منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الفقه وأصوله


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي أ/أحمد مخالفة
أ/أحمد غير متواجد حالياً
 
أ/أحمد
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : Apr 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,285 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي صفة صلاة الخسوف/مجموع من أهل العلم

كُتب : [ 12-11-2011 - 01:09 AM ]

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

كيفية صلاة الخسوف

حدثونا لو تكرمتم عن صلاة الخسوف، وعن كيفيتها؟

صلاة الخسوف ويقال لها صلاة الكسوف بينها النبي صلى الله عليه وسلم بفعله عليه الصلاة والسلام، وهي سنة مؤكدة إذا كسفت الشمس أو خسف القمر سواء ذهب النور كله أو بعض النور فإن السُّنَّة أن يصلي المسلمون ركعتين، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان هذا هو أصح ما ورد في ذلك، يصلي المسلمون في أي وقت حتى ولو بعد العصر -على الصحيح- متى وقع الكسوف ولو في وقت النهي، السنة أن يصلى أن تصلى صلاة الكسوف، وهي ركعتان تشتملان على قراءتين وركوعين وسجدتين في كل ركعة، فإنه صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس في عهده صلى الله عليه وسلم لما مات إبراهيم كسفت الشمس فقال بعض الناس إنها كسفت لموت إبراهيم، فخطب الناس عليه الصلاة والسلام وقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته -يعني لا لموت إبراهيم ولا لغيره- وإنما هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر وإلى دعائه واستغفاره) وفي الحديث الآخر: (فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم). وفي اللفظ الآخر: (فادعوا الله وكبروا وتصدقوا)، وأمر بالعتق عند الكسوف وصلى بالناس ركعتين، كبَّر عليه الصلاة والسلام قرأ الفاتحة ثم قرأ قراءة طويلة، قال ابن عباس: تقدر بنحو سورة البقرة، ثم ركع وأطال الركوع، ثم رفع وقرأ قراءة طويلة أقل من الأولى، ثم ركع ركوعاً طويلاً أقل من الركوع الأول، ثم رفع وأطال دون الإطالة الأولى، ثم سجد سجدتين طول فيهما عليه الصلاة والسلام، ثم قام وقرأ وأطال لكن دون القراءة السابقة، ثم ركع فأطال لكن دون الركوعين السابقين، ثم رفع وقرأ دون القراءة السابقة ثم ركع ركوعاً رابعاً وأطال لكن دون الركوع الذي قبله. ثم رفع فأطال لكن أقل من الذي قبله ثم سجدتين طويلتين -عليه الصلاة والسلام-، ثم تشهد قرأ التحيات وتشهد .... ثم سلم وخطب الناس، خطب الناس ووعظهم عليه الصلاة والسلام، وأخبرهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، وقال: (إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم) وأمر بالصدقة والعتق عليه الصلاة والسلام، وأمر بالاستغفار والذكر، هذه السنة، حتى تنكشف الشمس والقمر، والسنة الخطبة بعد ذلك، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، إذا صلى الإمام يخطب الناس ويذكرهم ويبين لهم أحكام صلاة الكسوف ويحذرهم من المعاصي والشرور، ويدعوهم إلى طاعة الله عز وجل، ويرغبهم في الصدقة والعتق، والإكثار من ذكر الله عز وجل والاستغفار، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الكسوف أنه عرضت عليه الجنة والنار وهم في الصلاة فتقدم لما رأى الجنة لما عرضت عليه الجنة فتقدم وتقدمت الصفوف حتى حاول أن يأخذ منها عنقوداً من العنب قال: (لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا!). ثم عُرضت عليه النار عليه الصلاة والسلام فتأخر وتأخرت الصفوف وقال: (رأيت فيها) -أي في النار- (عمرو بن لحي الخزاعي) -رئيس أهل مكة في الجاهلية- (يجر قصبه في النار) -يعني يجر أمعاءه في النار، نعوذ بالله- (لأنه أول من سيَّب السَّوائب وغيَّر دين إبراهيم)، يعني سيب السوائب للأصنام من بقر وغنم للأصنام لا تركب ولا تحلب، وأول من غير دين إبراهيم في عبادة الأصنام ودعائها من دون الله؛ فلهذا صار عذابه شديدا، ورآه النبي صلى الله عليه وسلم يجر أمعاءه في النار -نسأل الله العافية- قال: (ورأيت فيها امرأة تعذب بهرة حبستها لا هي أطعمتها وسقتها حين حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) فعذبت بها، هذا يدل على أنه ما يجوز تعذيب الحيوان، لا الهر ولا الكلب ولا الدجاج ولا الحمام ولا الإبل ولا البقر، لا تعذب، بل إما أن يعلفها ويقوم بواجبها وإلا يبيعها إذا أحب البيع أو يطلق سراحها تأكل من أرض الله، أما حبسها وعدم إطعامها وإسقائها هذا ظلم لا يجوز، حتى ولو هرة! حتى ولو كلب، لا يجوز لأنه ظلم، فإذا كان هذا في هرة أو كلب ونحو ذلك فكيف بالذي يحبس المسلم بغير حق ويظلمه أو يتعدى عليه بقتلٍ أو غيره؟! يكون ذنبه أعظم وجريمته أكبر وعذابه أشد، نسأل الله العافية. قال: (ورأيت فيها سارق الحجيج) بـ.....، كان في الجاهلية بعض الناس يسرق الحجاج، معه عصا محنية الرأس مثل .... كان يمر حول الحجيج حول أمتعتهم يجر من أمتعتهم ب.... ما أمكنه، (فإذا فطنوا له قال: تعلق بمحجني!) ما قصدت، (وإذا لم يفطنوا له هرب بذلك الشيء) وأخذه، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم يعذب في النار بمحجنه الذي كان يسرق به الحاج، والعياذ بالله، فهذا يوجب الحذر من السرقة والدعوة إلى الشرك وتعذيب الحيوانات وغير هذا من المعاصي، فإنها من أسباب العذاب في النار، نسأل الله العافية. فالواجب على المؤمن أن يحذر ظلم الناس، وظلم الحيوان وأخذ الأموال بغير حق، سواء غصباً أو سرقةً أو خيانة، يجب الحذر من ذلك.

كيفية إكمال صلاة الخسوف أو العيدين لمن فاته بعضها






إذا أراد شخص أن يُكمل ما فاته مثلاً في صلاة العيدين أو الكسوف أو الخسوف، فهل يكملها كما في حكم الصلوات المفروضة، أو يختلف الأمر هنا؟

في صلاة العيد وصلاة الجمعة يكملها على هيئتها في صلاة الجمعة كصلاة الجمعة، وفي صلاة العيد كصلاة العيد يكبر ثلاث التكبيرات المشروعة أفضل وهي خمس في الأخيرة إذا فاتته الأولى من العيد صارت الثانية هو أول صلاته فإذا قضى فيكبر خمساً أفضل في القضاء، وإن لم يكبر الخمس واكتفى بالواحدة التي ينهض بها من السجود فلا بأس ولا حرج عليه ولكن كونه يقضيها على حالها يكون هذا أفضل، يقضيها على أنها صلاة عيد هذا هو الأفضل وإن قضاها كسائر الصلوات ولم يأتِ بالتكبيرات التي في أولها واكتفى بالتكبيرات التي يقوم بها من جلوسه بعد سلام إمامه هذا لا بأس به ولا حرج، أما الكسوف فيصليها كما شرع الله بركوعين بقراءتين وركوعين وسجودين فإذا فاتته الركعة الأولى صلاها كما صلاها الإمام بقراءتين وركوعين وسجدتين؛ لأنه مشروع له أن يصلي كما أمره الله والرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك أمر المسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف بقراءتين وركوعين وسجودين كما فعل عليه الصلاة والسلام فإنه قال: (فإذا رأيتموهما فصلوا) وقد فسر ذلك بفعله عليه الصلاة والسلام فصلاها ركعتين بقراءتين وركوعين وسجدتين في كل ركعة، فالسنة لنا أن نصليها كما صلاها عليه الصلاة والسلام.

الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

وجوب أداء صلاة الكسوف - صفة صلاة الكسوف
http://www.binothaim...180/a0180-15.rm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً و قدره منازل قسم عباده إلى قسمين فمنهم مؤمن ومنهم كافر وعلى الله قصد السبيل ومنهم جائر وأشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العزيز القاهر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أتقى مأمور وأهدى آمر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الألباب والبصائر وعلى التابعين لهم بإحسان ماآمن بالحق موقن وشك فيه حائر وسلم تسليما .
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروا نعمته عليكم بما سخر لكم من مخلوقاته فقد سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وأتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار سخر لكم الشمس والقمر لقيام مصالحكم الدينية والدنيوية والفردية والجماعية فكم من مصلحة في تنقل الشمس في بروجها وتعاقب الفصول وكم من مصلحة في ترددها في شروقها وغروبها في بزوغها والأفول وكم من مصلحة في تنقل القمر في منازله ومعرفة السنين والحساب في إبداره وإهلاله فقد جعل الله الشمس والقمر آيتين من آياته الدالة على كمال علمه وعزته وتمام قدرته وحكمته تسيران بأمر الله تعالى سيرهما المعتاد الشمس ضياء وسراج وهاج والقمر نورٌ مضيءٌ لظلمة الليل للعباد فإذا أراد الله تخويف عباده كسفهما بأمره فأنطمس نورهما كله أو بعضه بما قدره من أسباب تقتضي ذلك يقدر الله تعالى ذلك تخويفاً للعباد ليتوبوا إليه ويستغفروه ويعبدوه ويعظموه عباد الله إن الكسوف في الشمس أو في القمر تخويف من الله لعباده يخوفهم من عقوبات قد تنزل بهم انعقدت أسبابها ومن شرورٍ مهلكةٍ انفتحت أبوابها إن الكسوف نفسه ليس عقوبة ولكنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يخوف الله به عباده) فهو تخويف من عقوبات وشرور تنزل بهم إذا خالفوا أمر الله وعصوه ولقد ضل قوم غفلوا عن هذه الحكمة ولم يروا في الكسوف بأساً ولم يرفعوا به رأساً لا يرجعون إلى ربهم بهذا الإنذار ولا يقفون بين يديه بالذل والانكسار قالوا هذا الكسوف أمرٌ طبيعي يعلم بالحساب فوالله ما مثل هؤلاء إلا مثل من قال الله عنهم من الكفار المعاندين (فإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم) ما أدري عن هؤلاء الذين لم يرفعوا رأساً للكسوف ولم يبالوا به ما أدري عنهم أهم في شك مما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجعوا إلى سنته فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ثبوتاُ لا شك فيه في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما إذاً فهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: يخوف الله بهما عباده هل قال ذلك على الله من تلقاء نفسه هل قال ذلك جاهلاً بما يقول كلا والله ما تقول ذلك على الله ولا قاله جاهلاً بمعناه ونحن نشهد الله عز وجل ونشهد كل من يسمعنا من خلقه أن ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حق وأنه ما كذب ولا كُذب وأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله تعالى وبحكمته وأنه صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لعباد الله وأصدقهم قولاً وأفصحهم بياناً وأهداهم سنةً وطريقا فصلوات الله وسلامه عليه يا سبحان الله كيف يليق بمن يؤمن بالله ورسوله وهو يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن الكسوف: إن الله يخوف به عباده ثم يقول هذا الرجل كيف يكون التخويف بالكسوف وهو أمر يعرف بالحساب إن هذا التساؤل لا يرد أبداً على وجه اعتراضي في أمر صح عن رسول الله صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن على المؤمن أن يسلم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم تسليما كاملا فيعلم علماً يقيناً أن ما صح عنه لا يمكن أن يخالف الواقع فإنما يظن المخالفة من قل نصيبه من العلم والإيمان أو ضعف فهمه فلم يقدر على التوفيق بين نصوص الشريعة والواقع ونحن نقول لمن تسائل عن ذلك نقول له إن كون الكسوف أمر يعرف بالحساب لا ينافي أبداً أن يكون حدوثه من أجل التخويف فلله تعالى في تقدير الكسوف حكمتان حكمة قدرية يحصل الكسوف بوجودها وهذه معروفه عند علماء الفلك وأهل الحساب ولم يبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الجهل بها لا يضر وحكمة شرعية وهي تخويف العباد وهذه لا يعلمها إلا الله عز وجل أو من أطلعه الله عليها من رسله فهل باستطاعة أحد أن يعلم لماذا قدر الله الكسوف إلا أن يكون عنده وحي من الله تعالى بأنه قدره لكذا وكذا وهذا هو ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : يخوف الله بهما عباده وهذا يبطل ظن من ظن من الجهال أن الكسوف أمر طبيعي إذ لو كان أمر طبيعياً لكان منتظم دورياً كل ثلاثة شهور أو ستة شهور أو سنة أو سنتين مثلاُ ونحن نشاهد أن الكسوفات تتفاوت ويتفاوت ما بينها فتارة يكون الكسوف في السنة مرة وتارة يكون في السنة مرتين وتارة يكون في السنتين مرة أو أكثر من ذلك أو أقل وتارة يكون على أرض وتارة يكون على أرض أخرى وتارة يكون جزئياً وتارة يكون كلياً وتارة تطول مدته وتارة تقصر ولو كان أمراً طبيعياً لم يكن مختلفاً هذا الاختلاف كما لا تختلف الشمس في منازلها في البروج ولا يختلف القمر في منازله عند الإهلال و الإبدار، أيها المؤمنون بالله ورسوله إن الكسوف حدث خطير وتنبيه من الله لعباده وتحذير فلقد كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة مرة واحدة فقط ففزع لذلك فزعاً عظيما وقام إلى المسجد وبعث منادي ينادي الصلاة جامعة فاجتمع الناس وصلى بهم صلى الله عليه وسلم صلاة غريبة لا نظير لها في الصلوات المعتادة كما أن الكسوف لا نظير له في جريان الشمس والقمر المعتاد فهي آية شرعية لآية كونية صلاها النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين في كل ركعة ركوعان وقراءتان يجهر بهما صلاها بدون أذان ولا إقامة فكبر وقرأ الفاتحة ثم قرأ سورة طويلة نحو سورة البقرة ثم ركع ركوعاً طويلاً جداً قدره بعض أهل العلم بأن يسبح مائة مرة ثم رفع رأسه و قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم قرأ قراءةً طويلة دون الأولى ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الأول ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وقام قياماً طويلاً نحو ركوعه ثم سجد سجوداً طويلاً نحو ركوعه ثم جلس بين السجدتين جلوساً طويلاً نحو سجوده ثم سجد سجوداً طويلاً نحو سجوده الأول ثم قام للركعة الثانية فصلاها كما صلى الركعة الأولى إلا أنها دونها في القراءة والركوع والسجود والقيام والقعود ثم تشهد وسلم ثم خطب خطبةً عظيمة بليغة فحمد الله وأثنى عليه وأخبر أن الشمس والقمر آيتان من آية الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يخوف بهما عباده فإذا رأيتموهما يعني خاسفين فأفزعوا إلى الصلاة وفي رواية فأفزعوا إلى المساجد وفي أخرى فأفزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره وفي رواية فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا حتى ينجلي وقال صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة: يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما من شيء توعدونه إلا أريته في مقامي هذا أو قال صلاتي هذه ولقد أوحي إلي إنكم تفتنون في قبوركم قريباً أو مثل فتنة الدجال ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر وقال في هذه الخطبة ولقد جيء بالنار يحطم بعضها بعضاً وذلك حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصبني من لفحها حتى رأيت فيها عمر بن لحي يجر كثبه في النار يعني أمعائه ثم جيء بالجنة وذلك حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي هذا ولقد مددت يدي أريد أن أتناول من ثمرها لتنظر إليه ثم بدأ لي أن لا أفعل أيها المسلمون هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا فزع وأمر بالفزع وهكذا عرض عليه في مقامه ما عرض من أمور الآخرة وهكذا خطب أمته تلك الخطبة العظيمة البالغة فمتى رأيتم كسوف الشمس في أية ساعة من ساعات النهار في أول النهار أو أوسطه أو أخره ولو قبيل الغروب فأفزعوا إلى ما أمرتم بالفزع إليه من الدعاء والذكر والتكبير والاستغفار والصدقة والصلاة ونادوا لها ، الصلاة جامعة بدون تكبير وكرروه بقدر ما ينتبه الناس ويسمعون وصلوا كما صلى نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ركعتين في كل ركعة ركوعان وقراءتان تجهرون بهما ثم ذكروا الناس وانصحوهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتى رأيتم خسوف القمر في أي وقت فأفزعوا إلى هذا أيضاً فإذا انقضت الصلاة والكسوف باقي فاشتغلوا بالدعاء والاستغفار والقراءة حتى ينجلي وفقنا الله وإياكم بالعمل لما يرضيه وجنبنا أسباب سخطه ومعاصيه وجعلنا ممن يتعظون بآياته ويسعون إلى مرضاته إنه جواد كريم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .. الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر واشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما
أما بعد
أيها الناس فلقد استمعنا جميعاً إلى كيفية صلاة الكسوف التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنني في هذه الخطبة لأبين فيها مسائل المسألة الأولى أن بعض الناس أذن لها كالأذان المعتاد أي أنه كبر كما يكبر لأذان الصلوات الخمس وقد أجمع علماء المسلمون أنه ليس لها أذان وأنه إنما ينادي لها الصلاة جامعة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث بعث منادياً ينادي الصلاة جامعة وعلى هذا فإن صلاة الكسوف ليس لها أذان ولا إقامة المسألة الثانية أن صلاة الكسوف كما سمعت يكبر الإنسان ويستفتح ويقرأ الفاتحة ثم يقرأ سورة طويلة ثم يركع ركوعاً طويلاً ثم يرفع فيقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى ثم بعد ذلك يركع مرة ثانية ثم يرفع و ولا يقرأ ثم يسجد فتكون ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان وقد بلغني أن بعض الناس كبر أولاً ثم قرأ الفاتحة وسورة ثم سجد ولم يركع ثم قام من هذه السجدة الواحدة فقرأ ثم ركع وهو بهذه الصورة أخطأ فإن هذا ليس من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقل به أحد من أهل العلم والإنسان يجب عليه إذا كان إماماً أن يتعلم ما يلزمه من الصلاة في كيفيتها وعددها حتى يكون إماماً متبوعاً وإذا أشكل عليه مثل هذه الحال فإنه يمكن أن يصليها كالصلوات المعتادة أي ركعتان في ركوع واحد وسجودين لأنه قد قال بذلك بعض أهل العلم وهو وإن كان قولاً ضعيفاً جداً لأنه خلاف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قد قال به من قال من أهل العلم أما الصفة التي ذكرت أنه صلاها فإنه لم يقل بها أحد ولكن لكونه جاهلاً فإني أرجو من الله عز وجل أن يعفوا عنه ويتجاوز عنه أما المسألة الثالثة فإن صلاة الكسوف صلاة يطول فيها القراءة والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين يطول فيها إطالة عظيمة بالغة وليست كغيرها من الصلوات حتى إن الصحابة رضي الله عنهم الذين صلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم صار بعضهم يغشى عليهم من طول القيام أما فعل بعض الناس لها حيث يقرأ قراءة خفيفة فإن هذا خلاف السنة وإن كان ذلك مجزئاً لكن الأفضل أن يطول كما طول النبي صلى الله عليه وسلم المسألة الرابعة أن الإنسان إذا جاء وقد رفع الأمام رأسه من الركوع الأول فإنه لا يعد مدركاً لهذه الركعة لأنه لابد أن يدرك الركعة بركوعيها جميعاً فإن أدرك الركوع الثاني فقط فإنه لم يدرك الركعة فيلزمه أن يأتي ما فاته بعد سلام الإمام على حسب ما صلاها الإمام أما المسألة الخامسة فإذا انقضت الصلاة والخسوف باقي لم يزل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : صلوا وأدعوا حتى ينكشف ما بكم لكن أهل العلم يقولون إن الصلاة لا تعاد مرةً ثانية هذا ما عليه جمهور أهل العلم ولكن من الممكن أن يتفرغ الإنسان للدعاء والذكر حتى تنجلي كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أما الصلاة فإنها لا تعاد مرةً أخرى ولكن يمكن أن تصلى الصلاة إذا كان الخسوف لم ينجلي يمكن أن تصلى على صفة أخرى بحيث يركع في كل ركعة ثلاثة ركوعات أو أربعة ركوعات أو خمسة ركوعات كما جاء ذلك من فعل بعض الصحابة رضي الله عنهم بمعنى أنه يكبر فيقرأ الفاتحة ويقرأ السورة بعدها على الوجه الذي سمعتم ثم يركع ثم يرفع فيقرأ ثم يركع ثم يرفع ويقرأ وهكذا إلى خمس ركوعات حسب ما يكون وقت الكسوف طويلاً أم قصيراً أما إذا أنجلت أما إذا انجلى الكسوف قبل تمام الصلاة فإن أهل العلم يقولون إنه يتم الصلاة خفيفة وإذا انجلى الكسوف قبل أن نعلم به فإن الصلاة لا تقضى بعد فواتها هذه من الأمور الهامة التي ينبغي تعلمها ولا سيما لأئمة المساجد حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم وأعلموا أنه لا بأس بحضور النساء لصلاة الكسوف لأن ذلك وقع من نساء الصحابة رضي الله عنهم حين كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال أهل العلم والأفضل أن يجتمع الناس في المساجد الجوامع لأن ذلك أجمع للكلمة وأقرب للرحمة فأنه كل ما كثر الجمع كان ذلك أحب إلى الله عز وجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وما كان أكثر فهو أحب إلى الله ولهذا قال أهل العلم الأفضل أن توحد الصلاة الكسوف في الجوامع ولكن لا بأس أن يصليها أهل كل حارة في مسجدهم لأن ذلك ليس كالجمعة التي يجب أن تكون في الجوامع أيها المسلمون إذا وقع الكسوف فإنه ينبغي منا أن نكون خائفين وأن نكون مشفقين لأن الله تعالى يخوفنا بذلك فنسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يخافون الله تعالى سراً وعلناً وأن يرزقنا خشيته وتقواه وأن يجعلنا ممن أقام الصلاة وأتى الزكاة ولم يخشى إلا الله اللهم إنا نسألك أن تجعلنا هداة مهتدين وقادة مصلحين اللهم إنا نسألك أن تصلح ولاة أمورنا وبطانتهم يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا أنك رؤوف رحيم اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

بيان صفة صلاة الكسوف والخسوف - بيان أن الشمس و القمر آيتان من آيات الله - عزَّ وجل - يخوّف الله بهما عباده وبيان الأسباب التي أوجبت ذلك
http://www.binothaim...180/a0180-18.rm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا قدَّره منازل، وقسّم عباده إلى قسمين فمنهم مؤمن ومنهم كافر، وعلى الله قصد السبيل ومنكم جائر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملكُ العظيمُ القاهر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أتْقى مأمورٍ وأهدى آمر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الألباب والبصائر، وعلى التابعين لهم بإحسان ما آمنَ بالحق مُوقنٌ وشكَّ فيه حائر، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى واشكروا نعمته عليكم بما سخَّر لكم من مخلوقاته، فقد سخَّر +لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ" [الجاثية: 23]، +وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" [إبراهيم: 33-34]، سخَّر لكم الشمس والقمر لِقِيام مصالحكم الدينيَّة، والدنيويَّة، والفرديَّة والجماعيَّة، فكم من مصلحة في تنقّل الشمس في بروجها وتعاقب الفصول ! وكم من مصلحة في تردُّدها في شروقها وغروبها في بزوغها والأفول ! وكم من مصلحة في تنقّل القمر في منازله ومعرفة السنين والحساب في إبداره وإهلاله !
فقد جعل الله الشمس والقمر آيتين من آياته الدالة على كمال علمه وعزَّته وتمام قدرته وحكمته، تسيران بأمر الله سيرهما المعتاد، الشمس ضياءٌ وسراجٌ وهَّاج، والقمر نورٌ منيرٌ يُضيء الليل للعباد، فإذا أراد الله تخويف عباده من عقوبات تنزل بهم لكثرة معاصيهم، إذا أراد الله ذلك كسفهما بأمره: فانطمس نورهما كله أو بعضه بما قدَّره الله تعالى من أسباب تقتضي ذلك، يقدر الله ذلك تخويفًا للعباد ليتوبوا إليه ويستغفروه ويعبدوه ويعظِّموه.
عباد الله، إن الكسوف في الشمس أو القمر تخويف من ربكم العظيم لكم، يخوفكم من عقوبات قد تنزل بكم انعقدت أسبابها، ومن شرورٍ مهلكةٍ انفتحت أبوابها .
إن الكسوف نفسه ليس عقوبة ولكنه كما قال نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم: «يخوّف الله به عباده»(1)، فهو تخويف من عقوبات وشرور قد تنزل بالناس لمخالفة أمر الله وعصيانه، ولقد ضَلَّ قوم غفلوا عن هذه الحكمة فلم يروا في الكسوف بأسًا، ولم يرفعوا به رأسًا، ولم يرجعوا إلى ربهم بهذا الإنذار، ولم يقفوا بين يديه بالذل والانكسار، وقالوا: هذا الكسوف أمرٌ طبيعي يُعلم بالحساب، فوَ اللهِ ما مَثل هؤلاء إلا مَثل مَن قال الله عنهم من الكفار المعاندين: +وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ" [الطور: 44]، ولَمَّا رأت عاد قوم هود ما أنذرهم من العقوبة، لَمَّا +رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا" - قال الله عزَّ وجل - +بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ" [الأحقاف: 24-25] .
إنني ما أدري عن هؤلاء الذين لا يرون في الكسوف تخويفًا ولا إنذارًا لعقوبة ! ما أدري عن هؤلاء أَهُمْ في شكٍّ مما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! فلْيرجعوا إلى سنّته، فقد ثبت ذلك عنه ثبوتًا لا شكَّ فيه في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من كُتب الإسلام، وإذًا: فهل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «يخوّف الله بهما عباده»(2)، هل قال ذلك على الله من تِلقاء نفسه ؟ أو قال ذلك جاهلاً بما يقول ؟ كلا، واللهِ ما تقوّل رسول الله على الله ولا قال ذلك جاهلاً بمعناه، ونحن نُشهد الله - عزَّ وجل - ونُشهد كلّ مَن يسمعنا من خلقه أنّ ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حقٌّ، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كذَب ولا كُذِب، وأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله تعالى وبحكمته، وأنه صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لعباد الله، وأنه صلى الله عليه وسلم أصدقهم قولاً وأفصحهم بيانًا، وأنه صلى الله عليه وسلم أهداهم سنَّةً وطريقةً، فصلوات الله وسلامه عليه .
فيا سبحان الله ! كيف يليق بِمَن يؤمن بالله ورسوله وهو يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عن الكسوف: «إن الله يخوّف به عباده»(3) ثم يقول هو: كيف يكون التخويف بالكسوف وهو أمر يُعرف بالحساب ؟
إن هذا التساؤل لا يَرِدُ أبدًا على أمرٍ صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يقع أبدًا استبعادًا لِما صحَّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إن على المؤمن أن يسلّم بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليمًا كاملاً، وعلى المؤمن أن يعْلَم علْمًا يقينًا أنَّ ما صحَّ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن في واقعه أن يخالف الواقع، وإنما يظن المخالفة مَن قَلَّ نصيبه من العلم والإيمان أو ضعُف فهمه فلم يقدر على التوفيق بين نصوص الشريعة والواقع .
ونحن نقول تنزّلاً مع هذا التساؤل: إن كون الكسوف أمر يُعرف بالحساب لا ينافي أبدًا أن يكون حدوثه من أجل التخويف، فلله تعالى في تقدير الكسوف حكمتان: حكمة قدريَّة يحصل الكسوف بوجودها وهذه معروفةٌ عند علماء الفلَك وأهل الحساب ولم يُبيِّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الجهل بها لا يضُر والعلم بها لا ينفع .
أما الحكمة الثانية فهي: حكمة شرعيَّة وهي تخويف العباد وهذه لا يعلمها إلا الله - عزَّ وجل - أو مَن أطلعه الله عليها من رسله، فهل باستطاعة أحد أن يعلم لماذا قدَّر الله الكسوف إلا أن يكون عنده وحي من الله تعالى بأنه قدَّره لكذا وكذا، وهذا هو ما بَيَّنَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته؛ حيث قال: «يخوّف الله به عباده»(4)، وهذا يُبطل ظَنَّ مَنْ ظَنَّ مِنَ الجهّال أن الكسوف أمر طبيعي؛ إذ لو كان الكسوف أمرًا طبيعيًّا لكان مُنتظمًا دوريًّا: كل ثلاثة شهور، أو ستة شهور، أو سنة أو سنتين مثلاً، ونحن نشاهد أن الكسوفات يتفاوت ما بينها: فتارة يكون الكسوف في السنة مرَّة، وتارة يكون في السنة مرَّتين، وتارة يكون في السنتين مرَّة أو أكثر من ذلك أو أقل، وتارة يكون على أرض، وتارة يكون على أرض أخرى، وتارة يكون جزئيًّا، وتارة يكون كلِّيًّا، وتارة تطول مدته، وتارة تقصر، ولو كان أمرًا طبيعيًّا لم يكن مُختلفًا هذا الاختلاف كما لا تختلف الشمس في منازلها في البروج ولا يختلف القمر في منازله عند الإهلال والإبدار .
أيها الناس، أيها المؤمنون بالله ورسوله، إن الكسوف حدثٌ خطيرٌ وتنبيهٌ من الله لعباده وتحذير، «فلقد كسفت الشمس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة مرَّة واحدة فقط ففزع لذلك فزعًا عظيمًا وقام إلى المسجد وبعث مناديًا ينادي: الصلاة جامعة»(5) فاجتمع الناس وصلى بهم صلى الله عليه وسلم صلاة غريبة لا نظير لها في الصلوات المعتادة، كما أن الكسوف لا نظير له في جريان الشمس والقمر المعتاد، فهي آية شرعيَّة لآية كونيَّة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين في الضحى: في كل ركعة ركوعان وقراءتان يجهر فيهما، صلاها بدون إقامة، فكبَّر وقرأ الفاتحة، ثم قرأ سورة طويلة نحو سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلاً جدًّا، ثم رفع رأسه وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم قرأ قراءةً طويلة دون الأولى، ثم ركع ركوعًا طويلاً دون الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربّنا ولك الحمد، وقام قيامًا طويلاً نحو ركوعه، ثم سجد سجودًا طويلاً نحو ركوعه، ثم جلس بين السجدتين جلوسًا طويلاً نحو سجوده، ثم سجد سجودًا طويلاً نحو سجوده الأول، ثم قام للركعة الثانية فصلاها كما صلى الركعة الأولى إلا أنها دونها في القراءة والركوع والسجود والقيام والقعود، ثم تشهَّد وسلّم، ثم خطب خطبةً عظيمة بليغة، فحمد الله وأثنى عليه وأخبر «أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنّ الله يخوّف بهما عباده، فإذا رأيتموهما - يعني: خاسفين - فافزعوا إلى الصلاة»(6)، وفي رواية:«فافزعوا إلى المساجد»(7)، وفي أخرى: «فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره»(8)، وفي رواية: «فادعوا وكبِّروا وصلّوا وتصدَّقوا»(9) «حتى ينجلي»(10)، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أمة محمد، واللهِِ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولَبَكيتم كثيرًا»(11) «وما من شيء توعدونه إلا أُرِيته في مقامي هذا - أو قال: صلاتي هذه - ولقد أوحي إليَّ أنكم تُفتنون في قبوركم قريبًا أو مثل فتنة الدجال»(12) ثم أمرهم أنْ «يتعوَّذوا من عذاب القبر»(13) وقال: «لقد جيء بالنار يحطم بعضها بعضًا»(14) «وذلك حين رأيتموني تأخّرت مخافة أن يُصيبني من لفحها حتى رأيت فيها عمر بن لحي يجرُّ قصبه في النار- يعني: أمعاءه - ثم جيء بالجنة وذلك حين رأيتموني تقدّمت حتى قمت في مقامي ولقد مدَدْت يدي أُريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أنْ لا أفعل»(15) .
أيها المسلمون، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا فزع وأمر بالفزع، وهكذا عُرض عليه في مقامه ما عُرض من أمور الآخرة، وهكذا خطب أمته تلك الخطبة العظيمة البالغة، فمتى رأيتم كسوف الشمس في أيَّةِ ساعة من ساعات النهار: في أول النهار، أو أوسطه، أو آخره ولو قُبيل الغروب فافزعوا إلى ما أُمرتم بالفزع إليه من الدعاء، والذكر، والتكبير، والاستغفار، والصدقة والصلاة، ونادوا لها: «الصلاة جامعة» بدون تكبير، وكرِّروه مرّتين أو ثلاثًا بقدر ما ينتبِهُ الناس ويسمعون، ومتى رأيتم خسوف القمر في وقت فافزعوا إلى ذلك أيضًا، فإنْ انقضت الصلاة والكسوف باقٍ فاشتغلوا بالدعاء والاستغفار والقراءة حتى ينجلي .
وفَّقني الله وإياكم للعمل بما يرضيه، وجنَّبنا أسباب سخطه ومعاصيه، وجعلنا مِمَّن يتَّعظون بآياته وينتفعون، وجنَّبنا أسباب الذين +قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ" [الأنفال: 21-23] .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أمر، وأشْكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كَرِهَ ذلك مَن أشرك به وكفر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد البشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم المحشر، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، ولقد سمعتم في الخطبة الأولى أنه لم يحصل الكسوف في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدِم المدينة وأقام فيها ثلاث عشرة سنة إلا مرَّة واحدة، أما في عهدنا الحاضر فإنه كما تشاهدون يحصل الكسوف في السنة مرّة أو مرّتين أو ثلاثًا، وكُنَّا قبل هذا العهد القريب لا نرى الكسوف إلا قليلاً، فما هو السبب في ذلك ؟
السببُ في ذلك كثرةُ المعاصي والتولي عن طاعة الله؛ إن كثيرًا من الناس لا يُقيمون وزنًا لعبادة الله عزَّ وجل، لا يُقيمون وزنًا لتوحيد الله عزَّ وجل، قد جعلوا في قلوبهم مُشارِكًا لله تعالى في المحبة؛ حتى إنك لو فتَّشت عن قلوبهم لوجدت محبّتهم للدنيا أكثر من محبتهم لله عزَّ وجل، وعلامة ذلك: أن ذِكر الدنيا في قلوبهم أكثر من ذكر الله عزَّ وجل، بل إنهم إذا جاؤوا لذكر الله تعالى في المساجد والصلاة فإنهم يأتون وقلوبهم مشغولة في الدنيا حتى في أوقات الفراغ لعبادة الله يتعبّدون لله بأبدانهم دون قلوبهم، وإذا نظرنا إلى المعاملات بين الناس وجدنا معاملات لا تليق بالمسلمين: وجدنا الغش، والخيانة، والكذب، والخديعة، لا للأفراد بعضهم مع بعض ولكن للأفراد بعضهم مع بعض وللحكومة أيضًا، وهذا واللهِ يُنذر بخطر عظيم، مَنْ مِنَ الناس الكفلاء الذين لم يظلموا مكفوليهم ؟ إما بالمماطلة في الأجور، وإما بتكليفهم ما لا يجب عليهم، وإما بالتعامل معهم على وجه يخالف نظام الحكومة الذي أدخلوهم مُشترطين على أنفسهم أن يتمشّوا على ذلك النظام ثم هم يخالفون ذلك ولا يبالون بما اكتسبوا من ورائه .
وأقبح من ذلك وأشد: أن بعض الكفلاء يُلزم المكفولين بدراهم معيَّنة في كل شهر ثم يدعه يتسكَّع في الأسواق إن وجد عملاً أو لم يجد عملاً، فيصبح هذا الفقير الذي جاء لطلب المعشية إلى هذه البلاد، يصبح فريسة لشُحِّ هذا الكفيل، فيأخذ منه دراهم معلومة معيَّنة مع أنه قد لا يشتغل في هذا الشهر، وهذا ظلمٌ وعدوان ومخالفة للشرط الذي اشترطه على نفسه أمام الدولة .
واعلموا أيها الإخوة، أقول لكم بصراحة وصدق وفيما نعتقدُه واجبًا عليكم: أنّ كل شرط اشترطتموه على أنفسكم مقابل الدولة فإنه يجب عليكم أن توفوا به؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيما يُذكر عنه: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أَحَلَّ حرامًا أو حرَّم حلالاً»(16)، فمَن خالف شرطًا التزم به أمامَ الدولة فإنه مُخالفٌ للشرع في مخالفته هذه، ولا يظن الإنسان أنَّ غفلة الدولة عنه وعدم اطِّلاعها به تنجيه من الإثم؛ فإنها وإنْ غفلت أو تغافلت أو لم تطّلع عليه فإن مَن يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور مُطَّلع عليه وهو الله سبحانه .
فيا عباد الله، لا يهلككم الشحُّ والطمع، لا يهلككم حتى تقعوا في معصية الله، وإذا رأيت المعاملات في البيع والشراء وجدت أمورًا كثيرةً تخالف الشرع، فمن ذلك: ما أشرنا إليه في الخطبة الماضية من الوقوع في الربا في بيع الذهب بالدراهم، وأنه لا بدّ أن تكون يدًا بيد، ولا يجوز التفرّق قبل استلام الثمن، فإذا باع صاحب الدكان أو الصائغ مثلاً على أحدٍ حُلِيًّا فإنه يجب أن يستلم الثمن نقدًا ولا يجوز التعقيب، وهذه من العجب العجاب أنها من مصلحة البائع دينًا ودُنيًا، أما كونها من مصلحته دينًا؛ فلأنها موافقة لأمر الله ورسوله، وأما كونها من مصلحته دُنيًا؛ فإنه يحصل على ثمن سلعته بدون مماطلة أو تعطيل .
إن بعض الناس يقول: إن هذا لا يمكن، قد يكون شاقًّا على المشتري، فنقول: إن ذلك ممكن، وانظروا إلى السلع الأخرى التي لا تباع إلا نقدًا كيف أنها ماشِيَةً على ما ينبغي، ومَن أراد أن يشتري جاء بالثمن معه في جيبه قبل أن يكلّم البائع، فهكذا لو أن الله هدى أولئك المتّجرين بالذهب واتّفقوا على ألا يبيعوا إلا نقدًا كما هو الواجب عليهم لحصَلَ لهم بذلك خير كثير وسلِموا من الإثم .
وإذا نظرت إلى المعاملات الأخرى وما يقع فيها من غشٍّ وكذب لرأيت أمرًا عظيمًا لا يليق بمسلم، والمعاصي كثيرة ولكننا نرجو الله تعالى أن يعفوَ عنَّا جميعًا، والعاقل يعرف ما هذه الآيات التي تتكرَّر في تخويف الله لنا؛ حتى يتعظ وحتى ينتفع بها، فأولئك هم المؤمنون الذين إذا رأوا الآيات آمنوا وأَيْقنوا وحاسبوا أنفسهم .
أيها المؤمنون، اعلموا «أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»(17)، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جلَّ من قائل عليمًا: +إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [الأحزاب: 56]، سمعًا لك اللهم وطاعةً .
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبَّته واتِّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملَّته، اللهم احشرنا مع زمرته، اللهم أسقنا من حوضه، اللهم أَدْخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيِّين، والصدّيقين، والشهداء والصالحين .
اللهم أَصْلِح ولاة أمور المسلمين صغيرهم وكبيرهم، اللهم أَصْلِح لهم البطانة، وأَعِنْهم على أداء الأمانة، ووفِّقهم بما فيه صلاحهم وصلاح رعيتهم يا رب العالمين، +رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10] .
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
-------------------
(1) أخرجه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، رقم [999]، من حديث أبي موسى -رضي الله تعالى عنه- واللفظ له.
(2) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، رقم [990]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الكسوف»، من حديث أبي مسعود رضي الله عنه، رقم [1516] .
(3) سبق تخريجه في الحديث رقم (1) .
(4) سبق تخريجه في الحديث رقم (2) .
(5) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، رقم [987]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الكسوف»، رقم [1515]، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .
(6) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، من حديث عائشة رضي الله عنها، رقم [989] .
(7) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، رقم [6195]، وكذلك عند الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، من حديث محمود بن لبيد رضي الله تعالى عنه، رقم [22522] .
(8) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، رقم [999]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، رقم [1518]، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه .
(9) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، رقم [986]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، رقم [1499]، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .
(10) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه، رقم [1000] .
(11) سبق تخريجه في الحديث رقم (9) .
(12) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الوضوء»، رقم [178]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الكسوف»، رقم [1509]، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .
(13) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في مسند الكوفيين، رقم [17803]، وأبو داوود -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب: «السنة»، باب: المسألة في القبر وعذاب القبر، رقم [4127]، من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه .
(14) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، رقم [13897]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الكسوف»، رقم [1508]، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه .
(15) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجمعة»، رقم [1136]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الكسوف»، رقم [1500]، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .
(16) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب: «الأحكام»، باب: ما ذكر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصلح بين الناس، من حديث عمرو بن عوف المزني رضي الله تعالى عنه، رقم [1272] .
(17) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند الأنصار، رقم [22562]، والبخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الجنائز»، رقم [1272]، ومسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب: «الإيمان»، رقم [35]، والنسائي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب: «الجنائز»، رقم [2008]، عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله تعالى عنهما .

الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله

الكسوف والخسوف آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده

قرأت في جريدة الرياض عدد الأربعاء 13 من شهر صفر 1429هـ مقالاً للباحث الدكتور: خالد الزعاق أخبر فيه أنه سيحصل خسوف للقمر وقد حصل في الأيام التي مضت ولا عتاب على الباحث في إخباره عن ذلك لأن هذا أمر يدرك ويعرفه الناس بالحساب من قديم الزمان ولكن العتاب عليه في حثه على التمتع بمشاهدة الكسوف وأنه من أجمل الظواهر الكونية وأقول كيف يكون كذلك وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يخوف به عباده فالواجب الخوف من الله عند حدوثه والفزع إلى الصلاة والدعاء والحث على الصدقة والعتق رجاء أن يكشفه الله ويزيل خطره لا التمتع بمشاهدته والفرح بذلك وأنكر الباحث أن يكون الكسوف يحدث بسبب غضب الله على عباده ومن جراء معاصيهم وكفرهم وأقول له: هذا هو الذي تخوفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم عند حدوث الكسوف في موعظته لأصحابه: "لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته"، ولما كسفت الشمس في عهده صلى الله عليه وسلم خرج فزعاً يجر رداءه يخشى أن تكون الساعة وصلى بالناس صلاة الكسوف وأطال الصلاة وبعد انتهائه من الصلاة وعظ الناس وخوفهم بالله وذكرهم فهو صلى الله عليه وسلم خشي أن يكون الكسوف مؤذناً بحدوث عذاب أو بقيام الساعة لأن الله سبحانه قال في القرآن الكريم مبيناً ما يحصل عن قيام الساعة من الأهوال ومن جملتها الكسوف قال تعالى: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ)، إنه يخشى إذا حصل الكسوف أن يستمر ولا ينكشف وأن تقوم الساعة عند حدوثه لأن وقت قيامها لا يعلمه إلا الله ولا يكون إلا بغتة فعلى الباحث الدكتور خالد وفقه الله أن لا يدخل في أمور لا يحسنها ويقول على الله بغير علم وعليه أن يقتصر على اختصاصه في علم الحساب فقط والله الموفق.

 

رد مع اقتباس
عبدالله الأثري غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 2 )  أعطي عبدالله الأثري مخالفة
عبدالله الأثري
عضو نشيط
رقم العضوية : 270
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 53 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 12-12-2011 - 06:40 PM ]

جزاك الله خيرااا


رد مع اقتباس
محمد الفاريابي غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )  أعطي محمد الفاريابي مخالفة
محمد الفاريابي
عضو مميز
رقم العضوية : 59
تاريخ التسجيل : Nov 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 163 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 12-12-2011 - 06:44 PM ]

بارك الله فيك وفي قلمك

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:37 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML