إذا انطلقت أرسلته إليكم
المرجع: الصفات الالهية : ص 66المؤلف :شيخ الإسلام ابن قيم الباب: دعوة غير المسلمين
قول المسيح: " إذا انطلقت أرسلته إليكم ". معناه أني أرسله بدعاء ربي وطلبي منه أن يرسله، كما يطلب الطالب من ولي الأمر أن يرسل رسولا أو يولي نائبا أو يعطي أحدا، فيقول أنا أرسلت هذا ووليته وأعطيته. يعني أني كنت سببا في ذلك؛ فإن الله سبحانه إذا قضى أن يكون الشيء فإنه يقدر له أسبابا يكون بها، ومن تلك الأسباب دعاء بعض عباده بأن يفعل ذلك فيكون في ذلك من النعمة إجابة دعائه مضافا إلى نعمته بإيجاد ما قضى كونه، ومحمد صلى الله عليه وسلم قد دعا به الخليل أبوه فقال:
رَبَنا وَابعَث فيهِم رَسولاً مِنهُم يَتلو عَلَيهِم آَياتِكَ، وَيُعَلِِمُهُم الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَيُزكيهِم " إنّكَ أَنتَ العَزيزُ الحَكيم - البقرة: 129
مع أن الله سبحانه قد قضى بإرساله وأعلن باسمه قبل ذلك، كما قيل له: يا رسول الله: متى كنت نبيا؟
قال: وآدم بين الروح والجسد
وقال
إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته
وهذا كما قضى الله سبحانه نصره يوم بدر ومن أسباب ذلك استعانته بربه ودعاؤه وابتهاله بالنصر، وكذلك ما يقضيه من انزال الغيث قد يجعله بسبب ابتهال عباده ودعائهم وتضرعهم اليه، وكذلك ما يقضيه من مغفرة ورحمة وهداية ونقصر قد يسبب له أدعية يحصل بها ممن ينال ذلك أو من غيره، فلا يمتنع أن يكون المسيح سال ربه بعد صعوده أن يرسل أخاه محمدا إلى العالم، ويكون ذلك من أسباب الرسالة المضافة إلى دعوة أبيه إبراهيم، لكن إبراهيم سأل ربه أن يرسله في الدنيا فلذلك ذكره الله سبحانه، وأما المسيح فإنما سأله بعد رفعه وصعوده إلى السماء
وتأمل قول المسيح " إني لست أدعكم أيتاما لأني سآتيكم عن قريب " كيف هو مطابق لقول أخيه محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليهما
ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، وإماما مقسطا، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية
وأوصى أمته بأن " يقرئه السلام منه من لقيه منهم " وفي حديث آخر
كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها
http://www.subulassalaam.com/article...article_id=113