منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الحديث النبوي الشريف وعلومه

الدنيا وسيلة ومزرعة الآخرة

منتدى الحديث النبوي الشريف وعلومه


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي الجوهرة مخالفة
الجوهرة غير متواجد حالياً
 
الجوهرة
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 10
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة : في قلب أمي الحبيبة
عدد المشاركات : 2,106 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي الدنيا وسيلة ومزرعة الآخرة

كُتب : [ 04-06-2015 - 04:02 PM ]

شرح الحديث الأربعون: من الأربعون النووية

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك رواه البخاري


وخرج الإمام أحمد والنسائى من حديث الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن ابن عمر قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي وقال اعبد الله كأنك تراه وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعبدة بن أبي لبابة أدرك ابن عمر واختلف في سماعه منه وهذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا فإن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنا فيطمئن فيها ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر يعني جهازه للرحيل وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم قال تعالى حاكيا عن مؤمن آل فرعون أنه قال ‏{‏إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ‏}‏ غافر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول مالي ولي الدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها ومن وصايا المسيح عليه السلام لأصحابه أنه قال لهم اعبروها ولا تعمروها وروي عنه أنه قال من ذا الذي يبني على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا ودخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته فقال يا أبا ذر أين متاعكم فقال إن لنا بيتًا نتوجه إليه فقال إنه لا بد لك من متاع مادمت هاهنا فقال إن صاحب المنزل لا يدعنا هاهنا ودخلوا على بعض الصالحين فقلبوا بصرهم في بيته فقالوا إنا نري بيتك بيت رجل مرتحل فقال لا أرتحل ولكن أطرد طردا، وكان على بن أبي طالب رضي الله عنه يقول إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولاحساب وغدا حساب ولا عمل قال بعض الحكماء عجبت ممن الدنيا مولية عنه والآخرة مقبلة إليه يشغل بالمدبرة ويعرض عن المقبلة وقال عمر بن عبدالعزيز في خطبته إن الدنيا ليست بدار قراركم كتب الله عليها الفناء وكتب الله على أهلها منها الظعن فكم من عامر موثق عن قليل يخرب وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن مابحضرتكم من النقلة وتزودوا فإن خير الزاد التقوي وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة ولاوطنا فينبغي للمؤمن أن يكون حاله فيها على أحد حالين إما أن يكون كأنه غريب مقم في بلد غربة همه التزود للرجوع إلى وطنه أو يكون كأنه مسافر غير مقيم البتة بل هو ليله ونهاره يسير إلى بلد الإقامة فلهذا وصي النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يكون في الدنيا على أحد هذين الحالين فأحدهما أن يترك المؤمن نفسه كأنه غريب في الدنيا يتخيل الإقامة لكن في بلد غربة فهو غير متعلق القلب ببلد الغربة بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه وإنما هو مقيم في الدنيا ليقضي مرمة جهازه إلى الرجوع إلى وطنه قال الفضيل بن عياض المؤمن في الدنيا مهموم حزين همه مرمة جهازه ومن كان في الدنيا كذلك فلا هم له إلا التزود بما ينفعه عند العود إلى وطنه فلا ينافس أهل البلد الذي هو غريب بينهم في عزهم ولا يجزع من الذل عندهم قال الحسن المؤمن كالغريب لا يجزع من ذلها ولا ينافس في عزها له شأن وللناس شأن لما خلق الله آدم عليه السلام أسكن هو وزوجته الجنة ثم أهبط منها ووعد بالرجوع إليها وصالحوا ذريتهما فالمؤمن أبدًا يحن إلى وطنه الأول وحب الوطن من الإيمان كما قيل‏:‏

كم منزل للمرء يألفه الفتي وحنينه أبدًا لأول منزل

ولبعض شيوخنا‏:‏

فحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولي وفيها المخيم

ولكننا سبي العدو فهل تري *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

وقد زعموا أن الغريب إذا نأي *** وشطت به أوطانه فهو مغرم

وأي اغتراب فوق غربتنا التي *** لها أضحت الأعداء فينا تحكم



سبيلك في الدنيا سبيل مسافر *** ولا بد من زاد لكل مسافر

ولا بد للإنسان من حمل عُدة *** ولا سيما إن خاف صولة قاهر

وقال بعض الحكماء كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله وتقوده حياته إلى موته‏.‏

وقال الفضيل بن عياض لرجل كم أتت عليك قال ستون سنة قال فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ فقال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون فقال الفضيل أتعرف تفسيره تقول إنا لله وإنا إليه راجعون فمن عرف أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا ، فقال الرجل فما الحيلة قال يسيرة قال ما هي قال تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضي فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضي وما بقي وفي هذا المعنى قال بعضهم‏:‏

وإن المرء قد سار ستين حجة *** إلى منهل من ورده لقريب

قال بعض الحكماء من كانت الأيام والليالي مطاياه سارت به وإن لم يسر وفي هذا قال بعضهم‏:‏

وما هذه الأيام إلا مراحل *** يحث بها داع إلى الموت قاصد

وأعجب شيء لو تأملت أنها *** منازل تطوي والمسافر قاعد


وقال آخر‏:‏

و يا ويح نفس من نهار يقودها *** إلى عسكر الموتي وليل يذودها

قال الحسن‏:‏ لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار وتقريب الآجال هيهات قد صحبا نوحًا وعادًا وثمودًا وقرونًا بين ذلك كثيرًا فأصبحوا قد أقدموا على ربهم ووردوا على أعمالهم وأصبح الليل والنهار غضين جديدين لم يبلهما ما مرا به مستعدين لمن بقي بمثل ما أصاب به من مضي‏.‏

وكتب الأوزاعي إلى أخ له أما بعد فقد أحيط بك من كل جانب واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة فاحذر الله والمقام بين يديه وأن يكون آخر عهدك به والسلام‏.‏

نسير إلى الآجال في كل لحظة *** وأيامنا تطوي وهن مراحل

ولم أر مثل الموت حقا كأنه *** إذا ما تخطته الأماني باطل

وما أقبح التفريط في زمن الصبا *** فكيف به والشيب للرأس شاعل

ترحل من الدنيا بزاد من التقي *** فعمرك أيام وهن قلائل


ولأبي العتاهية‏:‏

وما أدري وإن أملت عمرا *** لعلي حين أصبح لست أمسي

ألم تر أن كل صباح يوم *** وعمرك فيه أقصر منه أمس


وهذا البيت الثاني أخذه مما روي عن أبي الدرداء والحسن أنهما قالا ‏:‏ ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك ومما أنشد بعض السلف‏:‏

إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضي يدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا *** فإنما الربح والخسران في العمل


قوله وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك يعني اغتنم الأعمال الصالحة في الصحة قبل أن يحول بينك وبينها السقم وفي الحياة قبل أن يحول بينك وبينها الموت وفي رواية فإنك ياعبد الله لا تدري ما اسمك غدا يعني لعلك غدا من الأموات دون الأحياء وقد روى معنى هذه الوصية عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ففي صحيح البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ وفي صحيح الحاكم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك وقال غنيم بن قيس كنا نتواعظ في أول الإسلام ابن آدم اعمل في فراغك قبل شغلك وفي شبابك لكبرك وفي صحتك لمرضك وفي دنياك لآخرتك وفي حياتك لموتك وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها والدخان والدجال والدابة وخاصة أحدكم وأمر العامة وفي الترمذي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بادروا بالأعمال سبعا هل تنظرون إلا إلى فقر منس أو غني مطغ أو مرض مفسد أو هرم مفند أو موت مجهز أو الدجال فشر غائب منتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر والمراد من هذا أن هذه الأشياء كلها تعوق عن الأعمال فبعضها يشغل عنه إما في خاصة الإنسان كفقره وغناه ومرضه وهرمه وموته وبعضها عام كقيام الساعة وخروج الدجال، وكذلك الفتن المزعجة كما جاء في حديث آخر بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم وبعض هذه الأمور العامة لا ينفع بعدها عمل كما قال تعالى ‏{‏يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا‏}‏ الأنعام‏.‏


وخرج الإمام أحمد والنسائى والترمذى وابن ماجه من حديث صفوان بن عسال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله فتح بابًا قبل المغرب عرضه سبعون عامًا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه‏.‏


وفي الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا ما من ميت يموت إلا ندم قالوا وما ندامته قال إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون استعتب فإذا كان الأمر على هذا فيتعين على المؤمن اغتنام ما بقي من عمره ولهذا قيل إن بقية عمر المؤمن لا قيمة له وقال سعيد بن جبير كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة وقال بكر المزني ما من يوم أخرجه الله إلى الدنيا إلا يقول يا ابن آدم اغتنمني لعله لا يوم لك بعدي ولا ليلة إلا تنادي ابن آدم اغتنمني لعله لا ليلة لك بعدي ولبعضهم‏:‏

اغتنم في الفراغ فضل ركوع *** فعسي أن يكون موتك بغتة

كم صحيح مات من غير سقم *** ذهبت نفسه الصحيحة فلتة


وقال محمود الوراق‏:‏

مضي أمسك الماضي شهيدا معدلا *** وأعقبه يوم عليك جديد

فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة *** فثن بإحسان وأنت حميد

فيومك إن أعقبته عاد نفعه *** عليك وماضي الأمس ليس يعود

ولا ترج فعل الخير يومًا إلى غد *** لعل غدا يأتي وأنت فقيد



مقتطفات من جامع العلوم والحكم
 



توقيع : الجوهرة
يقول الحسن البصري رحمه الله :
تفـقـَّـد الحلاوة في ثلاثة أشياء : في الصلاة والقرآن والذكر ،
فإن وجدت ذلك فأمضي وأبشر ، وإلا فاعلم أن بابك مغلق فعالج فتحه .
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:11 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML