لقاء الشيخ محمد المدخلي حفظه الله مع طلبة العلم بصامطة 21شعبان 28هـ
مفرغة ((كلمة قيمة ومؤثرة ))
قال مقدم المحاضرة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك اللهم إنا عبيدك أبناء عبيدك أبناء إمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضائك نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته فيكتاب من كتبك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا ونور أبصارنا برحمتكيا أرحم الراحمين أما بعد
إخواننا طلاب العلم نحن في هذه الليلة مع لقاء مع فضيلة أخينا فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي أستاذ الحديث بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
في هذا اللقاءالمبارك فليتفضل جزاه الله خيرا
فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة وبركاته
حياكم الله مساكم الله بالخير
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدأن محمدا عبده ورسوله .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوااللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوااللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْلَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًاعَظِيمًا
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخيرالهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
أمابعد
فيا معشر الإخوان إن العبد يحرص فيما نرى ونشاهد ، يحرص على تأمين حياته الدنيا ويسعى في سبيل ذلك جاهدا بكل إمكاناته بل وربما تحمل في بعض الأحايين ما هو فوق طاقته ليؤمن كما يقال حياته وهذه الحياة التي يؤمنها هي حياة الجسد في الدنيا في حين أننا في كثير من أوقاتنا تصيبنا الغفلة عن تأمين الحياة الدائمة الأبدية عند الله تبارك وتعالى ، والله سبحانه وتعالى قد خاطبنا بقوله" وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا"ومعنى هذا أن العمل كله للآخرة فإن الآخرة هي دار القرار وأن هذه الدنيا إنما هي متاع زائل فلا تنس نصيبك من الدنيا فعملك للآخرة هوالأصل والاجتهاد في تأمين حياتك الأبدية السرمدية هو الأصل ، وفيغمرة اجتهادك في هذا الأمر لا تهمل حياتك في الدنيا ، واليوم قد انعكس هذا عند كثيرمن الناس إلا من رحم الله فنسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من هؤلاء المرحومين وأن يهدي إخواننا المسلمين أجمعين ، معشر الإخوان إن هذه الحياة الأبدية السرمدية عندالله تبارك وتعالى إنما يقوم الإنسان فيها ويبنيها بالعلم الشرعي الصحيح ونحن في هذا الزمان قل العلم الشرعي نعم فشت الكتابة ، فشى القلم ، فالقراء كثير ولكن القلة القليلة التي تجدها من هؤلاء هم المستفيدون فائدة تعود عليهم بالنفع في الدنيا والآخرة والأسف أقول ذلك بكل مرارة الخريجون من المعاهد الشرعية والكليات الشرعية كثير ولكنهم بعد أن يتخرجوا ويشتغلوا بالوظائف الرسمية يذهب كثير منهم في غمرة الحياة ويعود مع العامة لا يتميز عليهم بشيء إلا من رحم الله وهذه مصيبة عظيمة ورزية جسيمة ، كثير من هؤلاء ، من هذه الشريحة إذا تخرج وتوظف للأسف يتجه يتجه إلى التجارات وإلى البيع والشرا ومنافسة أهل الدنيا في دنياهم ويترك ما شرفه الله تبارك وتعالى به ورفعه به ألا وهو العلم ، إنني في هذه الكلمة لا أقول للناس كما قلت أولا دعوا الحياة الدنيا لا ولكن أنا أطالب بأمر الله تبارك وتعالى وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وقلنا إن ذلك معناه أن العمل للآخرة عند الله تبارك وتعالى فهذا العلم الذي رفعك الله سبحانه وتعالى به وميزك به وفضلك به يجب أن تعمل به وأن تعلمه الناس وأن تبثه فيهم فهذا هو الكنز الحقيقي ولهذا أنتم ترون الآن كثرت المدارس الشرعية وضعف الحصيلة والثمرة بينما في السابق قلة المدارس وعلماء الشريعة كثير وأعلام الملة الحنيفية كثير والدعاة إلى الله كثير والمعلمون الصادقون كثيروالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر احتسابا لغير الوظيفة الرسمية كثير والآن على عكس ذلك كله ، في هذه الغمرة وفي الاشتغال الذي ذكرنا انتهز المنتهزون الفرصة فهجموا على أبناء الإسلام ولوثوا أفكارهم وحرفوهم في عقائدهم وحرفوهم في مناهجهم بسبب الغفلة حتى إنك لتتحدث عن المنتسب إلى العلم ولا يكاد يعلم شيئا وأصبح هووعامة الناس مصدرهم الوحيد هو الإعلام والصحف ، استوى وإياهم فلم يتميز عنهم بشيء من هذا الجانب وربما أخذ أولاده في حين غفلة منه وهذه مصيبة عظيمة وبلية كبيرة فأصبحنا نرى هذا الأمر الذي نراه وما سبب ذلك كما قلت إلا عدم المواصلة في العلم والاعتناء به واشتغال به فإن العلم هو حياةالروح والروح لا تحيى إلا بذلك فمن ذاق حلاوة العلم والله لا يستبدله بشيء من الدنيا لأن هذه الدنيا دنية وأما العلم فمنزلته علية رفيعةعند الله تبارك وتعالى ولهذا تجد في هذه الآونة انتشار البدع مع كثرة التعليم ، هل هذا سببه الجهل ؟ الجهل الذي هو بمعنى الأمية وعدم القراءة والكتابة كاد أن يذهب ولكن حقيقة ، الجهل بالشريعة المطهرة والطريقة المرضية وسبيل النبي صلى الله عليه وسلم جهلها كثير من الناس وتجهلها آخرون فلهذا طلع الرؤوس الضلال ، كما جاء ذلك فيحديث حذيفة رضي الله عنه :أن الرجل يقرأ القرآن فيقول قد قرأت القرآن فمال الناس لا يتبعونني ما أراهم بمتبعي إلا أن أبتدع لهم فيبتدع لهم فيتبعوه، نسأل الله العافية والسلامة فجاءت هذه البلايا والرزايا فأصبح الناس في خبط وخلط والناس حقيقة بحاجة إلى الداعية الصادق والمعلم الناصح والمرشد الحنون الرحيم اللطيف الحكيم أيضا بحاجة إلى هذا .
ولنعلم جميعا أن هذا المعلم الناصح والمرشد الحكيم هو وارث النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد ورث هذا العلم والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا هذا العلم فمن أخذه فقد فاز فقد أخذ بالحظ الوافر كما قال عليه الصلاة والسلام فمن أخذه أخذ بحظ وافر فما بالنا وبال أبنائنا يتركون هذا الحظ الوافر ويقبلون على حطام الدنيا ، معشر الإخوة والأبناء إننا نعيش آلاما كبيرة ولكن الآمال إن شاء الله باقية ، الآمال حينما نرى الواقع الذي نعيشه اليوم ، الواقع الذي نعيشه اليوم نرى جهلا ونرى انحرافا ونرى دعاة إلى الانحراف ونرى أتباعا لهم كثر ، فهذا مصدر الآلام التي تقطع نياق القلب من كل ناصح مشفق فيتألم لما يرى وهذا التألم منشأه الرحمة بالخلق والحرص على هدايتهم وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا طريق إلى الهداية لهؤلاء بعد توفيق الله تبارك وتعالى لهم إلا بدعوتهم والمواصلة في هذا اباب وأن لا ييأس أهل العلم وأن لا ييأس الدعاة إلى الله تبارك وتعالى وعليهم أن يصبروا ويحتسبوا في ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وعشرين سنة وهو صابر محتسب في دعوته إلى ربه تبارك وتعالى ثلاث عشرة سنة بمكة لمتفرض فيها شيء من الفرائض إنما فيها دعوة الناس إلى تصحيح الاعتقاد إلى تصحيح الطريق المستقيم الذي جاء به عليه الصلاة والسلام دعاهم إليه وصابر في سبيل ذلك واحتسب عليه الصلاة والسلام وأما الشرائع والتكاليف فإنما كانت بالمدينة النبوية فمن هنا ينبغي للإنسان أن يحرص وأن يصبر وأن يحتسب وأن يعلم أن هذا الطريق ليس بالطريق السهل فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أوذوا في هذا ونبينا عليه الصلاة والسلام كلنا يعلم من سيرته في هذا الجانب أوذي عليه الصلاة والسلام من أقرب الناس إليه هذا عمه أبو لهب كان يمشي خلفه ويقول هذا ابن أخي في المواقف في منى في عرفات لا تصدقوه كذاب مجنون وهكذا فأنزل الله فيه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍوَتَبَّ " أقرب الناس إليه عاداه وأذاه وهو صابر محستب عليه الصلاة والسلام فيجب علينا أن نصبرونحتسب فإنه بالصبر والاحتساب والمجاهدة تنال الإمامة في دين الله تبارك وتعالى في كل زمان ومكان " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاوَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" ،" وَجَعَلْنَامِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَايُوقِنُونَ "اليقين الذي يكون في القلب هو الذي يبعث على الأمل وعدم اليأس وعدم التشاؤم ويصبر الإنسان ويحتسب والداعية إلى الله تبارك وتعالى والمعلم للناس الخيرهو طبيب للأرواح سيأتيه ما يأتيه فينبغي أن لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لنفسه ويصبرعلى ما يلحقه في هذا، لأن هذا الباب باب ابتلاء " الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) " فالإبتلاء سنة جارية في هذا الكون يبتلي الله سبحانه وتعالى عباده ليرى صبرهم وصدقهم واحتسابهم وجهادهم فيه وتضحيتهم في سبيل ذلك وليعظم أجورهم ويضاعف مثوباتهم ويعلي في الجنة درجاتهم ، من يقوم بهذا ؟ يقوم به أهل العلم حملة العلم العلماء وطلبتهم الحقيقيون، إنالحياة لا تعد شيئا بدون العلم الحياة بدون علم لا شيء والعلم هو الذي يورث الخشية من الله تبارك وتعالى فيحيا به صاحبه ويقومبحق الله تبارك وتعالى فيه . قال الله تبارك وتعالى" وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ .(3) "
آمنوا في أنفسهم وعملوا الصالحات في أنفسهم ثم أحبوا أن يشركهم غيرهم في هذا الخير فدعوا الناس إلى الحق وأوصوهم به فنالهم في ذلك ما نالهم لأن العالم والداعية إلى الله تبارك وتعالى بعلم لا يعاشر الناس على ما يهوون وإنما يعاشرهم على ما أمره الله سبحانه وتعالى به وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم به فلابد وأن يصطدم برغباتهم فقد يوافق أحيانا أهوائهم فيقلبون وقد يوافق خلاف ذلك فلا يقبلون وينصبون له العداوة والأذية فعليه أن يصبر فهذا هو وقت الامتحان هذا وقت الاختبار ولا يتصور أن الناس بين عشية وضحاها سوف يستجيبون له ما يمكن لابد وأن يصبر فإن النبي صلى الله عليه وسلم معلوم من سيرته كما قلت ثلاث وعشرين سنة وهوصابر محتسب يدعو إلى الله تبارك وتعالى وعليه أولا أن يصحح نيته في هذا الباب في باب تعليم الناس ودعوته للناس إلى الحق والخير والهدى يصحح النية ، مقصده من ذلك هداية الناس لا الرئاسة ولا الظهور ولا جناية شيء من مناصب الدنيا وحطامها الفاني ،فهذا الذي يورثه الله تبارك وتعالى القبول ويورثه المحبة بين الناس والاقبال عليه ولو بعد حين ولو كان واحدا فالله سبحانه وتعالى قد تكفل بنصر أولياءه " إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ" , " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"، "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
فيا إخوة الإسلام نحن بحاجة إلى أن ننصر دين الله تبارك وتعالى ،قرانا ، هجرنا ، مدننا ونحن متفرقون فيها متوزعون فلما لا تقام الحلق ،اقرأ على الناس ولو جلس إليك واحد غدا سيأتي ثاني وبعده ثالث ويكون لك طلبة ويحي الله سبحانه وتعالى بك أقوام ، الداعية إلى الله تبارك وتعالى على علم وارث النبي صلى الله عليه وسلم ، نفسه لا ترتاح وهو يرى الناس على الخطأ فإن النبي صلى اللهعليه وسلم قد ضرب لنا المثل في هذا وبينه قال : إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها . هذا الذي استوقد نارا بالليل إذا طارالضوء وارتفع جاءت إليه الفراش والجنادب على هذا الضوء فتكاد تقع فيه فحينئذ تحرق وهو جالس يذبهن عنها يمنة ويسرة رحمة بها لئن لا تحترق بهذه النار فالنبي صلى الله عليه وسلم شبه نفسه بهذا قال وأنا آخذ بحجزكم عن النار ، والحجز هي مجمع الإزار على الحقوين ، مربط الإزار على الحقوين ، آخذ بحجزنا عن النار ونحن نتقحم فيها بعصياننا له ، فهكذا الداعية إلى الله على علم العالم في كل زمان وفي كل مكان يحترق مما يراه في مجتمعه ، يتأسف على الناس فلابد أن يذب الناس على أن يقعوا في هذه النار وإلا ما قيمة هذا العلم ، فلابد أن يقوم بحق هذا العلم لابد أن يؤدي زكاة هذا العلم ، اليوم في نفوس كثير من طلبة العلم إلا من رحم الله انهزامية هذه الانهزامية يمر بالمنكر فلا ينكره يمر بأخيه يقع في الخطأ ، حتى في الصلاة أمامه فربما لا يعظه ، إما استحاء وهذا في الحقيقة ليس بالحياء خجل هذا مذموم وإما لأعذار أخرى يدخل فيها عليه إبليس ، يسكت عن مثل هذا ،لا " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ."
هذه صفات المؤمنين وأعلى الناس وأشرف الناس حملة العلم ، العلماء وطلبة العلم فلماذا نتقعص في هذا الجانب .
يا معشر الإخوة إن الواجب كبير ولا يعذرنا منه كون من نراه تعلم أو متعلما فإن التذكير قد مدح الله سبحانه وتعالى أهله مُذَكِّر ومُذَكَّر " وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ " فهذه الذكرى ينتفع بها المؤمنون كما وصفهم الله سبحانه وتعالى إنما ينتفع بها هؤلاء " وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ " أهل الإيمان هم الذين ينتفعون فأثنى الله عليهم ، وأعلى الناس في الإيمان هم أهل العلم وطلبة العلم ومن ينتسب إلى العلم فلا يكفي إذا رأيته على الخطأ ، لا يكفي أن تقول هو متعلم يعرف هذه الأشياء فتبرر لنفسك السكوت لا لابد من التواصي بالحق والتنبيه للخلق والصبر في سبيل ذلك واعلم أنك مأجور في هذا الباب ، فمن حيي قلبه بالعلم لا يمكن أن يصبر عن الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ولا يمكن أن يسكت عن منكر يراه وهو يستطيع تغييره والنصيحة في سبيل تغييره فيجب علينا جميعا أن نجتهد في هذا ويجب علينا جميعا أن نبدأ بأنفسنا ، أن نبدأ بأولادنا ذكورا وإناثا لأن الناس إذا فرطوا في هذا الجانب وقعت البلية ، يعم الجهل حتى تصبح السنة عند بعض الناس بدعة والبدعة سنة لم ؟ لانتشار الثانية بين الناس وعدم المنكر لها واختفاء السنة عن أنظار الناس وعدم المذكر بها ، هذه مصيبة عظيمة وخصوصا إذا قيل إن هذاالمجتمع متعلم فالآن كما قلت القلم فشا ، ما أكثر ما نسمع من المتكلمين ولكن ما أقل من نرى ممن يصيب في كلامه ويكفي للعلم شرفا أن الجاهل يدعيه ليشرف به ويرتفع به ،ويكفي الجهل ذما وعيبا أن صاحبه يتبرأ منه ولا يريد أن ينسب إليه فكيف تتنازل ياعبد الله عن هذا الشرف الذي شرفك الله سبحانه وتعالى به ، معشر الإخوان نحن نرى في حياتنا بعض إخواننا عنده طاقة عنده قدرة يستطيع لو جلس يدرس ويجالد نفسه متمكن لكن سبحان الله العظيم اشتغاله وتخاذله وعدم وجود المعين له إما في مجتمعه أو في ممن حوله يجعله يموت فيقبر مع أنه طاقة وهذا ينبغي أن لا يترك وأن لا يسلم لنفسه بل يجب أن يحث ، فإن صاحب العلم القليل إذا عمل به واجتهد في نشره أورثه الله سبحانه وتعالى القبول بين الناس وأورثه المحبة وأورثة المهابة ووثق به الناس وأقبلوا عليه، لماذا ؟ لأنهم يرون نفعه لهم في دينهم ما يريد شيئا منهم من دنياهم فهذا تحبه الناس ، يا ناس اسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل فقال يا رسول الله دلني على شيء إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس ما هي هذه النصيحة جوابا لهذا السؤال : قال : ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس، الناس إذا نافستهم في الدنيا وأنت تحمل العلم احتقروك ، طالب العلم العالم يجب أن يكون في المرتبة التي أنزله الله تبارك وتعالى فيها ، إذا جلست مع الناس ووجدت حديثهم وخصوصا من ينتسب إلى العلم في الدنيا فلا تكست ذكرهم بالله تبارك وتعالى ، المخططات السيارات الكذا والكذا الأسهم والوظائف ، للأسف طلبة علم شرعي أصبح اشتغالهم بهذا، والله ما لهذاخلقوا ووالله ما لهذا تعلموا ووالله ما حياتهم هذه ، وإنما حياتهم عند الله تبارك وتعالى، شرفوا بهذا العلم فتركوا هذا الشرف فأنزلوا أنفسهم في أخس المنازل وكانوا من الناس في أحقر المراتب اسمعوا قول الله تبارك وتعالى وليس لأهل الخير إن شاء الله هذا المثل " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَاوَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176 ‘’
فالشاهد هذا المثل ضربه الله جل وعلا لمن آتاه الآيات يجمله بها فانسلخ منها فصار في أقبح الصور وأخبث الصوروأحط الصور ، صورة الكلب الذي هو أحط الحيوانات وأخبث صورة من صور الكلب وهي صورةاللهث فينبغي لمن جمله الله سبحانه وتعالى بآياته وشرعه أن يربأ بنفسه عن حطامالدنيا فإن الدنيا حقيرة فلا يشتغل بها ولكن ليأخذ منها بلغة الراكب التي توصه لدارإقامته ، هذا الواجب ، طالب العلم يجب أن يترسم طريقة العلماء والعلماء اقرؤوا تراجمهم وراث النبي صلى الله عليه وسلم والنبي ما ورث دينارا ولا درهما وحتى الذين آتاهم اله مالا وهم قلة في تراجم العلماء ما اشتغلوا به هم بأنفسهم وإنما أوكلواعليه القائم الأمين الصادق وارتفعوا هم ، ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس ، إذا زاحمت الناس على ما في أيديهم امتهنوك لأنهم يرون أن هذا ماهو محلك أنت في رتبة عالية فلما تنزل في هذه الرتبة ، فالعاقل لا يترك النفيس ويستبدل به الخسيس فأنت تحرص على أن ترفع الناس إلى العلو ماهو تنزل أنت إلى السفل يكفيك من الدنيا بيت يأويك وثوب يواريك وقوت يواسيك هذه هي النعمة وماعدا ذلك فأنتفي أمر أعظم وأشرف فينبغي لنا جميعا أن نهتم بهذا ولهذا فارق أهل العلم من يدعيالعلم وليس منهم فارقوهم في زهدهم في الدنيا ، يقول أبو العتاهية
من يسأل الناس يهن عليهمُ بئسا لمن حاجته إليهمُ
هذا يهون على الناس يسقط من أعين الناس فيا إخوة شرفنا الله وإياكم بهذا العلم فلا نستبدل به وأعلانا وإياكم به فلا ننزل عن ما أعلانا الله سبحانه وتعالى به فإن هذاالعلم لا يوازيه شيء ولئن يهدي الله جل وعلا بنا رجلا واحدا خير لنا من حمر النعم كما جاء ذلك في حديث علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه " لئن يهديالله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " فيجب على الإنسان أن يكون حريصاعلى هداية الناس وعلى تعليم الناس " إن الله وملائكته يصلون علىمعلمي الناس الخير"، يصلون على معلمي الناس الخير وتعليم الناس الخير فيهذا الزمن يتحتم أكثر من غيره لأن الجهل المركب قد فشى كثير كثير كثير ، يكتبون ولايعرفون ماذا يكتبون ويقولون في شرع الله تبارك وتعالى مالا يعلمون ، هذا هو الجهل المركب يقول الشاعر قديما
قالحمار الحكيم توما لو أنصفوني لكنت أركب
لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب
كثير من الناس لا يدري ولا يدري أنه لا يدري ولذلك المثقفون ، المثقفون ، المثقفون ، لكن هذه الثقافة ما هي تنظر فيها وإذا بها لا شيءفإذا سمعت أهلها وصعّدت النظر وصوبته وقرأت لبعضهم فإذا بها ثقافة سمجة تدعو إلى مخالفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء ليسو أميين لا يقرؤون ولا يكتبون، لا لكنهم يقرؤون ويكتبون ويكتبون بلاء فالناس الآن في حاجة إلى التعليم للسنة والشريعة الغراء أكثر مما مضى فإن الجهل المركب اليوم كثير ، قديما كان الجهل البسيط كثير ولذلك سهل دعوة أصحاب الجهل البسيط ، الآن الجهل المركب هو الكثيرفستجد المعاناة ممن ينتسب إلى أنه متعلم أو إلى العلم وهو في الحقيقة ليس كذلك فهؤلاء تتعب معهم ولكن عليك أن تستعين بالله تبارك وتعالى ولا تأيس فإن الأمل في القلب يحيى به الإنسان والعلماء هم أكثر الناس أملا لأنهم ورثوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء عليه الصلاة والسلام ورجع من الطائف وجاءه جبريل ومعه ملك الجبال وقال هذا ملك الجبال معي يأتمر بأمرك فإن أردته أن يطبق على أهل مكة الأخشبين فعل قال عليه الصلاة والسلام لا إني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله وفي رواية من يعبدالله لا يشرك به شيئا فالإنسان بدون الأمل لا يعيش عليه أن يبذل وعليه أن يضحي وعليه أن يتوكل على الله وأن يدعو الله في أن يهدي ضال المسلمين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " لو علموا ما علم ما وقفوا منه هذا الموقف فعليه أن يتلطف معهم وأن يصبر عليهم وأن يوصل الخيرإليهم بشتى الوسائل التي يستطيعها فإذا رأى الناس منه ذلك ورأوا منه تعففه عنهم وبذله لهم وزهده في دنياهم عرفوا حينئذ صدقه أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإياكم جميعا من أهله وأوليائه الصادقين الناصحين كما أسأله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أنفسنا.
أيها الإخوة إن تعليم الناس للخير لا تكفي فيه مجرد الكلمةالوعظية بل لابد من إلقاء البذرة وتعهد ذلك بالسقى حتى تطلع وتشق هذه النواة الشجرةثم تتعاهدها فتقوى وهذا ما يكون إلا بالتعليم المستمر في كل مكان ينزل فيه العالم وطلبة العلم الحقيقيين ، لا يكون إلا بهذا فإن الكلمة العابرة تذكير وأما غرس دائم فهذا لا يكون إلا بالتعليم ولهذا هذه المدينة قبل عقود كيف كانت؟ فجاء الله إليها بالداعية المجاهد الذي جدد فيها عقيدة التوحيد الشيخ عبد الله رحمه الله القرعاوي فكان من أمره ما كان ، ما جاء محاضرة ومشى ولا مر عليها محاضرات في قراها وهجرها ومشى لا ، كان يعلم وإذا تعلم عنده من تعلم وتوثق منه في القدر الذي تصح به عقيدة الناس وعبادتهم أرسله إلى بلده معلما للناس لهذا الجزء فلما كان منه ذلك جاءت هذه الثمرة الطيبة المباركة ولكن لكل شيء ضعف بعد ذلك انتشر العلم والتعليم وحصل الضعف في هذه الآونة فطلبة العلم في هذه الأزمان ليسوا كطلبة العلم في الأولين ، أبدا لما؟ لأن الدنيا التي بسطت علينا اليوم لم تبسط على أولائك والنبي عليه الصلاة والسلامما خاف على أمته الفقر قال أما والله ما الفقر أخشى عليكم ولكنأخشى أن تبسط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم، جاء في حديث عبد الله بن عمر في المسند قال لقد أتى علينا زمان مايرى أحدنا أنه أحب بديناره ودرهمه في يده من أخيه ، كان إذا احتاجه دفعه إليه ولقدأتى علينا زمان يظن الناس فيه بالدينار والدرهم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ظن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة وأخذوا بأذناب البقر ورضوا بالزرع سلط الله عليهم ذلا لا ينزعه عنهم أحد حتى يرجعوا .
في السابق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما كنت تشغلهم الدنيا ديناره في يده لا يرى أنه أحق به من أخيه وهذا قد حكاه الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه قال الله جل وعز " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَ الْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْكَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
هذا حال الأنصار ، ما يرى أحدهم أنه أحق بديناه ودرهمه في يده من أخيه ، إذا احتاج إليه أخوه دفعه إليه ولكن كان الصدق أيضا ، فيه مواساة وفيه اقراض ، والإقراض مواساة ، لكن بعد ذلك لما جاء الكذب وعدم الوفاء ظن الناس بالدينار والدرهم أيضا فوقعوا في المقابل في العينة وهي نوع من أنواع الربا نسأل الله العافية والسلامة فالشاهد الدنيا إذا بسطت على الناس واشتغلوا فيها أهلكتهم نسأل الله العافية والسلامة.
فالواجب علينا جميعا يا معشر الإخوة أن نشتغل بالتعليم خصوصا نحن معاشر طلاب العلم في قرانا في مدننا في أحيائنا ولو درس تجعله لك اليوم تبدأ برياض الصالحين يوميا بعد العصر حديثين تنهيه بعد مدة تنتقل إلى عمدة الأحكام تقرأها على الناس تنهيها بلوغ المرام تنهيه وهكذا كتاب في الوعظ ، كتاب في التذكير بالآخرة ، تقرأ عليهم كل يوم خمس دقائق ولا تطيل على الناس ولو ما جلس إليك إلا رجل أو رجلان ينفعك الله سبحانه وتعالى بسببهم ،ينالك الأجر يهتدون على يديك خير لك من حمر النعم فكيف ولأنت لو بدأت ورأى منك الناس الصدق سيقبلون بإذن الله تبارك وتعالى ، يقبلون لكن أنت وطن نفسك منقعد قعد إليه من جلس جلس إليه والعلم لا يهلك حتى يكون سرا ، فإن عمر بن عبد العزيزرضي الله عنه كتب إلى الزهري اقعد للناس حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا. فيا إخوتي لابد من الحرص على تعليم الناس تعليهم ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم ، هذا الذي يبقى أما الكلمة العابرة ، نعم ينتفع الناس بها لمن أراد الله له الانتفاع ، لكن ليس كالتعليم فالتعليم هو الذي يبقى وأثره يبقى ونحن في هذه المنطقة بخير ، لا نزال العلماء موجودون قبل أن يذهبوا فتفقدوهم علموا وخذوا أبناءكم وإخوانكم الذين ينتهون على أيديكم من تحصيل ما عندكم إلى هؤلاء الأشياخ ، إذاتقدموا تجاوزوا إلى خمسة عشر ونحو ذلك خذوهم إلى الشيخ أحمد النجمي الشيخ زيد هنا يستفيدون منهم قبل أن يذهب هؤلاء فتتأسفون غاية التأسف ، فالواجب علينا جميعا أن نحرص ، مادام الله سبحانه وتعالى قد أوجد بين ظهرانينا العلماء ، فوالله إن الغبن كل الغبن هو عدم الاستفادة منهم ، وإذا ماتوا نسأل الله أن يمد في أعمارهم على طاعته ، كم من قائل سيقول للأسف فرطنا ، هذه حال الناس إذا فاتهم الشيء يقول للأسف فرطنا بينما هو بين أيديهم لا يعرفون قدره فأسأل سبحانه وتعالى أن يبصرنا وإياكم لما ينفعنا ، معشر الإخوة هذه المدينة ولله الحمد عامرة بطلبة العلم وعامرة بالمشائخ أنا أوصي نفسي وإخوتي هنا طلبة العلم أن يتفقدوا ما حولهم وقد سمعت من ذلكما يسر ، لكن أوصيهم بذل المزيد فإن الناس بحاجة ، نحن في هذا الزمان كما قلت العلم الشرعي وأهله قليل ، العلماء الحقيقيون الراسخون الذين يهدون بأمر الله وبه يعملون قليل قليل ، علماء السنة علماء الأثر قليل ما أقلهم في هذا الزمان ما أكثر من تصرموا أخذتهم يد المنون ، قبل سنوات قليلة جدا توفي عدد كبير من علماء السنة وحملة السنة المبلغون عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، نحن الآن نفتقدهم فالواجب علينا جميعا أن نحرص على أنفسنا في الاستفادة واستغلال من بقي بين أيدينا قبل أننقول فرطنا ، أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا جميعا الفقه في الدين والبصيرة في الثبات على الحق حتى نلقاه كما أسأله جل وعلا أن ينزع حب الدنيا من قلوبنا وأن لا يشغلنا بها عن ما خلقنا لأجله إنه ولي ذلك القادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان .
قال مقدم المحاضرة :
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
الحمد لله والصلاةوالسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد
فالحمد لله على هذه الكلمات النافعات والنابعة من القلب ولله الحمد والتي جاءت في حالة احتياج لها ونحن مقبلون على عام دراسي جديد وكذلك قد كنا في إجازة ماضية ذهبت فيها ساعات كثيرة مع الأسف الشديد ، الله أعلم كيف ذهبت ،ونحمد الله عز وجل على أن أبقى لنا هذه الفسحة من العمر والتي يكون فيها التذكير ولله الحمد والمنة ، تحدث فضيلة الشيخ جزاه الله خيرا في هذه الكلمة على أن الواحد منا قد أمن لنفسه ما يقول على أن فيه أمنت فيه لنفسي وقال الشيخ ما أمن فيه للجسد من متعة السكن والمركب والزوجة إلى آخره لكن فضيلة الشيخ ألمح إلى هل هو أمن بمايتعلق بإيمانه وعقيدته وروحه هل فكر في هذا تفكيرا جيدا وعميقا ؟ وهل خطط لهذا ألأمر ، كذلك بعد ذلك حثنا على طلب العلم الشرعي وأنه من أفضل ما يشتغل به الإنسان والناس كما قال علي رضي الله عنه إما عالم رباني وإما طالب علم وإما همل والعياذ بالله ، فطالب العلم هو الذي يسير في الطريق الصحيح والذي حتما سيفضي به إلى ما يرضي ربنا عز وجل ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة إما هذا الطريق إماهذا السلوك إما أم يكون سلوكا حقيقا بأن يذهب إلى دور العلم وإما أن يكون سلوكا معنويا وهو أن يتخذ الوسائل المعينة على طلب العلم من التقى والزهد والورع فكل هذامن أسباب طلب العلم كذلك حث فضيلة الشيخ على دعوة الناس للخير وكذلك بين لمن شرفها لله سبحانه وتعالى بالعلم النافع العلم الشرعي الصحيح أن لا يترك هذا الشرف وهذا الوسام الذي شرفه الله به وأن لا يلقيه عنه جانبا وأن يشتغل بأمور الدنيا بل عليه أن يهتم بهذا الأمر وأن لا يكون حاله كما ذكر فضيلة الشيخ بعد فترة من زمن يكون يتساوى مع العامة كذلك عرج على ما من الله به علينا في هذه المنطقة الجنوبية من دعوة العلامة والمجدد والداعية الكبير الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوي رحمه الله وهو المجاهد رحمه الله رحمة واسعة ، والحديث عنه وعن طلابه حديث يطول وكذلك حذر من أن ننشغل بالانبساط في أمور الدنيا فإننا في هذا الزمن ولله الحمد قد كثرت علينا الخيرات من المطاعم والمشارب والمآكل والملابس وكل هذه الأمور إذا انشغل بها الإنسان وانبسط إليها فإنها تؤثر على عقيدته وعلى دينه ، فجزاه الله خيرا على هذا التذكير الذي مما لا شك فيه أنه أثار في نفوسنا أشياء كثيرة وبخاصة طلاب العلم والذين شرفهم الله سبحانه وتعالى بالفقه في دين الله عليهم أن يتفقدوا أنفسهم وأبناءهم وأزواجهم ومن تحت أيديهم وأن يكونوا كما ذكر فضيلة الشيخ حكماء في ذلك كما هي العادة الأسئلة التي تتعلق بهذه المحاضرة سوف نطرحها إن شاء الله .
يقول فضيلة الشيخ : هل هناك شروط شرعية على طالب العلم أن يتبعها عند طلبه للعلم وجزاكم الله خيرا؟
الشيخ حفظه الله : نعم هناك أمور لابد منها في طلب العلم فإن طلب العلم عبادة بل طلب العلم أفضل من نوافل الصلاة والصيام والجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ، كان عبد الله بن وهب رحمه الله في مجلس الإمام مالك ابن أنس رحمه الله فلما نادى المنادي للصلاة ...لم لم كراريسه وقام فقال له مالك يا ابن وهب ، قال السنة يا إمام ، قال والله لما كنت فيه أفضل مما قمت إليه ، طلبك للعلم أنت جالس الآن واستعجلت ، قمت إلى آداء السنة قبل الفريضة وهذه ليست لازمة في هذا الوقت فالشاهد عنده متسع يكمل المعلم ثم قم ، فهذا من حرصه رحمه الله ، فأدبه مالك قال : والله لما كنت فيه أفضل مما قمت إليه ، فالشاهد لابد للإنسان أن يعرف هذا العلم فيأتيه من بابه فأول ما يجب على طالب العلم في طلبه أن يطلبه لوجه الله تبارك وتعالى خالصا ، يصحح النية هذا أول واجب عليه في طلب العلم لأن من طلب العلم لله انتفع وارتفع ومن طلبه للدنيا لم ينتفع به ، نسأل الله العافية والسلامة ، فأول مايجب عليه تصحيح النية فإن هذا العلم عبادة كما قلنا والله جل وعلا يقول " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة " ويقول النبي صلى الله عليه وسلم من طلب علما مما يبتغى به وجه الله لا يطلبه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحةالجنة، وفي ذلك أيضا أحاديث كثيرة ومن طلب العلم الشرعي للدنيا هو أحد الثلاثة الذين أول ما تسجر بهم جهنم كما جاء ذلك في الحديث الصحيح ( يؤتى بقارئ القرآن الذي قرأه فيقول الله سبحانه وتعالى له ما عملت فيه فيقول يا رب قرأت القرآن وأقرأته فيك فيقول الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت بل قرأته ليقال قارئ وقد قيل ثم يأمر به فيلقى على وجهه في النار والعياذ بالله فهذا اول ما يجب على الإنسان ، فإذا صحح النية ينطلق بعد ذلك إلى الأمر الثاني وهو أخذه للعلم على أهله فكم من الناس من يدعي أنه من أهل العلم ولكن إذا نظرت إليه تجد دعواه في جانب وحقيقتة في جانب آخر والإنسان في هذابين أمرين إما أم يكون عارفا لهذا الإنسان بنفسه أو يسأل عن ذلك من يثق بدينه وأمانته وعلمه هل يطلب على فلان أو على فلان أو على فلان وإن العبد إذا حرص على ذلك سيدله الله سبحانه وتعالى ويرشده ويسير له.
ثالثا : عليه أن لا يتعجل ، عليه أن لا يعجل فإن الله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن في ثلاث وعشرين سنة ، قال تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيل ) فلابد من الصبر ، أما أن تريد في يوم وليلة تصبح شيخ أو داعية كما هو الحال في هذه الأزمان كثير ممن يخرج يتعجل أن يكون داعية يشار إليه بالبنان وهذه مصيبة ،نعم عليه أن يصبر سنة سنتين لا ، عليه أم يصبر حتى يتعلم وإذا تعلم فإنه حينئذ سيحس من نفسه أنه قد أصبح متأهلا أو غير متأهل فلابد من الصبر .
رابعا : عليه أن يحرص على طول المصاحبة لأهل العلم لابد من أن يحرص على طول المصاحبة ،استعجل أبو يوسف مفارقة حلقة شيخه الإمام أبو حنيفة رحمهما الله جميعا فعرف منه أبوحنيفة ذلك فأرسل إليه سائلا يسأله في مسألة وضعها له يختبره اختبار فقال قل له إن أجابك بنعم قد أخطأت وإن أجابك بلا فقد أخطأت الثنتين كلها خطأ فسأله عن المسألة وهوالثوب في القصارى معروف عند العلماء ، فأجاب أبو يوسف أولا نعم قال له أخطأت أجاب الثانية بلا قال أخطأت عرف أن هذا ليس بالسائل وإنما هو رسول قد دس إليه يقول أبو يوسف فأدركت ذلك من نفسي فانتظرت حتى تفرق من حولي ثم عدت من غد لحلقة أبي حنيفة فقال له أبو حنيفة يا يعقوب يا أبا يوسف إنك إن صبرت على ما أنت عليه اليوم لتأكلن به غذا الفالوذج بزيت الفسق على موائد الملوك وفعلا صبر فكان رئيس القضاة لبني العباس في الخلافة الإسلامية ويقال والله أعلم بهذه القصة وصحتها لكن هي مذكورة سبب ذلك أن الخليفة يقولون أو وزير من وزرائه أنا نسيت دخل مهجعه فوجد منيا على سريره ولم يعرف ذلك فوقع في نفسه كيف يجد هذا على أريكته على لحافه فطلب من كانقريبا منه ممن يفتيه فلم يجد عندهم فتوى فسأل ـ وأظنه الخليفة ـ نعم هو الخليفة الرشيد فسأل فقال هل بقي من يسأل قالوا نعم هناك فتى من تلاميذ أبي حنيفة فجيء به فسأله قال أأرى المهجع قال نعم قال فأدخله فنظر فيه ثم صعد نظره إلى الأعلى فرأى أثرا في السقف فقال يا أمير المؤمنين إنما هذا بول الوطواط فقد ذكروا أن بوله ثقيلا يشبه مني الرجال فهل دخل الوطواط الحجرة فنظر الخليفة إلى أعلى كما نظر أبو يوسف ثم جاء بمن ينظر في الأثر فوجدوه الوطواط فجعله رئيس قضاة الخلافة فالشاهد تحققت مقالة أبي حنيفة فالصبر واليقين به تنال الإمامة في الدين لابد من الصبر فعلى الإنسان أن لا يعجل وعليه أن لا يحدث بحضرة من هو أولى منه لكن لو كان في قريته أو أذن له أشياخه بالإقراء فلا بأس بذلك لأن الأشياخ لا يأذنون إلا لمن يرون فيه الأهلية فعلى الإنسان أن لا يعجل.
وعليه رابعا أن يأخذ العلم على الوجه الصحيح بالتدرج يبدأ بالأصول المختصرة وشروحها ثم المتوسطة وشروحها ثم المتوسعة وشروحها وبعد ذلك سيجد ذلك من نفسه ويجد التأهل من نفسه ، نعم
ومالك رحمه الله يقول ما أفتيت حتى شهد لي سبعون من علماء المدينة أنني أهل للفتوى وسفيان ابن عيينة يقول ما قعدت ههنا حتى قال لي نحو من أربعين اجلس فقلت كيف أجلس وفي البلد فلان وفلان قالوا اقعد فإنك من أحفظ الناس لحديث الزهري فهذا هوالسبب ، يعني ذهب أشياخه وكان من أعرف الناس بهم خاصة الزهري والزهري يدور عليه حديث الحجاز في زمانه فقالوا اجلس فإنك من أعلم الناس بالزهري.
قال مالك قالوا إنك لا تقل عن مالك فقعد في مكة وكان قبله عطاء وغيرهم وغيرهم رحمهم الله تعالى.
فلابد من عدم الاستعجال .
جزاكم الله خيرايقول السائل : بما تنصحون طالب العلم المحب للحديث حتى يتدرج في هذا العلم الشريف من حفظ لمتونه وقراءة لشروحه.
الشيخ حفظه الله : أول ما أنصحه به بعدأن يحصل العلوم العامة إذا جاء إلى الحديث أن يقرأ كتابا مختصرا في اصطلاح علوم الحديث.
واقرأ كتابا يفيد الاصطلاح به.
يقول شيخ شيوخنا في نظمه رحمه الله فلابد من قراءة كتاب تعرف به أصول مصطلح الحديث ، ومن أحسن الكتب النخبة مع شرحها النزهة فإنها مختصرة جامعة مباركة ولا تعدل عنها إلى غيرها وعليك بقرائتها على العارف المتقن لهذا الفن فهي مختصرة وإذا أتقنتها مع معرفة الأمثلة عليها انتقل بعد ذلك إلى التقريب تقريب النووي المختصر من كتاب علوم الحديث لابن الصلاح مع شرحه التدريب فإذا أنقنت ذلك والتدريب سهل وعبارته واضحة وميسورة ولله الحمد فإذا اتقنت ذلك فلا ضير عليك بعد ذلك أن تقرأ في مثل توضيح الأفكار للصنعاني في شرح تنقيح معاني الأنظار لابن الوزير وكذلك بعد تقرأ في كتاب فتح المغيث في شرح ألفية الحديث لكن التدرج هو هذا الذي ذكرت وهذا فيما يتعلق بعلوم الحديث وقواعده أما ما يتعلق بالحكم على الأسانيد فهذا بابه باب آخر هذا يحتاج إلى أن تأخذ عمود علم المصطلح الذي قامت هذه الحواشي كلها لأجله ألا وهو مبحث الجرح والتعديل ، فإذاجئت إلى مبحث الجرح والتعديل هذا هو أخطر شيء في مصطلح الحديث ، مراتب الجرح ومراتب التعديل معرفة من تقبل روايته ومن ترد روايته ولا تأخذه إلا على الحاذق ليس كل مدرس المصطلح يتقن هذا الباب لا تأخذه إلا على الحاذق ولأن هذا يحتاج فيه الدارس إلى مدرس يعاني ويعالج هذا الباب عمليا فقد يأت الإنسان ويدرس هذا المبحث الخطير على من عنده معلومات نظرية فيقع عنده شيء من القصور ، لكن من يتعاطاه عمليا يصحح ويضعف ويخرج الطرق ويسبر الطرق ويجمع الطرق في المدار ويعرف المخالفة متى تقبل متى ترد الشاذ متى يكون شاذا متى يكون منكرا متى يكون محفوظا متى يكون معروفا متى يكون معلولا متى يكون مرسلا خفيا متى يكون مدلسا متى يكون متصلا متى يكون منقطعا وظاهره الاتصال ، هذا لا يأتي إلا بالمعاناة العملية ، المعاناة العملية لمن يشتغل بالتخريج تخريج هذه الأحاديث ، ثم قبل أن يدخل في دراسة الأسانيد لابد أن تكون عنده قواعد التخريج فلا أقل من أن يحفظ القواعد الخمس ، الطرائق الخمس للتخريج التي اشتهرت عند المحدثين واشتهر غيرها لكن هذه الخمس أمهات لابد أن يعرف كل احدة ومايندرج تحتها من كتب وماذا يتعانى به فيها وعلى أي وجه يخرج بها والكتب المندرجة تحت هذا ، الأصيلة والبديلة ، هذا باب لابد أن يتقنه قبل أن يدخل إلى باب تطبيق الجرح والتعديل وحينئذ سوف يتقن بإذن الله تبارك وتعالى ، ثم هذا الاتقان لابد أن يحافظ عليه بالمعاناة والمعالجة ومزاولة التخريج ودراسة الأسانيد لأنه إذا اشتغل به سيجد حلاوته ولذته ، يذهب الليل كله عليه لا يحس به ويذهب النهار عليه لا يحس به إذا شرع فيه ، نعم.
جزاكم الله خيرايقول فضيلة الشيخ ما هي أفضل الكتب التي يوجد فيها ما يعلمنا أمور ديننا بكل يسروسهولة وشكرا؟
الشيخ حفظه الله : كتاب الله رأس ذلك كله فهو أصل الدين ثم سنة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأبواب اقرأ القرآن ثم تفسيرا مختصرا لهوأحسن كتاب أنصح به نفسي وإخوتي اختصار تفسير ابن كثير للعلامة الشيخ أحمد شاكررحمه الله وقد كان قبل مطبوعا ناقصا وأزف لكم البشرى بأنه قد تم ولله الحمد الموسوم بعمدة التفسير هذا طبع قديما إلى سورة الأنفال أو التوبة في حياة مؤلفه وبعد مماته في سبعة أجزاء في مصر والباقي ما وجدوه ولكنه وجد مؤخرا فطبع طبعة جميلة مختصرة يعني مظبوطة حروفها صغيرة ليست كالطبعة القديمة حروفها كبيرة فصارت سبع مجلدات لا لكنها طبعة صغيرة في ثلاثة مجلدات وهذا الاختصار لابن كثير أجمل اختصار رأيته فإنني قد وقفت على اختصارات لابن كثير تبلغ عشرة هذا أجمل شيء وأحسن شيء لأن ابن كثير محدث رحمه الله فقيه والشيخ أحمد شاكر محدث فقيه رحمه الله ومما ذكره في مذكره فيالاختصار أولا أنه يحذف المكرر من الأحاديث ثانيا يحذف المنكرات والضعيفاتوالموضوعات ثالثا يحذف الإسرائليات رابعا يحذف الأسانيد لأن ابن كثير قال الإمام أحمد في مسنده ويسوق إسناده ، قال سعيد ابن منصور ويسوق اسناده ، قال ابن مردويه ويسوق اسناده ، فهو يحذف الأسانيد لأن الناس لا حاجة لهم بهذا إلا صاحب الاختصاص إلا أصحاب الاختصاص فيحذف هذا هذه أربعة خامسا إذا جاء إلى الروايات المطولة وابن كثير قد يسوق أحيانا الحديث صفحة أو صفحتين أو صفحة ونصف يحذفها ولا يبقي إلا ماذا؟ لا يبقي إلا موضع الشاهد ، سادسا إذاكانت في المسألة أحاديث أوردها الحافظ ابن كثير كلها فإنه يختارأجمع لفظ ويشير إذا كانت هناك ألفاظ أخرى في روايات أخرى يأتبها فقط. سابعا إذا جاء إلى الأشعار فإنه يحذف المكررمنها ولا يبقي إلا واحدا أو اثنين يفي بالغرض . ثامنا : كذلك في توسع الحاقظ ابن كثير أحيانا في اللغة والاشتقاق فإنه يحذف ذلك منه المكرر والكثير ولا يبقي إلا القدر الذي يشتشهد به ويصلح لأن يكون شاهدا ثم ...مشى الكتاب كله فكان كتابا جميلا والفائدة العظيمة حكمه أيضا على الأحاديث ، فقد يقول قائل كيف الكتاب أربعة مجلدات والمختصر ثلاثة مجلدات، المختصر لولا هذه التعليقات التي من أسفل من خدمة النصوص والأحاديث التي يحتاج إلى خدمتها لما وصل إلى هذا العدد ولكن هذه الخدمة طيبة جدا فيأخذ الآخذ به وهومطمئن فهو أحسن من اختصار الرفاعي وغيره وأما الصابوني فلا يصلح في هذا الباب لأنه لا يؤمن على الكتاب ، فأنا أنصح بأن يكون المرجع هذا الكتاب فحينما يقرأ فيه الإنسان فإنه سيستفيد فائدة عظيمة جدا جدا بإذن الله تبارك وتعالى . نعم.
بقي سؤالان في نهاية هذه المحاضرة
يقول ظهر في هذا الزمان بالإعجاز العلمي للقرآن فما رأيكم في هذا ؟
الشيخ حفظه الله :هذا من قديم الاعجاز العلمي للقرآن الكريم من قديم والشاهد أن هذا الكتاب هو معجز ، معجز في ألفاظه ، معجز في أحكامه ، معجز في معانيه التي تضمنها واحتواها لا شك في ذلك ولا ريب ولكن الواجب أن لا نفسر القرآن بهذه الاكتشافات فقد تصح هذه الاكتشافات الآن وقد لا تصح غدا ، فيأني اليوم الإنسان بنظرية ويقول القرآن وهذه الآية تفسير لهذا ويأتي غدا مكتشف ويقول لا هذا الاكتشاف غلط الصواب كذا فكتاب الله جل وعلا أعلى وأجل من أن يفسر بهذه الاكتشافات ، أولى مافسر به القرآن القرآن ثم صحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبار الصحابة وأقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم لأنهم عاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وشاهدوا التنزيل وسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تبليغه عن الله تبارك وتعالى وهم أفقه الناس وأعرف الناس بمراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفصح الناس أيضا وأعرف الناس بلغة القرآن هذه التي نزل بها هذا الكتاب العظيم فلابد من أن يكون المرجع إليهم ثم بعد ذلك وجوه كلام العرب التي نزل بها هذا القرآن، هذه الوجوه التي يفسر بها كتاب الله تبارك وتعالى أما أن يجعل هذه الاكتشافات المسماة بالاعجازات العلمية تجعل تفسيرا لكتاب الله تبارك وتعالى هذا لا ينبغي بل لايجوز لأنه الآن تصدق النظرية وغدا يأتي آخر ويقول هذه النظرية باطلة فكتاب الله يجل ويصان عن مثل ذلك والاعجاز عندنا مستقر أن هذا الكتاب معجز في ألفاظه ومبانيه ومعانيه وأحكامه " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَاالْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا " فهذا الكتاب معجز لا نشك فيه ذلك فإذا حصلت هذه الاكتشافات العلمية ووافقت ما قاله ربنا تبارك وتعالى وما قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل حديث الصادق المصدوق إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ....إلى آخر الحديث فالحمد لله وإذا لم توافق فنحن مطمئنون ومصدوقل كلام الله تبارك وتعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نحتاج لهما شاهد يشهد على صدقهما . نعم .
هذا سائل عبر الشبكة من فرنسا يقول أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ هل نتوقف عن الدروس في شهر رمضان ونركز على حفظ القرآن الكريم :
فأجاب الشيخ حفظه الله :
هذا سؤال وجيه ويرد دائما شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان كما قال ربنا تبارك وتعالى ولكن بعض الناس يظن أن شهر رمضان شهر كسل هذا غير صحيح ، شهر رمضان شهر نشاط واجتهاد وجهاد في العبادة وفي سبيل الخير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة بالعطا ، كان أجود مايكون في رمضان , رمضان شهر بذل ، شهر عطا و تضحية ، وكم من المعارك كانت في الإسلام كانت في رمضان وأولها يوم الفرقان يوم بدر ، الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله وأذل فيه الكفر وأهله وكذلك فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجا ، كان في شهر رمضان فشهر رمضان ليس شهر كسل ونوم هذا غير صحيح كما أنه بعض الناس يظن أنه يقتصر علىقراءة القرآن نقول نعم قراءة القرآن في رمضان أنعم بها وأكرم ، نعم لكن ما يمنع كذلك من العلم ، وما يروى عن الإمام مالك من أنه كان إذا دخل رمضان طوى الموطـأ وعلقه وأقبل على القرآن هذا لايصح ، هذا لا يصح عن الإمام مالك وكم من المحدثين وكم من العلماء يعملون في رمضان ، لكن قد يقلل الإنسان في رمضان من هذا الباب اشتغالا بجانب الطاعة لنفسه فيجعل له في هذا وردا لا يفرط فيه لكن لا يترك أيضا إيصال الخيرإلى الناس وتعليم الناس ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم بل تعليمهم ما يتوجب عليهم إذا كان لا يوجد في البلدة إلا هو فإنه لا يجوز له أن يترك تعليم الناس وإفادة الناس وقضاء حوائج الناس إن كان ممن يحتاج الناس إليه فعليه أن يصبر في هذا وهو مأجور على ذلك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نعم يعتني بالقرآن مزيدا في هذا الشهر المبارك ولا أقل لطالب العلم من أن يكون معه في هذا الشهر مع قراءة القرآن أقل شيء لو أراد أن ينصرف عن بقية أنواع العلوم أقل شيء أن يختم مع قراءةالقرآن تفسيرا لهذا القرآن فينسلخ الشهر وقد ختم القرآن وفهم معانيه،فهم معانيــه يختم معه تفسيرا كتفسير ابن كثير أو مختصره هذا الذي ذكرتُ أو تفسير البغوي، واليوم عندنا تفريط كثير في قراءة التفسير ، عندنا اليوم تفريط كثيرفي قراءة التفسير ، هذا الجانب فيه ضعف عندنا نحن معاشر طلبة العلم ، فينبغي لنا أن يكون مع القرآن في هذا الشهر إن قل يعني الإقبال على تعلم العلوم الأخرى وتعليم العلوم الأخرى أن يكون مرافقا للقرآن في شهر القرآن تفسير القرآن فينسلخ الشهر وقد انسلخ الإنسان من قراءة كتاب كامل على هذا الكتاب المبارك والله أعلم .نعم
جزاكم الله خيرا هذا وصلىالله على محمد وآله وصحبه أجمعين
---------------------------------
منقول من شبكة سحاب السلفية