فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين
: الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : فإننا في هذه الليلة نلتقي اللقاء الثاني للكلام على ما يتعلق بالعمرة والحج ؛ وذلك لأن معرفة ما يتعلق بالعمرة والحج أمر مهم جدًا ، فإن مسائله كثيرة متشابهة تشتبه حتى على طلاب العلم ، ولهذا ينبغي أن يعتني الإنسان بمعرفة أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بذلك حتى يؤدي هذا النسك على الوجه الذي يرضي الله - سبحانه وتعالى - .
سبق لنا أن قلنا : إن الحج والعمرة لا يجبان إلا بشروط وهي : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والحرية ، والاستطاعة ، خمسة شروط لا يجب حج ولا عمرة إلا باستكمال هذه الشروط .
الإسلام والعقل : شرطان للوجوب وللصحة ، ولهذا لا يصح الحج ولا العمرة من كافر ، ولا يصح الحج ولا العمرة من مجنون .
والبلوغ : شرط للوجوب والإجزاء وليس شرطًا للصحة ، فما هو الدليل أن البلوغ ليس شرطًا للصحة ؟ حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن امرأة رفعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبيًا ، فقالت : ألهذا حج ؟ قال : ( نعم . ولك أجر ) .
والحرية : شرط للوجوب والإجزاء وليست شرطًا للصحة ؛ لأن الرقيق عاقل مسلم فيكون حجه وعمرته صحيحًا ولكن لا يجب عليه الحج ولا العمرة ولا يجزئ عنه ، وهذه المسألة فيها خلاف ، والقول الراجح : أن الرقيق إذا حج فحجه صحيح مجزئ إذا كان بالغًا عاقلاً مسلمًا .
والاستطاعة : شرط للوجوب فقط ، فلو أن الإنسان تكلف الحج وحج مع المشقة فحجه صحيح مبرئ للذمة ، وذكرنا فيما سبق أن الاستطاعة وضدها العجز تكون بالمال وبالبدن ، فالاستطاعة بالمال والبدن شرط للوجوب والأداء ، والاستطاعة بالمال دون البدن شرط للوجوب دون الأداء ، ولهذا من كان عاجزًا عن الحج والعمرة عجزًا لا يرجى زواله وعنده مال فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه وأن يعتمر .