منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الحديث النبوي الشريف وعلومه


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
الصورة الرمزية الواثقة بالله
 
الواثقة بالله
المراقب العام

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,505 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي كيف نشرح حديث: ((إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ))؟

كُتب : [ 09-26-2014 - 10:38 PM ]

----------
سائل: حديث: ((إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)) أو كذا كيف شرحه؟
الشيخ: هذا قد جرى خلاف بين عائشة وبين ابن عمر وغيرهما من الصحابة؛ فالسيدة عائشة -رضي الله عنها- أنكرت هذا الحديث وقالت: "إنما قال عليه السلام هذا الحديث لبعض اليهود كانوا يبكون على ميتهم".
لكن علماء الحديث ما وقفوه على الإنكار؛ ذلك لأن الحديث: ((إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)) رواه جماعة من الصحابة غير أنه رواه عمر وابنه عبد الله، رواه أيضًا المغيرة بن شعبة؛ ولذلك فلا مجال لتوهيم ابن عمر كما فعلت السيدة عائشة، كان يمكن هذا التوهيم لو كان ابن عمر وحده قد روى هذا الحديث؛ لكن ما دام كان معه أبوه، ومعه المغيرة بن شعبة؛ فالثلاثة أحفظ من واحد؛ وهي عائشة، فلو كان ابن عمر وحده كان يمكن -حينئذ- أن يغلب رأي عائشة ورأيها على قول ابن عمر؛ ذلك لأنَّ السيدة عائشة -رضى الله عنها- كما تعلمون- كانت زوجة النبى صلَّى الله عليه وسلم، وهي تصاحبه -ما شاء الله- في أكثر الأوقات بخلاف عبد الله بن عمر، فلو كان ابن عمر وحده هو الذي روى هذا الحديث وخطأته عائشة -رضي الله عنها-؛ كان يمكن أن نقبل تخطئتها ونتبنى حديثها دون حديث ابن عمر.
كما وقع لها فى قضية أخرى؛ وهي أن ابن عمر –رضي الله عنه- حدث بأن النبي صلَّى الله عليه وسلم اعتمر في شهر رجب؛ فقيل لعائشة: اسمعي عبد الله بن عمر ماذا يقول؛ قالت: ماذا يقول؟ قالوا: يقول إن النبي صلَّى الله عليه وسلم قد اعتمر في شهر رجب؛ فقالت: "لقد وهم عبد الله بن عمر -يرحمه الله-"، ما اعتمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عمرة إلا في ذى القعدة، جاء في بعض الروايات أن عائشة لما قالت هذا سمع كلامها ابن عمر فما تكلم بكلمة، مما يشعر أنه -فعلاً- شعر بأنه هو واهِم.
لكن حديثنا: ((إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)) لا سبيل إلى تبنِّي رأي عائشة وتخطئة عبد الله بن عمر كما فعلنا في حديث العمرة؛ لما ذكرته آنفًا أن مع ابن عمر عمر نفسه، والمغيرة بن شعبة.
وهناك شيء لابد من ذكره؛ كأن سؤالك الجواب عليه ما تمَّ، فسؤالك كان عن ما معنى الحديث أو المقصود منه.
للعلماء قولان في تفسير: ((يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)):
منهم من يقول: أن العذاب المذكور في الحديث هو عذاب الآخرة.
ومنهم من يقول: المقصود بالعذاب هو التألم والحزن، والذي يقول هذا القول؛ يعني أن الميت يسمع بكاء الأحياء عليه؛ فيأسف لأسفهم، ويحزن لحزنهم، هذا هو العذاب الذي عناه الرسول في الحديث في قول البعض.
أما الأولون وهم الجمهور؛ يقولون: يُعذَّب فعلاً، وهنا يرد قول السيدة عائشة المذكور والمشار إليه آنفًا أنه لماذا أنكرت هذا الحديث؟ لأنها فهمت أن العذاب هنا بمعنى التألم بالنار أو الزمهرير وما شابه ذلك مما هو معروف؛ فقالت: لماذا يُعذَّب هذا والله -عزَّ وجلَّ- يقول: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[1].
أجاب العلماء عن هذه الشبهة: أن المقصود من الحديث على المعنى الذي ذهب إليه الجمهور بالعذاب المعروف؛ أنه يعني به الميت الذي يموت ولا يوصي ولا ينصح أهله بأن لا يبكوا عليه، أما إذا قام بواجب التذكير وواجب النصيحة ثم بكوا عليه؛ فلا يضره ذلك؛ لأنَّه قد أدَّى الواجب.
هذا مع ملاحظة أنَّ المقصود بالبكاء ليس هو مطلق البكاء؛ وإنما المقصود به النياحة وهو رفع الصوت، فبرفع الصوت إذا كان الميت لم ينصح ولم يذكر أهله قبل وفاته بأنه إذا جاءتني الوفاة فلا تصيحوا ولا تنوحوا؛ لأن هذا بيكون ليس سبب لعذابكم فقط؛ بل سبب لعذابي أنا.
على هذا يُفسَّر الحديث، وخلاصة ذلك: أن الميت الذى لم يذكر أهله بما يجب عليهم من النصح أنه إذا مات أن لا يبكوا عليه، هذا هو الذي يُعذَّب، والعذاب ليس هو بمعنى الألم والحزن؛ وإنما هو بمعنى العذاب الذى يستحقه العاصي يوم القيامة أو في القبر، ويؤيد هذا المعنى من السنة ومن النَّظر أيضًا.
أما السنة ففي رواية للمغيرة بن شعبة قال: ((إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِيَوْمَ الْقِيَامَةِ)). يُعذَّب يوم القيامة.
بينما التفسير الثاني الذي فسَّر العذاب بالألم فهو يعني وهو في القبر؛ وإنما حديث المغيرة يقول: ((يُعذَّبُ يَوْمَ القِيَامَةِ))، أما النظر فسأذكره قريبًا -إن شاء الله-.
فالتفسير الثاني أنه يتألم؛ فمعنى ذلك أن الميت إذا مات ما انقطعت علاقته مع الناس، فهم يحس بهم، ويتألم بألمهم؛ وهذا الكلام ليس صحيحًا؛ لأنَّ الميت إذا مات انقطعت علاقته بهذه الحياة الدنيا؛ فهو لا يسمع ولا يحس بشيء؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ[2]، ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ[3].
فإذن فالأموات لا يسمعون، فكيف يقال إن الميت إذا بكى أو ناح أهله عليه هو يحس ببكائهم ويتألم لألمهم؟!
هذا المعنى مع مخالفته للحديث: ((يُعذَّبُ يَوْمَ القِيَامَةِ)) فهو يُخالِف نصوص أخرى في الكتاب وفي السنة التي تدل أن الميت لا يسمع ولا يحس، إذن المعنى الأول هو المعنى الصحيح.
مما جنح إليه من فسَّر العذاب للميت بأنه الألم والمشقة، وليس العذاب بمعنى النَّكال الذي يلقاه الكافر أو الفاسق؛ لأنَّ قوله عليه السلام: ((السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ)) لا يعني عذاب جهنم؛ وإنما المشقة، لكن يرد على هذا ما ذكرته آنفًا أن الميت إذا مات انقطعت علاقته مع الدنيا؛ فلا يحس بشيء، فلا يسمع ولا أي شيء.

[1] [الأنعام: 164].

[2] [فاطر: 22].

[3] [النمل: 80].


تفريغ سلسلة فتاوى رابغ الشريط 01
لشيخ الالباني رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه




 



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:17 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML