السؤال: أعيش في فرنسا ولي زوجة تاركة الصلاة وتستمع الغناء، وأثرت على أولادنا بمعاصيها سلبا، وقد هددتها بالطلاق ولم يُجْدِ فيها نفعا ولا تغييرا، فما هو الطريق الأمثل في التعامل معها؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالمرأة بهذه الأوصاف وما تقترن بها من مثالبَ وعيوبٍ إن بقيت مصرة عليها فلا تصلح أن تكون قرينةَ زوج يريد الالتزام بأحكام الشرع اتجاه نفسه وأهله وإذا نفدت كافة الطرق الشرعية من وعظ وهجر في الفراش وضرب غير مُبرِّح المأمور به بقوله تعالى:﴿ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ﴾ [النساء: 34] فإنه والحال هذه لزمه أن يتبرأ من صنيعها ولا يرضى عنها ولا عن أفعالها لئلاَّ يكونَ مشاركًا للمعصية لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:" إِذَا عُمِلَتِ الخَطِيئَةُ فِي الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا (وقال مرة: فَنَكِرَهَا) كَمَنْ غَابَ عَنْهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا"(1)، ومع ذلك لا يستطيع استمرار حياته مع وجود السيئات والأعمال القبيحة ممَّا لا تستقيم حياة المسلم مع هذه المعاصي فالواجب عليه حيالها :
إمّا أن يطلب فسخا للعقد لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثَلاثَةٌ يَدْعُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الخلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا..." الحديث(2)
وإمَّا أن يطلب طلاقًا يعصم به دينه ويطلب منها الأولاد فإن رفضت بدعوى الحضانة وأيَّدها الحكم فلا يرضى عن تربيتها حتى لا يكون مشاركًا معها في سُوء الرعاية والتنشئة، قال الله تعالى لنوح عليه السلام بعد أن سأله عن ابنه الذي كان في المعصية: ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [هود: 46] .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي زوجتك سواء السبيل، و أن تعود إلى رشدها وتقوم بمسؤوليتها تجاهك وتجاه أولادك وأن يقوي إيمانك للعمل الصالح وتقوى الله سبحانه وتعالى مع الشكر الدائم والثناء الموصول لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7]، هذا ما بان لنا من خلال سؤالكم جريا على التفاصيل المذكورة.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما
من فتاوى الشيخ فركوس من موقعه
---------------------------------------
1- أخرجه أبو داود كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، عن العرس بن عميرة الكندي رضي الله عنه، والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع (702)، وصحيح أبي داود (4345).
2- أخرجه الحاكم (3181)، والبيهقي في السنن (21104)، وفي شعب الإيمان (8041)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3075)، وكذا في "السلسلة الصحيحة" (1805).