منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى التوحيد والعقيدة


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
الصورة الرمزية الواثقة بالله
 
الواثقة بالله
المراقب العام

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي شرح ( الأصول الثلاثة ) للعلامة السلفي محمد أمان الجامي رحمه الله

كُتب : [ 01-24-2014 - 09:56 PM ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r وبعد :
فهذا شرح ( الأصول الثلاثة ) للعلامة السلفي محمد أمان الجامي رحمه الله ، وهو شرح تم تفريغه من أشرطة ( كاسيت ) عددها عشرة أشرطة مشتهرة بين طلبة العلم بشرح الأصول الثلاثة .
ونسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يتقبله مني ويدخر لي ثوابه ليوم لقائه يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، أما بعد :
فقد وقع الإختيار على هذه الرسالة تحقيقاً لرغبة كثير من طلبة العلم الذين يرغبون حفظ هذه الأصول وفهمها وتحقيقها ، والعمل بها ، والدعوة إليها ، لذلك نبدأ في هذا الكتيب ، ونسأل الله سبحانه أن يرزقنا الإخلاص فيما نقول وفيما نعمل فنبدأ بالشرح ، وقبل ذلك نعرف تعريفاً يسيراً بالمؤلف ، والمؤلف مشهور لا يحتاج إلى التعريف ، ولكن بالنسبة لبعض صغار طلبة العلم وبناءً علو العادة الجارية التعريف بالمؤلف عند قراءة كتب المؤلفين .
ولد هذا العالم في بلدة العينية في نجد سنة 1115 هـ
نشأته : نشأ في حجر والده ، وكان والده القاضي في البلد وعالم مدرس على الطريقة القديمة في البيوت نشأ هذا الشاب نشأة عجيبة حيث حفظ القرآن قبل العاشرة من عمرة وبلغ الاحتلام قبل الثانية عشر من عمره ويأتي والده أنه في هذه السنة رأى أنه أهل بأن يصلي بالناس فقدمه لكي يصلي بالناس وهو أبن الثانية عشر من العمر وفي هذه السنة زوجه ،وعكف الشاب مع دراسته على والده عكف على كتب شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم واستفاد لأن الله أعطاه من الذكاء ما وصفه المترجمون له بطريقة غربية وفذه قوي الحافظة ذكي فطن عكف في طفولته على هذه الكتب مع ما يدرس على والده في الفقه على مذهب الإمام احمد ثم تاقت نفسه ليرحل في طلب العلم لأنه استفاد من هذه الكتب ورأى أن البيئة التي يعيش فيها بيئة جاهلية صرفه ، إذ كانت الناس تعبد النخل ويعبدون القبور ويعبدون الجن ، جاهلية جهلاء كالتي كانت قبل الإسلام مع الانتساب إلى الإسلام مع وجود العلماء بينهم استنكرت نفسية هذا الشاب هذه الجاهلية لكنه كتمها في نفسه ولم يتكلم لأنه في نظر الناس طفل لا يستحق الإنكار والقيام بالإصلاح بين الناس .
أراد أن يرحل في طلب العلم كأن الله يريد أن يطلعه على كثير من البلدان المجاورة ليرى إن الجاهلية عمت وليست في بلده فقط خرج حاجاً فحج ثم جاء إلى المدينة ومكث في المدينة لطلب العلم وقيض الله له بعض علماء الحديث كالشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف آل السيف وأحبه هذا الشيخ كثيراً لما فيه من الذكاء ولما فيه من الاهتمام بشؤون المسلمين والإصلاح وإعداد نفسه للإصلاح وقدمه لبعض المدرسين في المسجد النبوي كالشيخ محمد حياة السندي والشيخ العجولي والشيخ الإحسائي وركز الشيخ على علوم الحديث درس الكتب الصحاح ودرس كتب الإمام الشافعي ودرس كثيراً وكان في نفسه بعض التضايق عندما يرى ما يفعله بعض الناس عند السلام على النبي r عند قبره وكثيراً ما يقول للمشايخ أيش هذا يا شيخ ، ويقولون هذه بعض الجاهليات ، صبر وتعلم وملك نفسه ، وذات مرة ذهب إلى القبر ليسلم ورأى تعلق الناس بالقبر وتمسحهم وكان عند الشيخ محمد حياة السندي فرجع إليه فقال ما هذا يا شيخ ما هؤلاء ؟ ، قال : إن هؤلاء متبرٌ ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون ، هكذا رد الشيخ فوراً وأدرك الشاب أن العمل مستنكر حتى عند المشايخ ولكنهم عاجزون لا يستطيعون يعملون شيئاً هكذا قضى برهةً من الزمن في هذه المدينة فأخذ الإجازة في الكتب التي أخذها عن الشيوخ ثم توجه إلى العراق إلى البصرة ولكنه عرج على بلده في طريقه ثم واصل سيره لأنه سمع بشيخ عالم محدث نحوي المجموعي في البصرة ، فرحل إليه ودرس عنده كثيراً واستفاد منه في علوم العربية وعلم الحديث وهنا رأى الشاب أنه نضج وأنه لا بد أن يبدأ في الدعوة والإصلاح وأن لم يبلغ مبلغ كبار العلماء لأنه يرى نفسه طالب ولكنه طالب مهيأ وعنده ركيزة طيبة من العلم بدأ يتصل بزملائه وبعض الشيوخ وبعض من تعّرف عليهم ويكتب إليهم الرسائل وينكر عبادة القبور وينكر كثيراً من المنكرات البارزة حتى عرف بالبصرة على كونه طالب علم أنه يحاول الإصلاح وتأثر به شيخه المجموعي لأنه كان يحبه الشيخ ، وكثيراً ما يتأثر الشيخ بالتلميذ إذا كان التلميذ نابغة ورأى أنه ربما خير منه ، وهذا معروفٌ من قبل وهذا كما ثبت عن الإمام الشافعي أنه كان يقول للإمام أحمد : أنتم أعلم منا بعلم الحديث فإذا علمتم شيئاً أو بلغكم شيئاً من الحديث فأبلغونا ، في هذا الوقت كان الإمام احمد تلميذاً عند الشافعي ، وهكذا تأثر المجموعي بأبن عبد الوهاب ، وأخيراً قامت قائمة الجاهلية بين المتصوفة وأُمر بإخراجه فأخرج من البصرة إلى الزبير وفي الطريق لاقى صعوبة حتى كاد يهلك من الظمأ لأنه يمشي على رجليه في الظهيرة ، ولكن الله قيض له من يحمله على حماره معه إلى البلد فسلم ولم يهلك فدرس في الإحساء على شيخ شافعي ثم رجع إلى الشام وتجول في بلاد الشام ، ولكن المصادر لم تذكر شيوخه في الشام إلا أن زيارته للحجاز والعراق والشام والمنطقة الشرقية كل ذلك أفادته فائدة على العلم معرفة أحوال المسلمين والجاهلية التي عمت وطمت، وأخيراً قرر الشاب العودة إلى بلده للعمل فرجع فبدأ حياته العلمية في بلده حروملة ، ولكنه أوذي حتى ضاق من بعض السفهاء أن يفتكوا به فخرج خائفاً يترقب وله أسوة بالأنبياء في ذلك خرج إلى العينية مسقط رأسه وأمير العينية رحب به والشيخ شرح له دعوته لأن هذه دعوة إسلامية عامة تحتاج منك الصبر إذا أردت أن تؤازر هذه الدعوة لا بد أن تؤذى هل تصبر ؟ قال الأمير : إنه يصبر ، وفعلاً صبر معه وغير كثيراً من المنكرات أزال كثيراً من الأشجار التي كانت تُعبد أراد الله أن تقدمت امرأة ارتكبت فاحشة الزنا فطلبت التطهير واعترفت وأصرت على الاعتراف فأقام عليها الشيخ الحد من هنا ذاع صيته وانتشر خبره في المنطقة واستنكر أُمراء المنطقة هذا التصرف فكانوا يسمونه المطوع ، ويقولون هذا المطوع جاء بأمر جديد ، وكان من أشدهم أمير الإحساء هددوا على أمير العينية إن لم يخرج من بلده هذا المطوع فإنه سوف يحصل كذا وكذا فخرج وتوجه إلى الدرعية فنزل الشيخ في بيت أبن سلويلم في الدرعية وعلم محمد بن سعود وصوله ولما علم أخذ بعض أصحابه فذهب إلى بيت أبن سويلم ولم يدعه إلى منزله فزارة وتعرف عليه وهدى الله الأسرة وطلبت الأسرة رجالاً ونساءاً من الإمام محمد بن سعود أن يؤازر هذا الرجل وأن تبنى هذه الدعوة فاليعتبرها نعمة سيقت إليه وفعلاً آزر وأعلن مؤازرته للدعوة والشيخ نصحه وبين له كما بين لأمير العينية صعوبة هذه الدعوة أنها دعوة عامة لا تترك شيئاً من الجاهليات لا في العقيدة ولا في الأحكام تجديد عام للدعوة المحمديه واستعد الأمير محمد بن سعود لمؤازرة الدعوة وتعاهدا عن القيام بالعمل الجاد في الدعوة فصارت الدرعية عاصمة للدعوة يهاجر إليها طلاب العلم للعلم وللتعبد هناك قرب الشيخ وانطلقت الدعوة من هناك وبدأ الشيخ يكتب إلى الأمراء في جميع الأقطار يشرح موقفه من الأئمة الأربعة وموقفه من الصحابة وموقفه من نصوص الصفات وموقفه في باب التوسل وهكذا بدأت الدعوة وأستمرت إلى أن وصلت إلى هذه المدينة النبوية وعمت الجزيرة ولكن الدعايات لا تزال تنتشر في الآفاق هناك مذهب خامس هناك الوهابية هناك وهناك فصار العمل هو الرد وأُلفت الكتب ضد هذه الدعوة وأنتشرت في العالم فعرف أكثر الناس هذه الدعوة على غير حقيقتها وأنها دعوة مناؤة للأئمة الأربعة والأولياء وأنها لا تحترم رسول الله r والصحابة وهكذا إلى غير ذلك من الدعايات التي أخذت تتبخر شيئاً فشيئاً إلى أن في مثل هذا الوقت وانتشرت الدعوة ووصلت إلى إفريقيا توجد الآن هناك مدارس كثيرة تدرس نفس المنهج المقرر في المدارس السعودية في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وانتشرت في القارة الهندية وانتشرت في الدول العربية إلى أن خرجت من الديار الإسلامية وفتحت لها أبواباً في نفوس الناس وفي صدور الناس من أوروبا وأمريكا وانتشرت وعمت لذلك جميع الحركات حول هذه الدعوة وضد هذه الدعوة إنما هي حركة الشاة المذبوحة تتحرك لتموت لا لتحيى والدعوة ماشية بحمد الله تعالى وننصح بدراسة العقيدة والأحكام وفروع اللغة العربية وعلوم الحديث وعلوم القرآن وكل علم نافع يكون مساعداً لفهم الكتاب والسنة وطلب العلم نوع من الجهاد وأنتم في جهاد طالما تطلبون العلم ، والعلم قبل القول والعمل .
 



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 2 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 09:57 PM ]

قوله : (( وهو إفراد الله بالعبادة ، وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو : دعوة غيره معه ، والدليل قوله تعالى : ) اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ( [ سورة النساء ] ))
الشرح : وأعظم ما نهى عنه الشرك ، وهو دعوة غيره معه .
س / هل الشرك دعوة غيرة معه أو أعم من الدعوة ؟
جـ / الشرك أعم من الدعوة والدعاء نوع معين من أنواع العبادة إذاً لو قال وعبادة غيره معه لكان أولى وأشمل ليشمل الدعاء وغير الدعاء كالذبح والنذر وغير ذلك بدليل الآية التي يستدل بها وهي قوله تعالى : ) واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ( في عبادته في الدعاء والاستغاثة والذبح والنذر والتوكل والرهبة والرغبة وغير ذلك من أنواع العبادة هذا تفصيل جزئي .
قوله : (( فإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها ؟ ))
الشرح : ثم أراد الشيخ أن يفصل كل ما تقدم فقال : فإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة ؟ الأصول جمع أصل ، والأصل ما يبنى عليه غيره فجميع واجبات الدين تنبني على هذه الأصول الثلاثة من صلاة وزكاة وصيام وحج وغير ذلك ، كل تنبنى وترجع إلى هذه الأصول الثلاثة .فإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها والتي سبق تفصيلها .
قوله : (( فقل معرفة العبد ربه ونبيه محمد r ))
الشرح : فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد r فقد سبق تفصيلها راجع ما تقدم .
قوله : (( فإذا قيل لك من ربك ؟ فقل ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته ))
الشرح : فإذا قيل لك من ربك ؟ فقل ربي الله الذي أعبده هو ربي لأنه لا يستحق العبادة إلا الرب أي إلا الخالق المربي ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته وبذلك استحق العبادة ، أما الذي لا يخلق ولا يرزق ولا يربي لا يستحق العبادة ، عبادته ظلم . ربى جميع العالمين بنعمته : النعمة إذا أضيفت تشمل ، ) وإن تعدوا نعمة الله ( ، أي بنعم الله ربى جميع العالمين بنعمه التي لاتعد ولا تحصى نعمة الإيجاد ، نعمة الهداية ، نعمة الإسلام ، نعمة الإيمان ، نعمة الأمن والأمان وغير ذلك .
قوله : (( وهو معبودي ليس لي معبود سواه ، والدليل قوله تعالى:) الحمد لله رب العالمين ([ الفاتحة : 2 [ ))
الشرح : وهو معبودي ليس لي معبود سواه : الأنسب هنا أن تكون فاء الفصيحة فهو إذاً معبودي ، إذا كان هو الذي خلقني ورباني وربى جميع العالمين بنعمه فهو معبودي ليس لي معبود سواه ، فهو وحده معبودي ، تعريف جزئي الإسناد يدل على الحصر فهو المبتدأ معرفة ، معبودي الخبر معرفة لأنه أضيف إلى ياء المتكلم فهو معبودي ، فهو وحده معبودي ، لا أعبد إلا إياه ، ولذلك فسر الجملة الثانية ، تعتبر جملة تفسيرية ليس لي معبودٌ سواه ، ومن عبد غير الرب الخالق المربي للعالمين بنعمه فقد ظلم لأنه وضع العبادة في غير موضعها ، والظلم وضع الشئ في غير موضعه ، ما الدليل على كل ذلك قوله تعالى : ) الحمد لله رب العالمين ( خالق العالمين مربي العالمين .
قوله : (( وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم ))
الشرح : ما هو العالم ؟ العالم كل ما سوى الله ، وأنا واحد من ذلك العالم فالله سبحانه وتعالى هو الذي يستحق العبادة وحده لأنه هو المنعم المتفضل على العالم .
قوله : (( فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته ومخلوقاته ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضون السبع ومن فيهن ومابينهما ، والدليل قوله تعالى:)ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر  لاتيسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون([ فصلت : 37 ] ))
الشرح : فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ ما الدليل وما هي العلامات وما هي الآيات التي عرفت بها ربك لأن الله سبحانه وتعالى احتجب في هذه الدنيا لايرى { فإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا } إذاً الإيمان بالله تعالى من الإيمان بالغيب لأنه غائب عن نظرك ، إن كان شاهداً معك لا يغيب عنك بعلمه وسمعه وبصره فهو معك ، وهذه معية خاصة أو معية معنوية غير حسية لكنه حساً فهو غائب عنك ، لذلك فالإيمان بالله من الإيمان بالغيب يحتاج علامة وأدلة تدل على وجود الله تعالى ما هي ؟ فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته ومخلوقاته ، بآياته ومخلوقاته عطف خاص على العام ، والآيات تشمل الآيات المخلوقة والآيات المتلوة ، والمخلوقات أخص ، فمن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، هذه آيات مخلوقة وعلامات وجود الرب سبحانه وتعالى ، وقدرته وإرادته وعلمه وعزته وسمعه وبصره ، ( ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضون السبع ) ، هذه مخلوقات وفي الوقت نفسها آيات لافرق بين هذه الآيات والتي قبلها ومن فيهن وما بينهما .
والدليل قوله تعالى : ) ومن آياته الليل والنهار ( ، ومن آياته الدالة عليه الليل والنهار )الشمس والقمر () لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ( لأنهن من المخلوقات ) واسجدوا لله الذي خلقهن ( ، هو الذي يستحق السجود ) إن كنتم إياه تعبدون ( وقوله تعالى : ) إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار ….. الآية ( ، هذه الآية أول آية من الآيات السبع التي تدل على استواء الله على عرشه أول الآيات التي تدل على استواء الله هي هذه الآية في سورة الأعراف ، والثانية في سورة يونس ، والثالثة في الرعد ، والرابعة طـه ، والخامسة الفرقان ، والسادسة سورة السجدة ، والسابعة سورة الحديد ، الآيات السبع في هذه السور السبع هي التي تدل على استواء الله تعالى استواءً يليق به على عرشه ، وأما الأدلة الأخرى الكثيرة التي تدل على علو الله تعالى فهي أيضاً دليل آخر على هذا الاستواء لأن الاستواء علو خاص بالعرش ، وطلاب العلم يفرقون بين العلو والاستواء ، الاستواء صفة فعلية لذلك تجددت ، أما العلو فصفة ذاتية ثابتة دائمة ثبوت الرب سبحانه وتعالى لاتفارقه أي لا يزال الله في علوه دائماً وأبداً حتى نزوله إلى سماء الدنيا في آخر كل ليلة ، وحتى في وقت مجيئه يوم القيامة لفصل القضاء فهو لا يزال في علوه .العلو صفة ذاتية ثابتة قديمة قدم الذات ، وأما الإستواء فصفة فعل ، الإستواء علو خاص بالعرش ، وأما العلو فهو علو الله تعالى على جميع مخلوقاته وأنه بائنٌ من خلقه بذاته ليس في ذاته شئ من مخلوقاته ، ولا في مخلوقاته شئ من ذاته لهذا يعرف الرب سبحانه وتعالى ويميز من جميع المخلوقات ، وأما القائلون بأن الله في كل شئ وفي كل مكان لم يعرفوا ربهم بعد ، فليتعلموا من جديد فليطلبوه في علوه وليدعوه في علوه وليجهروا بأسمه في علوه ويخافوه من فوقه بذلك يعرفون ربهم وفوق ذلك فهم مضطربون غير عارفين بربهم
) ألا له الخلق والأمر ( الخلق له هو الخالق وحده ، والأمر له هو الآمر وحده ) تبارك الله رب العالمين ( .
قوله : ((وقوله تعالى : )إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ([ الأعراف : 54 ] والرب هو المعبود ، والدليل قوله تعالى : ) ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون % الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ( [ البقرة : 21 ـ 22 ] ))
الشرح : الرب هو المعبود ليس معنى هذا تفسير الربوبية بالعبودية ، بل يريد أن يقول الشيخ والرب هو المستحق للعبادة لكونه رباً خالقاً ـ أي يريد أن يستدل بالربوبية على الأولوهية كما تقدم في الآيات ـ ، وإلا الرب بمعنى الخالق المربي والمعبود الآله بمعنى المعبود ، نفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد العبادة ، نستدل دائماً بتوحيد الربوبية على توحيد العبادة ، وهذا ما أراده الشيخ رحمه الله . والدليل قوله تعالى : ) ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ( ، هذا هو وجه الإستدلال اعبدوا لأنه هو الذي خلقكم ، أما الذي لا يخلق ولا يرزق فلا يستحق العبادة .) اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون % الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ( إذا كان الأمر كذلك لا تجعلوا لله أنداداً ، إذا كان هو الذي فعل ذلك وأنفرد بهذه الأفعال بأفعاله هكذا الذي تقدم ذكرها إذاً لاتجعلوا له أنداداً تحبونهم كحب الله وتعبدونهم كما تعبدون الرب الخالق تعبدون مخلوقاً مثلكم وهو لم يخلق ولم يرزق بل هو نفسه خُلق وبحاجةٍ إلى من يرزقه إلى ربه سبحانه .
قوله : (( قال أبن كثير رحمه الله << الخالق لهذه الأشياء المستحق للعبادة >> ))
الشرح : قال ابن كثير رحمه الله تعالى : الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة يقرر ماقلنا ، هذا اسلوب القران وهوالاستدالال بتوحيد الربوبيه على توحيد العبادة
قوله : (( أنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام والإيمان والإحسان ))
الشرح : قال الشيخ رحمه الله وأنواع العبادة التي أمر الله بها أنواع مبتدأ وخبر محذوف تقديره كثيراً ، ثم قال مثل الإسلام بإمكانك أن تجعل مثل الإسلام والإيمان والإحسان …. الخ ، هو الخبر ولكن فيه ركة في المعنى ، والمعنى الواضح هو أن تقرر الخبر والإيجاز بحذف الأخبار اسلوب عربي معروف ، وأنواع العبادة التي أمر الله بها كثيرة ، مثل الإسلام وهو الاستسلام أي الأعمال الظاهرة ، ومثل الإيمان إذا ذكر الإسلام والإيمان معاً ، كما هنا وكما في حديث جبرائيل يفسر الإسلام بأعمال والجوارح والإيمان بأعمال القلوب ، أعمال الجوارح من العبادة ، من صلاة وزكاة وغير ذلك وأعمال القلوب من خشية ومحبة ورضى ومراقبة ، كل ذلك من الأعمال القلبية التي هي من شعب الإيمان ، والإحسان أدق من الإيمان وأخص ، الإسلام أشمل ثم الإيمان ثم الإحسان ، وسيأتي الكلام على كل مرتبة عند ذكر مراتب الدين الإسلامي الحنيف .
قوله : (( ومنه الدعاء ))
الشرح : ومنه ضمير يعود على العبادة ، والصحيح والصواب أن يقال ومنها أي ومن أنواع العبادة وهذا من تصحيح الألفاظ ، يقولون المعاني تحت المباني ، ولا بد من تصحيح المباني وعندما نصحح الألفاظ ليس معنى ذلك تعقيباً على الشيخ لأن الكتاب طبع عدة مرات والأخطاء المطبعية واردة ، وخصوصاً في هذا الوقت ، ومنها أي ومن العبادات الكثيرة الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة …….. الخ ، الدعاء الدليل على ذلك { الدعاء هو العبادة } ، { والدعاء مخ العبادة } ، والشيخ سوف يستدل بالدعاء مخ العبادة ، وأصح منه الدعاء هو العبادة ، ولكن المعنى واحد ، والدعاء مخ العبادة كما ذكر أهل العلم أنه ضعيف الإسناد، ولكنه صحيح من حيث المعنى لأن الحديث الثاني يشهد له والمعنى سليم ، والدعاء مخ العبادة ، والدعاء هو العبادة ولفظه هو العبادة ، قد تكون أقوى لأنه تعريف جرئئ الإسناد وتعريف جرئي الإسناد عند أهل البلاغة يفيد الحصر والقصر أي الدعاء وحده هو العبادة ، لأن الدعاء يدخل فيه دعاء طلب ودعاء مسألة كل العبادات الصلاة دعاء والزكاة دعاء والحج دعاء والصيام دعاء ، هذا دعاء عبادة ، وهنا دعاء طلب مثل اللهم أغفر لي وارحمني كل ذلك داخل في قوله دعاء .
قوله : (( والخوف ))
الشرح : والخوف ينقسم إلى قسمين : خوف عبادة وخوف طبيعي ، خوفك من الأسد وخوفك من العدو وتهرب منه خوف طبيعي ، وقد تخرج من بلدك خوفاً من جبار أو عدو هذا الخوف خوف طبيعي ، وليس خوف عبادة ، ولا يؤثر ، وإنما خوف العبادة كخوف المريد والدرويش ومن الشيخ ، شيخ طريقته يخاف منه من سره يخشى أن يطلع الشيخ على ما في ظميره فيضره في إيمانه وفي نفسه وفي أهله وماله وربما يخاف من الشيخ أن يسلب إيمانه أي الدراويش ، والمريدين يؤمنون بمشايخهم أشد من إيمانهم بالله رب العالمين ويخافون من شيوخهم أشد من خوفهم من الله يفعلون ما يشاؤن مما يسخط الله ولا يبالون اعتمادا على سعة رحمة الله يقولون الله أرحم الراحمين يغفر ولكن الشيخ أبداً لا يرحم إذا اطلع على ما في ضميرك أبداً لا يرحمك . أين الإيمان أين الإسلام مع هذا الاعتقاد ؟ ، وهذا الذي تقوله ليس من أساطير الأولين ، في كثير من الأقطار يجلس المريد أمام الشيخ جلسة الكلب أمام سيده مطأطئً رأسه على الأرض خائفاً يكاد أن يضع يده على قلبه ، ليحافظ على ما في صدره لعل لا يصدر بقلبه خاطر لايرضي الشيخ فيهلك هذا خوف العبادة الذي هو الشرك الأكبر من بلغ به الخوف من الشيء إلى هذه الدرجة فهو مشرك شركاً أكبر [ وإن ] صلى و صام .
قوله : (( والرجاء ))
الشرح : والرجاء . موقفهم من الرجاء كموقفهم في الخوف تماماً .
قوله : (( والتوكل ))
الشرح : والتوكل وهو الاعتماد على الله ، والرجاء أن يرجو الإنسان من الله مالا يقدر عليه غيره يرجوه ويسأله ويطلب منه طلبات ويتوكل عليه ويعتمد عليه اعتماداً كلياً ، ولانقسم التوكل كما قسمنا الخوف ، لا يجوز التوكل بغير الله إطلاقاً ، التوكل والحسب خاص بالله تعالى ، ولكن التوكل لا يمنع باستعمال الأسباب ، مزاولة الأسباب المباحة بل العبد مأمور بمزاولة الأسباب المشروعة كالتغرب لطلب العلم والزواج لطلب الولد ، وان يعمل في التجارة والزراعة لطلب الرزق ، ولكن لا يعتمد على هذه الأسباب يعتمد على الله سبحانه وتعالى في نجاح هذه الأسباب ، وأما ترك الأسباب والتمني على الله أن الله يرزقه ولداً صالحاً وهو لا يتزوج ويتعلم يجلس في بيته ليل نهار فيخرج على الناس أعلم أهل بلده هذه عبودية كاذبة مخالفة لسنة الله في خلقه لابد أن يعمل الأسباب ويتوكل على الله سبحانه وتعالى بنجاح تلك الأسباب ولا يجوز الاعتماد على تلك الأسباب .
قوله : (( والرغبة والرهبة ))
الشرح : والرغبة والرهبة ، الرغبة في الخير ، والرهبة في الشر ، لا ترغب إلا بالله ولا ترهب إلا من الله .
قوله : (( والخشوع والخشية والإنابة ))
الشرح : الخشوع والخشية متقاربان ، والإنابة والتوبة والرجوع إلى الله كل ذلك خاص بالله تعالى الذي يخشى ويخشع له ويخضع له ويتذلل له هو الله وحده .
قوله : (( والإستعانة ))
الشرح : الاستعانة . وقد تنقسم الاستعانة إلى جائز وغير جائز ، كطلب الاستعانة بغيرك فيما يقدر عليه كأن تطلب من غيرك رفع المتاع على سيارتك جائز لأنك طلبت فيما يقدر عليه ، ولكن إذا طلبت منه مالا يقدر عليه إلا الله فهذا هو الشرك ، والاستعاذة كذلك .
قوله : (( والإستغاثة ))
الشرح : والاستغاثة كذلك تطلب من إنسان ليحميك لتدخل البيت وتستغيث برجال الإطفاء ( الإسعاف ) فيما يقدرون عليه جائز ، لكن تستغيث بالله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، وأما تستغيث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تلتجئ إلى غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله هنا الشرك .
قوله : (( والذبح ))
الشرح : والذبح . الذبح نوعان : ذبح عادة وذبح عبادة ، ذبح العادة كذبحك شاةً لتأكل لحماً أو تكرم ضيفك ليس هذا هو المراد ، إنما الذبح الذي تذبحه تقرباً كالأضحية والهدايا والعقيقية ، لو صرفت شيئاً من ذلك كما يفعله جهال الحجاج فيما بلغنا من جهال الحجاج عندما يرجع من الحج بالسلامة بدل أن يشكر الله ويطعم عباد الله يأخذ الكبش فيهرول إلى قبر الشيخ ويذبحه هناك ، وكأن الشيخ في هذه الرحلة هو الذي حفظه وهو الذي رده بالسلامة إلى بلده ما قيمة هذا الحج ؟!! لا قيمة له لأنه لم يؤمن بعد .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 09:58 PM ]

قوله : (( والنذر ))
الشرح : النذر . جعل النذر في الأحوال عوام المسلمين أصحاب البساتين يجعل في النخل نخلة يخصصها للشيخ ، هذه النخلة هي التي تحفظ النخل كله ويجعل في الحوش ثوراً يحفظ الحوش كله ببركة الشيخ ، إذا كان الحوش وكذلك الأحوال الأخرى ليس فيها نذر للشيخ يخاف على المال من الضياع ، هؤلاء يحتاجون إلى مراجعة الإيمان ويحتاجون تصحيح عقيدتهم ، وهذا ما يجب على طلاب العلم اليوم أن يصححوا هذه العقائد المدخولة فيها كثيرٌ من الأخطاء ، أخطاء منتشرة بعقائد عوام المسلمين في أكثر الأقطار الإسلامية يعيشون على هذه العقيدة إذ هم بحاجة إلى تصحيح عقائدهم ، وقبل أن تصحح عليهم عقائدهم ، وقبل أن تقوم عليهم الحجة ببيان الحق نرجو أن يعذرون لأنهم يجهلون أن هذه الأنواع من العبادة ويحسبون أن هذا العمل من محبة الصالحين ومن عنوان التوسل بالصالحين . إذاً لم يتبين لهم الحق وإنما يحكم على الإنسان بالكفر دون تردد بالنسبة لمن تبين له الحق ) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ( هؤلاء هم الذين يحكم عليهم بالكفر أما الذين لم يخالفوا الله ورسوله بعد أن تبين لهم الهدى وبعد ما تبين لهم الحق ولكن ظناً منهم أنهم على الحق وأنهم على الهدى ولم يجدوا طلاب علمٍ وعلماء يبينوا لهم ذلك نرجو أن يعذروا ولكن في مثل هذه الانفتاحات العامة إذا علموا وسمعوا بواسطة المذياع ووسائل أخرى عليهم أن يبحثوا ويجتهدوا ليخرجوا من هذه الجاهلية إلى الإسلام الصحيح .
قوله : ((وغير ذلك من أنواع العبادات التي أمر الله بها كلها لله تعالى الذليل قوله تعالى : ) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ( [ الجن : 18 ] ))
الشرح : وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى والدليل قوله تعالى : ) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ( ( 2 )
قوله : (( فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر ))
الشرح : فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر . على التفصيل الذي تقدم بعد أن نفصل ما فيه التفصيل وبعد أن تأكد بأن الحجة قامت عليهم وبأنهم شاقوا الله ورسوله من بعد ما تبين لهم الحق وقبل ذلك لابد من التريث في مسألة التكفير كما تقدم .
وعند هذه الجملة لابد من الوقوف والتفصيل فمن صرف شيئاً لغير الله تعالى فهو مشرك كافر الأصل أن من صرف هذه الأنواع أو أي نوع من هذه الأنواع لغير الله تعالى فهو مشرك شركاً أكبر وكافر خارج من الملة وهذا هو الأصل .
ولكن هل كل من صرف نوع من هذه الأنواع لغير الله تعالى وكل من فعل كفراً يكفر ؟ وكل من ارتكب شركاً فهو مشرك أو لابد من التفصيل قد يقول المرء كفراً ولا يكفر وغيره يكفر وقد يفعل فعلاً كفريا يكفر أحدهم والآخر لا يكفر ، أحوال الناس تختلف وضروف الناس تختلف ومفاهيمهم وكل ذلك لابد من ملاحظتها وهذا الإطلاق على الأصل هكذا ولكن إذا راجعنا أحوال الناس واختلافهم في الفهم وعدم الفهم والضروف التي يعيشون فيها والبيئة التي نشاؤا فيها تجد الناس بينهم اختلافا شديد .
ولشيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله تفصيل طويل في مثل هذا المقام فيمن يأتي بالمكفرات حيث يكفر بعضهم وبعضهم لا يكفر فنحن نعيش بين أناس نعرف عقائدهم وموقفهم من الإسلام لذلك لابد من التفصيل ومن لم يتبين له الهدى وظن أن ما هو عليه هو الإسلام الذي جاء به رسول الله r وحالت بينه وبين الفهم الصحيح شبة وجهل وإشكال على كلام المشائخ والمنتسبين إلى العلم الذين لا يفرقون بين الشرك وبين التوحيد نشأوا في تلك البيئة وظنوا أن ما هم عليه هو الإسلام ويسمعون من بعض المشائخ من يقول إن الذبح لغير الله والنذر للصالحين والطواف بأضرحتهم ودعائهم والاستغاثة بهم كل ذلك من محبة الصالحين ولا يضر التوحيد وليس بشرك ، وظنوا أن هذا هو الحق ، أمثال هؤلاء لابد أن يعذرون حتى ينتقلوا من تلك البيئة ويفهموا عقيدة دين الإسلام الفهم الصحيح ومرجع من يفصل هذا التفصيل يستدل بآيتين من سورة البقرة ) لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ( وقوله تعالى : ) ربنا لا تأخذنا إن نسينا أو أخطأنا (وفي آية في سورة النساء ) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ( أما من لم يتبين له الهدى ولم يتعمد مشاقة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام بل ظن أن ما يفعله هو الهدى وهو الحق الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام لابد من بيان الحق له أولاً [ دعوته ] ومحاولة [ إصلاحه ] فإذا تبين له ونفسر بعد ذلك بما هو عليه وتقاليده يحكم عليه بأنه كافر كفراً بواحاً ومشركاً شركاً أكبر لابد من هذا التفصيل كما نفهم ذلك من واقع الناس لأنك لو وعضت هؤلاء الذين يشركون بالله هذا الشرك الأكبر وذكرتهم بالله وذكرت لهم الجنة والنار وأسمعتهم نصوص الوعد والوعيد لوجدهم يتأثرون تأثراً بالغاً بمعنى لم يصب قلوبهم شئ من الخراب ، خراب القلب هو الكفر طالما يوجد في قلب المرء خشية وخوف من الله والرجاء فيما عند الله ولكنه أخطأ الطريق الموصلة إلى الله وجعل يتخبط هنا وهناك وهو يعتقد أنه يسير إلى الله سيراً صحيحاً مثل هؤلاء يعذرون حتى يتبين لهم الهدى لابد من هذا التفصيل .
قوله : ((والدليل قوله تعالى : ) ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به لابرهان له به ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) ومن يدع مع الله إلهاً آخر لابرهان له به .. الآية ( لفظة إلهاً تطلق على المعبود بالحق وعلى المعبود بالباطل ولكن لفظ الجلالة ( الله ) لاتطلق إلا على المعبود بالحق خالق السماوات والأرض أما لفظة إله كل ما عبد ومن عبد من دون الله من شجر وحجر وأنسي وشمس وقمر وضريح وقبر يطلق عليهم لغة أنه إله أي مألوه ، المعبود الذي عبده الناس سواء كان بالحق أو بالباطل لذلك اشتملت كلمة التوحيد على الكفر والإيمان لاإله إلا الله .، لا إله كفر بما يعبد من دون الله ، إلا الله اثبات العبادة للخالق الحق ، أي تشتمل كلمة التوحيد على النفي والاثبات وعلى الكفر والايمان ولا بد من ذلك . لابد من الجمع بين الكفر والايمان والنفي والاثبات وإلا لو قلت الله ربي وعبدته ، ومع ذلك تعبد غيره ولم تنفي عبادة غيره لابالنفي ولا بالفعل ما ينفعك توحيدك لو عبد إنسان طول حياته الله رب العالمين ولكن يعبد معه غيره ولم يكفر بعبادة غيره ما تنفعه تلك العبادة إنما تنفعك عبادة الله إذا كفرت بعبادة غيره . ، قال تعالى : ) ومن يدع مع الله إلهاً آخر .. الآية ( لاحظ أنه قال مع الله ومن يدع من دون الله وذلك أبلغ وإذا دعوت مع الله غير الله ما نفعتك العبادة وإذا دعوت غير الله من دون الله فمن باب أولى ثم قال تعالى : ) لابرهان له به ( هذه الجملة حالية ، والحال في المعنى وصف وهي صفة كاشفة ومعنى الصفة الكاشفة لامفهوم لها أي لايوجد إله يعبد من دون الله وللعابد حجة ، والمراد بالبرهان الحجة والدليل. ولفظة برهان وحجة وسلطان بمعنى الدليل . من يعبد مع الله غير الله لادليل له قطعاً ولذلك تسمى صفة كاشفة لامفهوم لها .
قوله : ((فإنما حسابه عند ربه ))
الشرح : ) فإنما حسابه عند ربه ( لم يقل ولم يعلل نوع هذا الحساب وبهذا الابهام وعيد شديدٌ في اسلوب القرآن إذا أراد تعظيم العذاب وتهويل العذاب يبهم، والابهام نوع من تعظيم العذاب وتهويل العذاب وحسابه عند الله هو الذي يعلم كيف يحاسبهم لأنه يعلم قلبه كما يعلم ظاهره بترك أمره إلى الله كأنك قلت أمره إلى الله وهو الذي يحاسبهم بما يستحقون .
قوله : (( إنه لايفلح الكافرون ))
الشرح : ) إنه لايفلح الكافرون ( دليل على أن من عبد غير الله مع الله فهو كافر سواءاً كان الكفر كفراً أكبر أو أصغر ، وربما كان الكفر كفراً أكبر أو كفراً أصغر إن كان معذوراً كما مر في التفصيل السابق يكون كفره كفرٌ دون كفر ، وإن كان غير معذور وقامت عليه الحجة وتبين له الحق والهدى فخالف فكفره كفراً بواح ناقل من الملة .
قوله : ((وفي الحديث { الدعاء مخ العبادة } ))
الشرح : وفي الحديث { الدعاء مخ العبادة } وفي الحديث الآخر { الدعاء هو العبادة } معناهما واحد ، مخ الشيء خالصه ، الدعاء لأن العبد إذا دعا الله لجأ إليه واعترف بفقره وغنى ربه من هنا يكون الدعاء خالص العبادة ومخ العبادة وهو العبادة وحده .
قوله : ((والدليل قوله تعالى : ) وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ( [ غافر : 60 ] ))
الشرح : وقوله تعالى : ) وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين () إن الذين يستكبرون عن عبادتي ( سمى الدعاء عبادة أي إن الذين يستكبرون عن الدعاء إما تكبراً أو إعراضاً سيدخلون جهنم داخرين صاغرين كما تكبروا ولم يخضعوا لله تعالى وحده واشركوا معه غيره .
قوله : (( ودليل الخوف قوله تعالى : ) فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ( [ آل عمران : 175 ] ))
الشرح : ودليل الخوف قوله تعالى : ) فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ( شرطٌ وجواب ) إن كنتم مؤمنين ( هذا شرط ، والجواب إما متقدم أو محذوف يدل عليه المتقدم ، )وخافون ( هو الجواب للشرط عند من يجيزون تقديم الجواب على الشرط وهم البصريون وبعض الكوفيين وعند غيرهم ، الجواب محذوف يدل عليه ما قبله إن كنتم مؤمنين فخافون ، والمعنى واحد لابد من أخذ الآية بمنطو قها ومفهومها ، المنطوق إن كنتم مؤمنين خافونِ ، والمفهوم من لم يخف الله ويفرده بالخوف منه ليس بمؤمن ، وقد سبق أن فصلنا الكلام في الخوف ، وهذا الخوف خوف عبادة كخوف السر ، أما الخوف الطبيعي كأن يخاف الإنسان عدوه الذي هو أقوى منه ويخاف من النار ويخاف من الأسد وهذا الخوف خوف طبيعي لا خوف عبادة ، الخوف الذي هو يعتبر شركاً إذا صرف لغير الله تعالى كأن تخاف من مخلوق خوف السر أي لا تخاف من ضربه وبطشه ، ولكن تخاف من أن يؤثر عليك بسره بكرامته كما يسمون وهذا هو الشرك الأكبر وهذا المعنى يقع فيه كثير من عوام المسلمين الذين يتربون في أحضان المتصوفة الذين يربون الناس على الإعراض عن الله والخوف من عباد الله ويجعلون أنفسهم وسطاء بين العباد وبين رب العباد ويحثونهم أن يخافوا من المشايخ ويرجونهم ويتملقوا لهم وليس عليهم شئ بعد ذلك هم أهل الجنة طالما يخلصون الخوف والرجاء والرغبة للشيخ فهو من أهل الجنة يدعوه إلى الكفر ثم يعده بالجنة تناقضات عجيبة .
قوله : (( ودليل الرجاء قوله تعالى : ) فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ( [ الكهف : 110 ] ))
الشرح : ودليل الرجاء قوله تعالى : ) فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ( كأن يرجو غير الله مع الله كما تقدم في الكلام السابق ) فمن كان يرجوا لقاء ربه ( بعد الموت بعد البعث من يرجو لقاء ربه ، ويؤمن بلقاء ربه ) فليعمل عملاً صالحاً ( العمل الصالح العمل الموافق للسنة إذا كان صالحاً وكان خالصاً نفعك . الصالح العمل المقيد بالسنة الخالص ما أردت به وجه الله لذلك قال : ) ولا يشرك بعبادة ربه ( بما في ذلك الرجاء ) لا يشرك بعبادة ربه أحداً ( لأن الله هو الذي بيده كل شئ فليخلص الرجاء لله سبحانه وتعالى .
قوله : (( ودليل التوكل قوله تعالى : ) وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ( [ المائدة : 23 ] وقال تعالى : ) ومن يتوكل على الله فهو حسبه ( [ التحريم : ] ))
الشرح : ودليل التوكل قوله تعالى : ) وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ( هنا في جواب الشرط يقال ما تقدم أي جواب الشرط إما متقدم أو محذوف ) فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ( لك أن تقول إن كنتم مؤمنين فتوكلوا على أن جواب الشرط محذوف دل عليه ما تقدم أو فتوكلوا المتقدم هذا هو جواب الشرط والمعنى واحد ، التوكل على الله هو الاعتماد القلبي ، التوكل عمل قلبي لا يكون التوكل إلا على الله لا يجوز الاعتماد في هدايتك في صلاحك وصلاح ذريتك وصلاح شؤونك ، لا يجوز الاعتماد إلا على الله مطلقاً والاعتماد على بعض الأسباب بالقلب نوع من الشرك مزاولة الأعمال ومباشرتها مشروع ، ولكن الاعتماد على تلك الأسباب من الشرك ، الاعتماد على الله وحده .
قوله : ((ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى : ) إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ( [ الأنبياء : 90] ))
الشرح : ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى وهو يصف بعض الأنبياء : ) إنهم كانوا يسارعون في الخيرات () وزكريا إذ نادى ربه رب لاتذرني فرداً وأنت خير الوارثين % فاستجبنا له ووهبنا له يحيى أصلحنا له زوجة إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين %( من صفات الأنبياء والصالحين أنهم يدعون الله رغبة ورهبة ) كانوا يدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ( ، وكانوا لنا خاشعين بأسلوب الحصر وأين الحصر ؟ تقديم المعمول على العامل يفيد الحصر أين العامل ؟ وأين المعمول ؟ في الذي تقدم حيث في قوله : ) وكانوا لنا خاشعين ( حصر وقصر لتقدم المعمول على العامل ، والعامل هو الأفعال والمشتقات من الأفعال هي التي تعمل والمعمول الفاعل معمول والمفعول به معمول والظرف معمول والجار والمجرور معمول ، والمعمول في الآية المتقدم هو الجار والمجرور [ لنا ] ، لنا معمول لخاشعين ، وخاشعين هو العامل والتقدير كانوا خاشعين لنا ، ولو عبر بهذا التعبير في غير القرآن مثلاً وقلنا وكانوا خاشعين لنا لا يفيد المعنى الذي يفيد عند التركيب كانوا خاشعين لنا لا يمنع أن يكونوا خاشعين لغيرنا ولكن إذا قال وكانوا لنا أي لنا وحدنا خاشعين لا يخشون لغيرنا ، هكذا يفيد تقديم المعمول على العامل أي تقديم الجار والمجرور [ لنا ] على الخاشعين ، والخاشعين من حيث الإعراب خبر كان الواو اسمها وخاشعين خبرها ، ولكن خاشعين تعمل لأن الجار والمجرور متعلق بخاشعين .
قوله : ((ودليل الخشية قوله تعالى : ) فلا تخشوهم واخشون ( [ البقرة : 150] ))
الشرح : ودليل الخشية قوله تعالى : )فلا تخشوهم واخشوني ( في دليل ونهي عن خشية غير الله بل تكون الخشية لله ، والخشية بمعنى الخوف وقد تقدم التفصيل في الحوف وهو نفس التفصيل في الخشية .



( 2 ) سوره الجن : 18



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 4 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 09:59 PM ]

قوله : ((ودليل الإنابة قوله تعالى : ) وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له ( [ الزمر : 54 ] ))
الشرح : ) وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له ( الإنابة الرجوع والتوبة إلى الله وتسليم الأمر لله كل ذلك لا يكون إلا الله .
قوله : (( وفي الحديث : { إذا استعنت فاستعن بالله } ))
الشرح : ودليل الاستعانة قوله تعالى : ) إياك نعبد وإياك نستعين ( فرق بين إياك نعبد ونعبد إياك ، فرق بين إياك نستعين ونستعين إياك ، تقديم المعمول الذي هو إياك في الفعلين يفيد الحصر ، إياك وحدك نعبد لا نعبد غيرك ولا نعبد أحداً سواك وإياك وحدك نستعين لا نستعين إلا بك ، وتقدم التفصيل في الاستعانة يجوز للإنسان أن يستعين بغير الله فيما يقدر عليه ، ذلك الغير كأن يطلب منه أن يعينه على رفع متاعه على دابته أو على سيارته أو رفع سوط له سقط على الأرض كل هذا جائز ، ومثل أن يرفع له القلم وغير ذلك من الأمور المعروفة . وفي الحديث { إذا استعنت فاستعن بالله } فيما لا يقدر عليه إلا الله ، وإذا استغثت فاستغث بالله .
قوله : ((ودليل الاستعاذة قوله تعالى : ) قل أعوذ برب الناس ( [ الناس : 1 ] ))
الشرح : ودليل الاستعاذة قوله تعالى : ) قل أعوذ برب الناس ( ، الاستعاذة بمعنى اللجوء والالتجاء ، قد يلتجأ الإنسان إلى غير الله فيما يقدر عليه في ذلك كأن يلتجأ إلى عظيم من العظماء ليحميه من عدوه ويدخل بلده أو يمر في بلده ، ومثل هذا جائز .
قوله : ((ودليل الاستغاثة قوله تعالى : ) إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ( [ الأنفال : 9 ] ))
الشرح : ودليل الاستغاثة قوله تعالى : ) إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ( وهذا واضح .
قوله : (( ودليل الذبح قوله تعالى : ) قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ( [ الأنعام : 162 ـ 163 ] ،ومن السنة : { لعن الله من ذبح لغير الله } ))
الشرح : ودليل الذبح قوله تعالى : ) قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ( الشاهد ونسكي ، النسك هو الذبح ويتقرب العبد بالنسك لله سبحانه وتعالى كالذبح يوم العيد بذبح الهدي والأضحية ، وكذلك السنة المشروعة في العقيقية هذه من أنواع الذبائح التي تعتبر عبادة ولو ذبح شاة لأولاده أو لضيوفه لا يعتبر ذلك عبادة أي ليس كل ذبح عبادة إنما الذبح الذي يقصد به التقرب لا يكون إلا لله .
ما معنى صرف الذبح لغير الله تعالى ؟ وهذا شئ معروف لدا جمهور عوام المسلمين إلى يومنا هذا كثير منهم إذا سافر أو رجع من السفر بالسلامة ولا سيما في سفر الحج بادر بكبشة إلى الشيخ إما يذبحه في بيته باسم الشيخ ومحبة للشيح وتقرباً إلى الشيخ أو يأخذه إلى ضريحه فيذبحه عند الضريح مما زاد الطين بله ، وهذه الذبائح لا يحل أكلها ولو قال عند قطع الرقبة باسم الله طالما تقرب بهذه الذبيحة إلى غير الله التلفظ بالبسملة كلمة جوفاء يقولها عند قطع الرقبة بسم الله لا تفيده لأنها لا تفيده لأنها إنما ذبحت لغير الله فليفهم هذا جيداً ، ومن تقرب بذبيحة من الذبائح سواء ذبحها في بيته أو عند قبر الشيخ طالما أخذ ونوى التقرب بهذه الذبيحة إلى غير الله تعالى فهي جيفة ميته
ومن السنة : { لعن الله من ذبح لغير الله } الذبح لغير الله لا يستشكل إلا كثيراً في شبابنا الذين نشأوا في الإسلام ولا يعرفون شيئاً من ذلك ، لكن من يصغي إلى الخارج وما الذي يجري في كثير من الأقطار أن أكثر التقرب إلى المشائخ بسببه .
قوله : ((ودليل النذر قوله تعالى : ) يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ( [ الإنسان : 7 ] ))
الشرح : ودليل النذر قوله تعالى : ) يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ( النذر عبادة غريبة بمعنى لم يحث الشارع على النذر بل حث على عدم النذر { إن النذر لايأتي بخير } وإنما شيء يخرج الله به من يد البخيل ، البخيل الذي لا يتصدق يخرج الله من يده بالمرض مثل أن يمرض أو يمرض ولده فيقول : إن شفى الله مريضي أو إن رد الله علىّ ظالتي أو نجح ابني في الدور الأول أذبح لله تعالى كبشاً أطعم الفقراء كان بخيلاً لا يجود ، لكي يذبحه ويطعم به الفقراء أخرج الله من يده هذا الكبش بهذا النذر إذاً النذر لا يأتي بخير ووجه غرابته وندارته ومخالفته لسائر العبادات لم يحث الشارع على النذر ولكن أوجب الوفاء من نذر وجب عليه الوفاء { من نذر أن يطيع الله فليطعه } ، لكن ابتداء ليس محل الحث ، ولكن عند الإيفاء واجب ايفاء النذر .
قوله : ((الأصل الثاني : معرفة دين الإسلام بالأدلة وهو : الاستسلام لله بالتوحيد ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله : الأصل الثاني معرفة دين الإسلام بالأدلة وهو الاستسلام لله بالتوحيد ، والانقياد له بالطاعة ، والخلوص من الشرك ، تعريف الإسلام : هو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد ، بمعنى إذا ذكر الإسلام وحده هكذا يدخل معه إيمان القلب ، الإسلام والإيمان إذا ذكرا معاً يفرق بينهما في المعنى كما في حديث جبرائيل يفسر الإيمان بأعمال القلوب ويفسر الإسلام بأعمال الجوارح ، ولكن إذا ذكر الإسلام وحده دخل معه الإيمان ، وإذا ذكر الإيمان وحده دخل معه الإسلام ، لذا يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب هنا : الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد أول شيء الاستسلام لله بالتوحيد وبالأفراد ، إفراد الله تعالى بالعبادة يعتبر إسلاماً ويعتبر إيماناً ، كما تفرد الله سبحانه وتعالى بأفعاله بالخلق والرزق والإحياء والاماته والاعطاء والمنع يجب إفراده سبحانه وتعالى بأفعال العباد بالدعاء والاستغاثة والنذر وغير ذلك من الأمور التي تقدم ذكرها هذا يسمى إسلاماً ويسمى إيماناً ، والانقياد له بالطاعة أشار هنا إلى أفعال الجوارح ، الاستسلام له بالتوحيد أعمال القلوب لأن أصل التوحيد ينبعث من الإيمان في القلب لذلك العقيدة جانب مهم من الإيمان ومن يدعي الإيمان وهو لا يحقق العقيدة إيمانه دعوى لأن العقيدة الجانب المهم من الإيمان لأن الإيمان اعتقاد بالقلب وعمل الجوارح ونطق باللسان ، الاعتقاد بالقلب هو الذي يسمى عقيدة وهو الإيمان لذلك ليست العقيدة مادة خاصة يدرسها طلاب العلم المنتسبون إلى الجامعات والمعاهد بل العقيدة علم لايستغنى عنها أي مسلم ومسلمة .
قوله : (( والانقياد له بالطاعة ))
الشرح : والانقياد له بالطاعة ، طاعة الله تعالى وطاعة الرسولr فرسول الله له الطاعة المطلقة غير المقيدة ، وطاعة غيره من المخلوقين مقيدة كطاعة ولاة الأمور وطاعة الوالدين هذه مقيدة ، أما طاعة الرسول r طاعة مطلقة ) أطيعوا الله وأطيعوا والرسول ( ، عطف طاعة الرسول r على طاعة الله تعالى وأعاد الفعل ) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( وعند ذكر أولي الأمر لم يعد الفعل ، لأن طاعتهم تابعة لطاعة الله تعالى وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام أما إذا أمر الرسول أو نهى لا نبحث أو موجود ذلك في الكتاب نطيعه طاعة مطلقة ولو لم يرد المأمور به على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام في القرآن ولو لم يرد المنهي عنه على لسان الرسول r في القرآن وجبت علينا طاعته هذا هو معنى الطاعة المطلقة وأمثلة ذلك يعرف من يدرس الأحكام الفقهية لأن في الأحكام أحكام جاءت في الكتاب وهناك أحكام انفردت بها السنة ولا فرق بينهما كذلك في باب الأسماء والصفات ، صفات اتفقت عليها نصوص الكتاب والسنة وصفات جاءت في السنة فقط ولم يأتي ذكرها في الكتاب لانتوفق عند تطبيقها على ورودها في الكتاب وهذه نقطة مهمة يجب أن يعلمها طلاب العلم لألا يظنوا أن السنة قد لا تنفرد بل السنة قد تنفرد ، السنة تأتي موافقة وتأتي مؤسسة وتأتي مؤكدة .
قوله : (( والبراءة من الشرك وأهله ))
الشرح : الخلوص من الشرك لأن التوحيد إذا لم يكن خالصاً لله لا يقبل كذلك الطاعة إذا لم تكن خالصة لله لاتقبل لأن الله أغنى الشركاء كما أخبر عن نفسه في الحديث القدسي : { أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه } ، الأعمال لاتقبل إلا إذا كانت خالصة ، والتوحيد لا يقبل إلا إذا كان خالصاً إذاً الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة ، والبراءة من الشرك وأهله وأن يكون ذلك خالصاً لله تعالى هذا هو الإسلام وهذا هو الإيمان .
قوله : ((وهو ثلاث مراتب : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ))
الشرح : ثم قال الشيخ رحمه الله : وهو ثلاث مراتب ، وهو الدين الضمير يعود على الإسلام ، وهو أي الدين الإسلامي الذي جاء به الرسول r ثلاث مراتب : المرتبة الأولى : الإسلام ، والمرتبة الثانية : الإيمان ، والمرتبة الثالثة : الإحسان . والإسلام أوسع لأن الإسلام هو الاستسلام الظاهري قد يدخل فيه إسلام المنافقين والإيمان أضيق وأخص لأن الإيمان لابد أن يكون هناك تفريق في القلب زيادة على الإسلام الظاهري ، والإحسان أدقهما أي الإحسان الإتقان المحسنون خلص المؤمنون إذا وصل الإنسان إلى درجة الإحسان كان مسلماً مؤمناً إزداد زيادة بزيادة الأعمال حتى قوي إيمانه وارتقى وقوي ووصل إلى درجة من شدة مراقبة الله تعالى أنه يعبد الله كأنه يشاهده تؤثر فيه مراقبة الله ومحبة الله وخشية الله إلى درجة أنه يعبده كأنه يراه فيشاهدة إيماناً منه بأنه يطلع عليه الله دائماً وأبداً فالله يراه ويسمعه ويعلم منه كل شيء ، الوصول إلى هذه الدرجة ليست بالحكاية كما نحكي ، ولكن بالعمل ، وقل من يصلون إلى هذه الدرجة ، درجة الإحسان لا يصل المرء إلى هذه الدرجة إلا بالعلم واليقين والصبر لذلك نحث شبابنا الطبيين الذين يرغبون كثيراً في الجهاد ويقولون في هذه الأيام ما العلم وما العلم ، الجهاد الجهاد ، نصيحتنا لهم هذا غرور وخديعة شيطانية أيما فكرة وأيما جماعة وأيما شخص يحثك على ترك العلم والاندفاع إلى الجهاد يزين لك ما ظاهره عملاً صالحاً وليس بصالح لاتعرف درجة المجاهدين ولاتصل إلى درجة المجاهدين ودرجة الإحسان والقرب من الله إلا بالعلم . العلم هو الطريق قد يزين لك بعض الناس الجهاد وتنقطع عن العلم فتمر سنة سنتين الجهاد الجهاد لا جاهدت ولا تعلمت ، هذا واقع كثيرٌ من الشباب تزيين من الشيطان اجتهد في تحصيل العلم وفي بعض الفرص اذهب فجاهد تدرب أولاً وتعلم ثم جاهد هكذا يفعل كثيرٌ من الشباب المخلصين الذين نرجو أن يكونوا مخلصين وهم يجاهدون من وقتٍ لآخر في صمت تام ، دون جعجعة ، أما اتخاذ الجهاد شعاراً أجوف ـ الجهاد الجهاد ـ هكذا كان يفعل بعض الناس ولما اندلعت الحرب في أفغانستان وقام الجهاد انكشفوا تلك ظاهرة حقيقية لا يعلمها إلا المجربون ، واسألوا المجربين ، لا تتخذوا الجهاد شعاراً أجوف الجهاد عمل صالح ذروة سنام الإسلام ليس معناه ألفاظ جوفاء ومظاهرات وإعلانات لا ، جاهد في سبيل الله سراً اذهب حيث يوجد الجهاد فجاهد وأنت صامت لا يعلم ذلك إلا الله .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 5 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 10:01 PM ]

قوله : (( كل مرتبة لها أركان ))
الشرح : وكل مرتبة لها أركان ، فأركان الإسلام خمسة أخذاً من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : { بني الإسلام على خمس شهادة أن لاإله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام } خذ الشيخ من هذا الحديث فقال أركان الإسلام خمس شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، الشهادة الإعلان والنطق باللسان ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام .
قوله : ((فأركان الإسلام خمسة : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ،فدليل الشهادة قوله تعالى : ) شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لاإله إلا هو العزيز الحكيم ([ آل عمران : 18 ] ))
الشرح : فدليل الشهادة قوله تعالى : ) شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائماً بالقسط لاإله إلا هو العزيز الحكيم ( الله سبحانه وتعالى شهد لنفسه بالتوحيد ، وشهدت له الملائكة وشهد له المؤمنون .
قوله : ((ومعناه : لا معبود بحق إلا الله )) معناها لا معبود بحق إلا الله ، وتقدير لا معبود بحق أمر ضروري ومن يقول لا معبود إلا الله دون تقدير إما بحق أو حق يخطئ لا يفهم معنى لا إله إلا الله لأن معنى ذلك ينفي وجود المعبودات مطلقاً وهذا خلاف الواقع ، المعبودون موجودة في كل وقت ، ولكن المعبود بحق هو الله وحده هذا معنى أن الشهادة تشتمل على الكفر والإيمان ـ الكفر بما يعبد وبمن يعبد من دون الله ، والإيمان بعبادة الله وحده لا معبود بحق إلا الله وحده وأما من عبد وما عبد منذ أن عبدت الأصنام والأوثان إلى يوم الناس هذا عبادتهم باطلة وهم في اللغة يطلق عليهم آلهة كلها آلهة ، والعرب كانت تسميهم آلهة والناس اليوم لما جهلوا اللغة [ لا ] يسموهم آله ، يسمونهم مشايخ والصالحين والأولياء والأضرحة والمقامات أسماءٌ مغيرة فهي آله ، كل ما عبد من دون الله ولو حجراً أو شجراً أو شيطاناً أو ولياً لا فرق أي لا فرق بين أن يعبد الإنسان صالحاً أو يعبد شيطاناً أو طالحاً كلها آلهة بالباطل لا تستحق العبادة ولو كانوا من الصالحين .
قوله : (( ( لاإله ) نافياً جميع ما يعبد من دون الله ))
الشرح : قال الشيخ رحمه الله : ( لاإله ) نافياً أي لاإله حال كونك نافياً ، نافياً حال ، نقول أيها الموحد لاإله نافياً جميع ما يعبد من دون الله من الصالحين والطالحين والجمادات والمتحركات كلهم عبادتهم باطلة ، مثبتاً تقول ( إلا الله ) أي تقول إلا الله مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته وقد تقدم ذكر أنواع العبادة بالتفصيل فلا داعي للإعادة كما أنه ليس له شريك في ملكه هذا استدلال من الشيخ أخذاً بطريقة القرآن التي تقدمت الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد العبادة .
قوله : (( ( إلا الله ) مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه لآشريك له في ملكه ))
الشرح : قال رحمه الله : لا شريك له في عبادته كما أنه لا شريك له في ملكه لا أحد يستطيع أن يقول له [ إنه ] شريك في ملكه ، خلق معه يرزق معه .
قوله : (( وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى : ) وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه أنني برآء مما تعبدون %إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ( [ الزخرف : 26 ـ 28 ] ))
الشرح : وتفسيرها الذي يوضحها يريد أن يقول الشيخ : هذه الكلمة تفسرها آيات قرآنية كثيرة وذكر منها بعضها تفسير لاإله إلا الله في القرآن آيات قرآنية تفسر لاإله إلا الله ومنها قوله تعالى : ) وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني برآء مما تعبدون % إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون %( هذه الأمة هي معنى لاإله إلا الله حتى في الترتيب ) إنني برآء مما تعبدون ( تقابل لاإله ، ) إلا الذي فطرني ( تقابل إلا الله فقدم البراءة قبل الإثبات والإيمان ) فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ( وهذه الآية من عقب إبراهيم عليه السلام لأنه أبو الأنبياء فبقيت الكلمة في جميع الأنبياء وفي آخر الأمة هذه الأمة بقيت كلمة لاإله إلا الله بمعناها ومن الآيات التي تفسر لاإله إلا الله .
قوله : (( وقوله تعالى : ) قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ( [ آل عمران : 64 ] ))
الشرح : قوله تعالى : ) يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبدوا إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ( ، ألا نعبد إلا الله بمعنى لاإله إلا الله ولا نشرك به شيئاً أي وحده وهي كلمة لاإله إلا الله تماماً . ) ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ( من أطاع العلماء أو المشايخ أو المتبوعين أو حتى مشايخ القبائل من أطاعهم في سوالفهم الجاهلية البدوية في التحليل والتحريم فقد اتخذهم أرباباً من دون الله لا تظنون عندما نقول الكفر بغير ما أنزل الله كفرٌ أن المراد بأن غير ما أنزل الله القوانين المستوردة من الخارج فقط لا ، ولو حكم الإنسان بالعادات والتقاليد والسواليف المحلية في التحليل والتحريم لفرق بين ذلك وبين القوانين المنظمة التي تستورد من الخارج من الشرق والغرب طالما صدر الحكم بغير ما أنزل الله فهو حكم جاهلي فهو كفر قد يقع أهل البادية في كثير من الأقطار في التحليل والتحريم بسوالفهم من حيث لا يشعرون ويقعون في الحكم بغير ما أنزل الله في بعض الأقطار مثلاً الإرث خاص بالرجال وفي بعضهم الإرث للولد البكر فقط هو الذي يرث الأب المال كله له وفي بعض الأقطار تحليل بنت العم وبنت الخالة وبنت العمة جائزة ، وهكذا تجد سواليف وعادات تحرم وتحلل ومشايخ القبائل هم الذين يحكمون في ذلك على جهل وإعراض عما جاء به الرسول r كل ذلك حكم بغير ما أنزل الله ومن الطواغيت . ) ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ( .
قوله : (( ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى : ) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ( [ التوبة : 128 ] ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله تعالى : ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى : ) لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم …الآية( ، رسولٌ من أنفسكم يختلف علماء التفسير هل الخطاب للعرب أو لجميع المسلمين ؟ الجمهور أن الخطاب للعرب لأنهم أول من وفد عليهم الإسلام وهم يعتبرون أساتذة لغير المسلمين لغير العرب أي المسلمون من غير العرب تابعون للعرب لذلك إذا عز العرب وتمسكوا واهتدوا الناس تبعٌ لهم وإذا انحرفوا الناس تبعٌ لهم أيضاً في الانحراف وهذا واقع . ) لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم ( من جنسكم ليس بملك ولا بجني ولو كان كذلك لاستوحشتم منه ، ولكن رحمه منه سبحانه وتعالى ولإقامة الحجة عليكم جعله منكم يتكلم بلغتكم تعرفون من هو وأبن من هو ، ومن أي قبيلة ومن أي بلد تعرفون منه كل شيء ) عزيزٌ عليه ما عنتم ( يعز عليه ما يوقعكم في العنت ، ) حريصٌ عليكم ( حريص على هدايتكم وعلى إيمانكم وعلى استقامتكم ، ) بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ( قدم الجار والمجرور بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ، وأما بالنسبة لغير المؤمنين فالرسول r) والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ( إنما هو رحمة للمؤمنين ، بالمؤمنين رؤوف رحيم بالمؤمنين فقط دون غيرهم نأخذه من تقديم المعمول على العامل كما تقدم . ) بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ( وصف نبيه عليه الصلاة والسلام بأنه رؤوفٌ رحيم ، الله سبحانه وتعالى رؤوفٌ رحيم وكيف ذلك ، وهل المخلوق يوصف بصفات الخالق ؟ بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ، بغلام عليم ،بغلام حليم ، كثيرٌ من الناس يلتبس عليه ذلك فلتعلموا أن الاشتراك باللفظ وفي المعنى العام لا يضر والأمر لابد منه الاشتراك باللفظ كالرحمة والرأفة والعلم والسمع والبصر ، والسمع والبصر من أعظم صفات المخلوقين وهي من صفات الخالق صفات ذاتية . س / فهل ضر ذلك وهل أوقع ذلك في التشبيه والتمثيل ؟
جـ / لا . لأن سمع الله غير سمع المخلوق أي حقيقة سمع الله غير حقيقة سمع المخلوق ، حقيقة بصر الخالق غير حقيقة بصر المخلوق . كذلك حقيقة علم الله ورحمته ورأفته وملكه [ وعزته ] وعظمته كثيراً ما يستنكر بعض الناس .
س / لماذا يسمى المخلوق ملك ؟ جـ / الله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء الملك أو المالك كالعالم والسميع والبصير هذه الأسماء إطلاقها على المخلوق لا يوقع في التشبه وباختصار الاشتراك إنما يقع قبل أن تضاف الصفات إلى الموصوفين قبل أن تضاف صفات الخالق إلى الخالق وصفات المخلوق إلى المخلوق وهذا يسميه علماء الكلام ( المطلق الكلي ) ، والمطلق الكلي عندهم لاوجود له إلا بالذهن أما في الخارج لا يوجد كل ما يوجد في الخارج يوجد خاصة هل تتصور علماً قائماً هكذا ليس علم زيد ليس علم خالق ولا علم مخلوق ، علمٌ قائم بنفسه لاوجود له هذا يسمى ( المطلق الكلي ) الذي لا وجود له ،في الخارج إلا أن الذهن يتصور ذلك العلم لكن إذا أضيف علم الله إلى الله وسمع الله إلى الله وبصر الله إلى الله وعلم المخلوق إلى المخلوق وسمعه وبصره ورحمته لا اشتراك لأن الإضافة خصصت ، إذا قلت علم الله علم خاصٌ بالله بمواصفاته علم محيطٌ بجميع المعلومات علمٌ لم يسبق بجهل ، علمٌ لا يطرأ عليه غفلة أو نسيان علمٌ قديم قدم الذات هل علمٌ كهذا ، هل يمكن أن يشترك فيه مخلوق ؟ لا ، إذاً اختص بالله إذا قلنا علم زيد ، فعلم زيد علم مكتسب مسبوق بجهل قاصر غير محيط بجميع المعلومات فالله منزه أن يشارك المخلوق في مواصفات وحقائق وخصائص علم المخلوق وهذه النقطة مهمة وهي سبب ‘انزلاق علماء الكلام لما لم يستطيعوا التفريق إلا بتصور صفات الحق إلا كما يتصور صفات المخلوق إذاً فصفات الخالق كصفات المخلوق ومنهم من قالوا إذا أردنا الحق ننفي الصفات، نثبت ذاتاً مجردة ليست موصوفة بصفات انزلقوا جميعاً وهدى الله أتباع محمد r الذين اقتدوا به وبأثره وسنته وبما جاء به ولم يلتمسوا الحق في غير كتاب الله ولم يلتمسوا الهدى في غير سنة رسول الله r هداهم الله وأثبتهم على هذه الجادة ولله الحمد والمنة
قوله : (( ومعنى شهادة محمداً رسول الله طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر ))
الشرح : ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر ، فيما إما تعتبرها مصدرية أو تعتبرها موصولة ، وتفيد العموم في كل ما أمر وكل ما أخبر يجب طاعته .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 6 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 10:02 PM ]

قوله : (( واجتناب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ))
الشرح : هذه الفقرة الأخيرة وهي قوله : واجتناب ما عنه نهى وزجر ، وان لا يعبد الله إلا بما شرع مهمة جداً ، لأن كثيراً من الناس قد يطيع الرسول r ولا يكذبه وقد ينتهي عن كثيرٍ من المنهيات ويتمثل الأمر لكن عند عبادة الله تعالى لا يتقيد بما جاء به النبي r [ من هنا ] يقع في الابتداع يعبد الله ويتخبط في عبادته لا يتقيد بالسنة عبادة ، عبادة ، مثال ذلك تجد بعض الناس يركعون في أوقات النهي نوافل مطلقة أو يزيد عدة ركعات بعد أذان الفجر إذا قلت له يا أخي لا يشرع إلا ركعتي الفجر بعد الأذان وفي مثل هذا الوقت الصلاة منهيٌ عنها يقول : لا ، هذه لله كلها لله والعبادة التي لاتقبل إلا على الجادة لا يفهم هذا ما دام هذه صلاة فيها ركوع وسجود وتمشي في أي وقت وكيف جاءت وهذا من الجهل ،وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .يقول العلامة أبن القيم رحمه الله : الإنسان الذي يعبد الله بغير السنة ـ أي غير متقيد بالسنة ـ كالذي يحمل جراباً ملئ رملاً حمله على رأسه فسافر به فإذا وصل إلى حيث شاء وفتح الجراب ماذا يرى ؟! يرى رملاً ، ـ لا يرى سكراً ولا أرزاً ولا طعام ماذا يفعل ـ ولما وصل لم يتمكن من الاستفادة من الجراب الذي حمله على رأسه كذلك من يكثر من العبادة على جهل دون تقيد بهدي محمدٍ عليه الصلاة والسلام إذا وصل يوم يصل ويجد أنه لاشيء عنده ما عنده شيء لا يقبل وكيف يقبل ؟! وهل بعث الله محمداً عليه الصلاة والسلام عبثاً ؟ بعثه إلينا لنتبعه لنسير إلى الله على طريقته ليقودنا إلى الله ، أما إذا تركنا قيادته وفتحنا لنا الطرق من هنا ومن هنا تركنا الجادة وسلكنا بنيات الطريق ، النهاية الضياع لم يعرف مكانة السنة إلا أمثال هؤلاء وأما كثيرٌ من العباد على جهل وخصوصاً الذين تربوا في أحضان المتصوفة لا يعرفون مكانة السنة يحسبون أن السنة صحيح البخاري وصحيح مسلم يقرءان للتبرك في رمضان يختم في بعض المساجد صحيح البخاري في شهر رمضان سرداً ويخرج الطلاب ويقرءون على الشيخ ، والشيخ يهز برأسه ، وهكذا حتى يختم ويعملون حفل على ختم البخاري تبركاً لم يستفيدوا حكماً واحداً لاحكماً فقهياً ولا عقيدة من ما في هذا الكتاب العظيم صحيح البخاري ، يخرجون صفر اليدين ، وأمثال هؤلاء لا يعرفون مكانة السنة هذه هي السنة عندهم نسأل الله لنا ولكم السلامة .
قوله : (( ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى : ) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حـنـفـا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ( [البينة: 5 ] ))
الشرح : ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى : ) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ( مائلين من الشرك إلى التوحيد وإلى الإخلاص أمروا بهذا جميع الناس جميع العباد وليقيموا الصلاة وليؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ، الدين المستقيم الطريق الموصل إلى الله أن تخلص لله في العبادة وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وفي ذلك بالا خلاص واتباع السنة .
قوله : (( ودليل الصيام قوله تعالى : ) يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ( [ البقرة : 183 ] ))
الشرح : ودليل الصيام قوله تعالى : ) يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام ……….. الآية ( من أين نأخذ الوجوب ؟ لفظة كتب وعليكم تفيد الوجوب أن الله أوجب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ، أما الذين قبلنا كيفية صيامهم لا نعلم إنما نشترك في الحملة في وجوب الصيام علينا ، نعلم صيامنا بالتفصيل ، ولكن صيام من قبلنا لا نعلم بالتفصيل .
) كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ( أي لكي تتقون لكي يكون الصيام وقاية بينكم وبين عذاب الله وغضبه لأن الصيام يكون سبباً للتقوى لأنه يترك لله شهواته من أجل الله لذلك أضاف الله الصيام إلى نفسه { كل عمل ابني آدم له إلا الصيام فإنه لي } إضافة عظيمة .
قوله : ((ودليل الحج قوله تعالى : ) ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غنيٌ عن العالمين ( [ آل عمران : 97 ] ))
الشرح : ودليل الحج قوله تعالى : ) ولله على الناس حج البيت ( نأخذ من لفظة ( على ) الوجوب وهذه الآية عند كثير من أهل التفسير نزلت في السنة التاسعة من الهجرة أي أوجب الله علينا الحج في السنة التاسعة من الهجرة النبوية فبادر النبي عليه الصلاة والسلام بالتطبيق بأن مهد لحجه في العام العاشر بإرسال وفد قبل مكة ويعلن في مكة أن حج النبي r في العام المقبل في السنة العاشرة .
) من استطاع إليه سبيلاً ( فمعنى الاستطاعة عند الفقهاء : الزاد والراحلة ، وإن كان الحديث فيه مقال ولكن معناه صحيح تشهد له نصوص الكتاب والسنة ) ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ( قد يستدل بعض الناس على أن ترك الحج مع الاستطاعة كفر ولكن الذي عليه الجمهور إن هذا كفرٌ عملي وليس كفراً إعتقادياً أي من ترك الحج مع الاستطاعة يأثم إثماً كبيراً وتثبت مصاريف الحج في تركته فتخرج مصاريف الحج من تركته ولم يصل إلى الشرك الأكبر ولا يصل إلى الشرك الأكبر إلا بالجحود طالما يؤمن بوجوبه ، إذا قصر فيكون كفره كفرٌ دون كفر .
قوله : ((المرتبة الثانية : الإيمان ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله : الإيمان . الإيمان كما تقدم أضيق من الإسلام والذي بعده الإحسان أضيق بأكثر يجب أن نقف عند الإيمان لنعرف اختلاف أهل العلم في حقيقته ، الإيمان ليتبين لنا أننا بحاجة إلى تحقيق الإيمان نفسه ، الإيمان الذي هو كل شيء عندنا لم يسلم من الاختلاف .
س / ما هو الإيمان ؟ جـ / أ ـ الإيمان عند بعض علماء الكلام مجرد المعرفة أي معرفة الله تعالى والكفر عندهم الجهل هذا ما ذهب إليه الجهم بن صفوان وعلى هذا لا يوجد كافرٌ إلا من هو جاهل ولا يوجد أجهل بالله من جهم بن صفوان لذلك يقال إنه حكم على نفسه بالكفر من حيث لا يشعر حيث قال : إن الإيمان هو المعرفة وان الكفر هو الجهل وإذا تتبعنا عقيدته نجده أجهل الناس
بالله إذاً هو كافرٌ بشهادة نفسه على نفسه ، الله سبحانه وتعالى في نظر جهم بن صفوان والجهمية لا يوصف لا بصفة ولا يسمى باسم أي وجود الله عز وجل عندهم وجود ذهني ليس له وجود خارجي الوجود المطلق لأن الموجود في الخارج لابد أن يوصف بصفة الذي لا يوصف بصفة هو العدم ، الموجود لابد له من صفة فإذا نفوا عنه جميع الصفات وجميع الأسماء شبهوه بالمعدوم الذي لا يوصف بأي صفة لأنه معدوم وعلى هذا جهم بن صفوان هو من أكفر الكافرين بشهادة نفسه على نفسه إذ الإيمان عنده المعرفة والكفر الجهل .
ب ـ القول الثاني : لأهل الكلام في الإيمان ، الإيمان هو التصديق فقط مجرد التصديق بالقلب بصحة ما جاء به رسول الله r ولو لم ينطق باللسان ولو لم يقر بشهادة أن لااله إلا الله وان محمداً رسول الله طالما ادعى انه صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما جاء به فهو مؤمن .
جـ ـ القول الثالث الإيمان هو التصديق والاقرار معاً أن يصدق بقلبه ويقر بلسانه هؤلاء جميعاً يقال لهم المرجئة ، ومرجئة الفقهاء أصل منبتهم من الكوفة لأن هذا القول بأن الإيمان هو التصديق أو التصديق والإقرار معاً قول الإمام أبي حنيفة وتبعه في ذلك جميع الكوفيين ثم انتقل هذا المذهب من والماترودية إلى الأشاعرة فصار الإيمان عند جمهور ألا شاعرة والماترودية هو التصديق وان توسعوا إلى التصديق والإقرار ، الإقرار محل خلاف عندهم ، القول الصحيح أن الإيمان عندهم التصديق وعلى هذا جميع الأعمال الإسلامية التي في الكتاب والسنة ليست من الإيمان في شيء عند هؤلاء أخرجوا الأعمال كلها من الإيمان هذا هو معنى الإرجاء ، الإرجاء معناه التأخير أخروا الأعمال عن مسمى الإيمان لم يدخلوا الأعمال كلها في الإيمان بل الإيمان إما مجرد التصديق أو التصديق والإقرار هذا الذي عليه جمهور الأشاعرة وما أكثرهم وهو في الأصل عقيدة الماتريدية التابعين للإمام أبي حنيفة في هذه المسألة ، خالف الإمام أبو حنيفة الجمهور ، جمهور أهل السنة والجماعة بما فيهم الأئمة الثلاثة وغيرهم ، ولكن الذي ينبغي أن يفهمه طلاب العلم الإرجاء الذي هو عقيدة أبي حنيفة ومن تبعه غير إرجاء علماء الكلام لذلك يسمون هؤلاء مرجئة الفقهاء ، مرجئة أهل الكلام يرون أنه لا يضر مع الإيمان ذنبٌ ويرون أن الناس لا يتفاوتون في الإيمان وأن إيمان الأنبياء ومن بعدهم واحد لأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص عندهم حقيقة واحدة هؤلاء مرجئة أهل الكلام ولكن مرجئة الإمام أبي حنيفة ومن تبعه لا يصلون إلى هذه الدرجة وإن أخروا الأعمال عن مسمى الإيمان وعلى كلٍ هذا المذهب خطأ ، الصواب هو ما عليه الجمهور لا لجمهرتهم وكثرتهم ولكن لكون الدليل من الكتاب والسنة ، كتاب الله يعد الأعمال من الإيمان كذلك السنة ، إذا قرأنا قوله تعالى في أول سورة الأنفال : ) إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون % الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون % أولئك هم المؤمنون حقاً ( عد الله في هذه الآية أعمال القلوب وأعمال الجوارح من الإيمان ) إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ( هذا من أعمال القلوب ) وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون ( من أعمال القلوب ) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( من أعمال الجوارح إذاً أعمال القلوب وأعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان وعلى هذا يكون التصديق تصديقاً خاصاً ، أخذ المرجئة الإيمان اللغوي الذي هو مجرد التصديق وأخطأوا في ذلك لأن المراد بالتصديق هنا هو التصديق الشرعي لا التصديق اللغوي المعنى اللغوي دائماً أعم وأشمل من المعنى الشرعي والإصلاحي ، في اللغة مجرد التصديق أي شيء صدقته يسمى إيمان ، وفي الشرع تصديق خاص ما جاء به النبي r تصديقاً تصدقه الأعمال لأن تصديق القلب وإن لم يوجد دليلٌ على صحته يعتبر دعوى ومن ادعى أنه صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام في كل ما جاء به ثم ترك العمل لا يعمل شيء من أعمال الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك لا يعمل يقول أنا مؤمن لاني مصدق نقول له ائتني بالدليل على تصديقك القلبي ما الذي يصدقك أعمال الجوارح هي الذي تصدق ذلك التصديق وتشهد بصحته ذلك التصديق ومن ادعى بأنه مصدقٌ بقلبه بكل ما جاء به رسول الله r ثم لا يعمل يقال له هذه دعوى والدعوى لابد لها من بينة فأين البينة ؟ البينة الأعمال لذلك يقول بعضهم : وإذا حلت الهداية قلباً نشطت في العبادة الأعضاءُ
فإذا كانت الأعضاء لاتعمل لا يصلي ولا يصوم ولا يأمر ولا ينهى ولا يجاهد ولا يطلب العلم [ يمشي ] هكذا مصدق لا يقبل مثل هذا التصديق وعلى هذا انتشر بين المسلمين هذا الإيمان الإرجائي لذلك لو أمرت إنساناً أو نصحته أو نبهته على ما فعل يقول لك الإيمان في القلب هنا الإيمان ويشير إلى قلبه ، والإيمان الذي هنا لو صح لظهر أثره في أعضائك وجوارحك ولست بصادق تترك الصلاة فيقال لك صلي فتقول لا ، الإيمان هنا في القلب ليس بصحيح وعلى هذا كيف تعالجون الذين يريدون يتنازعون الذين يحكمون بغير ما انزل الله تقولون لهم أنتم حكام غير مسلمين فيقول لك أنا مسلم لأني أقول لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنا مصدق وأنت معي في هذا التعريف يحاجك لكن متى تستطيع أن تقنعه أنه ليس على الإسلام إذا عرفت الإيمان بالتعريف الصحيح ما هو الإيمان ؟ الإيمان تصديق بالقلب وعمل بالجوارح وقول باللسان ، والتصديق الذي في القلب يشهد على صحته النطق باللسان بقولك أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله يصدق كل ذلك وتصدق كل ذلك الأعمال ، والأعمال الجارية على السنة وعلى وفق ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام إذاً الإيمان مركب يتألف من أجزاء من تصديق بالقلب وعمل بالجوارح وقول باللسان ولهذا يشهد الكتاب والسنة وقد سمعنا من الكتاب الآية .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 7 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 10:03 PM ]

قوله : (( وهو بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لاإله إلا الله ))
الشرح : واسمع قول رسول الله r :{ الإيمان بضع وستون شعبة ـ رواية البخاري ـ أعلاها قول لا إله إلا الله } جعل النطق باللسان من الإيمان واعلى درجات الإيمان هذا مما يذكر في فضل لا إله إلا الله هذه الكلمة ركن في الإيمان وركن في الإسلام وأفضل الذكر كلمة عظيمة إذا جئت تعدد الإسلام فهي الطليعة وإذا جئت تعدد شعب الإيمان فهي في المقدمة إذا جئت تعرف أفضل الذكر بعد القران فهي لا إله إلا الله كلمة عظيمة إذا فهم معناها وطبقت هكذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام : { الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لاإله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق } ، وهنا يرد سؤال قال عليه الصلاة والسلام أعلاها لاإله إلا الله ولم يقل محمدٌ رسول الله فهل يكفي أن نقول أشهد أن لاإله إلا الله وكفى ؟
جـ / لا ، ولو لم يذكر الجزء الثاني كأنه مذكور لأن لا إله إلا الله محمد رسول الله كالجسم والروح لا يفترقان ، لا ينفع قول لا إله إلا الله بدون محمدٌ رسول الله أي الشهادة بالوحدانية لاتجزء ولا تنفع حتى تشهد بالرسالة ولو شهدت بالرسالة ما نفعت الشهادة حتى قبل ذلك بالوحدانية ، هما شيئان بالظاهر ولكنها شيء واحدٌ في الحقيقة إذ بينهما تلازم لا يفترقان لذلك إذا جاء في بعض الأحاديث ذكر لا إله إلا الله ولم يذكر شهادة أن محمد رسول الله كما في مثل هذا الحديث فليعلم أن ذلك اكتفاء بالمعلوم لأنه من المعلوم أن لا إله إلا الله وحدها لاتغني إلا بالإضافة محمد رسول الله ، وهي تسمى بجملتها كلمة التوحيد ، وكلمة الإسلام وكلمة الإيمان ومفتاح الجنة .
قوله : (( وأدناها إما طة الأذى عن الطريق ، والحياة شعبة من الإيمان ))
الشرح : وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، إماطة الأذى عن الطريق عملٌ من أعمال الجوارح ، جعل النبي عليه الصلاة والسلام ذلك من الإيمان ومن تمام إيمانك أن تحب لأخيك المسلم ما تحبه لنفسك وأن تكره لأخيك المسلم ما تكره لنفسك . { أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياة شعبة من الإيمان } ، وبين أعلاها وأدناها شعب تتفاوت ، الصلاة شعبة من الإيمان ، الجهاد شعبة من الإيمان ، الزكاة شعبة من الإيمان ، وطلب العلم شعبة من الإيمان ، إذاً الإيمان يتألف من شعب كثيرة ، وليس مجرد التصديق وليس مجرد الإقرار لذلك فلنسمع هذا التعريف الشارح الذي شرح الإيمان من كلام أبن القيم قال رحمه الله : < الإيمان هو حقيقةٌ مركبةٌ من معرفة ما جاء به الرسول r علماً وتصديقاً عقداً والإقرار به نطقاً والانقياد له محبتاً وخضوعاً ، والعمل به ظاهراً وباطناً وتمثيله والدعوة إليه بحسب الإمكان وكماله في الحب في الله وفي البغض في الله ، والعطاء لله والمنع لله وأن يكون الله وحده إلهه ومعبودة والطريق إليه تجريد المتابعة للرسول r ظاهراً وباطناً وتغميض عين القلب عن الالتفات [ بما ] سوى الله ورسوله >، وهذا هو الإيمان ، الإيمان مركب ومما ينتقد على علماء الكلام أهل السنة يقولون كيف يكون الإيمان مركباً ؟ لأن المركب إذا أزيل بعض أجزائه زال كله ، وهذا غير صحيح ما الذي يُرد على هذا ؟ يرد عليه الحديث السابق الذكر { الإيمان بضع وستون شعبة } لأن النبي r جعل الشُعب متفاوتة الشعبة الأولى هي التي يزول الإيمان بزوالها إذا زالت الشعبة الأولى شعبة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله زال الإيمان كله لا يبقى شيء ، وهل إذا ترك الشعبة الأخيرة مر الإنسان في الطريق على الأذى فلم يزله ، هل يزول إيمانه ؟ لا ، ينقص الشُعب الأخرى غير الشعب الأولى بزوالها ينقص الإيمان بقدر ما يترك الإنسان شعبة من الشُعب وبقدر ما يرتكب من المحرمات والمعاصي ينقص إيمانه ولا يزول ، وإنما يزول بزوال كلمة التوحيد والكفر بها والإتيان بما يناقضها ليس معنى زوالها أنك تقول أنا لا أعترف أنه لا إله إلا الله ، لا ، قد تقول بلسانك لا إله إلا الله وتأتي بما يناقضها لأن للإسلام نوا قض كنوا قض الوضوء، فلو قال رجل مائة مرة يعد هذه السبحة لا إله إلا الله ثم إذا اشتدت به الأمور قال : أغثني يا فلان ما لي سواك يا فلان انتقض توحيده تماماً لا يبقى عنده شيء كافر ، نفى الله الذي كان يقره بلسانه عنا يزول الإيمان لكن إذا ترك شعبة من الشعب كأن قلّ حياءه فارتكب معصية ينقض إيمانه لا يزول كلياً ، فليفهم هذا جيداً .وقد يستدل عليك من يرى بأن الأعمال ليست من الإيمان يستدل بالعطف الذي جاء في القرآن: ) الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ( فيقول وعملوا الصالحات العطف يقتضي المغايرة إذاً الأعمال الصالحة غير الإيمان لأن الله عطف الأعمال الصالحة على الإيمان ، الأعمال الصالحة هي الإسلام فالعطف تقتضي المغايرة كأن تقول جاء زيدٌ وعمروٌ فبينهما مغايرة ، أو تقول جاء زيدٌ وذهب عمروٌ فجاء غير ذهب وزيدٌ غير عمروٌ فصح العطف هنا فاقتضى المغايرة فإذا قال لك ) الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ( يدل على الأعمال الصالحة غير الإيمان تقول المغايرة درجات صحيح العطف يدل على المغايرة ولكن المغايرة درجات )حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ( أليست الصلاة الوسطى من الصلوات ؟ فكيف صح هنا ؟ ما معنى المغايرة ؟ الجواب : من باب عطف الخاص على العام كذلك العطف هنا أي في قوله ) وعملوا الصالحات ( من باب عطف الخاص على العام ، لأن الأعمال الصالحة جزء من الإيمان كما أن الصلاة الوسطى جزء من الصلوات التي أمرنا بالمحافظة عليها والأمثلة كثيرة في القرآن .
قوله : ((وأركانه ستة : أن تؤمن بالله وملائكته ))
الشرح : أن تؤمن وتصدق وتسلم لله تؤمن لله بوجوده بربو بيته وألوهيته وبأسمائه وصفاته وتؤمن بالملائكة انهم موجودون جندٌ من جنود الله تعالى من سمعت وعلمت أسماءهم أمنت منهم بالتفصيل ومن لا فبالجملة .
قوله : (( وكتبه ))
الشرح : والكتب المنزلة بما في ذلك القرآن ، وتؤمن أن الكتب المنزلة كلها كلام الله وليست مخلوقة كما يقول علماء الكلام بما فيهم الأشاعرة ، القرآن والتوراة والإنجيل والزبور هذه الكتب من كلام الله لأن كلام الله لا نفاد له : ) قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن ينفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً ( كلام الله لانهاية له ، الله خاطب نوحاً وكلم موسى وكلم محمداً في أماكن وفي أزمنة مختلفة ويتكلم آخر كل ليلة يقول عند نزوله إلى السماء الدنيا : { هل من مستغفرٍ فأغفر له } هذا كلام الله ويتكلم الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة عندما يأتي لفصل القضاء ويسلم على أهل الجنة ويخاطبهم من فوقهم كل ذلك من كلام الله ،
وكلام الله لا نفاد له ، لذلك اعتقاد أن كلام الله معنىً واحداً قائم بذات الله ليس بحرف ولا صوت كما تقول الأشاعرة ضلال مبين لأن ذلك إنكار أن هذا القرآن كلام الله وقد وافقت الأشاعرة المعتزلة في القول بأن القرآن كلام الله تناقضوا في ذلك مع دعوى أنهم خصوم للمعتزلة بالنسبة للكتب السماوية نؤمن بأنها من عند الله تعالى ، وأما هذا القرآن نؤمن بأنه من عند الله ونتبعه دستوراً نحكم به ونتحاكم إليه ونسير إلى الله في ضوئه هو الحكم وهو كتاب العقيدة كتاب التوحيد كتاب العبادة كتاب الأحكام كتاب الأخلاق كتاب السياسة كتاب الإقتصاد كتاب كل شيء إذا فهم وعمل به هذا هو الفرق بين الكتب السماوية وبين إيماننا بالقرآن الكتب السماوية لا يجب علينا العمل بها لأنها نسخت انتهت بنزول القرآن ، الكتاب الذي يجب الإيمان به والعمل به هو هذا القرآن العظيم وهو كلام الله حقيقة لأن الله سماه كلاماً ) وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ( ذلك الكلام الذي تلاه الرسول r على المشركين فسموه هو هذا القرآن الذي بين دافتي المصحف ، تقول عائشة رضي الله عنها : { ما بين دفتي المصحف كلام الله }، ولكن الأثر لم يسلم من تأويل الأشاعرة قالوا أي خلقٌ من خلق الله مخلوق لله ، الأشاعرة الذين يقولون نحن من أهل السنة والجماعة هم الذين أولوا هذا التأويل فانتبهوا للأشاعرة عفى الله عنا وعنهم .
قوله : (( ورسله ))
الشرح : الإيمان بالرسل يقال ما قيل في الإيمان بالكتب بالنسبة للرسل الذين قبل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، المراد بالإيمان بهم أن تصدقهم أنهم رسل الله معصومون بلغوا رسالة الله ولكن الرسول الذي يجب إتباعه ولا يعبد الله إلا بما جاء به هو محمدٌ r لأنه جاء بالرسالة الخاتمة العامة لا يسع جنياً ولا إنسياً ولا يهودياً ولا نصرانياً إلا الإيمان بهذا النبي الكريم بعد أن بعث لأنه خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام .
قوله : (( واليوم الآخر ))
الشرح : الإيمان باليوم الآخر ، اليوم الآخر يبدأ من عند الموت { من مات فقد قامت قيامته } من حين أن ينقل هذا الإنسان من وجه هذه الأرض إلى باطنها فهو في اليوم الآخر يعني الحياة البرزخية الفاصلة بين هذه الحياة التي نحن فيها الآن وبين الحياة التي بعد البعث تابعة ليوم الآخر على المؤمنين من النعيم لأن { القبر إما حفرة من حفر النار ، أو روضة من رياض الجنة } يجب الإيمان بكل ذلك تصديقاً بالرسول r .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 8 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 10:04 PM ]

قوله : ((وتؤمن بالقدر خيره وشره ))
الشرح : ( الإيمان بالقدر خيره وشره ) بمعنى أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن { ما أصابك في علم الله لايخطؤك وما أخطأك لم يكن ليصيبك } وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن هذا المقدار يكفي في باب الإيمان بالقدر دون الخوض لأن هذا الباب بابٌ خطير والبحث عن أسرار القضاء والقدر يعتبر سراً من أسرار الله لذلك يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : { القدر سر الله فلا نكشفه } أي ليس لك أن تسأل لم فعل الرب سبحانه وتعالى هكذا ؟ لم خلق ؟ ولم أحيى ؟ ولم أمات ؟ ولم جاعلٌ زيداً غنياً وعمراً فقيراً ؟ ولم أمرض فلاناً ؟ ولم ولم ؟ هذا خوض في سر من أسرار الله سرٌ لا يدرك لا يسأل عما يفعل كما أنه لا يجوز في باب الأسماء والصفات أن تسأل بكيف هو ؟ وكيف سمعه ؟ وكيف بصره ؟ وكيف استواؤه ؟ وكيف مجيئه ؟ وغير ها ، لا يجوز في باب القضاء والقدر لا يجوز السؤال بلم ، انتبه لهذا لأن هذا مز له الأقدام يكفي للعامة والخاصة أن يؤمنوا لأنه لا يقع في ملكه إلا ما شاء وان الله على علم كل شيء فكتبه ، كل المقادير معلومة ومكتوبة ثم قضى الله سبحانه وتعالى قضاءه على ما علم وكتب وفي هذا المعنى يقول الإمام الشافعي رحمه الله لما سئل عن القدر :
ما شئت كان وإن لم أشأ ما وشئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقي ومنهم سعيد [ ومنهم ] قبيح ومنهم حسن
ويأتي هنا سؤال الجبري هل يعني ذلك أن العبد مجبور ؟ لا . خلق العباد وخلق لهم القدرة وخلق لهم الإرادة وخلق له الاختيار وأرسل إليهم رسولاً وهداهم النجدين وبين لهم طريق الهدى وطريق الضلال وأمرهم بالفعل بفعل العبد كل ما يفعل بقدرته وإرادته واختياره ولا يدري ما الذي يجري في قضاء الله وقدره وليس هذا شغله ولا له أن يبحث في هذا عليه أن يتقيد بالأوامر والنواهي أمرك بإقامة الصلاة عليك أن تقيم الصلاة لكن قول الذين يقولون بأن العبد مجبور ليس له قدرة أو قدرته لا تعمل وليس له إرادة تسمى العقيدة الجبرية ضلال في ضلال وهي منتشرة الآن لأن الأشعرية مرجئة وجبرية وجهمية اجتمعت فيها جميع هذه الأمراض وهم منتشرون بين المسلمين وكثيرٌ من شبابنا لا يدرون عنهم يصدق على شبابنا قول عمر رضي الله عنه : ( إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية ) لأن الجاهلية بدأت في هذه الأيام تضحك على شبابنا ، جاهلية التصوف ، جاهلية علم الكلام ، جاهلية القانون ، جميع هذه الجاهليات تعمل ، وشبابنا نشاؤا في الخير نشاؤا في الإسلام على الفطرة في التوحيد لا يعلمون من هذه الجاهليات يأتي صاحب الجاهلية فيضحك عليهم ، يقول تعمل كذا وكذا من الأعمال الإسلامية فيصدقون فيخرجون عن الجادة إلى بنيات الطريق فيقفون حيارى ، لا علاج إلا العلم ، والعلم وحده هو العلاج لذلك عليكم بالعلم لا ينال الإنسان درجة الإيمان إلا بالصبر واليقين ، الصبر على طاعة الله وطلب العلم الشرعي من أعظم طاعة الله وعبادته اصبروا على العلم لكي تخرجوا من الجهل ، لا تضحك عليكم جاهلية الإرجاء وجاهلية الجبرية وجاهلية الجهمية وجاهلية التصوف وغير ذلك من الجاهليات التي دخلت مع هذا الإنفتاح العام عندما انفتحنا على العالم واتصل العالم كله بعضه على بعض تداخل الخير والشر لا يستطيع أن يفرق بين الخير والشر إلا من رزقه الله البصيرة في دينه .
قوله : ((المرتبة الثالثة : الإحسان ركن واحد وهو : ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله تعالى : المرتبة الثالثة الإحسان وهو ركن واحد وهو : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ، وهذا المعنى الذي يعبر عنه بالمراقبة ، المراقبة الخاصة الصادقة بأن يراقب العبد ربه سبحانه وتعالى ويتذكر دائماً وأبداً بأن الله يراه ويرى مكانه ويسمع كلامه ما في نفسه هذه المراقبة تحول بين المرء وبين ارتكاب المعاصي وبين الغفلة والالتفات عن الله إلى غير الله تشده إلى الله المراقبة الصادقة تشد العبد إلى الله سبحانه وتعالى إيماناً منه أن الله لا تخفى عليه خافية وان كان هو لا يراه لأن الله سبحانه وتعالى لا يُرى في هذه الدنيا فالله سبحانه وتعالى فوق جميع المخلوقات فوق السماوات السبع ومستوٍ على عرشه بائنٌ من خلقه حجابه النور لم يره موسى الذي طلب منه الرؤيا ، ولم يره على الصحيح رسولنا محمد r ليلة الإسراء والمعراج وإنما رأى نوراً لأنه عليه الصلاة والسلام سئل هل رأيت ربك ؟ قال : { نورٌ أنى أراه } حجابه النور لأن الله سبحانه احتجب في هذه الدنيا بنور وقوى البشر لاتقوى على أن تثبت أمام هذا التجلي وأوضح دليل على هذا قوله r في آخر قصة الدجال : { فأعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا } ، وهذا دليل واضح بأن الله سبحانه وتعالى لا يرى في الدنيا ولكن الله يعطي العباد قوة ليثبتوا أمام التجلي يوم القيامة في الجنة ويتجلى لهم ويرونه بغير إحاطة كما انهم يعلمون الآن بدون إحاطة به بعلمهم كذلك سوف يرونه بدون إحاطة به برؤيته لأن المخلوق لا يحيط بالخالق ، فالخالق هو المحيط بجميع المخلوقات هو الذي يعلم منهم كل شيء هذا هو الإحسان .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ( [ النحل : 128 ] ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون( أي أن الله تعالى مع الذين اتقوه أي جعلوا بينهم وبين غضبه وسخطه وقاية ، هذه الوقاية بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات ، وذلك من صدق المراقبة ، والذين هم محسنون ، احسنوا في عبادة الله تعالى بالإخلاص وصدق المراقبة ، وأحسنوا إلى عباد الله بما يستطيعون الإحسان فيه والإحسان من حيث المعنى أعم من حيث أهله أخص ، لأن الإحسان يشمل أي عمل صالح سواء كان العمل بينك وبين ربك أو الإحسان إلى عباده هذا معنى أنه أعم من حيث المعنى ، ولكن من حيث أهله أخص أي المحسنون الذين يصلون إلى هذه الدرجة هم نخبة من المؤمنين ليس جميع المؤمنين أي ليس جميع المؤمنين يصلون إلى درجة الإحسان ، [ ولكنهم ] نخبة مختارة وفقهم الله وسدد خطاهم فهم يحضون بالمعية الخاصة ، المعية الخاصة تزداد على المعية العامة بالنصر والتأييد والحفظ والكلئ ، المعية العامة بمعنى العلم والرؤيا والتدبير العام وبهذا المعنى الله سبحانه وتعالى مع جميع مخلوقاته لا يخلو مكان من علمه وهو فوق عرشه مستوٍ على عرشه بائن من خلقه ، لكن لا يخلو مكان من علمه وهذه هي المعية العامة ، فإذا قيل الله معنا لا ينبغي أن يتبادر إلى ذهنك بأن الله معنا بذاته هنا في الأرض ، فالله سبحانه وتعالى منزه عن المعية الذاتية مع خلقه لامع أهل أرضه ولا مع أهل سماواته أي ليس الله بالأرض بذاته ولا في السماوات السبع بذاته ولكن بذاته فوق جميع مخلوقاته ليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في مخلوقاته شيء من ذاته ، ولكن هو بعلمه مع كل مخلوق ، أي لا تخف عليه خافية من أمرهم ، وهذه تسمى المعية العامة وتزداد المعية الخاصة مع المحسنين مع المتقين كتلك المعية التي حظي بها الرسول r وصاحبه في الغار ) لا تحزن إن الله معنا ( معية خاصة حفظهما الله ورعاهم وسترهم من أعين أعدائهم تلك هي المعية الخاصة فلتفهم وهذه هي منها معية مع المحسنين .
قوله : (( وقوله تعالى : ) وتوكل على العزيز الرحيم % الذي يراك حين تقوم % وتقلبك في الساجدين % إنه هو السميع العليم ( [ الشعراء : 217 ـ 220 ] ))
الشرح : وقوله تعالى : ) وتوكل على العزيز الرحيم % الذي يراك حين تقوم % وتقلبك في الساجدين % إنه هو السميع العليم ( ، أنت تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، هذا هو محل الشاهد من الآية .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 9 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 10:06 PM ]

قوله : ((وقوله تعالى : ) وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه ( [ يونس : 61 ] ))
الشرح : قوله تعالى : ) وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه ( أي نحن معكم فالله سبحانه وتعالى يعبر عن نفسه وأحياناً يضمر العظمة وأحياناً بضمير الإفراد وضمير العظمة لا يدل على التعدد يدل على العظمة إنا ، إنا نحن مثل هذه الضمائر يقال لها ضمير العظمة لا للكثرة ، ومثلها ( كذلك كنا ) ولا ينبغي أن يتبادر إلى الذهن الكثرة والتعدد لأن هذا أسلوب عربي ، والمخلوق نفسه يعبر عن نفسه أحياناً فيقول نحن فعلنا أو نحن مشينا وهكذا وهذا أسلوب عربي معلوم .
قوله : (( والدليل من السنة حديث جبريل المشهور عن عمر رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند النبي r إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد ، فجلس إلى النبي r فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله r : { الإسلام أن تشهد أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً } ، قال : صدقت ، فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : { أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره } قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : { الإحسان أ، تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } ))
الشرح : حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينا وفي رواية بينما ، وهما لغتان صحيحتان بينما نحن جلوسٌ عند رسول اللهr إذ طلع علينا أي حين طلع علينا إذ بمعنى حين ، حين طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، وفي بعض الألفاظ شديد سواد اللحية جاء جبرائيل ملتحي بصفة رجل من البشر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد ، من أين عرف عمر حتى يقول لا يعرفه منا أحد أي تسألوا فيما بينهم تعرفون هذا الرجل الغريب شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر مع العلم أنه أتى يمشي على قدميه مع ذلك نظيف أقدامه ونظيف شعره وثيابه ولم يكن جالساً معهم عند الرسول r والمفروض مثل هذا الرجل الغريب أن يرى عليه أثر السفر لم يحدث شيء من ذلك فجلس إلى النبي r فأسند ركبتيه إلى ركبتيه وفي بعض الألفاظ وتخطئ الرقاب إلى أن وصل إلى النبي r ، قال بعض أهل العلم : إنما فعل ذلك للتعمية على الناس كأنه يريد أن يُري الناس بأنه إنسان جاهل غشيم فجلس إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فأسند ركبتيه إلى ركبة النبي r ، هذا مما لفت أنظار الصحابة ، فالصحابة مع شدة محبتهم للرسول عليه الصلاة والسلام يهابونه ومن الهيبة لا يسندون ركبهم إلى ركبتيه يجلسون بعيدين عنه نوعاً ما ولكن [ هذا الرجل ] جلس هذه الجلسة ووضع كفيه عل فخذيه ، على فخذ من ؟ فخذي نفسه هذا ما فهمه كثيراً من [ الشراح ] ، أي على فخذ الرسول r وجاء في بعض الروايات ما يشير إلى أنه وضع كفيه على فخذي رسول الله r كل ذلك تلطفاً برسول الله r لأنه في واقع الأمر هو المعلم وإن جلس جلسة المتعلم ولكنه في واقع الأمر هو المعلم لذلك وضع يديه على فخذي رسول الله r وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال النبي الله r : { أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إلى ذلك سبيلاً ، قال صدقت ، عجباً تسأل فتصدق يقول الصحابة عجبنا له يسأله ويصدقه ، كان المفروض أن الذي يسأل إذا أجابه الأستاذ يقول له : جزاك الله خيراً أحسن الله إليك ، فإذا هو يصدقه يقول له : صدقت ! عجب الصحابة من هذا التصرف ، قال : اخبرني عن الإيمان ؟ قال : { الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره } ، وقد سبق شرح ذلك ، قال : أخبرني عن الإحسان ؟ قال : { أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } فلتعلم ذلك .
قوله : (( قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : { ما المسؤول عنا بأعلم من السائل } ))
الشرح : قوله :قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : { ما المسؤول عنها بأعلم من السائل } علم جبرائيل ، وعلم الرسول r هنا على حدٍ سواء ، لا يعلم النبي r متى تقوم الساعة ، ولا جبرائيل يعلم ذلك ، قال : أخبرني عن آمراتها ، أمارة وإمارة ، الأمارة العلامة ، والإمارة الولاية ، هنا في الحديث الأمارة أي العلامة ، وعلامات الساعة كثيرة وكثيرة جداً ومتفاوتة ومن أوائل علاماتها مبعث الرسول r والتي يقول فيهاالمصطفى عليه الصلاة والسلام :{ بعثت أنا والساعة كهاتين } ـ رفع الوسطى مع السبابة ، فسر أهل العلم { بعثت أنا والساعة كهاتين } على تفسيرين : التفسير الأول : إني سبقت الساعة كما تسبق الوسطى السبابة بهذا المقدار أي مبعثي وقيام الساعة متقارب إنما ما سبقت بمثل هذا السبق ، المعنى الثاني : أن قيام الساعة لاسقٌ بمبعثي وبرسالتي حيث لا يوجد نبيٌ بعده لأنه خاتم النبيين ولا ينافي في المعنى الأول المعنى الثاني كلاهما واحد والمؤدى واحد ، قرب الساعة .
قوله : (( قال : فأخبرني عن أماراتها ، قال أن تلد الأمة ربتها ))
الشرح : ثم ذكر عليه الصلاة والسلام بعض الإمارات [ في هذا الحديث ] ، والتي ظهرت الآن تماماً ونعيشها قال : { أن تلد الأمة ربتها } ، اختلف أهل العـلـم في تفسير هــذه الجملة عـلـى سبعة أقوال لخصها الحافظ في ( الفتح ) في أربعة وأرتضى منها معنىً واحداً ، الذي يتبادر إلى أذهان الناس والمفسرين كناية عن كثرة الفتوحات الإسلامية حتى يكثر التسري بالجواري فتلد الجارية إبناً أو بنتاً فيكون هذا الأبن بمثابة السيد لها لأنه أبن سيدها إذا تسرى بها فأنجب منها ولداً هذا الولد الذي أنجبه السيد من جاريته حر فأصبح كأنه سيدها فأصبح المراد بالرب هنا السيد ، لفظة الرب تستعمل إذا كانت مضافة في غير الله تعالى ، ولكن لا تستعمل بدون إضافة إلا في حق الله ، الشاهد هذا المعنى لم يرتضيه صاحب ( الفتح ) قال : العلامات التي يريد أن يذكرها النبي عليه الصلاة والسلام الأشياء الغريبة التي لا عهد للأولين بها ووجود التسمي بالجواري والإنجاب منها شيء معلوم حتى في صدر الإسلام إذاً ما هو المعنى الغريب الذي يكون علامة وإمارة لقيام الساعة من سوء الأحوال قال صاحب ( الفتح ) معنى ذلك أن يصاب الأولاد بالعقوق فيستعمل الولد والدته فيستخدمها فيهينها فيضربها ويسبها فيجعلها كالجارية والأمة والخادمة التي تعمل عنده ومن سوء التصرف يصل الحال بالولد في آخر الوقت من علامات الساعة أن يكثر العقوق وأن يكون الولد عاقاً لوالدته فيهينها فيضربها ويسبها كأنها أمة جارية عنده هذا المعنى ارتضاه صاحب ( الفتح ) ، واستحسنه كثيراً وأعرض عن جميع المعاني التي ذكرها أهل العلم عند هذا الحديث .
قولله : ((وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان } )) وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ، يأتي وقت على الناس وقد أتى أهل البادية المعروفين بالفقر وسوء الحال الذين يمشون حفاة عراة أو شبة عراة وفقراء ليس فيهم شيء من الحضارة وآثار الغنى يأتي على الناس يومٌ على أولئك يتركون خيامهم ويبنون الفلل والقصور في محلات الخيم فيتفاخرون ويتطاولون بفللهم بقصورهم وهذا هو واقعنا الآن ومشاهدة .
قوله : (( قال : فمضى فلبثنا ملياً ))
الشرح : قال : فمضى فلبثنا ملياً أي فترة من الزمن فقال : يا عمر أتدري من السائل ، قلت الله ورسوله أعلم ، لفظت ( الله ورسوله أعلم ) يتشدد بعض صغار طلبة العلم في استعمالها اليوم إذا سؤ لت عن أمر ديني لاتعرفه كشروط الصلاة وأركان الحج وواجبات الحج مثلاً ، لك أن تقول الله ورسوله أعلم حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام لا كما يظن بعض الناس أن القول الله ورسوله أعلم خاص بحياة النبي عليه الصلاة والسلام لأنك لم تعلم شيء من الدين إلا بعد أن علمه النبي عليه الصلاة والسلام وعلم الناس ، لذلك لك أن تقول الله ورسوله اعلم لكن في الشؤون الدنيوية هل وقع اليوم كذا ؟ ما أخبار اليوم ؟ وهل نزل المطر في الجهة الشرقية أو الوسطى ؟ وأنت لاتعلم تقول الله اعلم ليس لك أن تقول الله ورسوله اعلم ، هذا علم خاص بالله يجب أن نفرق بين الأمور الدينية وشؤون الدنيا بعد وفاة الرسول r .
قوله : (( فقال : { يا عمر أتدري من السائل ؟ } ، قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : { هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم } ))
الشرح : قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ، ما أعظم هذا الدين ، الدين الذي بعث به خاتم النبيين ثم يرسل جبرائيل الذي اصطفاه من الملائكة رسولاً ليعلم أمة محمد r ويكرمهم هذا الإكرام يعلمهم بهذه الطريقة أتاكم يعلمكم أمر دينكم .
قوله : (( الأصل الثالث : معرفة نبيكم محمد r وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله : الأصل الثالث معرفة نبيكم محمد r وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم إلى هنا ذكر المؤلف نسب الرسول عليه الصلاة والسلام ، وعلى الشباب أن يحفظوا النسب إلى عدنان ، وهذا محل إتفاق ، وما بعد ذلك فمحل خلاف .
قوله : (( وهاشم من قريش ، وقريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعى نبينا أفضل الصلاة والسلام ))
الشرح : وهاشم من قريش ، وقريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه من ربه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام أي أن نبينا محمداً r هو النبي الأمي العربي من حيث النسب ، ولكنه عام الرسالة إلى الثقلين إلى الجن والإنس .
قوله : (( وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة ، وثلاث وعشرون نبياً ورسولاً ))
الشرح : وله من العمر حين توفي ثلاث وستون سنة كذلك هذا محل إجماع منها أربعون قبل النبوة لأنه لم يبعث إلا بعد الأربعين ، وهذه سنة الله في من يبعثهم ، وثلاث وعشرون نبياً ورسولاً ، النبوة قبل الرسالة ويختلفون في التفريق بين النبي والرسول ، منهم من يعرف فيقول النبي من كلف برسالة أو بعث برسالة ليعمل بها ، ولم يكلف بالتبليغ ، وهناك تعريف ثاني النبي من بعث ليعمل برسالة من قبله وليست له رسالة مستقلة ككثير من أنبياء بني إسرائيل يعملون بشريعة التوراة والإنجيل وهم كثر . والتعريف الثاني أنسب والتعريف الأول أشهر ، ولكن التعريف الأول [ يأخذ ] عليه القول بأنه لم يأمر بالتبليغ ، التبليغ والدعوة والإصلاح واجب الرسل واجب الأنبياء وواجب أتباعهم فإن أتباعهم مكلفون بالإصلاح والنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، والدعوة إلى الله إذا كان العلماء وهم ورثة الأنبياء يكلفون هذا التكليف فالأنبياء من باب أولى لذلك التعريف الأول على الرغم أنه هو المشهور عند كثير من أهل العلم ولكن التعريف الثاني أنسب من حيث المعنى لأن الأنبياء من بني إسرائيل الذين لم يكونوا رسلاً مكلفون بالتبليغ والدعوة على ضوء كتاب الله التوراة والإنجيل .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 10 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,501 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 01-24-2014 - 10:07 PM ]

قوله : ((نبئ بأقرأ ، وأرسل بالمدثر ))
الشرح : نبئ بإقرأ إذ أرسل الله إليه جبرائيل ففاجأه جبرائيل بقوله إقرا ، فالنبي عليه الصلاة والسلام ليس بقارئ ولهذا كان الجواب لست بقارئ وضمه حتى خاف على نفسه وكرر عليه ذلك وبعد ذلك وبعد أن روعه وخافه جاء إلى خديجة رضي الله عنها فأخبرها الخبر قالت : والله لا يخزيك الله أبداً لأنك تصل الرحم وتكسب المعدوم وغير ذلك من صفات وأخلاق جُبل عليها r من صلة الرحم والإحسان والأمانة وغير ذلك من مكارم الأخلاق لا يخزيه الله ، هذه سنة الله في خلقه بعد أن طمأنته ذهبت به إلى ورقة بن نوفل ، فورقة بين له إنما جاءه كان يأتي الأنبياء من قبله ، رسول الله من الملائكة الذي اصطفاه الله ليرسله إلى الأنبياء من بني آدم وإنه جبرائيل وأن ما جاءه من عند الله ليس من الشيطان ثم تمنى ورقة لو أحياه الله عندما يخرجه قومه ، فقال النبي r : أو مخرجي هم ؟! أي سوف يخرجوني ، قال له : ما أتى أحدٌ مثل ما أتيت به إلا أوذي هذه سنة الله في الأنبياء وفي أتباع الرسل من المصلحين لابد من الإيذاء { أشد الناس بلاً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل } الله قادر حين أرسل محمد r أن يجعل أهل مكة جميعاً أبي لهب وأبي جهل وغيرهما أن يجهلهم جميعاً كمثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كلهم يطيعون ويمثلون ولكن لله حكمة في أن يبتلي نبيه هذا الابتلاء إلى حد الضرب والحصار والإخراج ثم ينتهي الأمر إلى الهجرة إلى المدينة كل ذلك ليرفع الله شأنه ويكثر ثوابه ولحكم لا نعلمها لأن الله سبحانه وتعالى لا يفعل فعلاً إلا لحكمة والعباد قد يدركون أحياناً بعض الحكم في بعض أفعال الله سبحانه وتعالى وقد لا يدركون أن أدركنا الحكمة في فعل الرب سبحانه وتعالى في قضائه وقدره وافعاله أن أدركنا أما نصاً أو استنتاجا نزداد بذلك إيمانا على إيمان وان لم ندرك الحكمة علينا الامتثال والتصديق هذا ما جرى للرسول عليه الصلاة والسلام .
قوله : (( وبلده مكة ، وهاجر إلى المدينة ، بعثه الله بالندارة عن الشرك ))
الشرح : أمر بان ينذر بهذا أرسل فاصبح نبياً رسولاً عليه الصلاة والسلام ولذلك يقول الشيخ رحمه الله نبئ باقرا وأرسل بالمدثر وأما بلده الذي ولد فيه مكة وبعثه الله بالنذارة عن الشرك وليدعو إلى التوحيد ، الإنذار هو الإعلام مع التخويف الإعلام إن لم يكن معه تخويف لا يسمى إنذاراً بل هو مجرد إعلام ، فرسول الله r وصفه ربه بهذه الصفات ) إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً % وداعياً إلى الله بأذنه وسراجاً منيراً ( وهذه الآية تبين وظيفة النبي r وأعماله التي أرسل من أجلها وبها أمر اتباعه ليكونوا مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الله على بصيرة .
قوله : (( ويدعو إلى التوحيد ))
الشرح : ويدعو إلى التوحيد ، يعني يبدأ بالدعوة إلى التوحيد وليست دعوة نبينا محمدr ودعوة اتباعه ليست قاصرة على التوحيد ولكنه بدأبالتوحيدوركز على التوحيد لأنه الأساس ، والمراد بالتوحيد هنا توحيد العبادة ومحل المعركة ، أما توحيد الربوبية فالناس معترفون من قبل ، فتوحيد الربوبية يستوي فيه الكافر والمؤمن لذلك أخبر الله عن المشركين ) ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ( لا يوجد في المشركين من يدعي بأن أحداً شارك الله في خلق السماوات والأرض وفي تدبير الأمر من السماء إلى الأرض وفي التصرف في هذا الكون ، والعجب كل العجب أن يحصل في الآونة الأخيرة في المتصوفة من يشرك بالله سبحانه وتعالى في ربوبيته بعد أن كان المشركين يوحدون الله تعالى في ربوبيته ، وفي مشايخ الطرف وكثير من الطرق الصوفية اعتقادهم أن الشيخ شيخ الطريقة إذا كان حياً مشغولٌ بالخدمة ، وهذه عبارتهم المقصود بالخدمة العبادة ، فإذا مات تفرغ ليتصرف في هذا الكون لأتباعه وهو المسؤول عن أرزاقهم وآجالهم وتدبير شؤونهم ناسين رب العالمين سبحانه وتعالى وهذا الكلام الذي نقوله مروٍ في كتب المتصوفة كتب أبن عربي مثل فصوص الحكم وغير ذلك من الكتب لأبن الفارض وأبن سبعين وأبن عجيبه وهؤلاء الأبناء غير البررة تجد في كتبهم الكفر البواح والكفر الذي لم يرتكبه كفار قريش ، لذلك يقول الإمام أبن تيميه ( أتت فرقة وحدة الوجود بكفر لم يعرفه كفار قريش ) لأن في كفار قريش لم يقع ولم يحصل من يقول ليس في الجبة إلا الله ، وهذه مقالة أبن عربي وعلى طلاب العلم أن يفرقوا بين أبن عربي وأبن العربي ، أبن العربي عالمٌ سنيٌ إمام من أهل الحديث مالكي المذهب وهذا معروف ومشهور ، أما أبن عربي المنكر هذا هو النكرة ، المنكرة هو الذي أنشأ فكرة وحدة الوجود أي نفى الإثنينية على حد تعبيرهم نفى الإثنينية في الكون ، الكون شيء واحد قال أبن عربي :
الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبدٌ فذاك حقٌ وإن قلت ربٌ فأنى يكلف
الشاهد التوحيد الذي دعت إليه الرسل وتعبوا في الدعوة إليه ، وقامت الخصومة بينهم وبين أتباعهم هو توحيد العبادة وإلا جميع الكفار في جميع الملل كلهم يعترفون بربوبية الله تعالى أي يوحدون الله تعالى بأفعاله ولايعتقدون بأن أحداً شارك الله في خلقه وفي رزق العباد وفي تدبير أمور العباد لذلك يؤمنون بالله بربوبيتة ، ولكن يتخذون آلهة من دون الله تعالى لا لأنها تخلق أو ترزق ولكن لتقربهم إلى الله زلفى وسائط وشفعاء وهذا هو شرك المشركين الأولين ، ولكن كما قلنا زين الشيطان لكثيرٍ من اتباع المتصوفة فوقعوا في الشركين معاً شرك في توحيد الألوهية وشرك في توحيد الربوبية ويحسب كثيرٌ من الناس الذين لا يعرفون ترجمة وحياة الإمام محمد بن عبد الوهاب أنه إنما دعا إلى توحيد العبادة وإنما جدد الدين في توحيد العبادة فقط وهذا خطأ وإذا درست حياته تجد أن أول ما نفذ من [ عمل ] الحكم أن رجم امرأة اعترفت بفاحشة الزنا أمامه وأصرت على ذلك أي إن دعوته بدأت بالتوحيد وفي إقامة الحدود والإصلاح العام والحكم بما انزل الله وفي إصلاح العقيدة وفي إصلاح العبادة أي دعوة عامة ، ولكن نظراً لأن الوضع الذي جاء فيه وما يجري في أرض نجد في تلك الأيام هو الشرك في العبادة لأن القوم كانوا يعبدون النخل كان النخل عندهم كثير ، يعبدون أشجار النخل ويعبدون الجن ويعبدون القبور لذلك ركز على توحيد العبادة ولما استقر به المقام بعث وهو بالدرعية رسائل كثيرة إلى الأقطار بين تلك الرسائل دعوته وبين موقفه من الأئمة الأربعة وبين موقفه من الصحابة ، وبين موقفه من السنة ، وبين موقفه من جميع الأحكام وأوضح أن دعوته ليست مجردة ، القول بأن هذا شرك وهذا توحيد كما يُذيع خصومه ولكنها دعوة عامة تجديد عام إلى كل ما دعي إليه محمد r وعلق غبار الجاهلية بتلك الأحكام ، بداً من العقيدة والعبادة إلى الأحكام ، أما تجديده جميع هذه النواحي فليفهم إن هذا التجديد تجديد عام لذلك ينبغي أن تقرءوا ما كتب أخيراً في ترجمته لشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز ترجمة خاصة ولبعض الشيوخ المعاصرين ينبغي أن تطلعوا على ذلك وتعرفوا حقيقة هذا التجديد ولذلك معنى قولنا يدعو إلى التوحيد كما قلنا إلى توحيد العبادة لذلك ركز هو أيضاً على توحيد العبادة لأن الوضع متشابه ، الوضع في نجد متشابه مع الوضع في مكة عند أن بعث الرسول عليه الصلاة والسلام ثم أن الرجل تجول في كثير من الأمصار فعرف أن الوضع متشابه في العالم كله ، إن العالم كله بحاجة إلى التجديد العام .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) يا أيها المدثر % قم فأنذر % وربك فكبر % وثيابك فطهر % والرجز فاهجر % ولا تمنن تستكثر % ولربك فاصبر % ( [ المدثر : 1 ـ 7 ] ، ومعنى ) قم فأنذر ( يُنذر عن الشرك ، ويدعو إلى التوحيد )وربك فكبر ( أي عظمه بالتوحيد ، ) وثيابك فطهر ( أي طهر أعمالك عن الشرك ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) يا أيها المدثر % قم فأنذر % وربك فكبر % وثيابك فطهر % والرجز فاهجر % ولا تمنن تستكثر % ولربك فاصبر ( قال الشيخ رحمه الله : في شرح هذه الآية فقال : ) قم فأنذر ( ينذر أي أنذر عن الشرك أي بنوعيه الشرك الأكبر والشرك الأصغر ، ويدعو إلى التوحيد لأن الدعوة إلى التوحيد تشتمل على الإيمان والكفر معاً ، الإيمان بالله سبحانه وتعالى رباً معبوداً ، والكفر بمن سواه من المعبودات هذا هو معنى الدعوة إلى التوحيد أي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
وقوله تعالى : ) وربك كبر ( أي عظمة بالتوحيد ومن وحد الله فقد عظمه ومن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى فقد شبه ذلك المعبود بالله وفي تشبيه المخلوق بالخالق عدم تعظيم الله تعالى ، ومن دعا غير الله واستغاث بغير الله وذبح لغير الله جعل ذلك الذي يعبده أي شبه ذلك الذي يعبده شبهه بالله حيث فخمه سمعاً كسمع الله وعلماً كعلم الله وقدرة كقدرة الله هذا من أقبح أنواع التشبيه ، التشبيه الثاني : تشبيه الخالق بالمخلوق ، والتشبيه الأول تشبيه المخلوق بالخالق ، والتشبيه الثاني هو تشبيه الخالق بالمخلوق هذا الذي أبتلى به علماء الكلام ، ولكن هذا النوع وهو المنتشر كما قال العلامة أبن القيم بل ما كان يعرف سابقاً إلا هذا النوع قبل نشأة علم الكلام ، التشيبه المذموم الذي ندد به القرآن هو تشبيه المخلوق بالخالق .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:58 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML