منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الأدآب الشرعية

التحلي بالقيم والتواضع

منتدى الأدآب الشرعية


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي التحلي بالقيم والتواضع

كُتب : [ 08-26-2014 - 01:19 AM ]

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.
فلقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الأخلاق الكريمة من أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة، كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه (( أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن)) [ رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق. وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج )) [ رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب].
ولقد ضرب سلفنا الصالح أروع الأمثلة في التحلي بالأخلاق الكريمة، والقيم الفاضلة، والمثل العليا، فكانوا جبالاً في الخير، والخصال الحميدة، في جميع الأحوال، في أحرج الحالات، في أصعب المواقف، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر برفق كما في قصة مالك بن دينار رحمه الله مع اللص.
قيل دخل عليه لص (على مالك بن دينار) فما وجد ما يأخذ، فناداه مالك: لم تجد شيئا من الدنيا فترغب في شيء من الآخرة؟ قال: نعم. قال: توضأ وصل ركعتين ففعل ثم جلس، وخرج إلى المسجد فسئل من ذا؟ قال جاء ليسرق فسرقناه. [ سير أعلام النبلاء 5/363].
ثم أنه لما انتشرت السنة، وعم الخير، وانتشر العلم، وكثر الفقهاء والعلماء، انعكس ذلك على حياة الناس، وعلى المجتمع، فهذا يشتغل بالقرآن، وهذا بالحديث، وهذا بالفقه والأحكام، وهذا باللغة وعلومها، حتى انعكست هذه الأوضاع العلمية على أهل المعاصي والذنوب كما في قصة اللص الظريف.
عن أحمد بن المعدل البصري قال: كنت جالسا عند عبد الملك بن عبد العزيز
المَاجَشُوْنُ فجاءه بعض جلسائه فقال أعجوبة.
قال: ما هي ؟.
قال خرجت إلى حائطي بالغابة فلما أن أصحرت وبعدت عن البيوت، بيوت المدينة، تعرض لي رجل فقال: اخلع ثيابك .
فقلت: وما يدعوني إلى خلع ثيابي .
قال أنا أولى بها منك .
قلت: ومن أين ؟.
قال: لأني أخوك ؛ وأنا عريان وأنت مكس .
قلت: فالمواساة .
قال: كلا؛ قد لبستها برهة، وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها .
قلت: فتعريني، وتبدي عورتي .
قال: لا بأس بذلك ؛ قد روينا عن مالك أنه قال لا بأس للرجل أن يغتسل عريانا .
قلت : فيلقاني الناس، فيرون عورتي .
قال: لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها .
فقلت: أراك ظريفا ؛ فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب فأوجه بها إليك .
قال: كلا ؛ أردت أن توجه إلى أربعة من عبيدك فيحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزق جلدي ويطرح في رجلي القيد .
قلت: كلا؛ أحلف لك أيمانا أني أوفي لك بما وعدتك ولا أسوئك .
قال: كلا؛ إنا روينا عن مالك أنه قال لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص .
قلت: فأحلف أني لا أحتال في أيماني هذه .
قال: هذه يمين مركبة على أيمان اللصوص .
قلت فدع المناظرة بيننا؛ فو الله لأوجهن إليك هذه الثياب طيبة بها نفسي .
فأطرق ثم رفع رأسه ؛ وقال: تدري فيم فكرت ؟.
قلت: لا .
قال: تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ نسيئة؛ وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون على وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة اخلع ثيابك قال: فخلعتها فدفعتها إليه فأخذها وانصرف. [كتاب الأذكياء لابن الجوزي 245].
ثم أنه يجب على المسلم أن يحترم الناس، ويجتنب إيذائهم وظلمهم، سواءً بلسانه أو بيده كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في الصحيحين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه )).
فعلى المسلم أن يتقي الله ويدع الخلق، ويشتغل بعيوبه عن عيوب الناس، ويبتعد عن الغيبة وأساليبها الشيطانية، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو يوضح تلك الأساليب الشيطانية: (( فمن الناس من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، أو فيه بعض ما يقولون، لكن يري أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا عنـه، فيري موافقتهم مـن حسن المعاشرة وطيب المصاحبة، وقـد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم‏. ‏
ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى‏. ‏تارة في قالب ديانة وصلاح، فيقول‏: ليس لي عادة أن أذكر أحدًا إلا بخير، ولا أحب الغيبة ولا الكذب، وإنما أخبركم بأحوالويقول‏: ‏ والله إنه مسكين، أو رجل جيد؛ ولكن فيه كيت وكيت‏. ‏ وربما يقول‏: ‏ دعونا منه، الله يغفر لنا وله، وإنما قصده استنقاصه وهضماً لجنابه‏. ‏ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة، يخادعون الله بذلك، كما يخادعون مخلوقًا، وقد رأينا منهم ألوانًا كثيرة من هذا وأشباهه.
ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه، فيقول‏: لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان، لما بلغني عنه كيت وكيت، ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده‏. أو يقول‏: ‏فلان بليد الذهن قليل الفهم، وقصده مدح نفسه، وإثبات معرفته، وأنه أفضل منه‏. ‏
ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين‏: الغيبة، والحسد‏. وإذا أثني على شخص أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح، أو في قالب حسد وفجور وقدح؛ ليسقط ذلك عنه‏. ‏
ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب، ليضحك غيره باستهزائه ومحاكاته واستصغار المستهزأ به‏. ‏
ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب، فيقول‏: تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت‏؟!‏ ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت‏؟ ‏ وكيف فعل كيت وكيت‏؟ فيخرج اسمه في معرض تعجبه‏. [مجموع الفتاوي لشيخ الإسلام ابن تيمية 28/237-238].
فعلي المسلم أن ينتبه إلى عظم وخطورة هذا الباب، وإلى خطورة العبث بأعراض المسلمين، والاستطالة بها، وانتهاك حرماتهم. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم محذراً أمته من هذه الكبائر كما في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه: (( إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق)) [رواه أبو داود وصححه الألباني في الصحيحة].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يبين عقوبة ومآل التقول على المسلمين بغير حق كما في حديث عبد الله عمر رضي الله عنهما: (( مَنْ قَالَ في مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ، أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ )) [رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع].
وقال العلامة ابن دقيق العيد رحمه الله وهو يبين خطورة الخوض في أعراض المسلمين: (( أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من المسلمين، المحدثون، والحكام )) اهـ. [مقدمة ابن صلاح 194].
وقال سفيان بن حسين: ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية فنظر في وجهي وقال: أغزوت الروم ؟؟ قلت: لا !! قال: السند والهند والترك ؟؟ قلت: لا. قال:أفسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم ؟؟قال: فلم أعد بعدها )) اهـ [ البداية والنهاية 9/367 ].
بعد الذي تقرر وتقدم اعلم أيها السني المبارك: أن التواضع لله، وازدراء النفس، ومجانبة الكبر والعجب، من أعظم الأسباب التي تعين على صيانة المسلم من براثن هذه الذنوب تحبطُ الأعمالَ، وتأكل الحسنات، وتجلب الحسرة والندم، وتوجب الشقاء الحرمان.
يقول ربنا عز وجل في كتابه العزيز [ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ][الفرقان:٦۳]. يقول شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله في تفسيرها: (( يقول تعالى ذكره: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً بالحلم والسكينة والوقار غير مستكبرين، ولا متجبّرين، ولا ساعين فيها بالفساد ومعاصي الله )). اهـ [تفسير الطبري سورة الفرقان].
ويقول الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: (( فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح، ولا أشر ولا بطر، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعاً
ورياء )). اهـ [تفسير ابن كثير سورة الفرقان].
قلت: المشي على الأرض هوناً كناية وتعبير بليغ عن شدة تواضع عباد الرحمن المتقين.
ويقول ربنا عز وجل [ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ]الاسراء:37]. يقول الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيرهانقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة( هذا نهي عن الخيلاء وأمر بالتواضع. والمرح: شدة الفرح. وقيل: التكبر في المشي. وقيل: تجاوز الإنسان قدره. وقال قتادة: هو الخيلاء في المشي. وقيل: هو البطر.
[ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ ] يعني: لن تتولج باطنها فتعلم ما فيها. [وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً] أي: لن تساوي الجبال بطولك ولا تطاولك، ويقال: خرق الثوب أي شقه، وخرق الأرض قطعها. والخرق: الواسع من الأرض. أي لن تخرق الأرض بكبرك ومشيك عليها. [وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً] بعظمتك، أي بقدرتك لا تبلغ هذا المبلغ، بل أنت عبد ذليل، محاط بك من تحتك ومن فوقك، والمحاط محصور ضعيف، فلا يليق بك التكبر)). [ تفسير القرطبي سورة الاسراء].
ويقول الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنِ الْعَلاَءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ(مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّه )).
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله): (( فيه وجهان. أحدهما: يرفعه في الدنيا، ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة، ويرفعه الله عند الناس، ويجل مكانه. الثاني: أن المراد ثوابه في الآخرة، ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا. قال العلماء: وهذه الأوجه في الألفاظ الثلاثة، موجودة في العادة معروفة، وقد يكون المراد الوجهين معاً في جميعها في الدنيا والآخرة والله اعلم)). اهـ [ شرح النووي لصحيح مسلم 8/386].
يقول الحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله( الواجب على العاقل لزوم التواضع ومجانبة التكبر ولو لم يكن في التواضع خصلة تحمله إلا أن المرء كلما كثر تواضعه ازداد بذلك رفعة لكان الواجب عليه أن لا يتزيا بغيره. والتواضع تواضعان: أحدهما: محمود والآخر مذموم والتواضع المحمود ترك التطاول على عباد الله والإزراء بهم.والتواضع المذموم: هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبة في دنياه فالعاقل يلزم مفارقة التواضع المذموم على الأحوال كلها، ولا يفارق التواضع المحمود على الجهات كلها)). اهـ
[ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 58].
و يقول الحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله أيضاً وهو يبين ثمار التواضع( التواضع يرفع المرء قدرا، ويعظم له خطرًا، ويزيده نبلا. والتواضع لله جل وعز على ضربين: أحدهما: تواضع العبد لربه عندما يأتي من الطاعات غير معجب بفعله، ولا راء له عنده حالة بوجب بها أسباب الولاية، إلا أن يكون المولى جل وعز هو الذي يتفضل عليه بذلك، وهذا التواضع هو السبب الدافع لنفس العجب عن الطاعات. والتواضع الآخر: هو ازدراء المرء نفسه واستحقاره إياها عند ذكره ما قارف من المآثم حتى لا يرى أحدا من العالم إلا ويرى نفسه دونه في الطاعات وفوقه في الجنايات)). اهـ [ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 60].
ويقول أيضاً رحمه الله وهو يحذر من الكبر وعواقبه( العاقل يلزم مجانبة التكبر لما فيه من الخصال المذمومة. إحداهما: أنه لا يتكبر على أحد حتى يعجب بنفسه،ويرى لها على غيرها الفضل. والثانية: ازدراءه بالعالم لأن من لم يستحقر الناس لم يتكبر عليهم، وكفى بالمستحقر لمن أكرمه الله بالإيمان طغيانا. والثالث: منازعة الله جل وعلا في صفاته، إذ الكبرياء والعظمة من صفات الله جل وعلا، فمن نازعه إحداهما ألقاه في النار، إلا أن يتفضل عليه بعفوه)). اهـ [ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 60- 61].
يقول الشاعر:
وأقبح شيء أن يرى المرء نفسه ................. رفيعاً وعند العالمين وضيع
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر ................ على صفحات الماء وهو رفيع
ولاتكن كالدخان يعلو بنفسه ...................... على طبقات الجو وهو وضيع
وبعد الذي تقدم وتقرر أقول: لقد ضرب سلفنا الصالح رضوان لله عليهم أجمعين أروع الأمثلة في التواضع وصدقهم مع لله عز وجل، حتى حبب لله لهم الخلق والعباد، وإليك هذه الأمثلة النيرة.
قال: أبو ثور سمعت الشافعي يقول: ينبغي للفقيه أن يضع التراب على رأسه، تواضعاً لله وشكرا لله. اهـ [ سير أعلام النبلاء 10/53].
وقال الشافعي رحمه الله( التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام، التواضع يورث المحبة والقناعة تورث الراحة)) اهـ [ سير أعلام النبلاء 10/99].
وسئل يوسف بن أسباط رحمه الله ما غاية التواضع؟ قال: أن لا تلقى أحدا إلا رأيت له الفضل عليك. اهـ [ سير أعلام النبلاء 9/170].
وعن وھيب بن بن خالد قال: قال أيوب السختياني: (( إذا ذكر الصالحون كنت منهم بمعزل)) [ صفوة الصفوة 3/292]. قلت: رحم الله الإمام أيوب السختياني أين نحن منه؟! سبحان الله أوليس الذي ينقل عنه كثرة العبادة، والقيام كما في السير. عن سلام، قال: كان أيوب السختياني يقوم الليل كله، فيخفي ذلك فإذا كان عند الصبح رفع صوته، كأنه قام تلك الساعة. [السير أعلام النبلاء 6/17].
وقال أبو أمية الأسود: سمعت ابن المبارك: (( يقول أحب الصالحين ولست منهم، وأبغض الطالحين وأنا شر منهم )) [ سير أعلام النبلاء8/ 417-418].
قلت: رحم الله الإمام ابن المبارك أين نحن منه؟! يقول عن نفسه هذا الكلام وهو الذي يقول فيه إسماعيل بن عياش: (( ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك، ولا أعلم أن الله خلق خصلة من خصال الخبر إلا وقد جعلها في عبدالله بن المبارك )). [ سير أعلام النبلاء8/384]. وهو الذي يقول عنه الإمام الذهبي( واللَّه إني لأحبه في اللَّه، وأرجو الخير بحبه لما أمنحه اللَّه من التقوى، والعبادة، والإخلاص، والجهاد، وسعة العلم والإتقان، والمواساة، والفتوة والصفات الحميدة )) [ تذكرة الحفاظ 1/202]
وقال محمد بن أسلم الطوسي( قد سرت في الأرض ودرت فيها، فبالذي لا إله إلا ھو ما رأيت نفساً تصلى إلى القبلة شراً عندي من نفسي )) اھ [ الحلية 9/244]. قلت: رحم الله الإمام محمد بن أسلم الطوسي يقول عن نفسه هذا الكلام، وهو الذي يقول عنه إمام الأئمةابن خزيمة( حدثنا رباني هذه الأمة محمد بن أسلم الطوسي )) [ سير أعلام النبلاء12/202]. وهو الذي يقول عنه الإمام إسحاق بن راهويه( إذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم. فقال رجل يا أبا يعقوب : من السواد الأعظم؟ قال: محمد بن أسلم وأصحابه ومن تبعه )) [ سير أعلام النبلاء12/196/197].
وعن يونس بن عبيد قال( إني لأعد مائة خصلة من خصال البر، ما في منها خصلة واحدة )) [سير أعلام النبلاء 6/291]. رحم الله الإمام يونس بن عبيد فهو الذي يقول عنه الإمام أيوب السختياني( قبح الله العيش بعدك )) [سير أعلام النبلاء 6/295].
وقال محمد بن واسع( لو كان يوجد للذنوب ريح، ما قدرتم أن تدنوا مني من نتن ريحي )) اهـ [ صفوة الصفوة 3/268]. رحم الله الإمام محمد بن واسع فهو الذي يقول فيه جعفر بن سليمان( كنت إذا وجدت من قلب قسوة، غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع كان كأنه ثكلى )) [سير أعلام النبلاء 6/121].
قال مروان بن محمد قال: قال أبو حازم: (( ويحك يا أعرج يدعي يوم القيامة بأهل خطيئة كذا وكذا، فتقوم معهم، ثم يدعي بأهل خطيئة )) اهـ [ صفوة الصفوة 2/393].
قلت: رحم الله هذا الإمام ما أشد تواضعه. قال عنه الإمام الذهبي( سلمة بن دينار، الامام القدوة الواعظ، شيخ المدينة النبوية، أبو حازم المديني، المخزومي مولاهم الأعرج ..... الزاهد )) [سير أعلام النبلاء 6/96].
من درر كلام أبي حازم رحمه الله: (( السيء الخلق أشقى الناس به نفسه، التي بين جنبيه، هي منه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده. حتى إنه ليدخل بيته، وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته فينفرون عنه، فرقاً منه. وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار، حتى إن قطه ليفر منه )) [سير أعلام النبلاء 6/99].
قال الفيض بن اسحاق: قال لي الفضيل: (( تريد الجنة مع النبيين والصديقين، وتريد أن تقف الموقف مع نوح وإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام؟؟ بأي عمل وأي شهوة تركتها لله عز وجل، وأي قريب باعدته في لله، وأي بعيد قربته في لله )) اھ [ تهذيب الحلية 10/3].
وقال ابن حبان رحمه الله (سمعت أبا يعلي يقول: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل يقول: سمعت ابن عيينه يقول: لو قيل أخرجوا خيار هذه القرية، لأخرجوا من لا نعرف)) اهـ [ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 61].
قال يحيى بن معين: ما رأيت مثل أحمد، صحبناه خمسين سنة ما افتخر علينا بشيء، مما كان فيه من الخير. اهـ [ سير أعلام النبلاء 11/214].
وعن سهل بن منصور، قال: كان بشر يصلي فيطول ورجل وراءه ينظر، ففطن له فلما انصرف قال: (( لا يعجبك ما رأيت مني، فإن إبليس قد عبد الله دهرا مع
الملائكة )) اهـ [ السير 8/361].
قال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله( كان يقال إذا لقي الرجل الرجل فوقه في العلم، فهو يوم غنيمة، وإذا لقي من هو مثله دارسه وتعلم منه، وإذا لقي من هو دونه تواضع له وعلمه)) [ سير أعلام النبلاء 9/203].
قال أحمد بن عبدالله المعدل: سمعت عبدالله بن خالد الأصبهاني يقول: سئل عبدالرحمن بن أبي حاتم عن أبي بكر بن خزيمة، قال: ويحكم هو يسأل عنا ولا نسأل عنه، هو إمام يقتدى به. اهـ [ سير أعلام النيلاء 14/376-377].
وعن سعيد المؤدب قال: قلت: لأبي بكر الخطيب عند قدومي، أنت الحافظ أبو بكر ؟ قال: انتهى الحفظ إلى الدارقطني. اهـ [ سير أعلام النيلاء 18/281].
وأخيراً: في أمور العلم والدين والصلاح انظر إلى من هو فوقك، وفي أمور المال والدنيا انظر إلى من هو دونك، حتى تنعم بالسعادة في الدارين.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخوكم أبو عبد الرحمن الذهبي عفا الله عنه

منقول من شبكة سحاب السلفية
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML