بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبى هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ودع أحدا قال :" أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 22 :
أخرجه أحمد ( 2 / 358 ) عن ابن لهيعة عن الحسن بن ثوبان عن موسى ابن وردان عنه
قلت : و رجاله موثقون , غير أن ابن لهيعة سيء الحفظ و قد خالفه في متنه الليث
ابن سعد و سعيد بن أبي أيوب عن الحسن بن ثوبان به بلفظ :" أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه " .
و هذا عن أبي هريرة أصح و سنده جيد , رواه أحمد ( 1 / 403 ) .
ثم رأيت ابن لهيعة قد رواه بهذا اللفظ أيضا عند ابن السني رقم ( 501 ) .
و ابن ماجه ( 2 / 943 رقم 2825 ) فتأكدنا من خطئه في اللفظ الأول .
من فوائد الحديث :
يستفاد من هذا الحديث الصحيح جملة فوائد : الأولى : مشروعية التوديع بالقول الوارد فيه " أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " أو يقول : " أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه " .
الثانية : الأخذ باليد الواحدة في المصافحة , قد جاء ذكرها في أحاديث كثيرة ,و على ما دل عليه هذا الحديث يدل اشتقاق هذه اللفظة في اللغة .
ففي " لسان العرب " : " و المصافحة : الأخذ باليد , و التصافح مثله , و الرجل يصافح الرجل : إذا وضع صفح كفه في صفح كفه , و صفحا كفيهما : وجهاهما , و منه حديث المصافحة عند اللقاء , و هي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف و إقبال الوجه على الوجه " .
قلت : و في بعض الأحاديث المشار إليها ما يفيد هذا المعنى أيضا , كحديث حذيفة مرفوعا : " إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه و أخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر " .
قال المنذري ( 3 / 270 ) :" رواه الطبراني في " الأوسط " و رواته لا أعلم فيهم مجروحا " .
قلت : و له شواهد يرقى بها إلى الصحة , منها : عن أنس عند الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 240 / 1 - 2 ) و عزاه المنذري لأحمد و غيره .
فهذه الأحاديث كلها تدل على أن السنة في المصافحة : الأخذ باليد الواحدة فما يفعله بعض المشايخ من التصافح باليدين كلتيهما خلاف السنة , فليعلم هذا .
الفائدة الثالثة : أن المصافحة تشرع عند المفارقة أيضا و يؤيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم " من تمام التحية المصافحة " و هو حديث جيد باعتبار طرقه و لعلنا نفرد له فصلا خاصا إن شاء الله تعالى , ثم تتبعت طرقه , فتبين لي أنها شديدة الضعف , لا تصلح للاعتبار و تقوية الحديث بها , و لذلك أوردته في " السلسلة الأخرى " ( 1288 ) . و وجه الاستدلال بل الاستشهاد به إنما يظهر باستحضار مشروعية السلام عند المفارقة أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم , و إذا خرج فليسلم , فليست الأولى بأحق من الأخرى " . رواه أبو داود و الترمذي و غيرهما بسند حسن .
فقول بعضهم : إن المصافحة عند المفارقة بدعة مما لا وجه له , نعم إن الواقف
على الأحاديث الواردة في المصافحة عند الملاقاة يجدها أكثر و أقوى من الأحاديث الواردة في المصافحة عند المفارقة , و من كان فقيه النفس يستنتج من ذلك أن المصافحة الثانية ليست مشروعيتها كالأولى في الرتبة , فالأولى سنة , و الأخرى مستحبة , و أما أنها بدعة فلا , للدليل الذي ذكرنا . و أما المصافحة عقب الصلوات فبدعة لا شك فيها إلا أن تكون بين اثنين لم يكونا قد تلاقيا قبل ذلك فهي سنة كما علمت.إ.هـ كلامه رحمه الله تعالي.
(المرجع:سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول الحديث 16).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ولا تنسونا من الدعآء بارك الله فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول