روى الإمام الترمذي رقم (3377) وغيره عن أبى الدرداء رضى اللَّه عنه قال قال النبى -صلى الله عليه وسلم- : « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِى دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ ». قَالُوا : بَلَى. قَالَ : « ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ». فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رضى الله عنه -: مَا شَىْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ.
قال شيخنا في "الصحيح المسند" رقم (1038) : هذا حديث صحيح .اهـ
وروى الطبراني في " المعجم الأوسط" رقم (2296)
عن جابر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال " مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا أَنْجَى لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى " . قِيلَ : وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ ! قَالَ : " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ تضْرِبَ بِسَيْفِك حَتَّى يَنْقَطِعَ " .
قال العلامة الألباني في "صحيح الترغيب" رقم (1497): حسن لغيره .اهـ
فذِكْر الله -أيها المسلمون- عبادة عظيمة جامعة لسائر الطاعات ، روى الإمام الترمذي رقم (3375) ، وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَخْبِرْنِى بِشَىْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ : « لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ».
قال أبو الحسن المباركفوري في " مرعاة المفاتيح" : (قال لا يزال) ، أي : هو إنه لا يزال (لسانك رطباً من ذكر الله) ، أي : طرياً مشتغلاً قريب العهد منه ، وهو كناية عن المداومة على الذكر .
قال ابن القيم في"الوابل الصيب" : (الفائدة السابعة والخمسون للذكر) أن أدامته تنوب عن التطوعات وتقوم مقامها سواء كانت بدنية أو مالية كحج التطوع ، وقد جاء ذلك صريحاً في حديث أبي هريرة إن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالوا : يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموالهم يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون. فقال : « ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم وتسبقون به من
بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم. قالوا : بلى يا رسول الله!قال تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ... » الحديث متفق عليه. فجعل الذكر عوضاً لهم عما فاتهم من الحـج والعمرة والجهاد ، وأخبر أنهم يسبقونهم بهـذا الذكر ، فلما سمع أهل الدثور بذلك عملوا به فازدادوا إلى صدقاتهم وعبادتهم بمالهم التعبد بهذا الذكر فحازوا الفضيلتين .اهـ
ولهذا كان صلى الله عليه وسلم كما تحكي عنه عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- " يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ". رواه مسلم رقم (373) ، وعلقه البخاري في "صحيحه" (1/528) مع "فتح الباري"
بل كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول : "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" رواه البزار في "المسند" رقم (2075) عن ابن مسعود ، وهو في "الصحيح المسند" رقم (867) ، وقال : هذا حديث حسن .اهـ
وكان يعلِّم ذلك أصحابه ،كما جاء عند البزار أيضاً رقم (2661) ، ورواه أبو داود رقم (1522) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ بِيَدِي يَوْمًا ، فَقَالَ : « يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ » . فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ ، وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ . فَقَالَ : « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ » .