🌸🌸الفرق بين الإبتلاء والعقوبة :
وهناك علاماتٌ يستطيع المسلم أن يُفرق بها بين الإبتلاء والعقوبة :
1 – الإبتلاء يقع مع الإيمان والإستقامة على المنهج ، واشتداد الإبتلاء في هذه الحال دليلٌ على شدة الإيمان وقوته ، ولذلك فإن الأنبياء أشد الناس بلاءً ، ثم الأمثل فالأمثل .
أما العقوبة فسبب وقوعها الذنوب والمعاصي والإنحرافُ عن المنهج ، وكلما زادت الذنوب والمعاصي ، وكبرُ حجم الإنحراف ، اشتدت العقوبة .
2 – الإبتلاء علامةٌ على حب الله للعبد ورضاه عنه ، بينما العقوبة إشارةٌ إلى غضب الله وعدم رضاه عن العبد.
3 – الإبتلاء طريق للإمامة والتمكين ، بينما العقوبة حرمانٌ من ذلك،قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام :
{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } (أية 124 سورة البقرة ).
فإبراهيم عليه السلام جُعل للناس إماماً ، لأنه نجح في كل ما ابتليَ به وامتُحن ، بينما الذين يفشلون في ذلك يُحرَمون هذه الإمامة،ولا ينالون ذلك العهد،قال تعالى
{قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }(أية 124 سورة البقرة ).
4 – الإبتلاء يهدف إلى جمع كلمة الأمة ، وتمتين الروابط فيما بينها ، أما العقوبة فقد تكون سبباً في تشتيتها ، وضرب قلوب أفرادها بعضها ببعض ، وزيادة العداوة والبغضاء بين أفرادها .
قال تعالى : { فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }(أية 14 المائدة ).
فالإبتلاء طريق للإمامة والتمكين:-
"فقد سئل الإمام الشافعي رحمه الله :أيّهما أفضل للرجل أنْ يمكّن أو يبتلى؟فقال: لا يمكّن حتى يبتلى" .
ولكن ... ليس معنى هذا أن يتمنى المؤمن البلاء أو يتكلفه ،لأنّه لا يعلم أهو من الذين ثبتّهم الله ؛أم من الذين نكصوا على أعقابهم ؛خسروا الدنيا والآخرة.
وعن حذيفة رضي الله عنه قال:قال رسول الله-
صلى الله عليه وسلم-"لا ينبغي للمسلم أنْ يذل نفسه؛
قالوا:وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء ما لايطيق" حديث حسن لغيره.
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"ان الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء , وبالشدة والرخاء ، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم , كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهمالصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشدالناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ) ، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصيوالذنوب ، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبتأيديكم ويعفو عن كثير ) ، فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب ، فماأصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله ، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحينبشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعاً فيالدرجات , وتعظيماً للأجور , وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب .
فالحاصل : أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات , وإعظام الأجور , كما يفعلالله بالأنبياء وبعض الأخيار ، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى : ( منيعمل سوءً يُجز به ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أصاب المسلم من همٍّولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفَّر الله به من خطاياه حتى الشوكةيشاكها ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يُصِب منه ) ، وقديكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة كما في الحديث عنه صلىالله عليه وسلم أنه قال : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة ) خرجه الترمذيوحسنه .
فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
**********************
و سئل الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في سؤال قدم له:إذا نزل بالعبد شيء هل يعتبره بلاء أم عقوبة؟
*قال حفظه الله: الأصل أن المسلم ما يصيبه ابتلاء
لقوله عليه الصلاة والسلام:" عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"...
ويقال: يُخشى أن تكون عقوبة،... يُخشى أن يكون ما أصابه عقوبة وهو ابتلاء يصبر عليه، لأن هذه المصائب كفارات وتذكر العبد، وتمحو الخطايا" ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وما عليه خطيئة"
وقد جاء في البخاري وغيره:" من يرد الله به خيرا يصب منه"
- شريط الأجوبة المفيدة على أسئلة الواسطية"
**********************
قال الألباني رحمه الله:
البلاء غالبا دليل خير وليس نذير شر.
* فإذا نقول: الأصل أنه ابتلاء لكن ما يجوز أن نقول:
هذه عقوبة عاقب الله بها فلانا، لأن هذا ما تدري عنه،
عقاب الله أهل البلد الفلاني ما تدري هل هي عقوبة أم لا؟
لأن هذا علمها عند الله جل وعلا، تحديد هل هي ابتلاء أم عقوبة، قد تكون ابتلاء وقد تكون عقوبة وقد يكون هذه وهذه جميعا، في حق البعض كذا وفي حق البعض كذا.
*وقال أيضا حفظه الله:
من كان ذا نعمة فليشكر الله وليستقم على أمره،
ومن كان ذا مصيبة فليتفكر في نفسه:إن كان مقيما على الإيمان فليصبر وليحتسب، وليعلم أن ذلك زيادة في إيمانه لتصديقه ويقينه، ومن. كان ضد ذلك فليعلم أن تلك عقوبة يعاقب الله بها من خالف أمر الله، فهي إما ابتلاء وإما عقوبة.
" شريط حقيقة الابتلاء"
.