بسم الله الرحمن الرحيم
[ نعم العقيدة أولى يا سلمان العودة ]
أكاد أجزم أن جلكم إن لم يكن كلكم قرأ أو سمع ما حدث لسلمان العودة وما تعرض له في الأردن من اعتقال وإهانة ولكن الذي لا يزال خافيا على الكثير ما السبب الذي أدى إلى ذلك ؟ هناك من قال ضغوط خارجية سواء صهيونية أو أمريكية أو
غيرها وهناك من اتهم الأردن نفسها وهناك من أدخل السعودية ولعل أطرفها وأسخفها الذي زج بتلاميذ الألباني في الموضوع .
ولكي تعرفوا الحقيقة أحب تذكيركم بأن الشيخ ناصر الدين محمد الألباني رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى مكث في الأردن عدة سنين وهو يكافح ويجاهد من أجل نشر العقيدة السلفية في الأردن.
ذلك البلد الذي كان وما يزال وللأسف يعج بالكثير من أهل البدع وأهل الشركيات والخرافات بالرغم من قضاء الشيخ وتلاميذه على بعضها.
كان الشيخ يضع نصب عينيه نشر العقيدة السلفية الصحيحة تحت قاعدة التصفية والتربية والرد على المخالف والتحذير من البدع وأهلها وكان ذلك شغله الشاغل وهمه الأول (العقيدة أولاً).
قال شيخ الإسلام رحمه الله في بيان حال أهل البدع :
فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال : إذا صام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين .
فتبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون الدين ابتداءاً .
وأعداء الدين نوعان : الكفار والمنافقون وقد أمر الله بجهاد الطائفتين في آيتين من القرآن في قوله : ( جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعاً تخالف الكتاب ويلبسونها على الناس ولم تُبين للناس فَسَدَ أمرُ الكتاب وبدل الدين كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع
فيه من التبديل الذي لم ينكر على أهله اهـ الفتاوىج28ص231
مما سبق يعلم أن منهج أهل السنة والجماعة هو نشر العقيدة الصحيحة ومحاربة البدع وتصفية الدين من الشوائب قبل كل شئ وأنه مقدم أولاً.
إذا عمنا ذلك ، ثم علمنا أن محاضرة سلمان العودة بعنوان الجهاد والإرهاب في الإسلام أو نحو هذا العنوان ، تبين لنا المخالفة الصريحة لسلمان هداه الله لنصوص الكتاب والسنة ولمنهج السلف الصالح في البدء قبل كل شئ ببيان العقيدة الصحيحة لاسيما والحاجة داعية لذلك في مثل بلاد الأردن التي يكثر بها التوسل الشركي والطواف بالقبور ودعاء غير الله فيما هو خاص بالله وغيرها من البدع والشركيات ، يـدع كل هذا ويتكلم عن الجهاد في الإسلام وهل هو إرهاب .
نعم هو موضوع مهم وجيد لو كان يلقى على أهل عقيدة سليمة أما والحال كما ذكر ، فتقديم الأولويات في الدعوة - والذي دائما يتبجح به سلمان ، من أجل كتم الأفواه عن التكلم في أهل البدع -نراه يتخلى عنه هنا لماذا ؟
السؤال يوجه لسلمان العودة .
فسلمان ومن حوله يقعدون القواعد الموافقة لأهل السنة أحياناً فتراهم يقولون : لا بد من تقديم الأولويات في الدعوة .
ويقولون : العقيدة أولى كما هو عنوان مقال سابق لسلمان .
ولكن هذا التقعيد النظري يغيب تماما إذا أريد تطبيقه على أرض الواقع مرات ومرات.
فهؤلاء القوم ابتلوا بمخالفة تطبيقهم لتقعيدهم سواء كان هذا التقعيد موافقاً لأهل السنة كما تقدم ،
أو مخالفاً كمنهج الموازنات مع المبتدعة حين التحذير منهم ، فتراهم يطبقونه بحذافيره مع أقطابهم.
ثم ينقضونه عند الكلام على من خالفهم من أهل السنة مثل الألباني والشيخ ربيع وغيرهم .
فمثلاً سفر الحوالي – زميل سلمان في السراء والضراء - هدانا الله وإياه يكتب مؤلـَّفَه ( ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي ) ويتهم الألباني بالإرجاء ـ ومعلوم تبرئة كبار العلماء كابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وغيرهما للألباني من تهمة الإرجاء .!!
هذا الكتاب قدم له من ؟ محمد قطب !!!!!!!!
سبحان الله بدلاً من أن يؤلف سفر كتاباً في ضلالات الإخواني المتعصب محمد قطب ، ويقدم له إمام أهل السنة الألباني ، تنعكس المسألة .!!!!!!!!
فالمقصود أن هذا التقعيد النظري عندهم ينسى أو يتناسى عند التطبيق العملي . ومع ذلك يدعون أنهم على المنهج السلفي :
وكل يدعي وصلاً بليلى … وليلى لا تقر لهم بذاكا
وأزيدكم من الشعر بيتاً :
ذكرت جريدة الوطن السعودية أثناء عرضها لما حصل لسلمان أن هيئة النقابة التي قدمت الدعوة لسلمان العودة في الأردن ، نقابة يستولي عليها جماعة الإخوان المسلمين وبعض الأحزاب اليسارية .
ولا يقل قائل أتستشهد بقول هذه الجريدة ؟
فإن فقهاء الواقع هؤلاء كما زعموا أشغلوا الأمة بتتبع الأخبار من المصادر الكافرة كواشنطن بوست ، والسي إن إن ، والبيت الأبيض ، بل عَدْوها وثائق معتمدة ، فمن باب أولى أن أستأنس بخبر المسلم المجهول حاله.
عفواً ، أعود إلى ما كنا فيه .
أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي واقد الليثي أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى حنين قال : و كان للكفار سدرة يعكفون عندها و يعلقون بها أسلحتهم ، يقال لها ذات أنواط . قال : فمررنا بسدرة خضراء عظمية قال : فقلنا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قلتم و الذي نفسي بيده ، كما قال قوم موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال : إنكم قوم تجهلون ، إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم سنة سنة .
فانظر يارعاك الله : لقد أوقف صلى الله عليه وسلم الجيش حتى يصفيهم من شوائب الشرك ، ولم يمنعه المسير إلى الجهاد وخشية التفرقة والتخاذل من السكوت وتأجيل الموضوع حتى الرجوع ، لأن الموضوع يتعلق بعقيدة ولو مات أحدهم على هذه العقيدة ، لربما لم ينفعه قتاله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما العلامة المحدث { سلمان } فيعكس المسألة .
يوقف الكلام عن البدع والشركيات وينطلق في الكلام
عن الجهاد أولاً .
فيا سبحان الله أليس سلمان هو القائل أنه وبأسلوب سهل ميسر يستطيع تعليم الناس العقيدة في عشر دقائق لماذا لم يعلمها لأهل الأردن في ساعة وليس عشر دقائق .
لقد مكث نبينا صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة من أجل تحقيق التوحيد وتختزل أنت ذلك في عشر دقائق .
الشيخ الألباني حياته كلها في الأردن نشر للعقيدة و..و..و.. كما تقدم وسلمان في محاضرة واحدة قد تكون الأولى له في الأردن يبتعد عن هذا لئلا يفرق الأمة - زعموا - ، ويتكلم عن هذا الموضوع حتى يلم ما تفرق من جمعه بعد بيانه الممسوخ ( بيان المثقفين والمثقفات ) .
هذه المخالفة الصريحة هي الجواب على السؤال السابق لماذا
تم اعتقال سلمان وطرده ؟
الجواب إنها العقوبة العاجلة من الله لمخالفة سلمان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بغض النظر عمن سلطه الله على سلمان .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
قال رحمه الله : ( فليحذر الذين يخالفون ) أي : فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطناً أو ظاهراً .
( عن أمره ) : عن أمر الرسول فهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان .
كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .
( أن تصيبهم فتنة ) أي في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك .
( أو يصيبهم عذاب أليم ) : أي في قلوبهم من كفر ونفاق أو بدعة .اهـ
وأود أن أختم كلامي بتنبيهين :
الأول : لا يعني الكلام السابق عدم وجود أصحاب عقيدة صحيحة في الأردن ، كلا والله بل يوجد مجموعة لا بأس بها من أصحاب المنهج السلفي ، وعلى رأسهم مشائخنا من طلاب الألباني كالشيخ علي حسن والشيخ مشهور حسن ، وغيرهم ، نسأل الله لنا ولهم الثبات على الحق ورحم الله شيخنا الألباني وأسكنه فسيح جنانه فقد كان له دور كبير في ذلك .
الثاني : هذا الكلام ينبغي أن يكون عبرة لجميع الدعاة فالواجب عليهم أن يجعلوا همهم الأول نشر العقيدة السلفية الصحيحة ، وأن يحرصوا على ذلك و من خالف هذا المنهج فليحذر أن تصيبه فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا أئمة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وأن يهدي ضال المسلمين ويرده إلى الحق رداً جميلاً ، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .