكام الشرعية.
وعلم التجويد مما كان مركوزاً عندهم بالفطرة والتعلم، فالفطرة؛ لأنهم عربٌ خُلَّصٌ، والتعلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «خذوا القرآن عن أربعة...» رواه البخاري (3808)، ومسلم (2464)، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- فظهر أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بسليقتهم العربية في قـراءة القرآن، بل أرشدهم إلى قراءته على الهيئة التي نزل بها، ولذا قال: «من أحب أن يقرأ القرآن غضّاً كما أُنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبدٍ» رواه ابن ماجه (138)، وغيره من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وهذا يدل على أنَّ له هيئة قرائية مخصوصة يعلمها بعض الصحابة -رضي الله عنهم- دون بعض، وفيها زيادة عما يعرفونه من سليقتهم العربية، وإلا لما كان لتخصيص الأربعة -رضي الله عنهم- ولا لتخـصيص ابن مسعود -رضي الله عنه- في الحـديث الآخر أيُّ مـزيَّة على بقية الـصحابـة -رضي الله عنهم- والله أعلم.
ومن زعم أنه لا يجب الأخذ بالتجويد، وأن العربي في هذا العصر تجوز له القراءة على سليقته العربية، فإنه يشبه من سيزعم أنه لا يلزم الناس تعلم النحو، وأنهم عرب، فيجوز لهم أن يتكلموا بسليقتهم.
فإن قيل: إنَّ ألسنة الناس قد فسدت منذ جيل التابعين ومن بعدهم، وصار تعلم النحو لازمًا لمن أراد أن يعرف العربية، وأن من يزعم اليوم أنه عربي، ولا يلزمه تعلم النحو إنما هو ذو رأي فائل، وقول باطل. فيقال: إن فساد ألسنة الناس بالعربية قد جرَّ إلى فساد ألسنتهم في أداء القرآن، ولئن كان الإنكار على من لا يرى دراسة النحو اكتفاءً بعربيته المعاصرة فإن الإنكار على من يزعم أنه يكفي في قراءته عربيته المعاصرة كذلك.
ثمَّ يقال له: من أين لك في عربيتك أن تقرأ برواية حفص عن عاصم: {مجراها} بالإمالة؟
فإن قال: لأنها هكذا رويت عنه، وأنا أقرأ بقراءته؟ قيل له: فقد روي عنه الأداء بالتجويد الذي تخالف فيه ولا تراه علمًا، فَلِمَ قبلت روايته في هذا وتركتها في ذا؟ أليس هذا من قبيل التَّحكُّم، والتَّحكُّم -كما قال الطبري-: لا يعجز عنه أحد.
ثالثاً: إنَّ بعض علم التجويد (الأداء) لا يمكن أخذه من طريق الصُّحِفِ البتة؛ لأنه علم مشافهة، وما كان من طريق المشافهة فإنه مما ينقله الآخر عن الأول، ولا مجال للرأي في المشافهة، واعلم أن مما يميِّز بحث القراء المجودين في هذا المجال عما تجده في كتب النحويين واللغويين أن ما عند المجودين منقول بالمشافهة إلى يومنا الحاضر، أما ما يذكره النحويون واللغويون من المباحث اللفظية التي يذكرونها مما يتعلق بكيفية النطق فإنه لا يمكن معرفة كيفية النطق بها؛ لأنه مما لا يُعرف بالقياس ولا يُدرك بغير المشافهة، وليس لك فيها إلا نقل الكلام المدون دون كيفية نُطقِه.
رابعاً: إن علم التجويد كغيره من العلوم الإسلامية التي دوَّنَها علماء الإسلام وضبطوا أصولها، فتجد أن تقسيم العلم ومصطلحاته الفنية مما يدخلها الاجتهاد. ثمَّ إن هذا العلم قد دخله الاجتهاد في بعض مسائله، وذلك من دقائق ما يتعلق بهذا العلم، ومما يحتاج إلى بحث ومناقشة وتحرير من المتخصصين في هذا العلم، وذلك في أمرين:
الأول: المقادير، والمقصود بذلك مقدار الغنة والمدود والسكت وغيرها، مما يُقدَّر له زمن بالحركات أو بقبض الأصبع أو بغيرها من موازين المجودين للزمن المقدَّر، وليس القول بدخول الاجتهاد في المقادير يعني أنه لا أصل لها، بل لها أصل، لكن تقدير الزمن بهذا الحد بالذات مما تختلف فيه الطبائع، ويصعب ضبطه، فيقدره هذا بذاك العدد، ويقدره آخر بغيره من العدد، لكنهم كلهم متفقون على وجود مقدار زائدٍ عن الحدِّ الطبيعي لنطق الحرف المفرد. فاتفاقهم على وجود هذا القدر الزائد مسألة، واختلافهم في مقداره مسألة أخرى، لذا لا يُجعَل اختلافهم في المقدار سبيلاً إلى الإنكار، كما لا يُجعَلُ مقدارٌ من هذه المقادير المختلف فيها ملزماً لعامة الناس ما داموا يأتون بشيءٍ منه، إذ ليس كل امرئ مسلم يستطيع بلوغ الإتقان في القراءة.
الثاني: التحريرات، والمراد بها الوجوه القرائية الجائزة عند القراءِ عند جمع القراءات، أو عند قراءة سورة ووصلها بما بعدها، فإن ما يُذكر من الأوجه القرائية إنما هو على سبيل القياس للأوجه الجائزة، ولا يلزم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بكل هذه الأوجه المذكورة، كما يقال: لك في وصل الفاتحة بالبقرة ثلاثة أوجه: قطع الجميع، ووصل الجميع، وقطع الأول ووصل الثاني بالثالث، فهذا من التحرير للأوجه الجائزة، وليس من بيان الأوجه الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أشار إلى هذين النوعين (التقديرات والتحريرات) الشيخ المحقق الدكتور عبدالعزيز بن عبد الفـتاح قـاري في كـتابه العـظيم (حـديث الأحـرف السبـعة)، ط: مـؤسسة الرسالة: (129-130).
خامساً: إن مما يدعو إلى التأمل والنظر في صحة ما تُلُقِّي من هذا العلم عبر القرون اتفاق المجودين شرقًا وغربًا بلا اختلاف بينهم، سوى في كيفيات أداء معدودة، وهي في غالبها مما يدخل في محيط الاجتهاد. وهذا الاتفاق يشير بقوة إلى أن لهذا العلم أصلاً ثابتاً مُتلقاً جيلاً عن جيل من لدن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى عصرنا هذا، ولو كان علم التجويد من المحدثات لوقع فيه مثل ما وقع في محدثات الصوفية من كثرة الطرق المتباينة، وكثرة الأوراد المتغايرة، ولما لم يقع مثل هذا الاختلاف عُلِم أنَّ المشكاة التي صدر عنها واحدة، وهي التي صدر عنها نقل حروف القرآن جيلاً عن جيل.
سادساً: إن ما يُعاب به التجويد من وجود بعض المتنطعين في القراءة أو المتشددين في التلقين، أو المغالين في تأثيم الناس بعدم قراءتهم بالتجويد، فإنه لا ينجرُّ على أصل العلم، ولا يجعله علمًا حادثًا لا أصل له، وهؤلاء الأصناف موجودون في كل عصر ومِصر، وقد أشار إليهم المحققون من أعلام القراءة؛ كالداني (ت:444)، وأبي العلاء الهمذاني (ت:569) وغيرهم، وهؤلاء المتنطعون لا يقاس عليهم، ولا يحكم على العلم بهم، ولو سار سائر على بعض العلوم كعلم النحو والبلاغة والأصول، وبعض مسائل الفقه، وبعض تعصبات الفقهاء لمذاهبهم وأخذ ينقدها بقول المتنطعين فيها لما سَلِم من العلوم إلا القليل، ولخرج بعض العلوم من أن تكون علوماً معتبرةً، وذلك ما لا يقول به طالب علم، ولا عالم قد مارس العلوم وتلقاها.
سابعاً: إذا تبين ما تقدَّم فإنه يقال: إن تعلم التجويد من السنن التي دأب عليها المسلمون جيلاً بعد جيلٍ، ومن ترك تعلمه مع القدرة عليه، فقد أخلَّ بشيء من سنن القراءة، وكفى بذلك عيباً. والله اعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.attyyar.net/container.php?fun=artview&id=193
__________________
مدارسة كتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام - للشيخ عبد الله البسّام

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد الباري العيد بن سعد شريفي

ملتقى أنصار الهدى

 

رد مع اقتباس
أبو ذر الفاضلي غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 2 )  أعطي أبو ذر الفاضلي مخالفة
أبو ذر الفاضلي
عضو مميز
رقم العضوية : 32
تاريخ التسجيل : Oct 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 133 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-08-2012 - 01:58 PM ]

جزاك الله خيرا واسأل أن يجلعنا وإياكم من حفظة كتاب الله الكريم

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:35 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML