منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الأدآب الشرعية


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
الصورة الرمزية الواثقة بالله
 
الواثقة بالله
المراقب العام

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,225 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي كشف الالتباس ببيان كيف ينقلب الباطل حقا عند الناس

كُتب : [ 05-11-2013 - 01:35 AM ]

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده رسوله وبعد:
فإن الله رب العالمين قد شاء أن يَضِلَ أُناسٌ من عباده، ولم يضلوا إلا أنهم استحقوا الضلالة، فهذا من تمام عدله، إلا أنه من كمال فضله وعظيم كرمه قد يسر لهم من يخرجهم من باطلهم، ويفيقُهُم من سبات ضلالهم، فيُظهر لهم الحق حتى يرونه بأعينهم رأي العين كالشمس في رائعة النهار، ويبطل لهم باطلهم بحيث لا يجعل لهم خيطا يتشبَّثون به ولو كخيط العنكبوت في العش والأوكار، ومع كل ذلك فليس بشرط أن يعودوا عن باطلهم، فمن وفقه الله منهم عاد ورجع وأناب، ومن نكَّس منهم تماد في غيه حتى دفن في التراب، فكانوا أقساما وأحزابا.
منهم من عرف الحق ولكن غلب عليه هواه، فأخذ يدافع عن باطله، حتى صار له إلها ومن فرط دفاعه صار الحق عنده باطلا وعند أتباعه، فانقلب الأمر وصار الحق على قلوبهم كالجمر، وأخذوا يسخرون من أهل الحق، وينفرون منهم، ويشغبون عليهم، ويستخفون بهم.
وثمة قصة تحكى - الله أعلم بها - أن ملكا لم يكن له ولد فتفتقت حيلته في ذلك حتى منَّ الله عليه بما طلب فأنجب طفلا بأُذنٍ واحدة، فخشي الملك إن كَبُرَ أن يُعيّرَه الأطفالُ والصبيان، وقد كان الملك غشوما جهولا ظلوما فأمر أمرا جازما أن تقطع أذن لكل طفل في القرية، حتى مر الزمان وصارت عند الناس عادة لابد أن تقطع أذن لكل مولود يولد، وفي يوم ما دخل على هذه القرية رجل ليس من أهلها غريب عنها فإذا بالناس له متعجبون، ومنه يسخرون، وأخذ الأطفال يرقدون وراءه يلقونه بالحجارة ويهتفون بأصواتهم: "أبو أذنين أبو أذنين ". هكذا كان حال الأنبياء مع قومهم؛ فإنه ما أتى رسول ولا نبي إلا قالوا له ساحر أو مجنون حتى حكى القرآن ذلك تعجبا لحالهم " أتوصوا به"؟!!.
وسخروا منه فيما كان الحق معه، والانحراف والتحريف والتغير والتبديل معهم، كأنهم يعجبون من تمسكه بالحق الأصيل لما يخالف ما معهم من الباطل الدخيل يقولون له ساخرين: "أبو أذنين أبو أذنين"!!.
وبما أن العلماء وعباد الله الأتقياء هم ورثة الرسل والأنبياء: فقد كان هذا حالهم أيضا -ومازال إلى يوم الناس هذا - مع من يدعونهم من الناس، فإذا ما أرادوا أن يبيّنوا خطأ ما: اقشعرت جلود الناس ولا تكادوا تلين، لسان حالهم يقول: "سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين"([1]).
ويجعلون ذلك حجةً لهم على كل من أنكر عليهم وخالفهم بقولهم: "بل وجدنا أباءنا كذلك يفعلون "([2])!!.
ومن هاهنا تبين لك أن من أعظم أسباب التباس الحق بالباطل هو " الموروث الباطل"، و"التقليد الأعمى" و "التعصب القبلي أو العرقي" ذلك الجبل الجليدي الذي لا يذوب إلا أن تشرق عليه شمس العلم والتجرد للحق.
ومن أعظم أسباب انتشار ذلك: قلة العلم وفشو الجهل بين الناس؛ فإن العلم هو النور الذي يميز به الإنسانُ الصالحَ من الطالحِ، وإلا فإن إنسانا قد يبحث في ظلمات بعضها فوق بعض فتلدغه الحية وقد يحسبها بغيته، وهذا أمر ضروري لا يحتاج إلى برهان أو استدلال وبيان. وفي أثناء انتشار الجهل يصبح المجال رغيبا جدا لأدعياء العلم أن يظهروا، بل يتفردوا بالتصدر من قبل التأهل متزببين من قبل أن يكونوا متحصرمين، ومتكلمين من قبل أن يكونوا متعلمين، يلبِّسون على الناس دينهم، ولقلة علم من حولهم - بل انعدامه - يظنون أنهم على شيء! ألا إنهم هم الجهلاء ولكن لا يعلمون.
ثم يأتون بالغريب الذي لا يعرفه أسلافهم، ويلبسون عليهم أنه من أمر الخاصة الذي لا يصل إليه إلا من حباه الله علما خاصا، ثم إن بعضهم قد يكون حسن المنطق عذب اللسان فصيح في البيان فيزيد انخداع الناس به فتصبح مندوحة له أن يفعل بهم الأفاعيل.
يقول ابن قيم الجوزية - عليه الرحمة -: "وانظر سرعة المستجيبين لدعاة الرافضة والقرامطة الباطنية والجهمية والمعتزلة وإكرامهم لدعاتهم وبذل أموالهم وطاعتهم لهم من غير برهان أتوهم به أو آية أروهم إياها غير أنهم دعوهم إلى تأويل تستغربه النفوس، وتستطرفه العقول، وأوهموهم أنه من وظيفة الخاصة الذين ارتفعوا به عن طبقة العامة فالصائر إليه معدود في الخواص مفارق للعوام فلم تر شيئا من المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة المستخرجة بالتأويل قوبل الداعي إليه الآتي به أولا بالتكذيب له والرد عليه، بل ترى المخدوعين المغرورين يجفلون إليه إجفالا، ويأتون إليه أرسالا تؤزهم إليه شياطينهم ونفوسهم أزا، وتزعجهم إليه إزعاجا، فيدخلون فيه أفواجا يتهافتون فيه تهافت الفراش في النار، ويثوبون إليه مثابة الطير إلى الأوكار، ثم من عظيم آفاته سهولة الأمر على المتأولين في نقل المدعوين عن مذاهبهم، وقبيح اعتقادهم إليهم ونسخ الهدى من صدورهم؛ فإنهم ربما اختاروا للدعوة إليه رجلا مشهورا بالديانة والصيانة معروفا بالأمانة حسن الأخلاق جميل الهيئة فصيح اللسان صبورا على التقشف والتزهد مرتاضا لمخاطبة الناس على اختلاف طبقاتهم، ويتهيأ لهم مع ذلك من عيب أهل الحق والطعن عليهم والإزراء بهم ما يظفر به المفتش عن العيوب فيقولون للمغرور المخدوع وازن بين هؤلاء وهؤلاء، وحكم عقلك وانظر إلى نتيجة الحق والباطل، فيتهيأ لهم بهذا الخداع مالا يتهيأ بالجيوش، وما لا يطمع في الوصول إليه بدون تلك الجهة"([3]).
ومع ذلك كله يزعم الأتباع أنهم ورثة الرسول ولكن "كيف يكون من ورثة الرسول من يجهد ويكدح في رد ما جاء به إلى قول مقلده ومتبوعه، ويضيع عليه ساعات عمره في التعصب والهوى، ولا يشعر بتضيعه؟!.
تالله إنها فتنة عمت فأعمت، ورمت القلوب فأصمت، وربي عليها الصغير، وهرم فيها الكبير، واتخذ لأجلها القرآن مهجورا، وكان ذلك بقضاء الله وقدره في الكتاب مسطورا، ولما عمت بها البلية، وعظمت بسببها الرزية، بحيث لا يعرف أكثر الناس سواها ولا يعدون العلم إلا إياها، فطالب الحق من مظانه لديهم مفتون، ومؤثره على ما سواه عندهم مغبون، نصبوا لمن خالفهم في طريقتهم الحبائل، وبغوا له الغوائل، ورموه عن قوس الجهل والبغي والعناد، وقالوا لإخوانهم: "إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد"([4]).
فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة ألا يلتفت إلى هؤلاء، ولا يرضى لها بما لديهم، وإذا رفع له علم السنة النبوية شمر إليه، ولم يحبس نفسه عليهم، فما هي إلا ساعة حتى يبعثر ما في القبور، ويحصل ما في الصدور، وتتساوى أقدام الخلائق في القيام لله، وينظر كل عبد ما قدمت يداه، ويقع التميز بين المحقين والمبطلين، ويعلم المعرضون عن كتاب ربهم وسنة نبيهم أنهم كانوا كاذبين"([5]).
فاحذر من جهل الجهلاء وغباء الأغبياء، وسبيل النجاة وطوقها هو العلم، العلم بالله والعلم برسول الله توحيدا واتبعا عملا ودعوة إرادة وقصدا، فــــ
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس خلف فيه
قال الإمام مالك -رحمه الله-: "وليس العلم بكثرة الرواية، ولكنه نور يجعله الله في القلوب "([6]).
قال قوام السنة -رحمه الله-: "ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما هو الاتباع والاستعمال يقتدى بالصحابة والتابعين، وإن كان قليل العلم، ومن خالف الصحابة والتابعين فهو ضال وإن كان كثير العلم"([7]).
فلو رأينا الرجل يطير في السماء أو يمشي على الماء: فلا انخداع به ما لم يأت ببينة عن رب الأرض والسماء ورسوله خاتم الرسل والأنبياء على فهم سلف الأمة الأتقياء النبلاء، والله المستعان وهو الحافظ من كل فتنة وبلاء، وصل اللهم وسلم على خاتم الرسل والأنبياء وعلى آله وصحبه الأتقياء.
وكتب:
أبو زياد محمد آل يعقوب النوبي
- عفا الله عنه -.

[1]الشعراء: 136، 137.
[2]الشعراء: 74.
[3]الصواعق المرسلة (1 / 352، 354).
[4]غافر: 26.
[5]إعلام الموقعين (2 / 12).
[6]جامع بيان العلم وفضله (1 / 17).
[7]الحجة في بيان المحجة (2 / 469).

 



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:55 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML