منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى التوحيد والعقيدة


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي سعيد مخالفة
سعيد غير متواجد حالياً
 
سعيد
عضو نشيط
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 96 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي إبطال دعوى المجاز في الصفات الإلهية (حلقات)

كُتب : [ 01-08-2013 - 11:22 PM ]


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه،أما بعد:
فقد صار القول بالمجاز وسيلةً لكل من أراد نفي شئ مما ورد في الكتاب أوالسنة كما فعلت الملاحدة والجهمية والمعتزلة والكلابية والأشاعرة وغيرهم،وبخاصة في الأسماء والصفات الإلهية،لا سيما أن من علامات المجاز-عندهم-صحة نفيه؛ولأجل هذا اهتم شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-بتحقيق القول في المجاز في مواضع من كتبه،وتبعه على ذلك تلميذه ابن قيم الجوزية-رحمه الله-؛حيث أفرد المجاز بالبحث في كتابه البديع"الصواعق المرسلة"،وجعله طاغوتاً لهج إليه المتأخرون،والتجأ إليه المعطلون،وجعلوه جنة يتترسون بها من سهام الراشقين،ويصدون به عن حقائق الوحي المبين[1].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"ومن المعلوم باتفاق المسلمين أن الله حي حقيقة، عليم حقيقة،قدير حقيقة،سميع حقيقة،بصير حقيقة إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته.
وإنما ينكر ذلك الفلاسفة الباطنية؛فيقولون:"نطلق عليه هذه الأسماء،ولا نقول إنها حقيقة"؛ وغرضهم بذلك جواز نفيها؛فإنهم يقولون:"لا حي حقيقة،ولا ميت حقيقة،ولا عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز ولا سميع ولا أصم"،فإذا قالوا:"إن هذه الأسماء مجاز"أمكنهم نفي ذلك؛لأن علامة المجاز صحة نفيه؛فكل من أنكر أن يكون اللفظ حقيقة لزمه جواز إطلاق نفيه؛فمن أنكر أن يكون استوى على العرش حقيقة فإنه يقول:"ليس الرحمن على العرش استوى"كما أن من قال:"إن لفظ الأسد للرجل الشجاع،والحمار للبليد ليس بحقيقة"؛فانه يلزمه صحة نفيه؛فيقول:"هذا ليس بإسد ولا بحمار،ولكنه آدمي".
وهؤلاء يقولون لهم:"لا يستوي الله على العرش"كقول إخوانهم:"ليس هو بسميع ولا بصير ولا متكلم"؛لأن هذه الألفاظ عندهم مجاز؛فيأتون إلى محض ما أخبرت به الرسل عن الله-سبحانه-يقابلونه بالنفي والرد كما يقابله المشركون بالتكذيب،لكن هؤلاء لا ينفون اللفظ مطلقاً"ا.هـ[2].

ولهذا كان المجاز غالباً من جهة المعتزلة ونحوهم من المتكلمين[3].
قال الدكتور وليد قصاب:"إنه ينبغي أن يلاحظ أن اتساع المعتزلة في فهم المجاز هذا الاتساع الكبير إنما كان الدافع إليه خدمة أغراضهم الاعنزالية،والدفاع عن آرائهم ومعتقداتهم،وحتى يستقيم لهم توجيه الآيات والنصوص التي تخالف هذه العقائد،فكانوا يحاولون في ضوء التوسع في استعماله أن يفهموا النص القرآني فهماً يبعده عن تصورات المشبهة والجبرية وأهل السنة أحياناً.
ونحن لا نكاد نحس بتطرفهم الشديد في استعمال هذا اللون البلاغي إلا حينما تكون الآية التي يعالجون بحثها من تلك الآيات المتشابهات التي تتعلق بالاعتزال وأصوله،وأما في ما عدا ذلك فإننا لا نكاد نجد لهم خرقاً للمألوف أو خروجاً على المعتاد،ولا نجد عندئذ أحداً من أهل السنة أو غيرهم قد شدد عليهم النكير في ما أتوا به من تأويل أو تفسير"ا.هـ[4].
وقال الدكتور أحمد أبو زيد:"والمجاز والتوسع اللغوي ركيزة من ركائز الاعتزال الهامة؛فهو عمدتهم في تثبيت مذهبهم والدفاع عنه،وهو تكأتهم في التوفيق بين آرائهم وأصولهم وبين نصوص القرآن والحديث.
كان حرصهم على تثبيت عقيدتهم في التوحيد والتنزيه الإلهي من جملة الدوافع التي دفعتهم إلى توسيع البحث في المجاز اللغوي وتعميقه"ا.هـ[5].
وسأذكر هنا أحد عشر وجهاً على إبطال دعوى المجاز في الصفات الإلهية مستعيناً بالله-تعالى-.
وأنبه في هذا المقام على أن إبطال المجاز في هذا الباب ليس متوقفاً على إبطال وجود المجاز في اللغة أو في القرآن،وذلك أن نصوص الصفات قطعية الدلالة على معانيها اللائقة بالله-تعالى-،ولم تتوافر فيها شرائط المجاز وعلاماته عند القائلين به.

________________
[1]انظر:"مختصر الصواعق"2/2وما بعدها.
[2]"مجموع الفتاوى"3/218-219.
[3] انظر:"مجموع الفتاوى"7/88، 20/404.
[4] "التراث النقدي والبلاغي للمعتزلة حتى نهاية القرن السادس عشر"ص347.
[5]"المنحى الاعتزالي في البيان وإعجاز القرآن"ص167،وانظر ص172.
 

رد مع اقتباس
سعيد غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 2 )  أعطي سعيد مخالفة
سعيد
عضو نشيط
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 96 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-08-2013 - 11:23 PM ]


-إبطال دعوى المجاز في الصفات الإلهية:
الوجه الأول:أنَّ جَعْل الأسماء والصفات الإلهية أو بعضها مجازاً مخالفٌ لما أجمع عليه السلفُ الصالحُ كما نقل ذلك أهل العلم:
قال أمير المؤمنين القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر(ت422)في معتقده المشهور الذي قرىء ببغداد بمشهد من علمائهاو أئمتها،وأنه قول أهل السنة و الجماعة،وفيه:"وكل صفة وصف بها نفسه،أو وصفه بها رسوله-صلى الله عليه وسلم-فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز"ا.هـ
[1].
وقال أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله الأندلسي الطلمنكي المالكي-رحمه الله-:"أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله:"وهو معكم أينما كنتم"ونحو ذلك من القرآن أنه علمه،وأن الله-تعالى-فوق السموات بذاته،مستوٍ على عرشه كيف شاء.
وقال أهل السنة في قوله:"الرحمن على العرش استوى":"إن الاستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز"؛فقد قال قوم من المعتزلة والجهمية:"لا يجوز أن يسمى الله -عز وجل-بهذه الأسماء على الحقيقة،ويسمى بها المخلوق،فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه ، وأثبتوها لخلقه،فإذا سئلوا ما حملهم على هذاالزيغ قالوا:"الاجتماع في التسمية يوجب التشبيه"؛قلنا:"هذا خروج عن اللغة-التي خوطبنا بها-؛لأن المعقول في اللغة أن الاشتباه في اللغة لا تحصل بالتسمية،وإنما تشبيه الأشياء بأنفسها أو بهيئات فيها كالبياض بالبياض والسواد بالسواد والطويل بالطويل والقصير بالقصير،ولو كانت الأسماء توجب اشتباهاً لاشتبهت الأشياء كلها لشمولاسم الشيء لها،وعموم تسمية الأشياء به؛فنسألهم:أتقولون إن الله موجود؟
فإن قالوا:"نعم"
قيل لهم:يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبهاً للموجودين.
وإن قالوا:"موجود،ولا يوجب وجوده الاشتباه بينه وبين الموجودات"
قلنا:فكذلك هو حي عالم قادر مريد سميع بصير متكلم-يعني:ولا يلزم اشتباهه بمن اتصف بهذه الصفات-" ا.هـ
[2].
وقال أبو عمر ابن عبدالبر-رحمه الله-(ت463):"أهل السنة مجموعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة،والإيمان بها،وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك،ولا يحدون فيه صفة محصورة.
وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها،ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة،ويزعمون أن مَنْ أقرَّ بها مشبهٌ.
وهم عند مَنْ أثبتها نافون للمعبود.
والحق في ما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-،وهم أئمة الجماعة،والحمد لله"ا.هـ
[3].
قال الذهبي-رحمه الله-معلقاً على ذلك:"صدق والله؛فإن من تأول سائر الصفات،وحمل ما وردمنها على مجاز الكلام أداه ذلك السلبُ إلى تعطيل الرب،وأن يشابه المعدوم كما نقل عنحماد بن زيد أنه قال:"مثل الجهمية كقوم قالوا:"في دارنا نخلة".
قيل لها:"سعف؟
قالوا:"لا".
قيل:"فلها كرب؟
قالوا:"لا".
قيل:"لها رطب وقنو؟
قالوا:"لا"
قيل:"فلها ساق؟
قالوا:"لا".
قيل:"فما فيداركم نخلة".
قلت:كذلك هؤلاء النفاة قالوا:"إلهنا الله-تعالى-،وهو لا في زمان،ولافي مكان،ولا يرى، ولا يسمع،ولا يبصر،ولا يتكلم،ولا يرضى،ولا يغضب،ولا يريد،ولاولا"،وقالوا:"سبحان المنزه عن الصفات"،بل نقول:"سبحان الله العلي العظيم السميع البصير المريد الذي كلم موسى تكليماً،واتخذ إبراهيم خليلاً،ويرى في الآخرة،المتصف بماوصف به نفسه ووصفه به رسله،المنزه عن سمات المخلوقين،وعن جحد الجاحدين،ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"ا.هـ
[4].
وقال ابن عبدالبر أيضاً بعد ما ذكر جملةً من أدلة الاستواء على العرش:"وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة.
وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء،وقولهم في تأويل استوى:"استولى"فلا معنى له؛لأنه غير ظاهر في اللغة.
ومعنى الاستيلاء في اللغة:المغالبة،والله لا يغالبه،ولا يعلوه أحد؛وهو الواحد الصمد.
ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز؛إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك،وإنما يوجه كلام الله-عز وجل-إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم.
ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدَّعٍ ما ثبت شيء من العبارات،وجل الله-عز وجل-عن أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين،والاستواء معلومٌ في اللغة ومفهوم،وهو العلو والارتفاع على الشيء،والاستقرار،والتمكن فيه"ا.هـ
[5].
وقال أبو القاسم الأصبهاني-رحمه الله-(ت535)وقد سئل عن صفات الرب-تعالى-؛فقال:"مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وأحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بنمهدي وإسحاق بن راهويه أن صفات الله-التي وصف بها نفسه،ووصفه بها رسوله-صلى الله عليه وسلم-من السمعوالبصر والوجه واليدين وسائر أوصافه-إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيفيُتَوَهَّم فيها،ولا تشبيه ولا تأويل.
قال ابن عيينة:"كل شيء وصف الله به نفسه فقراءتهتفسيره"،أي:هو على ظاهره،لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل"ا.هـ
[6].
وقال أبو بكر محمد بن موهب المالكي-رحمه الله-بعد ما قرَّر مذهب أهل السنة في الاستواء:"فلما أيقن المنصفون إفراد ذكره بالاستواء على عرشه بعد خلقسماواته وأرضه، وتخصيصه بصفة الاستواء علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه؛فأقروا بوصفه بالاستواء على عرشه،وأنه على الحقيقة لا على المجاز؛لأنه الصادق فيقيله،ووقفوا عن تكييف ذلك،وتمثيله؛إذ ليس كمثله شيء"ا.هـ
[7].
وقال القرطبي-رحمه الله-:"وقد كان السلف الأول-رضي الله عنهم-لا يقولون بنفي الجهة،ولا ينطقون بذلك،بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله-تعالى-كما نطق كتابه،وأخبرت رسله،ولم ينكر أحدٌ من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقةً،وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته،وإنما جهلوا كيفية الاستواء؛فإنه لا تعلم حقيقته قال مالك-رحمه الله-:"الاستواء معلوم-يعني في اللغة-،والكيف مجهول،والسؤال عن هذا بدعة"،وكذا قالت أم سلمة-رضي الله عنها-،وهذا القدر كافٍ"ا.هـ
[8].
وقال أبو الحسن الأشعري-رحمه الله-:"وأجمعوا على أن صفته–تعالى-لا تشبه صفات المحدثين كماأن نفسه لا تشبه أنفس المخلوقين،واستدلوا على ذلك بأنه لو لم يكن له-تعالى-هذه الصفات لم يكن موصوفاً بشيء منها في الحقيقة من قِبَلأن من ليس له حياة لا يكون حياً،ومن لم يكن له علمٌ لا يكون عالماً في الحقيقة،ومن لم يكن له قدرة فليس بقادر في الحقيقة،وكذلك الحال في سائر الصفات،ألا ترى من لم يكن له فعلٌ لم يكن فاعلاً في الحقيقة،ومن لم يكن له إحسانٌ لم يكن محسناً،ومن لم يكن لهكلام لم يكن متكلماً في الحقيقة،ومن لم يكن له إرادة لم يكن في الحقيقة مريداً،وأن منوُصِف بشيء من ذلك مع عدم الصفات-التي توجب هذه الأوصاف له-لا يكون مستحقاً لذلك في الحقيقة،وإنما يكون وصفه مجازاً أو كذباً،ألا ترى أن وصف الله-تعالى-للجدار بأنه يريد أن ينقض لما لم يكن له إرادة فيالحقيقة كان مجازاً؛وذلك أن هذه الأوصاف مشتقة من أخص أسماء هذه الصفات،ودالة عليها،فمتى لم توجد هذه الصفات-التي وصف بها-كان وصفه بذلك تلقيباً أوكذباً.
فإذا كان الله–تعالى-موصوفاً بجميع هذه الأوصاف في صفة الحقيقة وجب إثباتالصفات -التي أوجبت هذه الأوصاف له في الحقيقة-،وإلا كان وصفه بذلك مجازاً كما وصف الجدار بأنه يريد لما لم يكن له إرادة مجازاً.
وتبيين هذا أن وصف الإنسان بأنه مريد وسارق وظالم مشتقٌّ من الإرادة والسرقة والظلم،وكذلك وصفه بأنه أسود مشتق من السواد،فإذا وُصِف بذلك مَنْ ليس له هذه الصفات في الحقيقة كان وصفه بذلك تلقيباً،ألا ترى أن من سمت العرب من أولادها بذلك لم يستحق الذم؛لأن تسميته بذلك لا يقتضي إثبات هذه الصفات،وإنما وضعوا ذلك لهم تلقيباً كما يلقبونهم بـ"زيد"و"عمرو"و"علي"،مثل هذا جاء السمع في تسمية الجدار بأنه يريد لما لم يكن له إردة،وإذا كان وصف الباري-تعالى-بسائر ماذكرناه من كونهتعالىحياً وقادراً وعالماً ومتكلماً ومريداً وسميعاً وبصيراً في الحقيقة دون المجاز والتلقيب وجب إثبات هذه الصفات-التي اشتق له–تعالى-الأوصاف من أخص أسمائها-... " ا.هـ
[9].
وقال ابن مندة-رحمه الله-:"ذكْر ما يُستدَلُّ به من كلام النبي-صلى الله عليه وسلم-على أن الله-جل وعز-خلق آدم -عليه السلام-بيدين حقيقة.
أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو المصري ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا عبد الله بن وهب أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إن موسى-عليه الصلاة والسلام-قال:"يا رب أين أبونا الذي أخرجنا ونفسه من الجنة؟؛فأراه الله آدم؛فقال موسى-عليه السلام-:"أنت آدم؟؛فقال:"نعم"؛قال:"فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟؛قال:"من أنت؟؛ قال:"أنا موسى"؛قال:"أنت الذي كلمك الله من وراء حجاب،ولم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه؟؛قال:"نعم"؛قال:"فما وجدت في كتاب الله أنَّ ذلك كائن قبل أن أُخلق؟ قال:"نعم"؛قال:"ففيم تلومني في شيء سبق من الله-جل وعز-فيه القضاء قبلي"؛فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"فحج آدم موسى"ا.هـ
[10].
وقال أيضاً:"باب قول الله-جل وعز-:"كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون"[القصص:88]،وقال الله-عز وجل-:"ويبقى وجه ربك ذو الجلال"[الراحمن:] ، وذِكْر ما ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم-مما يدل على حقيقة ذلك.
أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى بن مندة ثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعود ثنا أبو نعيم وعمرو بن عون ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال:قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"جنات الفردوس أربع:ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما،وثنتان من فضة حليتهما وما فيهما،ليس بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنات عدن،وهذه الجنات تشخب من جنات عدن ثم تصدع بعد أنهار"ا.هـ
[11].
وقال الشيخ حمد بن معمر-رحمه الله-:"قد بينا في ما تقدم عقيدة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب-أسكنه الله الفردوس يوم المآب-،وبينا عقيدته هو وأتباعه عقيدة السلف الماضين من الصحابة والتابعين وسائر أئمة الدين-الذين رفع الله منارهم في العالمين،وجعل لهم لسان صدق في الآخرين-؛فشيخنا-رحمه الله وأتباعه-يصفون الله بما وصف به نفسه،و بما وصفه به رسوله-صلى الله عليه وسلم-،ولا يتجاوزون القرآن والحديث؛لأنهم متبعون لا مبتدعون؛فلا يكيفون،ولا يشبهون،ولا يعطلون،بل يثبتون جميع ما نطق به الكتاب من الصفات،وما وردت به السنة مما رواه الثقات،يعتقدون أنها صفات حقيقة منزهة عن التشبيه والتعطيل كما أنه-سبحانه-له ذاتٌ حقيقة منزهة عن التشبيه والتعطيل؛فالقول عندهم في الصفات كالقول في الذات،فكما أن ذاته ذات حقيقة لا تشبه الذوات فصفاته صفات حقيقة لا تشبه الصفات.
وهذا هو اعتقاد سلف الأمة وأئمة الدين،وهو مخالفٌ لاعتقاد المشبهين،واعتقاد المعطلين؛فهو كالخارج من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين؛فهو وسط بين طرفين،وهدى بين ضلالتين،وحقٌّ بين باطلين"ا.هـ
[13].
و قال أيضاً:"فنحن لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه،أو وصفه به رسوله-صلى الله عليه وسلم-لا نتجاوز القرآن والحديث،و ما تأوله السابقون الأولون تأولناه،و ما أمسكوا عنه أمسكنا عنه،و نعلم أن الله سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؛فكما نتيقن أن الله –سبحانه-له ذات حقيقة،و له أفعال حقيقة فكذلك له صفات حقيقة ،وليس كمثله شيء،و كل ما أوجب نقصاً أو حدوثاً فإن الله منزه عنه حقيقة؛فإنه -سبحانه-مستحق للكمال -الذي لا غاية فوقه-؛و يمتنع الحدوث لامتناع العدم عليه،فلا نمثل صفات الله بصفات الخلق؛كما أنا لا نمثل ذاته بذات الخلق،ولا ننفي عنه ما وصف به نفسه،ولا نعطل أسماءه الحسنى وصفاته العلى بخلاف ما عليه أهل التعطيل والتمثيل "ا.هـ
[14].
__________________
[1]انظر:"العلو للعلي الغفار"ص245،"معارج القبول"1/200.
[2]انظر:"مجموع الفتاوى"3/260،"العلو للعلي الغفار"ص245،"الكافية الشافية"ص،"التحفة المدنية"ص،"فتح المجيد"ص،"معارج القبول"1/200.
[3]"التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"7/145.
[4] "العلو للعلي الغفار"ص250.
[5]"التمهيد"/7/129.
[6] "العلو للعلي الغفار"ص263.
[7]انظر:"الغلو للعلي الغفار"ص264.
[8] "الجامع لأحكام القرآن"4/219.
[9] "رسالة إلى هل الثغر"ص216.
[10] "الرد على الجهمية"ص56.
[11] "الرد على الجهمية"ص34.
[13] "التحفة المدنية"ص101-102.
[14] "التحفة المدنية"ص165




رد مع اقتباس
سعيد غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )  أعطي سعيد مخالفة
سعيد
عضو نشيط
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 96 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-08-2013 - 11:25 PM ]


الوجه الثاني:أنه لو كانت هذه الصفات من المجئ والإتيان والنزول إلى السماء الدنيا والاستواء على العرش مستحيلة على الله-تعالى-لكانت كالأكل والشرب والنوم والغفلة-وهكذا هي عند النفاة سواء-،فمتى عهد إطلاق الأكل والشرب والنوم والغفلة عليه-تعالى-،ونسبتها إليه نسبة مجازية،وهي متعلقة بغيره؟!
وهل في ذلك شئ من الكمال ألبتة؟!؛فإن قوله-تعالى-:"وجاء ربك"و"أتى"و"يأتي"عندهم في الاستحالة مثل"أكل"و"شرب"و"نام"،والله-تعالى-لا يطلق على نفسه هذه الأفعال ولا رسوله-صلى الله عليه وسلم-لا بقرينة ولا مطلقة،فضلاً عن أن تطرد نسبتها إليه.
وقد اطردت نسبة المجئ والإتيان والنزول والاستواء إليه مطلقاً من غير قرينة تدل على أن الذي نسبت إليه هذه الأفعال غيره من المخلوقات؛فكيف تسوغ فيه دعوى المجاز؟!
[1].

الوجه الثالث:أن كل معنى مجازى يدعيه المجازيون لصفة من الصفات الإلهية يلزمهم فيه ما يلزمهم في المعنى الحقيقي؛فلا يخلصهم هذا المجاز المعيَّن من ما فروا منه من المحذور.
قال ابن قيم الجوزية-رحمه الله-في ردِّه على دعواهم المجاز في صفة اليدين والوجه ونحوها :"إن هذه الألفاظ كلفظ"اليدين"و"الوجه":
إما أن يكون لها معنى أو تكون ألفاظاً مهملةً لا معنى لها.
والثاني ظاهرُ الاستحالة.
وإذا لم يكن بدون
[2]إثبات معنى لها فلا ريب أن ذلك المعنى قدرٌ زائد على الذات،وله مفهومٌ غير مفهوم الصفة الأخرى؛فأي محذور لزم في إثبات حقيقة اليد لزم في مجازها،ولا خلاص لكم من ذلك إلا بإنكار أن يكون لها معنى أصلاً،وتكون ألفاظاً مجردة؛فإن المعنى المجازي:إما القدرة،وإما الإحسان-وهما صفتان قائمتان بالموصوف-فإن كانتا حقيقيتين غيرَ مستلزمتين لمحذور فهلا حملتم اليد على حقيقتها،وجعلتم الباب واحداً!!
وإن كانت مجازاً-وهو حقيقة قولكم-فلا يد ولا قدرة ولا إحسان في الحقيقة،وإنما ذلك مجازٌ محضٌ"ا.هـ
[3].
وقال أيضاً في رده على دعواهم المجاز في صفة المجئ:"إنهم إذا قدَّروا مثلاً"وجاء أمر ربك"و"يأتي أمره"و"يجئ أمره"و"ينزل أمره"فأمره هو من كلامه،وهو حقيقة،فكيف تجئ الصفة،وتأتي،وتنزل دون موصوفها؟!
وكيف ينزل الأمر ممن ليس هو فوق سماواته على عرشه؟!
ولما تفطن بعضهم لذلك قال:"أمره بمعنى مأموره"؛فالخلق والرزق بمعنى[المخلوق]
[4]المرزوق ؛ فركب مجازاً على مجاز بزعمه،ولم يصنع شيئاً؛فإن مأموره هو الذي يكون ويخلق بأمره،وليس له عندهم أمر يقوم به،فلا كلام يقوم به،وإنما ذلك مجاز من مجاز الكناية عن سرعة الانفعال بمشيئته تشبيهاً بمن يقول:"كن"؛فيكون الشئ عقيب تكوينه؛فركبوا مجازاً على مجاز،ولم يصنعوا شيئاً"ا.هـ[5].


ــــــــــــــ
[1] انظر:"مختصر الصواعق"2/107-108.
[2] كذا في المطبوع وصوابها:"وإذا لم يكن بدّ من".
[3] "مختصر الصواعق"2/164-165.
[4] ساقط من المطبوع.
[5] "مختصر الصواعق"2/108-109.




منقول

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:40 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML