موعظة :🍂
“بسم الذي انزلت من عنده السور ** والحمد لله اما بعد ياعمر
ان كنت تعلم ما تاتي وماتذر ** فكن على حذر قد ينفع الحذر
واصبر على القدر المقدور وارض به ** وان اتاك بما لا تشتهي القدر
فما صفى لامرء عيش يسر به ** الا واعقب بوم صفوه كدر
واستخبر الناس عما انت جاهله ** اذا عميت فقد يجلو العمى الخبر
قد يرعوي المرء يوما بعد هفواته ** وتحكم الجاهل الايام والغير
ان التقى خير زاد انت حامله ** والبر افضل شيء ناله البشر
من يطلب الجور لم يظفر بحاجاته ** وطالب العدل قد يهدي له الظفر
وفي الهدى عبر تشفى القلوب بها ** كالغيث ينضر عن وسمييه الشجر
وليس ذو علم بالتقوى كجاهلها ** ولا البصير كاعمى ماله بصر
والرشد نافلة تهدي لصاحبها ** والغي يكره منه الود والصدر
قد يوبق المرء امر وهو يحقره ** والشيء يانفس ينمى وهو يحتقر
لايشبع النفس شيء حين تحرزه ** ولا يزال لها في غيره وقر
ولا تزال وان كانت لها ساعة ** لها الى الشيء لم تظفر به نظر
والذكر فيه حياة للقلوب كما ** يحيي البلاد اذا ما ماتت المطر
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه ** كما يجلي سواد الظلمة القمر
لا ينفع الذكر قلبا قاسيا ابدا ** وهل يلين لقول الواعظ الحجر ؟
مايلبث المرء ان يبلى اذا اختلفت ** يوما على نفسه الروحات والبكر
والمرء يصعد ريعان الشباب به ** وكل مصعدة يوما ستنحدر
بين ثرى الغصن لبنا في اروماته ** ريان صار حطاما جوفه نخر
وكل بيت خراب بعد جدته ** ومن وراء الشباب الموت والكبر
والموت جسر لمن يمشي على قدم ** الى الامور التي تخشى وتنتظر
كل يمر عليه ثم تجمعهم ** دار اليها يصير البدو و الحضر
كم من جميع اشت الدهر شملهم ** وكل شمل جميع سوف ينتثر
من كان في معقل للحرز اسلمه ** او كان في قمر لم ينجه قمر
ورب اصيد سام الطرف معتصب ** بالتاج نيرانه للحرب تستعر
يظل مفترش الديباج محتجبا ** عليه تبنى قباب الملك والحجر
قد غدرته المنايا وهو مستلب ** مجندل تارب الخدين منعفر
فبعد هذا ماترجون البقاء وهل ** تبقى فروع لاصل حين ينهصر ؟
لكم بيوت بمستل السيول وهل ** يبقى على الماء بيت اسه مدر ؟
الى الفناء وان طالت سلامتهم ** مصير كل بني انثى وان كبروا
ان الامور اذا استقبلتها اشتبهت ** وفي تدبرها التبيان والعبر
والمرء ماعاش في الدنيا له امل ** اذا انقضى سفر منها فسفر
لها حلاوة عيش غير دائمة ** وفي العواقب منها المر والصبر
اذا قضت زمر اجالها نزلت ** على منازلها من بعدها زمر
اصبحتم جزرا للموت ياخذكم ** كما البهائم في الدنيا لكم جزر
وليس يزجركم ما توعظون به ** والبهم يزجرها الراعي فتنزجر
لا تبطروا واهجروا الدنيا فان لها ** غبا وخيما وكفر النعمة البطر
ثم اقتدوا بالاولى كانوا لكم غررا ** وليس من امة الا لها غرر
متى تكونوا على منهاج اولكم ** وتصبروا عن هوى الدنيا كما صبروا
ما لي ارى الناس والدنيا مولية ** وكل حبل عليها سوف ينبتر
لا يشعرون بما في دينهم نقصوا ** جهلا وان نقصت دنياهم شعروا
حتى متى ان في الدنيا اخو كلف ** في الخد منها الى لذتها صعروا
ولا ارى اثرا للذكر في جسدي ** والحبل في الحجر القاسي له اثر
لو كان يسهر عيني ذكر اخرتي ** كما يورقني للعاجل السهر
اذا لداويت قلبا قد اضر به ** طول السقام وهيض العظم ينجبر
ثم الصلاة على المختار سيدنا ** ما هبت الريح واهتزت بها الشجر”