إن الفطام في منظار الصحة النفسية للطفل مجرد تحول في أسلوب الغذاء؛ فالفطام يُعرف بأنه إدخال طعام خارجي مع لبن الأم، وهو إضافة لهذا تطور نفسي لكل من الأم ورضيعها، وهذا التطور ضروري لنمو ذاتية الرضيع وتفتُّح شخصيتهِ، ودخولهِ إلى عالم "الذين كبروا" وراحوا يخدمون أنفسهم بأنفسهم.
والطريقة المُثلى للفطام بشكلٍ عام تعتمد على التدريج، وعلى مدى شهور طويلة وليس شهر أو اثنين أو يوم أو يومين؛ بحيث تكون كافية لتحويل الرضيع من الاعتماد على حليب الأم أو الحليب الصناعي فقط، إلى الاعتماد على الطعام العادي في المقام الأول، ثم على حليب غير حليب الأم.
وعادةً يكون العمر المناسب لبداية الفطام ما بين أربعة وستة شهور، وهذا إذا اعتمدنا التعريف السابق للفطام بكونه إدخال طعام خارجي للطفل مع لبن الأم، فلا بُدَّ من التأكيد هنا على أن الرضاعة الطبيعية هي الأفضل للوليد؛ ومن أهم فوائدها الكثيرة أنها تقوي جهاز مناعته ضد كثير من الأمراض الفتاكة، إضافةً إلى أنها تُقوي الرابطة العاطفية بين الأم والطفل، وعند الظروف الخاصة والقاهرة؛ مثل فقد الأم أو مرضها، أو طبيعة خروجها للعمل، أو عند وجود توأم؛ تكون الرضاعة المختلطة أو الصناعية هي البديل الأنسب، وقبل سرد الطريقة المثلى للفطام لا بد من مراعاة بعض العوامل عند بداية الفطام؛ وهي:
- تجنب البداية خلال الأشهر الصيفية؛ وذلك حتى نجنب الطفل خطر الإصابة بالنزلات المعوية.
- يجب أن يكون الطفل بصحة جيدة، فيجب ألا تبدأ مع طفل يُعاني من أي أمراض مثل الهزال، أو سوء التغذية، أو النزلات المعوية، أو الحمى.
- يجب ألا يبدأ الفطام سريعًا، دون تدرج، حتى لا يُصاب الطفل بالاضطرابات الهضمية، أو النزلات المعوية.
- يجب مراعاة النظافة؛ وذلك لأن الطفل سينتقل من مصدر واحد للتغذية؛ سواء حليب الأم المعقم، أو الحليب الصناعي، إلى مصادر أخرى عديدة ومتنوعة، يسهل تلوثها، ويصعب المحافظة على تنظيفها، وعلى هذا يجب على الأم غسل اليدين جيدًا قبل تغذية الطفل، وغسل آنية الطعام جيدًا، وكذلك حفظ الطعام بعيدًا عن مصادر التلوث.
والآن نُقدِّم لكم طرق الفطام من الرضاعة الطبيعية شهرًا بشهر، وخطوةً بخطوة، ونبدأ من الشهر الرابع:
- الشهور من أواخر الرابع إلى الخامس:
يُمكن إدخال الأغذية التالية بالإضافة للرضاعة الطبيعية: الزبادي منزوع الدسم، البسكويت، المهلبية، ويتم ذلك باستبدال رضعتين: الأولى بأكلة مهلبية، والثانية بأكلة زبادي مع بسكويتة خفيفة.
- الشهر السادس:
يُمكن إدخال الفواكه المهروسة، الخضار المهروس، العسل الأبيض، الأرز، إضافة إلى المهلبية، الزبادي، البسكويت، ويراعى تقشير الفواكه والخضراوات بعناية، وتنقيتها من البذور، وتفرم أو تهرس، وعادة يطهى الخضار أو يسلق على البخار، أو في الماء؛ فتؤخذ حبة بطاطس، وحبة جزر، وحبة كوسا، ونصف ملعقة أرز، ولتر ماء، وتُغلى المكونات معًا لمدة 45 دقيقة على الأقل على نار هادئة، ثم تُصفَّى وتهرس جيدًا، ويضاف القليل من الملح والليمون، مع ملاحظة أن الطفل يكتفي بخمس وجبات اعتبارًا من هذا الشهر، فتستبدل ثلاث رضعات: الأولى بوجبة مهلبية، والثانية بوجبة شُربة خضار، والثالثة بوجبة زبادي مع ملعقة عسل أبيض وبسكويت مع تفاح مبشور أو مهروس أو مفروم.
- الشهر السابع:
نبدأ في هذا الشهر بإدخال اللحوم (البيضاء والحمراء)، الكبدة، الجبن القريش، المربى، بالإضافة لما سبق، مع مراعاة أن هذه الأصناف لا تُقدَّم للطفل كلها دفعة واحدة؛ بل تقدم واحدة تلو الأخرى، فتبدأ بما يستسيغه الطفل، دون ظهور أية أعراض جانبية، ثم ينقل إلى الصنف الثاني، فالثالث، وهكذا، وتبقى عدد الوجبات خمس وجبات، منها رضعتان صافيتان.
- الشهران الثامن والتاسع:
يعتمد الطفل على نوع الغذاء نفسه السابق، ويضاف مع الخضار بعض الأرز أو العدس، بحيث تُهرس الخضروات بالشوكة، ولا تُصفى من الماء حتى يتعود الطفل على الأكل سميك القوام بالمعلقة، ويكون عدد الوجبات 5 وجبات، منها رضعة واحدة صافية، والأخرى مع الغذاء.
- الشهور من العاشر حتى الثاني عشر:
يبدأ الطفل الرضيع بتناول أصناف طعام الأسرة العادي، واللبن، مع حليب الأم بحيث تبقى هناك رضعة واحدة صافية، ويفضل أن تبدأ محاولة استعمال الكوب لشرب اللبن.
- بعد الشهر الثاني عشر:
يتناول الطفل نوع الغذاء نفسه السابق؛ ولكن تصبح الوجبات أربع وجبات، وبالنسبة للرضاعة تستمر رضعة واحدة حتى الفطام الكامل، حسب رغبة الطفل، ولن تجدي هناك مشكلة -إن شاء الله- في سحب الرضعة الوحيدة بالتدريج.
وفي الختام نُقدِّم لكِ بعض النصائح لفطام طفلك بصورة صحيحة:
- لا تعطي الطفل أكثر من صنف جديد في المرة الواحدة، بل تقدم واحدة تلو الأخرى حسب ما يستسيغه الطفل.
- يستمر نظام الأربع أكلات حتى الفطام الكامل عند عمر سنة ونصف إلى سنتين.
- الحلوى والشيكولاتة لا تُعطَى إلا بعد الوجبات مباشرة، حتى لا تفسد الشهية.
- تجنبي إعطاء الطفل المشروبات والمأكولات المثلجة؛ لما تسببه من اضطرابات معدية ومعوية بالإضافة لاحتوائها على الكافيين الذي يسبب الأرق.
- تجنبي إعطاء الطفل الأغذية المحفوظة، للسبب ذاته، بالإضافة لاحتوائها على المواد الحافظة المضرة بنمو أجهزة الطفل مثل الكبد والكلى.
- تجنبي إعطاء الطفل لحوم الحيوانات الصدفية مثل الجمبري وأبو جلمبو (الكبوريا) وأم الخلول، لما تسببه من الإسهال والقيء والحساسية الجلدية.
- أفضل الفواكه المناسبة للطفل هي الكمثرى والموز والبرتقال والتفاح؛ وذلك لأنها سهلة الهضم، ويُراعى عدم إعطائها بين مواعيد الوجبات حتى لا تضعف الشهية.
- يجب التنويع في أصناف الأكل من يوم لآخر؛ منعًا للسأم وضعف الشهية.
- تجنبي تغذية الطفل دون إرادته حتى لا يكره الطعام؛ فربما يكون به مانع مرضي مثل التهاب اللثة، أو في مرحلة التسنين، أو التهاب الحلق.
- حتى نهاية العام الأول تجنبي إعطاء الطفل: حليب البقر، التوابل والبهارات، والمكسرات، وزلال البيض.
- حتى عمر ستة شهور تجنبي إعطاء الطفل: الأغذية السابقة؛ وهي التوابل والبهارات، والمكسرات، وزلال البيض، بالإضافة إلى العسل، والأطعمة الدسمة الدهنية.