لدرس الخامس عشر
حذف النون من مضارع كان في القرآن الكريم
من المعروف أن كان ترفع الاسم فيُسمى اسمها ، وتنصب الاسم ويُسمى خبرها ، و تعمل هذا العمل ، سواء أكان الفعل :
ماضيا : كان
أم مضارعا : يكون .
أم أمراً : كُنْ .
أم اسم فاعل : كائن
أم مصدرا : كَوْن .
حذف النون جوازاً
تحذف النون جوازاً من مضارع كان بشروط وهى : -الأول: أن تكون مضارعا مجزوما ، علامة جزمه السكون .
الثاني: أن يكون الحرف الواقع بعد النون متحركا . -
- الثالث: أن يكون الحذف في الوصل لا في الوقف .
- الرابع : أن يكون غير متصل بضمير نصب .
أمثلة على ذلك من القرآن الكريم :
- قال تعالى في سورة النساء : 40 : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإنْ تكُ حسنةً يضاعفْها ويؤتِ من لدنه أجرا عظيما ) .
وقوله تعالى في سورة النحل : 120 : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يكُ من المشركين ) .
- وقوله تعالى في سورة النحل : ( واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكُ في ضيق مما يمكرون (128) ) .
- وقوله تعالى في سورة مريم : ( قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أَكُ بغيا (20) ) .
- وقوله تعالى في سورة المدثر : ( قالوا لم نَكُ من المصلين * ولم نَكُ نطعم المسكين ) - الآيتان : 34 – 44 .
إذاً هذه الأفعال : تكون – يكون – تكون – أكون – نكون – في هذه الآيات الكريمة قد حذفت نونها تخفيفاً .
كما نلاحظ أن الشروط السابقة قد تحققت في هذه الآيات الكريمة
فهي :
* مضارعة
* مجزومة . علامة جزمها السكون
* ما بعد النون حرف متحرك .
* لم يتصل بها ضمير نصب .
* جاء الحذف في الوصل لا في الوقف
مثال على قولنا هذا :
ففي قوله تعالى : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإنْ تكُ حسنةً يضاعفْها ويؤتِ من لدنه أجرا عظيما ) .
الفعل : يكوْنْ - اجتمع فيه ساكنان – بعد الجزم – فحذف الحرف الأول – الواو - تخفيفا - فصار – يكنْ - ثم حذف الحرف الثاني - النون - تخفيفا أيضا ، فصار – يَكُ - .
وهذا الحذف جائز ، لا واجب .
مثال آخر:
( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ) . قال تعالى في سورة القيامة :
الهمزة : حرف استفهام
يك : فعل مضارع – ناسخ - مجزوم بالسكون وعلامة جزمه حذف النون واسم يكن ضمير مستتر تقديره هو .
قال ابن مالك في ألفيته :
ومِنْ مضارعٍ لــ " كان " مُنْجَزِمْ = تُحذفُ نونٌ وهو حذفٌ ما التُزِمْ
قد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم لم تُحذف فيها النون على الرغم من توفر شروط الحذف السابقة ، ومن هذه الآيات :
( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) ) .
إن : حرف شرط
لم : نفي وجزم
يكن : فعل مضارع وهو فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه السكون .
( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111) )
الواو : حرف عطف
لم : نفي وجزم
بكن : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون وحُذفت الواو لالتقاء الساكنين
( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) ) .
( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌفَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) ) .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّاأَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) ) .
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُلِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) ) .
( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) ) .
( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) ) .
(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) ) .
( وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) ) .
( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) ) .
( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) ) .
( أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) ) .
( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) ) .
( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1))
( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) ) .
. سورة الإخلاص
( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ) .
أما إذا لم تتحقق شروط الحذف أو أحدها ، فإنه يمتنع حذف هذه النون
وذلك إذا كان مضارع – كان - مرفوعا ، كما في قوله تعالى :
( فسوف تعلمون مَنْ تكونُ له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون) - الأنعام : 135
أو كان منصوبا كما في قوله تعالى :
( قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا وتكونَ لكما الكبرياء في الأرض) – يونس :78 .
أوكان مجزوما ، وعلامة جزمه حذف النون ، كما في قوله تعالى :
وقوله تعالى : ( لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا ) –
وقوله تعالى في سورة النور الآية : 32 :( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) .
أو كان الحرف الواقع بعد النون ساكنا ، كما في قوله تعالى :
( أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين) – الشعراء : 181 .
( لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ) – النساء : 137
وقوله تعالى : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) – البينة : 1 .
وقد أجازه يونس بن حبيب ، مستشهدا بأبيات عن العرب ، منها قول الشاعر :
فإنْ تكُ المرآةُ أبدتْ وسامةً = فقد أبدت المرآةُ جبهةَ ضَيْغَم
أو كانت النون موقوفا عليها ، نحو "ما شاء الله كانَ ، وما لم يشأ لم يكنْ "
أو اتصل بها ضمير نصب ، كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما أراد أن يقتل بن صياد ظنا منه أنه الدجال كما في صحيح مسلم : " إنْ يَكُنْه فلن تسلَّطَ عليه ، وإلا يَكُنْه فلا خير لك في قتله" .
خلاصة القول : أن حذف النون من مضارع – كان - جائز بشروط ، وقد ورد في القرآن الكريم بالحذف وبدونه مع تحقق الشروط ، أما إذا لم تتحقق هذه الشروط ، أو أحدها فلا يجوز الحذف مطلقا.