منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى السيرة النبوية وسيرة الإنبياء

عبرة من التاريخ

منتدى السيرة النبوية وسيرة الإنبياء


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي عبرة من التاريخ

كُتب : [ 12-15-2014 - 05:40 AM ]

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ،، أحداث هذه العبرة وقعت في أرض الأندلس، أما تاريخها ففي ولاية ثالث أمراء بني أمية في المغرب بعد أفول شمسهم في المشرق، في ولاية الحكم بن هشام الربضي وذلك في سنة 202هـ.
أما خبر العبرة، فقد كثر المنتسبون في زمانه إلى العلم حتى كان بقرطبة أربعة آلاف ممن يتزيا بزي العلماء، ثم انحرفت سيرة (الحَكَم) وأظهر الفسوق والفجور.
كان مقتضى الحكم الشرعي الذي هو صريح النصوص الشرعية أن يبذل العلماء جهودهم في نصح الأمير وموعظته سراً، مع الاشتغال بتعليم الناس دينهم، وقيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الطاقة، والسكوت عن ذكر معايب الأمير بين العامة والخاصة؛ رعاية لمصلحة اجتماع الكلمة، وبقاء الولاية، وحقن الدماء، والبعد عن أسباب الفتن، ولكن الذي حصل غير ذلك.
غلبت عليهم العاطفة الدينية، والغضب لحرمات الله ولم يضبطوها بحكم الله العليم الحكيم الذي قضى به على لسان نبيه حين قال صلى الله عليه وسلم(ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة) رواه مسلم. وحين قال صلى الله عليه وسلم( من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر ، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية) متفق عليه.
لكنهم لما رأوا ما يكرهون ما صبروا، بل نزعوا يداً من طاعة، وائتمروا ليخلعوه، ثم جيشوا الجيوش لقتاله، وقدر الله أن بلغ الأمير خبرهم، فقبض على من قدر منهم، فقتل من العلماء سبعة وسبعين، ضرب أعناقهم، ثم صلبهم.
فهاجت العامة وتأهبت للخروج.. ولم يعد ينقصها إلا شرارة لتشتعل نيران الفتنة، واتقدت الشرارة حين اختلف أحد موالي الأمير مع رجل من الرعية فقتل الرجل مولى الأمير وتحزب الناس طائفتين، واقتتلوا. فعلم أمير الأندلس(الحكم) فجمع جنوده، والتقى الصفان فهزمهم فولوا هاربين، والتقاهم جيش الأمير من خلفهم فأثخن فيهم حتى قتل منهم أربعين ألفاً، عندها أعلنوا الطاعة، وأذعنوا، وطلبوا العفو.
فعفا عنهم على أن يخرجوا من قرطبة ففعلوا … ثم هدم ديارهم، ومساجدهم، وآثارهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولم تنته المحنة عند هذا الحد بل كان للمأساة فصل آخر في مدينة (طليطلة) حيث نزلها ألوف من أهل الربض بعد تشريدهم منها، وكانوا لا يصبرون على ظلم الأمراء بل كانوا يثبون عليهم ويخرجونهم فولّى عليهم (الحكم) أحد الدهاة الفاتكين يقال له (عمروس) فكاد لهم حتى قتل من أعيانهم خمسة آلاف رجل..
هذه واقعة واحدة من وقائع الخروج على ولاة الجور، اضطرب فيها الأمن، وسفكت الدماء، واختلفت القلوب، ودمرت الديار، وتشرد الألوف، وقتل كثير من الأخيار، وبعد ذلك كله بقي الأمير على كرسي الإمارة حتى جاءه الأجل الموعود، في وقت غير بعيد عن زمن الفتنة بل كان بين موته وبينها أربع سنين فقط، كان الأمر قريب، فلو صبر العلماء وأتباعهم حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر لكان خيراً لهم و له، وللإسلام والمسلمين، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
إني أتساءل كيف لم يتعظوا بما حصل قبلهم من المآسي وهم قريبوا عهد بها حين خرج من خرج من الصالحين على ولاتهم فنتج من الشر والفساد أضعاف أضعاف ما كانوا ينقمون!!.
كيف لم يتعظوا بما حصل للقرّاء مع الحجاج بن يوسف حين ضجوا من ظلمه، وإسرافه في الدماء، فما صبروا ولكن خرجوا فكانت العاقبة وخيمة جد وخيمة، سفك بسببها من الدماء ما لا يعلمه إلا الله، و لو لم تخسر أمة الإسلام في تلك الفتنة إلا سعيد بن جبير لكفى بها خسارة (فقد مات- كما قال ميمون بن مهران- وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه) والله المستعان.
لقد جرّ تضييع أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرعية بالصبر عند رؤية ما تكره من أمرائها جرّ ويلات عظيمة على المسلمين على مدى تاريخهم الطويل. ومحنة الربض إحدى تلك الويلات والفجائع
ومع ظهور شؤم الخروج على الأئمة إلا أن الشيطان لا يزال يزين لكثير من المتحمسين للدين إثارة الفتن والقلاقل غيرة على محارم الله وشرعه فيما يزعمون.
فأين التسليم والانقياد الذي يقف بصاحبه عند حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
وأين العقول التي تتعظ وتعتبر بما جرى لمن قبلها فلا تسلك طريق الهلكة الذي سلكوا حتى لا يكونوا عظة وعبرة لمن بعدهم؟.
من المستفيد إذا قامت سوق الفوضى في بلاد المسلمين، واختلفت كلمتهم، وتنافرت قلوبهم، وسالت دماؤهم بأيديهم؟ ، وانشغلوا بالفتن عن الإصلاح، وعن الدعوة إلى الله ، وعن الجهاد في سبيله، وعن الأخذ بأسباب العزة والرفعة والرقي؟.
إن المستفيد هم أعداء الله من الكفار والمشركين كما حصل في الأندلس نفسها التي شهدت فتنة الربض ومحنتها، وذلك بعد قرون؛ يوم صار بأس المسلمين بينهم شديداً فاهتبل العدو الفرصة فانقض عليهم فقتلهم، وشردهم، وسلبهم أرضهم (وما ربك بظلام للعبيد).


للشيخ الفاضل / علي بن يحيى الحدادي حفظه الله

 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:21 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML