ارتأيت أن أنقل كلام عالم ربا ني الشيخ ابن العثيمين في هذا الموضوع من كتا ب فتاوى أركان الإسلام وهو من تأليفه,فصل فتاوى العقيدة طبعة دار المنهاج(1424_2003م) ص29_30_31والرد على من قال بحرمته: السؤال:كيف نوفق بين علم الأطباءالآن بذكورة الجنين وأنوثته,وقوله تعالىما في الأرحام)و ما جاء في تفسير ابن جرير عن مجاهد أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما تلد امرأته,فأنزل الله الآية.وما جاء عن قتادة_رحمه الله_؟وما المخصص لعموم قوله تعالىويعلم ما في الأرحام)؟ . الجواب:قبل أن أتكلم عن هذه المسألة أحب أن أبين أنه لا يمكن أن يتعارض صريح القرآن الكريم مع الواقع أبدا,وأنه إذا ظهر في الواقع ما ظاهره المعارضة,فإما أن يكون الواقع مجرد دعوى لاحقيقة له,وإماأن يكون القرآن الكريم غير صريح في معارضته,لأن صريح القرآن الكريم وحقيقة الواقع كلاهما قطعي,ولايمكن تعارض القطعيين أبدا . فإذا تبين ذلك فقد قيل: إنهم الآن توصلوا بواسطة الآلات الدقيقة للكشف عما في الأرحام,والعلم بكونه أنثى أو ذكر,فإن كان ما قيل باطلا فلا كلام,وإن كان صدقا فإنه لا يعارض الآية,حيث إن الآية تدل على أمر غيبي هو متعلق علم الله تعالى في هذه الأمور الخمسة,والأمور الغيبية في حال الجنين هي:مقدار مدته في بطن أمه,وحياته,وعمله,ورزقه,وشقا وته أو سعادته,وكونه ذكرا أو أنثى,قبل أن يخلق,أما بعد أن يخلق,
فليس العلم بذكورته أو أنوثته من علم الغيب,لأنه بتخليقه صار من علم الشهادة,إلا أنه مستتر في الظلمات الثلاث,التي لو أزيلت لتبين أمره,ولا يبعد أن يكون فيما خلق الله تعالى من الأشعة أ شعة قوية تخترق هذه الظلمات حتى يتبين الجنين ذكرا أم أنثى, وليس في الآية تصريح بذكر العلم بالذكورة و الأنوثة, و كذلك لم تأت السنة بذلك.
وأما ما نقله السائل عن جرير عن مجاهد أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم:عما تلد امرأته,فأنزل الله الآية .فالمنقول هذا منقطع لأن مجاهدا_رحمه الله_ من التابعين. وأما تفسير قتادة_رحمه الله_فيمكن أن يحمل على أن اختصاص الله تعالى بعلمه ذلك إذا كان لم يخلق,أما بعد أن يخلق فقد يعلمه غيره. قال ابن كثير_رحمه الله_في تفسيره آية لقمانوكذلك لايعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه ,ولكن إذا أمر بكونه ذكرا أو أنثى أو شقيا أو سعيدا علم الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء من خلقه).وأماسؤالكم عن المخصص لعموم قوله تعالىما في الأرحام). فنقول:ان كانت الآية تتناول الذكورةو الأنوثة بعد التخليق فالمخصص الحس و الواقع,وقد ذكر علماء الأصول أن المخصصات لعموم الكتاب و السنة :إما النص,أو الإجماع, أو القياس, أو العقل,وكلامهم في ذلك معروف.
وإذاكانت الآية لا تتناول ما بعد التخليق وإنمايراد بها ما قبله,فليس فيها يعارض ما قيل من العلم بذكورة الجنين و أنو ثته. والحمد لله أنه لم يوجد ولن يوجد في الواقع ما يخالف صريح القرآن
وما طعن فيه أعداء المسلمين على القرآن الكريم من حدوث أمور ظاهرها معارضة القران الكريم فإنما ذلك لقصور فهمهم لكتاب الله تعالى أو تقصيرهم في ذلك لسوء نيتهم,ولكن عند أهل الدين والعلم من البحث و الوصول إلى الحقيقة ما يدحض شبهة هؤلاء ولله الحمد و المنة.
والناس في هذه المسألة طرفان ووسط: فطرف تمسك بظاهر القرآن الكريم الذي ليس بصريح وأنكر خلافه من كل أمر واقع متيقن,فجلب بذلك الطعن إلى نفسة في قصوره أو تقصيره أو الطعن في القرآن الكريم حيث كان في نظره مخالفا للواقع المتيقن. وطرف أعرض عما دل عليه القرآن الكريم وأخذ بالأمور المادية المحضة,فكان من الملحدين.وأما الوسط فأخذوابذلالة القرآن الكريم وصدقوا بالواقع,وعلموا أن كلا منهما حق,ولا يمكن أن يناقض صريح القرآن أمرا معلوما بالعيان فجمعوا بين العمل بالمنقول والمعقول,وسلمت بذلك أديانهم وعقولهم,وهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق,والله يهدي من يشاء إلى صراط مساتقيم. ) تم كلام الشيخ رحمة الله عليه.
منقول