السلَفِيةُ وَصَفَاء الْقُلُوب !...
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذه كلمة طيبة لفضيلة الشيخ
سليمان الرحيلي -حفظه الله-
بعنوان:
السلَفِيةُ وَصَفَاء الْقُلُوب !...
سائلين الله عزوجل أن ينفع بها الجميع.
(التّفريغ)
مِن التّحدّث بنِعمةِ اللهِ عليك أن تظهر عليك مِن غير مُباهاة، وهذا خارج الدّرس لكن أمر ينبغي أنْ نلحظه في تعامُلِنا مع جيراننا، وإخوانِنا، والنّاس؛ لأنّ هذا الدِّين عجيب يا إخوة، دين يُحافظ على القُلوب، يُحافظ على القُلوب على أنْ تكون سليمةً، زكيَّةً، نقيَّةً، وعلى أنْ تكون مُجتمعةً، ولا يُفرَّق بينها إلاّ لِمُقتضى شرعيّ يقتضي هذا؛ وهذا ما ينبغي أنْ يتنبَّهُ له طُلاّب العلم.
للأسف أنّ بعضَنا الآن يزداد عِلْمًا ويقِلُّ قلبُه صفاءً! كُلَّما ازداد عِلْمًا كُلَّما قلَّ صفاءُ قلبِه، وهذا محَلُّ إشكال!
المطلوب أنّك كُلَّما ازدَدْتَ عِلْمًا؛ إزدّدْتَ صفاءً في قلبِك، وطُهرًا فيه.
تبتعد عمّا يُنفِّر القُلوب إلاّ إذا أراد اللهُ ذلك مِنك، تحرِص على لِسانِك، فلا تنقُل شيئا يُفرِّق القُلوب أبدًا، إلاّ إذا طُلب ذلك مِنك شرعًا.
حتّى لو أُوذيت تحرِص على أنْ لا تتنافر القُلوب؛ لأنّ هذا أثرُ العلم، وهذه تزكيةُ العلم، خاصة نحن يا إخوة، أهل السُّنّة في كُلِّ زمان قليل، وهُم في هذا الزّمان أقلّ؛ فينبغي أنْ نحرص على جمع القُلوب على الحقِّ بالحقِّ، وأنْ نبتعد عن كُلِّ ما يُنفِّر قُلوب أهل الحقِّ مِن بعضِهم.
ولذلك عَرَفْنا في مشايخنا الحِرص على جمع قُلوب أهل السُّنّة، والصّبر، والمُراعاة، إلاّ إذا اقتضى الشّرع ذلك فلا حول ولا قُوّة إلا بالله؛ وهذا ما ينبغي.
والله أنا دائمًا ما أقول يا إخوة: السَّلفيَّة أغلى وأحلى مِن حُظوظ أنفُسِنا، فتستحقُّ مِنّا أنْ نتنازل عن كثيرٍ مِن حُقوقِنا مِن أجل هذه الصِّفة العظيمة، بحيث نجمع القُلوب عليها، وإذا اقتضى المقامُ شيئا مِن اللّوم، فليكُنْ بِما لا يُنفِّرُ القُلوب، ونتّخذ الأساليب الحسنة.
والله عرفنا مِن مشايخنا مَن يصبر عشر وعشرين سنةً حتَى لا يُنفِّر القُلوب، بل يُخْطأُ مَن ينتسبُ إلى السَّلفيَّة خطأً فيصبر عليه، ولا يُظهره خَشية أنْ يرجع فيُعَيَّر بهذا فيما يأتي مِن الزّمان بأُسلوب شرعيّ، وطريق شرعيّ صحيح.
الدِّين دين قُلوب يا إخوة، والله لا خيرَ في علمٍ لا يُثمِرُ في قُلوبِنا زكاءً ولا صفاءً، والله والله والله إنّ السَّلفيّةَ صفاءٌ.
يا إخوة السَّلفيَّةُ هِدايةٌ وأمانٌ، السَّلفيَّةُ صِراطُ الله المُستقيم، هِداية والله أعظم هِداية، وأمان للإنسان ، وأمان لإخوانِه.
ولذلك يا إخوان ينبغي أنْ نتنبّهَ إلى هذا الأمرِ، هذا مِن حِكَمِ النّهيِ عن الأكل والشُّرب في آنِيَة الذّهب والفضّة أنْ لا تُكسر القُلوب؛ لأنّ هذا الدِّين دين قُلوب، فينبغي أنْ نتنبَّهَ إلى هذا الأمرِ.
نعوذ بالله مِن أنْ نكون مِمّن تطيب ألسنتهم، وتخبث قُلوبهم، والله لا خيرَ في هذا ولو ارتفع الإنسان، والله والله لأَنْ تكون مجهولاً لا تُعلم مع صفاء قلبِك، وسلامة قلبِك، خيرٌ لك مِن أنْ تكون عَلَمًا يلمع مع فساد قَلبِك بأيِّ صورة مَِن صُور الفساد الّتي لايُحبُّها اللهُ عزّ وجلّ ولا يرضاها أبدًا لعبدِه في قلبِه.
"كتبت بواسطة أبو عاصم محمد الفاضل"
المصدر : موقع الآجري