يا أهل التوحيد
إحذروا
الشـــرك
نصيحة لزوار قبور الأولياء
في البلدان الإسلامية.
المقـدمـة:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه رسالة صغيرة فيها نصيحة ممن يحب الخير للمسلمين كما يحبه لنفسه، ويكره لهم الشر كما يكره لنفسه، فيها التنبيه على ما يفعله زوار الأولياء في بعض البلدان الإسلامية من غلو، والتحذير من هذا الغلو الذي ذمه الله وذمه رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها بيان أن بعض هذا الغلو هو من الشرك الذي حذر الله منه، ومع هذا فنحن لا نرى ولا نقول: إن كل من وقع في مثل هذا العمل فهو كافر، معاذ الله من ذلك، فإننا نعلم أن كثيرا من الناس جاهل بالشريعة ولا يعرف حقيقة دعوة الرسل، ولكن مع هذا نرى أنه يجب على المسلم أن يتعلم أمور دينه ويتبصر بها ويسأل عن التوحيد الذي كلفه الله بتعلمه وتفهمه.
وإن مما ينبغي أن يعرف أننا نحب أولياء الله الصالحين الذين أخبر الله تعالى عنهم فقال: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ولكننا نكره الغلو فيهم كدعائهم من دون الله والاستغاثة بهم لقضاء الحوائج وتفريج الكرب وسؤال الولد والذبح لهم والطواف حول قبورهم ونحو ذلك من مظاهر الغلو، ونكره أن يصفهم الواصفون بما لا يليق إلا بالله تعالى كما سيأتي معنا إن شاء الله.
وهذه نبذة مختصرة عن حقيقة الشرك الذي حذر الله منه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وبيان ما فيه من خطورة عظيمة.
وتتكون هذه النبذة من عدة فصول وهي:
الفصل الأول: حقيقة الشرك.
الفصل الثاني: وقت وقوع الشرك في الأمم، وكيفية وقوعه.
الفصل الثالث: سد ذرائع الشرك.
الفصل الرابع: مظاهر الشرك.
الفصل الخامس: التعامل الصحيح مع أهل القبور.
الفصل الأول: حقيقة الشرك:
المبحث الأول: تعريف الشرك:
الشرك لغة: هو النصيب، ومنه قوله تعالى: (ما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير) وقوله: (أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات).
والشرك شرعاً: "هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله تعالى"، ومن المعلوم أن خصائص الله ترجع إلى "الربوبية"، و"الألوهية"، و"الأسماء والصفات"، وعليه فإن الشرك يدخل في هذه الأبواب الثلاثة.
والشرك تسوية المخلوق بالخالق، سواء كان هذا المخلوق من الملائكة أو من الإنس أو من الجن، فلا فرق بين مخلوق ومخلوق.
ومن المهم أن يعرف المسلم حقيقة الشرك لأنه تترتب عليها أمور أخرى من أهمها: وقاية الإنسان لنفسه من أن يقع في شيء من صور الشرك أو شيء من فروعه، ومنها: المقدرة على التمييز بينه وبين غيره، بل التمييز بين صوره المختلفة، بحيث يعرف الطالب أن هذه المسألة من الشرك أو أنها ليست كذلك، إلى غير ذلك من الفوائد.
المبحث الثاني: خطورة الشرك:
إن بيان خطورة الشرك وسوء آثاره على الأفراد والمجتمعات يعتبر فرعاً من بيان حقيقة الشرك، فخطورة الشرك لا تخفى على موحد، فمخاطره عظيمة وعواقبه وخيمة ونعرف ذلك من عدة أوجه:
1- أنه أعظم الظلم لأنه تعلق بحق الله تعالى، قال تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم)، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، فمن عبد غير الله فقد وضع العبادة في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، وذلك أعظم الظلم.
2- أن الله لا يغفر لمن مات عليه ولم يتب منه، قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وعليه فالمشرك خالد مخلد في نار جهنم قال تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار).
3- إن الشرك أكبر الكبائر قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين) الحديث متفق عليه.
قال العلامة ابن القيم في "الجواب الكافي": (فلما كان الشرك بالله منافياً بالذات لهذا المقصود كان أكبر الكبائر على الإطلاق، وحرم الله الجنة على كل مشرك، وأبى الله سبحانه أن يقبل من مشرك عملاً أو يقبل فيه شفاعة أو يستجيب له فى الآخرة دعوة، فإن المشرك أجهل الجاهلين بالله حيث جعل له من خلقه نداً وذلك غاية الجهل به كما أنه غاية الظلم منه وإن كان المشرك لم يظلم ربه وإنما ظلم نفسه) أ.هـ باختصار.
4- أن الشرك يفسد القلوب ويقطع الطريق عليها، ولا ينجو العبد إلا بالسلامة من الشرك كما قال تعالى: (يوم لا ينفع مال ولا بنون0إلا من أتى الله بقلب سليم).
5- والشرك أيضا يفسد العقول، فعقول أهل الشرك هي أفسد العقول وأضلها عن سواء السبيل، وقد قال الله فيهم: (وقالوا: لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).
6- والشرك يفسد الأخلاق، ولذلك فإن أفسد الأخلاق هي أخلاق المشركين، وفيهم من الفواحش بقدر تعلق قلوبهم بغير الله تعالى.
قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (10/135-136): (ولهذا لما كان يوسف محباً لله مخلصاً له الدين لم يبتل بذلك، بل قال تعالى عن يوسف: "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين" وأما امرأة العزيز فكانت مشركة هي وقومها فلذلك ابتليت بالعشق، وما يبتلى بالعشق أحد إلا لنقص توحيده وإيمانه، وإلا فالقلب المنيب إلى الله الخائف منه فيه صارفان يصرفانه عن العشق أحدهما: إنابته إلى الله ومحبته له فإن ذلك ألذ وأطيب من كل شيء فلا تبقى مع محبة الله محبة مخلوق تزاحمه، والثاني خوفه من الله فإن الخوف المضاد للعشق يصرفه) أ.هـ
فظهر لنا من هذه الأوجه أن الشرك أعظم الظلم وأنه أكبر الكبائر، وأنه يفسد القلوب والعقول والأخلاق، وأن له تأثيراً عظيماً على مصير الإنسان في الآخرة.
الفصل الثاني: وقت وقوع الشرك في الأمم، وكيفية وقوعه:
المبحث الأول: أهمية معرفة الشرك القديم:
من المهم أن نعرف متى وقع الشرك في الأمم وكيف كان وقوعه، لأن هذا يساعد على فهم حقيقة الشرك القديم والجديد، ومعرفة مدى العلاقة بينهما، فإنها وإن تغيرت الصور على مدى الأزمان لكن الحقيقة واحدة.
قال شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم": (ومن أراد أن يعلم كيف كانت أحوال المشركين في عبادة أوثانهم، ويعرف حقيقة الشرك الذي ذمه الله وأنواعه، حتى يتبين له تأويل القرآن، ويعرف ما كرهه الله ورسوله، فلينظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحوال العرب في زمانه، وما ذكره الأزرقي في "أخبار مكة"، وغيره من العلماء) أ.هـ
المبحث الثاني: وقت وقوع الشرك:
كان الناس أمة واحدة على التوحيد والفطرة من عهد آدم إلى قبيل عهد نوح عليهما الصلاة والسـلام، حتى طرأ على بعض الناس الشرك، وأول ما دخل الشرك كان قبل أن يرسل الله نوحاً إلى قومه، حيث عبد الناس أناساً صالحين، فبعث الله نوحاً عليه الصلاة والسلام وهو أول رسول أرسله الله إلى قوم مشركين.
ثم أرسل الله رسله تترى كلما ظهر الشرك في الناس بعث الله إلى الناس من ينذرهم من هذا الشرك ويحذرهم منه ويدعوهم إلى التوحيد الخالص، وأغلب الشرك الذي ظهر في الأمم كان مدخله هو مدخل الشرك الذي حصل في قوم نوح وهو اتخاذ الصالحين واسطة بينهم وبين الله، إلى أن جاء الشرك في "جزيرة العرب"، فقد كان الناس في جزيرة العرب على ملة إبراهيم حتى جاء رجل يقال له عمرو بن لحي الخزاعي، فأخرج الأصنام التي عبدها قوم نوح من رمال الشام بوحي من الشيطان فنقلها إلى جزيرة العرب، ودعا الناس إلى عبادتها فاستجابوا له لما له بينهم من جاه وسلطان.
المبحث الثالث: كيف كان وقوع الشرك:
روى البخاري في "صحيحه" برقم: (4920) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع كانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون أنصاباً، وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت).
قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (1/167): (وقد استفاض عن ابن عباس وغيره في "صحيح البخاري "وفي كتب التفسير وقصص الأنبياء في قوله: (وقالوا لا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً) أن هؤلاء كانوا قوماً صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم فعبدوهم، قال ابن عباس: ثم صارت هؤلاء الأوثان في قبائل العرب) أ.هـ
ثم جاء إبراهيم بعد نوح عليهما الصلاة والسلام فبقي الناس على ملته قروناً كثيرة، حتى جاء من غيّر ملته فأحيى عبادة الأصنام مرة أخرى، وكان أول من أحيى عبادة الأصنام بين العرب هو عمرو بن لحي الخزاعي، فقد كان الناس على ملة إبراهيم حتى جاء هذا الرجل فأخرجها من الرمال في بعض أسفاره بوحي من الشيطان فنقلها إلى جزيرة العرب، ودعا الناس إلى عبادتها فاستجابوا له لما له بينهم من جاه وسلطان.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": (وقد أخرج الفاكهي من طريق ابن الكلبي قال: "كان لعمرو بن ربيعة رئي من الجن فأتاه فقال: أجب أبا ثمامة، وادخل بلا ملامة ثم ائت سِيْفَ جدَّة، تجد بها أصناماً معدة، ثم أوردها تهامة ولا تهب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تجب"، قال: "فأتى عمرو ساحل جدة فوجد بها وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً، وهي الأصنام التي عبدت على عهد نوح وإدريس، ثم إن الطوفان طرحها هناك فسفى عليها الرمل فاستثارها عمرو وخرج بها إلى تهامة وحضر الموسم فدعا إلى عبادتها فأجيب") أ.هـ
المبحث الرابع: تنوع الشرك الذي وقعت فيه الأمم:
ويبنغي أن يعرف أن أكثر شرك الأمم حصل من جهتين:
الجهة الأولى من جهة اتخاذ الصالحين وسائط فيما بين الناس وبين ربهم:
وهو الذي وقع فيه قوم نوح ومن كان على طريقتهم، وإنما عبدوا هذه الأوثان لأنهم اعتقدوا أن هؤلاء الصالحين لهم مكانة عظيمة عند الله، فهم يتوسطون لهم في جلب المنافع ودفع الضرر.
وزاد تعلق المشركين بهذه الأوثان لما رأوا أن هذه الأوثان تخاطبهم وتدلهم على أماكن ضوالهم، ففتنوا بها فتنة عظيمة قل من ينجو منها، وإنما تتخاطب معهم الشياطين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما "مجموع الفتاوى" (11/287-288): (ومن هؤلاء من يستغيث بمخلوق إما حي أو ميت سواء كان ذلك الحي مسلماً أو نصرانياً أو مشركاً، فيتصور الشيطان بصورة ذلك المستغاث به ويقضي بعض حاجة ذلك المستغيث، فيظن أنه ذلك الشخص أو هو ملك على صورته، وإنما هو شيطان أضله لما أشرك بالله كما كانت الشياطين تدخل الأصنام وتكلم المشركين).
وقال رحمه الله (11/292-293): (والشيطان يضل بني آدم بحسب قدرته، فمن عبد الشمس والقمر والكواكب ودعاها - كما يفعل أهل دعوة الكواكب - فإنه ينزل عليه شيطان يخاطبه ويحدثه ببعض الأمور ويسمون ذلك روحانية الكواكب وهو شيطان، والشيطان - وإن أعان الانسان على بعض مقاصده - فانه يضره أضعاف ما ينفعه وعاقبة من أطاعه إلى شر الا أن يتوب الله عليه وكذلك عباد الأصنام قد تخاطبهم الشياطين، وكذلك من استغاث بميت أو غائب).
وقال رحمه الله كما في "تلخيص الاستغاثة": (وكذلك عباد الكواكب والأصنام قد تخاطبهم الشياطين وتحصل لهم بعض مطالبهم.
ودعاء الغائبين والأموات من هذا الباب، فقد يحصل أحياناً أن شيطاناً يتمثل للداعي وقد يحصل بعض مطالبه) أ.هـ
والجهة الثانية: عبادة الكواكب وهو الذي وقع فيه قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
وشبهة عباد الكواكب نشأت من تعلقهم بالملائكة، واعتقاد أنها واسطة فيما بينهم وبين الله، وأن الله وكل إليهم تصريف هذا العالم، ثم اعتقدوا أن الأفلاك والكواكب أقرب الأجسام المرئية إلى الله تعالى، وتصوروا أنها أحياء ناطقة مدبرة للعالم، وأنها بالنسبة للملائكة كالجسد للروح، فهي الهياكل والملائكة هي الأرواح، وأن لها صفات مخصوصة استحقت أن تكون آلهة تعبد، فجرهم هذا إلى التقرب إلى هذه الهياكل المزعومة - وهي الكواكب – وهو في الحقيقة تقرب إلى هذه الأرواح - وهي الملائكة – لتقربهم إلى الله تعالى، وهؤلاء يسمون أصحاب الهياكل.
ولما كانت هذه الكواكب يختفي أكثرها في النهار وفي بعض الليل - لما يعرض من الغيوم والضباب ونحو ذلك - رأوا أن ينصبوا لهذه الكواكب أصناماً وتماثيل على هيئة الكواكب السبعة (الشمس والقمر والزهرة والمشتري وعطارد والمريخ وزحل) حينما تصدر أفعالها عنها كما يزعمون كل تمثال يقابل هيكلاً، واعتقدوا أن التقرب إلى هذه الأصنام هو (الوسيلة) إلى الهيكل (الكواكب) التي هي وسيلة إلى معاينات الملائكة التي هي وسيلة إلى الله تعالى، وهؤلاء يسمون أصحاب الأشخاص.
قال شيخ الإسلام في "الرد على المنطقيين": (والشرك في بني آدم أكثره عن أصلين: أولهما: تعظيم قبور الصالحين وتصوير تماثيلهم للتبرك بها وهذا أول الأسباب التي بها ابتدع الآدميون الشرك وهو شرك قوم نوح...
والسبب الثاني: عبادة الكواكب فكانوا يصنعون للأصنام طلاسم للكواكب ويتحرون الوقت المناسب لصنعة ذلك الطلسم، ويصنعونه من مادة تناسب ما يرونه من طبيعة ذلك الكوكب، ويتكلمون عليها بالشرك والكفر، فتأتى الشياطين فتكلمهم وتقضي بعض حوائجهم ويسمونها روحانية الكواكب وهي الشيطان أو الشيطانة التي تضلهم) أ.هـ
وقال كما في "مجموع الفتاوى" (17/460): (وإنما المقصود أن أصل الشرك في العالم كان من عبادة البشر الصالحين وعبادة تماثيلهم وهم المقصودون، ومن الشرك ما كان أصله عبادة الكواكب إما الشمس وإما القمر وإما غيرهما، وصورت الأصنام طلاسم لتلك الكواكب، وشرك قوم إبراهيم - والله أعلم - كان من هذا أو كان بعضه من هذا).
ونحن لا نقول إن صور الشرك محصورة بهاتين الصورتين لأن صور الشرك كثيرة ومتنوعة وأسبابها مختلفة، كما يشير إلى ذلك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله: (والشرك في بني آدم أكثره عن أصلين).
المبحث الخامس: أصل الشرك عبادة الشيطان:
وكل شرك حصل على ظهر الأرض فإنما هو في الحقيقة عبادة للشيطان وإن تنوعت هذه المعبودات، وهذا على أصح القولين وهو قول شيخ الإسلام رحمه الله، فقد قال تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) وقال عن إبراهيم: (يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كلن للرحمن عصياً).
قال شيخ الإسلام في "إقامة الدليل": (والذين يعبدون الشيطان أكثرهم لا يعرفون أنهم يعبدون الشيطان, بل قد يظنون أنهم يعبدون الملائكة أو الصالحين، كالذين يستغيثون بهم ويسجدون لهم فهم في الحقيقة إنما عبدوا الشيطان , وإن ظنوا أنهم يتوسلون ويستشفعون بعباد الله الصالحين, قال تعالى: (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) أ.هـ بتصرف.
وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد من عبادة الشيطان في الآية هو طاعته في اتباع أوامره بالشرك، فهي ليست عبادة مباشرة له، والصحيح هو الأول، لأن المشركين تعلقوا بمن يخاطبهم وبمن يرشدهم إلى ضوالهم، وهذا كله من الشيطان، فهم يعبدونه في الحقيقة وإن كانت عبادتهم في الأصل للملائكة أو الصالحين، وهذا غير العبادة الصريحة للشيطان من الكهنة والعرافين والسحرة وغيرهم، طمعاً في خدمة الشياطين لهم.
مدونة نبض التوحيد