منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الفقه وأصوله


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي حذيفة النهاري مخالفة
حذيفة النهاري غير متواجد حالياً
 
حذيفة النهاري
عضو نشيط
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 167
تاريخ التسجيل : Jun 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 57 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي الحث علي أهمية طلب العلم والتعلم - ثلاث رسائل توجيهية إلى المعلمين والمتعلمين وأولياء الأمور بمناسبة بدء العام الجديد للدراسة

كُتب : [ 08-05-2011 - 06:12 PM ]

محمد صالح العثيمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد
فقد قال الله تعالى في أول خطاب خاطب به نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾[ العلق : 1- 5 ] هكذا أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأمر الله لرسوله أمر له ولأمته لأنه إمامهم وقائدهم إلى الله عز وجل وهذا يدل على أهمية العلم وعلى أهمية التعلم وعلى منة الله عز وجل بتعليمه القلم وفي سورة الرحمن قال الله تعالى:﴿ الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [ الرحمن : 1-2 ] فيا عباد الله اتقوا الله عز وجل تفقهوا في دين الله تفقهوا في عقائدكم في أحكام شريعتكم فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين )(1) تعلموا شرائع الله لتعبدوا الله على بصيرة وتدعوا إلى الله على بصيرة فإنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إن من يعبد الله على غير علم كالذي يمشي في الفيافي بغير طريق ولا دليل ولهذا لا بد لكل إنسان من طلب العلم وطلب العلم فريضة عين على من احتاج إليه وفريضة كفاية على من لم يحتج إليه عباد الله اطلبوا العلم فإن العلم نور وهداية والجهل ظلمة وضلالة اطلبوا العلم فإنه مع الإيمان رفعة في الدنيا والآخرة قال الله عز وجل:﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [ المجادلة : 11 ] اطلبوا العلم فإنه ميراث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (إن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا )(2)العلم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم( إنا معشر الأنبياء لا نورث )(3) إنهم ( إنماورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر ) (4)( يعني من ميراثهم) إن الإنسان ليفتخر إذا من الله عليه بعلم أن يكون وارثا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن العلم أفضل من المال وأعظم أجرا وأدوم فائدة إن المال لابد أن يفنى فلو قدرنا أن رجلا أوقف عمائر لينتفع بها الفقراء فإن هذه العمائر سوف تفنى عن قريب أو بعيد ولكن العلم الموروث سوف يبقي مادام الناس ينتفعون به وانظروا إلى أبي هريرة رضي الله عنه الرجل الذي كان فقيرا في أول إسلامه انظروا إليه ماذا ورث للأمة الإسلامية من الأحاديث التي ورثها عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واضربوا مثلا بخليفة كان في زمنه وكان قد أوقف أموالا كثيرة ولكن الأموال فنيت ولم ينتفع الناس بها بعد ذلك أما علم أبي هريرة فإنه يتلى في المساجد والبيوت في كل زمان ومكان وبهذا يعرف الفرق العظيم بين ميراث العلم وميراث المال ولقد قال النبي صلوات الله وسلامه عليه (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له )(5) اطلبوا العلم ليكن لكم لسان صدق في الآخرين لأن آثار العلم تبقى بعد فناء أهله فالعلماء الربانيون لم تزل آثارهم محمودة وطريقتهم مأثورة وسعيهم مشكورا وذكرهم مرفوعا إن ذكروا في المجالس امتلأت المجالس بالثناء عليهم والدعاء لهم وإن ذكرت الأعمال الصالحة والآداب العالية كانوا قدوة الناس فيها يقول الله تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾[الأنعام : 122] فالعالم إذا مات أحياه الله تعالى بذكره وبالنور الذي يمشي الناس عليه فيه بعد مماته . أيها المسلمون اطلبوا العلم مبتغين به الأجر من الله لا لتنالوا عرضا من الدنيا فإن من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة أي لم يجد ريحها والإنسان الذي يطلب العلم لأجل عرض من الدنيا ليس له من هذا العلم إلا ما أراد ولن يجعل الله في علمه بركة اطلبوا العلم لترفعوا به الجهل عن أنفسكم فإن الله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون جعل لكم السمع لتسمعوا ما يتلى من كتاب الله والأبصار لتروا ما ترونه من آيات الله والأفئدة لتعقلوا ما سمعتم وأبصرتم من آيات الله فاشكروا الله عز وجل على هذه النعم واستعملوها في ما يرضي الله عز وجل اطلبوا العلم لترفعوا به الجهل عن عباد الله فتنشروا العلم بين الخلق فإن على أهل العلم حق تبليغه قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( بلغوا عني ولو آية ) (6) وقال ( ليبلغ الشاهد منكم الغائب )(7) فالناس محتاجون إلى العلماء أشد من احتياجهم إلى الطعام والشراب والنكاح لأن العلماء هم الذين يدلونهم على شريعة الله ولا حياة للإنسان إلا بالقيام بشريعة الله وعلى العلماء أن ينشروا العلم بشتى الوسائل إما في المجالس وإما في الكتابة وإما في المواعظ في المساجد وطرق نشر العلم كثيرة معلومة ومن بركة العالم أنه إذا جلس مجلسا ولو غير مجلس علم يفتح باب التعلم للحاضرين إما بأن يلقي عليهم مسألة يبحثوا فيها في مجلسه حتى يبين لهم الحق فيها ولاسيما في المسائل التي يكثر ورودها بين الناس وإما بأن يتفضل أحد الجالسين بالسؤال حتى يفتح باب المسألة للحاضرين فإن السائل إذا سأل العالم عن مسألة وأعلمه بالحق كان هو المعلم أعني السائل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل ( عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشرا طها قال هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم )(8) اطلبوا العلم لتحفظوا به شريعة الله فإن الشريعة الإسلامية تحفظ بشيئين أحدهما الكتابة والحفظ في الصدور وهو العلم والثاني العمل بذلك لأن الإنسان متى عمل بما علم صار العلم ثابتا في نفسه وثابتا في نفس من شاهده اطلبوا العلم لتدافعوا به عن الشريعة إن شريعة الله تعالى مستهدفة من أعداء الله الذين يصرحون بالعداوة كاليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم الذين يوردون على المسلمين شبهة من أجل أن يضلوهم عن دينهم وكذلك هي مغزوة من مسلمين ولكنهم في الحقيقة أعداء للإسلام من أهل البدع على جميع أنواع البدع لكن مقل ومستكثر فلابد أن يتعلم الإنسان شريعة الله ليدافع عنها فإن الدفاع عن الشريعة إنما يكون برجال الشريعة اطلبوا العلم لتدعوا به إلى الله عز وجل فإن الدعوة إلى الله لا تتم بدون العلم وكم من إنسان نَصَّبَ نفسه داعيا إلى الله ولا علم عنده فلا تكمل دعوته ولا تتم وربما تكلم عن جهل فأفسد أكثر مما يصلح قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [ يوسف : 108] أيها الناس إن طلب العلم من أفضل الأعمال لما فيه من هذه المطالب العالية ولاسيما في وقتنا هذا الذي كثر فيه طلب الدنيا والتكالب عليها وكثر فيه القراء العارفون دون الفقهاء العاملون إن ثمرة العلم هي العمل والدعوة إلى الله به فمن لم يعمل بعلمه كان علمه وبالا عليه ومن لم يدع الناس به كان علمه قاصرا عليه من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم كما قال الله عز وجل ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [ محمد : 17] ومن لم يعمل بما علم أوشك أن ينزع العلم من قلبه كما قال الله تعالى ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [المائدة: 13] وقد قيل "العلم يهتف بالعمل فإن أجاب وإلا ارتحل"(ك1) وقيل "قيدوا العلم بالعمل كما تقيدونه بالكتابة"(ك2) وإن لنيل العلم طريقين أحدهما أن يتلقى العلم من الكتب الموثوق بها والتي ألفها علماء مرضيون بعلمهم وأمانتهم والثاني أن يتلقى ذلك من معلم موثوق به علما وديانة ولكن هذا الطريق أسلم وأسرع وأثبت للعلم لأن الطريق الأول طريق التلقي من الكتب قد يضل فيه الطالب وهو لا يشعر إما لسوء فهمه أو قصور علمه أو لغير ذلك من الأسباب ولأن الطريق الثاني تكون فيه المناقشة والأخذ والرد فينفتح للطالب بذلك أبواب كبيرة في الفهم والتحقيق وكيفية الدفاع عن الأقوال الصحيحة ورد الأقوال الضعيفة وإذا جمع الطالب بين الطريقين التلقي من الكتب ومن المعلمين كان ذلك أتم وأكمل وليبدأ الطالب بالأهم فالأهم وبمختصرات العلوم قبل مطولاتها حتى يكون مترقيا من درجة إلى ما فوقها فلا يصعد إلى درجة إلا وقد تمكن مما تحتها ليكون صعوده سليما أيها الإخوة المسلمون إن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله "قال العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته"(ك3) وقال " تذاكر بعض ليلة أحب إلى من إحيائها"(ك4) فبين رحمه الله أن طلب العلم أفضل من التهجد ولهذا لو سألنا سائل أيهما أفضل أن أحيي ليلة بالتعلم والبحث والمناقشة والمطالعة أو أن أقوم أتهجد قلنا أن الأول أفضل لأن الأول نفعه متعدي وفيه حفظ للشريعة وفيه الفوائد التي ذكرنا بعضها أما صلاة التهجد فإن نفعها خاص بالمصلي فقط ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة رضي الله عنه ( أن يوتر قبل أن ينام )(9) لأن أبا هريرة كان يشتغل في أول الليل بحفظ أحاديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا ينام إلا متأخرا فأمره النبي صلى الله عليه وسلم( أن يوتر قبل أن ينام )(10 ) لئلا ينام عن الوتر ولم يقل نم ثم قم للتهجد بل أقره على تعلمه رضي الله عنه فيا عباد الله أخلصوا النية لله في طلب العلم كي يبارك لكم فيه وتنتفعوا به أنتم وتنفعوا به عباد الله وفقني الله وإياكم للهدى والرشاد وجنبا الضلال والفساد اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم والحمد لله الذي علم القرءان وخلق الإنسان وعلمه البيان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والإحسان وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بعث بالهدى ودين الحق ليمحو الباطل بالحجة والبرهان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد

فإننا في هذه الأيام على أبواب عام دراسي جديد يستقبل فيه المعلمون والمتعلمون نشاطهم فيا ليت شعري ماذا أعدوا لهذا العام إنني أوجه خطبتي هذه إلى ثلاثة أصناف من الناس إلى المعلمين وإلى المتعلمين وإلى أولياء أمور المتعلمين فكل هؤلاء كل واحد منهم مسئول عن أمر يتعلق به مسؤول عنه أمام الله عز وجل مسؤول عنه أمام من تولاهم مسؤول عنهم أمام من ولوه أما المعلمون فإن من أهم ما يتعلق بهم أن يدركوا العلوم التي يلقونها إلى الطلبة إدراكا جيدا مستقرا في نفوسهم وذلك بمراجعة ما يريدون أن يبينوه للطلبة قبل ان يقفوا أمامهم حتى لا يقع الواحد منهم في حيرة عند سؤال التلاميذ له ومناقشتهم إياه لأن من أعظم مقومات الشخصية لدى الطلبة قوة المعلم في علمه وملاحظته ولا تنقص قوته العلمية في تقويم شخصيته عن قوة ملاحظته إن المعلم إذا لم يكن عنده علم ارتبك عند السؤال فينحط قدره في أعين تلاميذه فإن أجاب بالخطأ فلن يثقوا به بعد ذلك وإن انتهرهم عند السؤال و المناقشة فلن ينسجموا معه إذاً لابد للمعلم من إعداد واستعداد وتحمل وصبر وإن بعض المعلمين الذين أخفقوا في تعليمهم يأتون إلى المدرسة وهم لا يعرفون عن ما يريدون أن يقرروه على الطلبة شيئا وهذا لاشك إخلال بالأمانة من وجه وإضرار بالتلاميذ وإضرار بأنفسهم أيضا وإن بعض المعلمين لن يتحمل أن يناقشه الطالب وهذا خطأ عظيم اللهم إلا إذا تبين أن الطالب يريد الإعنات والإشقاق أي يريد العنت والمشقة على المدرس فحينئذ لا حرج أن يستعمل ما يكف به هذا الطالب عن السؤال الذي يراد به التعنت أما إذا علم أن الطالب يريد حقاً الاستفادة فإن عليه أن يصبر عليه أن يتحمل حتى يكون قدوة صالحة وإن من إخفاق المدرس إذا سئل عن شيء لا يعرفه انتهر الطالب وقال اجلس ليس هذا موضع نقاش أو ما أشبه ذلك من العبارات التي ينتهره فيها وهذا قد عصى الله عز وجل في قوله ﴿ وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلَا تَنْهَرْ﴾ [ الضحى : 10] فهذه الآية الكريمة تشمل السائل سائل المال وسائل العلم لا يجوز للإنسان أن ينتهر سائلا للمال أو العلم إلا إذا علم أن المصلحة في انتهاره وإذا كان على المعلم أن يدرك العلم الذي يلقيه أمام الطلبة فإن عليه أيضا أن يحرص على حسن إلقائه إليهم بأن يسلك أقرب الطرق في إيضاح المعاني وضرب الأمثال ومناقشة الطلبة في ما ألقاه عليهم سابقا ليكونوا على صلة بالماضي ويعلموا أن هناك متابعة من المعلم . بعض المعلمين إذا درس الدرس في الأمس فإنه لن يعيد مناقشة التلاميذ في اليوم التالي وحينئذ لا يهتم التلاميذ بما ألقاه عليهم فينبغي أن يناقشهم في ما سبق ولو ببعض المسائل المهمة حتى ترسخ في قلوبهم وحتى يعلم التلاميذ أن للأستاذ متابعة في ما علمهم إياه وإذا كان على المعلم أن يجتهد في ذلك فعليه أيضا أن يكون حسن النية والتوجيه فينوي بتعليمه الإحسان إلى طلبته وإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم وليجعل نفسه لهم بمنزلة الأب الشفيق الرفيق ليكون لتعليمه أثر بالغ في نفوسهم وعليه مع ذلك أن يظهر أمامهم بالمظهر اللائق من الأخلاق الفاضلة والآداب العالية التي أساسها التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليكون قدوة لتلاميذه في العلم والعمل فإن التلميذ ربما يتلقى من معلمه من الأخلاق والآداب أكثر من ما يتلقى منه من العلم من حيث التأثر لأن أخلاق المعلم وآدابه صورة مشهودة معبرة عن ما في نفسه ظاهرة في سلوكه فتنعكس هذه الصورة تماما على إرادات التلاميذ واتجاهاتهم . أما المتعلمون فإن عليهم أن يبذلوا غاية جهدهم في تحصيل العلم من أول العام حتى يدركوا المعلومات إدراكا حقيقيا ثابتا في القلوب راسخا في النفوس لأن الطالب إذا اجتهد من أول العام أخذ العلوم شيئا فشيئا فسهلت عليه ورسخت في نفسه وسيطر عليها سيطرة تامة أما إذا أهمل وتهاون من أول العام واستبعد آخره فإن الزمن ينطوي سريعا وتتراكم عليه الدروس فيصبح عاجزا عن تصورها فضلا عن تحقيقها ورسوخها فيندم حين لا ينفع الندم ويرجع بالفشل والملامة . وإن على المعلمين والمتعلمين جميعا واجبات تجب مراعاتها فإن قاموا بها كانوا محمودين عند الله وكانوا محمودين عند الناس وكانوا محمودين أمام مسئوليهم وبهذا يتم النصح والإخلاص وعلى إدارة المدرسة أو المعهد أو عمادات الكليات أن يراعوا من تحت مسئوليتهم من مدرسين ومراقبين وطلاب وإداريين لأنهم مسئولون عن ذلك أمام الله عز وجل قبل كل شيء ثم أمام من فوقهم من المسئولين ثم أمام الناس أجمعين فعليهم أن يقوموا بمسئولية الأمانة التي حملوها أما أولياء الأمور فإن عليهم واجبات يلزمهم القيام بها عليهم أن يتفقدوا أولادهم وأن يراقبوا سيرهم وأن يعرفوا نهجهم العلمي والفكري والعملي وأن لا يتركوهم هملا لا يبحثون معهم ولا يسألونهم عن طريقتهم ولا عن أصحابهم ولا عن من يعاشرون ويصادقون إن إهمال الأولاد من بنين أو بنات ظلم وضياع ومعصية لما أمر الله به في قوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[ التحريم : 6] إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حملنا أمانة حيث قال )الرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ( (11)فكلفنا وحذرنا كلفنا بالرعاية لأهلينا وحذرنا من إضاعة هذه الرعاية لأننا مسئولون عنها يوم القيامة فهذا كلام الله عز وجل ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ﴾ [التحريم : 6] وهذا كلام محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنسأل الله بمنه وكرمه الذي حملنا هذه الأمانة نسأله أن يعيننا على أدائها اللهم أعنا على أداء الأمانة اللهم أعنا على أداء الأمانة اللهم وفقنا بالقيام بالرعاية الحسنة التي تصلح بها أمورنا وتصلح بها أهلونا وترضى بها عنا يارب العالمين إنك جواد كريم واسمعوا قول الله عز وجل ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾[ الأحزاب : 72- 73 ] اللهم اجعلنا من المؤمنين والمؤمنات التائبين يا رب العالمين اللهم اجعل شعبنا مؤمنا بك مخلصا لك متبعا لرسولك اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا وأصلح لهم البطانة ويسر لهم الهدى وجنبهم أسباب الردى يا رب العالمين اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
-------------------

(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم ( 69 ) و أخرجه مسلم في كتاب الزكاة ( 1721) من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما.
(2) هذا جزء من حديث ذكره الشيخ رحمه الله تعالى و أخرجه أحمد رحمة الله تعالى في مسنده بطوله ( 20723) وبن ماجه (219) وأبو داود ( 3157 ) والترمذي ( 2606 ) و أخرجه الدارمي في سننه ( 346) من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه.
(3) أخرجه أحمد في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ( 9593 ).
(4) قال البخاري رحمه الله تعالى في كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل أخرجه الأمام أحمد رحمة الله تعالى في مسنده ( 20723) وابن حاجه رحمة الله تعالى في سننه (219) وأبو داود رحمة الله تعالى في سننه ( 2157) والترمذي رحمة الله تعالى في سننه ( 2606) من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه.
(5) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الوصية ( 3048 ) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(6) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء من حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله تعالى عنهما ( 3202 ).
(7) أخرجه البخاري في كتاب العلم ( 102 ) ومسلم ( 218 ) من حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه واللفظ البخاري.
(8 ) قال البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان باب سؤال جبريل عليه السلام النبي صلي الله عليه وسلم وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الطويل في كتاب الإيمان ( 9).
(ك1) ذكره الخطيب البغدادي في الجامع - وابن عساكر في ذم من لا يعمل بعمله رقم ( 15 ) أرحمهما الله تعالى هذا الأثر عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
(ك2) لم نقف عليه.
(ك3) أخرجه صاحب الأنصاف في كتاب الأنصاف الجزء الرابع صفحة 122 أنظر إليه رحمك الله تعالى.
(ك4) لم نقف عليه.
(9) هذا جزء من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى قال أوصاني خليلي صلي الله عليه وسلم بثلاث ( صيام ثلاثة أيام من كل شهر - وركعتي الضحى - وأن أوتر قبل أن أنام ) أخرجه البخاري في كتاب الصوم ( 1845 ) وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1182).
(10 ) سبق تخريجه في الحديث السابق رقم 8.
(11) هذا جزء من حديث ذكره الشيخ رحم الله تعالى أخرجه البخاري رحمه الله تعالى من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في كتاب الجمعة ( 844) ومسلم رحمه الله تعالى في كتاب الإمارة ( 3408 ).
 

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML